وَرَثَ الاقتصاد التركي عبئاً ثقيلاً من العام 2022 الذي كان الأسوأ في تاريخ تركيا، سواء في معدل التضخم وتراجع احتياطات الدولار أو في زيادة الدَّين الخارجي المستحق خلال اثني عشر شهراً والعجز في ميزان التجارة الخارجية. يضاف إلى كل ذلك السياسة الاقتصادية “المؤقتة” التي اعتمدتها الحكومة من أجل العبور إلى موعد الانتخابات في صيف العام الجاري، والتي زادت العبء على الموازنة العامة، مع انتهاج سياسة التوسع النقدي قبل الانتخابات. ليأتي بعد كل ذلك زلزال كهرمان مرعش الذي ستكون له أعباء كبيرة على ميزانية تركيا وأداء اقتصادها المتراجع.
نظرة سريعة على أداء الاقتصاد التركي خلال عام 2022
لا تزال أزمة الدولار الأزمة الأكبر في تركيا منذ العام الماضي حتى الآن، وأخطارها في ازدياد، وارتفع الدَّين الخارجي المستحق السداد خلال 12 شهراً إلى رقم قياسي بلغ 189 مليار دولار، وذلك على الرغم من سداد البنوك التركية قدراً أكبر هذا العام من ديونها الخارجية السنوية. واختتم جانب التجارة الخارجية عام 2022 بعجز قياسي جديد بلغ 109.5 مليار دولار، بالرغم من حصول تركيا على رقم قياسي كبير في موارد السياحة والتي بلغت 46.3 مليار دولار. واللافت أن أرقام السياحة هذه ارتفعت لأسباب إضافية أهمها الحرب في أوكرانيا التي جلبت مزيداً من السياح والمقيمين الأجانب من روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى زيادة عدد الزوار من المغتربين الأتراك في الخارج الذين جذبهم تراجع سعر الليرة التركية، كما أدى تراجع سعر الليرة إلى انتعاش التجارة عبر الحدود بفضل الزيارات اليومية للجيران عبر الحدود في جنوب شرقي تركيا من العراق، وفي غرب تركيا من بلغاريا واليونان ورومانيا، للاستفادة من شراء السلع التركية بأسعار أرخص.
وعلى رغم انهيار سعر الليرة فإن الاستثمارات الخارجية لم تُحقق المستوى المطلوب، إذ بلغت نسبة مشاركة الأجانب في شراء الأسهم نحو 30% فقط من البورصة التركية، و1% فقط من السندات الحكومية التركية. فيما ارتفعت واردات تركيا من الذهب الخالص إلى 19.4 مليار دولار بسبب زيادة الطلب الداخلي عليه كوسيلة للتحوط والحفاظ على قيمة المدخرات.
وبعد أن بلغت واردات تركيا من الطاقة نحو 96 مليار دولار، أنقذت موسكو أنقرة بتأجيل مستحقاتها من بيع النفط والغاز إلى تركيا لعامين آخرين، وهو ما قد يوفر على تركيا خلال عام 2023 جزءاً مهماً من مدفوعاتها الدولارية للخارج. فيما أنقذت الدول الخليجية الحكومة التركية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي مع شراء سنداتها الإسلامية بقيمة 8.75 مليار دولار، مما أمّن دخلاً دولارياً مهماً في وقت صعب.
وفيما اعتادت البنوك على تدوير نحو 90% من ديونها الخارجية سابقاً، إلا أنها خلال عام 2022 دفعت نحو 305 ملايين دولار من ديونها الخارجية خشية ارتفاعات أكثر في سعر الدولار مقابل الليرة، وبالتالي أعادت تدوير ثلثي ديونها الخارجية ولو بأسعار فائدة أعلى. كما تراجعت الاحتياطات النقدية من الدولار في البنك المركزي لدرجة حرجة، وتشير أرقام البنك المركزي إلى وجود نحو 130 مليار دولار في احتياطاتها الأجنبية والذهب، لكن إذا حُذِفَ مبالغ التبادل النقدي SWAP أو الديون فإن هذا الرقم يهبط إلى سالب 46 مليار دولار، فيما يقول محللون إن ما بقي من سيولة دولارية في البنك المركزي لا تتجاوز 26 مليار دولار فقط، وفي حال تراجَع هذا الرقم إلى أقل من 10 مليارات دولار –بسبب تدخلات البنك المركزي وبيع الدولار لدعم سعر الليرة التركية– فإن حالة من الفزع ستصيب الأسواق والبنوك في تركيا. كما بقيت أرقام التأمين على الديون الخارجية لتركيا (CDS) مرتفعة نهاية العام الماضي بواقع 540 نقطة (تراجع من 900 نقطة منتصف العام الماضي)، مما يزيد من صعوبة تأمين ديون خارجية جديدة.
كل هذه الأرقام السلبية للاقتصاد التركي تحققت رغم الاستفادة القصوى لتركيا من الأزمة الأوكرانية، سواء بتأجيل مدفوعات واردات النفط والغاز من روسيا، أو الحصول على نحو 7 مليارات دولار نقدية من روسيا لشراء حصة تركيا في محطة أكيو النووية جنوب تركيا، أو الاستفادة من أموال اللاجئين من روسيا وأوكرانيا إلى تركيا، فضلاً عن 24 مليار دولار دخلت تركيا العام الماضي من مصادر غير معروفة.
وفي نهاية العام الماضي أوقفت تركيا التعامل بنظام “مير” البنكي الروسي بضغط من واشنطن، كما أن الدعم المالي الموعود والمنتظر من قطر والسعودية لم يصل حتى لحظة كتابة هذه الورقة لأسباب غير واضحة. كما ارتفعت مدخرات المواطنين الأتراك في صندوق الحماية بالليرة التركية المربوط بالدولار إلى 77.5 مليار دولار. ومع عمل البنك المركزي على تثبيت سعر الليرة خلال الأشهر الستة الماضية، فقد تراجع الطلب على الادخار في هذا الصندوق، خصوصاً مع تراجع سعر الفائدة الرسمية في البنك المركزي إلى 9% فقط مقابل معدل تضخم بلغ 64%. وقد توجه الأتراك إلى الادخار من خلال شراء الذهب والعملات الرقمية وشراء العقارات، لكن ذلك وصل إلى حده الأقصى مع انهيار سوق العملات الرقمية مؤخراً، وارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير، وارتفاع نسب الفائدة على قروض تمويل العقارات. كما أن ظهور بعض عمليات الفساد في البورصة التركية، وتلاعب كبار المضاربين بأسعار عدد من الأسهم أدى إلى انسحابات كبيرة من البورصة.
كل هذه الأمور دفعت البنك المركزي إلى رفع يده عن سعر الفائدة في تركيا، فعلى الرغم من أن سعر الفائدة الرسمي هو 9% فقط، فإن البنك المركزي سمح للبنوك بتطبيق سعر فائدة بين 20%-30% بعد رفض البنوك منح القروض إلى المواطنين بسعر 9% الرسمي، مما أثّر سلباً في النمو التجاري. فيما ارتفعت نسبة الديون الحكومية بالدولار إلى نحو 65% من مجموع ديونها. كما شهد عام 2022 قرارات صعبة للبنك المركزي ووزارة المالية ضيقت على البنوك وتجّار التصدير والسياحة، إذ أجبرت شركات التصدير وشركات السياحة على بيع 70% من مداخيلها بالدولار إلى البنك المركزي وتحويلها إلى ليرة تركية، أي أن البنوك تصرف أي حوالة آتية من الخارج لهذه الشركات 70% بالليرة التركية و30% فقط بالدولار، مما يُضعف أداء هذه الشركات ويدفعها إلى شراء الدولار بسعر أعلى. كما ضغط البنك المركزي على الشركات التركية التي لديها ودائع بالدولار لبيع جزء من هذه الودائع للبنك المركزي إنْ هي أرادت الحصول على قروض تركية مخفضة الفائدة. كما ضغط البنك المركزي ووزارة الخزانة على البنوك التركية لشراء سندات بالليرة التركية بفائدة منخفضة قيمتها 9% فقط، بالرغم من أرقام التضخم المرتفعة، وساهم ذلك في تأمين جزء من السيولة للميزانية الحكومية.
لكن هذه الضغوط الحكومية كانت لها آثار جانبية سلبية على قطاع الأعمال، منها زيادة الشعور لدى رجال الأعمال والشركات بأن الحكومة تتراجع بالتدريج عن سياسة الاقتصاد الحر، وزيادة الغموض لفترة ما بعد الانتخابات وعدم وضوح السياسة الاقتصادية التي ستنتهجها الحكومة المقبلة، وأثر ذلك في سعر الليرة الذي قد يتراجع بشكل كبير، وهذا دفع كبرى الشركات إلى كبح الاستثمار وتوسيع العمل والإنتاج، على الرغم من خصول هذه الشركات على قروض مخفضة، لكنها لم تستخدمها لزيادة الإنتاج وانما للتحوط والادخار من أجل فترة ما بعد الانتخابات. لذا فإن مؤشر النمو الصناعي بدأ يتراجع، وكذلك الصادرات في الشهرين الأخيرين، لكن في المقابل فإن تدخلات البنك المركزي للحفاظ على سعر الليرة –وهو سعر أقوى من سعره الحقيقي، إذ إن سعر الليرة حالياً عند 19 ليرة للدولار في حين أن المحللين الاقتصاديين يؤكدون أن السعر الحقيقي لليرة يجب أن يكون حالياً 23 ليرة للدولار– زادت من الواردات في تركيا. وإنْ بقي الحال على ما هو عليه فإن سعر الليرة لن يكون جاذباً للسياح والمغتربين هذا الصيف، على عكس ما كان عليه الصيف الماضي، ما سيؤثر سلباً في واردات السياحة هذا العام، ناهيك بالتأثير النفسي السلبي المتوقع بسبب الزلزال. وعليه فإن أرقام البطالة في ارتفاع أيضاً، وبلغت نحو 21%.
ويُعد الغموض أكبر عدو للتجار الذين يشتكون من صعوبة تحديد الأسعار والتنبؤ بها مستقبلاً، لذا فإن التجار يعملون على تقديم مشترياتهم قبل زيادة أسعارها مجدداً، وخصوصاً المواد الخام، فيما يقومون بزيادة أسعار منتجاتهم بشكل شبه آلي، وهذا يضغط على معدل التضخم على الرغم من ثبات سعر الليرة. وتتوقع التحليلات الاقتصادية ألا يتراجع معدل التضخم عن 50% خلال عام 2023، فيما تشير أكثر التوقعات تفاؤلاً –والتي تراهن على فوز المعارضة في الانتخابات والحصول على دعم مالي غربي قوي- إلى أن التضخم لن يقل عن 30%. بينما أعلن البنك المركزي عن توقعه بخفض التضخم خلال عام 2023 إلى 23% فقط، علماً بأن أياً من توقعات البنك المركزي لم تتحقق خلال السنوات الثلاث الماضية.
الأزمة المقبلة بسبب الزلزال وتوابعه الاقتصادية
ضرب الزلزال 10 محافظات تركية في 6 فبراير الماضي، وتبلغ نسبة مساهمة هذه المحافظات في الإنتاج والدخل القومي السنوي نحو 9%، لكن التأثير الكبير للدمار في هذه المحافظات لن يكون بسبب تراجع مشاركتها في الإنتاج القومي وإنماً في تراجع نسبتها من الاستهلاك العام. وأهم مشاركة لهذه المناطق في الإنتاج هي في القطاع الزراعي الذي سيتأثر بسبب نزوح نحو 2.5 مليون مواطن من تلك المحافظات. وعلى الرغم من عدم تأثر السدود في تلك المناطق بالزلزال، إلا أن قنوات الري تأثرت، ومع تراجع نسب الزراعة هناك فإن توفير العلف والسماد سيتراجع أيضاً، وسيزيد الاعتماد على الاستيراد.
وحتى الآن تشير الإحصاءات إلى انهيار نحو 8000 مبنى بسبب الزلزال، ومتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 20 ألفاً، بضم المباني المتصدعة والمنازل في القرى والضواحي التي لم يشملها الإحصاء بعد. هذا بالإضافة إلى الأضرار التي أصابت البنية التحتية مثل الطرق ومطارَي هاتاي وإسكندرون وعدد من المستشفيات والمدارس المباني الحكومية. وحتى الآن لا توجد تقارير دقيقة عن حالة شبكات الكهرباء والري والغاز التي من المتوقع أنها أصيبت بأضرار كبيرة. ومن المتوقع أن يكلّف إصلاح البنية التحتية فقط الحكومة التركية نحو 10 مليارات دولار، هذا بالإضافة إلى مشروع إعادة الإعمار الذي وعد به الرئيس رجب طيب أردوغان، والذي يضاف إلى ميزانية الدعم المالي لنحو نصف مليون نازح لمدة 6 أشهر. فيما تشير تقارير البنك الدولي إلى أن تركيا بحاجة إلى نحو 450 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار وتقوية جميع المباني فيها المهددة بأي زلزال في جميع محافظاتها وليس المحافظات العشر فقط، بما يشمل إسطنبول المهددة بزلزال مماثل قبل عام 2030 وفق توقعات خبراء الجيولوجيا.
من غير المتوقع تعافي الاقتصاد المحلي في المحافظات العشر المتضررة قبل 6 أشهر على الأقل، وهذا سيصيب سلاسل الإنتاج في تركيا بتراجع مهم، وخصوصاً في القطاع الزراعي. وفيما بلغ معدل نمو تركيا ما بين 3-5% في السنوات الماضية، فإنه من غير المتوقع أن تشهد تركيا نمواً اقتصادياً هذا العام، إلا في حال احتساب مشاريع إعادة الإعمار التي لم يُعلن بعد عن كلفتها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن حكومة الرئيس أردوغان قد أدخلت تعديلات جديدة على قانون العطاءات العامة، بحيث يتحكم الرئيس أردوغان بمفرده في اختيار الشركات التي ستقوم بمشاريع رفع الأنقاض وإعادة الإعمار وفق أسعار يتفق عليها مع تلك الشركات التي سيختارها هو من دون أي مناقصات أو عطاءات، وهو أمر يثير رفض المعارضة التي تحذّر من تحول مشاريع إعادة الإعمار إلى حملة انتخابية للحكومة على حساب الانتباه إلى التدابير اللازمة من أجل ضمان سلامة المباني الجديدة، وكذلك حصول عمليات فساد في مشاريع الإعمار.
ومع نزوح ما بين 250 ألف و500 ألف شخص من محافظات الزلزال، فإنه من المتوقع ارتفاع أسعار الأراضي والشقق في مختلف المحافظات التي ستستقبل هؤلاء النازحين، ناهيك عن ارتفاع أسعار الإيجارات، وكل هذا سيضغط من جديد على التضخم المرتفع أصلاً في تركيا. وفي المقابل ستجد الحكومة صعوبة في تأمين ميزانية لإعادة الاعمار، لكن العنصر الجيد هنا أن الأموال المحلية بالليرة التركية يمكن استخدامها في المشروع، بسبب توافر الشركات ومواد البناء محلياً في تركيا دون الحاجة إلى الاستيراد وزيادة الضغط على طلب الدولار، وعليه فإن الحكومة ستبحث عن خيارات زيادة الاستدانة من الداخل والخارج، وستكون مضطرة لرفع الدعم تدريجياً عن سعر الليرة التركية مقابل الدولار، مع محاول تأجيل الكثير من ديونها المستحقة إلى ما بعد الانتخابات.
أما الوعود الدولية بالمساعدة في إعادة الإعمار والتبرع له، فإن هذه الأموال حتى لو بلغت 5 مليارات دولار (المتوقع أن تكون ما بين 1.5-5 مليار دولار) فإنها لن تُسلَّم للحكومة وإنما للمقاولين وفق المشروع مع المتابعة والرقابة، ولذا فإن الرئيس أردوغان مستعجل في حسم توزيع مشاريع إعادة الاعمار على الشركات التي سيختارها، والتي ستكون على الأغلب مملوكة لرجال أعمال مقربين منه.
وفق الأرقام الرسمية فإن نسبة الديون المعدَمة وغير القابلة للدفع للبنوك التركية محلياً تبلغ 2.1% من إجمالي الديون، وهو رقم تشكك فيه الكثير من التحليلات الاقتصادية المستقلة، لكن هذا الرقم سيزيد كثيراً في المحافظات المتأثرة بالزلزال مع توقف النشاط التجاري هناك، لكن وضع البنوك التركية يُمكّنها من تحمل هذه الخسارة وتعويضها حالياً. ومع تراجُع الطلب على أسهم البورصة فإن العودة إلى الطلب لشراء العقارات –المتوقع ارتفاع أسعارها بسبب الزلزال- والطلب على شراء الدولار سيزيد في الفترة المقبلة.
استنتاجات وتوقعات
- وفق التوقعات الحالية فإن عملية رفع الأنقاض وإعادة الإعمار بعد الزلزال ستكلّف تركيا ما بين 10-20 مليار دولار مبدئياً (180-360 مليار ليرة تركية)، وهي أموال تركية بالأساس لأن شركات المقاولات ستكون محلية ومواد البناء أيضاً، وعليه فإن هذا لن يشكل ضغطاً على وضع تركيا بالنسبة للنقد الأجنبي، لكنه سيشكل ضغطاً على موازنة الحكومة. وفي حال استطاعت الحكومة بناء جزء كبير من هذه المباني خلال العام الجاري (وفق الحكومة هو أمر تعهَّد به أردوغان، لكن وفق المعارضة هو أمر مستحيل ويشتمل على مخاطر كبيرة في جودة البناء)، فإن هذه العملية ستدفع النمو في تركيا في عام 2023 إلى نحو 2%، لكن هذا النمو سيكون مدفوعاً في الأساس بعمليات إعادة الإعمار وليس من خلال تنمية الصناعة أو التجارة، مما يعني أنه لن يسهم كثيراً في تحسين وضع البطالة أو الصادرات.
- ستستمر أزمة النقد الأجنبي وقد تشكل أزمة خلال شهر أبريل أو مايو المقبلين، ومع استمرار إصرار الحكومة الحالية على سياستها النقدية والاقتصادية فإنها ستلجأ إلى قرارات أقسى على البنوك والشركات للاستحواذ على أكبر قدر من مداخليها من العملة الصعبة، وهو ما سيحدّ من النشاط التجاري والإنتاج مع الشعور أكثر بعدم الوضوح في سياسة تركيا الاقتصادية للنصف الثاني من هذا العام، وتوجه الحكومة نحو التضييق أكثر على سياسة الاقتصاد الحر في تركيا.
- رغم ارتفاع نسبة الديون غير القابلة للسداد، فإن هذه ستكون بمنزلة المشكلة الثانية للبنوك التي بدأت تقلق من مشكلة اضطرارها لرفع الفائدة بشكل كبير في النصف الثاني من العام في حال تغيرت الحكومة الحالية أو في حال غيرت الحكومة الحالية -في حال استمرارها- سياساتها النقدية والمالية، بسبب تورط هذه البنوك –تحت ضغط من الحكومة– في توزيع جزء من قروضها بفائدة مخفضة، وخصوصاً الضغط عليها لشراء سندات حكومية بالليرة بفائدة قدرها 9% فقط.
- يتعين على الحكومة إيجاد مصادر مالية كبيرة من أجل الإنفاق الحكومي قبل الانتخابات المقررة في 14 مايو، ومن أجل مشاريع إعادة الإعمار، ولن تستطيع الحكومة رفع الضرائب قبل الانتخابات، لذا فإنها ستعتمد على الاقتراض من البنوك، وهنا ستكون المشكلة ربما في سعر الفائدة الذي ستفرضه الحكومة على هذه البنوك للاقتراض منها. ومع هذا التوسع في الإنفاق فإن السيطرة على التضخم ستكون صعبة، وعليه فإنه من المرجح أن يصل معدل التضخم في نهاية عام 2023 إلى 50%.
- ستفقد الليرة التركية المزيد من قيمتها تدريجياً، ووفق تقرير لبنك ستاندرد تشارترد فإنه في حال فازت المعارضة في الانتخابات فإن سعر الليرة قد لا يتجاوز 23 ليرة للدولار خلال 2023 في حال حصلت الحكومة الجديدة على الدعم الغربي في الاستثمار بعد العودة إلى السياسة الاقتصادية المتبعة عالمياً وترك النهج الاقتصادي الحالي القائم على خفض أسعار الفائدة. أما في حال فازت الحكومة الحالية بالانتخابات وأصرت على الاستمرار في نهجها الاقتصادي الحالي فإن سعر الليرة قد يصل إلى 36 ليرة للدولار.
- بالرغم من وجود فرصة لإعطاء شركات أجنبية جزءاً من مشاريع إعادة الإعمار وتحميل هذه الشركات النفقات إلى حين انتهاء المشاريع ومن ثم شراؤها منها، مما يفسح المجال لتأجيل مدفوعات هذه المشاريع إلى ما بعد الانتخابات، إلا أن الرئيس أردوغان يُصر على احتكار المشاريع من قبل الشركات المقربة منه، لأسباب مالية وسياسية، وهذا سيزيد الأعباء المالية على الحكومة.
- لن يساعد الوضع الحالي الحكومة على تأجيل الانتخابات، فإدارة الموارد ستشهد أزمة حقيقية، وأرقام التضخم لن يمكن السيطرة عليها، ناهيك عن اضطرار الحكومة للتخلي بالتدريج عن دعم سعر الليرة، فيما الصادرات في تراجع والواردات مستمرة.
.
رابط المصدر:
https://epc.ae/ar/details/featured/kayf-aththar-amila-alaintikhabat-walzilzal-fi-alaiqtisad-alturki