ملامح السياسة الخارجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط في حالة فوز المرشح الديمقراطي “جو بايدن”

اعداد : منصور أبو كريم – باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

 

مقدمة:

في ظل اشتداد الحملة الانتخابية بين المرشحين الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن تثار العديد من التساؤلات حول سياسات الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال الأربع سنوات القادمة، فنجاح ترامب يعني استمرار سياسات إدارته القائمة على مزيد من ممارسة الضغوط على إيران لدفعها لتعديل سلوكها في المنطقة، واستمرار الانحياز الكامل لإسرائيل عبر تطبيق ما تبقى من خطة “صفقة القرن” ومنح الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية لتنفيذ مشروع الضمّ، ودفع دول عربية جديدة لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل بدون ربط ذلك بجهود التسوية العادلة.

تساؤلات كثيرة تثار من حين لآخر حول السياسة الخارجية الأميركية التي يمكن أن يتبعها المرشح جو بايدن في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية. كون أن حجم الاختلاف الذي احدثه الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى بعد ثماني سنوات من حكم الرئيس باراك أوباما جعل الكثيرين يطرحون تساؤلات جوهرية حول ملامح السياسة الخارجية الأميركية التي يمكن أن تتبناها إدارة ديمقراطية في حالة فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن تجاه العديد من قضايا ودول المنطقة.

بناءً على التحليلات واستطلاعات الرأي التي ترجح فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن على ترامب بُنت هذه الدارسة على التساؤل الافتراضي، كيف ستكون توجهات السياسية الخارجية الأميركية في ظل إدارة ديمقراطية؟ حيث حاولت هذه الدراسة أن تلقي الضوء على توجهات السياسة الخارجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط وفواعلها وقضايا الكبرى في حالة فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، كون أن ذلك يمكن أن يساهم في تحديد ملامح سياسات الإدارة الأميركية القادمة، واستشراف مستقبل المنطقة.

أولاً: ما هو بايدن (Joe Biden)

 جو بايدن (Joe Biden): سياسيٌ ومحامٍ أمريكي، سبق وعمل كنائبٍ للرئيس الأمريكي باراك أوباما، بعد أن أنهى مسيرته الطويلة في مجلس الشيوخ كسيناتور، كما أنه عضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي. جو بايدن، وعضو بارز في الحزب الديمقراطي الأمريكي، شغل مناصب بارزة خلال مسيرته أبرزها: نائب الرئيس الأمريكي السابع والأربعين (باراك أوباما)، وسادس أصغر سيناتور منتخب في تاريخ الولايات المتحدة كما أعيد انتخابه في مجلس الشيوخ (كسيناتور) 6 مرات بعدها، إضافة لرئاسته لجنة العلاقات الخارجية في السابق.

ولد جوزيف روبنات بايدن يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1942 في سكرانتون ببنسلفانيا لأسرة كاثوليكية، وترعرع في إقليم نيو كاسل بولاية ديلاوار التي هاجرت إليها أسرته وهو في العاشرة من عمره، وامتهن والده تجارة السيارات. تم انتخاب جوزيف بايدن نائبا عن الحزب الديمقراطي بالكونغرس الأميركي لأول مرة عام 1972 وهو في التاسعة والعشرين من عمره. وتقلد جملة من المناصب بالمجلس أبرزها رئاسة لجنة الشؤون الخارجية إضافة إلى عضوية عدد من اللجان الفرعية عن لجنة الشؤون القانونية([1]).

حصل بايدن في أغسطس/آب الماضي على ترشيح الحزب الديمقراطي رسميا لتمثيله في سباق التنافس للفوز بالرئاسة في الانتخابات المقبلة، بعد تصويت غالبية المندوبين الديمقراطيين في مؤتمر الحزب الوطني العام الذي جرت وقائعه افتراضياً بسبب تفشي فيروس كورونا. ويعرف بايدن بأنه سياسي ديمقراطي مخضرم، له حضوره في السياسة الأميركية منذ سبعينيات القرن الماضي، كما عمل نائبا للرئيس إبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما للفترة من 2009 إلى 2017.

أختار المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن، السيناتور كامالا هاريس، نائبة له في الانتخابات المقررة العام الجاري. وستكون كامالا، السيناتور من ولاية كاليفورنيا، أول امرأة سوداء ترشح لمنصب نائب الرئيس في تاريخ الولايات المتحدة. ونافست كامالا، 55 عاما، بايدن للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة. وولدت كامالا في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، لأبوين مهاجرين، الأب مولود في جاميكا، بينما كانت والدتها من مواليد الهند([2]).

ثانياً: ملامح سياسات بايدن تجاه العالم

في انتخابات 3 نوفمبر القادم 2020، سيواجه نائب الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، الذي تعهد باستعادة القيادة العالمية للولايات المتحدة وعكس العديد من تصرفات ترامب، في عهد ترامب، تراجعت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى أدنى مستوياتها في التاريخ الحديث بسبب مجموعة واسعة من القضايا. يقول ترامب إنه أول رئيس منذ عقود يقف في وجه بكين، وتتهم حملته بايدن باسترضاء الصين مع تراجع وظائف التصنيع في الولايات المتحدة([3]).

سيبدأ بايدن من الملفات الدولية بإعادة ترميم الجسور مع الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي بعد تصدع هذه العلاقة خلال ولاية ترامب. هذا سيتم بالعودة إلى اتفاق باريس المناخي، تمتين الوجود الأميركي العسكري في القارة والتشدد مع روسيا. فالفارق الأكبر بين الرجلين سيكون في طي بايدن لصفحة ترامب بالمقايضة في السياسة الخارجية([4]). جادل بايدن بأن الصين تستمتع بإدارة ترامب الفوضوية، وعزله لحلفاء أمريكا، وتخليه عن الأدوار القيادية الأميركية في المؤسسات العالمية. يقول بايدن إنه سيصحح هذا من خلال ممارسة ضغط متعدد الأطراف للتأثير على الصين من خلال تجديد العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة([5]).

أهم مواقفه في القضايا الدولية[6]

  • عارض حرب الخليج عام 1991.
  • دعا إلى تدخل بلاده وحلف شمال الأطلسي في حرب البوسنة بين عامي 1994 و1995.
  • صوت لصالح القرار الذي أذن بحرب العراق عام 2002، وعارض إرسال المزيد من القوات في عام 2007.
  • في عام 2011، عارض تنفيذ المهمة العسكرية التي أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن.
  • يدعم فكرة بناء الجدار على الحدود مع المكسيك.
  • صوت لصالح غزو أفغانستان عام 2001.
  • فيما يتعلق بإيران فهو يؤيد الخيار الدبلوماسي مع استخدام أسلوب العقوبات. يجدر بالذكر أنه صوت ضد اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
  • رفض دعوة روسيا مرة أخرى إلى مجموعة الدول السبع، قائلاً إنها “لا معنى لها”.
  • دعم بايدن برامج إدارة الطائرات بدون طيار في سوريا.
  • عارض التدخل العسكري في ليبيا في عام 2011.

