بهاء النجار
من العوائق والموانع المعنوية للتوفيق لنصرة الدولة المهدوية بالتمهيد لها الذنوب ، فكما نعلم أن هناك ذنوباً تهتك العصم وذنوباً تغيّر النِعِم وذنوباً تنزل النِقم وذنوباً تحبس الدعاء وذنوباً تنزل البلاء كما ورد في دعاء كُميل وغير ذلك من صنوف الذنوب ، فإذا كان الشخص قد هُتِكت العِصم التي وضعها الله لتعصمه وتغيّرت النِعم التي منّها الله عليه وخصوصاً النِعم المعنوية كنعمة التقرب الى الله ونعمة الرغبة في نصرة الحق ، ونعمة الدعاء الذي إذا حُبِس سوف لن تتيسر كثير من أموره ، ونزل عليه البلاء الذي يشغله ويُلهيه عن فعل الخير ، فكيف يمكنه التمهيد الى الدولة العالمية العادلة ؟! إضافة الى ذلك فإن الأعمال تُعرَض على إمام زماننا عليه السلام كما هو ثابت في عقيدتنا ، فإذا كان أحدنا يذنب غير مكترثٍ – إما لغفلة أو لتجاهل – لعرض ذنوبه على إمامه عليه السلام فمن باب أولى سوف لن يسعى الى التمهيد لدولته الموعودة ، وكيف سيحصل على الدعم المهدوي وهو على هذا الحال المزري ؟!
طبعاً هذا لا يعني أن يكون الممّهدُ معصوماً ، فهذا غير ممكن وغير واقعي ، ولكن عليه أن يسعى بمقدار جهده الى ترك الذنوب والعودة والتوبة الى الله تعالى والاستعانة به سبحانه الى التخلص منها ومن آثارها كي تُزال عنه أثقالها وموانعها التي منعته من نصرة مهديه المنتظر عليه السلام ، وأن يستثمر الأجواء العبادية وبالقدر المتيسر كي يستعين بها على نفسه وهواها ، كيوم عرفة ، اليوم الذي تعجّ الأصوات بصنوف اللغات توبة الى الله تعالى ، فهذا اليوم العالمي للتوبة فرصة كبيرة للمهدويين بالعودة الى ربهم ليتخلصوا من الأغلال التي قيدتهم ومنعتهم من أن يكونوا ممهدين لإمام زمانهم عليه السلام .
فإذا قضي يوم عرفة هل انتهت فرصة التوبة ؟ بالطبع لا ، فهناك مواسم كثيرة يمكن استثمارها للتوبة كليالي الجمع التي تُعدُّ برنامج أسبوعي مستمر للتكامل ، وغيرها من المواسم ، إضافة الى وجود أماكن تسهّل قبول التوبة كمراقد المعصومين عليهم السلام والمساجد والحسينيات ودور العبادة ، والأهم من ذلك كله أن تكون نية التوبة خالصة وصادقة لتكون هذه المواسم والأماكن عوامل مساعدة لها ، وإلا فهي لا تجعل نية التوبة خالصة أو صادقة .
وقد يُوفّق المهدوي لعملٍ مباركٍ يمهّد للدولة المهدوية المنتظرَة ، ولكنه يُحرَم من أعمال مباركة أكبر بسبب بعض الذنوب التي قد تكون بسيطة نسبياً ولكنّ لها آثاراً على التوفيق الى مراتب عليا من التمهيد ، فإن كان طموحاً بأن يحصل على تلك المراتب فعليه التوبة من ذنوبه حتى وإن كانت صغيرة ، خاصة وأن الثقافة الإسلامية المهدوية لا تتعامل مع حجم المعصية وإنما تنظر الى من عصى وهو الله جلّ جلاله .
وفقنا الله جميعاً للتوبة من الذنوب لنكون من الممهدين إن شاء الله تعالى .
رابط المصدر: