قال الكرملين إن الغرب تسبب في أزمة غذاء عالمية بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأدت الحرب، والعقوبات الغربية لعزل روسيا كعقاب، إلى ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والأسمدة والطاقة بشكل كبير.
وقال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إنه يجري محادثات مكثفة مع روسيا وأوكرانيا وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاولة لاستعادة صادرات الحبوب من أوكرانيا مع تصاعد أزمة الغذاء العالمية.
وتقاذفت الولايات المتحدة وروسيا الاتّهامات في الأمم المتحدة بالمسؤولية عن التدهور المتفاقم للأمن الغذائي في العالم، ودعت واشنطن موسكو إلى السماح بتصدير محاصيل الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود.
وأضاف الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين يتفق مع تقييم الأمم المتحدة بأن العالم يواجه أزمة غذائية قد تسبب المجاعة.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين “روسيا كانت دائما دولة مُصدرة للحبوب يعول عليه… لسنا سبب المشكلة. سبب المشكلة التي تقود إلى مجاعة عالمية هم من يفرضون العقوبات علينا والعقوبات نفسها”.
وتقدم روسيا وأوكرانيا معا نحو ثلث إمدادات القمح العالمية.
وأوكرانيا مصدر رئيسي كذلك للذرة والشعير وزيت دوار الشمس وزيت بذرة اللفت في حين توفر روسيا وروسيا البيضاء، التي تساند موسكو في الحرب وتتعرض لعقوبات، 40 بالمئة من الصادرات العالمية من سماد البوتاس.
وقالت الأمم المتحدة إن 36 دولة تعتمد على روسيا وأوكرانيا في الحصول على أكثر من نصف وارداتها من القمح ومنها بعض من أفقر الدول مثل لبنان وسوريا واليمن والصومال والكونجو الديمقراطية.
وقال الكرملين إن أوكرانيا جعلت الشحن البحري التجاري مستحيلا بزرع الألغام في المياه.
وفقدت أوكرانيا معظم موانيها الكبيرة ومنها خيرسون وماريوبول لروسيا وتخشى أن تحاول روسيا كذلك احتلال أوديسا.
وقال بيسكوف إن روسيا لم تمنع صادرات القمح الأوكرانية لبولندا بالقطار، وهي وسيلة أبطأ كثيرا، على الرغم من أن الغرب كان يرسل أسلحة في الاتجاه العكسي.
وقال مسؤول من وكالة أغذية تابعة للأمم المتحدة قبل أسبوعين إن نحو 25 طنا من الحبوب عالقة في أوكرانيا بسبب تحديات تتعلق بالبنية الأساسية وإغلاق الموانئ البحرية.
واتهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن روسيا باستخدام الغذاء كسلاح عن طريق احتجاز الإمدادات “رهينة” ومنعها ليس فقط عن أوكرانيا ولكن عن ملايين في مختلف أرجاء العالم.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بدعوة من الولايات المتحدة “توقفوا عن إعاقة عمل موانئ البحر الأسود! اسمحوا بحرية التنقل للسفن والقطارات والشاحنات التي تنقل الأغذية من أوكرانيا”.
وأضاف “توقفوا عن تعليق تصدير المواد الغذائية والأسمدة إلى البلدان التي توجّه انتقادات لحربكم العدوانية”، معتبرا أن “الجيش الروسي اتّخذ فعليا الإمدادات الغذائية لملايين الأوكرانيين وملايين الأشخاص حول العالم رهينة”.
في المقابل، ندد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نبينزيا بوجود نية غربية “لتحميل روسيا مسؤولية مشاكل العالم كافة”، رافضا كل الاتهامات الغربية لبلاده.
وقال إن الأزمة الغذائية التي يشهدها العالم كامنة منذ زمن وأسبابها الجذرية تتأتى من “دوامة التضخم” جراء تزايد التكاليف والصعوبات اللوجستية و”عمليات المضاربة في الأسواق الغربية”.
وشدد على أن أوكرانيا هي التي تعوق عمل موانئها عبر الألغام التي تنشرها على طول سواحل البحر الأسود وعبر عدم وجود نية لدى كييف للتعاون مع مالكي سفن لتمكين عشرات السفن الأجنبية من العمل.
ودان نبينزيا مجددا العقوبات التي فرضتها دول غربية على روسيا مؤكدا أن تداعياتها تسهم في التدهور المتفاقم للأمن الغذائي.
وكان بلينكن شدد قبل ذلك على أن “العقوبات لا تعوق عمل موانئ البحر الأسود ولا تنصب كمائن للسفن المحملة مواد غذائية ولا تدمر الطرق والسكك الحديد الأوكرانية”.
وقال إن “العقوبات لا تمنع روسيا من تصدير الأغذية والأسمدة”، وهي “تتضمن عمدا استثناءات للأغذية والأسمدة والبذور التي مصدرها روسيا”.
واعتبر أن “قرار روسيا جعل الأغذية سلاحا يأتي حصرا من موسكو”.
من جهته قال سيرغي دفورنيك، عضو بعثة أوكرانيا لدى الأمم المتحدة، “نطالب روسيا بوضع حد لسرقة الحبوب” الأوكرانية المقدرة اليوم بنحو 500 ألف طن و”بفك الحظر عن الموانئ البحرية الأوكرانية وبإعادة حرية الملاحة والسماح بمرور السفن التجارية”.
وأضاف “نحو 400 مليون شخص حول العالم يعتمدون على إمدادات الحبوب من أوكرانيا”.
وتابع الدبلوماسي الأوكراني “قبل الغزو، كانت أوكرانيا تصدّر 5 ملايين طن من الحبوب شهريا”، وهو رقم تراجع في آذار/مارس “إلى نحو 200 ألف طن فقط، وفي نيسان/أبريل إلى نحو 1,1 مليون طن”.
وغداة دعوة وجّهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى روسيا للسماح بتصدير محاصيل الحبوب الأوكرانية، طلبت 80 دولة التحدث خلال اجتماع مجلس الأمن، معبّرةً عن مخاوف بشأن مخاطر نقص الغذاء.
وتعهد وزراء خارجية مجموعة السبع بتعزيز عزلة روسيا الاقتصادية والسياسية ومواصلة تزويد أوكرانيا بالأسلحة والعمل على تخفيف نقص الغذاء الناجم عن الغزو الروسي لجارتها في 24 فبراير شباط.
المجتمع الدولي يكثّف جهوده لمواجهة أزمة الغذاء
أعلن البنك الدولي أنه سيخصص 12 مليار دولار على مدى الأشهر الـ15 المقبلة لمشاريع جديدة لمعالجة أزمة الغذاء العالمية، وبالتالي المشاركة في الجهود الدولية التي يفترض أن تكثّف خلال اجتماعات الأمم المتحدة.
وحتى قبل الحرب في أوكرانيا، تفاقم انعدام الأمن الغذائي في العالم بسبب الصراعات والأزمات المناخية والاقتصادية.
ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا ازدادت حدة الأزمة، إذ يمثّل البلدان وحدهما 30 % من تجارة القمح العالمية.
ويسعى المجتمع الدولي الآن لإيجاد حلول فورية.
وأوضحت المؤسسة في بيان أن الجزء الأكبر من هذه الموارد سيذهب إلى دول في إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية ووسط آسيا وجنوبها.
وأضافت أن من شأن المساعدات أن تدعم الزراعة في تلك البلدان “والحماية الاجتماعية للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية” ودعم مشاريع إمداد بالمياه والري.
وأشار البنك الدولي إلى أن هناك أيضا 18,7 مليار دولار غير مستخدمة يمكن تخصيصها كذلك لمشاريع مرتبطة مباشرة بمشكلات غذائية ومشكلات الأمن الغذائي.
وتابع أنه “في المجموع، يمثل هذا أكثر من 30 مليار دولار للبدء في مكافحة انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر ال15 المقبلة”.
ونقل البيان عن رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس قوله “لارتفاع أسعار المواد الغذائية آثار مدمرة على الفئات الأفقر والأضعف”.
وتابع “بهدف إعلام الأسواق وتحقيق الاستقرار فيها، من الضروري أن تصرّح الدول بإعلانات واضحة بشأن الزيادات المستقبلية في الإنتاج ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا”.
وأوصى مالباس بأن تبذل البلدان “جهودا متضافرة” ليس فقط من أجل زيادة إمدادات الطاقة والأسمدة ومساعدة المزارعين على تكثيف الزراعة وزيادة إنتاج المحاصيل بل أيضا “من أجل التخلص من السياسات التي تمنع الصادرات والواردات (…) أو تشجع التخزين غير الضروري”.
والعام الماضي، كان 193 مليون شخص في 53 بلدا يواجهون حالة انعدام أمن غذائي حاد، أي أنهم يحتاجون إلى مساعدة عاجلة للبقاء على قيد الحياة، بحسب الأمم المتحدة.
والقلق يتزايد مع اعتزام الهند التي تعرضت لموجة حر استثنائية، حظر صادراتها من القمح لضمان الأمن الغذائي لسكانها البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة.
الجوع الحاد يخيم على منطقة الساحل
حذرت الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من أن 18 مليون شخص في منطقة الساحل الأفريقي سيواجهون جوعا حاداً في الأشهر الثلاثة المقبلة بسبب مزيج من انعدام الأمن وجائحة كورونا والصدمات الناجمة عن تغير المناخ والارتفاع القياسي لأسعار المواد الغذائية في المنطقة.
وصل الوضع إلى مستويات مقلقة في بوركينا فاسو وتشاد ومالي والنيجر، حيث من المتوقع أن يعاني الناس من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي خلال موسم العجاف بين حزيران /يونيو وآب /أغسطس.
وقال يانس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إن “ما يصل إلى 18 مليون شخص في منطقة الساحل الإفريقي سيواجهون انعداماً شديداً للأمن الغذائي خلال خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهو أعلى رقم منذ عام 2014 وفقاً لتوقعاتنا “.
وقال المتحدث: “في منطقة الساحل، من المتوقع أن يعاني 7.7 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية. ويعاني 1.8 مليون شخص من سوء التغذية الحاد، وإذا لم يتم توسيع نطاق عمليات الإغاثة، فقد يصل هذا العدد إلى 2.4 مليون بحلول نهاية هذا العام”.
النقص الحاد في التمويل
تسبب النقص الحاد في التمويل في خفض الحصص الغذائية للاجئين والنازحين إلى النصف في أجزاء من منطقة الساحل.
ووفقاً لفيري، فقد اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض الحصص الغذائية ونقدم المساعدة بنسبة 75 بالمائة في المناطق التي يصعب الوصول إليها في بوركينا فاسو والتي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وأضاف المتحدث أنه تم بالفعل خفض الحصص الغذائية إلى النصف للنازحين واللاجئين في تشاد، وقال: “إذا لم يتم تلقي مساهمات إضافية كما أوضحنا، فلن يكون أمامنا خيار سوى تقليل الحصص الغذائية بشكل أكبر اعتباراً من تموز /يوليو 2022، ولا تنسوا أن هؤلاء أناس تم تشريدهم. هؤلاء نازحون وبعضهم لاجئون”.
الأسباب الكامنة وراء الأزمة
كما يهدد الارتفاع الأخير في أسعار المواد الغذائية الناجم عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا بتحويل أزمة الأمن الغذائي إلى كارثة إنسانية كون هذين البلدين هما المنتجين الرئيسيين للقمح والشعير والمنتجات الزراعية الأخرى.
ويقول فيري إن الوضع ازداد سوءا بسبب “النزاعات في منطقة غرب أفريقيا وجائمة كوفيد-19 التي ما زالت “مستعرة هناك،” بالإضافة إلى صدمات ناجمة عن تغير المناخ وارتفاع الأسعار، “وكلها تصطدم لجعل الوجبات الأساسية بعيدة عن متناول ملايين الناس. من المؤكد أن الوضع سيزداد سوءاً قبل أن يتحسن، خاصة مع اقترابنا من موسم العجاف السنوي، الذي يبدأ من حزيران /يونيو إلى أيلول /سبتمبر “.
استعادة صادرات الحبوب الأوكرانية
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه على “اتصال مكثف” مع روسيا وأوكرانيا وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمحاولة استعادة صادرات الحبوب الأوكرانية وسط أزمة غذاء عالمية متفاقمة.
وأضاف في اجتماع بشأن الأمن الغذائي في الأمم المتحدة استضافه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن “إنني متفائل، ولكن لا يزال هناك طريق علينا أن نقطعه”. ومضى يقول “التداعيات الأمنية والاقتصادية والمالية المعقدة تتطلب حسن النية من جميع الأطراف”.
وناشد جوتيريش، الذي زار موسكو وكييف أواخر الشهر الماضي، روسيا أن تسمح “بتصدير الحبوب المخزنة في الموانئ الأوكرانية على نحو آمن“، وأن تصل الأغذية والأسمدة الروسية “إلى الأسواق العالمية دون قيود”.
وتسببت الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا في ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة، وحذر جوتيريش من أن هذا سيفاقم أزمات الغذاء والطاقة والمصاعب الاقتصادية في الدول الفقيرة.
وقال جوتيريش “إنها تهدد بدفع عشرات الملايين من الناس إلى حالة من انعدام الأمن الغذائي يليها سوء التغذية ومجاعة، في أزمة قد تستمر سنوات”.
واعتادت أوكرانيا على تصدير معظم سلعها عبر الموانئ البحرية، ولكن منذ الغزو الروسي في 24 فبراير شباط اضطرت للتصدير عبر السكك الحديدية أو موانئ نهر الدانوب الصغيرة.
وناشد ديفيد بيزلي، مسؤول الغذاء بالأمم المتحدة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلا “إذا كان لديك قلب، فرجاء فتح هذه الموانئ”. ويرأس بيزلي برنامج الأغذية العالمي، الذي يوفر مساعدات غذائية لنحو 125 مليون شخص ويشتري 50 في المئة من حبوبه من أوكرانيا.
وقال بيزلي “هذا لا يتعلق فقط بأوكرانيا. إنه يتعلق بأشد الناس فقرا الذين هم على شفا المجاعة ونحن نتحدث الآن”.
وتمثل روسيا وأوكرانيا معا ما يقرب من ثلث إمدادات القمح العالمية. وأوكرانيا هي أيضا مُصدر رئيسي للذرة والشعير وزيت دوار الشمس وزيت بذور اللفت، بينما تمثل روسيا وروسيا البيضاء، التي تدعم موسكو في حربها في أوكرانيا، أكثر من 40 في المئة من الصادرات العالمية من البوتاس، أحد الأسمدة.
الهند تحظر تصدير القمح
أعربت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد عن أملها بأن تعود الهند عن قرار حظر تصدير القمح، وذلك عشية اجتماعات وزارية ستعقد في مقرّ المنظّمة الدولية في نيويورك للبحث في الأمن الغذائي.
وأعلنت الهند أنّها حظرت تصدير القمح بدون إذن حكومي خاص بسبب تراجع إنتاجها جرّاء موجات القيظ، في قرار أدّى لارتفاع أسعار هذه السلعة الغذائية الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة.
والهند هي ثاني دولة منتجة للقمح في العالم وقد قرّرت حظر تصدير هذه السلعة إلا بإذن خاص من الحكومة لضمان “الأمن الغذائي” لسكّانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.
وأثار قرار نيودلهي حظر تصدير القمح وسط الارتفاع الحاد في الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، استياء في الخارج وتسبب بزيادة إضافية في أسعار هذه المادة الغذائية الأساسيّة.
داخل الهند، يعم الغضب بين المزارعين والتجّار بعدما حرموا من فرصة لتحقيق مكاسب، لا سيّما وأن الأسعار في السوق الداخلية انهارت، على عكس الأسعار العالمية.
والهند هي ثاني أكبر مصدّر للقمح في العالم، غير أن الحكومة، وهي المشتري الرئيسي للقمح في هذا البلد، دافعت عن قرارها حظر التصدير مشيرة إلى وجوب ضمان الأمن الغذائي لمواطنيها.
وأدى هذا الإجراء الذي يقترن بتراجع العرض العالمي من روسيا وأوكرانيا، وهما بين أكبر خمسة مصدّرين للقمح في العالم، إلى زيادة الأسعار وصولا إلى مستويات غير مسبوقة في أسواق المواد الأولية في شيكاغو وأوروبا.
في المقابل، ذهبت الأسعار في اتجاه تنازليّ معاكس في كانا بولاية بنجاب الهندية، مخزن القمح في الهند وأكبر سوق للحبوب في آسيا.
وتتألف هذه السوق من حوالى اثنتي عشرة حظيرة تخزين عملاقة، كل منها بحجم ملعب لكرة القدم. ويقصدها كل سنة آلاف من مزارعي المنطقة المنتجة لبيع محاصيلهم.
وبعدما كان سعر القمح 2300 روبي (حوالى 28 يورو) لمئة كلغ قبل حظر التصدير، تراجع إلى 2015 روبي، ما يوازي سعر الحد الأدنى الذي حددته الحكومة لشراء حبوب مخصصة لنظام التوزيع الحكومي الواسع النطاق.
ويعاني مئات الملايين من صغار المزارعين الهنود من أوضاع هشة للغاية، إذ يبقى نشاطهم رهنا بتقلبات الطقس. وكان العديد من مزارعي البنجاب يواجهون بالأساس مشكلة تراجع الانتاج بسبب موجة القيظ الشديد التي تزداد تواترا.
واحتفظ المزارع نافتيج سينغ بنصف محصوله البالغ 60 طنا لبيعه في موسم الركود حين ترتفع الأسعار عادة، غير أن قرار الحكومة كان له وقع شديد عليه.
والآن يسعى جاهدا لبيع باقي مخزونه وأوضح لفرانس برس أن “هذا الحظر كان صدمة حقيقية، الأسعار تراجعت إلى أدنى مستوياتها ولم تعد تغطي حتى نفقاتنا”.
وأضاف أن السلطات لم تتشاور مع أحد وتصرفت بطريقة “أنانيّة” موضحا “كنا نعاني بالأساس من خسائر في الانتاج هذه السنة ومع هذا الحظر بات الوضع عسيرا علينا”.
قبل الحرب في أوكرانيا وموجة القيظ، كانت التوقعات للعام الجاري تشير إلى زيادة في إنتاج القمح في الهند (109 ملايين طن عام 2021) وفي صادراته (7 ملايين طن).
حتى أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي عرض الشهر الماضي أن يساهم في سد النقص العالمي من القمح، مبديا استعداده لـ”إطعام العالم”.
لكن هذه الوعود اصطدمت بالظروف الجوية القصوى التي تحلّ بشكل متزايد، وهي ظاهرة ناجمة عن التغير المناخي بحسب الخبراء.
وبعد موجة الحر، لم يتمكن مزارعو البنجاب من إنتاج الكميات المرتقبة، وكان المحصول الوطني أدنى من التوقعات بأربعة ملايين طن.
وفي الوقت نفسه، خفّضت السلطات الكميات التي تشتريها لنظام التوزيع العام الذي يؤمن حبوبا بأسعار مخفضة جدا لحوالى 800 مليون شخص، بسبب انتهاء خطط المساعدة التي اعتُمدت خلال تفشي وباء كوفيد-19.