في السياسة الدولية من المنتظر أن تشهد تحولات جوهرية في سياسة الولايات المتحدة تجاه العديد من الدول والفواعل الكبرى في حالة فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، من المنتظر أن يعود بايدن لفكرة التعاون الدولي، وإنهاء حالة الصراع الاقتصادي مع الصين، ورفع القيود الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، فمن المنتظر أن يحرر بايدن التجارة الدولية بعد سنوات شهدت تخلي إدارة ترامب بشكل شبه كامل عن مبادئي التجارة الحرة عبر السياسات الحمائية.

ثالثاً: ملامح سياسات بايدن تجاه الشرق الأوسط

في ضوء الكشف مراسلات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون والسياسات التي تمت خلال حكم إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما المرتكزة على قضية نشر الديمقراطية، والتعويل على حركات الإسلام السياسي؛ كيف يمكن أن تكون سياسات المرشح الديمقراطي الحالي جو بايدن في حالة فوزه في الانتخابات تجاه منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل التطورات التي شهدتها المنطقة خلال حكم الرئيس الحالي دونالد ترامب، سواء تجاه السياسات العدائية ضد إيران التي اتخذتها إدارة ترامب، أو تجاه دول الخليج التي أصبحت تتخوف من سياسات إدارة بايدن في حالة فوزه، نتيجة الخط السياسي العام الذي ينتهجه الحزب الديمقراطي من قضية نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرب في اليمن والصراع في منطقة الخليج، أو تجاه القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل عديد القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية.

الشرق الأوسط هو المكان الذي ماتت فيه المثل العليا للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة: تعزيز الديمقراطية، وبناء الدولة، ومكافحة التمرد، والتدخل الإنساني، وحل الدولتين. في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، في خطاب تنصيبه الثاني عام 2005، قال الرئيس جورج دبليو بوش إن “بقاء الحرية” في الداخل يعتمد على ازدهار الحرية في الشرق الأوسط، حيث أدى “الاستياء والطغيان” إلى انتشار عالمي. الإرهاب. اليوم، تبدو الحجة خيالية. لم يختف الإرهاب بصعوبة، لكنه لم يكن التهديد الذي كان حتى قبل خمس سنوات([7]).

ربما تكون أفضل طريقة للتفكير في تطلعات بايدن هي القول إنه سيسعى إلى تطبيع العلاقات الأميركية مع الشرق الأوسط. لم يكن يطلب نفس الشيء كما طلب أوباما، لكنه أيضًا لن يتسامح مع ما فعله ترامب. من غير المرجح أن يرفع التوقعات أو يحطمها. لن يسحب جميع القوات الأميركية من العراق أو سوريا أو من شبكة القواعد الأميركية حول المنطقة، لكنه سيكون حذرًا جدًا من نشرها في خضم حرب أهلية. إذا كان محظوظًا، فسيحقق حلم العديد من أسلافه بأن لا تولي المنطقة اهتمامًا أكثر مما تستحق([8]).

صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية نشرت تقريرًا مطولاً للكاتب (Ishaan Tharoor) استعرض خلاله أهمية الانتخابات الرئاسية الأميركية لدول الشرق الأوسط، ومدى تأثير فوز أحد المرشحين على شعوب المنطقة. وأوضحت الصحيفة أنه قد لا تعني الانتخابات الأميركية بشكل مباشر لشعوب تعيش حروباً طاحنة وظروفاً إنسانية قاسية على مدى السنوات الماضية شيئا، ولكن بالنسبة للحكومات، فالموضوع يشكل مفترق طرق رئيسي في رسم السياسات الاستراتيجية القادمة.

​وارتكزت الصحيفة في تحليلها على أن كل من إدارة ترامب وقبلها إدارة أوباما التي خدم فيها بايدن تعاملتا مع مشاكل المنطقة المتشابكة، وحاولتا البحث عن مهرب منها، دون نجاح. وأرجعت الصحيفة ذلك لعدم وجود نية حقيقية لدى الإدارتين للخروج من المنطقة، مستشهدة بأن القوات الأميركية لا تزال موجودة في عدة دول، وخلافاً لرغبة أمريكا المعلنة بفك علاقتها مع الشرق الأوسط، فإنها تجد صعوبة في التخلي عنه([9]).

مقالة رأي في “الإندبندنت أونلاين” بعنوان “فوات الأوان استعادة قيادة أمريكا في الشرق الأوسط بالنسبة لجو بايدن أو لأي رئيس آخر”، يرى الكاتب أن المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن سيتبع أسلوباً جديدًا للقيادة في منطقة الشرق الأوسط. وبرأيه لن يتبنى بايدن سياسة الدخل العسكري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط مثل الرئيس السابق جورج دبليو بوش، كما أنه لن يبقي على سياسات ترامب “اللامبالية” ([10]).

من المحتمل ألا تسارع إدارة ديمقراطية في الانغماس من جديد في قضايا الشرق، ربما سوف تفضل إدارة بايدن في حالة فوزه تكرار استراتيجية “القيادة من الخلف”، أو عدم القيادة من الأصل، وترك دول المنطقة تواجه مصيرها بعد فقدت المنطقة أهميتها الاستراتيجية بعد تراجع اهتمام الشركات الأميركية بنفط المنطقة.

حال انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فسيصبح جو بايدن الرئيس الأميركي صاحب الارتباط الأطول بالسياسة الخارجية، لأنه يتميز بخبرة مباشرة وغير مباشرة في ذلك المجال، فعلى امتداد نحو 30 عاماً عضواً بمجلس الشيوخ؛ بما في ذلك فترات عمله رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في المجلس، تمتع بايدن بموقع متميز يمكنه من متابعة الشؤون الخارجية، كما أن خلال فترة عمله طوال ثماني سنوات نائباً للرئيس باراك أوباما، اكتسب بايدن خبرة عملية كبيرة([11]).

هناك شبه اجماع بين أوساط المراقبين أن بايدن لن يولي الشرق الاوسط الاهتمام الذي كانت تحظى به من قبل الادارات الأميركية المتعاقبة بسبب تراجع اهمية النفط وموقف بايدن المؤيد للحد من التغيير المناخي والتوجه الى مصادر طاقة نظيفة، وبسبب التحديات الأخرى التي يرى بايدن أنها تمثل مصدر تهديد مباشر لمصالح ومكانة وموقع الولايات المتحدة على الصعيد العالمي.

تحت حكم بايدن، سيكون الشرق الأوسط مجرد منطقة أخرى سيتوقف المرشح الديموقراطي للرئاسة عن استغراق الحكام المستبدين في المنطقة، لكنه لن يقدم الكثير من التشجيع لليبراليين. الشرق الأوسط “أقل أهمية بشكل ملحوظ” بالنسبة للولايات المتحدة مما كان عليه من قبل، على حد تعبير مقال تمت مناقشته كثيرًا في عام 2019 بقلم “تامارا كوفمان ويتس”، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية في عهد الرئيس باراك أوباما، “ومارا كارلين”، المسؤولة السابقة في البنتاغون في عهد أوباما.. وخلصوا إلى أن الوقت قد حان “لوضع حد للتفكير بالتمني” حول قدرة واشنطن على التأثير في الديناميكيات الداخلية أو الحسابات الخارجية للفاعلين الإقليميين([12]).

