دوافع السياسة الإسرائيلية ونتائجها تجاه ليبيا

د. عدنان أبو عامر

 

رغم ابتعاد المسافات الجغرافية بين دولة الاحتلال وليبيا، لكن تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية، وتصاعد التوترات بين مراكز القوى المتنافسة فيها مرة أخرى، وإمكانية تدخل عوامل خارجية، أثار لدى إسرائيل مزيدا من الاهتمام بزعم أنها جزء مهم من الاصطفاف الاستراتيجي في شرق البحر المتوسط، مما يجعلها تجد نفسها متورطة في الصراع من أجل مستقبل ليبيا، نظرا لتداعياته على الاستقرار الإقليمي، والمصالح الإسرائيلية.

وفي ذروة التطورات العسكرية والميدانية المتلاحقة في ليبيا، وتورط عدد من دول المنطقة في دعم قوى انقلابية، بصورة مكشوفة، يظهر التدخل الإسرائيلي فيها عبر تسهيل من بعض الدول العربية، وإن كان من طرف خفي، خدمة لمصالحها الاستراتيجية على شاطئ البحر المتوسط في ليبيا.

رحلات ومؤتمرات

تمثلت التدخلات الإسرائيلية التصاعدية في ليبيا بإصدار مواقف “غير رسمية”، كي لا تسجل عليها، لكن المعلقين السياسيين ومراكز البحوث المرتبطة بدوائر صنع القرار في تل أبيب، لم تعد تخفي الانحياز الإسرائيلي تجاه القوى غير الشرعية في ليبيا من جهة، والتخوف الإسرائيلي المتصاعد من التقهقر الذي قد تمنى به تلك القوى، نظرا لما يمثله ذلك من تأثير على خارطة المنطقة الجيو-سياسية، وتبعاته المباشرة وغير المباشرة على إسرائيل.

القوى الليبية التي تسعى للتقارب مع إسرائيل لم تتورع في الآونة الأخيرة عن إعلان مواقف سافرة منحازة لها، بل تطلب الدعم منها، لاسيما بعد أن شعرت بتراجع مواقفها العسكرية من جهة، ومن جهة أخرى، حصولها على موافقة واضحة من دول المنطقة الداعمة لها، التي ترتبط جميعها بعلاقات حميمية مع إسرائيل.

تمثلت آخر مشاهد هذا التقارب من خلال عدة رحلات جوية قامت بها الطائرة الخاصة للجنرال خليفة حفتر ذاته، وقد وصلت مطار بن غوريون، قيل إن أحدها كان يستقلها نجله صدام، ناقلا رسائل لصناع القرار الإسرائيلي، وسط صمت مطبق من الجانبين، ووسط تصريحات علنية لبعض المسئولين الموالين لحفتر، بـ “أنهم لم ولن يكونوا أعداء أبدا لتل أبيب”، ودعوتها للانضمام لمبادرة سياسية جديدة بمشاركة اليونان وقبرص ومصر ولبنان، للتوقيع على اتفاق بحري مشترك، في مواجهة اتفاق ترسيم الحدود المائية الذي وقعته تركيا مع الحكومة الليبية في طرابلس، بزعم أن لديهم تاريخ طويل من الاتصال مع إسرائيل والجالية اليهودية.

جاء هذا الكلام علانية؛ أما سراً، وما سربته الأوساط الإسرائيلية، فهي رسالة وصلت لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو من أطراف قريبة من حفتر لطلب الحصول على دعمه، بزعم وجود مصلحة مشتركة بينهما، مع العلم أن مثل هذه الرسائل والتصريحات ربما تشكل قمة جبل الجليد من العلاقات المتنامية بين حفتر وإسرائيل.

فقد كشفت وثيقة سرية صادرة عن السفارة الأمريكية في لندن نشرها موقع لـ “أفريكا كونفيدينشال”، بأن أمريكا وإسرائيل قامتا بتدريب قوات “الكونتراس” الليبي بقيادة حفتر، في قواعد تابعة لها في تشاد والكاميرون ومناطق أخرى، وأن التمويل يأتي عبر بنك عربي في الغابون.

الإسرائيليون من جهتهم تحدثوا أكثر من مرة عن علاقة حفتر بجهاز الموساد، كما عقد مجموعة من أعضاء الكنيست الإسرائيلي مؤتمراً مع شخصيات سياسية مقربة منه في جزيرة رودس اليونانية عام 2017، تحت عنوان “المصالحة بين إسرائيل وليبيا”، وبرر رئيس اتحاد يهود ليبيا في إسرائيل، رفائيل لوزون، مشاركته في المؤتمر بأن “جميع الفصائل في ليبيا تريد بناء علاقات مع إسرائيل”، فيما كشف وزير الإعلام الإسرائيلي السابق أيوب قرا، عن اتصالات مستمرة لقيادات يهودية وإسرائيلية مع جهات ليبية مسؤولة من أجل إيجاد سبل ترقية العلاقات.

ونشرت مواقع مقربة من الاستخبارات الإسرائيلية أن حفتر التقى في العاصمة الأردنية عام 2015 مع ممثلين عن الجيش الإسرائيلي لتنسيق عملياته العسكرية ضد الحكومة الشرعية في ليبيا، مما يؤكد أن إسرائيل لا تُخفي تطلعاتها من العلاقة مع حفتر وفريقه، فهي مستفيدة من ذلك، سواء لملاحقة قنوات إيصال الأسلحة للمقاومة الفلسطينية من ليبيا مرورا بمصر وصولا إلى سيناء، وانتهاء بقطاع غزة، أو بغرض السيطرة على آبار النفط الليبية، وهي المهمة التي يقوم بها عميل المخابرات الإسرائيلي آري بن ميناشي، المقيم في كندا، والذي وضع قدما لإسرائيل في النفط الليبي منذ عام 2013.

الدعم العسكري

عند الحديث عن علاقات حفتر بإسرائيل، يمكن الإشارة إلى حصوله في فترة سابقة على منظومة دفاع جوي إسرائيلية متطورة، للحد من كفاءة منظومة الطيران المسيّر التي زودت بها تركيا حكومة الوفاق، وهذه المنظومة أنتجتها شركة دفاعية إسرائيلية، وتمّ نقلها إلى مناطق نفوذ حفتر، بعد تدريب ضباط موالين له عليها.

كما تحدثت تقارير عديدة عن تعاون أمني بين حفتر وإسرائيل، عبر تدريب قواته على حرب الشوارع في الأراضي الواقعة تحت سيطرته، وتم التدريب على يد ضباط إسرائيليين وصلوا الأراضي الليبية، عقب خيبة الأمل الإسرائيلية من انتصارات حققتها حكومة الوفاق في ليبيا خلال جولات القتال، بزعم أنها تشكل تهديدا لمصالح إسرائيل، صحيح أن الصراع في ليبيا لن يؤثر بشكل مباشر عليها، إن سيطرت حكومة الوفاق المدعومة من تركيا على مقاليد الحكم في كامل التراب الليبي، لكنه سيُضعف نفوذ الدول التي تدعم أنشطة إسرائيل شرق البحر المتوسط.

جديد التدخل الإسرائيلي ما تم كشفه من تورط إسرائيلي في تقديم استشارات سياسية ودبلوماسية وإعلامية، ليس لحفتر وحده، بل لنجل الزعيم الليبي السابق، سيف الإسلام القذافي، تحضيرا للحملة الانتخابية الرئاسية المزمعة في البلاد، قبيل تأجيلها مؤخرا.

في التفاصيل، طلب حفتر الاستعانة بشركة استشارية من إسرائيل، وجاءت المفارقة أن منافسه سيف الإسلام طلب النصيحة من ذات الشركة، وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات “المؤجلة”، فإن الشركة الإسرائيلية هي الرابح الأكبر.

تتحدث المعلومات الإسرائيلية أنه تم توقيع عقد بين حفتر وشركة الاتصالات الإسرائيلية، عبر ممثليها وأحد أبنائه؛ وفي الوقت ذاته، تم إنشاء الاتصال الأولي بين القذافي الابن والمستشار الإسرائيلي من قبل عارضة أزياء إسرائيلية سابقة، حيث نشأت علاقة قوية جداً، ومن أجل مساعدة المتنافسين تم تسجيل شركة جديدة، وتوقيع عقد استشاري جديد، هذه المرة مع القذافي الابن، وتقدر قيمته بعشرات ملايين الدولارات، وكان يفترض تمويل الحملة الانتخابية في حينه من قبل رجال أعمال من سلطنة عمان، وكيانات تجارية من الإمارات.

هذا الكشف يسلط الضوء على عدد غير قليل من أصحاب المصلحة الإسرائيليين الذين يراقبون الأموال الكبيرة التي سوف تتدفق لإعادة بناء ليبيا، بجانب احتياطاتها النفطية الهائلة، وبدعم من الولايات المتحدة ومصر والسعودية والكيانات الغربية، في الوقت الذي يحظى فيه سيف الإسلام بدعم روسيا والإمارات وسلطنة عمان.

النفوذ التركي

التخوف الإسرائيلي من التطورات الليبية يعود في بعض جوانبه أن تركيا تمارس نفوذا كبيرا في الدولة الواقعة شمال أفريقيا، مما سيمكنها من استعراض قوتها شرق المتوسط، ومواصلة تحدي المصالح الإسرائيلية بالمنطقة، وتحدي حلفائها المصريين والقبارصة واليونانيين، ومع مرور الوقت، يزداد القلق الإسرائيلي من تمركز الأتراك في البحر المتوسط، بزعم تأثيره السلبي على مستقبل غازها الذي بات في خطر، بعد إعلان أنقرة نيتها الحفر قبالة سواحل ليبيا، مما عبر عن طموحات توسعية في المنطقة.

وتشير القراءة الإسرائيلية لما تشهده ليبيا من حرب داخلية واستقطاب خارجي، أن تركيا وقعت مع حكومة طرابلس سلسلة من الاتفاقيات والتعاون العسكري، وإقامة حدودهما البحرية، استنادا للقانون البحري الدولي الذي يسمح لهما بتجاوز مسافة 400 ميل من مياههما الإقليمية.

كما راقبت إسرائيل التحركات التركية في ليبيا، خاصة مع تضاعف اكتشاف حقول الغاز في شرق البحر المتوسط، مما أفرز حالة من تشكيل التحالفات والاتفاقات بين الدول التي بدأت بتحديد مناطقها البحرية الاقتصادية في الوقت المناسب، وبدأت السباق لتحديد مواقع حقول الغاز وتطويرها، ودخلت إسرائيل في مجموعة من التعاون الاقتصادي والاستراتيجي مع اليونان وقبرص ومصر.

يتوقع الإسرائيليون أن تنمو جرأة الأتراك مستقبلا، وهذا ما لا يريدونه ومعهم مصر واليونان وقبرص، وحتى لو تركز الصراع في الساحة الدبلوماسية، فإن فرص المواجهة المادية في البحر تبدو واقعية، فما يحدث في ليبيا يهم إسرائيل كثيراً، مما يجعلها بحاجة لحملة منظمة تجاه تركيا حتى لا تتفاجأ، فقد تأتي المفاجآت من عدة اتجاهات، رغم جهود التقارب الحالية بينهما، بما في ذلك التعاون الفلسطيني-التركي في مجال الغاز قبالة سواحل غزة.

في الوقت ذاته، ترقب إسرائيل فرص زيادة التوتر بين تركيا واليونان؛ ومع تقاربها في السنوات الأخيرة من اليونان وقبرص، فإن ذلك قد يتطلب زيادة المناورة معها، مع الدعم الذي تتوقعه من حلفائها في المنطقة في مواجهة السياسة التركية، قبل دخولهما مؤخرا في حالة التبريد التدريجي لتوتراتهما، دون إغضاب حلفاء إسرائيل الأساسيين الممثلين في اليونان وقبرص.

صحيح أن هناك جملة مناطق توتر في العلاقات التركية الإسرائيلية، سواء بسبب تأييد أنقرة لحركة حماس، أو مزاحمتها لإسرائيل في القوقاز، حيث منطقة النفوذ الإسرائيلي مع أذربيجان، لكن زيادة نفوذ أنقرة في البحر المتوسط على خلفية الصراع في ليبيا يشكل نقطة استقطاب جادة بينهما، وتنافسهما، مع العلم أن تمركز الأتراك في البحر المتوسط شكل مصدر قلق إسرائيلي بزعم تأثيره السلبي على مستقبل غازها الذي بات في خطر، بعد إعلان أنقرة نيتها الحفر قبالة سواحل ليبيا، مما عبر عن طموحات توسعية في المنطقة.

في سياق متصل، فإن إسرائيل واليونان ومصر تواجه بصورة مشتركة ما بات يعرف بـ “التحدي التركي”، ويضع هذه الأطراف مجتمعة أمام اختبارات قاسية، مما قد يحمل تنبؤات مفادها أن تصاعد الصراعات في شرق البحر المتوسط، قد يصل درجة التدهور نحو مواجهة عسكرية، في ضوء القراءة الإسرائيلية للسلوك التركي على المستوى الجيو-استراتيجي والاقتصادي، الذي يركز على ترسيم حدود المياه بشرق البحر المتوسط، وهي قضية ذات أهمية كبيرة لإسرائيل، لأنها تثير مخاوف بشأن الاشتباكات العسكرية حول النشاط الاقتصادي قرب شواطئ الطاقة.

التحالف الثلاثي

صحيح أننا أمام أجواء مصالحة تركية-إسرائيلية، ولو أنها تتم على نار هادئة، لكن يبقى تعميق التعاون الاستخباراتي الإسرائيلي مع اليونان ومصر، عنصر أساسي في الاستعداد الملائم للتحدي الذي تفرضه تركيا، بجانب الأنشطة العسكرية المشتركة، والتركيز على تمارين القوات الجوية والبحرية، وبالاشتراك مع القوات الأمريكية، والتركيز على تعزيز العلاقات، والحفاظ على توازن القوى الإقليمي، وتعزيز البحرية الإسرائيلية في مواجهة التسلح البحري التركي.

ويبقى التواجد التركي في ليبيا أمراً خطيراً بالنسبة لإسرائيل التي ترى أنها مطالبة بالدخول في جهد مشترك مع اليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا لمواجهة طموحات أنقرة، وتسعى للشرح أمام واشنطن مخاطر سياساتها على شواطئ البحر المتوسط، من خلال ليبيا.

في الوقت ذاته، تتابع الدوائر الإسرائيلية زيادة النفوذ التركي في الأوضاع الدائرة داخل ليبيا، ودعمها هناك للأطراف ذات التوجهات الإسلامية، ممن تقاتل حفتر، الذي يمثل الأجزاء الشرقية من ليبيا، ويتمتع بدعم مصر والإمارات وروسيا وفرنسا، ويبقى هدف تركيا متمثلا بمساعدة حكومة الوفاق، تمهيدا للسيطرة على حقول بالنفط على طول ساحل البحر المتوسط.

على المدى البعيد، ترى إسرائيل أن تركيا تهتم بتعزيز هيمنة حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، التي ستعزز التوجه الإسلامي للبلاد، وتسمح لتركيا، ذات الأجندة العثمانية والإسلامية، بتوظيف موارد ليبيا لأغراضها، ويضمن لها اتفاقية توزيع المياه الاقتصادية في منطقة البحر المتوسط الموقعة في نوفمبر 2019 بين حكومتي أنقرة وطرابلس، مع أن هذه الاتفاقية تحظى بمعارضة إسرائيلية، بزعم أنها تتجاهل حقوق اليونان وقبرص، وتشكل عقبة أمام خطة مصر وإسرائيل واليونان وقبرص لتصدير الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا، لأن تركيا التي تعتبر نفسها جسراً للطاقة إلى الغرب، تريد تجنب طرق الإمداد البديلة التي لا تمر عبر أراضيها، وهذا يبدو تحديا إسرائيليا لا تخطئه العين.

مؤشر لافت في المتابعة الإسرائيلية للأوضاع الليبية، يتعلق بأن النفوذ التركي المتزايد في ليبيا سيزيد من مكانتها في بقعة أخرى قريبة من حدود إسرائيل تتمثل بقطاع غزة، وهو كيان آخر على طول الساحل الجنوبي للبحر المتوسط المتاخم لإسرائيل ومصر، مما سيجعل التأثير التركي الأكبر في ليبيا وغزة يصب مزيدا من الزيت على نار القلق الإسرائيلي، لأنها باتت ترى نفسها منافسة يومية لتركيا في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط.

تل أبيب لديها أسباب وجيهة للقلق بشأن ما يحدث في ليبيا، وتقاعس الولايات المتحدة، مما يزيد فقط من جرأة تركيا، ومما سيجعل من القاعدة البحرية التركية في ليبيا مصدر خطر على الطرق البحرية في البحر المتوسط، حيث يمر 90 في المائة من التجارة الدولية لإسرائيل، وبالتالي فإن تحويل ليبيا إلى ما تصفها إسرائيل “محمية تركية” أمر خطير لدول غرب البحر المتوسط، التي يمثل استقرارها حجر الزاوية للنظام الإقليمي الحالي، ويجعل من إمكانية تحويل ليبيا قاعدة لتوسيع النفوذ الإسلامي أمرا ينذر بالخطر في إسرائيل.

شواطئ المتوسط

في الوقت ذاته، لم يعد سراً أن بعض القوات الليبية معنية بالحصول على دعم إسرائيلي، لكن الأخيرة تبدي أهمية للاستمرار في تنسيق تحركاتها في هذه الساحة مع مصر والإمارات، من خلال اتفاق هذه الدول الثلاثة على التأكيد على أي حكومة مستقبلية في ليبيا أن تتخلى عن الاتفاقية الموقعة مع تركيا في نوفمبر 2019 بشأن الممر المائي الاقتصادي في شرق البحر المتوسط​​.

لقد بات واضحا أن التطورات الحاصلة داخل الأراضي الليبية، وامتداداتها الإقليمية والدولية، تترك تأثيراتها على المصالح الإسرائيلية، التي تضاف إليها الرغبة في منع إيران من الحصول على موطئ قدم في هذه الأصول الاستراتيجية، بالتزامن مع اهتمام نشط من قبل بعض القوات الليبية بالحوار مع إسرائيل، والحصول على المساعدة السياسية منها، وتحديدا تجاه واشنطن أولاً وقبل كل شيء، لاسيما والحديث يدور عن الجنرال خليفة حفتر ومحيطه المباشر.

يتزامن الاهتمام الإسرائيلي بالتطورات في ليبيا، مع التقارب التدريجي في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وإمكانية أن تطرح المسألة الليبية على بساط البحث بينهما، في ضوء ما تولياه معاً، من اهتمام استراتيجي سياسي وعسكري بهذه البقعة الجغرافية من شواطئ البحر المتوسط، مما يرجح أن يظهر الموضوع الليبي في صدارة الحوار المتجدد بين تل أبيب وأنقرة.

لا تخفي إسرائيل وهي تتقارب مع تركيا ببطء لافت، أن الملف الليبي يحظى باهتمام جملة من الدول الإقليمية والعالمية، مما سيجعلها على الأرجح تحافظ خلال اتصالاتها المباشرة مع المسؤولين الأتراك، الإبقاء على أقصى قدر من التنسيق مع مصر، وشراكاتها مع اليونان وقبرص بخصوص تحركات معينة قد تؤثر على ميزان القوى بشرق البحر المتوسط.

تجدر الإشارة هنا إلى أن أحد مفاصل الاهتمام الإسرائيلي بالتطورات الليبية ما يتم الحديث بشأنه عن مشروع خط أنابيب الغاز قبالة سواحل إسرائيل المتجه إلى أوروبا، ولذلك تظهر إسرائيل وشركائها اهتماما لافتا بأن تضع حداً لتقاسم تركيا لشواطئ البحر المتوسط ​​مع ليبيا، مما يسفر عنه حرمان إسرائيل ومصر وقبرص من الوصول لأوروبا، إلا بموافقة أنقرة وطرابلس، وفي هذه الحالة تبدي إسرائيل، وعبر حلفائها في دول الخليج، إصرارا أكثر من أي وقت مضى، أن تضم أي حكومة “صديقة” في ليبيا إلى دائرة اتفاقيات التطبيع، مما يثبت القبضة الإسرائيلية على الفضاء العربي في شمال إفريقيا.

 

.

رابط المصدر:

https://eipss-eg.org/%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%86%d8%aa%d8%a7%d8%a6%d8%ac%d9%87%d8%a7-%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d9%87-%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a7/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M