م. زيد نجم الدين كاتب واستاذ جامعي
تختلف الأنظمة التعليمية للمراحل الاولية والثانوية من بلد لأخر تَبعاً لتقديرات القائمين على هذا القطاع المهم، وبصورة عامة هنالك نظامين أساسيين للمراحل الدراسية دون الجامعية: النظام الاول و هو البكلوريا الدولية International Baccalaureate و هو من أقدم أنظمة التعليم المقدمة من قبل منظمة بكلوريا الغير ربحية و المختصة بالأنظمة التعليمية والكائن مقرها في جينيف –سويسرا ، يعتمد هذا النظام على إقامة امتحانات مركزية على مستوى القطر يشترك فيها الطلبة ويعتبر هذا الامتحان المعيار الاساسي في قبول الطلبة في الجامعات، إذ تتم المفاضلة بناءاً على المعدل النهائي للطالب و رغبة الطالب في التخصص الذي يرغب في دراستهِ.
أما النظام الثاني و المعروف بإسم الشهادة الدولية العامة للتعليم الثانوي International General Certificate of Secondary Education، فهذا النظام تم إعداده من قبل خبراء مختصين في جامعة كامبريدج البريطانية، و يعتمد هذا النظام على تقييم الأساتذة لأداء الطالب خلال برنامج دراسي طويل الامد قد يتراوح بين ٤ الى ٦ أعوام دراسية ويتم هذا التقييم إعتمادا على نتائج الإمتحانات التي يؤديها الطالب و الواجبات المنزلية والإمتحانات المفاجئة والى أخرهِ من معايير يتم إعتمادها على مدى طويل لإعطاء تقييم دقيق لمستوى الطالب، و في نهاية كل من البرنامجين التعليميين أعلاه يمنح الطلبة الناجحين شهادة الثانوية العامة التي تُثبت أن الطالب قد أكمل ١١ أو ١٢ عاماً دراسياً و تسمى هذه الشهادة في بعض الدول دبلوما الثانوية او.Post Secondary Diploma
النظامين أعلاه كانا و مازالا في محل تقييم و دراسة مستمرين من قبل الجهات المشرفة و المختصة، و قد تم إتخاذ العديد من الخطوات بإتجاه تطوير هذين النظامين بالشكل الذي يضمن تقييم دقيق للطالب مقابل سلاسة و سهولة تطبيق النظام، لكن في الأعوام الأخيرة بدأت الكثير من الدول المتقدمة تعتمد معايير جديده في قبول الطلبة في الجامعات بالاضافة الى تقييم شهادة المرحلة الثانوية، إذ أن اغلب الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات الامريكية اعتمدت معيار إمتحان جديد يسمى اختبار التقييم المدرسي او Scholastic Assessment Test و يرمز له بالاحرف SAT كمعيار رئيسي في التنافس على المقاعد الدراسية في الجامعات ، إذ يُعتبر هذا الامتحان مقياس شامل لمؤهلات الطالب التنافسية لما يحتويه من اسئلة متنوعه تعتمد في مجملها على المعلومات المتراكمه للطالب.
و يُعقد هذا الامتحان بشكل دوري قَبل بِدء كُل فصل دراسي و يتم تنظيمه من قبل جامعات أو مراكز إمتحانيه متخصصه، يقام هذا الامتحان بإستخدام أجهزة الحاسوب ومعظم الاسئلة التي يتضمنها الامتحان تكون بصيغة إختيار الإجابة المناسبة أو ما يُصطلح عليه بـ Multi Choice Question, و يرمز له بـ MCQ و هذا ما يجعل الإمتحان سلس و سريع و قد تظهر النتائج فَور إنتهاء الامتحان و من الجدير بالذكر إن تركيا الدولة الجارة بدأت تعتمد نظام مشابه تقريباً لنظام SAT في قبول الطلبة في الجامعات و يسمى YOS وهو مخصص للطلبة الاجانب او YKS و هو مخصص للطلبة الاتراك.
وبالإعتماد على هذا النمط من الامتحانات كمعيار تنافسي بين الطلبه للقبول في الجامعات، أصبحت شهادة الثانوية العامة وثيقه تدل على ان صاحبها قد إجتاز مرحلة الدراسة الثانوية بنجاح فقط و لا تؤهله تلك الشهادة لدخول الجامعة قبل أن يُجري إمتحان التقييم المدرسي كـ SAT او YOS او YKS، لكن يؤخذ بنظر الإعتبار تقييم الطالب في مرحلة الدراسة الثانوية كمعيار يدخل بنسبه معينه ضمن تقييم إمتحانات التقييم المدرسي SAT.
ونتيجة للظروف التي طرأت على العراق خلال العام الدراسي 2019-2020 و تأثيرها السلبي على إنتظام الطلبة في الدوام، ترتفع اليوم اصوات الطلبة مطالبين وزارة التربية بأعتماد المعدل التراكمي للتنافس على الجامعات العراقية بدلاً من إمتحان البكلوريا و يرى بعض الطلبة خلاف ذلك إذ أن إعتماد المعدل التراكمي سيرتب عليهم حيف كبير إذ أن المعدل التراكمي لا يعطي تقيماً دقيقاً للمستوى الحقيقي للطالب نتيجة لتفاوت طبيعة الامتحانات الفصلية من حيث الصعوبة وحجم المادة بين أستاذ و أخر وبين مدرسةٍ و أُخرى وهذا بدوره لن يضمن تنافس عادل بين الطلبة للقبول في الجامعات. وفي نفس السياق طالب مجموعه من النواب بإعتماد المعدل التراكمي بدلاً عن إجراء إمتحانات البكلوريا تَجنباً لإنتشار وباء كورونا.
ولحل المسألةِ أعلاه، نرى أنها فُرصة جيده لتطوير نظام التعليم في العراق من خلال إعتماد إمتحانات التقييم المدرسي كـ امتحان SAT الأمريكي او YOS و YKS التركيين و التي تشكل المعيار الاساسي للقبول في الجامعات كما أوردنا سابقاً، و بذلك تعتبر شهادة الثانوية العامة وثيقة تثبت إكمال مرحلة الدراسة الثانوية وكجزء من متطلبات القبول في الجامعات، كما أن تقييم الطالب في مرحلة الدراسة الثانوية يؤخذ كمعيار يدخل بنسبه معينه ضمن امتحان التقييم المدرسي الذي سيكون المعيار التنافسي الرئيسي بين الطلبة.
ومن ميزات هذا الامتحان انه يعقد في يوم واحد ومدتهُ لا تتجاوز الثلاث ساعات كحدٍ أقصى (فأغلب الإجابات تكون MCQ) وبذلك نجنب الطلبة الاختلاط لثمان أيام في حال إجراء إمتحانات البكلوريا الوزارية و نختزلها بيوم واحد، كذلك هذا النوع من الامتحانات سيضمن منافسه عادله بين الطلبة، علاوة على ان امتحان SAT بنسخه المتعددة العربية و غير العربية) يعتبر عامل دعم و ترصين لنظام التعليم في العراق و الشهادة الاكاديمية العراقية إذ أن الطلبة الذين يحملون شهادة امتحان الـ SAT يستطيعون الدراسة في الكثير من الجامعات الاوربية و الامريكية دون الحاجه لسنة تحضيرية.
رابط المصدر: