وجهة نظر في تمرد فاجنر في 23 يونيو 2023

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة

 

لم يكن التمرد الذي حدث في 23 يونيو2012 ولم يستمر سوي يوم واحد وبعض يوم إلا مظهراً من عدة مظاهر أخري كشفت حقيقة أن القوة التي يتسم بها ويدعيها نظام شمولي كالذي في موسكو تطوي في ثناياها أسباباً لوهن وهشاشة هذا النظام المتورم في ذاته ومؤسساته كانت هذه الأسباب خاملة فنشطها تمرد مرتزقة فــاجــنر بقيادةYevgeny Prigozhin  .

قد يمكن تلمس بعض أو كل هذه الحقيقة من الإستعراض التالي فيما يتعلق بشركة مرتزقة فاجنر ذاتها وعلاقتها بالنظام الروسي ومجالات عمل هذه الشركة التي تعبر أصدق تعبير عن آثام النظام العالمي وعلي رأسه الولايات المتحدة وروسيا والصين والآخرين من الدول والقوي المتوسطة والصغيرة بالعالم .

مـــجـــموعة / شركــــة فـــاجــــنـــر

مجموعة فاجنر منظمة روسية شبه عسكرية يصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري , وشارك منتسبي هذه المجموعة  في صراعات مختلفة منهاالحرب الأهلية السورية لدعم نظام بشار الأسد في مواجهة قوي الثورة السورية وكذلك في اوكرانيا في الفترة من 2014 إلى 2015 في الحرب في إقليم دونباس لمساعدة القوات الانفصالية التابعة للجمهوريات الشعبية دونيتسك ولوهانسك المعلن عنها ذاتيا , وتدعي فاجــنر أنها تتمتع بالاستقلالية لكنها قد تكون بشكل أو آخــرتابعة لوزارة الدفاع الروسية و/أو مديرية المخابرات الرئيسية متخفية ، و في الغالب الأعم أن الحكومة الروسية تستخدمها في النزاعات التي تتطلب الإنكارحيث يتم تدريب قوات المجموعة بمنشآت ومرافق وزارة الدفاع الروسية ويعتقد أنها مملوكة لرجل الأعمال يفجيني بريجوجين الذي له صلات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين , و تمثل فاجنر الروسية إحدى أشهر الشركات العسكرية التي تنشط في المنطقة العربية بعد أفول نجم بلاك ووتر الأمريكية .

لا توجد وثيقة واحدة تثبت الإرتباط بشكل ما بين الحكومة أو المؤسسات الروسية ومجمعة / شركـــة فـــاجـــنر لكن تصريحات المسؤلين الروس عن بعض النزاعات والمشاكل السياسية في أفريقيا وفي الدول التي لـــفـــاجـــنر تواجد بها        مثل مالي وليبيا وبوركينافاسو وأفريقيا الوسطي وموزمبيق ومدغشقر كلها تصريحات تثبت التماهي الحاصل وعلي الأقل التبعية المؤسساتية والسياسية بين الحكومة والمؤسسات الروسية وهذه المجموعة فهذه المجموعة تتحرك خدمة لأغراض سياسية روسية محضة .

بدأ نشاط فاجنر في الوطن العربي انطلاقا من سوريا منذ 2014حيث تشرف على شركتين أمنيتين تتمثلان في: (صائدو داعش)، و(سند للحراسة والخدمات الأمنية) وتتولى فاجنر تدريب عناصر الشركتين لحماية الاستثمارات الروسية على غرار مناجم الفوسفات وحقول النفط والغاز في البادية السورية ومحافظة دير الزور (شرق) وبدأت فاجنر نشاطها في السودان منذ 2018 تحت غطاء شركة أم إنفست للتنقيب عن الذهب لكن الولايات المتحدة أدرجتها ضمن قائمة العقوبات في 15 يوليو 2020 واتهمتها بمحاولة تقويض المسار الديمقراطي في السودان وفرضت واشنطن عقوبات على يفجيني بريجوجين  رئيس مجموعة فاجنر الملقب بطباخ بوتين كما أدرجت الشركة نفسها على لائحة العقوبات .

فاجــنر غير مسجّلة في الاتحاد الروسي وهي نتاج سنوات من التجارب والأخطاء التي اقترفتها الحكومة الروسية فهي مجرّد واحدة من شركات مرتزقة روسية كثيرة تعمل حيث يمتلك الكرملين مصالح اقتصادية وسياسية في أوكرانيا وسورية وبلدان أفريقية وفنزويلا وفاجنر ليست شركة خاصة مثل بلاك ووتر لكنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقوات الخاصة الروسية والنخبة الاقتصادية والسياسية المقرّبة من الكرملين ويمكن استخدام هذه الشركة في أي وقت من دون أن يترتب التزامٌ عن هذا الأمر نظرًا إلى أن فاجنر غير موجودة رسميًا بالنسبة إلى موسكو وتعود جذور فاجنر كما هو معروف اليوم إلى الحقبة السوفياتية والحرب في أفغانستان حيث نشرت موسكو وحدات خاصة مشابهة نموذج  ففاجنر فكرة سوفياتية “مُعاد تدويرها” مع تطلعات جديدة وأدوات مختلفة وتمتلك فاجنرعلى الصعيد التنظيمي وعلى مستوى تحركاتها، قواسم مشتركة مع مجموعات المرتزقة الجنوب أفريقية نظرًا إلى أن قادة عسكريين جنوب أفارقة كانوا يعملون خلال حقبة الأبارتايد باتوا الآن يُقدّمون المشورة لمجموعات المرتزقة الروسية.

في النموذج الروسي أي فــــاجـــنــــر وغيرها تُعتبر الحدود الفاصلة بين المصالح الخاصة والعامة وبين رجال الأعمال المحسوبين على بوتين ومسؤولي السياسة الخارجية مُبهمة للغاية وتكاد تكون معدومة في بعض الحالات وعلى المستوى العسكري يأتمر المرتزقة في روسيا في غالب الأحيان لضباط من القوات الخاصة ويجنّدون عسكريين متقاعدين والأهم أنهم لا يعملون لحساب جهات تتعارض مصالحها مع المصالح الروسية .

في وقت سابق من عام  2023صنفت وزارة الخزانة الأمريكية مجموعة فاجنر كمنظمة إجرامية عابرة للحدود في محاولة لفرض مزيد من العقوبات على الشركة العسكرية الخاصة والحد من قدرتها على ممارسة الأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم وواجهت المجموعة عقوبات أخرى بما في ذلك بعض العقوبات ضد أفراد الجماعة وكذلك الكيان ككل ويمكن تجريد الشركات الأجنبية التي تتاجر مع كيانات خاضعة لعقوبات مثل مجموعة Wagner Group من حقوقها في استخدام الدولار الأمريكي أو النظام المالي الأمريكي على الرغم من أن الشركات المرتبطة ببريجوزين أبقت الأعمال على قيد الحياة من خلال شبكة معقدة من الشركات وبريجوزين مسؤول أيضًا عن تمويل وكالة أبحاث الإنترنت وهي “مزرعة ترول” تم إلقاء اللوم عليها للتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 وقد اعترف بريجوزين في النهاية بالتدخل في الانتخابات بعد أن وجه إليه المدعون الفيدراليون الاتهامات في عام 2018.

ومن أشهر الشركات العسكرية التي تجند مرتزقة للقتال في بؤر التوتر العربية  الي جانب فـــاجــــنــــر شركتين خاصتين هما:

1- “بلاك ووتر” الأمريكية

شركة أمريكية سيئة السمعة تورطت في جرائم قتل بحق مدنيين عراقيين وأدين 4 من أفرادها بالسجن بين المؤبد و30 سنة لقتلهم 14 مدنيا عراقيا بينهم طفلان  في بغداد عام 2007  في مجزرة أثارت غضبا دوليا من استخدام المرتزقة في الحروب , لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أصدر في 22 ديسمبرعفوا عن عناصر بلاك ووتر الأربعة  مما أثار استياء عراقيا , وبرز اسم بلاك ووتر مع احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وحصول الشركة على عقود أمنية في البلاد , وتأسست هذه الشركة عام 1997 وفقا للقوانين الأمريكية على يد إريك برنس الضابط السابق في مشاة البحرية “المارينز” , وتعتمد الشركة على مرتزقة من المتقاعدين والقوات الخاصة من مختلف أنحاء العالم مقابل تعويضات مالية مجزية وتقدم خدماتها العسكرية والأمنية للحكومات والأفراد بعد موافقة الإدارة الأمريكية , وبسبب الفضائح التي لاحقتها إبان احتلال العراق غيرت بلاك ووتر اسمها إلى Xe Service في 2009 ثم أكاديمي في 2011 بعد أن استحوذت عليها شركات منافسة وأصبحت تحت لواء مجموعة كونستليس القابضة التي تنشط في 20 بلدا وتوظف أكثر من 16 ألف شخص بحسب بيانات الشركة , ويتركز نشاط بلاك ووتر باسمها الجديد حاليا في اليمن حيث كشفت تقارير إعلامية بينها صحيفة نيويورك تايمز أن توقيع مؤسسها برنس على عقود مع الإمارات والسعودية للقتال في اليمن إلى جانب التحالف العربي وبلغ عدد من جندتهم الشركة في 2015  نحو 1500 مرتزق من كولومبيا وجنوب أفريقيا والمكسيك وبنما والسلفادور وتشيلي  قتل بعضهم في المعارك خاصة بتعز .

2- بلاك شيلد الإماراتية

لم تكن هذه الشركة الأمنية معروفة قبل تَفَجُّر فضيحة خداعها لشباب سودانيين تم نقلهم إلى الإمارات للعمل في الحراسة الخاصة ، لكن الشركة دربتهم عسكريا بغرض نقلهم للقتال في ليبيا كمرتزقة إلى جانب قوات حفتر وأيضا إلى اليمن , ورغم نفي بلاك شيلد هذه الاتهامات التي كشفتها صحيفة الجارديان البريطانية في 25 ديسمبر2019 إلا أن الملف سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام بعد احتجاج مئات السودانيين أمام السفارة الإماراتية بالخرطوم في يوليو الماضي , كما أعلن المستشار القانوني للضحايا السودانيين عمر العبيد  عن بدء استعدادات لرفع دعاوى قضائية إقليمية ودولية بحق 10 شخصيات إماراتية وسودانية وليبية بتهمة الاتجار بالبشر , ويكشف تقرير نشرته منظمة هيومن رايتش ووتش على موقعها الإلكتروني استند إلى لقاءات مباشرة مع الضحايا أن الشركة الإماراتية تعاقدت مع أكثر من 270 شابًا سودانيًا للعمل في الإمارات حراس أمن لكنها خدعتهم بعد سلسلة طويلة من الإجراءات حتى زجت بهم في أتون الحرب في ليبيا دون علمهم ويوضح التقرير أن الشباب السوداني وجدوا أنفسهم جنبًا إلى جنب مع المقاتلين الليبيين التابعين لحفتر، بعد إقناعهم بأن مهمتهم حراسة المنشآت النفطية المحيطة بتلك المنطقة (الهلال النفطي)، لكن مع الوقت انخرطوا في أعمال القتال .

هناك من له وجهة نظر تدعي أن الاستعانة بالمرتزقة تنطوي على إيجابيات عدة فهي أولًا تتيح للحكومات درجة من الإنكار ففي وسع الحكومة الروسية مثلًا أن ترعى عمليات عسكرية من دون أن تنخرط فيها بشكل ملموس ثانيًا يتمتع المرتزقة في معظم الحالات بالفعالية والخبرة وسهولة التحرك ثالثًا تُعتبر كلفة المرتزقة أرخص نسبيًا من كلفة وحدات الجيش النظامي فالجنود يتقاضون رواتب ومعاشات تقاعدية تستمر مدى الحياة في حين أن المرتزقة يعملون بموجب عقود ويكلّفون أقل من الأسلحة الثقيلة والباهظة الثمن التي تشتريها الحكومات وأحيانًا، تلجأ الحكومات الغربية إلى شركات توريد المرتزقة لتوفير دعم عسكري لقادة دول آسيوية وأفريقية تجمعهم بها علاقات مُدرّة للربح , لكن هناك أيضاً وجهة نظر معاكسة تقول أن المرتزقة خلافاً للجنود الوطنيون لا ولاء لهم ولا صلة لهم لا لغوية ولا عرقية بأهل البلاد فهم مرفوضين شعبياً ., كما أن هناك إشكالية عدم التمازج مع جيوش الدول التي يتواجد فيها هؤلاء المرتزقة .

مـــجـــالات عــــمـــل مـــجـــمـــوعـــة فــــاجــــنـــر :

– المجال الرئيس لعمل مجموعة فاجنر يقع في القارة الأفريقية وخاصة في الفراغات والفجوات التي حدثت نتيجة نكسات العسكرية الفرنسية  ففي أفريقيا الوسطي يقول الخبراء إن مجموعة مرتزقة فاجنر متورطة بشدة في جمهورية إفريقيا الوسطى والعديد من الدول الأخرى بحيث لا يمكن استبدالها بسهولة فبعد ساعات من إنهاء يفجيني ف. بريجوزين ومجموعته المرتزقة “فاجنر” تمردهم في 23 يونيو2023 اتصل مسؤولون من وزارة الخارجية الروسية برئيس جمهورية إفريقيا الوسطى ليؤكدوا له أن آلاف مقاتلي فاجنر المنتشرين في بلاده سيبقون وأن روسيا ستبقى , وواضح بهذا الوضع أن روسيا أي مجموعة “فاجنر” ستواصل البحث عن مشاريع جديدة في إفريقيا وعلى بعد آلاف الأميال لكن من جهة أخري ومع استمرار التمرد في روسيا حاصرت القوات الروسية في سوريا العديد من القواعد التي تستضيف مقاتلي فاجنرخوفًا من انتشار العدوى خارج روسيا  , فقد واجهت القيادة الروسية بعض المشكلات مع “رئيس الجماعات شبه العسكرية” يفجيني ف. بريجوزين ، كما أخبروا رئيس إفريقيا الوسطى ، فوستين أرشانج تواديرا بأن هذه القضايا التي أدت إلي تمرد “فاجنر” تم حلها وأكدوا له أن الكرملين يسيطر , لكن الآخرين ليسوا متأكدين , فقد كانت مجموعة Wagner هي المشروع الشخصي للسيد Prigozhin الذي كون هذه الشركة الراعية للمرتزقة على مدار ما يقرب من عقد من الزمان وهي الآن شركة مترامية الأطراف وصلت إلي ليبيا وعبر إفريقيا والشرق الأوسط وقد نشرت المجموعة قوات في خمس دول أفريقية وأصبحت الشركات التابعة للسيد بريجوزين حاضرة في أكثر من اثنتي عشرة دولة في المجموع , وقد أوضحت روسيا أنها لن تقلص وجودها في إفريقيا بعد أن تمردت مجموعة فاجنر التي يقودها يفجيني بريجوجين   ضد القوات الروسية  , ووفقًا لما أورده موقع IndiaNarrative.com على مدار الأشهر القليلة الماضية ، تواصل روسيا تحقيق تقدم عميق في إفريقيا ، بما في ذلك جمهورية إفريقيا الوسطى غير الساحلية (CAR) في قلب القارة الفقيرة ولكنها غنية جدًا بالموارد الطبيعية , يتزايد الوجود الروسي في أفريقيا الوسطي الدولة المنكوبة بالأزمات منذ أن غادرت الدفعة الأخيرة من الجنود الفرنسيين المتمركزين في مستعمرتها السابقة منذ بداية الحرب الأهلية الوحشية عام 2013 العاصمة بانجي  , يوجد الآن ما يقرب من 2000 مواطن روسي في الدولة المضطربة – يطلق عليهم “المدربون العسكريون”  من قبل موسكو – و “المرتزقة” من مجموعة فاجنر من قبل الغرب ومع طرح الأسئلة مرة أخرى حول الوجود المتزايد لمقاتلات فاجنر في إفريقيا قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم 26 يونيو 2023 إن حكومتي جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي طلبت رسميًا شركة عسكرية خاصة بعد أن “تخلت” فرنسا والدول الأوروبية الأخرى عن دولتان وأغلقتا قواعدهما العسكرية التي كانت تهدف إلى تعزيز مكافحة الإرهاب , وأوضح أنه”في الظروف التي تُركوا فيها وجهاً لوجه مع قطاع الطرق ، لجأت بانجي وباماكو إلى شركة Wagner PMC لطلب ضمان سلامة سلطاتهما بالإضافة إلى العلاقات مع هذه الشركة العسكرية الخاصة فإن حكومتي جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي لديهما اتصالات رسمية مع قيادتنا وبناء على طلبهم يعمل عدة مئات من الجنود كمدربين في جمهورية إفريقيا الوسطى وأضاف أن هذا العمل سيستمر  ,  وفي جمهورية أفريقيا الوسطى تدير مجموعة فاجنر قاعدة عسكرية في منطقة بوسانجوا وتقوم بتدريب وتساعد وحراسة مناجم الذهب والماس في جمهورية أفريقيا الوسطي لقد لعبوا دورًا حاسمًا في الدفاع عن الحكومة والرئيس فوستين أرشانج تواديرا ضد الجماعات المتمردة المسلحة والحفاظ على الاستقرار في المنطقة. عندما تقدم تحالف من المتمردين في العاصمة بانجي في عام 2020 ، مهددًا بالإطاحة بالحكومة وطلب الرئيس تواديرا مساعدة موسكو. ونتيجة لذلك ، تم نشر قوات إضافية من مجموعة فاجنر ، مما أدى إلى انسحاب القوات الفرنسية والتأثير في نهاية المطاف على الديناميكيات الأمنية في البلاد , كماتم رفع العلم الروسي في القاعدة العسكرية الفرنسية السابقة مع حث جمهورية إفريقيا الوسطى موسكو على إنشاء قاعدة عسكرية دائمة على أراضيها , وفي مقابلة مع صحيفة Izvestia الروسية الرائدة ، قال سفير جمهورية إفريقيا الوسطى في موسكو ليون دودونو- بوناجازا : “إن بلاده بحاجة الآن إلى قاعدة عسكرية روسية “تضم 5000 إلى 10000 جندي” بينما يمضون قدمًا في زيادة التعاون العسكري التقني “يجب أن يستمر ومع ذلك ، فإن هذا يسبب عدم الرضا في بعض البلدان في الأسابيع الأخيرة ، عندما سلمتنا روسيا ست طائرات عسكرية ، بدأ الفرنسيون بالاستياء والصراخ والصراخ لكن هذا ليس من اختصاصنا فنحن مهتمون بالتعاون مع روسيا ”  , وقدجاء نداء جمهورية إفريقيا الوسطى قبل القمة الروسية الأفريقية الثانية المقرر عقدها في سانت بطرسبرغ اعتبارًا من 26 يوليو ، وهو حدث سيحضره رؤساء دول وحكومات القارة الأفريقية ووفود رفيعة المستوى ورؤساء إقليميين رئيسيين الجمعيات وممثلي الأعمال  .

ليست جمهورية أفريقيا الوسطى وحدها هي التي تشهد انتشارًا روسيًا متزايدًا. من القرن الأفريقي إلى جنوب إفريقيا ، تبني روسيا شراكات جديدة وتوطد الشراكات القديمة من خلال التأكيد على أن إفريقيا يمكن أن تكون مركزًا حقيقيًا وكامل الأركان للنظام العالمي الناشئ والمتعدد الأقطاب , فكما أورد موقع IndiaNarrative.com أكد لافروف في مايو2023 لنظيره الصومالي أبشير عمر جاما بعد محادثات في موسكو أن روسيا مستعدة لتلبية متطلبات الجيش الصومالي في المعدات للقضاء على الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب والقاعدة ( من الواضج أنه سيكون هناك ثمة تداخل أو تـــماس بين القيادة العسكرية الأمريكية العاملة في الصومال إنطلاقاً من تمركزها في جيبوتي والروس) .

نُشر في 25 يونيو2023 أنه بعد أن قتل مسلحون تسعة مواطنين صينيين في منجم للذهب بجمهورية إفريقيا الوسطى في مارس 2023انتشر مقطع فيديو على الإنترنت يقول إن فرنسا أمرت سرا بالهجوم وتخطط لتشويه سمعة جماعة المرتزقة الروسية فاجنر في البلاد وفي الفيديو قال مقاتل متمرد من جمهورية إفريقيا الوسطى “الفرنسيون يريدون طرد فاجنر من إفريقيا” , وقد قرع المقطع أجراس الإنذار في باريس في وحدة مراقبة وسائل الإعلام بوزارة الخارجية التي تم إنشاؤها عام 2022 كجزء من استراتيجية دبلوماسية واسعة لإحياء العلاقات في المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا بعد سنوات من تراجع النفوذ , وقالت وزارة الخارجية إن الوحدة تتبعت مقطع الفيديو بسرعة إلى مجموعة من حسابات فيسبوك وتويتر التي لها روابط بمعلومات مضللة روسية بما في ذلك من فاجنر , وقال دبلوماسيان بوزارة الخارجية الفرنسية إن الفيديو كان مثالا لحملة نفوذ روسية متنامية تضخم الانتقادات لفرنسا وتعرض موسكو كحليف في وسط وغرب إفريقيا ونفت الوزارة أي دور فرنسي في الهجوم  ولم يستجب فاجنر والكرملين وحكومة جمهورية إفريقيا الوسطى لطلبات التعليق على هذه القصة ولم يتم القبض على منفذي الهجوم ولم تتمكن رويترز من تحديد من يقف وراءه وقال مسؤولون إن الدعاية الروسية وجدت أرضية خصبة في إفريقيا وسط المظالم بشأن سجل فرنسا الممتد لعقود من التدخل العسكري والدبلوماسية القاسية وتحدثت وكالة رويترز إلى أكثر من عشرة مسؤولين فرنسيين وصفوا جهود فرنسا الملحة بشكل متزايد لمواجهة نفوذ موسكو والتي تعتقد باريس أنها تقوض جهود دبلوماسية طويلة الأجل تهدف إلى التغلب على الماضي وكيف يُنظر إليه في إفريقيا ويعمل فريق من 20 دبلوماسيًا وصحفيًا سابقًا ومحلل بيانات ومراقبي وسائل الإعلام بالتنسيق مع خدمة اليقظة والحماية من التداخل الرقمي الأجنبي (Viginum) التابعة للدولة الفرنسية   حددت الوحدة حوالي 100 حساب روسي أو مرتبط بفاجنر تعرض محتوى مناهضًا للفرنسية وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا أمام البرلمان هذا الشهر إن المشاعر المعادية لفرنسا في إفريقيا يمكن أن تُلقى جزئيا على “جهات معادية ، خاصة من روسيا ومع ذلك لا يمكن إلقاء اللوم على موسكو في كل المشاعر المعادية للفرنسيين في إفريقيا فقد تسببت الحملات العسكرية الفرنسية في مقتل مدنيين أفارقة وتعكس العديد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الناقدة مخاوف أفريقية حقيقية بشأن دور فرنسا الضخم في الشؤون الأفريقية , وقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرويترز في كينشاسا في ختام جولة استمرت أربعة أيام في وسط أفريقيا في مارس 2023 إن بعض الانتقادات “صحيحة” مشيرا إلى مزاعم استمرار فرنسا في تبني المواقف الاستعمارية حتى بعد الاستقلال في غرب إفريقيا وقال ماكرون “لم نعد هناك لنكون بديلا عن انقلاب أو عملية سياسية فاشلة”.

في المقابل وفي مايو2023 قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن فرنسا كانت تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية منذ عقود وأطاحت بزعماء اعترضت عليهم  وبنت “نظام نفوذ استعماري جديد” وأكدت أن روسيا لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى طبعاً لا يمكن تصديق السيد زاخاروفا أيضاً .

في 9 يوليو2023صرح متحدث باسم الرئاسة في جمهورية أفريقيا الوسطى بإن خروج المئات من مقاتلي مجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة من البلاد يأتي في إطار تناوب القوات وليس انسحابا , وذكرت تقارير أن أعدادا كبيرة من مقاتلي مجموعة فاجنر رحلوا جوا من جمهورية أفريقيا الوسطى في الآونة الأخيرة، مما أثار تكهنات حول انسحاب المجموعة من البلاد، حيث كانوا يساعدون الحكومة في قمع العديد من حركات التمرد منذ عام 2018 , لكن المتحدث باسم الرئاسة في جمهورية أفريقيا الوسطى ألبرت يالوك موكبيم قال “إنه ليس رحيلا نهائيا بل تناوبا” وأشار في مؤتمر صحفي بالعاصمة بانجي أن “البعض غادر وسيأتي آخرون” وأوضح مصدر عسكري لرويترز اشترط عدم الكشف عن هويته إن عدة مئات من مقاتلي فاجنر غادروا البلاد في الآونة الأخيرة , ولم يتضح بعد عدد المقاتلين الذين لا يزالون هناك ويُعتقد أن نحو 1900 من الروس بعضهم من فاجنرلا يزالون يعملون هناك ومن شأن أي إعادة هيكلة لعمليات فاجنر بجمهورية أفريقيا الوسطى أن يكون لها تداعيات تجارية كبيرة  .

– أما في لــــيـــبـــيـــا فقد قال مسؤول عسكري في 30 يونيو 2023  لوكالة فرانس برس إن ضربات طائرات مسيرة استهدفت فجر ا30 يونيو 2023 قاعدة جوية في شرق ليبيا يستخدمها مرتزقة جماعة فاجنر الروسية دون أن تسفر عن سقوط ضحايا وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن مصدر الضربات الليلية على قاعدة الخروبة الجوية الواقعة على بعد حوالي 150 كيلومترا (90 ميلا) جنوب غرب بنغازي “غير معروف” وقال المسؤول إن القاعدة التي تم استهدافها هي “مكان تواجد أعضاء مجموعة فاجنر”  , قال لافروف أيضًا إن ليبيا تحولت إلى “ثقب أسود ضخم” ومن خلاله ، إلى الجنوب ، إلى منطقة الصحراء والساحل في إفريقيا ، تدفق قطاع الطرق المسلحين بالأسلحة والإرهابيين من جميع الأطياف والمتطرفين وتجار المخدرات. لا يزالون يرهبون البلدان المقابلة في القارة الأفريقية , وأضاف قوله : “لقد انتهكوا قرارا لمجلس الأمن يحظر مثل هذه الأعمال. لقد دمروا الدولة الليبية ، التي ما زال المجتمع الدولي بأكمله يجمعها قطعة قطعة ولا يستطيع تنفيذها “ويصر وزير الخارجية الروسي على أنه لا يرى أي “ذعر” أو أي تغيرات في علاقات الدول الأفريقية مع موسكو بعد فشل تمرد فاجنر بل قال : “على العكس من ذلك تلقيت عدة دعوات للتضامن بما في ذلك من العديد من أصدقائي الأفارقة , إننا ننطلق من فرضية أنه لا يمكن إدخال لحظات انتهازية في العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وشركائنا الأفارقة “.

– في مـــــالي يشكل تمرد ميليشيا فاجنر في روسيا مأزقا دبلوماسيا لمالي وبدرجة أقل لجمهورية أفريقيا الوسطى حيث تلعب قوات من مجموعة المرتزقة دورا مركزيا بشكل متزايد في صراعات داخلية طويلة الأمد فمع اقتراب مقاتلي فاجنر صوب موسكو بعد الاستيلاء على مدينة جنوبية بين عشية وضحاها ،  هذا وكانت  مجموعة  فاجنر  إلى البلاد في ديسمبر 2021 وصلت مالي بناءً على دعوة من السلطات الانتقالية المالية وقد رفض المتحدثون باسم حكومتي مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى التعليق على الاضطرابات التي حدثت بسبب تمرد فاجنر في 23 يونيو2023 وكيف يمكن أن يؤثر هذا التمرد على الاستراتيجية الأمنية بمالي وافريقيا الوسطي ضد الجماعات التي يصنفها الغرب والشرق بهما علي أنها  متشددة , وقد قال المحلل السياسي المالي باسيرو دومبيا: “إن وجود (فاجنر) في مالي يرعاه الكرملين وإذا كان فاجنر على خلاف مع الكرملين … فبطبيعة الحال ستعاني مالي من العواقب على الجبهة الأمنية” ففي مالي استولت السلطات العسكرية على السلطة في انقلابات في 2020 و 2021 وتقاتل تمردًا إسلاميًا منذ سنوات وقالت سلطات مالي إن القوات الروسية ليست مرتزقة فاجنر ولكن مدربين يساعدون القوات المحلية بمعدات تم شراؤها من روسيا لكن هذا التحالف تسبب في توتر العلاقات مع الأمم المتحدة وأدى إلى نفور القوى الغربية  التي تقول إن المقاتلين هناك ينتمون إلى قوات فاجنر ويزعمون أنهم ارتكبوا جرائم حرب محتملة إلى جانب القوات المالية وبالطبع نفت حكومة مالي وروسيا هذه المزاعم وقد يكون استمرار وجود فاجنر في مالي وسط التمرد المستمر في روسيا مشكلة بالنسبة لعلاقات باماكو مع موسكو التي التزمت العام الماضي2022 بإرسال شحنات مالي من الوقود والأسمدة والمواد الغذائية بقيمة حوالي 100 مليون دولار  .

تم سحب كل من جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي بشكل متزايد إلى المدار الروسي في السنوات الأخيرة حيث سعى الكرملين إلى نفوذ أكبر في إفريقيا الفرنكوفونية مما أثار استياء فرنسا ، القوة الاستعمارية السابقة ، التي واجهت احتجاجات مناهضة لفرنسا في المنطقة وتدهور العلاقات مع العديد من حكومات غرب إفريقيا , وفي فبراير 2023وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نشر قوات مجموعة فاجنر في إفريقيا بأنه “تأمين على الحياة للأنظمة الفاشلة في إفريقيا” لن يؤدي إلا إلى زرع البؤس.

قد يؤثر تعليق عمليات فاجنر في إفريقيا – إن عُلقت – على الشؤون المالية للمجموعة وقد اتهمت الولايات المتحدة في أكتوبر  2022   الماضي المرتزقة باستغلال الموارد الطبيعية في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وأماكن أخرى لتمويل القتال في أوكرانيا – وهي تهمة رفضتها روسيا في ذلك الوقت  , لكن المجموعة عززت علاقات قوية مع العديد من الحكومات الأفريقية على مدى العقد الماضي من خلال عمليات في ثماني دول أفريقية على الأقل وذلك وفقًا لوثائق أمريكية مسربة بما في ذلك مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا  .

في موزمبيق وفي سبتمبر 2019  نقلاً عن Black Hawk و OAM  و Wagner Group نقلاً عن مصادر برتغالية مختلفة أشار إليها موقع Observador.pt البرتغالي في 28 سبتمبر2019  وقال أن مجموعة من المرتزقة الروس (حوالي 200 مسلح) وصلوا لمطار Nacala في موزمبيق لمساعدة الحكومة في مواجهة “متطرفون إسلاميون” في مقاطعة Cabo Delgado (لا يُوصف ثوار Cabinda بأنهم متطرفون ولا مُتشددون وإنما متمردون فقط Rebels وهو وصف حتي مع عدم دقته يُحرم منه مقاتلي Cabo Delgado  وأنه وفقًا لمصادر روسية فإن (مرتزقة) Wagner Group “يُكافحون” من أجل موزمبيق وأنهم تمكنوا من التغلب على الشركات العسكرية الخاصة الغربية بفضل تقديم أسعار منخفضة للغاية لخدماتهم وإقامة “علاقات جيدة مع القيادة السياسية الموزمبيقية ” ويُلاحظ أن الرئيس الموزمبيقي قام بزيارة لموسكو في سبتمبر 2019 وشاركت موزمبيق في القمة الروسية / الأفريقية في SOCHI في أكتوبر 2019 وأكد هذه المعلومات العقيد السابق في جيش جنوب إفريقيا Dolf Dorfling (مؤسس Black Hawk PMC) وكذلك الجندي الروديسي السابق John Gartner (حاليًا رئيس شركة الأمن العسكري OAM) *(  Rosbalt 19نوفمبر 2019) وبالإضافة إلي مجموعة فــاجـــنـــر الروسية المُتواجدة في مهام قتالية مدفوعة الأجر بموزمبيق منذ 2019 تستعين حكومة موزمبيق بشركة مرتزقة أخري تُدعي مجموعة Dyck الاستشارية (DAG) ومقرها جنوب إفريقيا فقد تلقت دعوة من حكومة موزمبيق لمساعدتها في محاربة المتمردين كما أن مسؤولاً برتغالياً صرح بأن بلاده سوف نرسل طاقمًا من حوالي 60 مدربًا إلى موزمبيق لتدريب مشاة البحرية والكوماندوز كما قالت سفارة الولايات المتحدة في بيان لها في 15 مارس 2021 أن : قوات العمليات الخاصة الأمريكية ستدعم جهود موزمبيق لمنع انتشار الإرهاب والتطرف العنيف وعلقت Jasmine Opperman المحللة في مجموعة المراقبة Acled علي بيان السفارة بقولها : من الواضح أن الولايات المتحدة تحاول بسط نفوذها” , وأكدت Jasmine الطبيعة المحلية للصراع بقولها : “إنه نزاع محلي معقد والولايات المتحدة تؤطر التمرد في Cabo Delgado بطريقة مبسطة للغاية من خلال الإشارة إلى [المتشددين] على أنهم امتداد للدولة الإسلامية” بل إن الرئيس الرواندي Paul Kagamé قرر إرسال جنوده لاختبار قدرة جيشه على دعم موزمبيق في حربها ضد الحركات الإسلامية في Cabo Delgado *( موقع Africa Intelligence في  26 /4/2021) , كذلك فقد دعت فرنسا حماية لمصالحها البترولية لرئيس الموزمبيقي لزيارة باريس عقب الفشل العسكري في Cabo Delgado الذي شل مشروع توتال للغاز *( موقع Africa Intelligence في 26 أبريل 2021)  بل إن الرئيس الأوغندي Museveni نشر بعض من قواته المُسلحة علي وبالقرب من ساحل بحيرة Albert لحماية منشأت شركاته هناك ولم يؤد تعاون حكومة موزمبيق مع شركتي المُرتزقة Wagner Group و  Dyck وبعض الدول حتي الآن إلي إنخفاض في وتيرة الهجمات والهجمات المُضادة التي لم ينتج  إلا ما أشار إليه تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في Cabo Delgado عن تورط مجموعة Dyck وكذلك القوات الحكومية والمسلحين في عمليات القتل غير المشروع للمدنيين ومع ذلك واصل الرئيس الموزمبيقي Filipe Nyusi تحركاته لتعزيز موقف قواته المُسلحة فأستغل فرصة مُشاركته في قمة تمويل الإقتصاديات الأفريقية التي عُقدت في باريس في 18 مايو 2021 للتعبير لرئيس المجلس الأوربي Charles Michel عن رغبته في أن يقوم الأخير بزيارة موزمبيق قبل نهاية هذا العام لتقوية موقفه الداخلي أمام هجمات مقاتلي Cabo Delgado ورفع قدرات جيشه لمواجهة مسلحي Cabo Delgado الذين يهاجمون المصالح الأوروبية البترولية في Cabo Delgado لكن في مقابل ذلك حقق المسلحون نجاحًا كبيرًا في اكتساب مجندين من داخل المقاطعة وخارجها .ة Total الفرنسية حتي لا تواجه هذه الشركة نفس الانتكاسات التي حدثت وتحدث في Cabo Delgado  .

– فيما يحجم الإتحاد الأفريقي تماماً عن أي تدخل في حالة الصراع في Cabo Delgado  نجد  أن الرئيس Filipe Nyusi لم يتقدم بل لا يكترث بالإستعانة بالإتحاد الأفريقي فقد أكد مرارًا وتكرارًا على الوضع السيادي للبلاد  إذ أشار إلى أن  لموزمبيق وحدها أن تقرر شروط وأحكام أي مساعدة دولية قد تحتاجها كما أنه جدد هذا الرفض قبل يوم من اجتماع تجمع Sadc في 8 أبريل2021 عندما قال : “إن سيادة موزمبيق تمنعها من طلب المساعدة العسكرية ” , ولفرط تناقضه أنه طلب المساعدة العسكرية من شركات المُرتزقة ولم يطلبها من تجمع SADC ودوله كموزمبيق ذات سيادة ولديها إستعداد كامل للمساعدة , لكن من الواضح أن أجندة الرئيس الموزمبيقي  Filipe Nyusi مع شركات المُرتزقة , أي أنه فضل الإستمرار في معركة واضح أنها لن تُحسم كما لم تُحسم معركة فرنسا في شمالي مالي رغم القدرات المميزة للعسكرية الفرنسية علي مدي سنوات حيث تمركز 5100 عسكري فرنسي منذ 2013 لمواجهة المقاومة الإسلامية المُسلحة هناك بلا جدوي من خلال عمليتين عسكريتين مُتتابعتين هما عمليتي  Servalو Barkhane والتي أعلنت فرنسا عن إنهاءها بسبب شدة بأس المقاومة الإسلامية للفرنسيين بل ومن يساندهم من الأوروبين ودول مجموعة الساحل الخماسية العسكرية G 5 Sahel لذلك يُري إصرار الرئيس الموزمبيقي علي مواصلة معركة هو وقواته المُسلحة أضعف من أن يحققوا فيها أي درجة من درجات النجاح بدليل لجوءه لشركات المرتزقة الخاصة Wagner الروسية و Dyck الجنوب أفريقية , هذا بالإضافة إلي إلتماسه العون العسكري من الولايات المُتحدة والبرتغال ورواندا وفرنسا وربما غيرهم ومع ذلك يتذرع الرئيس الموزمبيقي بالسيادة وهو يرفض تدخل الإتحاد الأفريقي وتردده في طلب عون تجمع Sadc  .

سيظل الصراع دائراً بين نظام الرئيس الموزمبيقي Filipe Nyusi ومقاومة المسلمين المُسلحة بمقاطعة Cabo Delgado التي بغض النظر عن عنواين وأسماء جبهتها (أو جبهاتها) إلا أنها ناشئة عن إنكار حق سكان هذا الإقليم في التنمية رغم أن هذا الإقليم يُستخرج من أراضيه ومياهه علي المحيط الهندي البترول والغاز والأحجار الكريمة التي تمول خزانة دولة موزمبيق وبالرغم من ذلك يصر الرئيس الموزمبيقي علي إستخدام الآلة العسكرية الموزمبيقية التي أستهلكتها الحرب الأهلية الموزمبيقية (نوفمبر 1975 – أبريل 2002) ويصر كذلك علي عدم إشراك الأمم المتحدة ولا الإتحاد الأفريقي بل ولا التجمع الإنمائي للجنوب الأفريقي SADC وموزمبيق أحد أعضاءه لكنه يشرك في حربه شركات المرتزقة علي إختلافها , وبالتالي فمن المُتوقع إتساع نطاق المقاومة المُسلحة في Cabo Delgado لتشمل مقاطعتي Niassa وNampula  فنظام الرئيس Nyusi يعتمد علي مُرتزقة من شركات أمريكية وجنوب أفريقية ربما لا تحقق الحسم في هذه المعركة لأن الحرمان من التنمية دافع عميق ودائم لدي المسلمين الذين يقاومون في Cabo Delgado أما مرتزقة Wagner الروسية و Dyck الجنوب أفريقية فهما وغيرهما في النهاية مجرد مُرتزقة لا قضية مُحددة لديهم ولايتعدي الدافع لديهم حدود ولائهم لموسكو ولإستراتيجية الكرملين تحديداً وربما قد يشجع مقاتلي Cabo Delgado نجاح مقاتلي الساحل الذين يُوصفون مثلهم بالجهاديين والمُتطرفين الإسلامين ألخ في إجبار فرنسا علي الإنسحاب من الساحل وإنهاء عملية Barkhane العسكرية بشمال مالي  .

هناك عدد من النتائج التي قد تتداعي عن تواجد مجموعة فاجــــنـــر بأفريقيا وهي :

1- إن إنتشار مجموعة فاجنر في بؤر الصراعات والنزاع الأفريقية لم يكن إلا بتوصية وتوازي مع الدبلوماسية والمخابرات الروسية وبالتزامن مع قيام روسيا بالعملية الخاصة في أوكرانيا في 24 فبراير 2022 وقد أدي تدخل مجموعة فـــاجـــنر في هذه الصراعات إلي دخل لا يقل عن 250 مليون دولار من الموارد الطبيعية للخزانة الروسية في السنوات الأربع التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا ( تحقيق Financial Times) , وفي سوريا إستطاعت فاجنر التي ساعدت الرئيس الحليف لروسيا بشار الأسد إلي أن تحصل من شركات النفط المرتبطة ببريجوزين مثل إيفرو بوليس على تخفيض بنسبة 25٪ من أي أرباح من حقول النفط والغاز , وهذا يعني ببساطة أن فاجنر تعتبر في نظر منخذ القرار الروسي مؤسسة مدرة للدخل Rentable أو profitable  فيما الجيش الروسي علي عكس مجموعة فـــاجــــنـــر مؤسسة مُتلقية للمال أي مُستهلكة له , ولابد أن ينعكس ذلك علي العلاقة التظيمية والسياسية بين القيادة الروسية ومؤسستي الجيش الروسي وفاجـــنـــر من جهة وبين مؤسستي فاجنر والجيش الروسي وبعضهما البعض .

2- منذ أن جذبت مجموعة فاجنر انتباه العالم في أبريل  2023 بسبب هجومها على مدينة باخموت الأوكرانية وقد وضع هذا الاعتداء اسم هذه المجموعة ومؤسسها المرتبط بالكرملين يفجيني بريجورزين على لسان الصحفيين والجمهور الواعي للأخبار في جميع أنحاء العالم ومع ذلك بالنسبة للمراقبين , وأسبغ إنتصار فـــاجـــنـــر في جبهة باخــــمـــوت بأوكرانيا بريقاً ونفاذاً في مواضع أخري بأفريقيا غير ليبيا ومالي وبوركينافاسو وأفريقيا الوسطي ولهذا فجبهة أوكرانيا كانت تمد فاجنر بأهمية وبريق عسكري كما لوكان ترويجاً للمكانة العسكرية لفاجنر في العالم وخاصة في أماكن الصراع وما أكثرها في أفريقيا وكانت هذه المكانة خصماً من الإمكانات التي كانت للجيش الروسي في القارة الأفريقية وإنتهت أو كادت بتأسيس مجموعة فـــاجـــنـــر , هذه المكانة الراقة التي كانت للعسكرية الرسمية الروسية / السوفيتية إبان الحرب الأهلية الأنجولية 1975 – 2002 وفي الصومال في سبعينات القرن الماضي وفي الكونجو في ستينات القرن الماضي من قبل الانفصاليين الكاتانجيين عندما قامت حكومة تشومبي في حملتها ضد تمرد سيمبا أيضاً والأمثلة مُتعددة .

3- من الوجهة النظرية علي الأقل شاركت أو حققت مجموعة فـــاجـــنـــر بعض أهداف الإستراتيجية السياسية والعسكرية الروسية التي تتوخاها الدولة ووزارة الخارجية الروسية في العالم الثالث ( قال الرئيس بوتين في 27 يونيو 2023 وقال بوتين بأن مجموعة فــــاجــــنـــرحصلت على “تمويل كامل” من ميزانية الدولة ) وخاصة مع النظم الــهـشــــة وكذا النظم الخارجة عن دائرة النفوذ الغربي , وبالتالي لم تكن فــــاجـــنـــر حائزة فقط علي إهتمام ورضي الرئاسة الروسية أو تحديداً بــــوتـــيــن بل الخارجية الروسية أو تحديداً سيرجي لاباروف وكنتيجة تراجعت أهمية وليس بالضرورة مكانة الجيش الروسي لدي مؤسستي الرئاسة والخارجية الروسيتين , ولما إستطاعت فـــاجـــنــر أن تسجل وتحقق للخارجية الروسية إمتداداً ونفوذا في مناطق كانت تحسب علي أنها مناطق نفوذ فرنسية أو إيطالية مثل أفريقيا الوسطي ومالي وبوركينافاسو وليبيا , وبالتالي فإن فــــاجــــنــــر بهذا يعتبرها النظام الروسي أصل من أصول الدولة الروسية وليس مجرد شركة ولهذا فإن الرئيس بوتين حافظ ونظامه علي فــــاجــــنــــر تعمل خارج روسيا ولكنه رضي بالتسوية التي إقترحها الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو في يستضيفها في بيلاروسيا وبسقط الرئيس بوتين التهم والملاحقة الجنائية عن رئيس فاجنر ومجموعته لأن الموضوع وفقاً لهذا لم يكن تمرداً ولكنه كان  فض إشتباك Disengagement بين رئيس فاجـــنـــروكل من وزير الدفاع الروسي ورئيس الأركان والدليل كما قلت أن فاجنر ظلت في خارج روسيا تعمل كالمعتاد – وفقاً للتصريحات الرسمية العلنية الروسية – لكنها أبعدت عن ساحة أوكرانيا والعملية العسكرية الخاصة التي يضطلع بها الجيش الروسي هناك , وربما يكون هناك ثمة تعديل علي عمل مجموعة فاجنر بناء علي ما سيؤول إليه أمرها بعد تمرد 23 يونيو 2023 بحيث تعمل مباشرة من قبل مؤسسة ما داخل النظام الرسمي الروسي ولكن حتي يحدث هذا , سيكون لزاماً علي النظام الرسمي الروسي إستهلاك بعض الوقت حتي ينقل فاجنر نقلة آمنة في متناول الدولة الروسية وربما كانت حالة أفريقيا الوسطي الأولي لهذه النقلة وإذا ما تمت النقلة بنجاح فستتكرر النقلة في حالات الدول الأخري التي تعمل بها مجموعة فــاجـــنـــر  .

4– تُعد فــاـجـــنــــر وإلي حد ما البديل الروسي المقابل للقيادة العسكرية لأفريقياAFRICOM  فقد أدت عمليات الانتشار الواسعة لشركة Wagner في جميع أنحاء القارة إلى جعلها من أبرز الشركات العسكرية الخاصة في إفريقيا , وكذلك دخلت الصين أيضاً في منافسة مع AFRICOM فنجحت عام 2010 في إقامة قاعدة بحرية لها في القرن الأفريقي وتحديداً في جيبوتي حيث للولايات المتحدة قاعدة بحرية أيضاً فيCamp Lemonnier ، وقد اتبعت الشركات الأمنية الخاصة الصينية استراتيجية مشابهة لإستراتيجية فــــاجــــنــــر وهي تحاول التمدد في أفريقيا أيضاً خصماً من الوجود العسكري الفرنسي , وعلى سبيل المثال اعتادت مجموعة PSC Frontier Service Group الصينية على إقامة علاقات مع شركة Blackwater المقاول العسكري الخاص الأمريكي سيئ السمعة وسعت بكين أيضًا إلى تدريب جيشها باستخدام الشركات العسكرية الخاصة الغربية  ويمكن لهؤلاء المتدربين أيضًا المشاركة في الشركات الأمنية الخاصة الصينية على المدى الطويل وبعبارة أخرى تم منح الشركات الأمنية الخاصة الصينية فرصة قوية لتعلم أدوات وحيل التجارة من نظيراتها الموجودة بالفعل في الخارج , وهناك ثمة ارتباط وثيق بين الشركات الأمنية الخاصة الصينية وبين مؤسسات استخراج الموارد الصينية ودور الصين المهم في استخراج الكوبالت , ومع احتدام المنافسة بين القوى العظمى وتعييناً بين الولايات المتحدة وروسيا والصين ، فمن المرجح في حالة الصين أن تدعم بكين الاستخدام العدواني للشبكات الأمنية الخاصة وتطور الشركات الأمنية الخاصة إلى الشركات العسكرية الخاصة لتعزيز حربها في المنطقة الرمادية والتأثيرعلى قدرات العمليات , وقد أبدت الصين بالفعل بعض الاستعداد للقيام بذلك من خلال أنشطة وزارة السلامة العامة في إفريقيا  تدريجيًا  مع فتح الفرص بسبب انسحاب مُقدر لقوات فاجنر ، ومن المرجح أن تستخدم الصين الشركات الأمنية الخاصة كأداة لتوسيع نفوذها العسكري والسياسي في إفريقيا وكذلك لتأمين نفسها – ومنع منافسيها – من الوصول إلى الموارد المعدنية الهامة بالمنطقة الرمادية بحذر , ويجدر بالذكر في هذا الصدد أن الإشارة إلي أنه خلال زيارة الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير الذي أطاح به انقلاب عسكري عام 2019 إلى موسكو في نوفمبر 2017وقع البلدان اتفاقيات تعاون في مجال التدريب العسكري وتبادل الخبرات ودخول السفن الحربية إلى موانئ الجمهورية البلدين , وبحسب موقع “روسيا اليوم” فقد وافق الرئيس الروسي Vladimir Putin على إنشاء قاعدة روسية في السودان في 16 نوفمبر 2020 قاعدة تكون قادرة على استيعاب السفن بوحدات الطاقة النووية , ولكن رئيس أركان السودان محمد عثمان الحسين  قال في بيان صدر في 19 نوفمبر 2020 : “حتى الآن لا يوجد اتفاق كامل مع روسيا على إنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر لكن تعاوننا العسكري قد امتد  , لكن الجريدة الرسمية الروسية نشرت في 9 ديسمبر 2020 نص الاتفاق بين روسيا والسودان بشأن إنشاء قاعدة إمداد وصيانة للبحرية الروسية في البحر الأحمر لدعم السلام والأمن في المنطقة ”.

5- لفت النظر لنشاط الــــــمـــــرتــــزقـــــة في أفريقيا والعالم  فقد لفت ” تمرد” أو تحرك فــــاجــــنـــر ضد الجيش الروسي النظر مرة أخري إلي نشاط شركات المرتزقة وبالتالي لفت النظرلاتفاقية الأمم المتحدة لتجنيد المرتزقة وهي وبشكل رسمي عبارة عن الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد واستخدام وتمويل وتدريب المرتزقة وفي معاهدة الامم المتحدة في 2001 تم حظر تجنيد وتدريب واستخدام وتمويل المرتزقة وفي الجلسة العامة 72 المعقودة في 4 ديسمبر 1989 اختتمت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية بموجب قرارها 44/34 و دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 20 أكتوبر 2001 وصادقت عليها 46 دولة وفي عام 1987 عينت لجنة بالامم المتحدة  لحقوق الانسان انريكي برناليس لتحليل جميع اشكال الإرتزاق ورصدها والإبلاغ عنها , لكن ما يحدث في الواقع أنه وبعد تخفيضها لميزانياتها العسكرية وخفضها لعدد جنودها تضطرّ البلدان الأوروبية إلى إيكال بعض مهامها إلى شركات عسكرية خاصة لكن هذه الشركات التي غالبيتها أمريكية تتقاضى أجورا باهظة مثلما يؤكد ذلك الكسندر فوترافيرس الخبير في الشؤون العسكرية , وتقدر وزارة الخارجية الفرنسية قيمة عائدات شركات الأمن الخاصة بحوالي 400 مليار دولار بحسب دراسة للباحث الأردني وليد عبد الحي ذكر فيها أن مجموع أرباح هذه الشركات في الوطن العربي هو 45 مليار دولار ما بين 2011 و2014.

لا تأبه الإدارات الأمريكية بجهود الأمم المتحدة تلك والتي تترجمها اتفاقية الأمم المتحدة لتجنيد المرتزقة فقد نشرت شركة أمريكية إعلانا تبحث فيه عن مقاتلين محترفين من أصحاب الخبرة الميدانية للعمل في أوكرانيا ووعدت بدفع ما يتراوح بين ألف وألفي دولار في اليوم لكل منهم وتم نشر الإعلان المذكور على موقع silentprofessionals.org. وفيه تمت الإشارة إلى وجود حاجة فورية لهؤلاء “المختصين” للعمل في أوكرانيا ومن بين الشروط، يجب أن يملك المرشح خبرة الخدمة العسكرية لمدة 5 سنوات في الجيش أو في الشركات الأمنية الخاصة وسنة واحدة على الأقل من خبرة القتال في الخارج ويجب أن يتمتع كذلك بلياقة بدنية جيدة والقدرة على الاسترشاد والتنقل في التضاريس المختلفة ومعرفة الأسلحة السوفيتية والخبرة في الاستطلاع ومكافحة التجسس , كما أن روسيا أيضاً لا تأبه بالأمم المتحة هي الأخري ففي ليبيا وعلى الرغم من الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة نشرت مجموعة فاجنر آلاف العناصر دعمًا لقوات اللواء خليفة حفتر التي حاصرت طرابلس طوال عام وتملك القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا صور أقمار صناعية تُظهر الدعم المباشر الذي تقدّمه القوات الجوية الروسية لعمليات فاجنر  ففي ليبيا تعتبر المهمة الروسية ناجحة على الرغم من فشل حفتر في السيطرة على طرابلس إلا أن موسكو نجحت في تعزيز مكانة زبونها المحلي والاستفادة من الاحتياطيات النفطية والحصول على قواعد آمنة مقابل المساعدة التي قدّمتها مجموعة فاجنر فالعنصر الأهم في نجاح الروس هو أنهم لا يطرحون أسئلة فالحكومات السلطوية في العالم العربي لا تُريد من الجهات الدولية توجيه الانتقادات إليها ولا إرغامها على الامتثال للقانون الدولي وهذا يتوافق تمامًا مع النموذج الإنمائي الذي تعتمده مجموعة فاجنر ومع الأهداف الروسية ففي سورية مثلًا أنشأ الروس تشكيلات عسكرية أصبحت رسميًا جزءًا من جيش الرئيس بشار الأسد لكنها مرتبطة في الواقع بالقوات المسلحة الروسية و بهذه الطريقة يساعد الروس زبائنهم ويدعمونهم على الساحة الدولية ويشاركون مباشرةً في النزاعات.

6- بوجود مجموعة فـــاجنــــر في سوريا وبعدها في ليبيا والسودان فإن روسيا يمكن تصنيفها مع الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروربية أخري لها قوات في العالم العربي وأفريقيا كمصدر مهم للنشاط الإرهابي في الشرق الأوسط الكبير ودول الاتحاد السوفيتي السابق  , ومن جهة أخري يمكن لهؤلاء المقاتلون من روسيا والشيشان والقوقاز أن ينقلبوا على روسيا إذا استفزتهم الأنشطة الروسية المعادية للسنة فآلاف المقاتلين من روسيا والقوقاز قد انضموا إلى المنظمات الجهادية في العقد الماضي ، واعتبارًا من عام 2019 وذهب الكثيرون للانضمام إلى الدولة الإسلامية في سوريا والعراق: “ما يقرب من 800 في كل من كازاخستان وقيرغيزستان ، بين 1500 و 3000 في أوزبكستان وحوالي 1900 في طاجيكستان وما لا يقل عن 400 في تركمانستان ” وتشير بعض المصادر إلى أن 1700 “متطرف عنيف محلي” من روسيا وشمال القوقاز قد انضموا إلى الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وتعكس القيادة العليا للدولة الإسلامية حتى هذه التدفقات الجهادية بما في ذلك “وزير الحرب” المتوفى الآن في الدولة الإسلامية في سوريا والعراق طرخان باتيراشفيلي المعروف باسم “عمر الشيشان” وقد شهدت ولاية خراسان الإسلامية وتنظيم الدولة الإسلامية في طاجيكستان أيضًا زيادة في الدعم المالي المرتبط بروسيا مؤخرًا ما في ذلك التبرعات الرقمية .

الــــتـــقـــديـــر

تظل مجموعة فــاجــنـــر للمرتزقة أحد اصول نظام الرئيس بوتين ويُنظر إليها من قبل بعض المراقبين كذلك علي أنها بعد “تمردها” علي الجيش الروسي  في 23 يونيو2023 علي أنها تحدي لنظام الرئيس بــوتـــيــن تماً كتحدي أوكرانيـــا , ومن المتصور لجعلها فرصة لنظام بوتين وليس تحدياً له أن تجري عملية موائمة تدريجية ومرحلية لها لتحويلها من “تحدي” إلي “فرصة” وربما كانت حالة إنسحاب أفراد مجموعة فـــاجــــنر من أفريقيا الوسطي وعدم توجه رئيس فــاجــــنـــرYevgeny Prigozhin ومجموعته إلي بيلاروسيا أيضاً جزءاً من عملية الموائمة تلك التي ربما تنجد وربما تكون سبباً إضافياً لتمرد آخر لمجموعة فـــاجـــنـــر , لكن في كل الحالات تثبت تجربة السودان وتمرد ما يُسمي بقوات الدعم السريع علي الجيش السوداني أن المرتزقة يظلون حتي في ثوراتهم مرتزقة يدينون بإهدافهم التي يتوخون تحقيقها إلي من يدفع لهم وتمرد المرتزقة تطبيق فريد لمقولة : ” إنقلب السحر علي الساحر ”  فلا يمكن لمرتزق أن يؤمن بثوابت , ولذلك سيظل النظام الروسي مُهدداً سواء بمجموعة فــاجـــنـــر أو بهشاشة النظام الروسي الذي تقبض عليه بقوة وبإستبداد قــبــضــة  بـــوتــــيـــن ومؤسساته سوفيتية النهج والتفكير والتي ظهرت جلية جراء تمرد فاجـــنــر في 23 يونيو2023 وهو ما سيني عليه الأمريكيون في مواجهتهم لروسيا في داخل روسيا وفي الحرب الدائرة في أوكرانيا الممتدة مع الزمن لإضعاف قبضة بـوتـيـن .

الــــســــفــــيـــر : بـــــلال الـــــمــــصــــري – حصريا المركز الديمقراطي العربي –

الـــقـــاهـــــرة تـحــريـــرا في 9 يوليو 2023

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=91101

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M