ما فهمته من دعاء (البهاء)

بهاء النجار

يعرف المؤمنون أن دعاء (البهاء) المروي عن الإمام الرضا عليه السلام – وهو دعاء الإمام الباقر عليه السلام – من أدعية السحر الموصى بالمحافظة عليها في ليالي شهر رمضان المبارك ، ولهذه الأهمية كان من المهم أن يكون هناك شرح مبسط يوضح للداعين ما يدعون ، فدعاء (البهاء) يتكون من عدة فقرات متشابهة في الهيكلية متغيرة في تفاصيلها ، وسنقسّم كل فقرة الى فقيرات ونشرحها ونطبقها على باقي الفقرات حتى نفهم الدعاء بهذه الصورة المبسطة ، لنأخذ الفقرة الأولى من الدعاء :
( اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي ، اللهم إني أسألك ببهائك كله )
نقسم هذه الفقة الى الأجزاء الثلاثة :
– ( اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه ) : وهو جزء التوسل
– ( وكل بهائك بهي ) : وهو جزء التوضيح
– ( اللهم إني أسألك ببهائك كله ) : وهو جزء التوسل المؤكد

هذه الأجزاء نجدها تقريباً في كل فقرات الدعاء الأخرى ، حيث كل فقرة يتوسل الداعي بأهم مقام من مقامات صفة معينة من صفات الباري عز وجل ، ففي الفقرة أعلاه يتوسل الداعي بأبهى بهاء للباري سبحانه ، وعندها نفهم أن لله بهاءً يتألف من عدة مقامات ومستويات ، وحتى يكون التوسل في أفضل مستوياته يتوسل الداعي بأفضل مقامات هذا البهاء فيقول ( اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه ) ، واغلب فقرات هذا الدعاء يستخدم مقامات الصفة الإلهية المتوسل بها من نفس جنس تلك الصفة ، كما في الفقرة أعلاه ، فالداعي المتوسل يتوسل بأبهى بهاء الله عز وجل ، وفي فقرات أخرى ( اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله ) و ( اللهم إني أسألك من جلالك بأجله ) و ( اللهم إني أسألك من عظمتك بأعظمها ) وهكذا ، بينما توجد فقرات أخرى لا يستخدم أفضل مقام للصفة الإلهية من نفس جنس تلك الصفة ، مثل ( اللهم إني أسألك من رحمتك بأوسعها ) أو ( اللهم إني أسألك من كلماتك بأتمها ) وهكذا . وهذا يعني أن الإمام عليه السلام يريد أن يعلمنا أن لكل صفة لله عز وجل مقامات بعضها من جنس الصفة وبعضها من غير جنس حتى تتوسع مداركنا العقائدية لفهم هذا المطلب .
وحتى لا يخطر ببال أحدنا أن وجود عدة مقامات لصفات الله جل شأنه يعني أن أقل مقام لأي صفة هو مقام وضيع يأتي الجزء الثاني من كل فقرة لينفي هذا التصور ويؤكد أن كل مقامات هذه الصفات الإلهية – على الأقل المذكورة في الدعاء – هي في مقام سامٍ ، بحيث أن أدنى مقام من مقامات الصفة الإلهية هو مقام رفيع ، ففي الجزء الثاني من الفقرة أعلاه يقول الداعي ( وكل بهائك بهي ) أي أن كل بهائك بجميع مقاماته ومستوياته بهي ، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي فقرات الدعاء الأخرى ، ( وكل كمالك كامل ) و ( كل مشيئتك ماضية ) و …..
وفي الجزء الأخير من كل فقرة من فقرات هذا الدعاء العظيم يدمج بين الجزئين الأول (التوسل) والثاني (التوضيح) بتوسل يؤكد أن جميع مقامات الصفات الإلهية – على الأقل المذكورة في الدعاء – هي مقامات سامية وكلها نافعة في التوسل ، فيتوسل بجميع مقامات تلك الصفة الإلهية فيقول ( اللهم إني أسألك ببهائك كله ) وفي باقي فقرات الدعاء ( اللهم إني أسألك بقولك كله ) و ( اللهم إني أسألك بمسائلك كلها ) و ( اللهم إني أسألك بسلطانك كله ) .
وهنا عرفنا عظمة هذا الدعاء من عظمة صفات الله العظيم المتوسل به ومن عظمة مقامات تلك الصفات ، وكون ما يستفاد من هذا الدعاء ليس الدعاء وحده مع عظمة هذه الفائدة إلا أن المعارف التي يمكن أن نستفيد منها عظيمة أيضاً لأنها معارف عقائدية ، وفقنا الله وإياكم لفهم وفقه أدعية المعصومين عليهم السلام وأقوالهم وأحكامهم وحكمهم ومواعيظهم لأنها منار لنا في الأودية الظلماء .

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M