يعتقد محللون أمريكيون أن بايدن قد يضطر للتحرك نحو حظر تصدير السلاح لدول خليجية. لا يرى البرنامج أن تتخلى الولايات المتحدة عن المنطقة ولا عن شركائها حيث لا تزال لديها مصالح دائمة فيها. جاء برنامج الديمقراطيين مزعجاً للسعودية من جانبين: حرب اليمن، وإعادة العمل بالاتفاق النووي مع إيران([13]).

أما حول جهود دفع التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج بايدن أكد أنه سوف يعمل على استثمار الحالة التي نتجت عن التوقيع على اتفاقية سلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين لتعزيز جهود التسوية لكن هناك عدم يقين داخل الولايات من استمرار هذه الحالة بعد خروج ترامب من البيت الأبيض. “لا يعرف إن كانت موجة التطبيع ستذهب أبعد من هاتين الدولتين الصغيرتين، اللتين لم تكونا أبدا في حالة حرب مع إسرائيل. إلا أن الاختراق الدبلوماسي يؤكد تحولات الواقع في منطقة الشرق الأوسط، الذي ترى فيه عدد من الدول العربية أن التعاون مع إسرائيل يخدم مصالحها ضد العدو المشترك، وهو إيران في ظل تراجع الاهتمام الأمريكي بالمنطقة” ([14]).

يعتقد معظم المحللين الأمريكيين أن بايدن قد يضطر إلى التحرك نحو حظر تصدير السلاح لبعض الدول الخليجية. ويرى بعض الخبراء أن إدارة بايدن ربما تكرر تعليق إدارة أوباما في فترة ما بعد الربيع العربي شحنات الأسلحة إلى البحرين ودول أخرى، لكن على نطاق أوسع وأعمق هذه المرة، وهذا مصدر قلق كبير لدول الخليج. ويعتقد الديمقراطيون أن واشنطن بحاجة إلى إعادة ضبط علاقاتها مع شركائها الخليجيين من أجل خدمة مصالحها وقيمها بصورة أفضل، كما أشار برنامج الحزب الديمقراطي إلى أن “لواشنطن مصلحة في مساعدة شركائنا في الخليج لمواجهة التهديدات الأمنية المشروعة، وسوف ندعم حلفائنا سياسياً واقتصادياً، ونشجع الجهود الرامية إلى الحد من التوترات الإقليمية”([15]).

بالطبع، يوجه بايدن انتقادات إلى سياسة الرئيس ترامب في الشرق الأوسط، ولديه موقف مختلف من السعودية والحرب في اليمن. ويوجه بايدن انتقادات إلى تركيا بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان. وربما ستواجه إدارة يقودها بايدن صعوبات أكبر في التعامل عن إدارة أوباما ([16]).

يتفق بايدن مع ترامب – وهي من المرات النادرة- على أن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة يجب تقليصه الى أدنى درجة ممكنة وفي حال الحاجة يجب أن يظل هناك ما بين ألف وخمسمائة إلى ألفي عسكري من القوات الخاصة للعمل مع الشركاء المحليين لمواجهة الجماعات الإرهابية مثل الدولة الاسلامية في كل من سوريا والعراق. وقال بايدن في مقابلة مع مجلة الجيش الأمريكي “ستارز اند سترايبز” إن عصر الحروب اللانهائية يجب ان ننتهي منه وأكد ” يجب أن تنتهي هذه الحروب التي لا نهاية لها. أؤيد تخفيض القوات في الخارج لكن لا يجب ان نغفل عن مسألة الارهاب والدولة الاسلامية”([17]).

تعهد المرشح بايدن بوقف التدخل في حرب اليمن عن طريق وقف دعم السعودية والتوقف عن تسليحها. كما تعهد برنامج “الحزب الديمقراطي” بعدم مواصلة سياسة إدارة ترامب التي تمنح شيكا على بياض وتدعم الممارسات الاستبدادية، والمنافسات الداخلية، والحروب بالوكالة، وتعرقل الانفتاح السياسي في جميع أنحاء المنطقة. من هنا جاء برنامج الحزب مزعجاً للسعودية من جانبين، أولهما يتعلق بحرب اليمن، والثاني يتمثل في إعادة العمل بالاتفاق النووي مع إيران. وتعهد البرنامج الديمقراطي بإنهاء “الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والعمل على وقف الحرب”، واعتبر البرنامج أن مسئولية العالم تتطلب أن يتم وقف “أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ”. وعلى الولايات المتحدة دعم الجهود الدبلوماسية وليس عرقلتها”([18]).

بايدن لا يطرح أفكارًا جديدة يمكنها دفع متصيدي الأخبار الجديدة للقفز فرحاً، في واقع الأمر يقضي بايدن أغلب الوقت في إطلاق وعود بالعودة إلى سياسات أوباما أو نسخة أقل إثارة مما يفعله ترامب. وربما يسعى بايدن من وراء ذلك نحو الظهور بمظهر الشخص القادر على تحقيق الحلول الوسط، والفوز بدعم أنصار أوباما من دون إثارة سخط أنصار ترامب([19]).

برنامج الحزب الديمقراطي الذي خرج للنور وشارك في إعداده قطاعات واسعة من داخل الحزب من بينها التيار اليساري الصاعد بقوة داخل الحزب بقيادة “برني ساندرز” السناتور الديمقراطي ذو التوجهات اليسارية، قد طالب بطي صفحة عقدين من عمليات الانتشار العسكري الواسعة النطاق والحروب المفتوحة في الشرق الأوسط، إلا أنه أشار إلى أنذلك لا يعنى أن الولايات المتحدة ستتخلى عن المنطقة ولا عن شركائنا حيث إنه لا تزال لدينا مصالح دائمة فيها.

وتعهد الديمقراطيون كذلك بإنهاء مسار ترامب نحو الحرب مع إيران مع إعطاء الأولوية للدبلوماسية وخفض التصعيد والحوار الإقليمي. لقد كان الاتفاق النووي بداية للعمل الدبلوماسي وليس نهايته فيما يتعلق بتمديد القيود على البرنامج النووي الإيراني ومعالجة أنشطة إيران الأخرى التي تهدد المنطقة بما في ذلك عدوانها الإقليمي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، والقمع المحلي”. وأكد برنامج الحزب إلى أن الاتفاق النووي مع إيران “لا يزال أفضل وسيلة لقطع، بشكل يمكن التحقق منه، جميع مسارات إيران إلى قنبلة نووية”([20]).

من المنتظر ألا تنغمس سريعًا الإدارة الديمقراطية في حالة فوز بايدن في قضايا الشرق الأوسط، بل من المتوقع أن تعود الولايات المتحدة لفكرة القيادة من الخلف وعدم التدخل والانسحاب التدريجي من المنطقة، مع العودة لممارسة مزيد من الضغوط على دول المنطقة في قضايا حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي، بدون الدخول في صدامات مباشرة مع أنظمة المنطقة، مع إمكانية تحسين علاقاتها مع إيران عبر العودة لطاولة المفاوضات الدولية من جديد، لكن بشروط مختلفة.

