بهاء النجار
جاء الرسول صلى الله عليه وآله معلماً ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) ، وكاد المعلم أن يكون رسولاً ، والإمام المنتظِر والمنتظَر عليه السلام سائر على نهج جده المصطفى صلى الله عليه وآله في تعليم الناس الكتاب والحكمة ، وعليه هناك مشتركات كثيرة بين العمل الرسالي المهدوي والعمل التعليمي التربوي ، فيكمّل أحدهما الآخر ، فيمكن أن يكون المعلم وكيلاً لإمامه المهدي عليه السلام في تعليم الناس ما لم يكونوا يعلمون ، ليستوعبوا حركته التصحيحية والإصلاحية ويكونوا عوناً له لا حجر عثرة في طريقه ، فالمعلم يمكن أن يكون وسيلة لإزالة هذا الحجر باعتباره أحد معاول هدم الجهل الذي يعرقل الظهور المهدوي المبارك .
وحتى يكون المعلم ممهداً ينبغي أن يغذي طلابه بالنفحات الأخلاقية والإشارات التربوية والالتفاتات الروحانية كما يغذيهم بالعلم ، كي يستفيدوا من علمهم ، فالعلم سلاح ذو حدين ، يمكن أن يكون في صالح المجتمع ويمكن أن يكون مضراً به ، كصنع القنبلة الذرية والأسلحة البايلوجية وغيرها التي دمّرت الشعوب وأخضعتها لرغبات أصحاب الأهواء التسلطية .
والمعلم أسوة لطلابه فينبغي أن يكون أسوة حسنة لهم أسوة برسول الله صلى الله عليه وآله لا أسوة سيئة لا سمح الله ، وخصوصاً الجانب الأخلاقي والعلمي والثقافي ، وأن يزرع في نفوسهم أسس الإصلاح المهدوي كالثقة بالنفس والإيجابية والسعي الى تحقيق النجاح بكل أشكاله وأن يُخرِج فكرة الفشل من قلوبهم ، وأن يعوّدهم على حب الخير للآخرين ومساعدتهم ، وأن يحل مشاكلهم ليشعروا بالأمل في هذه الحياة المليئة بالأزمات والنكبات .
فالمعلم هو الأب الثاني للطالب ، وفي أحيان كثيرة يكون له تأثير على طلابه أشد من تأثير آبائهم عليهم ، وأن يتذكر أن أي خطوة إيجابية منه تجاههم فإنها تتضاعف بعددهم وأي خطوة سلبية تتضاعف بعددهم أيضاً ، وأن يستحضر نية كل ما يقوم به من أعمال تربوية وتعليمية بحيث يجعلها تمهيداً لدولة العدل الإلهي ، وأن لا يجعل تقصير الدولة بحقه سبباً لتقصيره بحق طلابه حباً بإمامه المهدي عليه السلام ، ولكي يحقق ذلك يمكن أن يجعل سعيه للتوظيف في سلك التعليم من الأساس هو التمهيد للدولة المهدوية الموعودة وما يأتيه من امتيازات وراتب هي خير على خير ، وهذا الأمر ليس سهلاً ولكن الطموح في أن يكون المعلم ممهداً يستحق تجاوز هذه الصعوبات ، وفّق الله جميع المعلمين والمدرسين وأساتذة الجامعات ليكونوا ممهدين لدولة قائمهم المهدي عليه السلام .
.
رابط المصدر: