كورونا الايراني يفتك بحياة شخص كل 10 دقائق

دلال العكيلي

يموت شخص كل عشر دقائق بسبب كورونا ويصاب حوالي 50 شخصا بالفيروس كل ساعة في إيران” وأعلنت إيران ارتفاع حصيلة فيروس كورونا المستجد إلى 40 ألف اصابة و2757 وفاة، وقالت السلطات إنها تتأهب لمحاربة الوباء حتى بداية الصيف على أقل تقدير، والجمهورية الإسلامية بين أكثر الدول تضررا بالوباء وفي حين أعلنت رسميّا عن تسجيل أولى الإصابات يوم 19 شباط/فبراير، رجّح مسؤول كبير مؤخرا أن الفيروس كان موجودا في البلاد منذ كانون الثاني/يناير، ووفق الأرقام التي تنشرها السلطات يوميا، سجلت 117 وفاة إضافية بكوفيد-19 خلال الساعات الـ24 الماضية، كما ارتفع عدد الإصابات إلى 41495.

وفي إيران حاليا 3511 مصابا في وضع “حرج”، كما تعافى 13911 مريضا بعد تلقيهم رعاية في المستشفيات، وفق المصدر ذاته، وفي حين يتساءل مراقبون خارجيون عن صحة الأرقام الصادرة عن سلطات طهران، ويعتبرون انها لا تكشف الحصيلة الحقيقية، نشر المسؤول الإيراني برويز كرامي دراسة حكومية توقعت بلوغ عدد الوفيات 11 ألفا في حال تم الاستمرار في تطبيق تدابير الوقاية الحالية، وقال المتحدث باسم معاون رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون العلمية والتقنية سورنا ستاري، على حسابه في انستغرام إن الدراسة تظهر أن البلد سيستمر في مكافحة الفيروس “حتى بداية الصيف”.

بعد بذل قصارى جهدها لتجنب اتخاذ تدابير إغلاق أو حجر، قررت الحكومة الإيرانية في 25 آذار/مارس منع جميع التنقلات بين المدن ودخل هذا الإجراء حيز التنفيذ بعد يومين من اتخاذه، وسيتواصل تطبيقه حتى 8 نيسان/ابريل، ويمكن أن يمدد، ورغم عدم فرض حجر رسمي، دعي السكان منذ عدة أسابيع إلى التزام منازلهم “قدر الإمكان”.

ووفق وكالة إسنا شبه الرسمية، رأى رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي أن فيروس كورونا المستجد “كان يمكن التعامل معه بسرعة في حال تم تبني رأي خبراء وزارة الصحة حول اتخاذ تدابير تباعد اجتماعي وفرض قيود اجتماعية في وقت مبكر”، وكان رئيسي، المنتمي إلى تيار المحافظين المتشددين، من كبار منافسي الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عام 2017، ونقلت عنه إسنا انتقاده الحكومة لتأخرها في إظهار عزمها على مكافحة انتشار الفيروس، ما أدى إلى تباطؤ “تعاون” المواطنين.

من جهته، وجه الرئيس السابق لبلدية طهران والمرشح لترؤس البرلمان محمد باقر قاليباف اتهاما للحكومة على حسابه في تويتر بأنها “غير فعالة” و”متفائلة بلا مبرر” و”تفاقم الأزمة”، لكن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي رد على الانتقادات في التلفزيون الرسمي، وقال إن الحكومة تحركت “فور إعلامها” بالوباء وحاولت “اشاعة مناخ يتم فيه احترام التباعد الجسدي بين الأفراد وتجنب اثارة اضطرابات في حياة الناس”.

وأضاف ربيعي أنه “في ظل اقتصاد يرزح تحت عقوبات، يفضل دمج الأمرين”، منذ عدة أسابيع، تنشط الدبلوماسية الإيرانية لمطالبة العالم برفض الالتزام بعقوبات واشنطن الاحادية الجانب التي تخنق الاقتصاد الإيراني وتجعل من المستحيل استيراد أدوية أو معدات طبية، وأعلنت الحكومة أنها تعتزم صرف ألف مليار ريال (5,5 مليارات يورو) لمكافحة الفيروس، أي ما يعادل 20 بالمئة من موازنة البلاد لهذا العام (بدأ يوم 20 آذار/مارس)، ويشمل المبلغ كلفة الأزمة في القطاع الصحي، وكذلك كلفة تدابير الدعم للشركات على غرار القروض بفائدة تفضيلية، ودعم الطبقات المهمشة عبر منح، ووفق وكالة إسنا، تجري بعض المستشفيات اختبارات تجريبية لعلاج للمرض يقوم على الخلايا الجذعية، وأعلن التلفزيون الرسمي بدء عمليات إنتاج مكثفة لمعدات فحص تعطي نتائج “دقيقة للغاية” خلال ثلاث ساعات.

تخصيص 20 بالمئة من الميزانية لمكافحة فيروس كورونا

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستخصص 20 بالمئة من ميزانيتها السنوية لمكافحة تفشي فيروس كورونا، وإيران واحدة من الدول الأكثر تضررا بالوباء في العالم وقال كيانوش جهانبور المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية إن عدد وفيات الفيروس في البلاد ارتفع إلى 2517 بعد وفاة 139 شخصا خلال الأربع والعشرين ساعة.

وأضاف في كلمة بثها التلفزيون الرسمي أن عدد الإصابات ارتفع بواقع 3076 إلى 35408، وقال روحاني في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي “نحن في ظروف صعبة وتحت العقوبات لكننا خصصنا 20 بالمئة من ميزانيتنا هذا العام لمكافحة كورونا… وقد يندهش العالم بأن يصدر هذا عن دولة تحت العقوبات”، وتكافح إيران لحماية اقتصادها من وباء كورونا في ظل إقصائها عن أسواق رأس المال العالمية وتواجه ضربة أخرى لاقتصادها مع هبوط أسعار النفط علاوة على العقوبات الأمريكية.

كان روحاني قد طمأن الإيرانيين قائلا إن المنظومة الصحية بالبلاد قوية وقادرة على التعامل مع أي تصاعد سريع في وتيرة المرض وأضاف أن الرعاية الصحية الحكومية ستدفع 90 بالمئة من تكاليف العلاج لمرضى كورونا، وقال روحاني إن النسبة التي تم تخصيصها من الميزانية لمكافحة التفشي والتي تصل إلى حوالي ألف تريليون ريال ستشمل منحا وقروضا بفوائد متدنية للمتضررين بالمرض، وتصل قيمة المبلغ المخصص لمكافحة كورونا إلى حوالي 6.3 مليار دولار بسعر صرف الريال في السوق الحرة والذي يبلغ حوالي 160 ألف ريال مقابل الدولار لكن الحكومة ربما تقرر تخصيص بعض الأموال بسعر الصرف الرسمي المستخدم في دعم الغذاء والدواء وهو 42 ألف ريال مقابل الدولار، وقال روحاني إن الحكومة تسعى للحصول على الموافقة لسحب مليار دولار من صندوق الثروة السيادي في البلاد لمكافحة فيروس كورونا، والسحب من صندوق الثروة السيادي يتطلب موافقة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي يملك القول الفصل في جميع شؤون الدولة.

حظر التنقل بين مدن إيران وسط مخاوف من موجة كورونا ثانية

قال مسؤول إيراني في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون إن بلاده بدأت تطبيق حظر على التنقل بين المدن وذلك بعد يوم واحد من تحذير أطلقه المتحدث باسم الحكومة من أن البلاد قد تواجه موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا، ويشكو المسؤولون من تجاهل الكثير من الإيرانيين للمناشدات بالبقاء في المنازل وإلغاء خطط السفر خلال عطلة السنة الفارسية الجديدة التي بدأت في 20 مارس آذار، وقال حسين ذو الفقاري عضو المركز الوطني الإيراني لمكافحة فيروس كورونا “يجب على من سافروا لقضاء عطلة السنة الفارسية الجديدة العودة إلى مدنهم فورا دون التوقف في أي مدن في طريق العودة للديار”.

وأودى تفشي الفيروس بحياة 2077 شخصا في إيران وأصاب 27017 حتى الآن، ودعت السلطات الشعب إلى تجنب الأماكن العامة والبقاء في المنازل وأغلقت المدارس والجامعات والمراكز الثقافية والرياضية مؤقتا في جميع أنحاء البلاد، وقال ذو الفقاري “تم تمديد إغلاق الجامعات والمدارس وكذلك تعليق التجمعات“، مضيفا أن المخالفين سيكونون عرضة للمساءلة القانونية، وقال الرئيس حسن روحاني إن إيران ستحتوي انتشار الفيروس في غضون أسبوعين وإنه تقرر اتخاذ إجراءات إضافية للتخفيف من تأثير تفشي الفيروس على المواطن محدود الدخل.

وأضاف في اجتماع أذاعه التلفزيون الرسمي على الهواء “سنبعث برسالة إلى الزعيم الإيراني الأعلى اليوم نطلب السماح بسحب مليار دولار من صندوق الثروة السيادية الإيراني” وتابع قائلا “هذا المبلغ سيخصص لمساعدة محدودي الدخل المتضررين ولدعم قطاعنا الصحي” وقال “رغم أننا تحت عقوبات أمريكية قاسية… فإننا نواصل التصدي لانتشار فيروس كورونا وسنتغلب عليه”.

اجراءات الحجر لوقف انتشار كوفيد-19

بعدما قامت بكل ما بوسعها لتجنبه، يبدو أن السلطات الإيرانية سلمت بضرورة فرض اجراءات مثل عزل السكان أو الحجر في إطار محاولاتها وقف انتشار وباء كوفيد-19، مع أكثر من ألفي وفاة بالمرض وعدد إصابات يواصل الارتفاع وبات يقترب من 30 ألف حالة بحسب الأرقام الرسمية، تعد ايران إحدى أكثر الدول تضرراً من فيروس كورونا المستجد في العالم مع اسبانيا وايطاليا والصين، وكانت الحكومة رفضت حتى الآن فرض اجراءات عزل أو حجر صحي كما فعلت عدة دول أخرى قائلة إنها تتخوف أن يؤدي ذلك الى كارثة على الاقتصاد الوطني الذي أضعف كثيرا جراء العقوبات الأميركية، وكان نائب وزير الصحة الإيراني ايرج حريرجي قال في 24 شباط/فبراير قبل 24 ساعة على إعلان اصابته بالفيروس “الحجر، هو أمر كنا نقوم به قبل الحرب العالمية الأولى في حقبة الكوليرا والطاعون الصينيون أنفسهم غير راضين كثيرا عن ذلك”، وبدلا من ذلك، حضت السلطات السكان على البقاء في منازلهم “قدر الإمكان” معتبرة انه ليس هناك ضرورة للوصول الى ما تقوم به عدة دول أوروبية استعانت بالشرطة لفرض حظر تنقل على المواطنين.

لكنها غيرت موقفها، فقد أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء تطبيق “قيود جديدة” قريبا “صعبة بالنسبة للمواطنين”، وأشار الى “نقاش طويل جرى داخل اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا المستجد” قائلا “ليس هناك من خيار آخر” وهذه القرارات تفرض نفسها “لحماية” الشعب، وقال روحاني “لقد تجاوزنا الموجة الأولى من المرض، لكن قد يكون هناك موجة ثانية في الأيام المقبلة” ويطرح البعض تساؤلات في الخارج حول الأرقام التي تنشرها السلطات الايرانية ويرون انها قد يكون يجري التقليل منها.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) عن وزير الداخلية عبد الرضا رجماني فضلي قوله إن “الدخول والخروج من المدن سيخضع لمراقبة أشد، ونحض الناس على التعاون أكثر مع السلطات اعتباراً من الغد أو بعد غد حين سيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ”، وتحدث روحاني عن اجراء سيستمر “لمدة 15 يوماً” مشيرا الى أنه يفترض “تطبيقه بعناية حتى 4 نيسان/ابريل”.

خامنئي يرفض عرض المساعدة الأمريكي

أبدى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي استغرابه في خطاب بثه التلفزيون من عرض الولايات المتحدة مساعدة إيران في مكافحة وباء فيروس كورونا الجديد ووصف الزعماء الأمريكيين بأنهم “كاذبون ودجالون”، وكانت واشنطن عرضت مساعدات إنسانية على إيران عدوها القديم وأكثر الدول الموبوءة بالمرض في الشرق الأوسط إذ بلغ عدد الوفيات فيها 1685 حالة وعدد حالات الإصابة بالمرض 21638، وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ انسحاب واشنطن في 2018 من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات التي أعاقت اقتصاد طهران.

وقال خامنئي في الخطاب “عرض الأمريكيون عدة مرات مساعدتنا في مكافحة الوباء وهذا أمر غريب لأنكم تواجهون نقصا في أمريكا. كما أنكم متهمون بإيجاد هذا الفيروس” وأضاف “لا أعلم إن كان هذا الأمر صحيحا لكن عندما يثور مثل هذا الادعاء، هل يمكن لرجل عاقل أن يثق بكم ويقبل عرض المساعدة منكم؟… ربما تعطون أدوية لإيران تنشر الفيروس أو تتسبب في بقائه فيها بشكل دائم”، وزادت حدة التوتر بين طهران وواشنطن عندما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ ضربة بطائرة مسيرة قتلت القائد العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني في الثالث من يناير كانون الثاني وردت إيران بضربات على أهداف أمريكية في العراق في الثامن من ذات الشهر.

وقال خامنئي “عدونا الأول هو أمريكا إنها أكثر أعداء إيران شرا وشؤما… وقادتها إرهابيون… كاذبون ودجالون” وتحمل السلطات الإيرانية العقوبات الأمريكية مسؤولية إعاقة مساعيها لاحتواء الوباء وقد حث الرئيس حسن روحاني الأمريكيين على مطالبة حكومتهم برفع العقوبات في الوقت الذي تكافح فيه إيران المرض، غير أن الولايات المتحدة وجهت لإيران رسالة واضحة هذا الأسبوع مفادها أن انتشار الفيروس لن ينقذها من العقوبات الأمريكية التي تقلص إيراداتها النفطية وتعزل اقتصادها.

حوالي نصف موظفي الدولة في إيران يمكثون في المنازل

ذكر التلفزيون الرسمي نقلا عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله إن نصف عدد الموظفين الحكوميين تقريبا يمكث في المنازل في إطار إجراءات احتواء تفشي فيروس كورونا المستجد في بلاده، أكثر الدول تضررا من المرض في الشرق الأوسط، وقال روحاني “كثيرون من موظفي الحكومة سيستمرون في العمل من بيوتهم، لكن سيُسمح للموظفين الحكوميين الذين يشغلون مناصب حساسة، حيوية للجمهور، بالعمل من مكاتبهم. الهدف هو إبقاء مزيد من الناس في البيوت”.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهانبور إن عدد الوفيات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا في البلاد ارتفع بواقع 122 في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة ووصل إلى 1934 حالة وفاة وإن العدد الإجمالي للمصابين بالمرض وصل إلى 24811 إصابة، أضاف روحاني أن الإفراج المؤقت عن السجناء، الذي أُعلن في وقت سابق هذا الشهر، سيُمدد لمدة 15 يومًا حتى 19 أبريل نيسان للحد من انتشار الفيروس.

وكانت السلطة القضائية في إيران قد أعلنت يوم 17 مارس آذار السماح لنحو 85 ألف سجين، بينهم سجناء سياسيون، بمغادرة السجون في إطار الإجراءات الرامية لاحتواء فيروس كورونا، وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمن في التاسع من مارس آذار إنه طلب من طهران إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين مؤقتا من السجون المزدحمة والموبوءة بالأمراض للمساعدة في كبح انتشار فيروس كورونا، ويفيد تقرير قدمه رحمن لمجلس حقوق الإنسان في يناير كانون الثاني أن إيران قالت إن لديها 189500 شخص في السجن.

وحمّل حكام الجمهورية الإسلامية الولايات المتحدة مسؤولية المصاعب التي تواجهها طهران في مكافحة تفشي المرض، وحثوا المجتمع الدولي على الضغط على واشنطن لترفع العقوبات من أجل مساعدة طهران في التصدي لانتشار المرض، ورفض المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي، عرضا أمريكيا بمساعدات إنسانية قائلاً “قد يقدمون أدوية تنشر الفيروس أو تجعله يبقى بشكل دائم في إيران”، وأرسلت منظمة أطباء بلا حدود فريقا ووحدة مستشفى مؤقتة إلى إيران في 22 مارس آذار لكنها قالت يوم الثلاثاء إنه جرى تعليق خطتها لإنشاء مركز طوارئ مكون من 48 سريرا لعلاج حالات الإصابة الحادة بفيروس كورونا في مدينة أصفهان.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/reports/22805

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M