صراع الأيديولوجيات في العالم الإسلامي

 محمد فتحي النادي

 

لقد أصاب العالم الإسلامي ركودٌ ثقافي شديد منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي تقريبًا، ودخل في مرحلة جمود فكري على كل المستويات والأصعدة والعلوم، فلا جديد في التفسير أو الفقه، وكل الأمر هو شروح وحواش وتعليقات على كتب السابقين، كلها تقليد خلت من روح الاجتهاد والتطور، حتى اللغة الأدبية أصبحت ركيكة شعرًا ونثرًا.

كل هذا وغيره وكان الغرب يموج بتطورات عنيفة ما بين ثورات سياسية وثقافية واقتصادية وصناعية…إلخ حتى تأهل الغرب بجدارة أن تكون الحضارة الحديثة هي ربيبته وصنيعته، تلك الحضارة التي حملت روح الغرب ورؤيته وتصوره.

ثم عندما بدأت الأمور تستقر في الغرب، وبدأ عملهم وكفاحهم يؤتي ثماره بدأ يتطلع للاستفادة من منجزاته، فيمم وجهه لمنافسه التقليدي وهم المسلمون الذين كانوا هم السادة والمعلمين وحملة مشعل الحضارة للعالم، فأراد أن يستفيد من مواردهم ليشغّل مصانعه، ثم ليبيعها لهم ثانية، فمنهم المورد وهم السوق.

ولكي يستفيد الغرب من الموارد همّ بغزوهم واحتلال أراضيهم بعد أن دبّ الضعف في الدولة العثمانية التي كانت سدًّا منيعًا حمى المسلمين فترة من الزمن، حتى يكون صاحب الأرض وما في باطنها.

ولكنّ المسلمين قاوموا، والمقاومة شيء طبيعي فطري في الشعوب التي يأتيهم أجنبي عنهم يريد استعبادهم واحتلال أرضهم.

فأراد الغرب أن يدجِّن المسلمين حتى لا يقاوموا، ووجد أن الطريق إلى ذلك يأتي عن طريق مسخ عقول المسلمين وجعلهم صورة للغرب في فكره وتصوره، وبذلك يسلس قيادهم.

فبدأت الإرساليات التنصيرية تعبث بالشعوب المسلمة وبعقائدها، ثم الاستشراق الذي حاول أن يَدرس المسلمين ليعرف كيف يفكرون فيضع الغرب الخطط لاحتواء المسلمين، وليفقد المسلمون ثقتهم بتراثهم وثقافتهم، وليظنوا أن نهضة المسلمين لا تتم إلا بطرح هذا التراث خلف الظهور؛ لأنه لا خير فيه، والتوجه نحو الغرب والنهل من علمه وثقافته.

فقامت البعثات لطلابٍ من المسلمين نحو الغرب، وكان معظم هؤلاء الطلبة هم الطليعة التي بشرت بالغرب وحضارته ومدنيته، وأخذت تحقر من شأن المسلمين وثقافتهم وتراثهم.

فكان سلاح الغرب الفتاك هو الغزو الثقافي، فعرف المسلمون أفكار الغرب وفلاسفتهم وأيديولوجيتهم.

إذن فقدْ سيطرَ الغربُ على الأوطان الإسلامية بقوة السلاح والحديد والنار، وسيطر على العقول بالتشكيك في الثوابت الثقافية، وفي الدين الإسلامي ذاته عن طريق البعثات، وعن طريق المناهج التعليمية التي وضعوها وفق تصوراتهم وطبّقوها في مدارس المسلمين.

ولكنّ سنّة التدافع التي جعلها الله في الخلق قامت بدورها، فشعر المسلمون بمدى المصيبة التي حلّت بهم، فنبتت فيهم نابتةُ خير أرادت أن تحرر البلاد والعقول من سيطرة الغرب.

فنشأت الحركات التحررية، وظهر القادة المصلحون الذين عملوا جهدهم في تحرير المسلمين أمثال: الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا وشكيب أرسلان ومحمد فريد وجدي ومصطفى صادق الرافعي وعباس العقاد ولطفي المنفلوطي وغيرهم حركوا الماء الراكد في الثقافة الإسلامية، وأصبحت مدارسهم الملهم لكثير من المدارس الفكرية التي نشأت بعد ذلك.

وانقسمت التيارات الفكرية أو الأيديولوجيات في العالم الإسلامي إلى ثلاث تيارات رئيسة:

1- أيديولوجية رأت أن كل ما يأتي به الغرب هو وافد يجب محاربته، وأنه لا خير في أي شيء يأتي من الغرب، وأن نهضتها في العودة لتراثها وأسلافها.

2- أيديولوجية رأت أن النهضة المرجوة تكمن في اتّباع الغرب شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى تقليدهم في طريقة أكلهم ولبسهم وكلامهم.

