صراع السرد السياسي والإعلامي وتطور مساراته في الأزمة الأوكرانية-الروسية

محمد الراجي

بموازاة النزاع السياسي والتوتر العسكري الذي عرفته الأزمة الأوكرانية-الروسية وامتداداتها الإقليمية والدولية، وتطوُّر فصول هذا النزاع إلى اعترافٍ روسيٍّ باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيين، ثم “عملية عسكرية” روسية في مرحلة لاحقة، برز أيضًا صراع السرد السياسي والإعلامي بين أطراف الأزمة على معاني الأحداث وتركيب دلالاتها، وتفسير الوقائع ومسارات الأزمة وتحولاتها. وهو صراع رمزي تشكَّلت في سياق ممارساته الخطابية السردياتُ المختلفة بشأن أسباب الأزمة وجذورها وخلفياتها وتداعياتها، وكان هذا الصراع أيضًا مجالًا لصَوْغ الهويات المتناقضة لأطراف النزاع: روسيا من جهة، والغرب عمومًا من جهة ثانية. ويشير تركيب المعاني والروايات المختلفة عبر السرد إلى أهمية الفعل السردي، وفاعليته على المستوى السياسي، في التأطير وإنشاء التمثيلات، وهو ما يجعله محدِّدًا أساسيًّا لوجود الفاعلين في هذا الصراع لإبراز المواقف والسياسات وأيضًا صناعة الاتجاهات. لذلك يُعبِّر السرد -بحسب الفيلسوف الفرنسي، بول ريكور، كما جاء في كتابه “الزمن والسرد”- عن الوجود في العالم الذي تطبعه في الأساس الممارسة اللغوية، باعتبار الوظيفة المرجعية والإحالية التي يمتلكها السرد، وأيضًا لإمكانية الاشتقاق غير المباشر للمعرفة التاريخية بدءًا من الفهم السردي.

في ضوء هذه الأهمية للسرد بمفهومه الأنطولوجي العام، وباعتباره محددًا لكينونة الأفراد والجماعات والدول، يركز هذا التعليق على تتبُّع الروايات والسرديات التي تحدد كيفية رؤية الفاعلين في الأزمة لذواتهم وهوياتهم (النحن) وللآخرين (الهم)، وقبل ذلك رؤيتهم للأزمة الأوكرانية-الروسية نفسها. وتساعدنا التصريحات السياسية والإعلامية لهؤلاء الفاعلين في رصد أهم الروايات وإبراز أطروحاتها، والمعاني التي تُنْشِئُها حول أسباب الأزمة وجذورها وتطور مساراتها.

وحدة البنية السردية الأميركية-الأوروبية

قبل 21 فبراير/شباط، وهو التاريخ الذي أعلن فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اعتراف بلاده باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيين وإرسال قوات “لحفظ السلام” في المنطقتين، كان رموز الإدارة الأميركية بصفة خاصة، والمسؤولون الأوروبيون عمومًا، يُقدِّمون روسيا دولة متحفِّزة للحرب والغزو العسكري لأوكرانيا، والاعتداء على أراضيها وسيادتها الوطنية. ولا يتوانى بعض هؤلاء المسؤولين السياسيين والعسكريين الأميركيين والأوروبيين عن تحديد تاريخ ما يسمونه بـ”الغزو الروسي” وساعته الوشيكة؛ حيث يترقبونه في أية لحظة. وهنا، برزت رواية اقتراب الغزو العسكري الروسي ضد أوكرانيا، وقد أنتجها ساردون من مواقع مختلفة سياسية وأمنية وعسكرية بحبكة تتشابه بنيتها وقالبها السردي. وقد رسمت هذه الرواية سيناريو الغزو وعدد القوات المشاركة فيه قبل نهاية الألعاب الأولمبية الشتوية في بيجين، والتي اختُتمت نسختها الرابعة والعشرون في 20 فبراير/شباط، مثلما روَّج لذلك مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الذي اعتبر أن الغزو يمكن أن يبدأ في أي يوم، وستكون هناك عملية عسكرية كبيرة قريبًا جدًّا “ونراها رأي العين قبل نهاية الألعاب الأولمبية”. وشارك أيضًا في إنتاج هذه السردية وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، حول ما اعتبره الغزو الروسي الوشيك للأراضي الأوكرانية عندما أكد أن “كل الدلائل تشير إلى أن روسيا على وشك غزو أوكرانيا. وسنقوم بكل ما في وسعنا لمحاولة منع الغزو قبل وقوعه”. وانخرط الرئيس الأميركي، جو بايدن، نفسه في نشر هذه السردية، وأضاف إليها بُعدًا دراماتيكيًّا بأن الهجوم سيستهدف العاصمة الأوكرانية، كييف، حيث بات مقتنعًا أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتخذ قرارًا بالغزو، كما أن القوات الأميركية تعتقد بأن القوات الروسية تعتزم مهاجمة أوكرانيا “في الأسبوع المقبل” أو قبل ذلك (تصريح بايدن كان في يوم الجمعة 18 فبراير/شباط في البيت الأبيض). وزادت رواية وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، على ذلك بالقول: “من الواضح أن روسيا اتخذت قرارًا، وتتحرك باتجاه المواقع الصحيحة لشنِّ هجوم على أوكرانيا”.

