صوفي غلاهر
(ملاحظة المحرّر: كانت الإرشادات كلها صحيحة وقت النشر. لكن الحكومة تفرض على الناس الآن ملازمة منازلهم وتفادي الاختلاط بالآخرين والسفر).
طلب بوريس جونسون من المواطنين إيقاف كل التنقلات والرحلات غير الضرورية والعمل من المنزل حين المستطاع، وتفادي ارتياد الحانات والمطاعم لكبح انتشار فيروس كورونا.
وقيل لمن تتخطّى أعمارهم 70 عاماً وللحوامل أن يحدّوا من احتكاكهم بالآخرين طوال الأسابيع الـ12 المقبلة.
وعلى الرغم من الخطورة الجلية لهذا الوضع، من المهمّ النظر إلى هذا التهديد ضمن سياقه الفعلي (بين عامّي 2017 و 2018 أوقع موسم الإنفلونزا في المملكة المتحدة 26408 وفيات مقابل 1692 وفاة بين عاميّ 2018 و2019) وبحسب تقديرات كبير أطبّاء المملكة المتحدة كريس ويتي، لا يموت سوى 1 في المئة فقط من المصابين بفيروس كورونا (بينما كانت التقديرات السابقة أعلى إذ وضعت النسبة بين 2 و3.4 في المئة).
وفي المقابل، تخطّت نسبة الوفيات جرّاء المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (“سارس”) 10 في المئة.
كما نبهت منظمة الصحة العالمية وهيئة الصحة العامّة في إنجلترا إلى أنه لا داعي إلى الهلع والتهافت على شراء الكمامات والقفازات الطبية أو غيرها من الألبسة الواقية الزائدة إن كنتم تحافظون على مستوى جيد من النظافة الشخصية وتواظبون على غسل أيديكم وتغطية فمكم وأنفكم إن سعلتم.
ولا ريب في أن كثيرين ما زالوا يجدون صعوبة في تفادي القلق جرّاء ما يحدث حالياً وما يُخبّئه المستقبل.
ويقول الدكتور مايكل سنكلير، استشاري الطب النفسي، للإندبندنت “من الطبيعي الشعور ببعض القلق. فعقولنا تعوّدت على القلق منذ زمن أسلافنا أهل الكهف: نحن نركّز على سيناريوهات الهلاك ونقلّبها في ذهننا إلى أن نتعلّم مهارات جديدة للبقاء على قيد الحياة. وكلّ ما في الأمر أنّ العقل يفعل ما فُطر عليه”.
ويؤيّد المعالج النفسي سيلفا نيفز هذا الكلام لكنه يحذّر من أنّ “الهلع معدٍ بدوره”.
ما العمل إذاً عندما يبدأ القلق بشأن المسائل الصحية بالتدخّل في أنشطتكم اليومية وتجاهدون من أجل الذهاب إلى العمل أو الاختلاط بالآخرين في أماكن مكتظّة خوفاً من التقاط فيروس كورونا؟
لا تستمعوا إلى عقلكم في كل الأوقات
يقول الدكتور سنكلير “استمعوا إلى ما يخبركم إيّاه عقلكم ثمّ انظروا إلى الواقع الذي تثبته الدلائل. ومن الضروري لنا أن نعي أنّ ما يخبرنا به عقلنا في أغلب الأحيان هو قصّة وليس الواقع”.
“حاولوا أن تفعلوا الآتي مثلاً: بدل أن تقولوا لأنفسكم “سوف أصاب بالمرض” قولوا “تراودني فكرة أنني سوف أصاب بالمرض” تأكيداً أنّ هذا ما يقوله لكم عقلكم وليس الواقع”.
ويضيف السيد نيفز “نحن نسيطر على مقدار تفكيرنا بالموضوع. ولدينا القدرة على السيطرة على أفكارنا مع أن ضبطها يصعب علينا أحياناً. لكن القلق لن يضمن لنا الحصول على نتيجة أفضل. لذا حاولوا إفساح المجال لأنفسكم من أجل التفكير بأمور أخرى كذلك”.
لا تحاولوا تجاهل الأعراض الجسدية للإجهاد النفسي
يشرح الدكتور سنكلير أننا “قد ندفع أنفسنا للشعور بالمرض (كأننا مصابون بفيروس كورونا أو ما شابه) عبر الذعر أو القلق المرضي- والأعراض هي قصر النفس وتسارع دقات القلب. لكن عندما تنتابكم هذه المشاعر، اسمحوا لها بالظهور وتناولوها بالوصف فيما تختبرونها بدل أن تحاولوا محوها أو تجاهلها، لأنّ هذا لن يساعدكم”.
ويقول السيد نيفز إنه خلال لحظات الذعر والهلع، عليكم أن تحاولوا التنفّس قليلاً؛ اجلسوا وعدّوا الشهيق والزفير لمدة عشر ثوانٍ، ثم أعيدوا الكرّة.
دوّنوا قلقكم
تشرح إليزابيث تورب من الجمعية البريطانية للاستشارات والعلاج النفسي أنّكم قادرون على اتّخاذ خطوة عمليّة -تقع ضمن نطاق سيطرتكم- من شأنها مساعدتكم في التعبير عمّا يقلقكم. وتقترح كتابة يوميات أو مذكّرات.
وتضيف “اسمحوا لأنفسكم بالقلق، عبّروا عن قلقكم ودوّنوه في دفتر ثم ضعوه جانباً. بعد الكتابة عن الموضوع، انسوه”.
ويمكنكم أن ترسموا دائرتين – دائرة السيطرة ودائرة عدم التأثير- وتكتبوا داخلهما الأمور التي تقلقكم في حياتكم. وسيساعدكم هذا النشاط على أن تتذكروا ما هي الأشياء التي تستطيعون التأثير فيها وما هي تلك التي لا تؤثرون فيها على الإطلاق مهما بلغت درجة قلقكم منها.
استهلكوا من الأنباء ما تستطيعون تحمّله فقط
برأي الدكتور نيفز، عندما تكابدون من أجل التكيّف مع الأوضاع، لستم مضطرّين إلى متابعة البث الإخباري الحيّ ولا تلقّي التنبيهات بأحدث الأنباء ولا استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بل الأحرى بكم أن تحدّوا من تعرّضكم للمعلومات الجديدة. ويقول “تستطيعون أن تكونوا صارمين مع أنفسكم وتقرروا الاكتفاء بمشاهدة النشرة الإخبارية وقراءة تحديثٍ عن الفيروس مرة واحدة في اليوم فقط”.
“أنا لا أقترح عليكم أن تتجاهلوه (كلياً) لأنه موضوع جدي وخطير. تابعوا تطورات الموضوع طبعاً إنما تستطيعون تقليص حدة القلق إن قلّصتم مدّة تفكيركم به”.
خذوا بعض الخطوات العمليّة
إلى الإمساك بمقاليد الأفكار والموازنة بينها، تستطيعون اتخاذ بعض الخطوات المادية لطمأنة أنفسكم مثل اتّباع تعليمات منظمة الصحة العالمية وهيئة الصحة العامة في إنجلترا. ويشرح السيد نيفز “واظبوا على غسل أيديكم بالماء والصابون وبخاصّة قبل الأكل. أو اغسلوا أيديكم بالمعقّم الكحولي. واتّبعوا النصيحة الطبّية”.
كما ينصح بتغيير نمط العمل إذا أمكن ذلك من دون الإخلال بمساره. حاولوا مثلاً أن تعقدوا الاجتماعات الكبيرة عبر الإنترنت بدل الالتقاء ضمن مجموعات.
ويقول جيرارد بارنز، الرئيس التنفيذي لشركة الأخصائيين الطبيين سمارت تي أم إس، إن رغبتنا في عزل أنفسنا قد تكون بديهية في أوقات التوتر (ولا سيّما إن كنتم قلقين بشأن الفيروس) لكن الحفاظ على بعض التفاعل البشري إن أمكن أمرٌ مهمٌ من أجل تقليص حدة التوتر. “فالحفاظ على علاقات قوية سيساعدكم على الإحساس بأنكم تحظون بالدعم وأنكم محاطون بالإيجابية والطاقة الجيدة”.
“كما تزيد احتمالات الخوض في حديث منفتح حول الفيروس مع الناس الأقرب إليكم – وستساعدكم القدرة على مناقشة الموضوع وربّما حتى على المزاح بشأنه على الشعور بالراحة وتخطّي أي توتر قد تشعرون به جرّاء الخطر”.
تفادوا الافتراضات وركّزوا على الوقائع
في عالم من الأنباء المتواصلة وسيل الإخطارات الدائمة على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يسهل الانقياد نحو الافتراضات والمبالغة. لكن السيد بارنز يحذّر “حاولوا ألّا تعلقوا داخل دوّامة الإعلام وتفادوا قراءة كثير من التقارير الافتراضية. ركّزوا على المواقع الإلكترونية المحترمة التي تعطي الأولوية للشؤون الصحّية مثل هيئة الخدمات الطبية الوطنية من أجل الحصول على تعليمات ووقائع واضحة وبسيطة حول فيروس كورونا وطرق التعامل معه”.
ويضيف السيد نيفز “تذكّروا أنّنا لا نستطيع وقف انتشار الفيروس، فالمجتمع العلمي وحده قادر على ذلك. لكننا نقدر أن نساعد بعضنا بعضاً على التوقف عن بث الذعر”.
رابط المصدر: