يزداد عدد المهاجرين الوافدين الى اوربا مع كل المخاطر التي يمرون بها في طريقهم ويسقط بعضهم ضحية حوادث الغرق والاتجار بالبشر والابتزاز، في وقت تعيش اوربا على وقع اخطار بيئية واقتصادية ونقص كبير في العمالة أدى الى تعطل كثير من القطاعات خصوصا النقل. مما يجعل البلاد الاوربية بحاجة الى المهاجرين لتغطية النقص في العمالة.
التقرير التالي يسلط الضوء على استمرار الهجرة الى اوربا ومخاطرها العالية:
عبور المانش
سجّل عدد المهاجرين الذين عبروا المانش من شمال فرنسا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة رقمًا قياسيًا جديدًا قارب 1300 مهاجر في يوم واحد، رغم خطط الحكومة المحافظة البريطانية المتتالية لمعالجة هذه المشكلة.
وفي وقت تستعد المملكة المتحدة للحصول على رئيس جديد للوزراء، يُذكّر هذا الرقم القياسي الجديد بارتفاع عدد عمليات العبور الخطرة جدًا في إحدى أكثر الطرق البحرية ازدحامًا في العالم، وهو مستوى مستقرّ منذ العام 2018 في ظلّ تشديد الرقابة على مرفأ كاليه في فرنسا ونفق المانش.
وأفادت وزارة الدفاع البريطانية بأنه تم رصد عبور نحو 1295 شخصًا، وهو عدد يتجاوز آخر رقم قياسي سجّل في يوم واحد وبلغ 1185 مهاجرا في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
وبثّت وسائل الإعلام البريطانية صور العديد من المهاجرين الذين تمّ إنقاذهم وإعادتهم إلى ميناء دوفر، منهم أطفال، في ظلّ أحوال جوية جيدة.
ولفت بيار روك الناشط في منظمة “أوبيرج دي ميغران” L’Auberge des Migrants غير الحكومية التي تساعد المهاجرين في كاليه، إلى أن الرقم القياسي الذي سُجّل “سببه الظروف الجوية التي تعتبر مثالية للعبور في الوقت الحالي”.
واعتبر جان-كلود لونوار، رئيس منظمة “سالام” SALAM لمساعدة المهاجرين، أن أعداد المهاجرين الذين يعبرون المانش ترتفع “عندما ينقطع الهواء” و”الوضع سيكون كذلك طيلة هذا الأسبوع”.
ورأت جولييت دولابلاس، مديرة المشاريع في منظمة “سوكور كاتوليك” Secours Catholique التابعة لكاريتاس في فرنسا، أن المهاجرين “لا يبقون في فرنسا لأن ظروف العيش بائسة”.
وقالت “هناك دائمًا زيادة موسمية في الصيف لأنه من الصعب جدًا البقاء في شوارع كاليه في الشتاء”.
وحتى الآن، تم تسجيل عبور 22670 شخصًا هذا العام، ما يقارب ضعف العدد المسجّل في الفترة ذاتها من العام 2021.
والعام الماضي، اعترضت سلطات المملكة المتحدة واصطحبت إلى البر 28526 شخصا كانوا يحاولون عبور البحر.
وجاء في تقرير برلماني بريطاني مؤخرًا أن العدد الإجمالي قد يصل إلى 60 ألف شخص هذا العام رغم الوعود المتكررة من حكومة المحافظين البريطانية التي جعلت الموضوع أولوية منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتدفع ملايين الجنيهات إلى فرنسا لمساعدتها على تعزيز مراقبة السواحل وتزيد الإجراءات لتشديد استقبال المهاجرين.
توفير طرق آمنة
وقال متحدث باسم الحكومة “ازدياد حالات العبور الخطرة عبر المانش غير مقبول”، معتبرًا أن الظاهرة تبرّر تشديد سياسة الهجرة.
وكان قد تمّ تشديد القوانين لاستهداف عصابات تهريب البشر التي تقف وراء عمليات العبور.