وكانت النتيجة أن سعر التجزئة لطحين القمح بلغ أعلى مستوياته منذ 12 عاما بالنسبة للمستهلكين، رغم هبوط أسعار القمح على التجار في هذا البلد.
وفي ظل هذه الأوضاع، يدافع مانيش بانجي مسؤول البرنامج الحكومي لإمداد البنجاب بالحبوب في كانا، عن حظر التصدير مؤكدا أنه لولا هذا الإجراء، لكان من الممكن أن يصل سعر رطل القمح إلى ثلاثة آلاف روبي.
لكن التاجر راج سود يرى أنه كان يجدر بالحكومة اعتماد نهج أكثر حذرا بدل أن توقف التصدير بشكل مفاجئ وتثير بلبلة في السوق.
وقال “كانت السوق تخضع بالأساس للضغط جراء أزمة المحاصيل، وأعلنت الحكومة الحظر بدون التفكير في الأمر”.
وتابع “من المؤكد أن الخسائر الرئيسية سيتكبدها كبار المصدرين مثل كارغيل وآي تي سي وغلينكور، لكن الأمر سيطال أيضا التجار والمزارعين الصغار”.
ويرى العديد من رجال الأعمال في كانا أن هذا الإجراء سيكون تأثيره موقتا لأن قاعدة العرض والطلب ستعود وتفرض نفسها حتما.
نقص الغذاء يعمق الأزمة في سريلانكا
حذر رئيس وزراء سريلانكا من نقص الغذاء في الوقت الذي تكافح فيه الدولة الجزيرة أزمة اقتصادية مدمرة وتعهد بأن تشتري الحكومة ما يكفي من الأسمدة لموسم الزراعة المقبل لزيادة المحاصيل.
وأدى قرار الرئيس جوتابايا راجاباكسا في أبريل نيسان من العام الماضي حظر جميع الأسمدة الكيماوية إلى خفض غلة المحاصيل بشكل كبير، وعلى الرغم من إلغاء الحكومة للحظر لم يتم حتى الآن استيراد كميات كبيرة.
وقال رئيس الوزراء رانيل ويكرماسينجه في رسالة على تويتر في وقت متأخر الليلة الماضية “بينما قد لا يكون هناك وقت للحصول على الأسمدة لموسم يالا (مايو-أغسطس)، يتم اتخاذ خطوات لضمان مخزون كاف لموسم مها (سبتمبر- مارس)… أحث الجميع بصدق على إدراك خطورة… الوضع”.
تواجه سريلانكا التي تعتمد على السياحة نقصا حادا في العملات الأجنبية والوقود والأدوية وتباطأ النشاط الاقتصادي إلى حد كبير.
وقالت امرأة تبلغ من العمر 60 عاما تبيع الفاكهة والخضر في سوق في كولومبو العاصمة التجارية للبلاد “لا فائدة من الحديث عن مدى صعوبة الحياة… لا أستطيع أن أتوقع كيف ستكون الأمور في غضون شهرين وبهذا المعدل قد لا نكون حتى هنا”.
وفي مكان قريب تشكل طابور طويل أمام متجر يبيع أسطوانات غاز الطهي التي ارتفعت أسعارها إلى ما يقرب من 5000 روبية (14 دولارا) من 2675 روبية في أبريل نيسان.
قال محمد الشاذلي وهو سائق بدوام جزئي كان يقف في الطابور لليوم الثالث على أمل الحصول على غاز الطهي لأسرته المكونة من خمسة أفراد “بدون غاز، بدون زيت كيروسين لا يمكننا فعل أي شيء… بدون طعام سنموت. سيحدث ذلك مئة بالمئة”.
وقال محافظ البنك المركزي إنه تم توفير النقد الأجنبي من قرض البنك الدولي والتحويلات المالية لسداد ثمن شحنات الوقود وغاز الطهي لكن الإمدادات لا تزال تتدفق.
وقال المحافظ إن التضخم قد يرتفع إلى 40 بالمئة في الشهرين المقبلين، وبلغ معدل التضخم 29.8 بالمئة في أبريل مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 46.6 بالمئة على أساس سنوي.
