مفاتيح تفسيرية مبسطة للقرآن الكريم الحلقة السابعة

بهاء النجار

– الصدق
اشتهر نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بصفتين هي (الصدق والأمانة) حتى قبل بعثته الشريفة ، مما يدفعنا للاهتمام بهاتين الصفتين المهمتين ودراستهما ، و(الصدق) ليس فقط الصدق بالقول والكلام وإن كان هذا أحد مصاديقه ، وإنما الصدق مفهوم أوسع من ذلك ، فقريش وإن كانت تصف النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالصادق لأنه كان صادقاً بكلامه إلا أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان صادقاً في كل شيء ، صادقاً بأحاسيسه تجاه الآخرين ، صادقاً مع ربه .
والصدق بالكلام في بعض الأحيان يكون مذموماً عقلاً وشرعاً كما في حالة التقية حيث يستحب – وقد يجب الكذب – عند الخوف من القتل ، وقريش عندما كان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم صادقاً بالكلام كان محبوباً لديهم ولكن عندما اكتشفوا أن صدقه لم يتوقف الى هذا الحد بل أدركوا أن صدقه هو صدق مع خالقه أصبح عدواً لهم ، لذا فالصدق مرتبة شريفة اختص بها خاصة عباد الله ، فلا يتوهم أحد من قرّاء القرآن أن الصادقين الذين يذكرون في القرآن هم الصادقين في الكلام فقط .
– الكذب
ومما تقدم نعرف قيمة الكذب إذا عرّفناه بأنه عكس الصدق ، وندرك معنى قول النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما سئل : المؤمن يزني ؟ قال : نعم ، فسئل : المؤمن يسرق ؟ قال : نعم ، فسئل المؤمن يكذب ؟ قال : لا يكذب . فمن النظرة الأولى قد يستغرب أن يكون الكذب ذنباً أشد من الزنا والسرقة ، وهو بلا شك كذلك لما للكذب من آثار سلبية تفوق الآثار السلبية للزنا والسرقة رغم شدة ما ينتج عنهما من آثار ، ولكن إذا فهمنا الكذب على أنه عكس الصدق الذي شرحناه في الفقرة أعلاه فسوف لن نستبعد هذا المعنى ، فالكذب باللسان يمكن أن يثير هذا الاستغراب – وإن كان هذا الاستغراب غير مبرر – إلا أن فهمه بالطريقة أعلاه بالتأكيد سوف يبعد هذا الاستغراب .
ومن هنا نفهم أن مصطلح (الكذب) في القرآن له عدة معاني ومستويات فيمكن أن يكون المقصود بالكذب هو الكذب باللسان وممكن أن يكون الكذب بالتعامل مع الله ، فكم منا من يقول (لا إله إلا الله) وهو يعبد ويطيع غير الله ؟! فبعض يعبد نفسه الأمارة بالسوء فيتخذها إلهاً وبعض يعبد منصبه ووجاهته فيتخذه إلهاً ، وآخر يعبد حزبه فيتخذه إلهاً وهكذا ، ووفق هذا المقياس نكتشف أن الغالبية العظمى من الناس هم من الكاذبين ، وأن المعصومين فقط هم ليسوا بكاذبين !!!

– النفاق
إذا عرّفنا النفاق أنه ما خالف ظاهره باطنه فهذا يعني أن ظاهر الإنسان إذا كذّب باطنه فهو منافق ، وهذا الإنسان بمعنى من المعاني هو كاذب أو غير صادق ، وبالتالي فكثير من (المنافقين) الذين يذكرهم القرآن تنطبق عليهم صفة (الكاذبين) ، وكثير من (الكاذبين) الذين يذكرهم القرآن تنطبق عليهم صفة (المنافقين) ، وكلا الفريقين (المنافقين والكاذبين) هم غير مشمولين بفئة (الصادقين) ومحرومون من النعيم الذي يعيشونه إذا كانوا بنفس المستوى .

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M