شروط تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية

محمد عبد الجبار الشبوط

 

حددت المادة (76) من الدستور الدائم الشروط التالية لتشكيل الحكومة، وهي: الشرط الاول: “يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.” وهنا يتساءل الجمهور عن مفهوم “الكتلة النيابية الاكثر عددا”، هل هي القائمة التي فازت باكثر الاصوات/ المقاعد في الانتخابات، ام الكتلة النيابية التي تتشكل بعد الانتخابات؟

يجوز الوجهان على النحو التالي: الوجه الاول: يقوم المرشحون التابعون لحزب ما (والترشيح هذه السنة فردي وليس بالقائمة) باعلان انفسهم الكتلة النيابية الاكثر عددا ويحضرون الجلسة الاولى على هذا الاساس. وهذا ما يمكن ان يقوم به النواب الصدريون اذا تأكد انهم الاكثر عددا.

الوجه الثاني: ان يقوم عدد من النواب الفائزين باعلان انفسهم الكتلة النيابية الاكثر عددا اذا تمكنوا من تحقيق ذلك، ويحضرون الجلسة الاولى على هذا الاساس. وعلى اي من الحالتين، فان على رئيس الجمهورية ان يكلف الكتلة “النيابية” الاكثر عددا بتشكيل الحكومة. وقد يحصل خلاف بين الفائزين حول هذه النقطة، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة الاتحادية ان تحسم الخلاف.

واذا تمكن اي طرف حاصل على العدد الاعلى من المقاعد البرلمانية من اعلان نفسه كتلة برلمانية اكثر عددا في الجلسة الاولى، قبل غيره، فسوف يضمن بالتالي انحصار حق ترشيح شخص رئيس الوزراء المكلف به، وهذا يعني اننا بصدد سباق في الفترة الواقعة بين اعلان نتائج الانتخابات والجلسة الاولى لمجلس النواب.

وهناك عدة خطوات تسبق تكليف شخص ما بتشكيل الحكومة. وهذه الخطوات هي:

الخطوة الاولى: يدعو رئيس الجمهورية الحالي (برهم صالح) مجلس النواب الجديد للانعقاد، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة. وهنا قد يحصل خلاف حول ولاية الرئيس برهم صالح وهل مازالت سارية؟

والجواب في المادة ٧٢ التي تقول: “تنتهي ولاية رئيس الجمهورية بانتهاء دورة لمجلس النواب.”. وهذا يعني ان ولاية برهم صالح انتهت في نفس يوم حل مجلس النواب. لكن المادة نفسها تقول: “يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهماته الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على ان يتم انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقادٍ للمجلس.”. ومن مهامه دعوة مجلس النواب الجديد الى الانعقاد.

الخطوة الثانية: ينتخب مجلس النواب في أول جلسةٍ له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر.

الخطوة الثالثة: ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية، باغلبية ثلثي عدد اعضائه، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقادٍ للمجلس. واذا لم يحصل أيٌ من المرشحين على الاغلبية المطلوبة، يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على اعلى الاصوات، ويعلن رئيساً من يحصل على اكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني.

الشرط الثاني: “يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية اعضاء وزارته، خلال مدةٍ اقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.” وعند اخفاق رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة في هذه الفترة الزمنية المحددة يُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً.

الشرط الثالث: “يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالاغلبية المطلقة.”

والاغلبية المطلقة تعني نصف عدد اعضاء مجلس النواب الكلي زائدا واحد، اي ١٦٥ نائبا.

وهذا يعني ان على الكتلة التي حصلت على حق ترشيح رئيس الوزراء ان تضمن تصويت نواب اخرين على مرشحها في حال لم يكن عدد نوابها قد وصل الى الرقم ١٦٥ فما فوق. وهذا امر لا يتحقق عادة في العراق.

ولهذا سوف يتعين على الكتلة النيابية الاكثر عددا ان تدخل في مفاوضات معقدة مع الاطراف الاخرى لضمان اصواتها في جلسة منح الثقة.

ولما كان النظام السياسي قائما على اساس المحاصصة الطائفية، فان المفاوضات سوف تجري بين الفاعل الشيعي من جهة، والاطراف الكردية والسنية من جهة اخرى.

واظهرت التجارب السابقة ان المفاوضات تدور عادة حول تقاسم المقاعد الوزارية ومناصب الدرجات الخاصة في الدولة. وهنا اتذكر مقولة رئيس مجلس النواب الاسبق محمود المشهداني التي مضمونها :”اذا اعطانا الشيعة حصتنا فلا يهمنا من هو الشخص الشيعي الذي يرشحونه لرئاسة الحكومة”. والامر نفسه مع الطرف الكردي.

وهنا يتعين على الطرف الشيعي ان يحسم امره.

وتوجد في الساحة الشيعية ثلاث اطروحات لرئاسة الحكومة، وهي:

الاطروحة الاولى التي تطالب ان يكون رئيس الوزراء صدريا.

الاطروحة الثانية التي تطالب ان يكون رئيس الوزراء حشديا.

الاطروحة الثالثة التي تدعو الى رئاسة المالكي.

ولا يستطيع اي طرف ان يحقق رغبته دون ان يضمن اصوات الاغلبية المطلقة في جلسة الثقة.

وهذا ما سيدفع الاطراف المتنافسة الى عقد تحالفات تضمن لها ما تريد قبل الجلسة الاولى. وهذا مشوار طويل ومعقد سيتعين على الاطراف الشيعية المتنافسة (او المتصارعة؟) ان تقطعه قبل الجلسة الاولى.

ولا يستبعد هذا التحليل حصول اختراقات دولية او اقليمية تطيح به لصالح اتجاه اخر غير معلوم الان كما حصل في الاختراق الذي اوصل مصطفى الكاظمي الى هذا الموقع الخطير.

 

.

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/28881

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M