مرة أخري وليست أخيرة جزيرة تيران

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة 

 

تجري حالياً مشاروات بين مسئولين أمريكيين وسعوديين بشأن زيارة مُحتملة يقوم بها الرئيس الأمريكي  Joe Biden للمملكة العربية السعودية لم يُحدد موعدها حتي الآن , وقالت شبكة سي إن إن إن المسؤولين الأمريكيين والسعوديين يأملون في تنظيم اجتماع بين الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي , وسيتوجه الرئيس الأمريكي لزيارة الكيان الصهيوني  والضفة الغربية الشهر القادم وهي الزيارة الأولي له للمنطقة منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة , وقد تتضمن زيارته تلك فرصة الإلتقاء بشركاء آخرين في المنطقة   .

مازالت العلاقات  الأمريكية / السعودية تتقدم ولكن في مسار ضيق وربما وعر , فحالة حقوق الإنسان في السعودية مثار إنتقاد حاد لدي قطاع مؤثر داخل الإدارة الديموقراطية وموقف المملكة السعودية غير المواتي وغير المُعتاد في ملف الطاقة وطلب الولايات المتحدة زيادة الإنتاج النفطي بما يشبع مطالب حلفاء الولايات المتحدة وبما يُشكل ضربة لإقتصاديات الطاقة الروسية التي تُعد أحد روافد قدرة روسيا علي مواصلة الحرب بضراوة علي أوكرانيا وبالتالي إضعاف موقف حلف NATO في النهاية وأخيراً تنامي قوة العلاقات الصينية / السعودية خاصةً في ِشأن مشتريات السلاح الصيني  من قبل السعودية وما يُمكن أن يُؤدي إليه هذا من إتاحة منفذ للصين لعموم منطقة الخليج العربي وخفض إعتمادية المملكة السعودية علي تحالفها التاريخي علي الولايات المتحدة مع تداعيات ذلك علي ملفات إقتصادية وسياسية  داخلية وخارجية مختلفة للمملكة وللصين معاً وما يُمكن أن يُؤدي إليه ذلك من تناقص في جاذبية الخيارات الأمريكية للمنطقة خاصة مع تمدد الصين في منطقة المحيط الهادئ وتوقيع الصين في نهاية مارس 2022 إتفاق أمني مع حكومة Manasseh Sogavare قد يتيح قاعدة للعسكرية الصينية في جزر سليمان وربما يتلوها دول جزرية  أخري هناك , فقد قام وزير خارجية الصين Wang Yi الذي يزور جزر سليامان و5 دول جزرية أخري علي الأقل واقعة بالمحيط الهادئ وسط إضطراد التوتر في المنطقة بسبب إضطراد الوصول الصيني العسكري والإقتصادي للمنطقة وتناقص الدرين الأمريكي والأسترالي وبالتبعية النيوزلاندي يالمنطقة وهو بالضبط ما قد يؤدي إليه التباعد وضيق مسار العلاقات الأمريكية / السعودية وطول مسافة هذا التباعد زمنياً قد تستغله الصين , فالصين تتحرك بحرية أكبر في هذه الأزمنة .

ربما أن المملكة إختارت طوعاً هذه الدرجة من الإختلاف مع الحليف التقليدي والتاريخي الأمريكي إعتماداً علي القوة النسبية للعلاقات السعودية مع الكيان الصهيوني وخاصة منذ توقيع الكيان الصهيوني في 15 سبتمبر2020 برعاية أمريكية لما يُسمي بإتفاقيات إبراهيم مع الإمارات والبحرين , إذ أن المملكة لم تعترض علي هاتين الإتفاقتين ولم تنتقدهما , لكنها أوضحت في ذلك الوقت أنها لن تطبيع العلاقات مع إسرائيل ما لم يكن هناك تقدم جاد في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية , ويمكن للمفاوضات الناجحة أيضًا أن تخفض التوترات بين إدارة بايدن والمملكة العربية السعودية , بل إن رئيس الكيان الصهيوني يتسحاق هرتسوج أعرب عن رغبته في زيارة السعودية علنًا وضمها إلى مجموعة الدول العربية الأطراف باتفاقية إبراهيم مع الكيان الصهيوني الذي يُشكل بلا إدني شك الواقي من الصدمات , كما أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس زار واشنطن في الأسبوع الأول من مايو2022 لعقد اجتماعات مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الدفاع لويد أوستن شجع خلالها الولايات المتحدة على تعزيز التحالف المناهض لإيران في الشرق الأوسط , وكان جانتس يمكث في نفس الفندق الذي يوجد فيه موظفو وزير الدفاع السعودي ، مما أثار تكهنات بين البعض بأنه قد يكون هناك بعض الاتصالات السرية بين الجانبين , وقد إلتقي جيك سوليفان خلال اجتماع مع محمد بن سلمان العام الماضي2021 في مدينة نيوم الواقعة على البحر الأحمر و أثار فكرة التطبيع مع إسرائيل ووفقًا لموقع أكسيوس الإخباري قدم ولي العهد السعودي بدوره للمسؤولين الأمريكيين قائمة بالخطوات التي يجب أن تتم قبل المضي قدمًا في اتفاق التطبيع هذا وشملت تلك الخطوات تحسنا في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية بعد فتور العلاقات منذ انتخاب Joe Biden .

قبل زيارة الرئيس Joe Biden للكيان الصهيوني والضفة الغربية المُتوقعة في يونيو2022 تنهمك الإدارة الأمريكية في إتخاذ اللازم نحو التوسط فيما بين السعودية والكيان الصهيوني وربما مصرلإستكمال إنهاء عملية نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير (المصريتين) للمملكة العربية السعودية وكانت هذه المسألة أحد نقاط البحث والتشاور بين ولي العهد السعودي ومدير المخابرات الأمريكية وليم بيرنز في زيارته للملكة في مايو 2022  ويكمن خلاف السعودية مع الصهاينة في قضية رئيسية هي القوة المتعددة الجنسيات للمراقبين , فوفقاً  لمصادر : فإن السعودية وافقت على إبقاء الجزيرتين منزوعتا السلاح والالتزام بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة لجميع السفن في خليج العقبة لكنها أرادت إنهاء وجود المراقبين متعددي الجنسيات في الجزر , واتفق المسؤولون الإسرائيليون على النظر في إنهاء وجود القوة متعددة الجنسيات كما تريد السعودية ، لكنهم طلبوا ترتيبات أمنية بديلة تحقق نفس النتائج (قد يكون أفراد صهاينة فقط) , إذن الخلاف في وجهة نظر الجانب السعودي يتعلق بإنهاء عمل القوة المُتعددة الجنسيات وبالتالي فالسعودية لا ترغب أو لا تعترف بهذا الإلتزام الوارد في معاهدة السلام المصرية / الصهيونية , أما الصهاينة فيريدون ما هو اكثر خطورة فهم يريدون إنهاء مهمة القوة المُتعددة الجنسيات لإنهم طلبوا ترتيبات أمنية بديلة تحقق نفس النتائج .

نشأت القوة المُتعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء (ق.م.ج.م.س) نشأة أمريكية , فبمجرد إصدار مجلس الأمن الدولي بجلسته رقم 1747للقرار 338 بتاريخ 22 أكتوبر 1973برعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبموافقة 14 صوتاً مقابل لا شيء ونصه ” إن مجلس الأمن : 1- يدعو جميع الأطراف المشتركة في القتال الدائر حالياً إلى وقف اطلاق النار بصورة كاملة ، وانهاء جميع الأعمال العسكرية فوراً في مدة لا تتجاوز 12 ساعة من لحظة اتخاذ هذا القرار، وفي المواقع التي تحتلها الآن , 2- يدعو جميع الأطراف المعنية إلى البدء فوراً بعد وقف اطلاق النار بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (242) (1967) بجميع أجزائه , 3- يقرر أن تبدأ فور وقف اطلاق النار وخلاله مفاوضات بين الأطراف المعنية تحت الإشراف الملائم بهدف إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط ” , لكن لما لم تستجب الأطراف المُتحاربة لوقف إطلاق النار إجتمع مجلس الأمن في 22 أكتوبر 1973 لذلك أصدر القرار 339 ثم قرار أخير برقم 340 في 25 أكتوبر 1973, تلي ذلك مُعاودة الولايات المتحدة لممارسة دبلوماسية الخطوة – خطوة التي إضطلع بها وزير الخارجية هنري كيسينجر والتي بدأت برعاية الأمم المُتحدة بدعوة قائد قوات الطوارئ الدولية إنزيو سيلاسڤو كل من مصر والكيان الصهيوني لمباحثات الكيلو 101 علي طريق السويس / القاهرة وكان ذلك أول تطبيق علي الأرض لمضمون قرارات مجلس الأمن المُتتالية أرقام 338و339 و340, وكان الهدف الرئيسي والوحيد لهذه المحادثات العسكرية هو تحديد خطوط وقف إطلاق النارعلي الضفة الغربية من قناة السويس بالإضافة إلي تحديد مواقع تمركز عناصر قوات الطوارئ الدولية وكان ذلك آخر تدخل عسكري لمراقبين عسكريين تابعين للأمم المُتحدة في سيناء أو بين مصر وإسرائيل , ولم تكن الولايات المُتحدة ببعيدة عن هذه المرحلة فكانت تتابعها عن كثب نظراً لما توليه من أهمية بالغة لهذه المنطقة وهو بالضبط ما عناه السيد هارولد سوندرز مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأدني وجنوب آسيا في كلمته أمام مجلس الشئون العالمية في سانت لويس في 6 نوفمبر 1979 إذ قال ” هناك من المصالح الأمريكية المهمة والمُختلفة ما يتجمع في الشرق الأوسط اليوم أكثر مما يتجمع في أية منطقة أخري من العالم النامي والولايات المتحدة لم تعد تملك الخيار لتحديد المسافة التي تفصلها عما يحدث هناك ” , وسعت الولايات المتحدة ومصر لدي مجلس الأمن لإستصدار موافقة بتكوين قوة حفظ سلام لكنها فشلا وكانت إجابة رئيس مجلس الأمن Masahiro Nisibori علي طلب وزير الخارجية المصري في رسالة بعثها للأخير بتاريخ 18 مايو 1981 نصها ” بالإشارة إلي كتابكم بتاريخ 21 أبريل 1981 , أتشرف بأن أبلغ سعادتكم بأن المشاورات الفردية التي أجريتها تمخضت عن أن أعضاء مجلس الأمن غير قادرين لأسباب مختلفة علي الوصول لإتفاق حول الإقتراح المذكور في كتابكم ” . وكانت معاهدة السلام المصرية / الصهيونية قد سُجلت لدي الأمانة العامة للأمم المتحدة في 15 مايو 1979 وفقاً للمادة 102 من ميثاق الأمم المُتحدة .

وقعت مصر و الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في 3 أغسطس 1981بواشنطن علي بروتوكول إنشاء القوة المتعددة الجنسيات والمُراقبين بعد مفاوضات ثلاثية تمخضت عن هذا البروتوكول المغرق في التفصيل مع المُلحق المُرفق به والذي نُص فيه علي أنه مُكمل للبروتوكول نفسه , ووفقاً لما أشار إليه مُلحق بروتوكول إنشاء القوة بالبند 19 منه أشار إلي أن حجمها يتكون من مقر قيادة وثلاث كتائب مشاة ولا يزيد مجموع أفرادها عن 2000 فرد ووحدة دوريات ساحلية ووحدة مُراقبين وعنصر ملاحة ووحدات شئون إدارية وإشارة , ووفقاً لما ورد بالبند 34 فإن هذه القوة عليها أن تبدأ في ممارسة مهامها سعت 1300 يوم 25 أبريل 1982(بعد جلاء القوات الصهيونية عن سيناء تماماً *(2) , وكان نشوء هذه القوة بهذه الكيفية نهاية لدور الأمم المتحدة في مراقبة الوضع العسكري بين مصر وإسرائيل ونقلة نوعية للعلاقة العسكرية بين مصر والولايات المتحدة وهي علاقة ذات تأثير تبادلي مع مختلف ملفات العلاقات الثنائية بين البلدين , التكوين الحالي للقوة المُتعددة الجنسيات والمُراقبين في سيناء قوامه من 13 دولة منهم دول أعضاء في حلف الأطلسي وتمثل القوات الأميركية وحدها ما يقرب من 40 % من تعداد القوة الذي لا يزيد على 2000 جندي ، يليها من حيث الحجم كولومبيا وفيجي , وتقدر الميزانية السنوية للقوات في أحد التقديرات ما يقرب من 65 مليون دولار أميركي تتقاسمهما كل من مصر وإسرائيل أما على الجانب الآخر في المنطقة (د) فيوجد ما يقرب من 50 مراقباً كلهم من المدنيين , وتُدار القوة من مقر قيادتها الرئيسي في روما بالإضافة إلي مقرين إقليميين في القاهرة وتل أبيب ,  وتتمركز هذه القوة في قاعدتين : الأولى في الجورة في شمال سيناء في المنطقة (ج) ، والثانية بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة في جنوب سيناء وتتوزع عمليات المُراقبة علي ثلاثين مركز مراقبة في سيناء ومركز إضافي في جزيرة تيران بمدخل خليج العقبة  .

إن نشأة ق.م.ج.م.س من وجهة نظر أمريكية صرفة مُؤسسة علي مفهوم ضمان أمن إسرائيل الذي يُعد في تقديرالإدارات الأمريكية المُتعاقبة مصلحة أمريكيةعُليا تتضمنها “إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي” , لذلك فقد خضع إستمرارها لأسس هذه الإستراتيجية , لذلك كانت ومازالت ق.م.ج.م.س أحد أدوات الولايات المُتحدة في دعم امن الكيان الصهيوني , وهو ما يزيل عنها الكثير من مضمون مفهوم كونها “مجرد قوة حفظ سلام ” كما تفترض مصر فيها أن تكون , وهناك ثمة أدلة مُتنوعة عن إستخدام الولايات المتحدة عدة وسائل تتضمنها علاقاتها الثنائية مع مصر لتطويع بعض السياسات المصرية منها المعونة الأمريكية و “ق.م.ج.م.س” , فالقوة وظفتها الولايات المتحدة لتكون أداة ضغط كغيرها من مكونات علاقاتها بمصر ومن أمثلة ذلك التصريح الذي أدلي به وزير الخارجية المصري الراحل أحمد ماهر عقب لقاءه بمدير عام ق.م.ج.م.س أرثر هرجز بمناسبة  التجديد له لمدة عام في المنصب نفسه بموافقة مصر وباقي الأطراف المعنية فقال إيضاحاً لما صدر عن الإدارة الأمريكية بشأن خفض مساهمتها في  ق.م.ج.م.س ما نصه ” إن ما هو مطروح حالياً هو تعديل هيكلة المُشاركة الأمريكية في القوات المُتعددة الجنسيات وهو موضوع طرحه وزير الدفاع الأمريكي وأنه مازال محل مناقشات داخل الإدارة الأمريكية ” , لكنه أي الوزير / ماهر أكد “أن هذا التوقيت غير مناسب لإتخاذ مثل هذا الإجراء “, *(3) , وظلت هذه “الأزمة المكتومة ” قائمة ويجري تناولها داخل أروقة وزارة الدفاع الأمريكية وبالتنسيق المُسبق مع الكيان الصهيوني , إلي أن أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن محادثات رسمية بمشاركة مسئولين مصريين وأمريكيين وصهاينة قد بدأت حول تخفيض المُشاركة العسكرية الأمريكية في قوات حفظ السلام مُتعددة الجنسيات في سيناء , وأضافت أن مصر وإسرائيل تتفهمان الحاجات والمُتطلبات العسكرية للولايات المُتحدة في عدة مناطق بالعالم خاصة عقب هجمات 11 سبتمبر والحرب علي الإرهاب , وقد علق  وزير الخارجية المصري / أحمد ماهر علي ذلك بقوله ” إن واشنطن تري أنه ليس لهذه الخطوة أي مدلول سياسي وأنها ترتبط بإعادة هيكلة القوات الأمريكية ودورها في الخارج  .

إن السعودية في الغالب تطمح في أن تضم جزيرتا تيران وصنافير إلي مشروع نيوم السياحي فالسعودية تريد أن تنوع نشاط السياحة كما انها تري ان تضمين جزيرتي تيران وصنافير في مشروع نيوم سوف يجعل التطبيع مع العالم غير الإسلامي وخاصة مع الصهاينة أكثر رواجاً , وبالتالي فإن وجود القوة مُتعددة الجنسيات لا مبرر له والحالة هذه , فطبيعة الجزيرتين ستكون طبيعة سياحية بحتة والحفاظ علي هذه الطبيعة أحد قناعات ولي العهد السعودي الذي لايؤمن بأن موقع الجزيرتين إستراتيجي بالنسبة للصهاينة الذين قد يبحثون الآن فقط عن حل للموائمة بين الطبيعتين السياحية والأمنية للجزيرتين , لكنهم أبداً لن يتخلوا عن عقيدتهم الأمنية فيرون في الجزيرتين طبيعة أخري غير الطبيعة الأمنية الإستراتيجية فهم يبحثون عن موائمة وقتية صورية لأن هدفهم الأبعد ضم الجزيرتين للقوس الأمني للكيان الصهيوني ولا وقت لديهم لهرطقات ولي العهد السعودي وهم لذلك يبحثون في ترتيبات أخري بديلة للقوة المتُعددة الجنسيات  , وخطورة تسليم مصر الجزيرتين لا يكمن فقط في إنكشاف ظهر شبه جزيرة سيناء بل تمهيد الطريق نحو تخلي الأمريكيين عن أمر ومسئولية القوة مُتعددة الجنسيات وهذا ما نادوا به وأخطروا وأعلنوا عنه للجانب المصري العسكري والسياسي مراراً , صحيح تحدثوا عن تعديل في هيكل القوة لكننا نعرف أن الأمر يبدأ بالتخلي عن المُسمي والتكوين الفعلي للقوة مُتعددة الجنسيات لأنها في النهاية عبء علي الجانب الأمريكي يمكن التخلص منه ببديل يتناسب ويفي بمتطلبات الأمن الصهيوني الذي من أجله نشات القوة مُتعددة الجنسيات والمُراقبين خاصة وأن هناك إلتزامات وتكلفيات عسكرية مُتنوعة للولايات المتحدة علي مستوي العالم .

هناك ضرورة لأن يتحدث الجانب المصري مع السعوديين في ضرورة عدم التخلي عن شمول مهمة قوة حفظ السلام والمُراقبين في جزيرتي تيران وصنافير من أجل صيانة الأمن القومي المصري خاصة وأن أمن شبه جزيرة سيناء مُستهدف الآن قبل أي وقت مضي , لأن إصرار السعوديين علي التخلي عن القوة المُتعددة الجنسيات قد يدفع الجانب المصري إلي التخلي من جانبه عن تنازله عن الجزيرتين للسعودية خاصة وأن التنازل غير مشفوع بأسباب قانونية مُقنعة , وإذا ما فعلت مصر ذلك فستكون مُضطرة لأسباب تتعلق بالأمن القومي المصري وهي تظل أسباب معقولة حتي لو لم يتعلق الأمر بالجزيرتين , فروسيا أعلنت عن عملية عسكرية (الحرب) في أوكرانيا لمجرد حديث عن إنضمامها لحلف NATO , فلابد أن تصر مصر لأن الكيان الصهيوني لن يكون بنفس درجة الإصرار علي الحفاظ علي مهمة القوة مُتعددة الجنسيات والمُراقبين وشمولها جزيرتي تيران وصنافير ولا أقل من هذا نظير التخلي المصري .

الذي تم تسريبه للإعلام الغربي بشأن القوة المُتعددة الجنسيات والمُراقبين في جزيرة تيران والخلاف بين السعوديين والصهاينة قد يكون خلافاً مفتعلاً لتخدير الجانب المصري فكما أشرت إنهاء عمل القوة المُتعددة الجنسيات في جزيرة تيران قد يكون ويصلح لأن يكون مُقدمة لإنهاءها في شبه جزيرة سيناء وهو ما يجب منع حدوثه .

إتصالاً بهذه النقطة هناك ضرورة لأن تُشدد البحرية المصرية قبضتها الإستراتيجية علي جزرها في البحر الأحمر في هذا التوقيت , فقد يفتعل الكيان الصهيوني نزاعاً علي إيلولة إحدي هذه الجزر لمصر .

إن الخلاف الراهن بين السعودية والكيان الصهيوني – كما أشرت – علي شمول جزيرة تيران لمهمة وعمل القوة مُتعددة الجنسيات ربما يكون تسريباً إعلامياً لصرف النظر عن إتفاق آخر بين الجانبين وصرف نظر الجانب المصري بالتالي . هذه المسالة إستراتيجية ولا يُستهان بها للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة معاً وأحد نقاط إعادة إنطلاق العلاقات الأمريكية / السعودية , لكنها ماتزال حتي هذا الوقت مشكلة , لكنها قابلة للحل والذوبان في قضية أخري وهي قضية موافقة الإدارة الأمريكية علي توريث ولي عهد السعودية سلطة الملك , وهذه المشكلة المستعصية علي الحل فإن حلت فسيتم نقل ملكية جزيرة تيران للملكة السعودية بل وإعتراف المملكة العربية السعودية رسميا بمعاهدة السلام المصرية / الصهيونية وإلتزاماتها بشكل أو بآخر , وبعدها سينطلق الكيان الصهيوني مع السعودية في عملية تطبيع واسعة المدي ملفاتها جاهزة تنتظر فقط توقيع الجانبين السعودي والصهيوني ,.

سيكون إنجازاً مهماً وإستراتيجياً للكيان الصهيوني نقل ملكية الجزيرتين بإلتزاماتهما القانونية للسعودية وهي المنصوص عليها في معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني الُموقعة في 26 مارس 1979, فإدارة الرئيس   Bidenإن نجحت في إتمام إنهاء نقل الجزيرتين الاستراتيجيتين في البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة الذي يسميه الكيان الصهيوني “خليج إيلات”من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية , فسيكون ذلك إنجازاً أيضاً للولايات المتحدة التي بدأت بعد أكثر من عقدين من الإعلان عن تأسيس المملكة العربية السعودية في14 أغسطس 1932 في إصطناع الطلب السعودي إصطناعاً علي الجزيرتين وخاصة جزيرة تيران التي تقع علي مدخل خليج العقبة والتي جعلت من الممر الذي يوجد بينها وبين الساحل المصري في شبه جزيرة سيناء ممراً مصريا خالصاً أما علي الجانب الآخر المُواجه لخيج العقبة فقد تسببت وعورة التضاريس البحرية في صعوبة بل إستحالة المرور وصولاً لمينائي العقبة الأردني وإيلات الصهيوني في نهاية خليج العقبة  .

