وفاء صندي
كلما اقترب موعد 24 ديسمبر، كتاريخ إجراء أول انتخابات رئاسية فى ليبيا منذ عام 1951، كلما ازداد الجدل وتصاعدت حدة الخلافات والانقسامات بين الفرقاء السياسيين، الذين تبقى لكل واحد منهم حساباته الخاصة. قوانين الانتخابات ليست محل إجماع، والقاعدة الدستورية لا تزال محل خلاف كبير، وشروط الترشح للرئاسة فاقمت حالة الانقسام بين الفرقاء. والنتيجة ان المشهد الليبى لايزال مفتوحا على كل السيناريوهات ونحن على بعد أسبوعين تقريبا من الانتخابات. وصل عدد المرشحين للرئاسة إلى أكثر من 85 مرشحا، بعد ان تم فتح الباب امام الجميع للمشاركة دون إقصاء، وحتى أولئك الذين تم التشكيك فى أهلية ترشحهم، تم قبول طعونهم أمام القضاء الليبى،…
كلما اقترب موعد 24 ديسمبر، كتاريخ إجراء أول انتخابات رئاسية فى ليبيا منذ عام 1951، كلما ازداد الجدل وتصاعدت حدة الخلافات والانقسامات بين الفرقاء السياسيين، الذين تبقى لكل واحد منهم حساباته الخاصة. قوانين الانتخابات ليست محل إجماع، والقاعدة الدستورية لا تزال محل خلاف كبير، وشروط الترشح للرئاسة فاقمت حالة الانقسام بين الفرقاء. والنتيجة ان المشهد الليبى لايزال مفتوحا على كل السيناريوهات ونحن على بعد أسبوعين تقريبا من الانتخابات.
وصل عدد المرشحين للرئاسة إلى أكثر من 85 مرشحا، بعد ان تم فتح الباب امام الجميع للمشاركة دون إقصاء، وحتى أولئك الذين تم التشكيك فى أهلية ترشحهم، تم قبول طعونهم أمام القضاء الليبى، ربما من باب إبعاد شبح المقاطعة وقطع الطريق امام أى عرقلة مسبقة للانتخابات. ومع ذلك يبقى سيناريو الفوضى مطروحا.من ناحية، وضع رئيسا الحكومة والمجلس الرئاسى فى ليبيا، والذى يربط تسليم السلطة بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة توافقيا بين جميع الأطراف، وهو الشرط الذى يصعب تحقيقه فى ظل حالة الاحتقان. كما يبقى رفض المرشحين قبول النتيجة أمرا غير مستبعد. وعلى الأرجح ان معظم أطراف المعادلة السياسية لن تقبل بإقصائها من المشهد، لما يشكله ذلك من خطر وجودى على مكتسباتهم. ومع ما يمتلكونه من قوة عسكرية او مراكز سلطة اودعم المرتزقة والقوات الاجنبية، يمكن أن يؤدى ذلك إلى السيناريو الأسوأ.
بالنظر لصعوبة إفراز الانتخابات الليبية، بظروفها الراهنة، قيادة قادرة على توحيد ليبيا، وإنهاء أزمتها، ثمة حديث عن احتمال حدوث توافق دولى من أجل تأجيل الانتخابات لعدة أشهر إلى حين التوصل إلى صيغة دولية بين الأطراف الفاعلة فى ليبيا، تكون بمقتضاها القيادة الجديدة التى ستفرزها العملية الانتخابية قادرة على لم شمل الليبيين. لحدود كتابة هذا المقال، ليس هناك أى تأكيد لهذا الاحتمال، والتحضيرات مستمرة لعملية الانتخابات، لكن اذا طرأ أى متغير وأجلت الانتخابات فربما سيؤدى ذلك الى المزيد من الانقسام والعودة للعنف. بالإضافة الى ان تأجيل الانتخابات سيطرح اشكاليات حول شرعية استمرار حكومة الدبيبة وإلى متى يمكنها مواصلة عملها دون انتخابات، وسينتج عنه حالة من الغموض والصراع بشأن الخطوات المستقبلية.
فى المقابل، حتى لو أجريت الانتخابات فى موعدها، تبقى هناك مجموعة من التحديات المطروحة فى ظل الافتقار للمرشح التوافقى الذى يمكن ان تجتمع حوله كل المكونات الليبية، فضلا عن تصاعد نبرة التحزب الإقليمى، وصعود خطاب الكراهية، ما يجعل التنبؤ بالشكل الذى ستبدو عليه ليبيا فى اليوم التالى لإجراء الاستحقاق، سواء فى مرحلته الأولى أو الثانية، ربما يكون كارثيا.وكما اشرت الى ذلك، يبقى احتمال رفض نتائج الانتخابات واردا، لاسيما فى ظل عدم وجود آليات أو هياكل أمنية موحدة للسيطرة على الموقف، فضلا عن محدودية عدد ونطاق ولاية بعثة المراقبة الأممية الموجودة حاليا فى ليبيا لمراقبة وقف إطلاق النار. ومن المتوقع أن تشارك البعثة الأممية بشكل محدود فى مراقبة عملية الانتخابات، حيث إن دورها الأساسى مراقبة وقف إطلاق النار وحصر وتيسير عملية خروج المرتزقة والقوات الأجنبية.
من ناحية أخرى، تسبب إعلان المبعوث الأممى إلى ليبيا يان كوبيش استقالته بشكل مفاجئ فى إرباك المشهد قليلا، خاصة انها جاءت قبل اسابيع من عقد الانتخابات. حاليا يعكف الامين العام للأمم المتحدة على اختيار خليفة كوبيش سريعا حتى يتسنى له الانتقال إلى طرابلس قبل بدء العملية الانتخابية. ويبدو أن المفاضلة ستكون بين مرشح ألمانى، يعمل كمسئول بالخارجية الألمانية ويحظى بدعم أوروبى، لاسيما فرنسا وإيطاليا، ويتوقع أن يكون أكثر حيادية، ومرشحة أمريكية، شغلت منصب نائبة المبعوث حتى وقت قريب وكانت المحرك الأساسى وراء ملتقى الحوار الوطنى الليبى وتحظى بدعم حكومتها وامين عام الأمم المتحدة، لكن يتوقع معارضة روسيا لها، نظرا لتوجهاتها المعروفة واتصالاتها بالمنتمين للتيار الاسلامى.
التحدى الآخر الذى يلقى كثيفا بظلاله على الانتخابات الليبية هو استمرار وجود المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب. على الرغم من تأكيد المجتمع الدولى ضرورة إخراج القوات الأجنبية وليس المرتزقة فقط إلا أن هناك صعوبات عملية قد تحول دون تحقيق ذلك فى القريب العاجل، لاسيما أن أكبر القوات الموجودة على الأرض (تركيا وروسيا) هدفها من البداية إرساء وجود دائم فى ليبيا ولن تخرج بهذه السهولة.
.
رابط المصدر: