بهاء النجار
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
التأمل الأول :
العباد الصالحون عندما يؤتيهم الله تعالى منه فضلاً فيؤتيهم نوعين من الفضل ، الفضل المعنوي – وهو الأهم – كتسبيح الجبال والطير مع داوود عليه السلام ، أو أي توفيق إلهي في الجانب المعنوي ، فيكون العبد الصالح سبباً لهداية الآخرين أو سبباً لتوفيقهم لأداء عمل صالح معين ، عبادة كان أم سلوكاً .
والنوع الثاني من الفضل الذي يؤتيه الله سبحانه لعباده الصالحين هو الفضل المادي كتسخير الحديد لداوود عليه السلام ، أو تسخير أي شيء له ليكون أداة بيده تُعينُه على مصاعب الحياة ومواجهتها ، وقد تتحول لتساعده في أداء مهامه الإصلاحية ليتحول من صالح الى مصلح .
التأمل الثاني :
الاهتمام القرآني بالقضايا المعنوية والغيبية وتفضيلها على مثيلاتها المادية الظاهرية واضح ، من قبيل الأمر الإلهي للجبال والطير بالتسبيح مع داوود عليه السلام ، هذا التسبيح يُعتبر فضلاً من الله تعالى على داوود عليه السلام ، من دون أن يبخس دور الأمور المادية في حياة أي إنسان فأشار الى تسخير الحديد له عليه السلام.
وعليه فليس من اللائق بالعبد الصالح الذي يطمح أن يكون سائراً على نهج الأنبياء أن لا يهتم أولاً بالقضايا المعنوية والغيبية عند طلبه ودعائه للباري عز وجل ، ثم يمكنه الاهتمام بالقضايا المادية الظاهرية ودورها في حياته وتسخيرها لتكون عوناً له على تحقيق الأمور المعنوية .
التأمل الثالث :
عند تصنيف الفضل الإلهي الى معنوي ومادي فهذا لا يعني استخدام الفضل المادي في الجانب المادي من حياتنا فقط وكأنها هي الغاية ، وإنما ينبغي أن نستخدمه لتطوير حياتنا المعنوية (لنكون صالحين) وحياة الآخرين المعنوية (لنكون مصلحين) ، كما فعل ذلك داوود عليه السلام ، بل كل الأنبياء والأوصياء ، لأن الحياة المعنوية هي الغاية وليست المادية .
بل ينبغي أن نستثمر الفضل المعنوي لتطوير حياتنا المادية لتكون عوناً لنا في تطوير حياتنا المعنوية ، فمثلاً نستثمر فضل الله تعالى في استجابة الدعاء لنزيد الرزق أو ندفع البلاء والمرض لنتقوى على العبادة وتربية الأبناء وغير ذلك .
* مشاركتها ثواب لنا ولكم
للمزيد من التأملات القرآنية انضموا الى قناة ( تأملات قرآنية ) على التلغرام :
https://t.me/quraan_views