ماذا سيتعلم الغرب من الجائحة؟

دانيال جروس

يتهم السياسيون أحياناً القادة العسكريين بخوض الحرب الأخيرة. يمكن أن ينطبق هذا الحكم المتسرع بنفس القدر على صُناع السياسات، وهو ليس بالأمر السيئ دوماً.

على سبيل المثال، نظراً إلى أن العالم لا يزال يعاني جراء الأزمة المالية العالمية لعام 2008 (GFC)، تتوقع الحكومات والبنوك المركزية انهيار الأسواق المالية في أي وقت. في مواجهة جائحة كوفيد 19، يستخدمون كل الوسائل المتاحة لهم لتجنب تكرار تجميد السوق المالية الذي ثبت أنه مدمر للغاية قبل عقد من الزمان.

جاء رد الفعل السياسي تجاه الأزمة المالية العالمية متأخراً إلى حد ما وكان مضطرباً في البداية، خاصة في أوروبا، لأن صناع السياسات والجمهور لم يواجهوا بعد أزمة مالية أو تقصيراً حكومياً. لكن الحكومات والبنوك المركزية في أوروبا والولايات المتحدة تعلمت دروسها، وتقوم الآن بتطبيقها على نطاق واسع في محاولة للحد من الآثار الاقتصادية للوباء.

هذا هو الدرس الثاني من التاريخ العسكري: تميل الجيوش التي تتمتع بخبرة قتالية فعلية إلى أن تكون أقوى بكثير. ترجع الاستجابة الصحية المتأخرة لوباء كوفيد 19 على جانبي المحيط الأطلسي إلى حد كبير إلى نقص الخبرة.

لم تشهد أوروبا ولا الولايات المتحدة أزمة صحية عامة بهذا الحجم منذ جائحة الإنفلونزا الإسبانية في الفترة 1918-1919. وعلى النقيض من ذلك، تفاعلت الدول الآسيوية التي واجهت وباء متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) قبل أقل من 20 عاماً بشكل أسرع بكثير مع تفشي فيروس كوفيد 19، حيث نفذت تدابير احتواء شديدة، ما سمح لها بتسوية منحنى العدوى بسرعة نسبية.

هذه الاستجابة المترددة هي أيضاً السبب وراء رد الفعل العنيف من قبل الأسواق المالية. في البداية، كان المستثمرون يتوقعون ركوداً اقتصادياً حاداً ولكن قصير الأمد، يتبعه انتعاش سريع. ولكن مع تردد السلطات العامة الأوروبية والأمريكية، انتشر الفيروس وأضحت الأسواق في حالة من الذعر.

بدون تدخل، يبدو أن حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 تتضاعف بمعدلات هائلة.. ويمكن أن تزداد نسب تضاعفها أكثر. وبالتالي، فإن ثمن بضعة أسابيع من الجهل والإنكار يمكن أن يكون باهظاً.

Volume 0%

 

نظراً إلى عدم اليقين بشأن كيفية تطور الأزمة الصحية، يحاول المستثمرون بيع جميع الأصول الخطرة لحماية أنفسهم. هذا «الاندفاع المفرط من أجل النقد» يؤدي إلى سلسلة من المبيعات الطارئة التي تعطل العلاقات التجارية الطبيعية وتهدد أداء الأسواق.

لحسن الحظ، مع إدراك الأزمة المالية العالمية لعام 2008، يحاول المصرفيون المركزيون منع هذه النهاية السيئة. بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي في تنفيذ برامج ضخمة لشراء كل ما يعمل المستثمرون الخائفون على التخلص منه في الوقت الحالي.

بطبيعة الحال، فإن ما يضمن الهدوء الحقيقي واستمرار عمل الآلة المالية خلال جائحة كوفيد 19، هي البنولك المركزية، إلا أنها لا تستطيع أن تفعل الكثير لمساعدة ملايين الشركات الصغيرة على البقاء لفترة طويلة بدون إيرادات. على الحكومات تقديم قروض سخية وبرامج دعم أخرى لمنع حالات الإفلاس الجماعي.

سينتعش الاقتصاد العالمي عاجلاً أم آجلاً، لأن رأس المال والتكنولوجيا والعمالة ما زالت مُتاحة. إذا تمكنت الجهود المشتركة لمحافظي البنوك المركزية والحكومات من الحفاظ على استمرار الأسواق المالية ومنع الإفلاس الجماعي، فمن المحتمل أن يتبع الركود العالمي الحتمي انتعاش قوي بمجرد احتواء الفيروس. لكن هذا يتطلب من المجتمعات الغربية التكيف والتعلم بسرعة كيفية حماية الصحة العامة.

 

رابط المصدر:

https://www.albayan.ae/knowledge/2020-04-16-1.3832110

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M