ما لا يقل عن 2000 حالة وفاة بعد وقوع زلزال قوي ضربا تركيا وسوريا خلال ال 12 ساعة الماضية، ومن المتوقع أن يرتفع عدد القتلى مع استمرار عمليات البحث نتيجة وجود العديد من الأشخاص محاصرين تحت الأنقاض، كما انهارت العديد من المباني. وطبقًا للأرقام الرسمية التركية، بلغ عدد الوفيات 1121 شخصًا، وأصيب 7634 آخرون، وانهار 2834 مبنى. وقالت وزارة الصحة السورية إن أكثر من 820 شخصًا قتلوا وجرح أكثر من 1284، فيما أعلنت منظمة الإنقاذ التابعة للخوذ البيضاء في شمال غرب سوريا وفاة ما لا يقل عن 1561 شخصًا.
بلغت شدت الزلزال 7.8 درجة، وهو أحد أقوى الزلازل في المنطقة منذ فترة طويلة، حيث شعرت به بعض الدول مثل: قبرص، ومصر، والعراق، ولبنان. وقال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إن البيانات الأولية أظهرت أن زلزالًا ثانيًا كبيرًا قد وقع وبلغت قوته 7.7 درجة، وكان على بعد 67 كيلومترًا شمال شرق كهرمان مرعش، تركيا، على عمق كيلومترين. وسجل علماء الزلازل أكثر من 100 هزة ارتدادية صغيرة.
الاستجابة في تركيا وسوريا
كان مركز الزلزال الأول بالقرب من غازي عنتاب، وألحق أضرارًا بالغة بالقلعة التاريخية. وقد أقامت القوات المسلحة التركية ممرًا جويًا لتمكين فرق البحث والإنقاذ من الوصول إلى المنطقة المتضررة. وقال محافظ إسطنبول على يرلي كايا، إن قرابة 1000 متطوع للبحث والإنقاذ يتم نشرهم من إسطنبول إلى مناطق الزلزال المتضررة في تركيا.
وبناء على الأضرار الناجمة عن الزلزال، ترأس الرئيس بشار الأسد اجتماعًا طارئًا لمجلس الوزراء لبحث أضرار الزلزال والإجراءات اللازمة، مع استعداد وزارة الدفاع لاستنفار جميع وحداتها وتشكيلاتها ومؤسساتها لتقديم الدعم الفوري والمساعدة العاجلة للسكان المتضررين من الزلزال في جميع أنحاء الدولة. وطبقا للمركز الوطني لرصد الزلازل في سوريا، يعد هذا الزلازل الأقوى منذ عام 1995، كما أن المناطق الأكثر تضررًا هي مدن إدلب واللاذقية وحلب.
وطبقا لبيانات الهلال الأحمر السوري، فإن هناك نقصًا شديدا في الأدوية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، خاصة في ظل ازدياد أعداد المصابين، إلى جانب وجود نقص في التجهيزات الخاصة التي تستخدم في إزالة الأنقاض، ونتيجة عدم وجود أماكن متاحة بمستشفيات مدن حلب واللاذقية، يتم نقل المصابين إلى مستشفيات قريبة في بانياس وحمص.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في بيان إن هناك حالة من القلق من عدم وجود أي أخبار عن المناطق في تركيا التي لم ترد عنها أنباء بعد الزلزال، وأن السلطات الوطنية ستركز على البحث والإنقاذ في الوقت الحالي، ثم نتوقع زيادة الحاجة إلى رعاية الصدمات لمعالجة الجرحى ودعم النظام الصحي بأكمله في المناطق المتضررة. كذلك دعت لجنة الإنقاذ الدولية، إلى زيادة التمويل للمساعدات الإنسانية في سوريا، وأن العديد من الأشخاص في شمال غرب البلاد قد نزحوا بالفعل حتى 20 مرة، وأن الرعاية الطبية في المنطقة كانت “متوترة إلى أبعد من ذلك”.
توقعات مسبقة
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحدث زلزال بهذه القوة في تركيا، ففي عام 1999، دمر زلزال مماثل الحجم لزلزال اليوم في تركيا مدينة إزميت مما أسفر عنه وفاة أكثر من 17000 شخص، وفي أواخر نوفمبر الماضي ضرب زلزال بقوة 6.1 درجات شمال غرب تركيا ونجم عنه حوالي 50 جريحًا وتسبب بأضرار محدودة، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زلزال اليوم بأنه أسوأ كارثة تحدث منذ عام 1939، عندما قتل زلزال أكثر من 32 ألف شخص وجرح أكثر من 100 ألف.
وكان بيان صادر عن جامعة إسطنبول التقنية في 26 سبتمبر 2019، قد أشار إلى أن الحاجة باتت ملحة وضرورية لاتخاذ خطوات احتياطية لازمة لمواجهة زلزال كبير مدمر من المتوقع حدوثه، وأشاروا إلى أن “التحليلات الجيولوجية والجيوديسية والزلزالية التي أجريت في قاع بحر مرمرة تظهر أن خط الصدع في كومبور غاز لم يتشقق منذ فترة طويلة كما أنه مازال مسدودًا، وهو جزء من خط الصدع حيث سيحدث زلزال بحر مرمرة المتوقع”.
وقال خبراء من معهد كانديلي التركي لبحوث الزلازل، في مؤتمر صحفي في أعقاب الزلزال الذي حدث في 2019، بلغت قوته 5.7 درجة، إن منطقة بحر مرمرة لم تمر “بنشاط زلزالي” خلال العقدين الماضيين، ودعت الناس إلى توخي الحذر. على ذات السياق أيضا، أشار معهد أسلي، وجود توقعات بحدوث زلزال كبير في بحر مرمرة، مشيرًا إلى أن هناك إجماعًا بين الخبراء والعلماء على احتمال حدوث الزلزال وأنه منذ عام 1999، يرزح الصدع في شمال الأناضول في بحر مرمرة تحت الضغط والإجهاد.
عروض دولية لتقديم المساعدات
أعرب العديد من الدول عن التعازي في ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا، بالقرب من الحدود السورية، حيث أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تعازيه لشعبي سوريا وتركيا ولأسر الضحايا، وأعلن عن استعداد مصر لتقديم كل أوجه المساعدة لهما لمواجهة آثار ذلك الزلزال. وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعربت عن تعازيها وتضامنها مع كل من تركيا وسوريا في ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب الدولتين وعددًا من دول منطقة شرق المتوسط، مع التأكيد على الاستعداد لتقديم كافة أوجه المساعدة.
كذلك قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن فرنسا مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان في تركيا وسوريا بعد الزلزال العنيف الذي أودى بالمئات في البلدين. وأعلنت الخارجية القطرية تسير جسر جوي من قطر إلى تركيا لمواجهة آثار الزلزال. وأعلنت دولة الإمارات إرسال فريقي إنقاذ إلى البلدين.
كذلك، أعرب رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عن قلقه على تركيا بعد الزلزال، قائلاً: “الهند تقف متضامنة مع الشعب التركي ومستعدة لتقديم كل المساعدة الممكنة للتعامل مع هذه المأساة”. ونشر رسالة مماثلة إلى سوريا، قائلًا إنه “يتألم بشدة عندما علم أن الزلزال المدمر قد أثر أيضًا على سوريا”.
وأكدت الحكومة الهندية تشكيل فريقين من القوة الوطنية الهندية للاستجابة للكوارث يتألفان من 100 فرد مع فرق الكلاب المدربة تدريبًا خاصًا والمعدات جاهزان للنقل جوا إلى منطقة الزلازل، مع تجهيز الفرق الطبية وإرسال مواد الإغاثة بالتنسيق مع السلطات التركية. أما بريطانيا، فقد قال رئيس وزرائها ريشي سوناك، بأن المملكة المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة في أعقاب الزلزال.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، “نتابع الأنباء عن الزلزال في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا وسط حالة من الصدمة، سترسل ألمانيا المساعدة بالتأكيد”.
وأصدر البيت الأبيض بيانًا يشير إلى التعليمات التي أصدرها الرئيس جو بايدن بإعداد المساعدة الأمريكية، حيث قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بأن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق من التقارير الواردة عن الزلزال المدمر الذي وقع في تركيا وسوريا، مع الاستعداد لتقديم أي مساعدة مطلوبة، ووجه الرئيس بايدن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وشركاء حكوميين اتحاديين آخرين لتقييم خيارات الاستجابة الأمريكية لمساعدة الأشخاص الأكثر تضررًا.
وتلاحظ من البيان تجاهل إلى إشاره لعمل الولايات المتحدة بشكل مباشر مع الحكومة السورية، خاصة في ظل فرض العقوبات الاقتصادية الحالية. وأعرب رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، عن نية بلاده لتقديم المساعد، وقال” حزين على الخسائر في الأرواح في تركيا وسوريا بعد الزلزال الكبير، تذهب أفكارنا إلى الضحايا وأحبائهم، لقد بعثت بأحر التعازي إلى طيب أردوغان، كشريك لتركيا وصاحب رئاسة الاتحاد الأوروبي، نحن على استعداد لتقديم دعمنا” كذلك، صرح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن دولته مستعدة لتقديم المساعدة الضرورية للشعب التركي “الصديق” في أعقاب الزلزال الذي ضرب البلاد.
وأخيرا، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيان حول الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا والذي أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح، “بالنيابة عن جميع مواطني إسرائيل، أبعث بأحر التعازي لمواطني تركيا في هذا الوقت العصيب لهم في أعقاب الزلزال الذي ضرب منطقتنا. بناءً على طلب الحكومة التركية، أصدرت تعليماتي لجميع السلطات لاتخاذ الاستعدادات الفورية لتقديم المساعدة الطبية والبحثية والإنقاذ”
.
رابط المصدر: