يخوض فصيلان متناحران صراعا في السودان منذ أسبوعين وسط مؤشرات على أنه لا يمكن لأي منهما أن يحقق نصرا حاسما، مما يثير المخاوف من أن تؤدي حرب طويلة الأمد بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية والجيش النظامي المجهز تجهيزا أفضل إلى زعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل.
ورغم سقوط مئات القتلى وتحول العاصمة الخرطوم إلى منطقة حرب، لا توجد مؤشرات تذكر على إمكانية التوصل إلى تسوية بين قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
ويبذل وسطاء أجانب جهودا حثيثة لوقف الانزلاق إلى الحرب. وأدى القصف المدفعي والضربات الجوية في الخرطوم والصراع في أماكن أخرى، مثل منطقة دارفور الغربية، إلى تقويض عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار توسطت فيها الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس إلى وجود مؤشرات على مزيد من الانفتاح على التفاوض، لكنه قال إن الخرطوم شهدت تجدد القتال.
وأعلن حميدتي والبرهان استبعادهما فكرة التفاوض مع بعضهما في تصريحات علنية منذ بدء القتال.
ولم يرد أحد مساعدي حميدتي على أسئلة من رويترز بشأن استعداده للتفاوض أو إجراء محادثات سلام. وقال حميدتي الذي وصف البرهان بأنه “مجرم” في 20 أبريل نيسان إنه لن يجلس معه.
وأشار أحد مساعدي البرهان، عند طرح السؤال نفسه عليه، إلى تصريحات أدلى بها قائد الجيش لقناة الحرة هذا الأسبوع والتي قال فيها إنه لن يجلس مع “قائد التمرد”، في إشارة إلى حميدتي.
وستكون مخاطر الصراع وخيمة بالنسبة للسودان والدول السبع المجاورة له والتي قد يتزعزع استقرارها بسبب الصراع في بلد له تاريخ من الحروب الأهلية، ومنها الحرب التي استمرت عقودا وانتهت بانفصال جنوب السودان في 2011.
ورغم ما يمتلكه الجيش من طائرات مقاتلة ودبابات، فإنه لم يتمكن حتى الآن من طرد مقاتلي الدعم السريع من الخرطوم التي نجت من أعمال العنف في الحروب الأهلية السابقة في السودان.
ويتجلى ذلك في معركة طويلة للسيطرة على العاصمة الواقعة على نهر النيل. وقال الجيش إن مقاتلي الدعم السريع على وشك الهزيمة، لكن دبلوماسيا غربيا قال إن قوات الدعم السريع لها اليد العليا.
وفر الكثير من المدنيين من العاصمة إلى مناطق أكثر أمانا. ووصف السكان الوضع بأنه يشهد حالة من الانهيار السريع في ظل انتشار العصابات واللصوص في الشوارع الخالية وتعرض الأحياء لضربات جوية وقصف مدفعي ونفاد الطعام والوقود.
وحتى لو تمكن الجيش من الانتصار في الخرطوم، يشعر المحللون بالقلق من أن يتحول الأمر إلى حروب داخلية كما هو المعتاد، مما يضع الجيش الوطني الذي تديره نخبة قوية في العاصمة في مواجهة السكان الغاضبين المنحدرين من مناطق تعاني التهميش، مثل دارفور، المنطقة التي ظهر فيها حميدتي وقوات الدعم السريع لأول مرة كقوة مقاتلة.
ووصف دبلوماسي إقليمي بارز الوضع بأنه “مرعب”.
وقال الدبلوماسي “سنشهد الكثير من الانقسام” معبرا عن قلقه من تجدد الصراع بين مركز الحكم في الخرطوم والمناطق النائية في بلد يبلغ تعداده 46 مليون نسمة.
لا توجد سيناريوهات جيدة
تصاعد التوتر منذ أشهر بين حميدتي والبرهان حول كيفية دمج قوات الدعم السريع البالغ عددها نحو مئة ألف في الجيش السوداني بموجب اتفاق إطاري مدعوم دوليا يفضي لتشكيل حكومة مدنية، وبشأن التسلسل القيادي في الفترة التي تسبق الانتخابات.
كان حميدتي، وهو قائد ميليشيا سابق في دارفور، من أتباع الرئيس السابق عمر البشير ومنفذا لأوامره، وأثري من تجارة الذهب.
وشغل حميدتي منصب نائب البرهان في مجلس السيادة بالسودان بعد الإطاحة بالبشير وأصر على أن دمج قوات الدعم السريع يجب أن يجري على مدى عشر سنوات، بما يتماشى مع بنود اتفاق إطاري للخطة الانتقالية، حسبما ذكرت عدة مصادر مطلعة على المحادثات، بينما أراد الجيش إطارا زمنيا أقصر بكثير.
وقال الدبلوماسي الغربي إن الوسطاء سعوا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار و”استقرار الوضع بهذه الطريقة، بدلا من التوصل إلى نوع من اتفاق سلام كبير” الأمر الذي يبرز صعوبة إقرار السلام في المستقبل.
وتساءل “ما الذي سيتحدثان عنه ولم يكن مطروحا على الطاولة قبل بدء الصراع؟”، مضيفا أنه لا يمكن لأي من الجانبين تحقيق نصر عسكري حاسم أو السيطرة على جميع أراضي السودان.
وقال أحمد سليمان من مركز تشاتام هاوس البحثي في لندن إنه توقع “سيناريو سيئا للغاية في كلتا الحالتين مع وجود احتمال ضئيل لإيجاد حل قصير الأجل من شأنه إيقاف القتال بشكل دائم”.
وأضاف سليمان “قوات الدعم السريع متمرسة على القتال باستخدام أساليب حرب العصابات في المناطق الحضرية، بينما تملك القوات المسلحة السودانية القوة الجوية والدبابات وإمكانات لوجستية أفضل”.
وتابع أن الجيش يحاول على ما يبدو ملاحقة حميدتي على أمل توجيه ضربة قاصمة لقوات الدعم السريع.
وأردف “ربما يكونون بمرور الوقت قادرين على طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم … إن نجح ذلك السيناريو، فسيزداد التنافس في إقليم دارفور وهو أمر بدأنا في رؤية آثاره”.
ضغوط أجنبية
من شأن العنف أن يقضي على العملية السياسية إلى الأبد، وهي عملية كان من المفترض أن ترسي أسس الديمقراطية في السودان بعد الإطاحة بعمر البشير وقاعدته السياسية الإسلامية في 2019 بعدما أمضى ثلاثة عقود في السلطة.
ويساور القلق السودانيين الذين ناضلوا من أجل الحكم المدني من عودة العهد الماضي وأن تتيح الفوضى للجيش إحكام قبضته على السلطة إلى جانب عودة أفراد من حكومة البشير إلى السلطة.
ووصف مسؤول بالحكومة السودانية الصراع بأنه بين جيش شرعي وميليشيا متمردة لا بد أن تستسلم ولا يمكن التفاوض معها، مرددا بيانات الجيش.
وتصور قوات الدعم السريع، التي تملك قواعد في أنحاء السودان، أفراد الجيش بأنهم “متطرفون”، وهي إشارة واضحة إلى النفوذ الذي يقول حميدتي إن الإسلاميين يتمتعون به في الجيش.
ويعتقد المحللون أن القوى الأجنبية التي تملك سطوة على كلا الطرفين من شأنها أن تضع مزيدا من الضغوط عليهما لوقف التصعيد، وأبرز هذه القوى هي مصر التي تربطها علاقات وثيقة بالجيش ودول الخليج الملحوظ تأثيرها على حميدتي.
وقالت المؤرخة ويلو بيريدج “ستزيد فرص وقف إطلاق النار بشكل دائم إن أمكن جعل الطرفين يدركان أنهما لن يجنيا شيئا من هذا الصراع”، مضيفة أن القوى الإقليمية ربما تؤدي دورا في إقناعهما.
وقالت وزارة الصحة إن 528 شخصا على الأقل قُتلوا وأصيب 4599 آخرون. وأعلنت الأمم المتحدة عددا مماثلا من القتلى لكنها تعتقد أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
وقالت الأمم المتحدة إن عدد النازحين بسبب القتال يتجاوز 75 ألفا.
ونفذت حكومات أجنبية عملية إجلاء كبيرة للرعايا برا وبحرا وجوا.
وقال رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك خلال مؤتمر في نيروبي إن الحرب يجب أن تتوقف محذرا من تداعياتها ليس فقط في السودان ولكن في المنطقة.
وقال “هذه دولة ضخمة ومتشعبة للغاية… أعتقد أنها (الحرب) ستكون كابوسا للعالم”.
وأضاف “هذه ليست حربا بين جيش وتمرد صغير. إنهما تقريبا مثل جيشين مدربين تدريبا جيدا ومسلحين بشكل جيد”.
لماذا فشلت جهود الوساطة؟
خشية من أن تتسبب عمليات الحشد التي قام بها الفصيلان العسكريان الغريمان في السودان في سفك الدماء، كانت مجموعة من الوسطاء تدفع باتجاه إجراء محادثات في اللحظات الأخيرة بين القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية الفريق أول محمد حمدان دقلو قبل أسبوعين.
لكن ثلاثة من الوسطاء السودانيين قالوا إن أقوى رجلين في البلاد لم يشاركا في الاجتماع الذي انعقد في مقر الرئاسة بوسط الخرطوم في الساعة العاشرة من صباح يوم 15 أبريل نيسان، وذلك في تفاصيل يُكشف عنها لأول مرة في هذا التقرير.
وبدلا من ذلك، اندلع القتال في أنحاء البلاد.
ولم تتمكن رويترز من تحديد من الذي أطلق الرصاصة الأولى، لكن العنف تصاعد بسرعة في أنحاء البلاد، وهو ما يوضح إلى أي مدى تفرقت السبل بالطرفين في الأسابيع التي سبقت استعدادهما لخوض حرب شاملة.
ومن خلال مقابلات مع حوالي 12 مصدرا في الجيش وقوات الدعم السريع ومع مسؤولين ودبلوماسيين، أعادت رويترز بناء عدة أحداث رئيسية في الفترة التي سبقت أعمال العنف وأودت حتى الآن بحياة ما لا يقل عن 512 شخصا، ودفعت عشرات الآلاف إلى الفرار وفاقمت من أزمة إنسانية خطيرة تشهدها البلاد بالفعل.
وقال دبلوماسي اطلع على الأمر واثنان من الوسطاء إن البرهان وحميدتي التقيا للمرة الأخيرة في الثامن من أبريل نيسان في مزرعة على مشارف الخرطوم، أي قبل أسبوع من اندلاع القتال.
وطلب البرهان خلال اللقاء انسحاب قوات الدعم السريع من مدينة الفاشر، التي تقع في إقليم دارفور بغرب السودان، معقل حميدتي، ووقف تدفقات قوات الدعم السريع إلى الخرطوم المستمرة منذ أسابيع.
وذكر الدبلوماسي والوسيطان أن حميدتي طلب بدوره سحب القوات المصرية من قاعدة جوية تسمى مروي خشية استخدام هذه القوات ضده. ومصر حليف وثيق للبرهان.
وقال الوسيطان إن الرجلين تحدثا أيضا على انفراد ووافقا على ما يبدو على خفض التصعيد. وكانت هناك نية لعقد لقاء آخر في اليوم التالي، لكنه لم يحدث.
وعلى مدى الأسبوع التالي وخلف الكواليس، كان كل منهما يستعد بقوة للأسوأ.
وتحدث مصدران عسكريان مع رويترز عن خطط لم يكشف عنها من قبل، وقالا إن القوات الجوية بقيادة البرهان كانت تدرس أماكن تجمع قوات الدعم السريع اعتمادا على إحداثيات قدمها الجيش. وأوضح المصدران نفسهما أن قوات الدعم السريع كانت في الوقت ذاته تنشر المزيد من المسلحين في سوبا ومعسكرات أخرى في أنحاء الخرطوم.
وذكر المصدران العسكريان أن القوات الجوية، التي تقصف مواقع في العاصمة منذ اندلاع القتال، ظلت تدرس أماكن معسكرات قوات الدعم السريع لأكثر من أسبوع قبل بدء المعارك. وقال المصدران نفسهما إن الجيش شكل أيضا لجنة صغيرة من كبار قادته للاستعداد لصراع محتمل مع قوات الدعم السريع.
وقال موسى خدام محمد مستشار حميدتي في مقابلة عبر الهاتف مع رويترز إن الطلقات الأولى في الحرب يوم السبت 15 أبريل نيسان أيقظت قوات الدعم السريع المتمركزة في سوبا.
وأضاف أن قوات الدعم السريع شاهدت قوات الجيش من خلف أسوار المعسكر وهي تنصب مدافع في المنطقة المحيطة به.
وقال “شعرنا إنه في قوة جات في نفس الموقع”، مضيفا أن قوات أخرى تجمعت حول مقر إقامة حميدتي في الخرطوم.
وسرعان ما تبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات علنا بإشعال العنف ومحاولة الاستيلاء على السلطة.
ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من الأحداث التي وصفها مستشار حميدتي.
وردا على أسئلة مكتوبة، قال المتحدث باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله إن الجيش كان يستعد للرد وليس لشن حرب بعد مؤشرات عن هجوم لقوات الدعم السريع.
وقال إن قوات الدعم السريع هي التي بدأت الهجوم وأسرت عدة جنود، مضيفا أن الجيش تحرك لصد الهجوم. وأشار إلى أن الجيش كان ينفذ حملته بموجب تسلسل قيادي واضح وأن قوات الدعم السريع أصبحت هدفا مشروعا للقوات الجوية بعد بدء القتال.
ولم يستجب مكتبا حميدتي والبرهان لطلبات إجراء مقابلات.
واتفق الجانبان على هدنة مؤقتة هذا الأسبوع بضغط من الولايات المتحدة والسعودية، اللتين تشعران مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالقلق من أن السودان قد يتفتت ويزعزع استقرار منطقة مضطربة بالفعل.
وسمح الهدوء للآلاف من سكان الخرطوم والزوار الأجانب بالفرار من العاصمة. ورغم تمديد الهدنة في ساعة متأخرة من مساء يوم الخميس، هزت الضربات الجوية والقذائف المضادة للطائرات المدينة مرة أخرى.
الصراع على السلطة
كان حميدتي، وهو قائد ميليشيا سابق في دارفور، تابعا للرئيس السابق عمر البشير ومنفذا لأوامره، وتنعم بالثراء من تجارة الذهب.
ولم يكن على خلاف دائم مع البرهان ضابط الجيش المحترف.
وقاد كلاهما رجالا في دارفور حيث تسبب صراع تصاعد في عام 2003 ومستمر حتى الآن، رغم العديد من اتفاقيات السلام، في مقتل ما يصل إلى 300 ألف شخص وتشريد 2.7 مليون.
وشكل الرجلان، اللذان تقلدا أكبر منصبين في مجلس السيادة الحاكم بعدما أطاحت حركة احتجاجية بالبشير في عام 2019، جبهة موحدة في الغالب في اتفاق لتقاسم السلطة مع قوى الحرية والتغيير، وهو تحالف سياسي خرج من رحم الانتفاضة.
وخلال ذلك الوقت زادت قدرات قوات الدعم السريع وأصبحت قوة يقدر قوامها بنحو 100 ألف فرد. واكتسبت هذه القوة شبه العسكرية صفة رسمية في الدولة بموجب قانون أقره البرلمان في عهد البشير.
وفي أكتوبر تشرين الأول 2021، نفذ الرجلان انقلابا.
لكن حميدتي سرعان ما رأى أن الاستيلاء على السلطة كان خطأ مكن الموالين للبشير من استعادة بعض النفوذ، وذلك حسبما قال في خطابات ومقابلات تلفزيونية. وأدى الانقلاب إلى خروج احتجاجات حاشدة كل أسبوع في الشوارع وأوقف الانفتاح المؤقت لاقتصاد السودان المتعثر.
وبينما راهن حميدتي على اتفاق إطاري مدعوم دوليا لتشكيل حكومة مدنية كان من الواضح أنه يتطلع من خلاله إلى لعب دور سياسي في المستقبل، توترت العلاقات بسبب تسلسل القيادة في المرحلة الانتقالية الجديدة وخطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.
وفي إطار الاستعداد للقتال، أصر حميدتي على أن دمج قوات الدعم السريع يجب أن يجري على مدى يتجاوز العشر سنوات، بما يتماشى مع بنود الاتفاق الإطاري للخطة الانتقالية الموقع في ديسمبر كانون الأول، حسبما ذكرت عدة مصادر سودانية ودبلوماسية مطلعة على المحادثات.
لكن الجيش كان يضغط من أجل مدى زمني أقل. وضغط الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، النائب الصارم للبرهان داخل الجيش، من أجل تنفيذ الدمج على مدى عامين فقط.
ولم يتسن لرويترز الوصول إلى الكباشي للتعليق.
وقال دبلوماسي كبير شارك في جهود الوساطة في الأسابيع الأخيرة قبل اندلاع القتال إن فرصة كانت سانحة على ما يبدو للتوصل إلى اتفاق بين البرهان وحميدتي، لكن قائد قوات الدعم السريع كان ساخطا.
وقال “كان هناك الكثير من الغضب والإحباط والحديث عن أنه ‘أنا الشخص الوحيد الذي يحمي التحول الديمقراطي‘”.
وأضاف أن قائد الجيش كان يصر على ضرورة أن يرفع حميدتي إليه التقارير، بينما كان حميدتي يقول إن البرلمان المنتخب وحده هو الذي يملك سلطة تحديد تسلسل القيادة. وذكر الدبلوماسي البارز أن أيا منهما لم يرغب في تقديم تنازلات.
من دارفور إلى السلطة
ردد موسى خدام محمد مستشار حميدتي تصريحات أدلى بها علنا كل من قائد قوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير بأن هناك طرفا ثالثا يلعب على الأرض، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الجيش والقوات شبه العسكرية.
وقال المستشار “في قوة داخل الجيش رافضة مسألة التحول الديمقراطي”، مضيفا أن مخابرات قوات الدعم السريع راقبت اجتماعات حلفاء للبشير يعارضون عملية الانتقال.
وذكر المستشار وقوى الحرية والتغيير أن هذه الكتلة تتألف من أنصار للبشير ومن بينهم إسلاميون. وعادت القوات الموالية للبشير للظهور مرة أخرى بعد انقلاب 2021. وعارضت علنا الاتفاق الإطاري المبرم في ديسمبر كانون الأول، وهو الاتفاق الذي كان يهدف إلى التمهيد لإجراء انتخابات والتحول للحكم المدني.
وقال خالد عمر يوسف الوزير السابق والعضو البارز في قوى الحرية والتغيير لرويترز “هدد الاتفاق المساحة التي وجدها عناصر النظام البائد بعد انقلاب 25 أكتوبر، لذا فقد أججوا الصراع بين القوات المسلحة والدعم السريع ويعملون الآن على استمراره بعد اندلاع الحرب”.
واتهم أعضاء في قوى الحرية والتغيير المجموعة الموالية للبشير بنشر الشائعات وممارسة ضغوط داخل الجيش.
ولم يرد ممثلو حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه البشير على اتصالات هاتفية للتعليق.
والبشير مسجون منذ الإطاحة به، لكنه يقضي بعض الأوقات في المستشفى. وأدين بتهم فساد ويحاكم الآن بتهم قيادة انقلاب عام 1989 أوصله إلى السلطة.
وقال الجيش إن البشير نُقل قبل اندلاع أعمال العنف من سجن كوبر مترامي الأطراف إلى مستشفى عسكري مع خمسة من كبار الموالين له، من بينهم مسؤول سابق تتهمه المحكمة الجنائية الدولية مثل البشير بارتكاب جرائم حرب.
وهاجم أنصار للبشير قبل أيام من اندلاع القتال مجموعات مؤيدة للديمقراطية بالقرب من السجن. وفي مطلع الأسبوع الجاري، خرج آلاف النزلاء من السجون في ظروف غامضة.
وكان من بينهم وزير سابق في حكومة البشير مطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، وكذلك أعضاء كبار آخرون في حزبه.
وعاد محمد طاهر إيلا، الذي كان رئيسا للوزراء وقت سقوط البشير ووصف من قبل بأنه رئيس مستقبلي محتمل، للظهور علنا في الآونة الأخيرة بعد أن ظل بعيدا عن الأنظار لعدة سنوات.
وفي تجمع مع أنصاره قبل أيام قليلة من بدء القتال، بعث برسالة ملتهبة وتعهد بتقديم “الشهيد تلو الشهيد” للدفاع عن أرض السودان ودينه.
ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى إيلا أو البشير، أو إثبات ما إذا كان لهما أي دور في انهيار خطة المرحلة الانتقالية أو في الصراع.
وقال إيلا في لقطات مصورة للاجتماع اطلعت عليها رويترز “لا مكان فيه (السودان) للإطارية ولا لغيرها”.
وأضاف “نحن أقدر من الأمس أن نحمل السلاح وأن نأخذ حقنا بأيدينا”.
.
رابط المصدر: