هكذا أثّر فيروس كورونا على الرياضة في العالم

مروة الاسدي

لا يزال فيروس كورونا يحصد الضحايا في القارات المختلفة، مخلّفاً وراءه خسائر جمّة لا ترتبط فقط بالأرواح، ففي الجانب الخاص بالأحداث الرياضية الكبرى، تلقّى عدد من الدول ضربات غير متوقّعة تترك أثرها السلبي بلا شك على اتّحاداتها من الناحية المالية.

وعلى البلدان المتضررة من الفيروس إذا ما أخذنا ارتباط الرياضة بتنشيط الاقتصاد في كلٍّ منها، فقد وصل تأثير فيروس كورونا إلى المنافسات الرياضية، بما فيها الرياضة الأكثر شعبية في العالم، كرة القدم، بعدما هدد قطاعات السياحة والاقتصاد والنفط، وبطبيعة الحال، فالرياضة هي جزء لا يتجزأ من الواقع الذي نعيشه، بل وقد تكون من أكثر الفئات التي تتأثر بالأحداث المحيطة.

لذلك فبالتأكيد سيكون لفيروس كورونا الجديد تأثير مباشر على الأحداث الرياضية في العالم، التأثير الفوري ظهر في الدولة صاحبة نصيب الأسد من الإصابات، وهي دولة الصين، حيث بدأت السلطات في أخذ خطوات جادة للسيطرة على الفيروس وإعادة الحياة إلى سابق عهدها، ليتم فرض حجر صحي في الدولة بأكملها، مع منع السفر إلى مقاطعة ووهان.

من المبكر للغاية أن نحكم هل تقام دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 في اليابان في موعدها المقرر له، مع تبقي ستة أشهر على الحدث، لكن التصفيات المؤهلة إلى الأولمبياد تأثرت بالفعل، فعلى سبيل المثال اللجنة الأولمبية الدولية قررت إلغاء منافسات الملاكمة المؤهلة إلى طوكيو 2020، والتي كان مقرراً لها أن تقام في مدينة ووهان تحديداً، وتأجيلها لتقام في الأردن بداية شهر مارس المقبل.

وبين تجميد النشاط المحلي في إيران وعدد من المنافسات الدولية في كوريا الجنوبية وبلدانٍ أخرى محيطة بها، وصل الإرباك إلى أوروبا مع تأجيل مباريات وإقرار اللعب من دون جمهور في مباريات أخرى في إيطاليا، في وقتٍ برزت فيه انتقادات مجموعة من السياسيين الفرنسيين سماح السلطات حضور مشجعي يوفنتوس الإيطالي إلى مدينة ليون لمتابعة مباراة الفريقين ضمن ذهاب دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا، وهي البطولة التي تعتمد فيها الأندية بشكلٍ كبير على عائدات حضور المباريات، والتي وصلت إلى أرقامٍ خيالية في الموسم الماضي، إذ بلغ معدل عائدات كل مباراة فيها 4 ملايين و700 ألف دولار، وما إبعاد الجمهور عن مبارياتها على غرار ما حصل في مسابقة «يوروبا ليغ» وتحديداً مباراة إنتر ميلانو الإيطالي وضيفه لودوغوريتس البلغاري، إلا ضربةً تؤثر على مستقبل الفرق الأوروبية وعلى ميزانياتها العامة واستراتيجياتها للموسم المقبل. أضف أن إبعاد الجمهور بشكلٍ طارئ واستثنائي يمكن أن يؤدي إلى تخفيض القيمة المالية للعقود التسويقية الخاصة بالمسابقة الأهم على صعيد الأندية.

صحيح أن الصين تقف في عين العاصفة حالياً، وعين العالم عليها في ما خصّ أزمة فيروس «كورونا» الذي خرج منها ولم يرحم عشرات البلدان، لكن الترقّب الأكبر يحوم الآن حول جارتها اليابان حيث تتركز كل الأعين عليها، وهي التي ستكون محرجة أمام المجتمع الدولي كونها ستعيش أزمة رياضية، اقتصادية ومالية، في حال تأثرت الألعاب الأولمبية الصيفية التي كلفّ التحضير لها حتى الآن 12.5 مليار دولار، وهناك تخوّف لا يمكن إسقاطه على مصيرها، خصوصاً مع توالي إلغاء الأحداث الرياضية في العاصمة طوكيو، وآخرها إبعاد 38 ألف عداء وعداءة من الهواة عن سباق الماراثون.

