ثقافة الفرح والحزن عند الشيعة

ثقافة الفرح والحزن عند الشيعة

أمرنا أئمة أهل البيت عليه السلام بأن نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم ، وبالتالي علينا الجد والاجتهاد في الفرح – ضمن الأطر الشرعية – في مواسم الفرح ، ونجد ونجتهد في الحزن في مواسم الحزن ، وكما أن علينا أن لا نفرح في مواسم الحزن إذ يلتزم بذلك أغلب الشيعة فعلينا أيضاً أن لا نحزن في مواسم الفرح كما يقوم به البعض من التحضير لموسم الحزن في محرم وصفر ابتداءً من شهر ذي الحجة وعند مناسبات فرح فيه ، لأنه مخالف للأمر السابق ذكره من أهل البيت عليهم السلام .
ومن يتابع مواسم الحزن يجد هناك آثاره في الشارع وفي البيت ومكان العمل وفي وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، بينما لا يجده بنفس الدرجة في مواسم الفرح بل إن الفارق بينمها كبير جداً ، فرغم أن الشيعة يعتبرون يوم الغدير عيد الله الأكبر ويتبعه مناسبات مهمة وعزيزة على أهل البيت عليهم السلام مثل يوم المباهلة ويوم التصدق بالخاتم ويوم إطعام الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً ، إلا أننا لا نجد معشار العشر من مظاهر الفرح إذا ما قارناها بمظاهر الحزن في محرم وصفر ، حتى كلمة (مأجورين) التي تطلق عادة في أي احتفال بمناسبة حزينة تكون غريبة عندما تقال في احتفال فرح !! مع إن احتفال الفرح يحتاج أيضاً الى الدعاء بالأجر ، وربما يرى البعض أن إحياء المناسبات المفرحة لا أجر فيها ، وأن الأجر كل الأجر في المناسبات الحزينة !!
وكذلك الأمر نجده في مناسبات ولادات الأئمة عليهم السلام ، ففي شعبان ولادات أئمة لهم تأثير في حياة الشيعة مثل الامام الحسين عليه السلام وولادة صاحب العصر والزمان والمنقذ المخلص المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، فضلاً عن بعض المناسبات البهيجة ، بل أن شهر شعبان يتميز بخلوه من مناسبات حزينة لأهل البيت عليهم السلام ، ومع هذا لا نجده موسم فرح مثل موسم محرم وصفر .
وعلى مستوى النشاطات والفعاليات في الفرح والحزن ، نرى إبداعاً منقطع النظير للخطباء والرواديد والشعائر الحسينيين الذين لم يتخرجوا من مدرسة أو معهد مختص بنشاطهم وأن الغالبية العظمى نجده تعلمها من أسلافه وأقرانه ، أما مثل هذا الإبداع لا نجده في مواسم الفرح ، فأغلب الأناشيد مملة لا تجذب أو تجذب بأيقاع راقص يخرج الأنشودة عن الأطر الشرعية ، حتى إننا نجد نفس الرادود الحسيني الذي يبدع في مراثيه الحسينية لا يبدع في مناسبات الفرح بنفس المستوى .
أما على مستوى الابتهالات الدينية والتواشيح فقد تنعدم انعداماً تاماً إلا فرادى هنا أو هناك ، ولعل من حسن توفيقنا أن لا نجد منشدين يميلون الى التواشيح والابتهالات الدينية ، فقد يحولها البعض الى أغانٍ بكلمات سبحانية .
ولا بد لنا من وقفة إنصاف بحق خاتم الرسل صلى الله عليه وآله وسلم الذي لم ينل نصيباً من الاحتفال بمناسبة ولادته ولا مناسبة رحيله كما هو في الاحتفال بولادات ووفيات باقي أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وهذا لا يقتصر على الشيعة ، فأهل السنة مقصرون ايضاً في إحياء ذكرى رحيله صلوات الله عليه وآله وسلم .
وبغض النظر إن كانت هناك مبررات للميل الى إحياء المناسبات الحزينة على المناسبات المفرحة أو أن هذه الظاهرة سلبية أم إيجابية إلا أن الواقع يؤشر ذلك ، وعلينا دراسة هذه الظاهرة التي قد توصلنا الى حقائق ممكن الاستفادة منها للمستقبل أو تشخيص بعض الأخطاء التي يمكن حلها وعلاجها لتطبيق شريعة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين .

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M