لكن الخطط المثيرة للجدل لإرسال بعض المهاجرين إلى رواندا لإعادة توطينهم قوبلت بسلسلة طعون قانونية.
ووعد المرشحان لخلافة بوريس جونسون ريشي سوناك وليز تراس، بمواصلة هذه السياسة الشهيرة في صفوف المنتسبين إلى حزب المحافظين الذين يتعين عليهم التصويت.
وتخلت الحكومة للتو عن خطتها لتحويل قاعدة جوية سابقة في شمال إنكلترا إلى مركز لطالبي اللجوء، كما هو الحال في اليونان.
وقالت صحيفة “ميل اون صنداي” Mail on Sunday مؤخرًا، مستندة على تسريبات من الاستخبارات العسكرية، إن معظم طالبي اللجوء يأتون من ألبانيا مع أنها لا تشهد حربًا في الوقت الحالي.
ودانت منظمة العفو الدولية “المواقف المهينة للحكومة”، معتبرة أنه من الضروري “توفير طرق آمنة” للمهاجرين، من أجل وضع حد لعمليات العبور هذه المحفوفة بالمخاطر.
منذ العام 2014، فُقد أو توفي ما لا يقل عن 203 أشخاص، في البحر أو في البرّ، في محاولة للوصول إلى انكلترا من الساحل الشمالي لفرنسا، من بينهم 27 شخصًا في يوم واحد في نهاية العام 2021 غرقًا، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
ويتذبذب عدد الواصلين على مدى السنة بناء على أحوال الطقس والإجراءات المتخذة على طول الساحل الشمالي لفرنسا. وترسل بريطانيا عشرات ملايين اليورو إلى فرنسا سنويا للمساعدة في وقف عمليات عبور القوارب، بما في ذلك من أجل تكثيف الدوريات على الشواطئ وتأمين معدات مثل نظارات الرؤية الليلية.
وذكرت صحيفة “ذي تايمز” هذا الأسبوع أن وزيرة الداخلية بريتي باتيل ستعلن عن آخر اتفاق مالي تم التوصل إليه مع باريس، رغم الأسئلة التي تدور بشأن قيمة الترتيبات مقابل كلفتها.
وأثار الاتفاق انتقادات من بعض نواب الحزب المحافظ الحاكم.
أخطر طريق للهجرة في العالم
وصل أكثر من ألف مهاجر خلال الساعات الأخيرة إلى ايطاليا فيما ينتظر مئات آخرون على متن سفن إنسانية، في وقت تستعدّ البلاد لانتخابات نيابية يُرَجّح أن يهيمن اليمين المتطرّف على نتائجها في أيلول/سبتمبر.
وأنقذت سفينة تجارية وخفر السواحل السبت أكثر من 600 شخص كانوا يحاولون عبور البحر المتوسط على متن قارب صيد قبالة كالابريا في أقصى جنوب إيطاليا. وتم نقلهم إلى عدة موانئ في صقلية.
ووجدت السلطات على متن القارب خمس جثث لمهاجرين ماتوا في ظروف لم تتضح بعد.
في جزيرة لامبيدوزا، وصل نحو 522 شخصًا من أفغانستان وباكستان والسودان وإثيوبيا والصومال خصوصاً ليل السبت الأحد على متن خمسة عشر قاربًا مختلفًا أبحروا من تونس وليبيا.
ووفق وسائل الإعلام الإيطالية، فإن مركز الاستقبال في هذه الجزيرة الأقرب إلى إفريقيا منه إلى إيطاليا مكتظ. ويضم حاليًا نحو 1200 شخص علماً أن سعته من 250 إلى 300 شخص، حسب وكالة “أنسا”.
والمهاجرون الذين يتمكّنون من الوصول إلى سواحل لامبيدوزا أو صقلية يسافرون على متن زوارق قديمة ومكتظة، في ظروف صحية سيّئة، غالبًا بدون سترات نجاة ومع القليل من الطعام وتحت أشعة الشمس الحارقة.
ولفتت صحيفة “لا سيسيليا” La Sicilia إلى أن آخر المهاجرين الذين وصلوا إلى لامبيدوزا وصلوا على متن سفن فيها عشرات أو حتى مئات الأشخاص، أو على متن قوارب مطاطية صغيرة.
ووصلت ليلًا جثث أربعة تونسيين، منهم امرأة، إلى شاطئ كالا بيسانا في جزيرة لامبيدوزا بعد عبور جزء البحر الفاصل بين تونس والجزيرة. في غضون ذلك، اعترض خفر السواحل سفينة طولها 13 مترًا غادرت مدينة الزاوية في ليبيا وعلى متنها 123 باكستانيًا وبنغلادشيًا ومصريًا وسودانيًا.
وتستمر المنظمات غير الحكومية المعنية بالإنقاذ البحري بإنقاذ مئات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.
وأكدت الأحد منظمة “سي ووتش” Sea-Watch الألمانية التي تساعد في إنقاذ مهاجرين في عرض المتوسط أنها نفّذت أربع عمليات إنقاذ في يوم واحد. وقالت على حسابها على تويتر “على متن سي واتش 3، لدينا 428 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، وامرأة حامل في الشهر التاسع، ومريض يعاني من حروق شديدة”.
وقالت سفينة أوشن فايكينغ OceanViking التابعة لمنظمة SOS Méditerranée غير الحكومية، إنها أنقذت 87 شخصًا بينهم 57 قاصرًا غير مصحوبين بذويهم، كانوا على متن “قارب مطاطي مكتظ في خطر في المياه الدولية قبالة ليبيا”.
ووصل 34 ألف مهاجر عبر البحر إلى إيطاليا بين الأول من كانون الثاني/يناير و22 تموز/يوليو، بالمقارنة مع 25500 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي و10900 في 2020، بحسب وزارة الداخلية الإيطالية.
وتعتبر المنظمة الدولية للهجرة أن وسط البحر الأبيض المتوسط أخطر طريق للهجرة في العالم. وقدّرت الوكالة التابعة للأمم المتحدة عدد من قضوا والمفقودين في هذه المنطقة بـ990 منذ بداية العام الحالي.
تتزامن هذه الزيادة الموسمية في عدد المهاجرين إلى ايطاليا خلال فصل الصيف هذا العام مع اضطراب المشهد السياسي الايطالي، خصوصًا بعد استقالة رئيس الوزراء ماريو دراغي التي نجمت عن عدم تعاون أطراف عديدة في حكومته.
اثر ذلك، حلّ الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا البرلمان وحدّد موعد إجراء انتخابات نيابية في 25 أيلول/سبتمبر يُرجّح أن يفوز بها اليمين واليمين المتطرّف بالأغلبية.
ندّد رئيس حزب “ليغا”Lega الايطالي المناهض للمهاجرين ماتيو سالفيني، عبر تويتر، بوصول “411 مهاجرًا غير شرعيين خلال بضع ساعات في لامبيدوزا”.
وتابع “في 25 أيلول/سبتمبر، سيتمكن الايطاليون أخيرًا من اختيار التغيير، لإعادة الأمن والشجاعة ومراقبة الحدود”.
وصول أكثر من ألفي مهاجر قاصر تونسي إلى إيطاليا
من جهته أكد “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” أن أكثر من ألفي قاصر تونسي وصلوا إلى إيطاليا بشكل غير نظامي منذ كانون الثاني/يناير 2022.
وتمكّن ما مجموعه 10139 تونسيا بينهم 2102 قاصرا و498 امرأة من الوصول إلى السواحل الإيطالية منذ مطلع العام، حسب ما أفاد المنتدى في بيان.
ولم تقدم المنظمة غير الحكومية المتخصصة في قضايا الهجرة غير النظامية مزيدا من التفاصيل حول سنّ القصّر.
في المقابل تم اعتراض أكثر من 14700 مهاجر غير نظامي كثير منهم من مواطني دول إفريقيا جنوب الصحراء، وتوفي 443 أو فُقدوا خلال الفترة نفسها، بحسب المصدر نفسه.
