عادل رفيق
هذه الوثيقة من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي أرسلها سيدني بلومنتال، المسؤول السابق في مكتب الرئيس بيل كلينتون. وأحد المقربين من هيلاري كلينتون لفترة طويلة، إلى هيلاري رودهام كلينتون، وزيرة الخارجية، والتي أرسلتها بدورها إلى سوليفان جاكوب، نائب كبير موظفي الخارجية الأمريكية آنذاك، وذلك بتاريخ 2 فبراير 2012، جاءت بعنوان: “الإخوان المسلمون في دافوس وما بعد ذلك”.
وكان المنتدى الاقتصادي العالمي قد انعقد في الخامس والعشرين من يناير عام 2012 في دافوس بسويسرا إثر عام حاسم شهد تحولات وتغيرات كبيرة. حيث اجتمع حوالي الفان وستمائة مشارك في القمة الاقتصادية التي جاءت تحت عنوان: “التحولات الكبرى. نحو تشكيل نموذج جديد”، وذلك بهدف إيجاد علاج لأمراض كثيرة تهدد العالم. وتحتل مشكلة القضاء على أزمة الديون صدارة الأولويات في القمة للعالم الثالث على التوالي، إضافة الى المطالب الُملحّة لإيجاد مواطن عمل إضافية للعاطلين عن العمل.
ونسبت الوثيقة المعلومات التي وردت بها إلى مصادر خاصة قالت إنها على اتصال رفيع المستوى مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين بمصر، بالإضافة إلى أجهزة مخابرات غربية، وأجهزة أمنية محلية.
وقد جاءت الوثيقة على النحو التالي:
1- ووفقاً لمصدر مطلع يستطيع الوصول إلى أعلى مستويات جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وكان قد تحدث في سرية تامة، أنه اعتباراً من أوائل فبراير 2012، كان المرشد العام للجماعة محمد بديع وقيادات الإخوان المسلمين سعداء بالاهتمام الذي حظيت به مصر خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا. وكان كبار قيادات الإخوان هؤلاء مقتنعين بأن قادة الدول الغربية (بدأوا) يتقبلون الإخوان باعتبارهم القوة الجديدة المهيمنة في مصر ويقومون بتعديل سياساتهم الخارجية والاقتصادية وفقاً لذلك.
2- وفي نفس الوقت، قام بديع بمناقشة هذا الأمر بشكل مطول مع سعد الكتاتني، رئيس مجلس النواب الجديد، ومحمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وقيادات الحزب. وقد نبّه بديع خلال هذه المحادثات أن على الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة أن يوازنوا الآن بين هذه المصالح الغربية وبين (تطلعات) مؤيديهم وحلفائهم، الذين يتوقعون أن تتحرك الحكومة المصرية الجديدة نحو (بناء) دولة إسلامية أكثر تقليدية. وفي النهاية، اتفق بديع ومستشاروه على أنه مع تقدم الأمور، فإن الحكومات والشركات والبنوك الغربية التي تظهر نوعاً من المرونة الإبداعية في التعامل مع الحكومة المدنية في مصر، سوف تزدهر في ظل النظام الجديد. وكان بديع سعيدا بشكل خاص لأنه في الوقت الذي احتلت مسألة العلاقات المصرية الإسرائيلية الصدارة في المناقشات الأخيرة مع قادة الأعمال وكبار الدبلوماسيين الغربيين، بدا أن الشخصيات الأكثر أهمية كانت تدرك أن العلاقات بين مصر وإسرائيل ستتغير بشكل كبير؛ وفي حين لا ترغب مصر في الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، إلا أنهم لن ينظروا إليهم بعد الآن على أنهم شركاء في المنطقة.
3- ويرى مصدر حساس للغاية، أن بديع كان يشعر بالسعادة عندما فوجئ بأن زيارة المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح إلى دافوس عملت على تحسين سمعة الإخوان المسلمين بين الحكومات الغربية ورجال الأعمال. وكان أبو الفتوح، وهو عضو سابق في مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، قد ترك جماعة الإخوان للترشح للرئاسة بعد أن قرر بديع وكبار قيادات الإخوان أن حزب الحرية والعدالة والجماعات الأخرى المدعومة من جماعة الإخوان المسلمين ستركز على الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان. وأشار بديع إلى أن احتمال فوز أبو الفتوح بالرئاسة كان بعيد المنال، حيث أشارت استطلاعات رأي قام بها الإخوان المسلمين أن عمرو موسى كان يبدو أقرب للفوز في الانتخابات التي كان مقرراً لها الانعقاد في وقت لاحق من ذلك العام (قبل التطورات التي أدت لتقديم الإخوان لمرشح لهم للرئاسة فيما بعد). هذا التحول في الأحداث كان مقبولاً لقيادة الإخوان المسلمين، حيث كان موسى عضواً في جماعة الإخوان عندما كان طالباً في الجامعة، خصوصاً أن توجه تحالف حزب الحرية والعدالة / حزب النور السلفي (حينئذ) كان العمل على تكريس السلطة في يد البرلمان عند صياغة الدستور.
4- كانت قيادات جماعة الإخوان المسلمين أيضاً سعيدة بنتائج المناقشات مع حكومة الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، حيث كان يبدو أن كليهما، حسب تحليل قادة الإخوان، يقبلان بفكرة أن تكون مصر دولة إسلامية. وقد شجعهم على ذلك أيضاً ترقب وصول وفود من قادة الأعمال الأمريكيين كان من المقرر وصولهم إلى القاهرة في فبراير ومارس 2012. ويعتبر بديع أن هذه الزيارات فرصة لطمأنة القادة الغربيين بأن مصر ستكون شريكاً مسؤولاً في الأعمال والشؤون الدبلوماسية؛ وفي نفس الوقت، سيتم التأكيد أمام عموم المصريين على أن الحكومة الجديدة ستتعامل مع هذه القوى الغربية على قدم المساواة.
5- ووفقاً لمصدر حساس للغاية، نبّه أحد كبار قيادات الإخوان البارزين بديع أنه في أثناء أي مناقشات مع القيادات الغربية، على ممثلي الإخوان المسلمين ألا يخلطوا بين استخدام اللغة المهذبة والدبلوماسية وبين (إظهار) الالتزامات الحازمة بشأن القضايا المهمة. وذكر هذا الشخص أن مثل هذا التحول في الأحداث لن يؤدي إلا إلى الارتباك، و يقوض جهودهم في نهاية الأمر. وأن عليهم الضغط على محاوريهم الغربيين للحصول على تفسيرات واضحة لأي مسائل تتم مناقشتها، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل. وحذر هذا الشخص أيضاً من أن الوفود التي ستصل قبل اكتمال العملية الانتخابية في خريف عام 2012 ستتعامل مع كل من البرلمان الذي يسيطر عليه الإخوان وحزب الحرية والعدالة، والحكومة المؤقتة التابعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، برئاسة القائم بأعمال رئيس البلاد المشير محمد حسين طنطاوي. وقد أشار هذا الشخص أنه إذا تعامل الإخوان المسلمون مع هذا الأمر بطريقة فعالة، فإنه لن يساعد ذلك الاقتصاد المصري فحسب، بل سيحبط أيضاً أي توجه للمجلس العسكري بالتدخل في هذه العملية. فمع تعامل الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى مع جماعة الإخوان المسلمين، سيكون من الأصعب على الجيش اتخاذ إجراءات ضدهم في حالة حدوث خلاف معهم أثناء تقدم تأسيس الحكومة المدنية الجديدة خلال عام 2012.
تنويه: هذا النص العربي هو ترجمة دقيقة للأصل المنشور باللغة الإنجليزية في رسائل هيلاري كلينتون التي تم كشف السرية عنها على أن يتم التعامل مع كامل النصوص، وفق معايير الضبط العلمي والمنهجي عند الدراسة والتحليل.