هل تقام أولمبياد طوكيو 2020 في موعده؟

جددت السلطات اليابانية التأكيد ان خططها لإقامة دورة الألعاب الأولمبية المقررة في طوكيو صيف هذا العام، لا تزال على حالها، على رغم المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد الذي انعكس سلبا على أحداث رياضية في البلاد والعالم.

وطرحت في الأيام الأخيرة علامات استفهام حول الأولمبياد المقرر بين 24 تموز/يوليو والتاسع من آب/أغسطس، لاسيما وان انتشار فيروس “كوفيد-19” دفع السلطات اليابانية لإرجاء مواعيد رياضية أو إجراء تعديلات على أخرى، من مباريات كرة القدم الى مصارعة السومو، لكن منظمي دورة الألعاب أعادوا الأربعاء التأكيد ان خططهم للاستضافة لم تخضع لأي تعديل حتى الآن. وقال الرئيس التنفيذي لأولمبياد طوكيو 2020 تاشيرو موتو للصحافيين “لم نفكر بالأمر (في إشارة الى احتمال إلغاء الدورة). لقد استفسرنا، وقيل لنا انه لا يوجد مخطط من هذا القبيل”.

وتابع “تفكيرنا يقوم على إقامة دورتي الألعاب الأولمبية والبارالمبية (تنطلق في 25 آب/أغسطس) كما هو مخطط”.

وأشار موتو الى ان اللجنة المحلية ستأخذ في الاعتبار الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء شينزو آبي الأربعاء لمنظمي الأحداث الرياضية الكبرى في اليابان خلال الأسبوعين المقبلين، لإلغائها أو إرجائها أو تعديلها بما يتوافق مع مساعي الحد من مخاطر تفشي الفيروس، وأوضح “سنتخذ القرارات من خلال مراجعة كل حدث على حدة”، مع تأكيده ان مسيرة الشعلة الأولمبية المقرر ان تنطلق في 26 آذار/مارس المقبل في فوكوشيما وتجول مختلف مناطق البلاد، لن يتم إلغاؤها، وتابع “نحن لا نفكر قطعا بإلغائها، لكن سنفكر بالسبل التي تتيح لنا إقامتها دون ان يساهم ذلك في انتشار الفيروس، بما يشمل تقليصها”.

ورد موتو على تصريحات صحافية للعضو الكندي في اللجنة الأولمبية الدولية ديك باوند، اعتبر فيها ان قرارا بشأن الألعاب، لجهة الالغاء أو التأجيل أو أي تعديل محتمل، يجب ان يتم اتخاذه خلال شهرين أو ثلاثة. بحسب فرانس برس.

وقال المسؤول الياباني “عندما تشاورنا مع اللجنة الأولمبية الدولية… قيل لنا ان اللجنة الأولمبية الدولية لا تفكر بهذا الأمر”، وكانت وزيرة الألعاب الأولمبية اليابانية سايكو هاشيموتو قد أبلغت مجلس النواب في وقت سابق يوم، بموقف مماثل.

وقالت “في اجتماع تقييم للجنة الأولمبية الدولية عقد في طوكيو قبل أيام (…) كان فيروس كورونا المستجد على جدول البحث بالتأكيد”، أضافت “في حينه، تلقينا تقييما عاليا على استعداداتنا لألعاب طوكيو، واللجنة الأولمبية الدولية عرضت دعمها المستمر”، لكنها أشارت في الوقت عينه الى أهمية “التحضير للسيناريو الأسوأ”.

وكان منظمو ألعاب طوكيو قد أكدوا لوكالة فرانس برس الثلاثاء، انه “لم يتم البحث أبدا” في إلغائها، وان الاستعدادات “تجري كما هو مخطط لها”، وأتى ذلك في يوم أعلنت رابطة دوري كرة القدم الياباني إرجاء كل المباريات، بما يشمل مباريات مسابقة الكأس، حتى 15 آذار/مارس، واليوم أيضا، واصل انتشار الفيروس فرض تأثيره على الرياضة اليابانية، فقد أعلن منظمو لقاء اليابان وضيفتها الاكوادور ضمن منافسات مسابقة كأس ديفيس لكرة المضرب الأسبوع المقبل، إقامته خلف أبواب موصدة.

وأوضح المنظمون في بيان ان “الاتحاد الدولي لكرة المضرب اتخذ قرار إقامة المباراة خلف أبواب موصدة بالتشاور مع الاتحاد الياباني لكرة المضرب، بناء على نصيحة” جهات حكومية أبرزها وزارة الصحة اليابانية، كما أعلن اتحاد مصارعة السومو التي تحظى بشعبية واسعة في اليابان، انه سيعقد الأحد جلسة طارئة لبحث الخطوات الممكنة للمساهمة في الحد من خطر تفشي الفيروس، بما في ذلك مسابقة تستقطب آلاف المشجعين، ومن المقرر ان تقام في مدينة أوساكا في الثامن من آذار/مارس المقبل.

فيروس كورونا يضرب آمال الصين الأولمبية

دمَّر فيروس كورونا أحلام بعض الرياضيين الصينيين للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية المزمع اقامتها صيف العام الحالي في العاصمة اليابانية طوكيو، كما عطل استعدادات بعضهم الآخر، وأجبرهم على الغياب عن بطولات والتدرب في عزلة شديدة وأحيانا وهم يرتدون أقنعة، يصر منظمو أولمبياد طوكيو على أن الوباء الذي يتمحور حول مدينة ووهان الصينية وتسبب في مقتل أكثر من 2100 شخصا، لن يؤدي إلى تعطيل إحدى أكبر التظاهرات الرياضية في العالم. بحسب فرانس برس.

لكن من المحتمل أن يؤثر ذلك على أداء الوفد الرياضي الصيني الذي بلغ تعداده 416 رياضياً في دورة الألعاب الأولمبية السابقة في ريو دي جانيرو عام 2016، واحتل المركز الثالث على جدول الميداليات بحصده 26 ميدالية ذهبية ومثلها برونزية، بالإضافة إلى 18 ميدالية فضية، وهو لم يتخلف عن المراكز الثلاثة الأولى منذ مطلع القرن الحالي.

واعتلت الصين صدارة الترتيب في نسخة الأولمبياد التي أقيمت في العاصمة بكين عام 2008، في حين جاءت ثانية في أثينا 2004، ولندن 2012، وثالثة في سيدني 2000، ولم يتم الإعلان حتى الساعة عن تعرض أحد الرياضيين الصينيين للفيروس المستجد، لكن تفشيه يتزامن مع مرحلة حساسة في الاستعداد للأولمبياد، والذي يبدأ في 24 تموز/يوليو القادم، في مثال صارخ، لجأ منتخب الصين لكرة القدم للسيدات إلى القيام بتمارين الاحماء في ممر فندق اقامته في بريزبين في استراليا بعد تعرضه للحجر الصحي قبل التصفيات الأولمبية.

وتأمل الصين أن تفتح الدول المتنافسة أبوابها أمام الرياضيين للتنافس في التصفيات لأن بعض الدول، بينها أستراليا، فرضت قيودا صارمة على الوافدين من الصين، وقال نائب رئيس اللجنة الأولمبية الصينية ليو غويونغ “ستكون هناك تصفيات أولمبية لأكثر من 100 مسابقة حول العالم بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل”، مشيرا إلى أن “اللجنة الأولمبية الدولية طلبت من مختلف الاتحادات الرياضية الدولية تقديم كل مساعدة وراحة ممكنة للرياضيين الصينيين”.

منتخب “الورود الصلبة” بصيص أمل الصين

في ظل النفق المظلم الذي تمر فيه الصين في معركتها الصعبة مع تفشي فيروس كورونا المستجد، انبثق نور أمل تمثل بـ”الورود الصلبة” وهو لقب المنتخب الصيني كرة القدم للسيدات الذي خرج من الحجر الصحي في سعيه لحجز مكان له في أولمبياد طوكيو هذا الصيف، في الوقت الذي تشهد فيه الرياضة الصينية توقفا شبه تام بسبب الوباء الذي أودى بحياة اكثر من 2500 شخصا في البلاد، بات المنتخب مصدر فخر بفضل نتائجه وإنجازاته المميزة، بعد أن وضع في الحجر الصحي عند وصوله الى استراليا من اجل المشاركة في دورة مؤهلة للاولمبياد، حيث تدربت اللاعبات في رواق الفندق وصدعن على السلالم للبقاء في حالة بدنية جيدة، لم يخسر منتخب “ستيل روزيس” اي مباراة، ليضرب موعدا مع كوريا الجنوبية في مواجهة من مباراتين يتأهل على اثرها الفائز الى الالعاب الاولمبية الصيفية المقررة في اليابان بين 24 تموز/يوليو والتاسع من آب/أغسطس.

وأشاد الإعلام المحلي بالمنتخب خلال الاسابيع الاخيرة، ومع توقف كل منافسات كرة القدم المحلية بسبب الفيروس، حظيت انجازاته بتغطية بارزة، ذكرت وكالة شينخوا أن “سِجل +ستيل روزيس+ الخالي من الهزائم في التصفيات الاولمبية يضيء القلوب الصينية في ظل الوباء”، وذلك بعد يوم من التعادل 1-1 مع استراليا الذي أهل الصين الى المواجهة الحاسمة مع كوريا الجنوبية التي يلتقيها في السادس والحادي عشر من آذار/مارس المقبل.

وسيتعين على المنتخب الصيني خوض المباراة الثانية “البيتية” والتي من المفترض ان تكون على ارضه، في مدينة سيدني الاسترالية جراء الوباء، ورغم أن المنتخب الصيني لن يخوض المباراة على ارضه، الا ان الوضع أفلت من ان يكون أكثر سوءا، بعد أن كان مقررا اقامة الدورة التأهيلية في ووهان، البؤرة الاساسية لتفشي الوباء في مقاطعة هوباي، قبل أن يتم نقلها الى نانجينغ بداية ومن ثم استراليا.

وضعت السلطات المحلية الاسترالية المنتخب الصيني في الحجر الصحي في فندق في مدينة بريزبين لأسبوع كامل، حيث هرع المصورون لالتقاط الصور للاعبات وهن يقمن بعمليات الاحماء في الرواق، فيما أشارت صحيفة “بيبولز دايلي” الصينية الى أنهن ركضن على السلالم للمحافظة على رشاقتهن.

غاب عنهن اربعة لاعبات مهمات بمن فيهن وانغ شوانغ المولودة في ووهان، لاعبة باريس سان جرمان الفرنسي السابقة التي منعت من مغادرة منزلها حيث تخضع للحجر الصحي الذاتي أسوة بسكان المدينة البالغ عددهم حوالي 11 مليونا، وقالت تانغ جيالي، لاعبة خط الوسط وفق ما نقل الاعلام الحكومي “لم نأت إلى هنا كأفراد، ولكن بالنيابة عن الصين بأكملها. نأمل أن نمنح الشجاعة لوطننا الام”.

الاتحاد الإيطالي يتقدم بطلب اللعب من دون جمهور

أفاد رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم غابرييلي غرافينا الإثنين أنه تقدم بطلب من السلطات المحلية لبحث إمكانية إقامة المباريات المقبلة في الدوري خلف أبواب موصدة، وأيضا مباراة إنتر ميلان وضيفه لودوغورتس البلغاري في مسابقة “يوروبا ليغ”، وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد.

وقال غرافينا بعد اجتماع في روما “تقدمنا بطلب رسمي لوزير الصحة روبرتو سبيرانتسا من أجل إقامة المباراة المقررة الخميس بين إنتر ميلان ولودوغورتس في يوروبا ليغ (مسابقة الدوري الأوروبي) خلف أبواب موصدة”، مضيفا “نتوقع ردا سريعا والأجواء كانت إيجابية”، وأشار غرافينا الى أنه تقدم بطلب مماثل في ما يخص المباريات المقررة في الدوري المحلي خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي، لاسيما مواجهة القمة بين يوفنتوس حامل اللقب والمتصدر وإنتر ميلان الثالث، موضحا “ستكون هناك مباريات خلف أبواب موصدة منذ الأحد على الأرجح”.

وأرجأت السلطات الإيطالية أربع مباريات كانت مقررة أمس الأحد في “سيري أ”، بينما أثّر انتشار الفيروس لاسيما في شمال البلاد على العديد من الأحداث الرياضية المحلية، ودفع لإلغاء بعضها أو إرجائها، وسجلت حتى الآن في إيطاليا أكثر من 200 حالة وتوفي خمسة أشخاص نتيجة الإصابة بفيروس كورونا المستجد الذي بدأ في الصين، حيث أودى بحياة قرابة 2600 شخص حتى الآن من أصل 77 ألف إصابة.

وعزلت السلطات بلدات في شمال البلاد لاسيما في منطقة لومبارديا، في خطوة تطال عشرات الآلاف من السكان، خوفا من تفشي الفيروس، وحضّت منظمة الصحة العالمية الاثنين على الاستعداد لـ”وباء عالمي محتمل” في وقت دفع تسجيل إصابات ووفيات جديدة في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا الى جهود أكثر صرامة لتقييد لاحتواء الفيروس. وظهرت بؤر جديدة في الأيام الأخيرة، لاسيما في إيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/health/22379

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M