وكشفت وسائل إعلام محليّة عن وفاة معلمة تونسية عاطلة عن العمل وابنها البالغ من العمر أربع سنوات غرقا خلال محاولة للوصول إلى أوروبا بشكل غير نظامي من ساحل المنستير (وسط شرق) في 14 آب/أغسطس، وهي مأساة أكدها المتحدث باسم الحرس الوطني وأثارت ضجة في البلاد.
واعتبر “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” أن من أسباب تزايد الهجرة غير النظامية “واقع محلي مغرق في الضبابية والانهاك اليومي بتدهور الخدمات العمومية”، وهو ما “يجعل خطر البحر ثانويا في نظر الحالمين بحياة أفضل لهم ولأبنائهم”.
ودانت المنظمة “السياسات اللانسانية للاتحاد الأوروبي المقيّدة لحرية التنقل”. وفي تونس التي تمر بأزمة سياسية واقتصادية مستفحلة نحو أربعة ملايين فقير.
كما أن البلاد منقسمة بشدة منذ احتكار الرئيس قيس سعيّد للسلطتين التنفيذية والتشريعية في 25 تموز/يوليو 2021.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في 19 آب/أغسطس أنها أنقذت 101 مهاجراً قبالة سواحل المنستير في أسبوع واحد.
كما اعترض الحرس الوطني خلال عطلة نهاية الأسبوع في منتصف آب/أغسطس أكثر من 650 مهاجرا غير نظاميين بينهم مئات التونسيين، بحسب المصدر نفسه.
مع تحسن الأحوال الجوية تتزايد وتيرة محاولات الهجرة غير النظامية انطلاقا من السواحل التونسية والليبية نحو السواحل الإيطالية.
وتقع جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الصغيرة التي يتجه إليها كثر من المهاجرين على بعد 140 كيلومترا من الساحل الشرقي لتونس.
وفق أرقام نشرتها وكالة حرس الحدود الأوروبية (فرونتكس) في 12 آب/أغسطس، ناهز عدد المهاجرين غير النظاميين 14800 خلال تموز/يوليو، 30 بالمئة منهم تونسيون.
الأمن التونسي يحبط 46 محاولة
أعلنت قوات الأمن التونسية إحباط 46 محاولة هجرة غير نظامية بحرا خلال نهاية الأسبوع وإنقاذ وتوقيف 657 شخصا شاركوا فيها بينهم عشرات التونسيين والمصريين.
وقال الحرس الوطني في بيان إن وحداته العاملة في كافة سواحل البلاد تمكنت ليل الأحد الإثنين من “إحباط عدد 10 عمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة ونجدة وإنقاذ عدد 156 مجتازا”.
وأوضح المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي في البيان أن المهاجرين هم 102 يحملون جنسيات من دول إفريقيا جنوب الصحراء و54 تونسيًا.
كما كشف الحرس الوطني عن إحباط 11 محاولة هجرة أخرى ليل السبت الأحد في وسط البلاد وجنوبها أنقذ وأوقف خلالها 219 مهاجرا يحمل 113 منهم جنسيات من دول إفريقيا جنوب الصحراء والبقية تونسيون.
كما أحبط الحرس 23 محاولة هجرة بحرا ليل الجمعة السبت أوقف خلالها 225 مهاجرا نحو نصفهم من التونسيين والبقية من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
من جهته أفاد المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني محمد زكري وكالة فرانس برس أن وحدة عسكرية بحرية قامت الأحد بـ”إجلاء 42 مصريا” صعدوا على ظهر جرار بحري مكلف باسناد مصطبة بترولية قرب أرخبيل قرقنة وسط شرق البلاد.
وأضاف زكري أن المهاجرين المصريين أفادوا بأنهم أبحروا من السواحل الليبية.
مع تحسن الأحوال الجوية تتزايد وتيرة محاولات الهجرة غير النظامية انطلاقا من السواحل التونسية والليبية نحو السواحل الإيطالية التي تبعد نحو 200 كيلومتر.
تمر تونس بأزمة سياسية واقتصادية خطرة جعلت نحو أربعة ملايين من مواطنيها تحت خط الفقر، فيما تعيش ليبيا في حالة من الفوضى منذ عام 2011 شهدت نشوء ميليشيات تدير عمليات تهريب مربحة للمهاجرين المنحدرين خصوصا من دول جنوب الصحراء.
وفق أرقام نشرتها وكالة حرس الحدود الأوروبية (فرونتكس) في 12 آب/أغسطس، ارتفع عدد المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا عبر وسط البحر الأبيض المتوسط بنسبة 44 بالمئة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2022 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 42549 مهاجرا.
وتوضح معطيات “فرونتكس” أن عدد المهاجرين ناهز 14800 مهاجر خلال تموز/يوليو 30 بالمئة منهم تونسيون، كما ارتفع عدد المهاجرين المصريين عبر هذه الطريق البحرية ليتجاوز بقليل عدد التونسيين على امتداد الأشهر السبعة الأولى من عام 2022.
اليونان وتركيا
اتّهم وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراخي تركيا بإرغام مجموعة من المهاجرين على عبور الحدود مع اليونان، مؤكدًا مقتل فتاة سورية تبلغ خمسة أعوام كانت من بينهم.
وأعلنت الشرطة اليونانية أنها حددت موقع 38 مهاجرًا معظمهم سوريون، على الحدود اليونانية التركية، تقطعت بهم السبل منذ أيام، بحسب الأمم المتحدة، في جزيرة على نهر إيفروس الحدودي.
وأكد الوزير في بيان أثناء زيارة للمنطقة أن “تحت تهديد بالعنف، أرغموهم على التوجه نحو اليونان”.
وأوضح أن 35 سوريًا وثلاثة فلسطينيين كانوا قد وصلوا إلى الضفة التركية من النهر، وأرغمتهم السلطات التركية على التوجه إلى الجزيرة.
وأضاف “بحسب شهادات، قضت طفلة تبلغ خمسة أعوام على الأراضي التركية وهذا الأمر محزن”. وأشار إلى أن السلطات اليونانية ستطلب مساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف “العثور على جثة الطفلة على الجزيرة التركية كي تتمكن عائلتها من دفنها بكرامة”.
وقال الوزير إنه عُثر على مجموعة المهاجرين على متن قارب “على مسافة نحو أربعة كيلومترات من جزيرة إيفروس التركية”. ونُقلت امرأة حامل كانت ضمن المجموعة إلى المستشفى.
وأفادت منظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان ووسائل إعلام أن هؤلاء اللاجئين قد يكونوا ضحايا عمليات صد غير قانونية بين اليونان وتركيا، وقد تقطعت بهم السبل منذ أيام في جزيرة تقع في نهر إيفروس الذي يشكل الحدود بين البلدين.
دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى “اتخاذ تدابير عاجلة” لإنقاذهم.
وتواجه اليونان اتهامات من منظمات غير حكومية ووسائل إعلام لمسؤوليتها في الإبعاد القسري وغير القانوني المفترض للمهاجرين عن حدودها البحرية والبرية في بحر إيجه، بحسب شهادات ضحايا نشرتها منظمات غير حكومية ووكالة فرانس برس ووسائل إعلام أخرى. وتنفي الحكومة اليونانية المحافِظة هذه الاتهامات.
وصرح مسؤول في الجهاز الإعلامي لخفر السواحل اليونانيين لوكالة الأنباء الفرنسية بأنه “تم إنقاذ 29 شخصا من جنسيات أفغانية وعراقية وإيرانية والبحث لا زال جاريا عن 20 إلى 50 شخصا آخرين وفق شهادات أفراد كانوا على متن المركب الذي غرق”.