بشكل عام منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي يتم فيها اختبار مدى جدية الإدارة الأميركية الجديدة، ومدى قدرتها على رسم سياسات جديدة تكون قادرة على التأثير في مجريات الأحداث في منطقة مازالت تشهد العديد من التحديات والتحولات منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، فمنذ تلك الأحداث دخلت المنطقة في مرحلة عدم الاستقرار سواء على المستويات الأمني أو السياسي، أو الاقتصادي، نتيجة السياسات الأميركية التي تبنتها الإدارات المتعاقبة منذ إدارة بوش الأبن وصولا لمرحلة ترامب.

رابعاً: سياسات بايدن المنتظرة تجاه إيران

خلال حكم ترامب اتخذت الولايات المتحدة العديد من القرارات والخطوات تجاه إيران ونظامها السياسي في محاولة من إدارة ترامب لإجبار إيران على تعديل سلوكها السياسي والأمني، والتخلي عن استراتيجية التمدد والهيمنة على منطقة الخليج.

لقد ارتكزت حملة الضغط المضاد التي أطلقتها إيران في أيار/مايو 2019 ضدّ سياسة “الضغط الأقصى” التي مارستها الولايات المتحدة (والتي تَمثل هدفها الظاهري بإبرام اتفاق أفضل مع إيران يشمل القضايا النووية والإقليمية والعسكرية) على أنشطة في “المنطقة الرمادية” بين الحرب والسلام، وشملت هذه الأنشطة هجمات سرية أو غير معترف بها على البنية التحتية وعمليات نقل مواد بتروكيماوية في الخليج، وهجمات بالوكالة ضد جنود أمريكيين في العراق، وعمليات سيبرانية سرية. وبالفعل، قد تكون إيران هي أبرز دول العالم التي نفذت عمليات في المنطقة الرمادية، ولما يقرب من أربعة عقود، واجه الأمريكيون صعوبات في فهم “طريقة الحرب” غير المتكافئة هذه والرد عليها بفعالية([21]).

كانت أهداف إيران الأولية في ردها على حملة الضغط الأقصى الأميركية ذات شقين: إرغام واشنطن على تخفيف العقوبات أو رفعها، وحمل أوروبا على تجاهلها، وقد أحرزت الجمهورية الإسلامية تقدماً محدوداً نحو تحقيق هذه الأهداف وتدرك أنه من غير المرجح حدوث ذلك قبل الانتخابات الأميركية([22]).

يسرد معظم خبراء الشرق الأوسط قائمة بإحباط الإرهابيين، وضمان التدفق العالمي للنفط، واحتواء إيران باعتبارها المصالح الأميركية الرئيسية المتبقية في المنطقة. كان الاتفاق النووي الإيراني أحد الإنجازات البارزة لإدارة أوباما في الشرق الأوسط، لم يفشل إلغاء ترامب أحادي الجانب للاتفاقية في كبح جماح المغامرة الإيرانية فحسب، بل دفع طهران أيضًا إلى استئناف برنامجها النووي([23]).

في تصريحات وخطب، يزعم المسؤولون الإيرانيون أنه لا يهم من سيفوز في الانتخابات. رئيس البرلمان الإيراني “محمد باقر” أكد إن العداء لهذه الأمة متجذر بعمق ولن يكون هناك تحول في السياسة الأساسية للولايات المتحدة – لإلحاق الضرر بالأمة الإيرانية – بغض النظر عما إذا كان ترامب أو بايدن قد تم انتخابهما رئيسًا للولايات المتحدة([24]).

لكن على الرغم من ذلك غالبية الشعب الإيراني والنخبة الإيرانية يفضلون أن يأتي بايدن إلى السلطة وسط خلافات متنوعة بين معسكرات متشددة، شهدت مكاسب سياسية في تصعيد التوترات مع الولايات المتحد خلال سنوات حكم ترامب.

الولايات المتحدة وإيران لم تكونا على شفا الحرب في كانون الثاني/يناير لعدة أسباب: أولاً تشير الأحداث التي أعقبت مقتل سليماني إلى أن إدارة المخاطر والتصعيد كانت من أولويات كل من طهران وواشنطن؛ ومنذ ذلك الحين لم يحدث أي شيء من شأنه تغيير هذا التقييم. ثانياً، لفترة دامت أكثر من 40 عاماً تجنبت إيران والولايات المتحدة الدخول في حرب – رغم عمليات الخطف والهجمات التي تدعمها إيران في لبنان والسعودية والعراق والتي أودت بحياة مئات الأمريكيين([25]).

بايدن يؤكد إنه سيتعامل مع إيران من خلال الدبلوماسية وسيعود إلى الاتفاق، ولكن فقط إذا استأنفت إيران أولاً الامتثال لقيود الاتفاق على برنامجها النووي، بايدن يؤكد أن مقتل قاسم سليماني” وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادمي” ويقترح تركيزًا أضيق للجيش الأمريكي في المنطقة على مكافحة الإرهاب والعمل مع الحلفاء المحليين ([26]). في حالة فوزه سيقدم لإيران “طريقًا موثوقًا به إلى الدبلوماسية”. من المحتمل أن يحصل على دعم أكبر من الحلفاء الأوروبيين، الذين أمضوا السنوات القليلة الماضية في محاولة يائسة لإبطاء زخم كرة ترامب المدمرة على المسرح العالمي([27]).

ليس هناك مفّر من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، بغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر. وفي حين يميل قادة إيران إلى التحدث بلهجة عدائية حين تكون البلاد في موضع قوة، إلا أنهم يدْعون إلى الحوار في أوقات الضعف. وتعززت هذه النظرة الحذرة بعد عملية الاغتيال التي استهدفت فيها الولايات المتحدة قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020، والتي فاجأت القادة الإيرانيين نظراً إلى تجنّب الرئيس ترامب العلني الدخول في نزاع عسكري في المنطقة([28]).

يرى بايدن أن تصرفات ترامب المتهورة أدت إلى أزمةٍ عميقةٍ في العلاقات عبر الأطلسية ودفعت الصين وروسيا إلى الاقتراب من إيران. نتيجة لذلك، تمّ عزل الولايات المتحدة، وليس إيران. نتيجة لذلك أعادت إيران تشغيل برنامجها النووي وأصبحت أكثر عدوانية، مما جعل المنطقة أقرب إلى حرب كارثية أخرى.

يؤكد بايدن إذ عادت إيران إلى الامتثال لالتزاماتها النووية، فستعيد إدارة بايدن الدخول إلى JCPO، كنقطة انطلاقٍ للعمل جنبًا إلى جنب مع حلفاء أمريكا في أوروبا والقوى العالمية الأخرى لتوسيع القيود النووية للاتفاق، مع الاستفادة من الإجماع الدولي المتجدد حول سياسة أمريكا تجاه إيران وذلك عبر:([29])

– فرض عقوبات موجهة ضد الدعم الإيراني “للإرهاب” وبرنامج الصواريخ البالستية الإيراني.

– دعم صارم لـ “إسرائيل”، في ظل تعاون استخباراتي وأمني قوي مع الشركاء الإقليميين.

– دعم تعزيز قدرة دول مثل العراق على مقاومة النفوذ الإيراني.

– تجديد الالتزام بالدبلوماسية التي تهدف إلى إنهاء الحروب في اليمن وسوريا التي توفر لإيران فرصًا للتوسع.

بايدن يرمي دئماً الكورة في معلب إيران ويؤكد إذا وافقت إيران على العودة إلى شروط الاتفاق، فسوف يفعل ذلك أيضًا “كنقطة انطلاق للعمل جنبًا إلى جنب مع حلفائنا في أوروبا وقوى عالمية أخرى لتمديد القيود النووية للاتفاق”. لن يكون ذلك سهلاً: قالت إيران إنها لن تعود إلى الوضع السابق – ناهيك عن الموافقة على تمديد الشروط الحالية – دون تنازلات كبيرة. ليس من الواضح نوع العرض، إن وجد، الذي سيكون بايدن مستعدًا لتقديمه([30]).

يرغب بايدن في إحياء “الاتفاق النووي” الذي أبرمه أوباما عام 2015، والمعروف باسم “خطة العمل الشامل المشتركة”، بشرط أن تقدم إيران عددًا من الأمور التي لم يحددها. كما شدد من جديد على تأكيد ترامب بأن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية، لكنها في الوقت ذاته لا تسعى نحو تغيير النظام فيها. كما كرر بايدن قول ترامب بأن إيران تشكل عامل زعزعة استقرار في المنطقة، لكنه أضاف أنه لا ينبغي الدخول في حرب معها([31]).

السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن “روبرت، فورد” يقرّ بإنَّ إيران تشكّل تحدياً كبيراً أمام الولايات المتحدة والاستقرار في الشرق الأوسط. وقال إنه ينبغي لواشنطن العمل مع الحلفاء لمقاومة توسع النفوذ الإيراني، لكن من غير الواضح كيف يمكنه النجاح دون تعاون تركيا والسعودية معه.

بايدن يرغب في استغلال مسألة العودة إلى الاتفاق لشن هجوم دبلوماسي لتعزيز اتفاق عام 2015 وتوسيع نطاقه. ويمكن أن نتوقع من إدارة بايدن إقرار مشاركة أميركية جديدة في دبلوماسية متعددة الأطراف مع إيران، وبذل جهود أميركية من أجل إبرام اتفاق نووي جديد مقابل رفع بعض العقوبات. ومن المهم أن نتذكر أن بايدن، حال فوزه في نوفمبر، لن يتمكن من رفع جميع العقوبات المفروضة ضد إيران لأن إلغاء بعض العقوبات يستلزم موافقة الكونغرس([32]).

سألت صحيفة “نيويورك تايمز” بايدن حول ما إذا كان ينوي استخدام القوة العسكرية الأميركية لمنع إيران من تصنيع أسلحة نووية. في رده، أعرب بايدن تفضيله التوصل إلى اتفاق دبلوماسي لوقف البرنامج النووي الإيراني، لكنه شدد على أن امتلاك إيران أسلحة نووية سيشكّل تهديداً للمصالح الأميركية الحيوية، وأعلن أنه سيستخدم العسكرية الأميركية إذا لزم الأمر لمنع إيران من إنتاج هذه الأسلحة. وقال بايدن كذلك في أثناء حملته الانتخابية إنه سيستخدم القوات الأميركية أيضاً رداً على استخدام دولة أخرى أسلحة كيماوية، أو وقف دولة أخرى من ارتكاب مذبحة جماعية([33]).

سياسة الإدارة الديمقراطية حول إيران، ستكون كما يقول بايدن قائمة على “محاسبة إيران وإعادة الانضمام إلى أتفاق دبلوماسي معها لمنعها من التسلح نوويًا إذا ما عادت إيران إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة. وهو إذ يرى أن استراتيجية “الضغط الأقصى” كان لها نتائج عكسية سيئة، مما يشجع إيران على أن تصبح “أكثر عدوانية” وأن تستأنف برنامجها النووي -وفق قوله – ويعتبر أن إيران طرف مزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط ولا يجب السماح لها بتطوير سلاح نووي([34]).

كما كرر بايدن قول ترامب بأن إيران تشكل عامل زعزعة استقرار في المنطقة، لكنه أضاف أنه لا ينبغي الدخول في حرب معها. علاوة على ذلك؛ أبدى بايدن موافقته على قرار ترامب قتل الجنرال قاسم سليماني بوصف ذلك “قراراً عادلاً بالنظر إلى طبيعة الدور الذي قام به”([35]).”لو أعادت إدارة بايدن المسار على الجبهتين، أي استئناف العلاقات مع الفلسطينيين وفتح العلاقة مع إيران بالتشاور مع إسرائيل، وبقية حلفاء أمريكا، فسنجد أنفسنا في شرق أوسط مستقر نسبيا”([36]).

صحيح أن سياسة الضغط التي مارستها إدارة ترامب ضد إيران أضرت بالاقتصاد الإيراني، لكنها لم تحد من مغامرات إيران الإقليمية لكنها في المقابل حللت إيران من القيود التي وضعتها إدارة أوباما فيما يتعلق بالنشاط النووي، لذلك أقر الحزب الديمقراطي سياسة جديدة تجاه المنقطة، ويقوم مشروع الديمقراطيون للسياسة الخارجية بإنهاء مسار ترامب نحو الحرب مع إيران مع إعطاء الأولوية للدبلوماسية وخفض التصعيد والحوار الإقليمي. يكشف برنامج الحزب الديمقراطي تغيرات هامة شهدها الحزب خلال السنوات الماضية وزيادة حجم ونفوذ قوى اليسار التقدمية.

في حالة فوز بايدن بمنصب الرئيس من المنتظر أن تشهد العلاقات الأميركية الإيرانية تحسناً تدريجياً، لكن هذا الأمر مرتبط بمدى تجاوب إيران مع الشروط التي وضعها بايدن لبدء صحفة جديدة والعودة لطاولة المفاوضات. كما أن هذا الأمر سوف يؤدي لحدوث فتور في العلاقات الأميركية الخليجية بشكل عام والسعودية الأميركية على وجه التحديد. فدول الخليج تخشى من عودة إدارة بايدن للسياسات إدارة أوباما في التعامل مع طهران التي ساهمت في تعزيز تمدد إيران الإقليمي وتهديد أمنها القومي.

خامساً: سياسات بايدن المنتظرة تجاه القضية الفلسطينية

عانت القضية الفلسطينية خلال سنوات ترامب الأربع الماضية من تحديات وصعوبات جمّة، بعد أن أخّل ترامب وفريقه المعاوّن بشدة بأسس التسوية السياسية وطرح رؤية جديدة لا ترتكز على قرارات الشرعية الدولية أو مبدأ الأرض مقابل السلام؛ بل طرح مقاربة جديدة للتسوية ترتكز على الوضع القائم الذي استطاعت إسرائيل تثبيته خلال سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.

لقد تبنى الرئيس ترامب وإدارته رؤية اليمين الديني الحاكم في إسرائيل بشكل كامل، وطرح لما يعرف “صفقة القرن” التي تهدف إلى تثبيت الوضع القائم عبر عدم اخلاء للمستوطنات الإسرائيلية وضمّ أجزاء واسعة من الضفة الغربية، وشطب قضية القدس واللاجئين من على طاولة المفاوضات بعد أن اعترفت بها إدارة ترامب عاصمة موحدة لإسرائيل، ومحاولة نسف قضية اللاجئين عبر وقف تمويل الأونروا.

مثل الرؤساء السابقين، تعهد ترامب بتأمين السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ولكن، كما في السابق، ثبت أن هذا الهدف بعيد المنال. نقلت إدارته السفارة الأميركية إلى القدس في عام 2018، في العام التالي، اعترفت الإدارة رسمياً بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل من سوريا عام 1967، مما عكس سياسة أمريكية طويلة الأمد وأثار غضب دول أخرى([37]).

كما أن حالة التطبيع المجاني بين إسرائيل وعدد من دول الخليج ساهمت في تراجع القضية الفلسطينية، لقد وفّرت استراتيجية تجاوز المسألة الفلسطينية التي اتبعها نتنياهو مكاسب كبيرة لإسرائيل. فقد أقيمت علاقات وثيقة مع عدد لا يحصى من الدول التي اتّبعت في السابق سياسات سلبية أو حتى معادية تجاه إسرائيل.

اتفاقيات التطبيع الموقعة بين إسرائيل ودول الخليج”. “تعطي الإمارات والبحرين (والمملكة العربية السعودية) الأولوية للجانب الجغرافي الاستراتيجي لعلاقتهما مع الولايات المتحدة وإسرائيل. “إنهم قلقون بشكل أساسي من التهديد الإيراني لأمنهم. ولا يشير نص اتفاقية التطبيع الإماراتية الإسرائيلية الصادرة عن البيت الأبيض إلى أن إسرائيل ملزمة بوقف ضمها للضفة الغربية. “الفلسطينيون هم الخاسرون الرئيسيون. ونظرا لمدى التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل، لن يشعر (رئيس الوزراء) بنيامين نتنياهو ولا خصومه بأنهم ملزمون بالموافقة على تسوية سلمية مع الفلسطينيين تعترف بحقوقهم المشروعة ([38]).

عندما يتعلق الأمر بالمظاهر – مثل السفارة الأميركية في القدس أو معاهدة “السلام” مع الدول التي لم نشهد معها حربًا – “فإن إسرائيل في وضع أفضل بكثير”، هذا ما قاله نمرود نوفيك، المستشار السابق للرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء “شيمون بيريز”، لكن عندما يتعلق الأمر بالجوهر، فيما يتعلق بالتحديين الخارجيين الرئيسيين الوحيدين – الحاجة إلى حل الصراع مع الفلسطينيين والحاجة إلى كبح جماح طموحات إيران النووية والإقليمية – فنحن أسوأ بكثير ([39]).

الولايات المتحدة تحت إدارة ديمقراطية يمكن أن تسير في مواجهة التحديين معاً، يمكن أن تعيد بعض الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية وعملية السلام، كون أن خطوات ترامب تجاه عملية السلام أسس التسوية لم تلقى ترحيب من أغلب أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة، حل الدولتين الذي نسفه ترامب يمثل الحل الذي يجمع عليه أغلب دول العالم، وخفض التوتر مع إيران عبر العودة للمفاوضات.

يؤكد بايدن إن واشنطن لا تستطيع حماية الإسرائيليين بشكل كامل بدون سلام، معتبرًا أن “إسرائيل” بحاجة إلى وقف تهديدات الضمّ ووقف النشاط الاستيطاني لأنّها ستقطع أي أمل في السلام، ومؤكداً أن الضمّ لن يحصل على “ضوء أخضر” أو اعتراف من إدارته. وفي الوقت نفسه يقول إن الفلسطينيين بحاجة إلى إنهاء التحريض في الضفة الغربية والهجمات الصاروخية في غزة، وبحسب تعبيره فإن الفلسطينيين بحاجة إلى الاعتراف بحق “إسرائيل” في الوجود كدولة يهودية مستقلة ديمقراطية آمنة في الشرق الأوسط، لكن في المقابل فإن على “إسرائيل” أن توقف نشاطها الاستيطاني([40]).

مع تأكيد ترشيحه بشكل رسمي عن الحزب الديمقراطي أعلن “جو بايدن” إن ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة “سيقطع أي أمل في السلام”، لكنه جدد تعهده بمواصلة المساعدة العسكرية الأميركية غير المشروطة لإسرائيل إذا انتخب رئيسًا. وقال “إن إسرائيل بحاجة إلى وقف تهديدات الضم ووقف النشاط الاستيطاني لأنها ستقطع أي أمل في السلام”. ومع ذلك، استبعد بايدن استخدام المساعدة العسكرية الأميركية كوسيلة ضغط للضغط على الإسرائيليين للتخلي عن خطط الضم ([41]).

وقال مساعدو بايدن إنه يعارض الضم، وأنه تعهد بإلغاء سياسات إدارة ترامب. لكنه قال في مكان آخر إن إحدى سياسات الرئيس دونالد ترامب التي لن يغيرها هي نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأكد إن إسرائيل بحاجة إلى “وقف تهديد الضم ووقف النشاط الاستيطاني لأنها ستخنق أي أمل في السلام” ([42]).

كما صرح بايدن في شهر مايو/أيار 2020، أنه من مؤيدين حل المسألة الفلسطينية على أساس إقامة دولتين عندما قال: بغرض تحقيق السلام الفلسطيني-الاسرائيلي من الضروري أن تعود الولايات المتحدة إلى الحوار مع الجانب الفلسطيني والسعي لدى اسرائيل وحثها على عدم القيام بأي خطوات تقوض إمكانية إقامة الدولتين. سأعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية ومكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن واستئناف المساعدات الأمنية والاقتصادية للفلسطينيين والتي اوقفتها ادارة ترامب”([43]). بايدن جدد تأكيده إنه إذا تم انتخابه فسوف “يستفيد من هذه العلاقات المتنامية لإحراز تقدم نحو حل الدولتين” في الشرق الأوسط([44]).

في خطاب ألقاه في وقت سابق من هذا العام أمام اللوبي المؤيد لإسرائيل AIPAC، قال بايدن أيضاً إن خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضم الضفة الغربية – المعلقة الآن – “تأخذ إسرائيل أكثر من قيمها الديمقراطية، وتقوض الدعم لإسرائيل في الولايات المتحدة، خاصة بين الشباب في كلا الحزبين السياسيين “([45]).

كما يعارض برنامج الحزب الديمقراطي “أي خطوات أحادية الجانب من أي من الجانبين بما فيها الضم الذي يقوض حل الدولتين”. يعارض برنامج الحزب الديمقراطي التوسع الاستيطاني بشدة. “نحن نعتقد أنه في حين أن القدس قضية ترتبط بترتيبات الوضع النهائي للمفاوضات، ينبغي أن تبقى القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، على أن تبقى مدينة غير مقسمة متاحة لأتباع كل الأديان” كما تعهد البرنامج إلى معارضة أي جهد لنزع الشرعية عن إسرائيل، بما في ذلك في الأمم المتحدة من خلال المقاطعة وسحب الاستثمارات وحركة العقوبات، مع حماية الحق الدستوري للمواطنين في حرية التعبير ([46]).

من المنتظر تعيد إدارة ديمقراطية ترميمّ العلاقات الأميركية الفلسطينية بعد فترة شهدت خلافات كبيرة على خلفية قرارات ترامب، سيعيد الديمقراطيون العلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين والمساعدات للشعب الفلسطيني بالضفة الغربية وغزة. لكن العقبات والعراقيل التي سيوجهها بايدن لتطبيق رؤيته فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي لن تأتي من الجانب الفلسطيني الذي قد يرى أن وجود بايدن في البيت الابيض فرصة لنيل بعض من حقوق الشعب الفلسطيني قبل أن تهرع دول عربية اخرى لتوقيع معاهدات سلام وتطبيع مع اسرائيل.

العقبة الاساسية ستكون الحكومة الاسرائيلية اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يتمتع بعلاقات وثيقة على كل الصعد مع ترامب والدائرة المحيطة به الأمر الذي مكنه من الحصول على كل ما يبتغيه من مطالب من البيت الأبيض فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية والملف الإيراني وغيرها من القضايا([47]). بايدن يصف نفسه أنه “صهيوني وفخور بذلك” ويدعم حل الدولتين، لكنه لن يمارس أي ضغوط مالية على إسرائيل كي تبدل سياساتها. كما أقر قرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس([48]).

في حالة فوزه -كما هو متوقع- ستقوم إدارة الإدارة الديمقراطية الجديدة بالمحافظة على التزام أميركا غير القابل للنقض بأمن “إسرائيل” – بما في ذلك التعاون العسكري والاستخباري غير المسبوق الذي كان رائداً خلال إدارة أوباما – بايدن، وضمان أن “إسرائيل” ستحافظ دائمًا على ميزتها العسكرية، والتأكيد على أنّ الدعم للتحالف بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” لا يزال ثنائيًا، ولن تتم إعادة السفارة إلى “تل أبيب”.

يتمتع بايدن بتاريخ طويل من الدعم القوي لإسرائيل، بما في ذلك منصب نائب الرئيس. فهو لن يهدد إسرائيل، على سبيل المثال، بتقليص المساعدة العسكرية لردع المزيد من التوسع الاستيطاني.  لكنه لا يزال ملتزما بحل الدولتين. ومع ذلك، فإن هذا الهدف الذي طال انتظاره قد انحسر إلى أفق بعيد للغاية. قد يكون بايدن أول رئيس أمريكي في جيل يكرس القليل من الجهد أو لا يكرس أي جهد لهذا الاحتمال اللامع الذي لا نهاية له، ويكرس نفسه بدلاً من ذلك لتحسين ظروف الفلسطينيين وتخفيف التوترات مع إسرائيل([49]).

بشكل عام إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر)، فسيكون مستقبل الفلسطينيين، في أحسن الأحوال مجمداً في الماضي القريب. من المرجح أن تبقى الخطط الإسرائيلية لضم حوالي 30٪ من الضفة الغربية، وإعلان السيادة على مستوطناتها اليهودية القائمة في الأراضي الفلسطينية، معلقة، سوف يسود الوضع الراهن، رغم عدم وجود دعم دولي للسلام من أجل الرخاء وما يسمى بخطة “صفقة القرن” التي قدمها صهر ترامب جاريد كوشنر في يناير. من المرجح أن يقدم للفلسطينيين دولة تشبه “البانتوستان” وهي أوطانًا زائفة بدون اعتراف دولي كانت مخصص لسكان جنوب إفريقيا الأصليين في حقبة الفصل العنصري([50]).

على المستوي الفلسطيني سوف يعمل بايدن في حالة نجاحه على ترميم أسس التسوية السياسية التي دمرتها قرارات ترامب بالعودة للتأكيد على مبدأ حل الدولتين مع ربط ذلك بقضية يهودية إسرائيل وبقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائيل الأمر الذي سوف يضع الفلسطينيين أمام تحديات كبيرة، فهمّ سوف يكونوا أمام خيارات صعبة في ظل تراجع فرص التسوية، ونجاح إسرائيل في تجاوز القضية الفلسطينية، ما يجعل مبادرات بايدن التي لن تكون مرضية بشكل كامل للفلسطينيين بمثابة الفرصة الأخيرة.

خاتمة:

من المرجع في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية أن يعكس بايدن سياسات مختلفة إلى حد ما عن سياسات إدارة دونالد ترامب الجمهورية تجاه منطقة الشرق الأوسط التي عانت العديد من الأحداث خلال سنوات حكم ترامب، لكن هذه السياسات لن تكون بعيدة بأي حال من الأحوال عن سياسيات إدارة ترامب الجمهورية وإدارة أوباما الديمقراطية فمن المنتظر أن تخلط الإدارة الديمقراطية القادمة مزيج بين سياسات أوباما وترامب معا، ما يبقي على الولايات المتحدة في مسار مبهم لأربع سنوات قادمة.

من المرجح أن تعود إدارة الديمقراطية إلى عدد من منطلقات إدارة أوباما تجاه إيران في التعاطي مع الملف النووي الإيراني بتفضيل المفاوضات والتسوية على الضغط والعقوبات، بهدف الرغبة في الوصول لاتفاق جديد يراعي النواقص التي تضمنها اتفاق 2015 حول برنامج الصواريخ البالستية الإيراني وتمددها في المنطقة، بينما سوف يتخذ مواقف سلبية من أنظمة الخليج، وكما سيستثمر حالة التطبيع بين إسرائيل دول الخليج في دفع الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية والتخلي عن حق العودة والتسليم ببقاء القدس عاصمة لإسرائيل من أجل طرح مقاربة جديدة ترتكز على حل الدولتين كأساس للتسوية.

([1]) جوزيف بايدن، (الجزيرة نت، 11 يوليو 2014)، متاح https://bit.ly/3ds5zTa

([2]) كامالا هاريس: جو بايدن أول مرشح رئاسي أمريكي يختار امرأة سوداء لمنصب نائب الرئيس، (موقع قناة BBC عربي، 12 أغسطس 2020)، متاح https://bbc.in/3k3fdhC

([3]) Simon Lewis, Michael Martina: The foreign policy issues that divide Trump and Biden, (Reuters, SEPTEMBER 18, 2020). https://reut.rs/3k18NQ3

([4]) مطر، علي: بايدن في البيت الأبيض: كيف تكون السياسة الخارجية الأميركية؟، (موقع العهد، 23 يوليو 2020(K متاح https://bit.ly/33VZqeV

([5])Simon Lewis, Michael Martina: The foreign policy issues that divide Trump and Biden, (Reuters, SEPTEMBER 18, 2020). https://reut.rs/3k18NQ3

[6] كنعان، غنوة: من هو جو بايدن.. المرشح الأقوى لمنافسة ترامب على رئاسة أمريكا؟، (مركز الرؤية، 12 مارس 2020)، متاح https://bit.ly/2T28Sa8

([7])  JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another Region, (foreign policy, SEPTEMBER 9, 2020). https://bit.ly/2H4vLHg

([8]) JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another RegionIbid.

([9])Ishaan Tharoor:  What the U.S. election means for the Middle East, (Washington post, Oct. 13, 2020). https://wapo.st/3k3MQje

([10]) الشرق الأوسط في “عهد” جو بايدن والتقرير البريطاني بشأن روسيا في الصحف البريطانية، موقع قناة BBC عربي، 22 يوليو 2020، متاح https://bbc.in/2IrV2vX

([11]) ظاهري، أمير: بايدن يطرح مزيجاً من أوباما وترامب، (جريدة الشرق الأوسط، 31 يوليو 2020)، متاح https://bit.ly/31560Ot

([12]) JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another Region, (foreign policy, SEPTEMBER 9, 2020). https://bit.ly/2H4vLHg

([13]) المنشاوي، محمد: سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط، (جريدة الشروق المصرية، 30 يونية 2020)، متاح https://bit.ly/34XRKbe

([14]) Ishaan Tharoor:  What the U.S. election means for the Middle East, (Washington post, Oct. 13, 2020). https://wapo.st/3k3MQje

([15]) المنشاوي، محمد: سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط، (جريدة الشروق المصرية، 30 يونية 2020)، مرجع سابق

([16]) روبرت، فورد: كيف يفكر بايدن بخصوص إيران والشرق الأوسط؟، (جريدة الشرق الأوسط، 11 مارس 2020)، متاح https://bit.ly/3j2eigg

([17]) الانتخابات الأمريكية 2020: ما موقف جو بايدن من أزمات وقضايا الشرق الأوسط؟، (BBC عربي، 14 أكتوبر 2020)، متاح https://bbc.in/3lLC1mC

([18]) المنشاوي، محمد: سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط، (جريدة الشروق المصرية، 30 يونية 2020) مرجع سابق.

([19]) ظاهري، أمير: بايدن يطرح مزيجاً من أوباما وترامب، (جريدة الشرق الأوسط، 31 يوليو 2020)، مرجع سابق

([20]) المنشاوي، محمد: سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط، (جريدة الشروق المصرية، 30 يونية 2020)، مرجع سابق.

([21]) Michael Eisenstadt: Were Iran and the United States Really ‘On the Brink’? Observations on Gray Zone Conflict, (The Washington Institute for Near East Policy, September 27, 2020). https://bit.ly/353tPqO

([22]) Mehdi Khalaji, Ariane Tabatabai, and Michael Eisenstadt: An October Surprise with Iran? Calculations and Policy Implications, (The Washington Institute for Near East Policy, October 8, 2020). https://bit.ly/3j1l31R

([23])JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another Region, (foreign policy, SEPTEMBER 9, 2020). https://bit.ly/2H4vLHg

([24]) Ishaan Tharoor:  What the U.S. election means for the Middle East, (Washington post, Oct. 13, 2020). https://wapo.st/3k3MQje

([25])Michael Eisenstadt: Were Iran and the United States Really ‘On the Brink’? Observations on Gray Zone Conflict, (The Washington Institute for Near East Policy, September 27, 2020). https://bit.ly/353tPqO

([26]) Simon Lewis, Michael Martina: The foreign policy issues that divide Trump and Biden, (Reuters, SEPTEMBER 18, 2020). https://reut.rs/3k18NQ3

([27]) Ishaan Tharoor:  What the U.S. election means for the Middle East, Washington post, Oct. 13, 2020. https://wapo.st/3k3MQje

([28]) Mehdi Khalaji, Ariane Tabatabai, and Michael Eisenstadt: An October Surprise with Iran? Calculations and Policy Implications, (The Washington Institute for Near East Policy, October 8, 2020). https://bit.ly/3j1l31R

([29]) مطر، علي: بايدن في البيت الأبيض: كيف تكون السياسة الخارجية الأميركية؟، موقع العهد، 23 يوليو 2020، متاح https://bit.ly/33VZqeV

([30]) JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another Region, foreign policy, SEPTEMBER 9, 2020. https://bit.ly/2H4vLHg

([31]) ظاهري، أمير: بايدن يطرح مزيجاً من أوباما وترامب، جريدة الشرق الأوسط، 31 يوليو 2020، متاح https://bit.ly/31560Ot

([32]) روبرت، فورد: كيف يفكر بايدن بخصوص إيران والشرق الأوسط؟، جريدة الشرق الأوسط، 11 مارس 2020، متاح https://bit.ly/3j2eigg

([33]) روبرت، فورد: كيف يفكر بايدن بخصوص إيران والشرق الأوسط؟، جريدة الشرق الأوسط، 11 مارس 2020، متاح https://bit.ly/3j2eigg

([34]) مطر، علي: بايدن في البيت الأبيض: كيف تكون السياسة الخارجية الأميركية؟، موقع العهد، 23 يوليو 2020، متاح https://bit.ly/33VZqeV

([35]) ظاهري، أمير: بايدن يطرح مزيجاً من أوباما وترامب، جريدة الشرق الأوسط، 31 يوليو 2020، متاح https://bit.ly/31560Ot

([36]) Ishaan Tharoor:  What the U.S. election means for the Middle East, Washington post, Oct. 13, 2020. https://wapo.st/3k3MQje

([37]) Simon Lewis, Michael Martina: The foreign policy issues that divide Trump and Biden, (Reuters, SEPTEMBER 18, 2020). https://reut.rs/3k18NQ3

([38]) Sam Kiley: Middle East agreements brokered by Trump present opportunity for Biden if he wins election, CNN, September 21, 2020. https://cnn.it/317JkNr

([39]) Ishaan Tharoor:  What the U.S. election means for the Middle East, Washington post, Oct. 13, 2020. https://wapo.st/3k3MQje

([40]) مطر، علي: بايدن في البيت الأبيض: كيف تكون السياسة الخارجية الأميركية؟، موقع العهد، 23 يوليو 2020، متاح https://bit.ly/33VZqeV

 ([41])Israel’s annexation of West Bank would ‘choke off any hope of peace’, Joe Biden says, (middle east eye, 19 May 2020). https://bit.ly/30mTWIN

 ([42]) RON KAMPEAS: Joe Biden to Jewish donors: ‘I do not support annexation,’ will reverse Trump policies on Israel and the Palestinians, (Jewish Telegraph Agency (JTA), MAY 20, 2020). https://bit.ly/3h7wLbv

([43]) الانتخابات الأمريكية 2020: ما موقف جو بايدن من أزمات وقضايا الشرق الأوسط؟، BBC عربي، 14 أكتوبر 2020، متاح https://bbc.in/3lLC1mC

([44])Simon Lewis, Michael Martina: The foreign policy issues that divide Trump and Biden, (Reuters, SEPTEMBER 18, 2020). https://reut.rs/3k18NQ3

([45]) JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another Region, foreign policy, SEPTEMBER 9, 2020. https://bit.ly/2H4vLHg

([46]) المنشاوي، محمد: سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط، جريدة الشروق المصرية، 30 يونية 2020، متاح https://bit.ly/34XRKbe

([47]) الانتخابات الأمريكية 2020: ما موقف جو بايدن من أزمات وقضايا الشرق الأوسط؟، BBC عربي، 14 أكتوبر 2020، متاح https://bbc.in/3lLC1mC

([48]) ظاهري، أمير: بايدن يطرح مزيجاً من أوباما وترامب، جريدة الشرق الأوسط، 31 يوليو 2020، متاح https://bit.ly/31560Ot

([49])JAMES TRAUB: Under Biden, the Middle East Would Be Just Another Region, foreign policy, SEPTEMBER 9, 2020. https://bit.ly/2H4vLHg

([50]) Sam Kiley: Middle East agreements brokered by Trump present opportunity for Biden if he wins election, CNN, September 21, 2020. https://cnn.it/317JkNr

رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M