عندما قام العاهل سعود بن عبد العزيز آل سعود بزيارة واشنطن في فبراير 1957 وإلتقي بالرئيس Eisenhower  – وكان اللقاء قي أعقاب نتائج العدوان الثلاثي علي مصر وإحتلال قوات الكيان الصهيوني لشبه جزيرة سيناء وبالتالي لجزيرة تيران التي تحكمت بواسطة مضيقها في الملاحة الإسرائيلية بالبحر الأحمر – تناول فيه العاهل السعودي والرئيس الأمريكي موضوع جزيرة ومضيق تيران بناء علي رؤية أمريكية تعتبرها جزيرة سعودية , وبعد هذا اللقاء عاودت واشنطن التأكيد علي رؤيتها تلك , إذ بعد عودة العاهل السعودي لبلاده تلقي رسالة من الرئيس Eisenhower مُؤرخة في 14 فبراير 1957وهي محفوظة بوثائق عهد Eisenhower تحت رقم 38 تضمنت ما نصه : * (2)” جلالة الملك : خلال زيارتكم الأخيرة لواشنطن ناقشنا سلسلة من الموضوعات تتعلق بالشرق الأوسط . وإتفقنا أيضاًعلي أنه ووفقاً لما قد تتطلبه الظروف في المستقبل علي الإتصال فيما بيننا للنظر في الموضوعات ذات الأهمية , وأحد هذه الموضوعات مسألة الإنسحاب الصهيوني من غزة ومنطقة مضايق العقبة (يعني مضايق جزيرة تيران) التي تصدرت إهتمامات الأمم المتحدة منذ مغادرتكم , ووفقاً لذلك فقد أعطينا إهتماماً جديداً لهذا الموضوع الهام , إن أفكارنا نُوقشت مع الأمين العام للأمم المتحدة وهي معروفة من قبل ممثلي مصر وإسرائيل , إن الموضوع نُوقش أيضاً مُؤخراً مع نائب وزير خارجيتكم وسفير جلالتكم , هناك دوائر صحفية قد قامت بالتضليل , ولتجنب أي سوء فهم فإني أريد أن أُعيد التأكيد علي جلالتكم ما يتعلق بموقفنا , إننا نقف أولاً وقبل كل شيئ مع إنسحاب إسرائيلي عاجل من غزة ومضايق العقبة , وجهودنا مُوجهة لتحقيق هذا وبصفة عاجلة , كما أننا لا نعتقد أن إسرائيل ينبغي لها أن تجني مميزات من غزوها أو أن علي مصر أن تبذل وعوداً جديدة لإسرائيل لتؤمن إنسحاباً إسرائيلياً , وفي نفس الوقت , وكما أشرنا لجلالتكم في واشنطن فإننا نعتقد ونظل نعتقد دائماً أن المياه بخليج العقبة لها صفة دولية . ونحن نفهم أن هذه النظرة نشارك مصر فيها كما أشارت إلي ذلك مذكرة من الحكومة المصرية  عام 1950 سُلمت للسفير الأمريكي والتي نُص فيها بأن الإحتلال المصري للجزيرتين تيران وصنافير بمدخل خليج العقبة فقط لحماية الجزر نفسها ضد أي ضرر أو إنتهاك , وأن ” هذا الإحتلال ” لا يكون علي أي وجه من الأوجه إنطلاقاً من روح عرقلة وإعتراض المرور البرئ عبر مدي المياه الفاصلة  ما بين هاتين الجزيرتين والساحل المصري بسيناء ” , وتابعت المذكرة القول “إن هذا الممر هو الممر العملي الوحيد وأن مصر تقر بمبادئ قانون الأمم ” , وبعد ذلك قامت الخارجية السعودية بتعميم مذكرة مُؤرخة في 31 مارس 1957علي البعثات الدبلوماسية المُعتمدة بالسعودية , أردفتها بأخري وُجهت لأمين عام الأمم المتحدة ووُزعت علي ممثلي الدول أعضاء الهيئة الدولية , وكلاهما بشأن التأكيد علي أن الجزيرتين تابعتين للسعودية .

في هذ التوقيت وتزامناً مع الزيارة كان نائب وزيرالخارجية المصري قد نشر بتاريخ 8 فبراير1957 الإتفاق بشان وضع قوة الطواري التابعة للأمم المُتحة في مصر , وفي7 فبراير1957 نشرت الجريدة الرسمية لمصر إلاتفاقية الخاصة بتنظيم الصيد في خليج العقبة , وفي المادة الأولي والثالثة منها إشارة للمياه الإقليمية في خليج العقبة , ومن المُنتظر وفقاً للذهنية الصهيونية أن يكون خليج العقبة نطاقاً مهماً للتطبيع بين السعودية أساساً وبين الكيان الصهيوني , وفي الغالب سيكون في إتجاه إضعاف وإنكشاف الأمن القومي لمصر في سيناء , لذا من الأفضل متابعة الوساطة الأمريكية الحالية لتأثيرها علي أمن مصر القومي وعلي مصالحها علي الأقل ومنها السياحية في سيناء , لأنها القناة الأولي المممُهدة لإتصالات تالية صهيونية مُباشرة  مع السعودية في وليس للسعوديين خبرة موثقة سابقة بالفاوض مع الصهاينة .

بعد مضي أكثر من عشر سنوات من تلقي هذه الوثيقة أشارت برقية سرية مُؤرخة في 17 يناير 1968 وجهها وزير الخارجية الأمريكي Dean Rusk للسفير الأمريكي بإسرائيل لإبلاغ محتواها لوزير الخارجية الصهيوني آبا إيبان إلي ما نصه : ” إن وجود القوات الإسرائيلية المُستمر في جزيرة تيران كان من المسائل التي نوقشت خلال المناقشات الودية التي جرت مع رئيس الوزراء الصهيوني Eshkol في Texas , ولقد لاحظنا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدوه الرغبة في إظهار بلاده لمؤشرات علنية بشأن ترحيبها بالتوصل إلي تفاهم مع العرب وأقترحت أن يكون إنسحاب قواتكم من تيران مثالاً علي ما يدور في خلدنا , ولقد عبر رئيس الوزراء عن تفهمه لوجهة النظر تلك , لكنه أشار إلي أنه سيكون من الصعوبة بمكان التفكير ملياً في موضوع الإنسحاب من تيران في غيبة تأكيدات بالنسبة لنتائج هذا التصرف علي إسرائيل , وحيث أن تبادل وجهات النظر في هذا الشأن مع رئيس الوزراء الصهيوني Levi Eshkol كان مُشجعاً فقد وجهت سفير الولايات المتحدة لدي المملكة العربية السعودية بإستكشاف أكثر لهذه المسألة مع الملك فيصل , وبالفعل أجري سفيرنا نقاشاً صريحاً عن هذا الموضوع مع جلالته في 13 يناير (1968) , وكان تعليق الملك علي ذلك أن قال بوضوح : أنه ينظر إلي جزيرة تيران علي أنها (1) جزء من المملكة العربية السعودية , وأن حكومته منحت إمتياز يغطي الجزيرة و (2) أنه ليس لديه خطة لعسكرة تيران أو إستخدامها لعرقلة حرية الملاحة في مضيق تيران .” , وأوضح الوزير Rusk قائلاً ” أنه شعر بتشجيع كبير من واقع موقف ملك السعودية حيال هذا الأمر , وأنه بناء علي تأكيداته لسفيرنا , فإني أعتقد أن المشاكل التي يتوقعها الجانب الإسرائيلي إذا ما أنسحبت حكومتكم سوف لا تنشأ , كما أنني وبصفة محددة أتوقع ألا يتغير الموقف السعودي بشأن هذا الجزء من الأراضي السعودية ولا أتوقع أيضاً العسكرة أو إستخدامها في أي نوع من التدخل في حرية الملاحة عبر مضايق تيران , ولهذا يحدوني الأمل في أن حكومتكم ستنظر الآن في إمكانية إنسحاب قواتكم من الجزيرة بدون تكبد أية نتائج وخيمة علي إسرائيل , وكما أشرت لحكومتكم في وقت مبكر فإن من شأن هذا التصرف أن يزيل مشاكل خطيرة عالقة في علاقتكم مع السلطات السعودية , ولذلك فإني أتطلع إلي تلقي رداً مواتياً من حكومتكم , وسيتم إبلاغه في الحال بالطبع للملك فيصل وإني لمتأكد من الأثر العملي المفيد لذلك ” . وقد ذيل وزير الخارجية الأمريكي خطابه لنظيره الصهيوني في شأن إقتراح إنسحاب القوات الصهيونية من جزيرة تيران بملاحظة مفادها ” إبقاء الأمر سرياً ” .

وُوجه الإقتراح الأمريكي بتسليم جزيرة تيران للسعودية بعد إنسحاب القوات الصهيونية منها في إطار ما وصفه وزير الخارجية الأمريكية ” بالتفاهم مع العرب ” ببعض العقبات , إذ أن وزير الخارجية الصهيونية آبا إيبان قال أنه وقبل عرض الأمر علي مجلس الوزراء الإسرائيلي فهو بحاجة لبعض التوضيحات منها إن كان يمكن للولايات المتحدة أن تحصل من المملكة العربية السعودية علي إعتراف بأن مضايق تيران ممر مائي دولي (وهو ما رفضته مصر وبقوة الحجة القانونية) , وما إذا كان يمكنها الحصول من المملكة علي تعهد خطي مكتوب بأن جزيرة تيران ستظل غير مأهولة بالسكان بصفة دائمة , وما إذا كانت الولايات المتحدة تقبل مثل هذه التعهدات السعودية بحيث تجعلها مسئولية وإلتزاماً من قبل الولايات المتحدة قبل إسرائيل  حسب برقية السفارة الأمريكية بتل أبيب برقم 111432عام 1967المحفوظة بالأرشيف الوطني للملفات المركزية الأمريكية عن الفترة من 1967- 1969, وفي برقية أخري من القنصلية الأمريكية بجدة تحت رقم 27766 أشارت إلي أن ” السفير Eilts  سفير الولايات المتحدة لدي إسرائيل إقترح شروطاً سوف لا يمكن للملك فيصل أن يقبلها , وأن من شأن طرح هذه الشروط الإسرائيلية أن تثير مسألة أخري وهي ما إذا كانت إسرائيل لديها أي نية لترك تيران ما لم تكن مُجبرة علي ذلك ” .

بالرغم من هذه المُطالبات الأمريكية بخفض مساهمتها المالية والبشرية في ق.م.ج.م.س , إلا أن ق.م.ج.م.س مازالت قائمة علي طول الحدود المصرية / الصهيونية وتركزعلى المنطقة “ج” التي تعادل تقريباً ربع مساحة سيناء , وقد بلغ عددها 1660 فرد فى يناير 2013 ينتمون للدول الآتية : كولومبيا وفيجى (كتيبة لكل منهما) وإيطاليا (سفن) وأستراليا وكندا وفرنسا والمجر ونيوزيلندا وجوام والنرويج وأوروجواى وهولندا وتشيكيا والولايات المتحدة الأمريكية التي تعد مساهمتها البشرية والتمويلية الأهم إذ تتضمن ثلاثة عناصر هى : قوة مهمة سيناء وتتكون من أربعين فردا أغلبهم ضباط ويشكلون الجزء الأكبر من قيادة القوة وكتيبة المعاونة الأولى تشتمل على 235 فرداً منهم أطباء ومهندسون وأفراد اتصالات وكتيبة مشاة , وقد كانت كتيبة المشاة تلك فى بداية تشكيل القوة المذكورة كتيبة من الفرقة 82 الأمريكية المحمولة جوا الشهيرة لكنها مع تكرار التغيير لم تعد تلتزم بذلك التكوين وهي تعمل ضمن ق.م.ج.م.س في 35 برج مراقبة ونقاط تفتيش ومراكز مراقبة على طول الشريط الممتد شرقى سيناء إضافة لنقطة ومركز للمراقبة للقوة فى جزيرة تيران فى خليج العقبة . بصفة عامة فإن ق.م.ج.م.س تتواجد بمطار الجورة جنوب غرب رفح وبشرم الشيخ وجزيرة تيران وتقدم الولايات المُتحدة ما يقرب من ثلث ميزانيتها السنوية التي تبلغ – وفقاً لأرقام  مصدر أمريكي – 86 مليون دولار وتؤمّن تمويلاً إضافياً لتدابير الحماية الاحتياطية ومركبات مقاومة للألغام وغيرها .

تتضح أهمية مُتابعة الوساطة الأمريكية مع السعودية في شان جزيرة تيران نفسها وفي شأن مُستقبل مهمة القوة مُتعددة الجنسيات والمُراقبين في سيناء بها من فهم قرار الولايات المتحدة – وزارة الدفاع الأمريكية – الصادرفي 15 يناير 2021 بضم “الكيان الصهيوني” حليفها الوثيق في المنطقة إلي نطاق عمل قيادتها المركزية U.S. Central Command , وهي أحد 6 قيادات عسكرية أمريكية جغرافية تغطي العالم إضافة لأربع قيادات وظيفية , وكان الكيان الصهيوني ولعقود مضت ضمن نطاق عمل القيادة العسكرية الأوروربية للولايات المُتحدة EUCOM , وقد أشار تقرير صدر في نوفمبر 2020 عن مركز Gemunder التابع للمعهد اليهودي لأمن أمريكا القومي JINSA عنوانه : ” قيادة إبراهيم : إعادة تموضع الكيان الصهيوني في نطاق مسئولية القيادة المركزية الأمريكية ” إلي أن إتفاقيات إبراهيم المُوقعة بين الكيان الصهيوني وكل من الإمارات والبحرين تُبشر بتنامي الإنحياز الإستراتيجي بين الكيان الصهيوني وشركاء رئيسيين للولايات المتحدة بالشرق الأوسط (كالسعودية مستقبلاً), وهو إنحياز مُشتق بصفة أولية من البرنامج النووي الإيراني ومُهددات إقليمية أخري , وأن هذا هو الوقت الذي علي الولايات المُتحدة أن تعمل علي تموضع الكيان الصهيوني بمنطقة عمل القيادة المركزية بالشرق الأوسط فهذا سيُعين علي تحسين التنسيق الإستراتيجي والعملياتي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والشركاء العرب ضد إيران والتهديدات المُشتركة , وأنه وبالرغم من أن تبعية الكيان الصهيوني للقيادة الأمريكية الأوروبية أسفرت عن منافع متبادلة واضحة على مر السنين , إلا أن مواجهة إيران وقوي التطرف بالمنطقة يظل أولوية للكيان الصهيوني وبالتالي فضمها للقيادة المركزية ييسر الجانب العملياتي  , و في تقديري أن قرار نقل تبعية الكيان الصهيوني لنطاق مهام القيادة المركزية ليس كما يُروج بأنه لمواجهة إيران وفقط , إذ أن القرار يخدم مُجمل إستراتيجية الكيان الصهيوني الأبعد مدي في الشرق الأوسط وماوراءه , وما إيران إلا أحد الأهداف الهامة لهذه الإستراتيجية  .

نشرت وكالة Anadolu التركية في13 مارس 2017أن هناك حديث عن أن الرئيس الأمريكي(السابق)Donald Trump  يبحث عن تكوين تحالف بين دول عربية والكيان الصهيوني تحت مُسمي التحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط أو MESA لمواجهة جماعة داعش الإرهابية وإيران وأن هذا التحالف سيشمل دول مثل مصر والأردن والتي بينها وبين إسرائيل معاهدتي سلام , والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتحدة واللتان لا تربطهما علاقات دبلوماسية بإسرائيل , وأحالت الوكالة علي الإعلام الأجنبي إشارته إلي أن هذا التحالف الذي علي نمط منظمة حلف شمال الأطلنطي NATO سيُركز علي تقاسم مُنتظم للمعلومات الإستخباراتية والسماح للشركات العسكرية الإسرائيلية بالعمل في العالم العربي , كما أشارت إلي أن محللين يعتقدون أن التحالف المُقترح ما هو إلا مناورة إسرائيلية لتحويل التركيز علي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإغراء الشركاء الخليجيون , كما أن هذا التحالف يمكن أيضاً أن يكون إيذاناً لتدخل أمريكي أكبر في الشرق الأوسط يخدم بالتالي مصالح إسرائيل .

يبقي التأكيد علي أن نقل السيادة علي جزيرة تيران الي السعوية سيكون في نفس الوقت نقل لمفاهيم وأفكار أمنية صهيونية قد يبتلعها الجانب السعودية لو أنه ظل علي إعتقاد بإن بوابة الكيان الصهيوني هي الوحيدة المُتاحة له لتمرير وراثة ولي العهد السعودي ملك العربية السعودية مع إن ولوج الصهاينة لممالك الخليج إيذان بالخطو في طريق نهاية هذه الممالك والإمارات .

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=82189

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M