هل سيصبح البحر الأحمر فصلًا جديدًا من فصول الصراع على الطاقة؟

د. أحمد سلطان

 

البحر الأحمر أو بحر القلزم لم يكن محل اهتمام أي من الأطراف الإقليمية أو الدولية؛ إذ صُنف تاريخيًا بوصفه بحيرة عربية، وذلك لأن الدول العربية المتشاطئة معه هي القسم الغالب، فهناك ٦ دول عربية مقابل دولة واحدة أفريقية وهي إريتريا، فيما تقع الصومال على تخومه الجنوبية. ولكن سلام البحر الأحمر في أحضان الدول العربية لم يستمر طويلًا؛ إذ تحول إلى منطقة اهتمام استراتيجي لكل دول العالم؛ وتشهد منطقة البحر الأحمر تنافسًا محمومًا دوليًا وإقليميًا للتموضع الاقتصادي والأمني من خلال مختلف الاتفاقيات الموقعة بين قوى إقليمية ودول نامية على ضفتيه.

ويمثل هذا امتدادًا للتدخل الخارجي الذي عرفه هذا المجال الجيوسياسي طيلة تاريخه القديم والحديث. ويعكس الاحتشاد العسكري لمختلف القوى الدولية والإقليمية في جغرافيته أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية. وبينما تنطلق بعض القوى الدولية من قاعدة حماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، يتلخص في المقابل وجود بعضها الآخر بقاعدة اقتناص الفرص.

مقدمة

البحر الأحمر اليوم مسرح تنافس دولي بين الدول المشاطئة له أو المطلة عليه وما بين الدول الكبرى، فهو بقعة جيوستراتيجة بامتياز؛ كونه يتوسط مناطق مصادر الطاقة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي وشرق أفريقيا، وهو معبر سهل وقصير واقتصادي ما بين هذه المصادر ودول الاستيراد وبخاصة دول الغرب، بجانب أنه ممر استراتيجي لحركة الأساطيل الحربية ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وأفريقيا وصولًا حتى الصين واليابان والمحيط الهادئ.

لذلك لم يعد من المستغرب أن يشهد البحر هذا الحشد الهائل من حركة الأساطيل الحربية متعددة الجنسيات والتي تتحرك وتنتشر فيه أو عبره إلى خليج عدن وبحر العرب وشواطئ الصومال وحتى المحيط الهندي، ولعل ما يحدث من مشاكل في بعض البلدان المطلة عليه ليس بعيدًا من سياسات الدول الكبرى واستراتيجياتها لتأمين مواطئ أقدام سياسية وعسكرية لها لضمان أمنها القومي ومواردها الضرورية، سواء أكان ذلك لاستمرار تطورها أم لاستمرار تفوقها. وبما أن منطقة الشرق الأوسط والخليج وشرق إفريقيا تحتوي أكثر من ثلثي الاحتياطي العالمي من مصادر الطاقة “نفط وغاز”، وفي غياب بديل جاهز أو وشيك لهذه الطاقة؛ فإن الدول الكبرى تتنافس للوصول أو للاستيلاء على هذه الموارد وبأي ثمن، هذا الثمن تدفعه اليوم كما في الأمس دول هذه المناطق وشعوبها في شكل فوضى، وتخلف، ودماء.

وتُعد مسألة ترسيم الحدود سواء في البحر الأبيض المتوسط أو الأحمر خطوة مهمة، والتي من شأنها أن تعود على مصر بالعديد من المنافع الاقتصادية وعلى رأسها إمكانية البحث و التنقيب والاستكشاف عن الثروات الطبيعة في سواحل كلا البحرين؛ ففي البحر الأبيض المتوسط لم تستطع مصر الإقدام بقوة على البحث والتنقيب في مياهها الإقليمية ومن ثم بدء عمليات الإنتاج الفعلي من الغاز الطبيعي إلا بعد عمليات ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، ونفس الحال في البحر الأحمر فإن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية فتحت الباب على مصراعيه للتنقيب عن الثروات الطبيعية، سواء الغاز الطبيعي أو البترول أو غيرهما لصالح مصر في ظل ضمانات راسخة.

البحر الأحمر.. الجغرافيا والأبعاد والأهمية

تبلغ مساحة البحر الأحمر ما يقارب من ٤٤٠٬٣٠٠ كيلومتر مربع، ويبلغ طوله حوالي ١٩٠٠ كيلومتر وعرضه حوالي ٣٦٢ كيلومتر، وأقل عرض ١۹ كيلومترًا في باب المندب، وأما امتداد طول الساحل على الجانبين فهو ٤٩١٠٬٤ كيلومترات مقسمة كالتالي نصيب السعودية ١٨٩٠ كيلومترًا (٣٣٬٩٪) ومصر ١٤٢٥ كيلومترًا (٢٥٬٥٪) إريتريا ١٠١٢ كيلومترًا (١٨٬١٦٪) والسودان ٧١٧ كيلومترًا (١٢٬٨٪) اليمن ٤٤٢ كيلومترًا (٨٬١١٪) جيبوتي ٤٠ كيلومترًا (٠٬٧٪) الأردن ١٧ كيلومترًا (٠٬٥٪).

ويقع البحر بين أفريقيا في مصر، والسودان، وإرتيريا، وشبه جزيرة العرب في المملكة العربية السعودية، واليمن. ويرتبط بخليج عدن، وبحر العرب، ومضيق باب المندب، وتحيط به صحارٍ وسهول شديدة الحرارة، وتبلغ درجة حرارة المياه في الصيف ما يقارب ٢۹ درجة مئوية وتمتلك المياه نسبة عالية من الملح.

وعُدّ البحر الأحمر طريقًا تجاريًا هامًا في العصور القديمة، ولكن تراجعت أهميته مع اكتشاف طريق كامل للمياه حول أفريقيا وذلك عام ١٤۹۸. وزادت أهميته عندما تم افتتاح قناة السويس عام ١۸٦۹ والتي تعد أحد أهم طرق الشحن الرئيسة التي تربط أوروبا بشرق آسيا وأستراليا.

يعد البحر الأحمر ذا أهمية كبيرة وذلك لعدة أسباب عامة:

  • يجري داخل البحر الأحمر العديد من المساعي التجارية فيما يتعلق بالتنقيب عن النفط، وهو غني بخمسة أنواع رئيسة من الموارد المعدنية والتي تعد نتيجةً لرواسب التبخر مثل الجبس، والدولميت، والهاليت، والفوسفات، والكبريت، ورواسب المعادن الثقيلة والكبريت، حيث تستغل الدول الواقعة على طول البحر رواسب النفط والغاز الطبيعي.
  • تشتهر منطقة البحر الأحمر بالأنشطة الترفيهية والتي تجذب السياح من الدول المجاورة للقيام بالغوص في مواقع رأس محمد، وإلفينستون ريف، وسانت جون ريف، وجزيرة روكي في مصر، والاستمتاع في المنتجعات الموجودة في الغردقة، ومرسى علم، ودهب، وطابا، وغيرها.
  • يُعد البحر الأحمر من أول المسطحات المائية الكبيرة التي ذكرت في التاريخ، وعُدّ ذا أهمية كبيرة للتجارة المصرية البحرية سنة ٢٠٠٠ قبل الميلاد، وكان يستخدم كطريق إلى الهند بحلول عام ١٠٠٠ قبل الميلاد، بحيث تم حفر القنوات الضحلة بين النيل والبحر الأحمر قبل القرن الأول الميلادي. وتعرض لأبحاث علمية كبيرة في القرن العشرين وخاصةً بعد الحرب العالمية الثانية تزامنًا من استكشاف النفط، وشملت هذه الرحلات السفن البحثية السويدية والأمريكية من أجل دراسة الخصائص البيولوجية والكيميائية للبحار.

الأهمية الاقتصادية للبحر الأحمر

تتمثل الأهمية الاقتصادية للبحر الأحمر في التجارة والملاحة الدوليتين، وخاصةً بعد افتتاح قناة السويس، وكذلك أهميته في الثروة السمكية حيث يوجد فيه ٣٠٠ نوع من الأسماك، ويحتوي على ثروات اقتصادية، فهو من أغنى مناطق الثروة المعدنية البحرية في العالم، ويحتوي ماؤه الساخن الأجاج على نسبة مركزة من الأملاح المعدنية الضرورية لكثير من المعادن الثقيلة كالحديد والذهب والفضة والنحاس والرصاص والمغنسيوم والكالسيوم.

وقد توصلت اللجنة السعودية السودانية للتنقيب عن المعادن عام ١٩٧٠ إلى اكتشاف أكثر من ١٨ منطقة عميقة تحتوي على معادن وكميات كبيرة من الزنك والرصاص والنحاس الأصفر والفضة والكادميوم والمنجنيز والحديد ومعادن أخرى، بالإضافة إلى وجود النفط في قاع البحر، حيث حصلت شركات عالمية عدة مثل موبايل وتوتال على تصريح بالتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية لكل من اليمن وإريتريا.

وبصفة خاصة، تصاعدت الأهمية الاقتصادية للبحر الأحمر لعاملين، العامل الأول تصاعد احتمالات اكتشافات النفط والغاز في مياه البحر الأحمر، وفي هذا السياق طرحت مصر ١٠ مناطق بالبحر الأحمر للمناقصات العالمية للتنقيب عن البترول في عام ٢٠١۹، بينما أُعلنت اتفاقية ترسيم حدود بحرية بينها والمملكة العربية السعودية في عام ٢٠١۸، والعامل الثاني؛ اهتمام الدول المتاخمة للدول المتشاطئة مع البحر الأحمر، بالتفاعل مع الجهود الحالية بشأن تكوين منظومة إقليمية لأمن البحر الأحمر، وذلك لاعتبارات متعلقة بنقل الخامات الهيدروكربونية؛ إذ إن أحد أسباب اهتمام إثيوبيا مثلا بتكوين قوة بحرية هو تأمين عمليات نقل النفط، خصوصًا أنها اكتشفت وجود للنفط الخام في منطقة الأوجادين، وأعلنت بدء إنتاج تجريبي في يونيو من عام ٢٠١۸ ، وشرعت في تصدير الغاز الطبيعي عبر الموانئ الجيبوتية وذلك في عام ٢٠۸٧، وهو المكتشف في شرق إثيوبيا.

الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر

يستمد البحر الأحمر أهميته الاستراتيجية من موقعه الجغرافي والذي وفر للقوى الإقليمية والدولية إمكانيات الوصول إلى المحيطين الهندي والأطلسي عبره، وزادت هذه الأهمية بعد اكتشاف النفط في دول الخليج العربية. وتكمن أهمية البحر الأحمر في كونه يمثل نظامًا فرعيًا من إقليم الشرق الأوسط المضطرب والمثير للجدل الذي يوصف بأنه عالم بلا نهاية وتارةً بأنه نهاية العالم، ويقع في قلب قوس عدم الاستقرار، كما حدده البروفيسور برجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي سابقًا، وهو القوس الذي يضم الشرق الأوسط والقرن الأفريقي ومنطقة المحيط الهندي.

ويقع البحر الأحمر كذلك ضمن الإطار الجيوسياسي لمنطقة الخليج الاستراتيجية، فللبحر الأحمر أهمية استراتيجية للأمن القومي العربي في ثلاث دوائر هي الأمن العربي والأفريقي والأمن العالمي، مركزها القرن الأفريقي، فهو يعد قناة وصل بين البحار والمحيطات المفتوحة. ومن هنا تزيد أهميته الاستراتيجية سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية أو الأمنية، وهو الطريق الرئيس الذي يمر من خلاله نفط الخليج العربي وإيران إلى الأسواق العالمية في أوروبا؛ إذ تحتاج أوروبا إلى نقل حوالي ٦٠٪ من احتياجاتها من الطاقة عبر البحر الأحمر، وأيضًا نقل حوالي ٢٥٪ من احتياجات النفط للولايات المتحدة الأمريكية عبره.

وللبحر الأحمر دوره المهم والحيوي في التجارة الدولية بين أوروبا وآسيا، وتقدر السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر سنويًا بأكثر من عشرين ألف سفينة، وتقع ثروات قاع البحر الأحمر في نطاق المنطقة الاقتصادية للدول المطلة عليه، إذ يمثل العمق الاستراتيجي لكل من السعودية ومصر. ويختصر البحر الأحمر المسافة بين الشرق والغرب، ويُتاخم الكثير من المناطق الحساسة ذات التأثير الحيوي مثل منابع النيل وروافده والأماكن المقدسة الإسلامية،

ويوجد في هذا البحر العديد من الجزر والخلجان ذات الأهمية الاستراتيجية، فخليج السويس ممر ملاحي مهم وهو الامتداد الطبيعي لقناة السويس وفيه معظم آبار النفط المصرية ومدخله مضيق مهم هو مضيق جوبال، أما مضيق باب المندب في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر فيمتد في المياه الإقليمية لثلاث دول هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، ويستمد أهميته من أنه المنفذ الوحيد المتحكم تمامًا في البحر الأحمر من الناحيتين العسكرية والتجارية، أما خليج العقبة فهو المنفذ الوحيد لإسرائيل نحو أفريقيا وآسيا وزاد من أهميته لمصر وجود الخط الملاحي بين نويبع وميناء العقبة ويعد المنفذ الوحيد للأُردن.

التنقيب عن النفط

أعلنت شركة أرامكو السعودية (وهي شركة سعودية وطنية النفط والغاز الطبيعي) في بداية عام ٢٠١٢ تخصيص أكثر من حوالي ٢٥ مليار دولار للتنقيب عن الغاز والنفط في المياه العميقة بالبحر الأحمر، وأشارت التقديرات المبدئية إلى وجود احتياطيات كبيرة من البترول والغاز الطبيعي القابل للاستخراج. وفي ١٠ أكتوبر من عام ٢٠١٢، أعلن وزير البترول والثروة المعدنية السعودي عن اكتشاف أرامكو حقل غاز جديد في شمال البحر الأحمر على بعد ٢٦ كيلو مترًا شمال غرب ميناء ضبا يبلغ معدل تدفق الغاز منه حوالي ١٠ مليون قدم يوميًا.

وتشارك في مشروع غاز البحر الأحمر السعودي شركات مثل اكسون موبيل وماراثون للنفط وأوكسيدنتال للنفط. لاحقًا وفي بداية عام ٢٠١٥، أعلنت أرامكو إيقاف مشروعات التنقيب عن النفط والغاز في البحر الأحمر، وذلك لارتفاع تكاليف البعثات الاستكشافية مع انخفاض مستوى أسعار النفط تحت حاجز الثلاثين دولارًا للبرميل.

على الجانب الآخر من البحر، تقدر الاحتياطات النفطية في منطقة شمال البحر الأحمر التابعة لمصر بحوالي ۸ مليار برميل من النفط. ولملاحقة القفزات السريعة التي قامت بها السعودية في مجال التنقيب عن النفط بالبحر الأحمر، أعلنت مصر، من خلال شركة جنوب الوادي للنفط والغاز، عن طرحها مزايدة دولية للتنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحلها المطلة على البحر الأحمر.

ولم يقتصر سباق البحث والتنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر الأحمر على مصر والمملكة العربية السعودية فحسب، بل انضمت إريتريا أيضا إليه، إريتريا الدولة التي تتمتع بساحل طويل على امتداد جنوب البحر الأحمر، ولها من التاريخ الطويل مع أنشطة البحث والتنقيب عن النفط والغاز، وخصوصًا في الجزر التي تقع قبالة سواحلها، تاريخ يعود إلى ما قبل الاستقلال عن إثيوبيا، ففي عام ١٩٤٠ تم حفر حوالي ١٢ بئرًا بنتائج إيجابية وبمعدلات كبيرة من البترول، إلا أن هذا التاريخ النفطي لم يخلُ من الحوادث الخطيرة، ففي ١۹٦۹ وبينما كانت شركة إكسون موبيل تقوم بعمليات الحفر في بئر للغاز إذ حدث انفجار هائل استمر تدفق الغاز من هذا البئر على إثره شهرين متتاليين بدون توقف.

وفي عام ٢٠١٠، أعلنت إريتريا عن امتلاكها لاحتياطات هائلة من النفط والغاز قبالة سواحلها بالبحر الأحمر. وفي عام ٢٠١٥، شاركت إريتريا في قمة النفط والغاز بدبي، لتعلن أن الاستثمار في هذا المجال أصبح يمثل أولوية بالنسبة لها. وفي ديسمبر من عام ٢٠١٥، أعلن الاتحاد الاوروبي عن منحة قيمتها حوالي ٢٠٠ مليون يورو لإريتريا بغرض تطوير قطاع الطاقة.

تُعد منطقة البحر الأحمر منطقة ذات تراكيب جيولوجية واعدة لمكامن الزيت الخام أو الغاز الطبيعي وذلك طبقا مجمل الحركات الأرضية التي تتعرض لها يوميًا، وما يثبت ذلك تحقيق المملكة العربية السعودية لاكتشافات بالمياه الاقتصادية التابعة، وبالتالي فإن منطقة البحر الأحمر من ضمن المناطق الاستراتيجية العملاقة والتي لها مردود اقتصادي فيما يخص الغاز والبترول خلال الفترة القادمة.

الجهود المصرية في منطقة البحر الأحمر في مجال البحث والتنقيب

استطاعت الدولة المصرية، خلال السنوات الأخيرة الماضية، الوصول إلى مراحل متقدمة بشكل كبير في مجالات البحث عن النفط والغاز الطبيعي، وهو ما ساعدها في الوصول لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي والتحول إلى التصدير، والسعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد البترولية الأخرى. وهو ما جعلها تعمل على شق طريقها للبحث عن الثروات والكنوز المدفونة في أعماق البحر، والذهاب لمناطق بكر جديدة لم يتم البحث فيها واستكشافها من قبل مثل البحر الأحمر.

وتولي مصر أهمية كبيرة لأعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في البحر الأحمر، خلال الفترة المقبلة؛ وذلك لمحاولة الاستفادة من أسعار الطاقة المرتفعة عالميًا؛ بعد قرار ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية والذي واكبه الاتفاق على أكبر مشروع لتجميع البيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية ومن ثم طرح أول مزايدة عالمية بالبحر الأحمر وإعلان نتائجها والعمل على الانتهاء من إجراءات عقد اتفاقياتها البترولية استعدادات لبدء اعمال البحث والاستكشاف وتقييم المعلومات بتلك المنطقة البكر التي لم تشهد أي نشاط بترولي من قبل باستثناء منطقة خليج السويس، حيث جعلت مرونة عقد الاتفاقيات البترولية ووضوح الرؤية  والقدرة على مواكبة الأحداث أنشطة البحث والاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز هذه المنطقة  قبلة استثمارية ومحط أنظار الشركات العالمية.

اتفاقية دولية 

عام ٢٠١٦، أعلنت مصر عن اتفاقية دولية يتم بمقتضاها ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي جاءت في صالح الدولتين بشكل كبير في مجال إنتاج البترول والغاز الطبيعي، حيث أصبح لكل من الدولتين العمل على البحث والاستكشاف في مناطق البحر الأحمر داخل الحدود البحرية الخاصة بكل دولة.

مشروع تجميع البيانات بالمياه الاقتصادية المصرية

خلال عام ٢٠١٧، تم توقيع عقدين مع شركتي شلمبرجير الأمريكية وتي جي إس الانجليزية لتنفيذ مشروعين لتجميع بيانات جيوفيزيقية بالمياه الاقتصادية المصرية بالبحر الأحمر ومنطقة جنوب مصر، باستثمارات تصل إلى أكثر من ٧٥٠ مليون دولار حتى نهاية المشروع. وفي مارس ٢٠١٨، تم الإنتهاء من تسجيل وتجميع البيانات السيزمية بطول حوالي ١١ ألف كم تقريبًا/ وتم الانتهاء من معالجة البيانات السيزمية.

أول مزايدة عالمية

استطاعت وزارة البترول والثروة المعدنية في مارس عام ٢٠١٩ الإعلان عن طرح أول مزايدة عالمية للبحث والتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي في البحر الأحمر، لتصبح المرة الأولى التي تقوم فيها الدولة المصرية بأعمال البحث والاستكشاف في البحر الأحمر وبدء مزاولة النشاط البترولي بها.

جاءت عمليات طرح أول مزايدة عالمية لعشر قطاعات بالبحر الأحمر، وبلغت مساحتها كالتالي المنطقة الأولى مساحتها ٣٠٥٧ كيلو متر مربع، والثانية مساحتها ٣٠١٠ كيلومتر مربع، والثالثة ٣٠٦٧ كيلومتر مربع، والرابعة ٣٠٨٤ كيلومتر مربع، والخامسة ٣٠٢٥ كيلو متر مربع، والسادسة ٣٠٥٠ كيلو متر مربع، والسابعة ٣٠٩٠ كيلو متر مربع، والثامنة ٣٠٦٠ كيلو متر مربع، والتاسعة ٣٠٦٧ كيلو متر مربع، والعاشرة ٣٠٣٩ كيلو متر مربع.

 ٣ شركات كبرى تفوز بالتنقيب

ومن خلال المزايدة التي قامت بها وزارة البترول متمثلة في شركة جنوب الوادي المسؤولة عن عمليات البحث الاستكشاف في هذه المنطقة، تم وضع منطقة البحر الأحمر لأول مرة على خريطة الاستثمار، وإعداد نموذج جديد لاتفاقيات البحث عن البترول والغاز في المناطق الجديدة لكي تصبح أكثر تنافسية وجذبًا للمستثمرين. ففي ديسمبر ٢٠١٩، تم الإعلان عن فوز ٣ شركات بترولية عالمية كبرى في ٣ قطاعات بالبحر الأحمر؛ وتمت الترسية على ثلاث شركات بترولية عالمية كبرى ففازت شركة شیفرون الأمریكیة بالقطاع رقم (١) بالمزایدة، وفازت شركة شل الهولندیة بالقطاع رقم (٣)، وفاز تحالف شركتي شل ومبادلة الإماراتیة بالقطاع رقم (٤)، بإجمالي مساحة بحث حوالي عشرة آلاف كیلو متر مربع، وبحجم استثمارات حده الأدنى حوالي ٣٢٦ ملیون دولار يرتفع إلى عدة ملیارات دولار في مراحل التنمیة في حالة تحقیق الاكتشافات التجارية.

شركات عالمية كبرى

ونجحت وزرة البترول في جذب كبرى الشركات العالمية للعمل في مصر في مجال البحث واستكشاف البترول والغاز الطبيعي، إضافة إلى تيسير الإجراءات وتقليل المدة الزمنية أمام المستثمرين في هذا المجال الاستراتيجي؛ لإتاحة الفرصة أمامهم لسرعة بدء الأعمال الفنية المتعلقة بالبحث والتنقيب، ودعم استخدام التكنولوجيا الرقمية للترويج للمزايدات العالمية للبحث والاستكشاف من خلال إنشاء أول بوابة إلكترونية لتسويق المناطق الجديدة.

وعلى الجانب الآخر، يعكس فوز شركات تُعد من كبرى الشركات العالمیة في صناعة البترول والغاز الطبيعي أهمية مصر، وأيضًا يُعد مؤشرًا إیجابیًا ومهمًا على مناخ الاستثمار المصري، وخاصة أن مثل هذه الشركات تُعد من كبرى الشركات في العالم والتي تمتلك أحدث التقنیات العالمیة في صناعة البترول والغاز الطبيعي والتكنولوجيا الحديثة، مع توافر الخبرات المتراكمة لديها للعمل في المناطق البكر مثل منطقة البحر الأحمر والتي يوجد بها الكثير من التحدیات، ومنها حجم الاستثمارات المطلوبة لعمليات البحث والتنقيب الأولية، مع عدم توافر تسيهلات الإنتاج مع عمق المياه الكبير.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/69748/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M