“وثائق سرية جديدة”.. هل تعيد الأخطاء نفسها ويواجه بايدن مصير ترامب؟

مي صلاح

 

بعد فترة حرجة شهدها الرئيس الأمريكي جو بايدن كُشِف من خلالها مدى شعبيته والموافقة على أدائه بعد مرور عامين من توليه الحكم خلال الانتخابات النصفية، وفي ظل أزمات اقتصادية طاحنة، وحرب ضروس بين قطبي السياسة الأمريكية الديمقراطيين والجمهوريين؛ يواجه بايدن ما لم يخطر بباله أن يواجهه الآن، فقد تم العثور على وثائق سرية بمكتب خاص به عندما كان نائبًا للرئيس السابق باراك أوباما، ليجد نفسه أمام أسابيع، إن لم يكن شهورًا، من التحقيقات القانونية والتكهنات والعناوين السيئة حول تعامله مع هذه الملفات، مواجهًا بذلك نفس الأزمة التي يواجهها غريمه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.

ملفات سرية تضع البيت الأبيض في حرج سياسي

أعلن البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي، 9 يناير، أن وزارة العدل تحقق في كيفية وصول عدد صغير من الوثائق السرية وُجدت داخل مكتب لبايدن بـ “مركز أبحاث بن بايدن للدبلوماسية والمشاركة العالمية”، وهو المركز الذي يحمل اسمه في واشنطن العاصمة، والتابع لجامعة بنسلفانيا، وذلك قبل أقل من أسبوع من انتخابات التجديد النصفي عام 2022.

ووفقًا لبيان صدر عن “ريتشارد ساوبر”، المستشار الخاص لبايدن، فقد اكتشف المحامون الشخصيون لبايدن هذه الملفات، تحديدًا يوم 2 نوفمبر 2022، أثناء قيامهم بتعبئة الملفات الموجودة في خزانة مغلقة للاستعداد لإخلاء المكتب. وكان بايدن قد استخدم هذا المكتب في الفترة من منتصف 2017 حتى عام 2019 مع بداية حملة انتخابات 2020، كأستاذ فخري بالجامعة، ليترك ذلك الباب مفتوحًا أمام السؤال، حول من كان بإمكانه الوصول إلى تلك الوثائق خلال تلك السنوات الثلاث الماضية.

بيان مستشار بايدن عقب الكشف عن الدفعة الأولى من الوثائق السرية

 

تم تخزين الوثائق في ملف داخل صندوق مع الأوراق الأخرى غير المصنفة، وبحسب ما ورد تضمنت المواد السرية ملفات سرية للغاية تم تصنيفها على أنها “معلومات مجزأة حساسة” تم الحصول عليها من مصادر استخباراتية، وفقًا لشبكة CNN، ولكنها لم تحتوي على أسرار نووية، بحسب شبكة CBS.

أبلغ البيت الأبيض الأرشيف الوطني بالوثائق في نفس اليوم الذي تم العثور عليه، لتستولي عليه الوكالة في اليوم التالي. والجدير بالذكر أن هذه الوثائق لم تكن موضوع أي طلب سابق أو استفسار من قبل الأرشيف، وقد تعاون المحامون الشخصيون للرئيس مع إدارة المحفوظات ووزارة العدل في عملية لضمان أن أي سجلات لإدارة أوباما وبايدن يتم حفظها بشكل مناسب في حيازة المحفوظات، وهي خطوة يحاول من خلالها البيت الأبيض التأكيد على المعالجة الشفافة للسجلات. وفتحت وزارة العدل تحقيقًا لمعرفة كيفية وصول المواد السرية إلى هناك وما إذا كانت هناك وثائق إضافية في مكان آخر بحوزة بايدن.

ويوم الأربعاء 11 يناير، أُعلِن أن الفريق القانوني لجو بايدن قد عثر على وثائق سرية إضافية في موقع ثانٍ مرتبط بالرئيس بعد أيام قليلة من الكشف عن أوراق مكتب بن بايدن، دون أي تفاصيل عن وقت اكتشافها أو مكانها أو لأي فترة تعود. ويوم الخميس الموافق 12 يناير، تم الإعلان عن البحث الذي جرى من قبل محاميّ بايدن الذي أسفر عن ست وثائق إضافية بعلامات سرية في مساحة تخزين في مرآب منزله في “ويلمنجتون” وشاطئ ريهوبوث بولاية ديلاوير يوم 20 ديسمبر الماضي، وهي سجلات تخص أيضًا إدارة أوباما وبايدن، لتكون هذه الدفعة الثالثة من الوثائق التي تم وضع علامة “سرية” عليها تم اكتشافها في مساحة يستخدمها بايدن منذ انتهاء ولاية أوباما.

تظهر الصورة السجلات الحساسة التي احتفظ بها بايدن في ويلمنجتون، بجوار سيارته كورفيت الشهيرة

 

وعن محتويات الوثائق، تظهر التحقيقات الأولوية أن عددها يبلغ حوالي 20 وثيقة سرية حتى الآن، مؤرخة بين عامي 2009 و2017، أي داخل فترة إدارة أوباما وبايدن، وتم العثور عليها في ثلاثة أو أربعة صناديق، تحتوي أيضًا على أوراق غير سرية تندرج تحت قانون السجلات الرئاسية، وتحتوي على:

  • مذكرات المخابرات الأمريكية ومواد إحاطة غطت موضوعات من بينها أوكرانيا وإيران والمملكة المتحدة.
  • أظهرت السجلات أن جامعة بنسلفانيا قد جمعت ملايين من التبرعات المجهولة من الصين منذ وضع اسم بايدن على مركز الأبحاث، بما في ذلك 15.8 مليون دولار في الهدايا الصينية في عام 2017 وتبرع مذهل بقيمة 14.5 مليون دولار في مايو 2018، وهو ما نفته الجامعة عقب انتشار السجلات.
  • الغالبية العظمى من العناصر الموجودة في المكتب تحتوي على وثائق شخصية لعائلة بايدن، بما في ذلك مواد حول ترتيبات جنازة بو بايدن وخطابات التعزية.

مع العلم أن كل هذه المعلومات أولية، ما يعني أن الأمر لن يكون قاطعًا حتى تجري الجهات المختصة تحقيقها، وتصدر بيانًا بذلك، وتفسر كيفية وصول وثائق تتعلق بأسرار الدولة إلى أماكن غير ملائمة من أجل الاحتفاظ بها، أو ما إذا جرى استخدامها لأغراض شخصية، ومن الممكن أن يتعرض بايدن حينها إلى اتهامات تتعلق بالأمن القومي للولايات المتحدة أو حلفائها مثل المملكة المتحدة، وستكون هذه مرحلة صعبة على بايدن.

كيف استجاب بايدن عند الكشف عن الوثائق؟ وما علاقته بترامب؟

انتشرت الأخبار الصحفية عن وجود الوثائق خلال قمة بايدن الثلاثية مع نظيريه المكسيكي والكندي، وفور علم بايدن ومواجهته من قبل الصحفيين بالقمة، لم يستجب بايدن للرد عليهم وتجاهلهم تمامًا في البداية، حينها قرر مساعدو البيت الأبيض السماح بنشر بيان من مستشار الرئيس؛ ليكون ردهم العلني الوحيد المخطط له، وأكد البيان أن بايدن قد أخبر مساعديه بأنه لم يكن على علم بوجود المستندات السرية في مركز بنسلفانيا حتى تم اكتشافها، وهو ما أكده بايدن بعد ذلك خلال مؤتمر صحفي يجمعه بزعيمي المكسيك وكندا عقب صدور البيان، مشيرًا إلى نصيحة محاميه بألا يسأل عن محتويات هذه الوثائق، ومؤكدًا أن هذا الأمر تحديدًا من الأمور التي يأخذها على محمل الجد، ولكنه جادل قليلًا بأن المستندات كانت آمنة جزئيًا على الأقل لأنها كانت في مكان مغلق.

إن اكتشاف وثائق سرية داخل ممتلكات خاصة يشبه إلى حد ما مصادرة مكتب التحقيقات الفيدرالي لسجلات البيت الأبيض الحساسة في مار إيه لاجو، المملوكة الرئيس السابق دونالد ترامب في فلوريدا، في أغسطس الماضي، ولكن في حالة بايدن، هناك فرق لصالحه وهو أنه تم تسليم الوثائق طواعية، وهذا يعزز نهج فريق بايدن الاستباقي في اكتشاف السجلات، وكان هناك فرق آخر عند اكتشاف الدفعة الأولى من الوثائق، وهو أنها لم تكن في مسكن خاص ببايدن، ولكن بعد اكتشاف الدفعة الثالثة، أصبح الرئيسان متساويان في نفس الجرم.

المدعي العام “ميريك جارلاند”

 

وحسمًا للجدل وبسرية شديدة، عيّن “ميريك جارلاند”، المدعي العام “جون لاوش”، المدعي العام الأمريكي في شيكاغو التابع لإدارة ترامب، وذلك بعد تلقيه إحالة من إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية، ويأتي سبب تعيين مدعٍ عام من إدارة ترامب هو الحرص على عدم تضارب المصالح لأنه لم يُعيّن من قبل بايدن، ومن المعروف عنه أنه لم يُطلب منه الاستقالة بعد تنصيب بايدن عام 2021، وأيد قرار إبقائه في منصبه عضوان ديمقراطيان في مجلس الشيوخ من ولاية إلينوي;؛لأنه كان يتعامل مع تحقيق سياسي حساس بشأن رئيس مجلس نواب ديمقراطي سابق متهم بالفساد.

وأكمل “لاوش” الجزء الأولي من تحقيقه الخاص بكيفية وصول الوثائق من مكتب نائب الرئيس بايدن إلى مركز بن بايدن ، وقام بتقديم النتائج الأولية لجارلاند، وأصبحت القضية برمتها تنتظر ما إذا كان جارلاند سيحيلها إلى قضية جنائية أم لا، حتى أعلن جيرلاند أنه عين مستشارًا خاصًا لمراجعة تخزين السجلات، وأن المحامي الأمريكي السابق “روبرت هور” هو من سيقود التحقيق، في خطوة يراها المدعي العام أنها تلزم بالاستقلالية والمساءلة في الأمور الحساسة بشكل خاص، ولاتخاذ قرارات تسترشد بشكل لا يقبل الجدل إلا بالوقائع والقانون، وللتأكد من أن وزارة العدل لن تمنح بايدن معاملة تفضيلية، مع العلم أن هذا القرار يمكن أن يحد من قدرة بايدن على الحديث علانية.

ولعل هذا القرار هو ما أذاع صيت الخبر بين الجمهوريين، وصعّد الأمر إعلاميًا بعدما كان سريًا وحساسًا، وهو الأمر الذي يرى فيه الجمهوريون شيئًا من ازدواجية المعايير بين تهويل فعل ترامب والتستر على بايدن، خاصة وأن قرار المدعى العام بتعيين مستشار خاص لمراجعة الوثائق الحساسة المكتشفة يؤكد مدى خطورتها وأهميتها للسياسة الأمريكية.

الوثائق تفتح النيران بين الديمقراطيين والجمهوريين

مما لا شك فيه أن قضية الوثائق تلك هي محل جدل لا ينتهي، وقد دفع تحول الأحداث مع الوثائق السرية التي تم العثور عليها بعض السياسيين إلى موقف صعب، وبالتأكيد هناك شكوك تصل إلى حد الإدراك داخل الجناح الغربي بأن اكتشاف وثائق تخص بايدن من شأنه تعقيد السياسة –إن لم يكن القضية القانونية- المحيطة بالوثائق التي تم العثور عليها بمنزل ترامب؟ ففي العام الماضي، انتقد بايدن ترامب ووصفه بأنه “غير مسؤول تمامًا” لاحتفاظه بوثائق سرية في ناديه وإقامته، كانت تحمل بعض أعلى علامات التصنيف الأمني ​​في البلاد، متسائلًا عن مصير التعامل مع الملفات الحساسة وإمكانية تعرضها للخطر، في ظل وجود قانون السجلات الرئاسية الصادر عام 1978، والذي ينص على “وجوب تسليم جميع الوثائق الخاصة بالرئيس ونائب الرئيس إلى الأرشيف الوطني في نهاية فترة الرئاسة”.

ولا ينسى أحد كيف واجه ترامب أشهرًا من التحقيقات وجلسات الاستماع. وبالرغم من تأكيدات ترامب المتكررة أنه رفع بنفسه السرية عن هذه المستندات، لم يظهر دليل واحد –حتى الآن- على أنه اتخذ خطوات لرفع السرية عن السجلات قبل مغادرة منصبه، هذا فضلًا عن رفضه بالأساس تسليم الوثائق لإدارة المحفوظات، ما جعلها في النهاية تحيل الأمر إلى وزارة العدل التي أصدرت قرارًا بتفتيش منزله، ولم تؤدي مقاومة ترامب إلا إلى زيادة الأمر سوءًا، وأكدت المخاوف بشأن الاحتفاظ المتعمد بالوثائق، بدلًا من الإهمال، فضلًا عن احتمال عرقلته المتعمد لسير العدالة.

وعقب وثائق بايدن، علت أصوات من اليمين تتهم الحكومة والإدارة بلعب دور “المثالية” من خلال عدم الكشف عن الوثائق في ظل صراع الانتخابات النصفية، حتى لا يتم التشويش على الديمقراطيين الذين كانوا يصارعون من أجل الحفاظ على أكبر عدد من المقاعد في كل من مجلسي الشيوخ والنواب. وتسابق الجمهوريون للمقارنة بين القضيتين مستخدمين أغلبيتهم الجديدة بمجلس النواب للتحقيق في هذه المسألة، في محاولة لمساواة ذلك بالظروف الكامنة وراء بحث مكتب التحقيقات الفيدرالي العام الماضي عن إقامة ترامب، زاعمين أن ترامب قد عومل بشكل غير عادل.

وتكاثرت الأسئلة حول ما يفعله نائب الرئيس- بايدن حينها- بوثائق سرية، وسُلط الضوء على غضب الديمقراطيين عقب تصريحات ترامب واستخدامه حجة أن الرئيس هو الشخص الوحيد القادر على رفع السرية عن الوثائق.

ولم ينس ترامب أن يثأر لنفسه، ولو قليلًا، من الأحداث التي يعيشها بايدن الآن، فزعم خلال منصته للتواصل الاجتماعي “Truth Social” أن الوثائق التي احتفظ بها بايدن في مركز الأبحاث “بالتأكيد لم يتم رفع السرية عنها”، داعيًا مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى مداهمة العديد من منازل جو بايدن، وربما حتى البيت الأبيض، ومقارنًا ما يحدث بقضيته الشهيرة، وهو نفس ما توعد به الجمهوريون بايدن تحت شعار “تطبيق العدالة”.

وكذلك سعى الجمهوري، “مايك تورنر”، رئيس الاستخبارات القادم في مجلس النواب، إلى إجراء تقييم لأضرار الأمن القومي على وثائق بايدن، محذرًا من أن الرئيس ربما يكون قد انتهك قانونين استشهدت بهما وزارة العدل في قضية ترامب، بما في ذلك قانون التجسس وقانون السجلات الرئاسية، ومن المؤكد أن يستخدم الجمهوريون سلطاتهم التحقيقية المكتسبة حديثًا ضد إدارة بايدن؛ إذ إن هناك مطالبات للمدعي العام أن يتم الكشف عما يلي خلال موعد أقصاه 24 يناير:

  • جميع المستندات التي تم استردادها من مكتب بايدن الشخصي حيث تم العثور على المستندات السرية.
  • قائمة بالأشخاص الذين تمكنوا من الوصول إلى هذا المكتب، وأي شخص قد زار منزل بايدن بويلمنجتون، وكان بإمكانه الوصول إلى المستندات السرية المخبأة التي كانت موجودة في مرآب بايدن.
  • جميع الوثائق والاتصالات بين البيت الأبيض ووزارة العدل والأرشيف الوطني فيما يتعلق بالوثائق التي تم استردادها.
  • جميع الوثائق والمراسلات المتعلقة بالتعامل مع المواد السرية من قبل المحامين الشخصيين لبايدن، بما في ذلك حالات التصريح الأمني ​​الخاصة بهم.

والمفارقة في الأمر أن نفس الجمهوريين الذين هرعوا للدفاع عن ترامب، ودعوا إلى وقف تمويل مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب البحث، متجاهلين الجدل حول تعامل ترامب مع أسرار الأمن القومي الحساسة، والآن، يقودون نفس الاتهامات لإدانة بايدن.

وعلى العكس تمامًا، يقلل الديمقراطيون ومساعدو بايدن من أهمية المقارنة بقضية ترامب، مشيرين إلى التباين في عدد الوثائق التي تم العثور عليها، بالإضافة إلى الإشارة إلى أن البيت الأبيض أعادها بمجرد اكتشافها –وهو الأمر الذي يعزز موقف بايدن- بينما رفض ترامب الطلبات مرارًا وتكرارًا تسليم وثائقه على الفور إلى الأرشيف الوطني، مصرّين على أن البيت الأبيض سيتعاون بشكل كامل مع وزارة العدل، متوقعين حل المسألة بسرعة وودية، ثقة منهم أن بايدن لن يقوم بعرقلة التحقيقات عن عمد.

وعن موقف بايدن القانوني من الاتهامات، ووفقًا لرأي قانوني طويل الأمد لوزارة العدل، لا يمكن اتهام رئيس حالي بارتكاب جريمة فيدرالية، ما يعني أن هذا يستبعد أي تهم جنائية لبايدن، على الأقل طالما بقي في منصبه، ولكنه بالرغم من ذلك، لن يستطيع توفير أي حماية لمساعديه أو مستشاريه إذا تورطوا في سلوك إجرامي.

ولن تنطبق معظم القوانين التي يخضع ترامب للتحقيق بسبب انتهاكها على سلوك بايدن، ولكن القانون الوحيد الذي من المرجح أن يحقق “18 USC 793 (f) (1)”، والذي يعاقب على فقدان أو حذف معلومات الدفاع الوطني الناتجة عن “الإهمال الجسيم”، وهي عقوبة تصل للسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وبالطبع سيتم استبعاد وجود نية متعمدة، أو أي نوع من أنواع التهور الجنائي، والسبب هو معالجة بايدن للمواد حال اكتشافها، هذا فضلًا عن أنه لا يوجد من الناحية القانونية ما يُلزم رؤساء الولايات المتحدة، بالكشف عن زوارهم في منازلهم أو البيت الأبيض.

ومع ذلك، فهناك مخاوف من أن التطورات سريعة الحركة المتعلقة بوثائق بايدن تأتي تمامًا في الوقت الذي يُتوقع فيه أن يواجه ترامب -الرئيس السابق الآن دون أي حصانة واضحة- قرارًا محتملًا بفرض رسوم وعقوبات على تعامله مع المستندات السرية> ولكن كل التحليلات تشير إلى أنه لا يوجد تداخل في الوقائع بين التحقيقين، فلا شهود أو أدلة مشتركة، وتشمل الحالتين قوانين فيدرالية مختلفة، بالنظر إلى أن بايدن تصرف بشكل مختلف كثيرًا عن ترامب.

مصير انتخابات 2024

تفسد هذه القضية بالطبع ما كان متوقعًا أن يكون إحدى نقاط القوة في هجوم بايدن على ترامب خلال الانتخابات، وهي أن الناخبين لا يستطيعون الوثوق في ترامب بشأن تعامله مع أسرار الدولة، ولكن الآن، أصبح الأمريكيون يخشون من أنهم لا يستطيعون الوثوق بأي من الرجلين، وسيتعين على البيت الأبيض هذه الفترة بذل مجهود كبير بين إثبات أن خطأ بايدن غير مقصود، في محاولة لتبرئة اسمه، في حين أن خطأ ترامب هو أمر شنيع لا يغتفر.

ولكن لحسن حظ ترامب، يعد هذا الاكتشاف أو “الخطأ” من قبل إدارة بايدن صفقة كبيرة للغاية يستفيد منها الرئيس السابق، خاصة بعد شنّه حربًا عامة قد خسرها ضد الأرشيف الوطني بسبب استعادة الوثائق الرئاسية التي استولى عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي، محاولًا بكل الجهود تهميش تحقيق وزارة العدل.

ومع تعلق الأمر بمرشحين محتملين لانتخابات الرئاسة المقبلة، أخذ كل منهما عن طريق الخطأ بعض الوثائق التي قد تكون سرية أو لا، سيصبح الأمر معقدًا، وسيتعين على الجميع انتظار أشهر من التحقيقات يتخللها محاولات إثبات “النية ” وراء الاحتفاظ بالوثائق؟ ولكن يدور في الأذهان عدة أسئلة، إذا تم إثبات أن بايدن سار على نهج أخطاء ترامب، هل سنشاهد المداهمة الأولى من نوعها للبيت الأبيض وتفتيشه لتُكتب حينها نهاية بايدن السياسية ويقول عنه التاريخ أن الرئيس الديمقراطي قد حفر نهايته بنفسه؟

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/75044/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M