ومع تفشي الغضب من الحكومة، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق مئات الطلاب المحتجين في كولومبو يوم الخميس. ويطالب المتظاهرون بعزل الرئيس وكذلك رئيس الوزراء.
الحرب الأوكرانية تُسكت مطاحن الدقيق في غزة
بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي أعاق سبل الحصول على القمح منخفض السعر من البحر الأسود، يواجه أصحاب خمس مطاحن في قطاع غزة أزمة مع محاولتهم تعويض نقص المخزونات.
وقفزت الأسعار بنحو 20 بالمئة، مما يعني أن المطاحن الخمس في المنطقة تواجه صعوبات في التنافس مع المخزون المستورد الذي يباع بأسعار أرخص قليلا من مصر والضفة الغربية، اللتين تتميزان بتكاليف إنتاج أقل من غزة.
وقال عبد الدايم أبو عواد المدير العام لشركة مطاحن السلام في غزة إن الأزمة أجبرتهم على تسريح معظم العمال البالغ عددهم 54 وتقليل ساعات العمل.
وأبلغ رويترز في المنشأة الواقعة بجنوب غزة حيث كانت معظم الآلات متوقفة “إنتاجنا هو 400 طن قمح أو ما يعادل 300 طن طحين في الأربع والعشرين ساعة… حاليا المطاحن لا تعمل سوى بقدرة 10 بالمئة إلى 20 بالمئة فقط”.
ويبلغ سعر جوال الدقيق (الطحين) الذي يزن 50 كيلوجراما من مطاحنه 120 شيقل (35.91 دولار)، بينما يقل سعر الدقيق المستورد من مصر والضفة الغربية المحتلة بحوالي 10 شيقل. وقبل أزمة أوكرانيا، كان جوال الدقيق يباع مقابل 97 شيقل. (الدولار = 3.3420 شيقل)
وقال أبو عواد “السبب الرئيسي في ارتفاع سعر القمح هو الحرب الأوكرانية الروسية ونحن في مطاحن قطاع غزة نضع مخزون استراتيجي لمدة شهرين أو ثلاثة شهور ولكن بعد نفاد هذه الكمية اضطرينا لشراء قمح بالسعر الجديد”.
ويمثل إنتاج روسيا وأوكرانيا معا ما يقرب من ثلث إمدادات القمح العالمية، وأدت اضطرابات تسليم الشحنات التي تسببت فيها الحرب إلى ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء العالم.
وتزامنت الأزمة مع بدء موسم حصاد القمح في غزة، لكن المحصول السنوي يغطي بالكاد الطلب لأسبوع واحد في القطاع، الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة ويستهلك ما يصل إلى 500 طن من الدقيق يوميا.
وقالت أماني عياد، وهي أم لستة أطفال، من قرية المغراقة في وسط قطاع غزة إن ارتفاع أسعار الدقيق زاد من صعوبة ظروف المعيشة.
وأضافت في حديثها إلى رويترز من منزلها المكون من غرفتين “السيرج غلي والطحين غلي والسكر غلي، خضار وقلنا ماشي وانقسام وقلنا كمان ماشي، كمان الأكل ما يتوفرش للناس يعني هيك موت بطيء”.
ويعتمد ثلثا سكان غزة على المساعدات التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتشمل توزيع الغذاء كل ثلاثة أشهر على أسر اللاجئين. وحتى الآن، أوفت الأونروا بعمليات التسليم لكنها طلبت أموالا إضافية من الدول المانحة لمواجهة ارتفاع الأسعار.
وقال سمير الأضًم، الذي يبلغ من العمر 44 عاما وهو أب لأربعة، خلال وجوده في مركز لتوزيع الغذاء “إذا تم وقف (مساعدة الوكالة) أو تأجيلها هيكون أزمة لأن اعتماد كامل من اللاجئين على هذه المساعدات اللي من الأونروا”.
.
رابط المصدر: