ذكاء الصين وخريطة النفوذ في أفريقيا

كوبوس فان ستادن

بعد حالة الذعر التي نشرها فيروس كورونا، ومع آثار انتخابات فوضوية عديدة في دول مؤثرة بعالمنا، لاحظ القليلون إعلان حكومة الولايات المتحدة الذي يقضي بتوسيع حظر السفر لعام 2017 إلى ست دول أخرى جديدة تضاف لقائمتها بالخصوص، بما في ذلك أربع دول في أفريقيا.. إنها خطوة ملائمة سياسياً، لكنها لن تساعد في جعل الأمريكيين أكثر أماناً، وستساعد بلداً وصفه البيت الأبيض بأنه “منافس استراتيجي”.

منعت سياسة الإدارة الأمريكية الأصلية، التي تم الكشف عنها في عام 2017، المسافرين من دول محددة من دخول الولايات المتحدة. تمنع النسخة الموسعة لحظر السفر أي شخص من إريتريا وقيرغيزستان وميانمار ونيجيريا من التقدم بطلب للعيش أو العمل في الولايات المتحدة، وتمنع السودانيين والتنزانيين من المشاركة في برنامج تأشيرة هجرة التنوع، وهو يانصيب البطاقة الخضراء السنوي الذي تم إنشاؤه لتعزيز الهجرة من البلدان الممثلة تمثيلاً ضعيفاً.

ادعت إدارة البلاد أن قرار الحظر لعام 2017 كان ضرورياً لحماية الأمريكيين من الإرهاب. كانت «أوجه القصور في تبادل المعلومات وعوامل الخطر الأمني القومي»، مثل الفشل في تعقب الإرهابيين المشتبه بهم، السبب الرئيسي لتوسيع الحظر. وفي العام السابق، ذكرت الإدارة الأمريكية أنّ المهاجرين النيجيريين «لن يعودوا إلى أكواخهم» في أفريقيا إذا سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة.

منذ ذلك الحين، عملت إدارة أمريكا على الحد من الهجرة من نيجيريا. إن استهداف نيجيريا أمر مُحيّر للغاية. إحصائياً، يُعد النيجيريون مهاجرين نموذجيين: 59% منهم في الولايات المتحدة يحملون شهادات الإجازة أو شهادات عليا (مقارنة بـ 31% من إجمالي سكان الولايات المتحدة)، وأسهم النيجيريون بأكثر من 500 مليون دولار في نظام التعليم الأمريكي العام الماضي، كما استثمرت الشركات النيجيرية 75 مليون دولار في الولايات المتحدة في عام 2018.

علاوة على ذلك، أسهم الشتات النيجيري في الولايات المتحدة في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. نيجيريا هي أيضاً من بين الشركاء الأفارقة الرئيسيين للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب.

من خلال منع النيجيريين من الحصول على تأشيرات العمل والإقامة، سيقوض ازدهار نيجيريا، سيتضرر قطاع التكنولوجيا في البلاد بشدة.

لا تقتصر مبادرة «ازدهار أفريقيا» التي تبنتها أمريكا، على الاقتصاد فقط. وكما أشار مستشار الأمن القومي آنذاك جون بولتون في عام 2018، من المفترض أن تساعد المبادرة أيضاً في مواجهة تأثير توسع الصين السريع في القارة، هذا التأثير واضح في نيجيريا بشكل متزايد.

في العام الماضي، تلقت اثنتان من الشركات الناشئة النيجيرية «OPay وPalmPay»، 210 ملايين دولار من رأس المال الاستثماري الصيني. تُعد الصين أيضاً مُشترياً رئيسياً للنفط النيجيري ومُورداً أساسياً لسواتل الاتصالات وشبكات 5والطائرات المسلحة من دون طيار. تُمول الصين الآن مشروع سكة حديد بقيمة 3.9 مليارات دولار بين أبوجا والساحل النيجيري، وخط سكة حديدياً بقيمة 7 مليارات دولار بين لاغوس وكانو، والعديد من مشاريع الطرق، بما في ذلك طريق سريع عبر الصحراء يربط نيجيريا بخمس دول أخرى.

تمتد آثار هجوم القوة الناعمة في الصين إلى ما هو أبعد من الاقتصاد. على سبيل المثال، تدرس حكومة نيجيريا حالياً مشروع قانون يقيد حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي، وفقاً للنموذج الصيني.

إذا أرادت الولايات المتحدة مواجهة النفوذ الصيني في أفريقيا، ينبغي عليها مشاركة نيجيريا بشكل أكبر، ولكن هذا يعني أخذ طموحات نيجيريا التنموية على محمل الجد والتعامل مع رجال الأعمال النيجيريين الفعليين وطلاب الدراسات العليا والقادة المدنيين. قد تدعي الولايات المتحدة أنها تريد التركيز على نهج «التجارة وليس المعونة» في أفريقيا، لكن توسيع حظر السفر يجعل تنفيذ هذه الاستراتيجية طويلة المدى أكثر صعوبة.

وبدلاً من ذلك، فإن الحظر يُعزز الأفكار النمطية العنصرية لأفريقيا كحالة خيرية مرهقة. بالنسبة للأفارقة، فإن قرار حظر السفر يتعلق بأمريكا وليس بترامب. أمريكا هي التي ترفض المهاجرين.

الصين ليس لديها مثل هذه المشكلة مع الوعد الأفريقي، والموهبة، والمال.. إنها سعيدة للاستفادة مما تخلت عنه الولايات المتحدة، لكن ذلك لن يساعد الأفارقة الذين كانوا يأملون في العمل أو يرغبون في الانضمام إلى أسرهم الذين يعيشون في الولايات المتحدة.

لقد دمرت أمريكا بشكل منهجي – وربما بشكل دائم – تصورات الأفارقة حول الولايات المتحدة باعتبارها أرض الحرية والعدالة والفرص. مع توجه الأفارقة بشكل متزايد نحو الصين للتجارة والتمويل، فلن يقوموا ببساطة بإعادة توجيه آمالهم هناك.. سوف يتذكرون رفض أمريكا لهم طوال حياتهم.

*باحث أول في السياسة الخارجية بمعهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية.

.

رابط المصدر:

خhttps://www.qiraatafrican.com/home/new/%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B0-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7#sthash.0ERx42hT.XD1ktDgA.dpbs

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M