لم تختلف عناصر بنية الرواية التي أنتجها المسؤولون الأوروبيون حول الأزمة الأوكرانية-الروسية عمَّا ورد في تفاصيل السردية الأميركية، فقد اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن كل العناصر متوافرة لتَشُنَّ روسيا هجومًا قويًّا على أوكرانيا، وأقرَّ وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، بأن غزو روسيا لأوكرانيا أمر مرجح للغاية، وأن الوجود العسكري الروسي على الحدود وصل الآن إلى الحجم الذي يمكِّنهم من “شنِّ هجوم في أي وقت”، لافتًا إلى أن “هناك نفحة من رائحة ميونخ في الأجواء”، في إشارة إلى معاهدة ميونخ عام 1938 التي هدفت إلى احتواء أزمة أمنية بين ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا، لكن تراجع أدولف هتلر عن بنود المعاهدة أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وإذا كانت الرواية التي أنتجها المسؤولون الأميركيون والأوروبيون حول اقتراب الهجوم الروسي على أوكرانيا قد حافظت على وحدة بنيتها الحكائية وعناصرها السردية (حدث الغزو والهجوم، والشخصيات)، فإن الإعلام الغربي اهتم أكثر بتحديد عنصر الزمان الذي سيحدث فيه الغزو الروسي على أوكرانيا. فقد أوردت بعض الصحف الأميركية والغربية ووكالات الأنباء الأجنبية، نقلًا عن مصادر في الاستخبارات الأميركية، أن فلاديمير بوتين سيأمر بشنِّ غزو على أوكرانيا بوابل من الصواريخ ومئتي ألف جندي في وقت مبكر من صباح الغد (الأربعاء 16 فبراير/شباط 2022) بعد أن حذرت وكالات المخابرات من أن إعلان انسحابه قد يكون خدعة، وسيكون الأمر الأكثر احتمالًا للهجوم هو الساعة الواحدة صباحًا (والثالثة بالتوقيت المحلي الأوكراني)، وأن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أبلغ الزعماء الغربيين بأن موسكو قد تبدأ توغلها العسكري في هذا التاريخ. وقد تواتر الاهتمام بالعنصر الزماني في عدد من الروايات الصحفية كما جاء في صحيفتي “ذا صن” (The Sun)، و”ديلي ميرور” (Daily Mirror)، فضلًا عن بعض الوكالات، مثل بلومبيرغ، التي اعتذرت عن خطأ نشر خبر بعنوان “مباشر: روسيا تغزو أوكرانيا” بعد ظهر الجمعة (4 فبراير/شباط).