وتشارك في عمليات البحث، أربع سفن كانت في المنطقة التي غرق فيها المركب إلى جانب زورقي دورية تابعين لخفر السواحل ومروحية لسلاح الجو اليوناني. هذا وتعيق رياح قوية عمليات البحث بحسب بيان خفر السواحل.
وكان المركب أبحر من مدينة أنطاليا التركية متجها إلى إيطاليا وفق المصدر نفسه.
وبحسب الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، يلقى مئات الأشخاص حتفهم سنويا في بحر إيجه جنوب شرق المتوسط خلال محاولاتهم العبور إلى اليونان من تركيا في اتجاه شمال أوروبا.
المغرب
كما أعلن خفر السواحل الإسباني أن جهاز الإنقاذ عثر على قارب قبالة فويرتيفنتورا في جزر الكناري وعلى متنه ثلاثة مهاجرين لقوا حتفهم و45 آخرين بعضهم منهك للغاية.
وقال متحدث إن عناصر الإنقاذ في سالفامينتو ماريتيمو أنقذوا قاربا عالقا قبالة جزيرة فويرتيفنتورا بعيد منتصف الليل. وأوضح أن الطاقم عثر فيه على 45 ناجيا، هم 42 رجلا وامرأتان وطفل، بالإضافة إلى ثلاث جثث.
وأشار لوكالة الأنباء الفرنسية إلى أن “كل من تم إنقاذهم مغاربة باستثناء رجل من أفريقيا جنوب الصحراء”. وقال في تغريدة “تم نقل ستة أشخاص إلى المستشفى خمسة منهم في حالة خطيرة”.
ومنذ مطلع العام، خاض 9589 مهاجرا رحلة بحرية بالغة الخطورة بين السواحل الأفريقية والجزر الإسبانية، مقابل 7531 مهاجرا قبل عام، وفقا لأرقام وزارة الداخلية.
وغالبا ما تسفر محاولات الهجرة غير النظامية عبر سواحل المغرب الجنوبية والصحراء الغربية نحو جزر الكناري الإسبانية في المحيط الأطلسي، عن حوادث غرق.
ليبيا
ليبيا ليست دولة “آمنة” لآلاف المهاجرين واللاجئين الذين يمرّون عبرها في محاولة للوصول إلى أوروبا. ومع ذلك، يدعم الاتحاد الأوروبي مالياً السلطات الليبية لاعتراض المهاجرين وإبقائهم على الأرض الليبية.
عندما أراد غودوين الوصول إلى الساحل الإيطالي على متن قارب مطاطي، كانت ليبيا في خضم حرب أهلية. ويتذكر النيجيري البالغ من العمر 34 عامًا، “كان ذلك في عام 2019، حينها دفعت ستة الآف دينار (1100 دولار تقريبا) للصعود على متن القارب”.
ويروي العامل المياوم الذي ارتدى قميصا عليه بقع طلاء، أنه استقل آنذاك قارباً من سواحل مدينة الزاوية قرب طرابلس لوكالة فرانس برس، “كان الظلام دامساً، ولم أكن أعرف الوجهة بالضبط”.
وكما معظم المهاجرين، يتمسك بصورة رومانسية للقارة القديمة. “أردت فقط الذهاب إلى أوروبا لأعيش حياة طيبة”.
لكن النيجيري كان يدرك المخاطر. ويقول بشيء من الاستسلام، “قلت لنفسي إن نجوت فسيكون الحمد لله، وإذا متت فسيكون ذلك بمشيئته”.
وتحوّلت الرحلة المحفوفة بالمخاطر في البحر الأبيض المتوسط إلى كابوس. “عندما رأيت قاربًا ليبيًا يصل على متنه رجال مسلحون، ظننت أنني سأقفز في الماء. لم أرغب في العودة إلى ليبيا”.
ويتذكّر غودوين الذي يريد إعادة المحاولة في أقرب وقت، “أعادونا. لقد سُجنت وطُلب من عائلتي دفع ثلاثة الآف دينار (550 دولارا). دفعوا الفدية وأُطلق سراحي”.
ويروي حسين من جهته أنه حاول “الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر في عام 2017”.
والتقت وكالة فرانس برس هذا المهاجر السوداني بينما كان ينتظر تحت جسر للحصول على عمل يومي في مجال البناء مقابل 10 إلى 20 دولار يوميًا.
انطلق هذا اللاجئ البالغ من العمر 26 عامًا على طريق الهجرة مدفوعا بالبؤس، “في منتصف الليل”، على متن قارب اعترضه خفر السواحل الليبيون بعد فترة وجيزة. ويقول “سُجنت لمدة 28 ساعة قبل تمكني من الهرب”.
ومثل غودوين وحسين، يحاول عشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين الوصول إلى أوروبا كل عام، وغالبا ما يقعون ضحية المتاجرين بالبشر، عندما لا يموتون في البحر.
ومنذ كانون الثاني/يناير، أعيد حوالى 13 ألف شخص حاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط إلى ليبيا، وسُجن بعضهم، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة (IOM) التي أبلغت أيضًا عن 206 قتلى و 712 مفقودًا في البحر.
وسُجّل العام الماضي إعادة واعتراض أكثر من 32 ألف مهاجر أعيدوا إلى ليبيا، وفق المنظمة ذاتها. ويُعتقل المهاجرون في مراكز تسيطر عليها مجموعات مسلحة. كما توجد مراكز “غير قانونية” و”سرية” تخضع لمتورطين في عمليات اتجار بالبشر.
ويعد اعتقال المهاجرين بطريقة “تعسفية ومنهجية”، يتعرضون غالبا لعمليات “قتل واختفاء قسري وتعذيب” أو “عبودية وعنف جنسي واغتصاب وغيرها من الأعمال اللاإنسانية”، وفقًا للأمم المتحدة.
لكن كل هذا لا يمنع الاتحاد الأوروبي من تقديم الدعم المالي لخفر السواحل الليبيين بهدف منع الوافدين من الوصول إلى السواحل الأوروبية.
في بداية آب/أغسطس، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن حقوق الإنسان وكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس) بدعم، عبر استخدام طائرات بدون طيار، “جهود القوات الليبية لاعتراض قوارب” المهاجرين، على الرغم من “الأدلة الدامغة على التعذيب والاستغلال”.
على الشبكات الاجتماعية، استنكر العديد من المهاجرين الذين تقطّعت بهم السبل في ليبيا هذه المساعدات الأوروبية. وكتب حساب “اللاجئون في ليبيا” على موقع “تويتر”، “نعيش في خوف، نعذب بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين”.
ولا يقتصر الانتقاد على الدعم المالي الذي يقدمه الأوروبيون.
وتقول “ألارم فون” (Alarm Phone)، وهي منظمة غير حكومية تدير خطاً ساخناً للمهاجرين الذين يواجهون صعوبات، في تقرير صدر منتصف آب/أغسطس، إنها “شهدت سياسة عدم تقديم المساعدة مرات لا تحصى، مع تجاهل القوارب المهدّدة بالانقلاب في منطقة (الإنقاذ) المالطية”. ولا يعرف أحيانا ماذا حلّ بها.
وينتقد حسين الدول التي ينطلق منها المهاجرون أساسا، قائلا “بدلا من أن تدفع أوروبا لليبيا لوقف الهجرة، على الدول الإفريقية أن تعتني بشعوبها حتى لا يهاجروا. لو كان وضعي جيدًا، لما جئت إلى هنا”.
وتدافع السلطات الليبية عن نفسها، مؤكدة أنها لا تلجأ الى أي عنف. في منتصف أيار/مايو، أعلنت ليبيا اعتراض ثلاثة آلاف مهاجر في غضون أيام، تم تقديم حوالى 300 منهم للإعلام، بينما كانوا يبدون في وضع جيد في أحد مراكز الاحتجاز.
ويقول المسؤول عن المركز لوكالة فرانس برس “تتم الاعتقالات بحسب التدابير المعمول بها” في البلاد.
.
رابط المصدر: