فايروس كورونا ونظرية المؤامرة

حاتم حميد محسن

عشرات الآلاف من الناس وقعوا مرضى، 2900 شخص ماتوا، الخوف انتشر أسرع من الفايروس ذاته. المصانع اُغلقت، الحركة في الطرقات توقفت، القرى عُزلت، الحياة في المدن شبه مشلولة. اندلاع فايروس كورونا 19 هو أسوأ ازمة سوسيوسياسية واجهها قادة الصين منذ قمع احتجاجات تينامين عام 1989. والأزمة لم تقتصر على الصين، الفايروس انتشر عبر الحدود وان ردود الفعل لذلك الانتشار ستكون لها تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي والسياسة والأمن والحوكمة.

الفايروس الجديد ترك الكثير من عدم الفهم. نحن لانزال ليس لدينا فكرة واضحة عن طريقة انتقاله وقدرته على العدوى. ليست لدينا فكرة واضحة عن فترة حضانة الفايروس والتي قد تستمر الى 24 يوم. نحن ايضا لا نعلم عن حالة المصابين قبل ان تظهر عليهم أعراض المرض ولماذا في بعض الحالات يصبح المصابون فجأة في وضع حاد. ايضا نحن لا نفهم لماذا بعض المرضى كانت نتيجة اختبارهم ايجابية في المرة الثانية حتى بعد شفائهم.

الشائعات تزدهر في أجواء الخوف واللاّيقين، وان تفشّي الفايروس يوفر الكثير منها. خلال اسابيع من الحالات المرضية، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي بأن الفايروس كان سلاحا بايولوجيا–اما صيني هرب من المختبرات في مقاطعة وهان الصينية او امريكي اُلقي به في وهان. ومع ان مثل هذه الشائعات غير موثوقة، باعتبار ان لا الولايات المتحدة ولا الصين لديهما الحافز لتطوير أسلحة بايولوجية، لكن مع ذلك يصعب ازالة تلك الشائعات، لأن المسؤولين العسكريين في كلا الجانبين لايزالون ينظرون بالشك لكل منهما في بناء برامج الأمن البايولوجي. الثغرات في تعليمات السلامة البايولوجية الصينية تسمح للشائعات في مزيد من الانتشار، كما ان فقدان الثقة بين الدولتين كما اتضح من رفض الصين زيارة الخبراء الامريكيين لـ وهان يُضعف الجهود لإحتواء انتشار الفايروس.

النظرية

منذ بداية تفشّي المرض، جرى إبلاغ الرأي العام بان المرض نشأ من تعرّض الانسان لفايروس حملته حيوانات برية. لكن المباغتة في ظهور الفايروس ترك ارضا خصبة للتكهن، وحالا بدأت مصادر الاون لاين ترسيخ الادّعاء بان الفايروس تمّت هندسته وراثيا. ورقة غير منشورة لعلماء هنود بدت تدعم هذه الفكرة عبر اقتراح ان السلسة البروتينية للفايروس تضمنت عناصر من HIV، الفايروس المسبب للايدز. ورغم ان المؤلفين سحبوا الورقة طوعا، لكن الارتباط المقترح جذب انتباه مواقع الكترونية مثل موقع زيرو هج Zero Hedge، الذي ادّعى ان الفايرس الجديد جرى توظيفه عسكريا من جانب العلماء الصينيين. اما (توم كوتن) السنتور الجمهوري لولاية اركاناس تحدّث الى محطة فوكس نيوز قائلا انه لا يمكن استبعاد نشوء الفايرس في مختبر بولاية وهان التي اُستخدمت للتعامل مع البكتريا المسببة للامراض. زيرو هج مُنعت من تويتر، لكن وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تزخر بالتخمينات بان الفايرس جرت هندسته من جانب الولايات المتحدة كعامل بايولوجي في الحرب ضد الصين. نظرية المؤامرة الشائعة على نطاق واسع ترى ان الجنود الامريكيين المشاركين في الألعاب العسكرية العالمية عام 2019 في وهان نشروا عمدا الفايرس في سوق المأكولات البحرية. جنرال عسكري دعا الى بناء قوة دفاع بايولوجية دائمة في الصين مؤكدا “ان نوعا جديدا من الحرب البايولوجية قادمة”.

التفشّي الحالي في الصين لم يكن الإشاعة الاولى عن هجوم سلاح بايولوجي. خلال وباء سارس عام 2002-2003، ادّعى عالم روسي ان الفايرس كان مزيجا من الحصبة والنكاف الذي يمكن عمله فقط في المختبر. العديد من الصينيين تأثروا بهذه الفكرة وتكهنوا ان سارس كان سلاحا وراثيا طورته الولايات المتحدة لإستهدافهم وحدهم. جريدة الشباب اليومية الصينية الرسمية المرتبطة بالمعهد الوطني للصحة موّلت دراسة وراثية في الصين لبرنامج الحرب الوراثية الامريكي. في الولايات المتحدة، اقترح خبير صيني ان الفايرس كان مرتبطا ببرنامج الحرب البايولوجية الصينية. مع ذلك، لم يكن سارس ابدا سلاحا وراثيا. طبقا للولايات المتحدة، فان مركز السيطرة ومنع الامراض وجد 166% هم من البيض و32% من الأسيويين.

التاريخ

ما هو احتمال ان تطوّر الولايات المتحدة او الصين سلاحا بايولوجيا مميتا؟ جولة في تاريخ مثل هذه الحرب ربما مفيدة. اثناء الحرب العالمية الثانية طورت الولايات المتحدة اسلحة بايولوجية لكنها لم تستخدمها ابدا. العوامل البايولوجية لها محدوديتها في ارض المعركة: انها لا تترك تأثيراتها مباشرة، وانها قد تصيب قوات الجانب المستخدم لها، كذلك انها ذات اضرار بيئية وحساسة للأرصاد الجوية وقد تلوث منطقة لفترة أطول من الحاجة. مع ذلك، استمرت الولايات المتحدة بتخزين وتطوير الاسلحة البايولوجية في فترة ما بعد الحرب.

البايولوجي (ماثيو ميسلسون) Matthew Meselson من جامعة هارفرد قاد حملة ناجحة ضد الاسلحة البايولوجية بدأت في الستينات. في عام 1969 تخلصت الولايات المتحدة من برنامج الاسلحة البايولوجية ولعبت دورا حيويا في مفاوضات ناجحة لمعاهدة دولية عُرفت بمعاهدة الاسلحة البايولوجية (BWC). المعاهدة تمنع تطوير وانتاج وتخزين العوامل البايولوجية والانظمة المتصلة بها الموجهة لاستعمالات عدائية. في توضيح القرار الامريكي، علّق الرئيس نيكسون عام 1970 بالقول “نحن لن نستخدم ابدا الجراثيم اللعينة، لذا ما فائدة الحرب البايولوجية كرادع؟ عندما يستخدم شخص ما الجراثيم ضدنا، نحن سنحطمه”. بالمقارنة مع الولايات المتحدة، جاءت الصين متأخرة الى اللعبة. الصين شعرت من المهم بناء خدمات بحثية مخصصة للحرب البايولوجية الدفاعية. في اغسطس 1951 أسس (بريماير زهو) اكاديمية للعلوم الطبية العسكرية AMMS لإجراء بحث في الدفاع البايولوجي ضد “اسلحة الحرب الخاصة”.

بما ان الصين لم تحز على السلاح النووي حتى منتصف الستينات، هي ربما حقا استطلعت تطوير اسلحة بايولوجية كسلاح الملاذ الاخير او كرادع ستراتيجي مشابه للسلاح النووي. ولكن في عام 1982، اكتسبت الصين ترسانة نووية انتقامية منيعة. وبعد سنتين، انضمت الصين الى BWC. التوقيت يشير الى ان الصين كما الولايات المتحدة وجدت ان السلاح النووي الرادع هو اكثر موثوقية وفعالية.

وفي اواسط الثمانينات حدث تحوّل في البرنامج القومي الصيني نحو التنمية الاقتصادية. حيث تضاءل تمويل العمليات البحثية في مجال الدفاع البايولوجي، وبدأت تطور منتجات لأغراض مدنية بدلا من العسكرية. اصبحت الـ AMMS شيئا مشابها لمؤسسة البحث الطبي العسكري للأمراض المعدية. انها طورت دواءً لمكافحة الملاريا وسجلت براءات اختراع في اكثر من 50 دولة. خلال عام 2014 ومع تفشّي فايرس ايبولا، تعاونت AMMS مع شركات الادوية الصينية لتطوير نوعين من الدواء لمعالجة المرض المميت.

عدم الثقة وسوء الفهم

كل من الصين والولايات المتحدة طرفان في BWC لكنهما لايزالان ينظران الى بعضهما بالريبة والشك. تقارير الحكومة الامريكية السابقة ادّعت ان الصين استمرت بامتلاك “قدرات بايولوجية حربية خطيرة مرتكزة على التكنلوجيا المطورة قبل انضمامها الى BWC”. وطبقا لمسؤول سابق في وزارة الدفاع الامريكية، انه خلال التسعينات صنعت الصين وسلّحت انواع واسعة من السموم والكائنات الدقيقة، وامتلكت نطاقا واسعا من وسائل التسليح بما فيها الصواريخ البالستية وصواريخ كروز. ورغم ان هذه التقارير والاتهامات لم تتأكد بدليل من مصدر واضح، لكن المنشورات الرسمية الصينية فعلا تشير الى فعالية بحثية متصلة بحرب بايولوجية منظّمة ودائمة. المصادر الرسمية أبلغت بانه في التسعينات استخدم العلماء الصينيون أتربة نادرة كوسيط لزرع داء البروسيلات الحيواني والذي اُعتبر تقليديا عاملا بايولوجيا مناسبا للاستخدام العسكري.

العديد من الناس في الصين ايضا يعتبرون الولايات المتحدة كتهديد بايولوجي محتمل. وبعد تفشّي سارس في 2002-2003، روّج بعض الخبراء العسكريين الصينيين لسيناريو الأعداء وهم ينشرون سارس الغير معروف كفايرس في بكين اثناء غارة جوية. ومع ملاحظة ان الولايات المتحدة طورت مضاد حيوي مقاوم للجمرة الخبيثة، أدرك أحد كبار الخبراء الصينيين العسكريين ان واشنطن سلّحت سارس وانفلونزا الطيور. في عام 2001، رفضت ادارة جورج بوش بروتوكول مقترح الى BWC باعتباره غير كاف لأغراضها. ذلك الرفض اقنع بعض الخبراء الصينيين بان الولايات المتحدة جددت اهتمامها بتطوير الاسلحة البايولوجية. في عام 2007، نشر الباحثون العسكريون الصينيون مقالا يتّهم الولايات المتحدة “باستخدام تكنلوجيا جديدة لتطوير سلاح بايولوجي جديد” ويدّعون انه من “المحتمل جدا” ان تكون جراثيم انثراكس في هجوم عام 2001 على مكتب السانتور الديمقراطي جاءت من المختبرات العسكرية الامريكية. هذه الشكوك توضح لماذا قامت الحكومة الصينية لاحقا بتشديد التعليمات على الاجانب الذين يستخدمون مواد وراثية انسانية وجعلت من الصعب نقل المواد الى الخارج.

ان عدم الثقة المتبادلة وسوء الفهم هما تعبير عن مأزق تكون فيه أفعال أي دولة لتحسين أمنها يقود الى رد فعل آخر من جانب الدول الاخرى، وهو ما يجعل الدولة الاولى أقل امناً. والشيء الأسوأ هو ان برامج الدفاع البايولوجي هي غامضة جدا وتشجع على الكراهية الاخلاقية، لأن الدولة التي تتابع سلاحا بايولوجيا، سيسعى منافسوها لإكتساب ذلك السلاح ايضا. وخلال الحرب العالمية الثانية، قامت كل من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا بتطوير اسلحة بايولوجية لأنها اعتقدت ان هتلر سيطورها (وهو ما لم يحصل).

العديد من الناس في الصين ينظرون الى الولايات المتحدة كتهديد بايولوجي محتمل. وسواء كان الوباء حدوثا طبيعيا او متعمدا فانه يصعب الحكم فيه لأن العديد من العوامل البايولوجية يمكن الوصول اليها طبيعيا، وان انتاجها هو للاستعمال الثنائي. وفي سياق العلاقات الثنائية الجامدة، فان الامراض ذات الحدوث الطبيعي الناجمة عن اسباب مرضية غير معروفة يمكن بسهولة وصفها كهجوم بايولوجي. المؤرخ (الفريد كروسبي )لاحظ ان الانفلونزا الاسبانية عام 1918 كانت يُشك انها بدأت بعامل آلماني. وفي عام 2004، اتهمت الحكومة الهندية باكستان بالقيام بـ “ارهاب جهادي” اسلامي عبر النشر المتعمد لفايروس HIV في كشمير.

وعندما انتشرت انفلونزا الطيور H5N1 عالميا عام 2008، اتّهم وزير الصحة الاندونيسي الولايات المتحدة باستخدام الفايروسات لتطوير سلاح بايولوجي وقام بوقف عمليات بحوث البحرية الامريكية الطبية في جاكارتا.

وفي الوقت الذي تتدهور فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، أدّى سوء الفهم لأصل كورونا الى إضعاف الجهود الدولية لمنع انتشار المرض. ولعدة اسابيع، كانت الصين تتجاهل العروض المقدمة اليها للمساعدة من الولايات المتحدة. وطبقا لما نُشر لأحد المدونين في موقع مرتبط بـ Jiefang (الصحيفة الرسمية للجنة شنغهاي للحزب الشيوعي الصيني) ان “بعض الخبراء الامريكيين “ربما كانوا في مهمة عسكرية للتجسس على قدرات البحث الفيروسية الصينية”. اثنان من الخبراء الامريكيين التحقا اخيرا بمفاوضات منظمة الصحة العالمية في الصين في شباط الماضي، لكن المفاوضات لم تتضمن مؤسسة وهان للفيروسات – في الحقيقة، وهان وهي بؤرة تفشّي الفايرس، لم تكن في الاساس ضمن مسار رحلة البعثة.

الادّعاء بأن فايروس كورونا هو سلاح بايولوجي ليس فقط مؤذيا وانما لم يثبت علميا ايضا. العلماء اشاروا الى ان حضانة الفايرس هي “منسجمة تماما مع التطور الطبيعي”. طبقا لـ Lancet، العلماء من عدة دول استنتجوا بشكل ساحق ان كورونا نشأ في الأصل في الحياة البرية.

التسرب العرضي An accidental release

بما ان فايرس كورونا هو حيواني، أي قفز من الحيوان الى الانسان، فان العلماء يعتقدون انه ذو اصل حيواني. الغالبية يتفقون بان الخفافيش هي الخازن الطبيعي للفايرس. مع ان الافاعي ايضا كانت موضع شك. تخمينات العلماء بان مضيفات الفايرس –والتي اُعتبرت رائجة في الصين– ربما هي المضيف الوسيط لتمرير الفايرس الى الانسان. هم يميلون للنظر الى تفشّي الفايرس كمشكلة تلوث حيواني انتقل من الحيوانات البرية الى الانسان.

واذا كان الفايرس وُجد لدى اناس مرتبطين بسوق اللحوم والاسماك، فان بعض الحالات المبكرة كانت في اناس لم يزوروا السوق وهو ما يشير الى ان انتقال الفايرس ربما حدث في مكان آخر او في وقت مبكر.

فرضية اخرى أقل دعما تنظر الى الوباء كنتيجة لحادث أمان بايولوجي فيه تسرب الفايرس من المختبر حينما فشل العلماء بتطبيق بروتوكول التعقيم. المؤيدون لهذه النظرية يشيرون الى دليل ظرفي كبير يربط تفشّي الوباء بمؤسسة وهان للفيروسات. هم لاحظوا ان الدكتورة shizhengli، الباحثة في المختبر والتي اتخذت اسم “Batwoman”، كانت نشطة في العثور على فايرس كورونا واثبتت ان الخفافيش هي الناقل الطبيعي لكورونا المشابه لسارس. Shezhengli، انكرت بشكل جازم ان المؤسسة هي مصدر كورونا الجديد وقالت “ان الطبيعة تعاقب العرق الانساني لإحتفاظه بالخفافيش الحية غير الحضارية”.

موقع آخر صيني للتواصل الاجتماعي ركز على شهادات مدير المؤسسة، Wang Yanyi. في الموقع كُتب مقال لأحد البايولوجيين الصينيين الكبار قائلا، ان Wang لديه خلفية اكاديمية ضعيفة وانه وصل الى موقعه الحالي عن طريق المحسوبية. في 17 شباط، احد المقالات اتهم وانغ بخرق قواعد الامان البايولوجي وبيع حيوانات مختبرية لأسواق اللحوم مقابل ربح. دراسة اخرى، اجرتها جامعة جنوب الصين للتكنلوجيا استنتجت ان فايرس كورونا “ربما” نشأ في مركز اقليم وهان للسيطرة ومنع الامراض، والذي لم يبعد اكثر من 280 متر عن سوق وهان للمأكولات البحرية. الدراسة ذكرت ان الخفافيش ارتبطت بفايرس كورونا منذ ان هاجمت الباحث الذي استوجب العزل الذاتي لأن “دم الخفاش تطاير فوق جلده”. الورقة ازيلت لاحقا من بوابة البحث، وهي الموقع الاجتماعي التجاري للعلماء والباحثين للمشاركة بالأوراق. وهكذا، لا احد من العلماء اكّد او رفض استنتاجات الورقة.

العديد من الاتهامات ربما بلا أساس، ولكن لا احد ينكر ان أمن المختبر هو القلق الكبير في الصين. خرق الأمان في مركز صيني للسيطرة ومنع الامراض يُعتقد انه سبّب اربع حالات من سارس بما في ذلك احد الوفيات في بكين عام 2004. حدث مشابه ادّى الى تلوث 65 عامل مختبر في معهد Lanzhou للبحوث البيطرية في ديسمبر 2019 بمرض البروسيلات. وفي كانون الثاني 2020 عوقب العالم الصيني الشهير Li Ning بالسجن 12 عام لبيعه حيوانات تجريبية للأسواق المحلية.

أفعال الحكومة أعطت مصداقية للاطروحة بان فايرس كورونا هرب صدفة من المختبر. في شهر شباط، عيّنت الصين chenwei كبير خبراء الحرب البايولوجية كرئيس لمختبر BSL-4 في معهد وهان للفيروسات. وبسبب خلفية chen، اثار التعيين شكوكا حول امكانية ارتباط الفايرس بمختبر BSL4.وفي 14 شباط أعلن الرئيس الصيني عن الحاجة لدمج shengwu anquan التي تعني في الصين اما “الأمن البايولوجي” او “السلامة البايولوجية” في نظام الأمن القومي.

في أدب الحرب البايولوجية، يُعتبر الفرق بين الامن البايولوجي والسلامة البايولوجية امرا هاما: الاول هو عن حماية الناس والبيئة من التسرب المتعمد للبكتريا المسببة للامراض، بينما الأخير هو حول الأمان من التسرب غير المتعمد. تعليمات الرئيس اُتبعت مباشرة من جانب وزارة العلوم والتكنلوجيا في إصدارها التعليمات بتقوية ادارة السلامة البايولوجية في المختبرات التي تتعامل مع فايرس كورونا، وهو ما يشير الى ان الرئيس كان في ذهنه السلامة البايولوجية عندما اصدر تعليماته. لكن القائد الصيني ربما بسهولة يشير الى الحيوانات الزراعية، حيث الأمن البايولوجي يُعرّف بشكل واسع كأي شيء يتم عمله لإبعاد الأمراض عن الحيوانات والانسان الذي يتفاعل معها. فقط في الاسبوع الماضي، أعلن المشرّع الصيني منعاً دائما لتجارة واستهلاك الحيوانات البرية في البلاد، لكي يقلل كما يبدو من فرص انتقال الامراض من الحيوان الى الانسان.

معوقات التعاون

الفايرس ينتشر الآن كالنار في الهشيم في كل العالم، بتأثيراته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية اينما ذهب. تحديد أصله سيساعد الخبراء والحكومات في تشديد الاجراءات للحد من انتشاره ومنع هكذا حالات في المستقبل. حتى الان، لا نظرية ان الفايرس طُور كسلاح بايولوجي ولا فكرة انه هرب صدفة من المختبر تبدوان مقنعتين كما في فرضية ان الفايرس قفز الى الانسان من الحيوان في سوق اللحوم. لكن نظريات المؤامرة سمّمت أجواء التعاون الامريكي الصيني في معالجة الانتشار، والذي جسّد فرصة لإعادة بناء العلاقات المتعكرة.

لكي نطرد سوء الفهم ونقلل الضرر في العلاقات المستقبلية، يجب على الدولتين النظر في امكانية توسيع التبادل العسكري وزيارة كل منهما لمواقع الآخر لكي يمكن للحكومتين اقامة دفاع بايولوجي ناجح. والولايات المتحدة يجب عليها استطلاع قنوات لمساعدة الصين في تحسين السلامة البايولوجية لمختبراتها وان البداية في أي إجراء هي الحوار.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/22536

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M