لا فضل للقائد على الأمة الا بشرط

 

ان من الشائع لدى العامة هو ان للقائد ميزة تفوق مزايا جماهيره، وذلك كونه قائداً لهم، ولو لم يكن القائد مميزا لما كان قائداً، فاتسامه بقدرات عقلية وعلمية وفكرية وجسدية وتمتعه بالحكمة والذكاء يجعله قادرا على قيادة الأمة دون غيره .
وهذا الكلام صحيح الى حد ما، فالصحيح ليس من يتمتع بهذه الصفات يكون قائداً، وإنما الصحيح أن كل قائد يجب أن يتمتع بهذه الصفات، كما ان القائد يجب أن يمتلك صفة اخرى مهمة سنتناولها فيما بعد.
ان القائد والمقاد مكلفين بأي شكل من الأشكال، وبالتالي فلكل واحد منهم تكليف، فعلى القائد ان يقود رعيته وأتباعه الى مستقبل زاهر بعيد عن اي مشقة وعناء، وأن يكون مخلصا لهم ومحبا لا يفضل مصلحته الشخصية او العائلية او حاشيته على الأمة، وأن يطالب بحقوق أمته وأن لا يدخر جهدا لرفع مستوى وعي الامة وثقافتها وأن لا يستخف بهم ويخدعهم بل يكون أمينا مؤتمنا على مصالح أمته وحقوقها، وأن يحترم كيان كل فرد من افراد الامة كإنسان وأن يصنع منه عنصرا نافعا في المجتمع يشع بالطاقة والحيوية ويغذي المجتمع بالعطاء، وغيرها من مهام القائد تجاه أمته التي لا يمكن ذكر جميعها.
اما افراد الأمة فلكل واحد منهم تجاه القائد واجب عليه تأديته، وأهمها الطاعة وتنفيذ ما يأمر به ونقل فكره ومشاريعه الى اي فرد او مؤسسة يمكن ان ينتفع منها، ويدافع عنه عند تعرضه لهجمة تستهدف شخصه وسمعته ومكانته الاجتماعية، وأن يكون الفرد خفيف المؤونة على قائده لا يرهقه بالمشاكل ويتعبه بالأزمات، أن يواكب تحركات قائده وأن يكون بمستوى المسؤولية المناطة به من قبل قائده، وغيرها من الواجبات الخاصة بالفرد تجاه القائد.
هذه الواجبات والمسؤوليات للقائد والمقاد لا تشمل الواجبات والمسؤوليات الخاصة بكل شخص تجاه ربه ومجتمعه وأسرته، والتي يجب أن يؤديها كل طرف بدون التأثير على العلاقة بينهما.
هنا نأتي للصفة التي تميز الفاضل عن المفضول حتى نعرف هل يمكن أن يكون المقاد افضل القائد، ام ان الأفضلية دائما للقائد.
ان المائز بين الفاضل والمفضول هو مدى تأدية كل طرف لواجبه، فمن أدى تكليفه على أتم وجه هو افضل حتى وإن كان من القاعدة، فهذا يعني انه وفق هذا المائز ممكن ان يكون الفرد افضل من قائده.
لذا ليس من الصحيح أن كل قائد افضل من رعيته، اذ نرى الكثير من القادة لا يقومون بكل ما عليهم من واجبات بينما نرى رعيتهم مطيعة لهم طاعة عمياء الى حد الصنمية، ونرى في الجانب الآخر قادة أدوا كل ما عليهم حتى ضحوا بأنفسهم بينما رعيتهم متقاعسون متكاسلون يبحثون عن الدعة والراحة.
وربما تصرف الأذهان نحو تفضيل القائد على أمته كون واجبات القائد تجاه أمته أثقل من واجبات الأمة تجاه قائدها، وبالتالي يعطى القائد فضلاً على أمته لهذا الثقل، ولكن من ناحية اخرى لم يجبر احد القائد على قيادة الأمة، فإذا كان يرى نفسه غير قادر على أداء هذه المهمة فلينسحب ليكون فردا من افراد هذه الأمة فربما يتمكن من أداء ما عليه فيكون افضل.
وقد لا نجد توازنا بين تأدية القائد لواجبه تجاه اتباعه وبين تأدية الاتباع لواجبهم تجاه قائدهم الا في معركة الطف بين الحسين عليه السلام واصحابه.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M