تنمية اقتصادية شاملة: نحو إصلاح منظومة الاستثمار الاجنبي

أحمد بيومي

 

الاستثمار الأجنبي المباشر هو وقود النمو الاقتصادي بالدول، وتحتاج عملية جذب رؤوس أموال ذلك النوع من الاستثمارات إلى إصلاحات في التجارة الخارجية والبيئة التشريعية، لكن آثار تلك الإصلاحات ليست دائمًا بالإيجابية، حيث يحدثنا الماضي عن الحوافز الكبيرة التي قدمتها الحكومات المصرية المتعاقبة لجذب ذلك النوع من الاستثمارات، لكنها نجحت فقط في جذب الاستثمارات كقيم دولارية في بعض الفترات الزمنية خلال مراجعتنا، لكنها لم تحقق مرادها في نقل المعرفة، أو التنمية الاقتصادية المتكاملة، أو التوزيع العادل من الدخل، أو الحد من الفقر. فماذا يمكن للإدارة الحالية أن تفعل لعلاج تلك الملفات؟

الفترة 1974 – 1990

بدأت سياسات مصر الليبرالية تجاه الاستثمار الأجنبي المباشر منذ السبعينيات عندما أعلن الرئيس السادات في عام 1974 عن فتح الاقتصاد المصري من خلال تنفيذ أجندة إصلاحية تستهدف تعزيز دور القطاع الخاص وتقليص دور الدولة، وكان رأس المال الأجنبي أحد المحاور الرئيسية في تلك الأجندة التي استهدفت إطلاق نظام جديد يجذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال توفير مجموعة واسعة من الامتيازات والحوافز للمستثمرين الأجانب، شملت تلك الحوافز التي وردت في نص القانون 43 لعام 1974 على فتح الاقتصاد المصري للاستثمار الأجنبي المباشر في كل مجال تقريبًا، وتقديم الإعفاءات الضريبية، والحماية من المصادرة دون تعويض، وإعادة رأس المال والأرباح إلى الوطن، والإعفاءات من لوائح العمل، ومنح حق الوصول إلى التحكيم الدولي إذا كان المستثمر طرفًا في أي معاهدات استثمار دولية وقعتها مصر.

ثم في عام 1989 أصدرت الحكومة “قانون الاستثمار الموحد” القانون رقم 230 لعام 1989، ليحل محل القانون رقم 43 لعام 1974. وقد حافظ التشريع الجديد على الإطار نفسه الذي قدمه القانون السابق وأضاف المزيد من الحوافز، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية الإضافية، وتقليل القيود على الملكية الأجنبية، خلال نفس الفترة. وكجزء من عملية التحرير، انضمت مصر إلى نظام الاستثمار الدولي من خلال التوقيع على اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في 11 فبراير 1972 (دخلت حيز التنفيذ في 2 يونيو 1972)، وإبرام أولى اتفاقيات الاستثمار الثنائية البالغ عددها 111 اتفاقية. وتعتبر مصر من بين أول 6 دول عالميًا من حيث الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها مع الدول المختلفة. فبين عامي 1973 و1977 وقعت مصر 12 اتفاقية استثمار ثنائية بشكل أساسي مع كبار الدول الأوروبية المصدرة لرؤوس الأموال، ووفرت تلك المعاهدات مجموعة موحدة من أحكام حماية الاستثمار الأساسية بهدف تسهيل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وتتضمن تلك النصوص، الحماية من نزع الملكية ما لم يتم تعويضها بشكل سريع وبالقيمة السوقية، هذا فضلًا عن وضع آليات ملزمة لتسوية النزاعات التي بموجبها سمحت مصر بالسير في إجراءات التقاضي في المحاكم الدولية، وضمان حقوق لا تقيد عملية تحويل الأموال المتعلقة بالاستثمار إلى الخارج.

لم تنجح تلك الجهود في تحقيق نجاح في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث اقتصرت نسبة الاستثمار المباشر في الناتج المحلي الإجمالي على حوالي 2.6 % في المتوسط خلال الفترة بين 1979 وحتى 1990، هذا فضلًا عن أن فتح الباب للاستثمار الأجنبي المباشر وتحرير التجارة تسبب في تفكيك استراتيجية إحلال الواردات التي تم تبنّيها قبل سياسات الباب المفتوح، والتي ترتب عليها تشوهات هيكلية في الاقتصاد المحلي، وتسبب في فقد مصر قدرتها التنافسية أمام المنتج الأجنبي. وبسبب المنافسة غير العادلة بين المنتج المحلى والأجنبي تقلصت حصة التصنيع في إجمالي استثمارات القطاعين العام والخاص من 40 % خلال الفترة بين 1967 – 1973 إلى 19 % فقط خلال الفترة بين 1981 – 1991، وبحلول الثمانينيات تسببت تلك السياسات في اختلالات عميقة بالاقتصاد المصري أعاقت النمو الاقتصادي، بل وأدخلت البلاد في ديون، وكان من بين أبرز تلك الاختلالات الاختلال بين الإيرادات والإنفاق الحكومي، وبين المدخرات والاستثمار، وبين الواردات والصادرات.

الفترة من 1990 – 2000

في عام 1990، ونتيجة لمساعدة مصر العسكرية في حرب الخليج، تم إلغاء جزء من ديونها لدى نادي باريس، كما اتفقت مصر على برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والذي كان من بين محدداته تحرير الاستثمار الأجنبي المباشر وإدخال العديد من التشريعات التي تُحسن بيئة الاستثمار في مصر وذلك بهدف جذب استثمار أجنبي مباشر، لكن ذلك البرنامج الإصلاحي اتبع نفس فلسفة الباب المفتوح. وعليه لم يتم إدخال تدابير تضمن توجيه الاستثمار الأجنبي المباشر إلى القطاعات الإنتاجية ومتطلبات ضمان ربط الحوافز المالية بأهداف التنمية الاقتصادية (مثل العمالة ونقل التكنولوجيا)، وقد سمح قانون الاستثمار 1997 صراحة للمستثمرين الأجانب الحصول على نفس المعاملة التي يحصل عليها المستثمر المحلي، حيث ألغى ذلك القانون القيود المفروضة على الملكية الأجنبية للمشاريع أو الأراضي (باستثناء الأراضي الزراعية)، وسمح لهم بإعادة رأس المال إلى الوطن، ومنح إعفاءات من العديد من المتطلبات التي كانت تشترط نسب توظيف محددة للمصريين وحدًا أدنى للأجور. وعلى الرغم من أن الفترة بين 1974 و1990 كانت قد فشلت في جذب استثمارات تساهم في التنمية الاقتصادية وتسببت في اختلالات الهيكل الاقتصادي، إلا أن نهج مصر في توقيع اتفاقيات ثنائية لم يتوقف، إذ تم توقيع أكثر من 70 اتفاقية استثمار ثنائية دون وجود رؤية استراتيجية واضحة بشأن الهدف من هذه المعاهدات.

لم تكن التدابير السابقة ذات جدوى في جذب المستثمرين الأجانب، حيث إن الاستثمار الأجنبي المباشر انخفض بنسبة 70 % خلال الفترة من 1990 – 2003، وانخفضت حصة مصر من الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا مسجلة متوسط نصيب بلغ 0.1 % خلال الفترة من 2000 – 2003 وهو بذلك انخفض عن متوسط الحصة السنوية الذي سجلته مصر خلال الفترة بين 1975 – 1989. وبسبب التدابير الاتفاقية بين مصر وصندوق النقد والبنك الدولي في ذلك الوقت، قللت مصر من الإنفاق العام، ولم يكن القطاع الخاص قادرًا على تعويض الانخفاض الحكومي، وعليه فقد انخفض إجمالي الاستثمارات بمصر بحوالي 64.0 %، الأمر الذي ترتب عليه عدم قدرة مصر على جعل قطاعاتها الإنتاجية أكثر قدرة على المنافسة من خلال الاستثمار في رأس المال البشري والتكنولوجيا وعمليات البحث والتطوير والبنية التحتية. واتجه معظم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلى الأنشطة البترولية والأنشطة المتعلقة بها، والصناعات التحويلية منخفضة التقنيات، وانصرفت عن الصناعات التحويلية الموجهة للتصدير والتي كان يمكن أن تساهم بشكل أكبر في توفير مصادر إيرادات بالعملات الأجنبية وتكون أكثر قدرة على خلق فرص العمل.

أدركت الحكومة المصرية في مطلع الألفية الجديد تلك الحقيقة، وعليه فقد تم إدخال تعديلات تشريعية جديدة على الاستثمار، لكنها بنهاية الأمر تتبع فلسفة الاستثمار القديمة. ونجحت تلك السياسة التي تم تطبيقها في مطلع الألفية الجديدة في جذب استثمار أجنبي مباشر بمستويات غير مسبوقة، حيث بلغت تلك الاستثمارات 50 مليار دولار خلال الفترة بين 2004 – 2010، وهو ما جعل مصر من بين أكبر المتلقين للاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، وبشهادة العديد من المؤسسات الدولية (مؤسسة التمويل الدولية الذراع الخاص لمجموعة البنك الدولي) كانت مصر من بين أفضل الدول التي أدخلت إصلاحات قوية في العالم وفقًا لتقرير ممارسة الأعمال لعام 2007، لكن نظرة فاحصة على التقسيم القطاعي لتلك الاستثمارات فقد تركز 57 % منها في قطاع النفط والغاز، بينما كان قطاع الخدمات المالية ثاني أكبر المتلقين للاستثمارات الأجنبية بجذبه حوالي 11 % من إجمالي التدفقات الأجنبية الوافدة، ويعود ذلك إلى برنامج الخصخصة العميق الذي تم تطبيقه خلال الفترة بين 2006-2008، وعليه وحيث إن معظم تلك الاستثمارات تركزت في القطاعات كثيفة رأس المال (الطاقة) فقد فشلت تلك الاستثمارات في أن يكون لها آثار اجتماعية واقتصادية على المواطنين بمصر، علاوة على أن اتجاه نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر تباطأ في عام 2007 بفعل الأزمة المالية العالمية.

من العرض السابق يمكن القول إن اعتماد سياسة الباب المفتوح جعل مصر تجتذب بشكل رئيسي الاستثمار الأجنبي المباشر الباحث عن الموارد الطبيعية والأسواق الداخلية، وكانت أقل نجاحًا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه نحو التصدير، وتلقّى قطاع النفط والغاز نصيب الأسد من تلك الاستثمارات، بينما كان باقي الحصة لقطاع التصنيع والخدمات، والتي تركزت معظمها في الصناعات المعدنية والكيماويات وصناعات تجهيز الأغذية، وهي قطاعات تصنف على أنها منخفضة التكنولوجيا وأكثر اعتمادًا على الموارد المتاحة بالبلاد بدلًا من الاعتماد على التكنولوجيا العالية، والمنتجات الموجهة نحو التصدير. هذا بالإضافة إلى أن سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر كانت تهدف إلى خلق بيئة مواتية للمستثمرين الأجانب في ظل غياب للتدابير والسياسات الحكومية اللازمة لضمان مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في عملية التنمية الشاملة في مصر، أو أن تكون جزءًا من استراتيجية التنمية الوطنية، وهو ما أفضى إلى تأثير محدد على عملية تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين كفاءة توزيع الدخل وخفض مستويات الفقر. ويعود السبب جزئيًا لعدم كفاءة التدابير الحكومية في ذلك الشأن إلى عدد المعاهدات الثنائية الكبير التي تم إبرامها بين مصر وعدد من الدول، والتي وفقًا لدراسة قللت بشكل مباشر من الحوافز التي تقدمها الحكومة وأعاقت قدرتها على تنفيذ سياسات إعادة التوزيع للدخل بين المواطنين، حيث إن تلك المعاهدات عادة ما تميل بشكل غير مباشر إلى تأمين سياسات مواتية أولية للمستثمرين الأجانب في مجالات الضرائب والإنفاق على الرفاهية وممارسات العمل وتقييد تحسينات السياسة المستقبلية في هذه المجالات، تلك هي الأسباب التي دفعت دولًا عدة، منها بوليفيا والإكوادور وفنزويلا، إلى إنهاء كل أو بعض معاهدات الاستثمار الثنائية الخاصة بها وإدانة اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، وقررت جنوب أفريقيا عدم تجديد معاهدات الاستثمار الثنائية الخاصة بها كجزء من تحرك الدولة الأوسع نطاقًا لإعادة تشكيل سياستها الاستثمارية وفقًا لأهداف التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي الشامل وتنظيم الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال إطار وطني بعد اعتماد قانون الاستثمار الجديد. في آسيا، قررت كل من الهند وإندونيسيا إنهاء معاهداتهما الحالية والاستعاضة عنها بمعاهدات استثمار ثنائية جديدة بناءً على نموذج معاهدات الاستثمار الثنائية الخاصة بهما.

قانون ضمانات وحوافز الاستثمار لعام 2017

تم تعديل القانون المنظم للاستثمار في مصر في عام 2017 والذي يأتي ضمن برنامج الدولة للإصلاح الاقتصادي الذي أطلقته بالتعاون مع صندوق النقد الدولي بدأ من نوفمبر 2016، والذي غير مصطلح “قانون الاستثمار” إلى اسم جديد يحمل في تسميته خطط الدولة المصرية تجاه الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، حيث تمت تسميته “قانون ضمانات وحوافز الاستثمار” والذي صدر ليلغي قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، وقد ورد ضمن مادته الثانية أهداف الاستثمار في جمهورية مصر العربية والتي تتضمن رفع معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات الإنتاج المحلي، وخلق فرص العمل وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ووضع مجموعه من المبادئ التي تنظم العملية الاستثمارية في مصر، وهي المساواة في الفرص الاستثمارية، ودعم الدولة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ومراعاة البعد الاجتماعي، وحماية البيئة والصحة العامة، ومنع الممارسات الاحتكارية، واتباع مبادئ الحوكمة والشفافية، ودعم عملية استقرار السياسات الاستثمارية، والتأكيد على سرعة إنجاز معاملات المستثمرين والتيسير عليهم، والاحتفاظ للدولة بحقها في الحفاظ على الأمن القومي والمصلحة العامة.

وتضمن الضمانات التي طرحها القانون حق المعاملة بالمثل والحصول على إقامة للمستثمر الأجنبي بمصر طوال مدة المشروع، والتأكيد على ضمانات عدم التأميم، وعدم نزع الملكية إلا للمنفعة العامة، وبمقابل عادل يدفع مقدمًا. وسمح القانون للمستثمرين بتمويل المشروع من الخارج دون قيود على العملات الأجنبية، وسمح بجني الأرباح وتحويلها للخارج وتصفية المشروع في أي وقت، وسمح بتحويل الأرباح بالعملات المحلية الي أجنبية دون تأخير. ولدعم حرية التجارة وانتقال الآلات والمعدات سمح القانون للمستوردين بالاستيراد دون وجود سجل موردين، هذا بالإضافة إلى وجود العديد من المواد التي تخص الحوافز العامة التي تمنح إعفاءات من معظم الضرائب والرسوم، والحوافز الخاصة التي تمنح حوافز للمستثمرين بمناطق جغرافية معينه بالدولة، هذا فضلًا عن إطلاق الخريطة الاستثمارية بالدولة والتي توضح بعض من الفرص الاستثمارية التي تمتلكها مصر للمستثمرين.

لكن ومع كلّ تلك التعديلات والحوافز التي تقدمها مصر للمستثمرين، لا يزال هناك طريق طويل أمام إصلاح منظومة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، لا يتعلق الأمر بوجود قانون جاذب فقط بل هو مرتبط بآلية التطبيق، والقائمين على التطبيق، وطرق التطبيق، والأطراف الأخرى المرتبطة بالدولة خلال عملية التطبيق. فعلى سبيل المثال، فتح مشروع إدارة المخلفات، يمكن استخراج الموافقات الخاصة به من هيئة الاستثمار في وقت وجيز، لكن هناك هيئة التنمية الصناعية، وهناك وزارة البيئة في حال كان الموقع سيتم إنشاؤه على أراضٍ زراعية، وغيرها من المؤسسات الأخرى التي تستهلك وقتًا وتكلفة تجعل من إقامة تلك المشروعات أمرًا مكلفًا ومرهقًا للغاية، هذا إلى جانب وجود عدد كبير من الاتفاقيات الثنائية بين مصر وعدد من دول العالم تقف عائقًا أمام تطبيق ذلك القانون.

اتخذت مصر أيضًا إجراء تجاه مراجعة معاهدات الاستثمار الثنائية الخاصة بها، وتعاونت مع الأونكتاد لإجراء دراسة مقارنة بين ما أنجزته تجارب الدول النامية الأخرى مثل جنوب أفريقيا والوضع المصري، وكشفت عدم الاتساق في محتوى معاهدات الاستثمار الثنائية الموقعة، وعدم وجود صلة بين محتوى المعاهدات والأهداف أو الأولويات الاقتصادية لمصر، وكان هذا نتيجة “هيمنة الأهداف السياسية على الأهداف الاقتصادية خلال عمليتي التفاوض والتوقيع”. كما خلص الاستعراض إلى وجود حالة من عدم التوازن اتسمت بها العديد من معاهدات الاستثمار الثنائية لصالح المستثمرين الأجانب على حساب البلد المضيف، في انحراف عن أحد الأهداف الأساسية المنصوص عليها في ديباجة المعاهدة فيما يتعلق بالمساهمة في التنمية الاقتصادية لتعاقدها.

على الرغم من كونها أحد الدوافع الرئيسية للتوقيع على معاهدات الاستثمار الثنائية هذه، إلا أنه لم يتم العثور على أي دليل يثبت أي علاقة سببية أو حتى ارتباطًا بين معاهدات الاستثمار الثنائية والاستثمار الأجنبي المباشر أثناء المراجعة (الهيئة العامة للاستثمار، 2012). ونتيجة للمراجعة، أدركت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن مصر بحاجة إلى صياغة نموذج جديد لمعاملات الاستثمار الثنائية لتكون قادرة على إنفاذ حقها السيادي كدولة مضيفة لتنظيم الاستثمار الأجنبي المباشر من أجل ضمان مساهمته في تحقيق التنمية المستدامة، وكذلك الحاجة إلى الحفاظ على حيز السياسات اللازمة لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية الوطنية على الرغم من محتوى المعاهدات والأهداف أو الأولويات الاقتصادية لمصر.

توجد العديد من التفاصيل التي يمكن الإشارة إليها في عملية تقويض تلك المعاهدات الثنائية لعمليات إصلاح الاستثمار في مصر، لكن ليس هناك متسع لذكرها في تقرير واحد، لكن خلاصة القول أن سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر السابقة تسببت في مشاكل هيكلية بالاقتصاد المصري، جذب الاستثمار الأجنبي منخفض التكنولوجيا وكثيف رأس المال، والأكثر اعتمادًا على الموارد، وهو الهدف الأول الذي يجب أن تتبناه الهيئة العامة للاستثمار بقيادتها الجديدة، والتي تتمثل في استكمال عملية مراجعة الاتفاقيات الثنائية المصرية، وصياغة النموذج المصري لتلك الاتفاقيات الثنائية، والتركيز على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر كثيف التكنولوجيا، الموجه للتصدير، والناقل للمعرفة، فالأمل كبير لإصلاح ذلك الملف الذي يعول عليه المصريون لتحقيق غد أفضل للأجيال المستقبلية.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/32369/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M