هل بدأ العد التنازلي لنهاية أزمة كورونا في العالم؟

عبد الامير رويح

مع التزايد المستمر في اعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد، الذي يواصل انتشاره بشكل كبير في مختلف دول العالم، تتواصل الجهود والابحاث الدولية الخاصة بتطويق ومحاربة هذا الوباء الذي اصاب أكثر من مليون و700 ألف شخص في 193 دولة ومنطقة منذ تسجيل أول حالة إصابة بمدينة ووهان الصينية في ديسمبر/كانون الأول 2019، وربما هناك بوادر إيجابية ومؤشرات في بعض الدول بأن العد التنازلي لازمة كورونا قد بدأ خاصة في قارة اسيا اما قارة أوروبا والقارة الامريكية فلا يزال الوضع سيئا حتى اللحظة الراهنة.

ولا يوجد اليوم وكما نقلت بعض المصادر، حدث يتصدر الاهتمام العالمي أكثر من وباء كورونا. الذي انتشر بسرعة كبيرة وحصده لآلاف الأرواح خلق حالة من الترقب والخوف في كل أنحاء العالم، خصوصا مع عدم وجود علاج لهذا الفايروس الخطير.

وتعامل دول العالم مع الفيروس الغامض متباين من دولة لأخرى منذ بداية انتشار. فبينما تعاملت حكومات بصرامة شديدة وفرضت كل أنواع الإجراءات الاحترازية الممكنة لمنع ظهور الفيروس أو حصر انتشاره بأكبر قدر ممكن، بدا الوضع مختلفا في دول أخرى سعت حكوماتها الى اعتماد اجراءات اقل تشدد وهو ما عرضها الى انتقادات شديدة من قبل بعض الجهات والمنظمات العالمية. حيث قال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن المنظمة ليس لديها توصيات شاملة للدول والمناطق فيما يتعلق بتخفيف الإجراءات الرامية إلى إبطاء انتشار وباء فيروس كورونا لكنها تحث على عدم رفع هذه الإجراءات قبل الأوان.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندميير في مؤتمر صحفي افتراضي ”أحد أهم الجوانب هو عدم التخلي عن الإجراءات قبل الأوان حتى لا تحدث انتكاسة مجددا“. وأضاف ”الأمر يشبه كونك مريضا.. إذا خرجت من الفراش مبكرا وركضت قبل الأوان فأنت تخاطر بأن تتعرض لانتكاسة وتعاني من مضاعفات“. ويعيش 7.2 مليار شخص على الأقل في بلدان تفرض قيوداً على السفر، مع انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وذلك بحسب تحليل جديد أجراه مركز “بيو” للأبحاث. وهذا يمثل 93 ٪ من سكان العالم، حيث فرضت معظم الدول إغلاقاً جزئياً أو كلياً للمواطنين والأجانب.

وأفادت المنظمة الدولية للهجرة في وقت سابق أن 174 دولة وإقليماً ومنطقة حول العالم قد طبقت قيوداً على السفر جراء انتشار فيروس كورونا المستجد، واصفة أنها “صارمة ولم يسبق مثلها”. وقالت ناتاليا بانوليسكو بوغدان، وهي المديرة المساعدة للبرنامج الدولي لمعهد سياسة الهجرة، إنه “تسارع استثنائي” في قيود السفر. وأضافت: “أعتقد أن كل دولة في العالم تقريباً في هذه المرحلة تلعب بكل الأدوات المتاحة تقريباً لكل فئة دخول”.

رفع العزل

وفي هذا الشأن أكد خبراء في شؤون الأوبئة ا أن العزل في الصين يجب أن يُرفع تدريجياً لتجنّب “موجة ثانية” من الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ، وذلك غداة رفع البلاد العزل عن مدينة ووهان، منشأ الوباء. ويبدو أن التدابير الصارمة لضمان التباعد الاجتماعي بما فيها منع السكان من مغادرة المدينة منذ أواخر كانون الثاني/يناير، أعطت ثمارها والحياة تعود تدريجياً إلى طبيعتها في المدينة الكبيرة الواقعة في وسط الصين والتي تعدّ 11 مليون نسمة.

وفي حين كانت مقاطعة هوباي التي تضمّ ووهان، تسجّل آلاف الإصابات الجديدة يومياً في ذروة المرض، بات هذا الأخير على ما يبدو تحت السيطرة في الصين ولا يزال الوباء يودي بحياة الآلاف في سائر أنحاء العالم خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة. واحتسب معدّو الدراسة، وهم باحثون في جامعة هونغ كونغ، استناداً إلى نماذج حسابية، عدد الإصابات المؤكدة في أربع مدن صينية (بكين وشانغهاي وشينزن وونتشو) بين منتصف كانون الثاني/يناير وأواخر شباط/فبراير.

وخلص الباحثون إلى أن إغلاق الشركات والمدارس وفرض قيود صارمة على الرحلات سمحا بتقليص معدّل إعادة انتاج الفيروس (عدد الأشخاص الجدد الذين التقطوا العدوى من كل مريض) إلى أقلّ من واحد، ما يسمح بتراجع تدريجي لعدد الإصابات، وفق ما جاء في مقالهم الذي نشرته مجلة “ذي لانست” الطبية البريطانية. وهذا بوضوح أقلّ من معدّل انتقال العدوى في بداية تفشي الوباء والذي يُقدّر بين 2 و3، وهو مستوى كافٍ للسماح بتفشٍ سريع للمرض. لكن وفق تقديرات الباحثين، فإن تراخي التدابير المتخذة بشكل سابق لأوانه قد يجعل المعدّل يرتفع إلى ما فوق الواحد، ما سيعيد انتشار الوباء مع عدد الإصابات الجديدة نفسه الذي كان موجوداً أثناء الموجة الأولى.

وقال جوزف وو، أحد أبرز معدّي الدراسة، “إن بدا أن التدابير تسمح بتقليص عدد الإصابات الجديدة إلى مستوى ضئيل جداً، من دون أن تكون هناك مناعة جماعية ضد كوفيد-19، يمكن بسهولة أن تظهر مجدداً إصابات جديدة في وقت تعيد المتاجر والمصانع والمدارس فتح أبوابها. وهذا خطر أكبر من الخطر المتزايد باستيراد إصابات من الخارج في وقت لا يزال كوفيد-19 يتفشى في العالم”. وأضاف الخبير المعتمد في الأمراض المعدية أن “أفضل استراتيجية” للدول المتضررة جراء الفيروس إلى حين توفر لقاح، ستكون إيجاد نقطة توازن بين استعادة الأنشطة الاقتصادية وإبقاء التدابير المفروضة، للمحافظة على معدّل إعادة انتاج الفيروس دون الواحد. بحسب فرانس برس.

ويجري في الدول الأوروبية حالياً التفكير بشأن طريقة رفع تدابير العزل بشكل تدريجي. ويسلط الباحثون الضوء أيضاً على التفاوت الكبير في معدلات الوفيات جراء كوفيد-19: أقلّ من 1% خارج هوباي، و5,91% في هذه المقاطعة الأكثر تأثراً بالفيروس في البلاد. ويمكن تبرير هذا التباين باكتظاظ المستشفيات ومراكز الرعاية الطبية في المنطقة، وفق الدراسة. ويتغيّر التفاوت في معدلات الوفيات بين المقاطعات الصينية أيضاً بناءً على مستوى التنمية الاقتصادية، مع معدلات تراوح بين صفر في منطقة جيانغسو المزدهرة إلى 1,76% في منطقة هينان الأشدّ فقراً. وأشار غابريال لونغ، أحد معدي الدراسة، إلى أنه “حتى في المدن الأكثر ازدهاراً مثل بكين وشنغهاي، قدرات الأنظمة الصحية ليست غير محدودة، وستواجه صعوبة في مكافحة ارتفاع مفاجئ لطلبات العلاج”.

مناشدات للتمويل

في السياق ذاته قال دبلوماسيون إن منظمة الصحة العالمية تستعد لإطلاق مناشدة قريبا بتمويل يفوق المليار دولار للإنفاق على عمليات مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد حتى نهاية العام. يأتي ذلك في وقت كال فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابلا من الانتقادات للمنظمة بشأن تعاملها مع أزمة كوفيد-19 وألمح إلى أن إدارته قد تعيد النظر في التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية.

وقال دبلوماسيون وخبراء إن المنظمة التابعة للأمم المتحدة تحتاج لمزيد من الموارد أكثر من أي وقت مضى وهي تقود الحرب العالمية ضد المرض. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس في خطاب للدبلوماسيين أصدرته منظمة الصحة العالمية إنها ستنشر أحدث خطة ”في الأيام القادمة“. وقال مبعوث غربي ”سيتخطى الأمر بكثير المليار دولار ربما عدة مليارات“. وقال دبلوماسي آخر مطلع على المناقشات إن المناشدة ستكون بمليار دولار على الأقل. ويأتي ذلك بعد مناشدة سابقة بتمويل قدره 675 مليون دولار لثلاثة أشهر حتى أبريل نيسان أغلبها لوكالات تعمل على الأرض وليس للمنظمة نفسها.

ودافع مدير منظمة الصحة العالمية بشدة عن الطريقة التي تتعامل بها المنظمة مع وباء كوفيد-19 وذلك ردا على انتقاد ترامب الذي اتهم فيه المنظمة بأنها ”تتمحور حول الصين“. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في وقت لاحق إن واشنطن تعيد تقييم التمويل الأمريكي للمنظمة، مضيفا أن المنظمات الدولية التي تستخدم أموال دافعي الضرائب الأمريكيين يجب عليها أن تحقق أهدافها. ووفقا للأرقام الأمريكية، فقد تجاوزت مساهمات واشنطن لمنظمة الصحة العالمية في عام 2019 مبلغ 400 مليون دولار، أي ما يقرب من مثلي ثاني أكبر دولة مانحة. بحسب رويترز.

ويُظهر الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية أن الولايات المتحدة أكبر مانح لها، حيث تساهم بنحو 15 في المئة من الميزانية. وبلغت مساهمة الصين في تمويل المنظمة نحو 44 مليون دولار. لكن الصين ساهمت بعشرين مليون دولار استجابة لمناشدة المنظمة حتى الآن وهو ما يفوق 14.6 مليون دولار التي قدمتها الولايات المتحدة وفقا لبيانات المنظمة. وقال المدير العام للمنظمة ”كلنا في هذا الأمر معا ولا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه“. وأضاف أن المنظمة تلقت بالفعل أكثر من 800 مليون دولار بين تعهدات ومساهمات منذ أن أطلقت مناشدتها الأولى.

العلاج والنظام الغذائي

من جانب اخر ذكرت وثيقة أن اليابان تدرس زيادة مخزونها من عقار أفيجان المعالج للأنفلونزا والذي تنتجه شركة فوجي فيلم خلال السنة المالية الحالية حتى يمكنها استخدامه في علاج مليوني شخص. وذكرت وسائل إعلام محلية إن اليابان تأمل بزيادة إنتاجها من هذا العقار ثلاثة أمثال مستواه الحالي والذي يكفي لعلاج 700 ألف شخص إذا استخدمه مرضى فيروس كورونا. ويقوم فرع لشركة فوجي فيلم التي لديها ذراع للرعاية الصحية على الرغم من شهرتها بإنتاج الكاميرات التي تحمل نفس الاسم بصنع عقار أفيجان المعروف أيضا باسم فافيبيرافير. وتمت الموافقة على استخدام هذا العقار في اليابان في 2014. ويجري اختبار أفيجان في الصين كعلاج لكوفيد-19.

وتعتزم الحكومة أيضا إعطاء أولوية لعملية التجارب السريرية لهذا العقار حتى يمكن الموافقة رسميا على استخدامه في علاج مرضى كورونا وذلك في حزمة حوافز طارئة. وطبقا للوثيقة تعتزم اليابان أيضا زيادة الدعم للشركات المحلية التي تورد الكمامات والمطهرات وستضمن توافر قدرة كافية لتوريد 700 مليون كمامة شهريا. وقالت صحيفة نيكي إنه في إطار الجهود الرامية إلى الحد من اعتمادها على الصين كمركز للتصنيع ستدعم اليابان الشركات التي ستعيد بعضا من مرافقها الإنتاجية إلى اليابان. بحسب رويترز.

وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن حزمة حوافز لمكافحة جائحة كورونا ستستهدف الشركات الصغيرة والأسر الأكثر تضررا من سياسات التباعد الاجتماعي التي تؤثر على الاستهلاك. وأضاف أن الحزمة ستتضمن دفع مبالغ نقدية للشركات الصغيرة والأسر التي تواجه تراجعا حادا في الدخل. وقال إن الحكومة ستحث المؤسسات المالية الخاصة على الانضمام للبنوك المرتبطة بالحكومة في عرض قروض بلا فوائد على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم المتعثرة ماليا.

على صعيد متصل قال النائب المكسيكي هوجو لوبيز-جاتيل إن عقودا من العادات الغذائية السيئة في البلاد تسببت في وباء من البدانة والسكري ومشكلات صحية أخرى مرتبطة بذلك وجعلت الشعب المكسيكي أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد. وقال لوبيز-جاتيل ”هؤلاء الناس للأسف مصابون بأمراض مزمنة أو من كبار السن“. وأضاف أن المكسيك بها أحد أعلى معدلات الإصابة بالسكري والبدانة.

وقال إن ”هذا نتاج سنوات كثيرة ما لا يقل عن أربعة عقود من سوء التغذية ونظام غذائي نجم عن منتجات ذات جودة غذائية منخفضة وسعرات حرارية عالية جدا ولا سيما في الأغذية المصنعة“. وقالت منظمة الصحة العالمية إن المصابين بالسكري والمشكلات الصحية المرتبطة به من بين أكثر الناس المعرضين للإصابة بحالات خطيرة من المرض شديد العدوى والقاتل أحيانا والذي يسببه فيروس كورونا المستجد.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M