وتعاظمت ذروة حبكة السرد السياسي بالدعوات التي وجهتها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها إلى مواطنيهم لمغادرة أوكرانيا، وإجلاء الموظفين الدبلوماسيين، لأن الهجوم الجوي الروسي والقصف الصاروخي سيجعل المغادرة أمرًا صعبًا؛ حيث بدأت نذر الحرب والاستعداد لسيناريو الغزو بعد أن تسلمت أوكرانيا منذ فترات طويلة مساعدات عسكرية نوعية من قبل دول كثيرة، وشمل ذلك أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، فضلًا عن قطع مدفعية وعربات وأنظمة رادار والمعدات اللازمة لتعزيز القدرات العسكرية الدفاعية.

ويشير هذا التأطير المُؤْتَلِف لرواية اقتراب الهجوم الروسي على أوكرانيا (قبل 21 فبراير/شباط) من قِبَل المسؤولين الأميركيين والأوروبيين إلى آليات وأساليب مخصوصة تشتغل بها هذه الأطراف في تشكيل معاني الأحداث والوقائع من خلال مفهوم “الخطة” التي تُقدِّم افتراضات حول المؤثرات القادمة التي تتضمن مسارات لتفسير وجمع المعلومات المتعلقة بالخطة للإجابة عن السؤال: ما هي؟ وهو يشير أيضًا (مفهوم الخطة) إلى الطريقة التي يجري بها تركيب ذاكرة الإنسان نفسيًّا وكيف يتيح هذا التركيب التوصل إلى السلوك الشخصي والاجتماعي، كما فسَّر ذلك الباحثان، ملفين ديفلير وساندرا بول روكيتش، في كتابهما: “نظريات وسائل الإعلام”. وفي حالة الأزمة الأوكرانية-الروسية، فإن المؤثرات القادمة والإجابة عن السؤال: ما هي؟ تتمثَّل في الهجوم الروسي الوشيك على أوكرانيا، لذلك تحاول السردية التي أنتجها المسؤولون الأميركيون والأوروبيون أن تُقدِّم معرفة عامة عن منطقة التأثير ومصدر التوتر والنزاع والقلاقل، وتوفر أيضًا جزءًا مهمًّا عن تطورات الوضع باتجاه خلق انطباعات معينة لدى الرأي العام المحلي والدولي، وتشكيل السلوك الشخصي والاجتماعي للجمهور/المتلقي.

وفي هذه السردية -إذا أضفنا إليها الاعتراض على الاعتراف الروسي باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك- تَظْهَر روسيا باعتبارها دولة تنتهك القانون الدولي، وتهدد السلم والأمن العالميين من خلال محاولة انتهاكها لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها. وهو ما أشار إليه أيضًا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي اعتبر الاعتراف إجراء انفراديًّا يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة، ولا يتسق مع إعلان العلاقات الودية الصادر عن الجمعية العامة، لافتًا إلى أن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة “ليست قائمة طعام انتقائية”، و”لا يمكن تطبيقها بشكل انتقائي: قبلتها الدول الأعضاء جميعًا ويجب عليها تطبيقها جميعًا”.

ويُبيِّن ذلك أبعاد الصورة الذهنية التي شكَّلتها السردية الأميركية-الأوروبية عن روسيا في بعدها السياسي؛ حيث تبدو دولة لا تلتزم بالتعايش السلمي والعلاقات الدولية الطبيعية في سياستها الخارجية، بل تسعى إلى الهيمنة والتوسع ونشر الفوضى والقلاقل وفرض إرادتها السياسية ليس فقط في دول الجوار، ولكن أيضًا في مناطق مختلفة من العالم عبر وجودها العسكري ونشر قوات فاغنر الخاصة لدعم مصالحها في تلك المناطق والدول. أما في البعد القانوني، فإن روسيا -بحسب هذه السردية- تحوَّلت إلى “دولة مارقة” خارج القانون، ومنتهكة للمواثيق الدولية والمعاهدات والاتفاقيات، مثل اتفاقية مينسك التي وقَّعها ممثلون عن الحكومة الروسية والأوكرانية، والقوات الانفصالية في إقليمي دونيتسك ولوغانسك، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بهدف إنهاء الحرب بمنطقة دونباس شرق أوكرانيا. ويبدو أن تطورات الأزمة الأوكرانية-الروسية التي انزلقت إلى الحرب، أو ما أسمتها روسيا بـ”العملية العسكرية الخاصة بمنطقة دونباس” والهجمات التي تشنُّها في عدد من المناطق الأوكرانية، يوم الخميس 24 فبراير/شباط، قد تعزِّز أبعاد هذه الصورة الذهنية التي حاولت السردية الأميركية-الأوروبية رسمها عن روسيا. وربما تساعد هذه الخطة في “اصطناع” واقع جيوسياسي جديد، وتنفيذ السياسات التي ترتِّب لها أميركا والغرب عمومًا في مرحلة لاحقة من توسع الهجوم أو “العمليات العسكرية الخاصة” في أوكرانيا.

 وهنا، تحرص السردية التي أنتجها المسؤولون الأميركيون والأوروبيون على إبراز الذات الأميركية-الأوروبية باعتبارها قوة تحرير وحماية لاستقلال الدول وفرض سيادتها الوطنية على أراضيها. كما تبدو هذه الذات (النحن/ الأميركي-الأوروبي) قوةً مناصرةً للحق والحقوق، وقوةَ إسنادٍ ودعم ضد الآخر (الهُمْ/الروس والانفصاليون)، الذي يمثُّل قوة للهيمنة والسيطرة والغزو ومهددًا لوحدة الكيان السياسي لأوكرانيا، عبر تزويدها بالمساعدات العسكرية والأسلحة المتطورة لمواجهة الاجتياح الروسي لأراضيها وأقاليمها ومقاومة الاعتداء على سيادتها الوطنية. كما يقدِّم السرد السياسي هذه الذات (الأميركية-الأوروبية) بوصفها صانعًا وحارسًا للأمن والسلام العالميين، وإن كان البعض يرى في ذلك سياسة ممنهجة تهدف لبناء استراتيجية طويلة الأمد لحصار روسيا وفرض العقوبات الاقتصادية عليها من أجل تبرير التدخل الغربي والأمني والعسكري في شرق أوروبا على مقربة من الحدود الروسية.

وقد ركَّز السرد السياسي والإعلامي، في ضوء تطور النزاع السياسي والتوتر العسكري، على انتقاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وسياسته التي اعتبرها البعض اختيارًا لـ”الحرب ضد أوكرانيا”، بل “حرب بوتين الأبدية التي سيخوضها طالما ظل سيد الكرملين”، كما تمثِّل إعلانًا أيضًا لـ”الحرب على النظام الدولي الذي ظهر قبل ثلاثين عامًا الماضية”. ولا تتردد هذه السردية في وصف بوتين بـ”المرشد الأعلى للكرملين الذي يملك الحق في الحكم على الدولة ذات السيادة”، ويقدِّم نفسه نبيًّا روسيًّا محاصَرًا يجب عليه تقويض الخطط الشريرة المرسومة ضد شعبه، ولا تختلف مزاعم بوتين عن محاولة صدام حسين إعادة كتابة تاريخ الشرق الأوسط عندما حاول محو الكويت من الخريطة.

التذبذب والتحوير في السردية الروسية

كان السرد السياسي والإعلامي الروسي دائمًا في حالة ردِّ الفعل على السردية الأميركية-الأوروبية سواء من قِبَل المسؤولين السياسيين والدبلوماسيين الروس أو الإعلام المحلي الروسي. وتقدِّم تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، ملمحًا لطبيعية الرواية الروسية التي ظلت تنفي خطط بلادها لمهاجمة أوكرانيا، وتؤكد أن تحركات القوات العسكرية تجري داخل الحدود الروسية ولا تهدد أحدًا وتندرج في إطار الشأن الداخلي الروسي. وحمَّلت زاخاروفا الغرب المسؤولية عن تأجيج ما أسمتها بـ”الهستيريا” حول الهجوم الوشيك.

وأمام الشكوك المتزايدة تجاه نوايا موسكو بشأن الغزو المرتقب، الذي كانت تبشِّر به الرواية الأميركية-الأوروبية، صرَّح نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، بأن الغرب مصاب بمرض “البارانويا” أو “جنون الارتياب” بسبب مخاوفه وشكوكه المتعلقة باحتشاد الجنود الروس على حدود أوكرانيا.

وهنا، نلاحظ أن البنية السردية الروسية اعتراها بعض التذبذب، وتمسكت لبعض الوقت بنفي الهجوم الوشيك على أوكرانيا، ومثَّل ذلك بؤرة السرد السياسي للمسؤولين الروس في مواقعهم المختلفة السياسية والدبلوماسية والأمنية/العسكرية. وكانت الرواية الروسية قد بدأت بالحديث عن الضمانات الأمنية التي تطالب بها روسيا حلف الناتو لإنهاء النزاع السياسي والتوتر العسكري في المنطقة، ثم ركزت في مرحلة لاحقة على البعد القومي لحماية المواطنين الروس والأشخاص الذين يتعرضون للإبادة في منطقة دونباس، ثم درء خطر التهديد الأمني من خلال الحيلولة دون امتلاك كييف لأسلحة نووية.

ولذلك ظلت الرواية الروسية تمضي في اتجاه رد الفعل حتى بعد إعلان الرئيس، فلاديمير بوتين، عملياته العسكرية في دونيتسك ولوغانسك؛ حيث برر قراره بموجب الاتفاقيات المبرمة بين موسكو وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وتستهدف حماية المدنيين الناطقين بالروسية مما وصفها بالإبادة الجماعية التي يتعرضون لها منذ 8 سنوات. وأضاف بوتين أن العملية تأتي أيضًا لحماية روسيا من التهديدات التي تستهدف أمنها، ومن ضمنها سعي كييف لامتلاك سلاح نووي، مؤكدًا أن بلاده لن تسمح لأوكرانيا بحيازة هذا السلاح. وأوضح أن بلاده تسعى من خلال العملية إلى نزع سلاح أوكرانيا وتخليصها ممن وصفهم بـ”النازيين الجدد”، نافيًا وجود خطط لاحتلال الجارة الغربية لروسيا، داعيًا العسكريين الأوكرانيين إلى إلقاء السلاح والعودة لبيوتهم. وهدَّد بوتين بأن بلاده سترد على الفور في حالة حدوث تدخل أجنبي في الصراع الحالي، محذِّرًا من أن تداعيات ذلك ستكون غير مسبوقة.

خلاصة

يشير التطور المتسارع للأحداث في الأزمة الأوكرانية-الروسية وتداعياتها الإقليمية والدولية، وكذلك تطور الصراع الرمزي والسرديات المتضادة، إلى عمق الأزمة وحدَّتها غير المسبوقة بين روسيا وأوكرانيا من جهة، والولايات المتحدة والقوى الغربية عمومًا من جهة ثانية. وهو ما يوضح أن جزءًا من الأزمة وربما تطور مساراتها هو في الأصل ناشئ عن صراع السرد السياسي والإعلامي الذي يحدد الخطط وينشئ المعاني ويكون مسؤولًا عن تركيب دلالات الأحداث والوقائع. وعلى الرغم من دور السرد السياسي والإعلامي في مثل هذه النزاعات والصراعات؛ حيث إن أزمات كثيرة كان مصدرها اصطناع روايات ملفقة، إلا أن تطورات الأحداث والوقائع قد تتجاوز أحيانًا السرديات فتضمحل أطروحاتها، ومن ثم تأثيرها في خلق انطباعات معينة لدى الرأي العام المحلي والدولي، وتشكيل السلوك الشخصي والاجتماعي للجمهور/المتلقي. وبذلك تكون الوقائع والأحداث على الأرض ورسم الخرائط الجغرافية اختبارًا للنوايا وشاهدة على الأهداف الحقيقية للفاعلين في تلك الأزمات فتتراجع السرديات والروايات ولا تتواءم مع تطور الأحداث وصيرورتها.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M