3- أيديولوجية رأت أن هناك تخلفًا واضحًا عند المسلمين في الجانب الصناعي، ولكنهم يملكون المعين الذي لا ينضب وهو الإسلام، فرأوا أنه ليس كل ما يأتي من الغرب رجس يجب رفضه، وليس كله صالحًا حتى يتم قبوله.

وقد حاول المصلحون والمجددون أن يعيدوا نهضتهم ويؤسسوا دولتهم، فواجهوا مشاكل جسامًا تعتبر كلها ميادين حقيقية للجهاد:

1- محاربة التقليد: لقد وجد المصلحون الأممَ الإسلامية تغطّ في سُبات عميق، وغفلة مستحكمة، وجمود على القديم البالي الذي لا نفع فيه، فعملوا على فتح باب الاجتهاد في الفقه، وإعادة صياغة المفاهيم الإسلامية الغائبة عن الشعوب والأمم المسلمة.

2- محاربة الغزو الثقافي: وذلك بأن تصدّوا للمستشرقين الذين استفرغوا جهدهم في القدح في الإسلام ونبيه وتشريعاته ونظمه وثقافته.

3- محاربة المتغربين: لقد كان من ثمرة بثّ الثقافة الغربية بين المسلمين أن وُجدت ناشئة سبّحت بحمد الغرب، فهم وإن كانوا من بني جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا، إلا إنهم كانوا أبواقًا للغرب.

4- محاربة الصهيونية: لقد علم الغرب أن بقاءه مستحيل في بلاد الإسلام، وأن مصالحه مهددة بجلائه، فغرس جرثومة الفساد في الأرض المقدسة؛ لتكون الجبهة المتقدمة للدفاع عن الغرب والحامية لمصالحهم في بلاد المسلمين.

5- محاولة إقامة الدولة الراشدة: إذ إن الأنظمة المتعاقبة على الشعوب العربية والإسلامية في معظمها لم تكن على المستوى المطلوب في الذود عن حياض الأمة ورفع الظلم وبسط العدل وجلب الرفاهية للشعوب.

فتحمل المصلحون كل هذه الأعباء، ولا زال هذا الصراع على أشده في العالم الإسلامي.

ولكن المستشرف للمستقبل يرى أن المد الأيديولوجي الإسلامي في مد وانتصار، وأن الأيديولوجيات الأخرى في تقهقر وانحصار.

صراع الحضارات أم صراع الأيديولوجيات

نشر صموئيل هنتنجتون [1] مقالًا بمجلة الشئون الدولية سنة 1993م عن صراع الحضارات في القرن الواحد والعشرين بعنوان: (clash of civilizations)، وهذا المقال أثار عاصفة بين المفكرين عن هذا الصراع المتوقع بين الحضارات، وأن هذا الصراع سيكون صراعًا حضاريًّا أكثر منه صراعًا عسكريًّا.

وتقوم نظرية هنتنجتون على أن «العالم مقبل على حلقة صراع جديدة، تصطرع فيها القوى الكبرى المختلفة مسقطة كثيرًا من دوافع الصراع القديمة الأيديولوجية، وتصبح الحضارة المحرك الأعلى للصراع.

ويذكر حلقات الصراع العالمي ودوافعه كالآتي:

1- بدءًا من الثورة الفرنسية أصبحت الخطوط الأساسية للنزاع خطوطًا بين الأمم، وليس بين الأفراد كما كان الحال في عهد الإقطاع.

2- ثم جاء النزاع بين الأيديولوجيات والمذاهب فظهر الصراع ضد النازية والفاشية والشيوعية.

3- وأخيرًا ظهر صراع الحضارات والثقافات، وهي الحلقة الأخيرة بين حلقات الصراع العالمي.

فالانقسامات الكبرى في السنوات المقبلة سوف تكون ثقافية، والنزاعات الأساسية في السياسة العالمية سوف تكون بين أمم لها حضارات مختلفة، أو مجموعات من الأمم لها حضارات مختلفة كذلك» [2].

وإن حضارات كثيرة ستشترك في صراع الحضارات، منها: الحضارة الغربية، والهندية، واليابانية، والكونفوشية، وربما غيرها.

«ويذكر هنتنجتون أن أركان الحضارة المشتركة التي تربط بين الجماعات هي: اللغة والدين والتاريخ والعادات، وكل هذه مجتمعة في الدول العربية.

ثم إن الدين هو من أقوى الأركان؛ (حيث) يربط الدول العربية بالدول الإسلامية برباط قوي، وبخاصة أن الإسلام خلق تشريعات مشتركة وقيمًا وأخلاقًا لكل المسلمين.

وهذه العلاقات بين المسلمين بعضهم والبعض أقوى من الأيديولوجيات والسياسة.

واللغة العربية لغة القرآن واسعة الانتشار في البلاد الإسلامية.

وكل الدول الإسلامية ترتبط بالتاريخ الإسلامي وتتدارسه.

ومن هنا قويت الروابط بين الدول الإسلامية بعضها ببعض.

ويركز هنتنجتون على أهمية الدين الإسلامي فيكرر القول الآتي:

الدين الإسلامي يملأ الفراغات بين الأجناس، ويكون ذلك في صورة حركات توصف بأنها أصولية (هي الشعائر الإسلامية التي يسمونها أصولية) مما يجعل الدين عاملًا كبير الأهمية في توفير الإحساس برباط حضاري يوحّد بين الكثيرين، والخصائص الحضارية والفروق الثقافية أكثر ثباتًا من الخصائص السياسية والاقتصادية؛ لأن الدين يفصل بين الناس بصورة جادة وحادة.

والحرب الباردة التي توقفت تجعل الدين أساسًا لإقامة علاقات أكثر قوة من العلاقات السياسية والاقتصادية.

ويهاجم هنتنجتون الفكر الإسلامي (الأصولي) ككل الغربيين فيقول: نمو الجماعات الأصولية الإسلامية يُضعف ويقلل الصلات بين المسلمين والغرب» [3].

وقد اتخذ الغرب تحت قيادة أمريكا موقفًا عدائيًّا من المسلمين، وجعلوه العدو الأول لهم بدلًا من الاتحاد السوفيتي بعد انهياره وانهيار الكتلة الشيوعية الشرقية كنظام ودولة، وإن بقيت كأيديولوجية تصارع البقاء بين الشعوب.

والعداء بطبيعته قد يوجد نتيجة لاختلاف الرؤى والتصورات والعقائد، أو لاختلاف المصالح.

وهذان العاملان هما أساس عداء الغرب للمسلمين؛ فالغرب حاول فرض فكره وثقافته، بل وعقيدته على الدول العربية والإسلامية، وأنفق في سبيل ذلك الكثير والكثير، ولكن النتائج لم تكن كما أمّله الغرب، إن لم تكن مخيبة للآمال.

فالإسلام رغم ضعف شعوبه إلا أنه يملك قوة روحية متغلغلة في الشعوب، ويكون موجهًا لها، بل والحصن الذي يفرون إليه كلما عصفت بهم المحن، وتوالت عليهم الأزمات.

وقد أدرك هنتنجتون هذا فنصح «الغرب ألا تغتر باتساع أفكاره الحضارية في العالم الإسلامي، فذلك فقط على السطح، وليس لهذا أي عمق حقيقي» [4].

أما اختلاف المصالح فحدِّث عن ذلك ولا حرج، حتى إن أمريكا لا تستحي أن تقول: إن لها في المنطقة مصالح استراتيجية، وحتى إن كانت هذه المصالح ليست في صالح شعوب المنطقة.

كل هذا دفع أمريكا ومن خلفها أوروبا إلى شنّ حروب على المسلمين في أكثر من بقعة على امتداد العالم الإسلامي، فقامت بحرب اجتثاث لحركة طالبان -وهي حركة لها أيديولوجية إسلامية- من أفغانستان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وضرب الحركات الإسلامية التي تعارض محاولة فرض الثقافة الغربية بحذافيرها على المسلمين، وكذلك تقف في وجه المطامع الأمريكية والغربية في بلدانهم.

إذن فهذا الصراع الحضاري الذي بشّر به صموئيل هنتنجتون هو صراع أيديولوجي بامتياز.

خريطة الأيديولوجيات في العالم الإسلامي

قبل أن نختم حديثنا عن الأيديولوجيات آثرت أن أرسم خريطة توضيحية للأيديولوجيات التي أثّرت في العالم الإسلامي قديمًا وحديثًا، وهي مجرد رؤية لي قد يعتريها القصور، وقد اكتفيت فيها بأمّات الحركات، ولم أذكر ما انضوى تحتها من أحزاب وتنظيمات، وهي من الكثرة بمكان، وتتبدل أسماءها كثيرًا، وقد تختفي ويظهر غيرها حاملًا نفس الفكر، ومغيرًا فقط في الاسم.

وقد يتبادر إلى الذهن: لماذا لم أتكلم عن هذه الأيديولوجيات وأتناولها تناولًا موجزًا؟

والجواب: أن الحديث عن هاتيك الأيديولوجيات بأفكارها ورجالها ومدارسها وتطورها وتأثيرها وتأثرها، كل هذا يحتاج إلى بحث أكبر مما أنا بصدده الآن.

1- قديمًا:

السنة أهل الحديث الأشاعرة الماتردية    
الشيعة الاثنا عشرية الزيدية الإسماعيلية النصيرية الدروز
الخوارج          
المعتزلة          
الصوفية          
الجهمية          
المرجئة          
الكلابية          
الكرامية          
الفلاسفة          
الشعوبية          
الزنادقة          

2- حديثًا:

أ- إسلامية:

ولي فيها أكثر من تقسيم؛ فتقسيم من حيث الثورية والإصلاح، وتقسيم من ناحية الانتساب إلى الفكر السلفي.

(1)

صراع الأيديولوجيات في العالم الإسلامي-1

صراع الأيديولوجيات في العالم الإسلامي-2

حركية

مثل: الإخوان المسلمين

علمية

مثل: الوهابية

جهادية
وظيفية

مثل: الجامية

معتدلة

مثل: حماس

غالية

مثل: داعش

سلفية

ب- غير إسلامية [5]:

العلمــانيـة [6] القــوميــة الـوطـنـيــة
الليبرالية    
الشيوعية    

 

نهاية الصراعات الأيديولوجية ودعوى نهاية التاريخ

كنّا قد أشرنا إلى جانبٍ من الانتقادات المعرفية والفلسفية التي وُجهت للأيديولوجيا، ولم يكن الأمر ليقف عند هذا الحد، فهناك دعوات للتبشير بنهاية الأيديولوجيات في محاولة لتنميط الأفكار والقيم والتصورات والمشاعر والمعتقدات.

ولعل أبرز من يمثل هذا الاتجاه «فرانسيس فوكوياما» [7] من خلال مقولته حول نهاية التاريخ التي يمكن النظر إليها -بحق- بوصفها غطاءً أيديولوجيًّا للعولمة التي تُعدّ محاولة لأمركة العالم.

فـ «في عام 1989 كان قرّاء دورية ناشيونال إنترست (National Interest) على موعد مع مقالة حفرت حروفها في تاريخ النظريات السياسية الحديثة، عندما كتب فرانسيس فوكوياما تحت عنوان: «نهاية التاريخ» قائلًا: إن نهاية تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية قد ولّى وانتهى إلى دون رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين؛ لتحل محله الليبرالية، وقيم الديموقراطية الغربية.

وقد شرح فوكوياما نظريته المثيرة للجدل وأضاف إليها في كتابٍ أصدره عام 1992 بعنوان: «نهاية التاريخ والإنسان الأخير»، وهناك اسم آخر له هو: «نهاية التاريخ وخاتم البشر»، وهذا «تعبير استخدمه الفيلسوف الألماني نيتشه» [8].

وقد قصد فوكوياما أن يعارض فكرة نهاية التاريخ في نظرية كارل ماركس الشهيرة «المادية التاريخية»، والتي اعتبر فيها أن نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني سينتهي عندما تزول الفروق بين الطبقات.

كما تأثر فوكوياما في بناء نظريته بآراء الفيلسوف الشهير هيغل (فكرة الاعتراف)، وفكرة (الإنسان الأخير) عند نيتشه، وآراء أستاذه الفيلسوف ألن بلوم، وقد ربطوا بين نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني واستقرار نظام السوق الحرة في الديمقراطيات الغربية [9]، يقول فوكوياما: «كان في اعتقاد كل من هيجل وماركس أن تطور المجتمعات البشرية ليس إلى ما لا نهاية، بل إنه سيتوقف حين تصل البشرية إلى شكل من أشكال المجتمع يشبع احتياجاتها الأساسية والرئيسية.

وهكذا افترض الاثنان أن «للتاريخ نهاية» هي عند هيجل الدولة الليبرالية، وعند ماركس المجتمع الشيوعي» [10].

والملاحظ في نظرية فوكوياما أنه يبشر بعالم له قطب واحد في القوة العسكرية والثقافية والحضارية، وهي بلا منازع أمريكا بعد أن انهار الاتحاد السوفيتي.

إنها العولمة التي حاربها الأوروبيون أنفسهم خوفًا من ذوبان الفروق الثقافية لدولهم في الثقافة الأمريكية.

فهي إذن الأمركة وليست العولمة.

ولكن ما بشّر به فوكوياما انهار في حياته؛ فقد ظنّت أمريكا أنها سيطرت على العالم، وإذا بها تترنح تحت ضربات المقاومة في أفغانستان والعراق، وقوتها الاقتصادية حدثت بها تلك الأزمة التي أثّرت على العالم أجمع، وظهرت الصين كمنافس قوي لأمريكا، وعادت روسيا لتفرض نفسها من جديد على الساحة العالمية.

ولا ننسى أن اعتداء أمريكا الدائم على المسلمين، ورعايتها الدائمة للكيان الصهيوني، ودعمها للديكتاتوريات العربية يزيد من حدة العداء لها.

هذا كله يعني أن ظنّ فوكوياما أن نهاية التاريخ هو سيادة الليبرالية الغربية ومفرزاتها الثقافية والاقتصادية والسياسية (مجرد وهم)، كما توهم من قبل ماركس أن نهاية التاريخ بنهاية الطبقات، أو بمعنى آخر سيادة المذهب الشيوعي.

هل تجاوزت الثورات العربية الأيديولوجيات؟

كان مصطلح الأيديولوجيا يعني عند الساسة الأمريكان والغربيين الشيوعية. وكان عالم السياسة الأمريكي دانيال بيل قد بشّر بزوال الأيديولوجيا (الشيوعية) في وقت عزّها وعنفوانها. وقد حدث أن انهارت الدولة الحامية للشيوعية، وتراجعت هذه الفكرة في بلدها ومعظم بلدان العالم. ورغم هذا لم يندثر مصطلح الأيديولوجيا؛ لأنه أصبح يعني (علم الأفكار)، أو (علم التصوّر)، أو (علم الآراء)، أو (علم العقيدة).

وما زالت الأيديولوجيا قائمة، فهذا أيديولوجيته يسارية، وهذا ليبرالية، وهذا إلحادية … إلخ. وكان فرانسيس فوكوياما قد بشّر بنهاية التاريخ -كما ذكرنا.

هذه النظريات السابقة جعلت مركز الثقل الحضاري للعالم هو الغرب بما ينتجه من آراء وفلسفات ونظريات… إلخ. وكانت البلدان العربية تدور في فلك الغرب؛ حيث القادة الذين أذاقوا شعوبهم الهوان، ولعقوا أحذية قادة الغرب خوفًا من سطوتهم، وتزلفًا لنيل رضاهم. وكانت النخبة المثقفة تابعة للثقافة الغربية، وهم الذين كانت تُسلط عليهم الأضواء، ويتبوؤون أعلى المناصب وأرفعها.

وعاشت الشعوب العربية في استقطابات شديدة بين أصحاب الأيديولوجيات؛ فالأيدولوجيا تضرب حول صاحبها ستارًا حديديًّا يمنعه ويحول بينه وبين الاستفادة مما عند الآخرين، أو إيجاد أرضية مشتركة للتعامل، فيرى كل فريق مركزية فكرته وصوابها المطلق، فعاشوا في جزر منفصلة، حيث كل حزب بما لديهم فرحون.

وعليه فلم تُلبِّ الأيديولوجيات احتياجات تلك الشعوب وآمالهم وتطلعاتهم؛ فلم يقف اليساريون -إلا في النادر- بجوار العمال، ووقفوا بجانب الرأسماليين.

ولم يرفع معظم الليبراليين قيمة الحرية عندما ظُلم الإسلاميون، بل وقفوا بجوار الدول القمعية الديكتاتورية.

ولم تنهض تلك الدول أو تتقدم في ظل حكم العلمانيين الذي جاوز نصف قرن.

لذلك كانت ثورات الربيع العربي ومضة أمل للخروج من استقطابات الأيديولوجيات المتنازعة، التي عملت لمصالحها الخاصة، وتناست هموم الشعوب، أو استخدمت تلك الهموم في باب المزايدات وتسجيل المواقف والنقاط.

فكانت حركة المجتمعات أكبر وأعمق وأشمل من الأيديولوجيات بجدلياتها، وأثبتت أن التغيير وفك الارتباط بالغرب واقع يمكن أن نحياه، وطريق يمكن أن نسلكه.

وانصهر الجميع في ميدان التحرير، وذابت الفروق الأيديولوجية، وانكسر الستار الحديدي، وانعتق الجميع من إسار الرؤية السلبية عن الآخر، فالرصاصة التي يطلقها القناصة لا تفرّق بين يساري وليبرالي وإسلامي… إلخ، وهذا ما أُطلق عليه «روح ميدان التحرير»، فغلبت الإنسانيات، وأصبح ما يُجمّع أكثر مما يفرّق، واجتمع الكل على المشترك، أصبح الهدف واحدًا وهو إسقاط النظام الظالم، الفكرة هي القائد والجميع جنود لها.

لم تُصبغ الثورة بأيديولوجيا معينة، مما كان سببًا في نجاحها.

عندئذ قلنا: إن الأيديولوجيات أصبحت كلها في خدمة الوطن، وإنها بحثت عن المشترك بينها وبين الآخرين، وإنها انعتقت من الاستقطابات، وقد غالينا وقلنا بموت الأيديولوجيا.

ولكن هذه الحالة الفريدة، والومضة الخاطفة لم تلبث أن ذهبت وعادت الأمور سيرتها الأولى، وتقوقع الجميع من جديد خلف أيديولوجياتهم، وصنع الخوف من الآخر أعداء، هؤلاء الأعداء صنعهم الوهم، ونسينا أن إعلاء مصلحة البلد أهم من نصر الأيديولوجيات التي لم نكسب من ورائها إلا التفرق والتشرذم، وعاد الصراع من جديد بين الأيديولوجيات.

والمراقب للأمور لا يدري هل هذا صراع بين الأيديولوجيات أم هو صراع بين المصالح؟

فالكل -إلا من رحم ربي- جعل مصلحته الشخصية فوق مصلحة الوطن، أو جعل الوطن مشخصنًا فيه، فمن ليس معه أو مع فكرته فهو ضد الوطن، وفكرة تقزيم الوطن واختصاره في أشخاص وأفكار وأيديولوجيات هو تضييع للوطن.

وأرى أن الأيديولوجيات في الغرب تعمل لصالح الوطن والمواطن، أما عندنا فهي عبء على الوطن والمواطن.

أخيرًا،

فإن أصحاب الأيديولوجيات بعد هذه الثورات يجب أن يراجعوا مواقفهم، وألا يكون حالهم بعد الثورات كما كان قبلها، وإلا فستكون الثورة القادمة هي ثورة على الأيديولوجيات.

الثورات العربية ونهاية التاريخ

خرجت بريطانيا (القوة العظمى عالميًّا) من الحرب العالمية الثانية منتصرة، لكنها كانت منهكة، ولم تحافظ على سيطرتها على العالم؛ حيث بدأت مستعمراتها في الانتفاض ضد الاحتلال، ولم يمض عقد من الزمان إلا وقد نالت معظم المستعمرات البريطانية استقلالها.

وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية في ملء هذا الفراغ تدريجيًّا؛ حيث حدث صراع بينها وبين الاتحاد السوفيتي فيما سمي بالحرب الباردة.

ولكن لم يكد ينتهِ القرن العشرون حتى تربعت أمريكا على عرش العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وقد أطلق عليها سعد سلوم «الأمة السوبرمانية»، تلك الأمة التي ترى أنها باتت «تحدد نظام القيم الذي ينبغي أن تستجيب له البشرية» [11].

هذه الأمة التي قد أصابها الغرور وغطرسة القوة، مما استدعاه لأن يتساءل: «هل بات العقل السياسي الأمريكي يحصّن حضارته من عوارض التفسخ والانهيار، ويؤمن بأنه أمسك سرّ البقاء والدوام، ويأخذ يتحكم بالتاريخ؟» [12].

ولكن التاريخ الذي ظنّ الأمريكان أنهم يتحكمون به تتدخل فيه عناصر أخرى فاعلة في صياغته، مما يحدث صراعًا بين هذه العناصر.

ومن هنا كانت رؤية هنتنجتون لصراع الحضارات، والتي كانت رؤية مؤمنة بنموذج واحد، هو النموذج الأمريكي، والذي يجب أن تكون له الغلبة والهيمنة، «فهو يذكر أنه اكتشف أثناء مقابلة له مع رئيس جمهورية المكسيك، أن هذا الأخير يودّ أن يحوِّل بلده من بلد أمريكي لاتيني إلى بلد أمريكي شمالي (أي: يحاول أن يجعلها تلحق بركب الحضارة الغربية والطبيعية!)، ولا يملك هنتنجتون إلا أن يُعبِّر عن إعجابه العميق بعملية التطبيع هذه، التي ستجعل المكسيك متسقة مع قوانين الطبيعة وأمريكا الشمالية، وتقوِّم انحرافها عن الصراط المستقيم»[13].

فهنتنجتون لا يختلف عن فوكوياما في نظريته «نهاية التاريخ» من تمجيد لأمريكا، ونظرتهما المحورية لها في التاريخ والحضارة، إلا أن «فوكوياما زادت حرارته المشيحانية فتَعجَّل وأعلن أننا قد (وصلنا) و(عدنا)، ولذا فهو يُعلن نهاية الآخر وانتصار الذات ونهاية التاريخ وبداية الفردوس الأرضي، أما هنتنجتون فهو أقل تفاؤلًا؛ فهو يرى أن الطريق إلى النهاية الفردوسية الطبيعية في لحظة الوصول ليست بهذه البساطة» [14].

ولتحافظ أمريكا على سيطرتها وقوتها حاولت أن تروض العالم، وأن تجعله يسير خلفها، والساسة الذين يخرجون عن نهجها، ويحاولون أن يستقلوا بقراراتهم عنها، كانت تقف لهم بالمرصاد، والأبواب كلها مفتوحة في طرق التعامل الأخلاقية منها وغير الأخلاقية، وقد لعبت المخابرات الأمريكية هذا الدور باقتدار إلى جانب استخدام القوة العسكرية المباشرة.

فأمريكا هي التي تكفلت بالإطاحة بحكومة محمد مصدق [1882-1967م] الديمقراطية والمعادية للغرب في إيران، هذا الرجل الذي قاد حملة لتأميم حقول النفط في بلده، وسيطر على القوات المسلحة.

وهي -في الوقت نفسه- التي دفعت الشاه جراء ضغوطها المستمرة ليقوم بإطلاق مشروع التغريب الذي كان من أسباب انطلاق الثورة الإسلامية.

وعندما قامت الثورة الإيرانية واجتاح الخميني وأتباعه البلاد في 1979م اجتمع مستشار الأمن القومي الأمريكي بملك عربي لمناقشة خطط مفصلة يرعى من خلالها الرئيس العراقي صدام حسين انقلابًا في إيران ضد الخميني، لكنهم فشلوا، فأشعلوا نار الحرب بين العراق وإيران ثماني سنوات ليخسر الطرفان [15].

وفي تشيلي بأمريكا اللاتينية رعت الجنرال بينوشيه [1915م – 2006م] الحاكم الديكتاتوري الذي انقلب على الرئيس التشيلي المُنتخب سلفادور الليندي وقتله.

هذا الرئيس الذي كان مؤمنًا بالاشتراكية، ومعاديًا للرأسمالية، وقد قام بسياسات لم تُعجب الولايات المتحدة واعتبرته خطرًا كبيرًا يُهدد مصالحها، فأوعزت للجنرال أوغستو بينوشيه قائد الجيش بالاستيلاء على السلطة في 11 سبتمبر عام 1973م.

وقد استمر حاكمًا لسبعة وعشرين عامًا كان فيها العدو الأول لكل مفكري وكتاب أمريكا اللاتينية، وشكّل أسوأ وجوه الديكتاتورية التابعة لأمريكا في العالم، إلى أن خلعه الشعب الشيلي [16].

وفعلت نفس الأمر ضد هوجو شافيز في فنزويلا لكنها لم تنجح.

والذي دفع أمريكا لعدم التدخل المباشر في الدول أنها أخذت درسًا قاسيًا من حرب فيتنام (1956-1975م)، فقد «اكتشف العالم الغربي والنظام العالمي القديم أن المواجهة المباشرة مع العالم الثالث وقوى المقاومة والجهاد أصبحت شبه مستحيلة، ولذا لابد من اللجوء للإغواء بدلًا من المواجهة، فجِدة النظام العالمي تكمن في الآليات وليس في الأهداف» [17].

ولكن أمريكا نسيت درس فيتنام وعاودت التدخل المباشر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ لأن قوتها غرتها، إلى جانب أنها أصبحت القطب الأعظم في العالم.

ولكن التدخل المباشر في هذه المرة كان في العالم الإسلامي؛ حيث احتلال أفغانستان والعراق، فأمريكا كانت حاضرة في العالم الإسلامي عبر عملائها ووكلائها، ولكن سياسة المحافظين الجدد كانت صدامية إلى حدّ كبير، فصنعت الحروب واحتلت البلدان.

«ويرى تشومسكي أن الولايات المتحدة -في الوقت الحاضر- تعتبر الشرق الأوسط منطقة نفوذ أمريكية، حكرًا عليها، ومحظورًا على الدول الأخرى -بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة- التدخل فيها، وهذا سرّ عداء الولايات المتحدة للحركات الإسلامية، فهذه الحركات قد أصبحت أصدق تعبير عن الحركة الوطنية المستقلة، والوطنية (الاقتصادية) في العالم الثالث، وهي لا تزال تتصدى للولايات المتحدة وعملائها» [18].

لذلك أزعجت الثورات العربية أمريكا؛ فهي ثورات وطنية بامتياز، وقد فشلت المخابرات الأمريكية في التنبؤ بها، فمن أجل مصالحها تدوس أمريكا على حقوق الإنسان، فتدعم كبت الحريات والقمع والتخلف الاقتصادي والسياسي من قِبل الأنظمة التابعة لها.

ونسيت أمريكا أن الشعوب الحية تواقة للحرية والكرامة، وأن الضغط يولّد الانفجار، فكان بركان الثورات العربية.

لكن أمريكا أظهرت احترامها لاختيارات الشعوب الثائرة، ثم لعبت في الخفاء من أجل إجهاض هذه الثورات.

وأصبحت الحرب المعلنة والمخفية بين أمريكا والشعوب الثائرة جولات، جولة للشعوب وجولة لأمريكا.

وأمريكا تعلم أن فشلها في احتواء الثورات العربية هو عنوان نهاية سطوتها في المنطقة، فعادت في استخدام أساليبها القديمة بالمساعدة في الانقلاب على الحكومات المنتخبة، وغض الطرف عن الانتهاكات لحقوق الإنسان، والقتل والترويع وما شابه.

وسيذكر التاريخ أن أوباما الذي جاء إلى جامعة القاهرة معلنًا السلام مع العالم الإسلامي من القاهرة هو الذي أسقط أول نظام ديمقراطي منتخب في مصر.

وإن نجاح الثورات العربية سيكون إيذانًا بسقوط نظرية «نهاية التاريخ»؛ لأن الحكومات الوطنية لن تدور في فلك المصالح الأمريكية والصهيونية، وسوف تعمل لمصلحة أمنها القومي، وليس حراسة مصالح الغرب وإسرائيل.

ومحاولة إسقاط الثورات العربية داخل تحت ما يسمى بـ«صدام الحضارات»؛ فالوطنيون سوف يعلون من قيمهم وتراثهم، وسوف يظهرون الوجه الحقيقي للحضارة العربية والإسلامية.

على العكس من التغريبيين الذين ييممون وجوههم قِبل الغرب وأمريكا، ويعادون شعوبهم وثقافاتهم وعاداتهم، فهؤلاء هم ذراع أمريكا الضاربة، وهم الذين يمهدون الأرض لتظل أمريكا هي الحاكم الفعلي لبلادهم.

إنه صراع إثبات الذات والعودة إلى الهوية من ناحية الشعوب.

وصراع الإبقاء على الهيمنة والسيطرة من ناحية أمريكا.

ويقيني الذي لا يخالطه شك أن الشعوب باقية، وأن العودة إلى الذات هو المصير المحتوم، وأن أمريكا كمن سبقها من الأمم المستعمرة مصيرها إلى زوال، وأن الشعوب الأبية سوف تكتب تاريخها بيدها.

الهامش

[1] ولد في 18 أبريل 1927 – وتوفي 24 ديسمبر 2008، وعمل أستاذًا للعلوم السياسية بجامعة هارفارد بأمريكا.

[2] د. أحمد شلبي: صراع الحضارات في القرن الحادي والعشرين ودور الحضارة الإسلامية في هذا الصراع، دار النهضة العربية، القاهرة، ص (21).

[3] السابق، ص (23-24).

[4] السابق، ص (25).

[5] ليس معنى أنها غير إسلامية أن الإسلام يحارب حب الأوطان والأقوام، ولكن وضعنا لها ههنا يعني أنها فكرة مستوردة من الغرب تم جلبها وتضخيمها لمحاربة الإسلام بتفتيت وحدته جغرافيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، حتى لا يبقى من الإسلام سوى الرسوم والطقوس والشعائر.

[6] طبعًا لم نذكر الرأسمالية والاشتراكية باعتبارهما الصورة الاقتصادية لليبرالية والشيوعية، وكذا الديمقراطية وغيرها؛ لأنها بنت لليبرالية الغربية.

[7] «يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما كاتب ومفكر أمريكي الجنسية من أصول يابانية، ولد في مدينة شيكاغو الأمريكية عام 1952م، من كتبه كتاب (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) و(الانهيار أو التصدع العظيم). ويعتبر الرجل من أحد الفلاسفة والمفكرين الأمريكيين المعاصرين، فضلًا عن كونه أستاذًا للاقتصاد السياسي الدولي، ومديرًا لبرنامج التنمية الدولية بجامعة جونز هوبكنز.

تخرج فوكوياما من قسم الدراسات الكلاسيكية بجامعة كورنيل، حيث درس الفلسفة السياسية على يد ألن بلووم (Allen Bloom)، بينما حصل على الدكتوراه من جامعة هافارد حيث تخصص في العلوم السياسية. عمل بوظائف عديدة أكسبته الكثير من الخبرة والثقافة، فقد عمل مستشارًا في وزارة الخارجية الأمريكية، كما عمل بالتدريس الجامعي» [الموسوعة الحرة ويكيبيديا].

[8] منتدى الشام الثقافي.

[9] انظر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا، وأحمد الناجي مقالة بعنوان: فوكوياما من نهاية التاريخ إلى نهاية الإنسان، مجلة الحوار المتمدن، العدد (1267)، 26/ 7/ 2005م.

[10] فرانسيس فوكوياما: نهاية التاريخ وخاتم البشر، ترجمة: حسين أحمد أمين، مركز الأهرام للترجمة والنشر، الطبعة الأولى، 1413هـ – 1993م، ص (9).

[11] سعد سلوم: العقل الأمريكي (تخييل القوة)، مجلة النبأ، العدد (77)، ربيع الثاني/ حزيران، 2004م… شبكة النبأ المعلوماتية.

[12] السابق.

[13] عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (1/337).

[14] السابق، (2/270) باختصار.

[15] انظر: الموسوعة الحرة (ويكيبيديا).

[16] انظر: السابق.

[17] موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (1/298).

[18] السابق، (8/220).

 

رابط المصدر:

https://eipss-eg.org/%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%8a%d8%af%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M