يوسف الصديق يحل اشكالا قائماً بين الغرب والمسلمين

بهاء النجار

بسبب التطور الذي حققه الغرب وفي مجالات مختلفة منها التقنية والسياسية والاقتصادية وكثير من مجالات المعرفة، فقد تكونت عند الغرب نظرة – والتي سنناقشها لاحقا – يتصورون من خلالها ان سيادة العالم لا يمكن أن تخرج من يدهم، خاصةً وأن سيطرتهم بدأت تتوسع لتشمل كل نواحي الحياة وفي اغلب بقاع الأرض، وتكاد ان لا تكون هناك قرية في العالم لم تصلها الحضارة الغربية ومظاهرها.
ولا نقصد هنا بالغرب هو الدول الأوربية وامريكا، بل المقصود هو النفس المادي الذي يحكم اغلب دول العالم، وبعبارة اخرى كل الاتجاهات الفكرية عدا الاتجاه الإسلامي، وبذلك تشترك دول شرق اسيا ودول افريقية واستراليا في ذلك التعريف.
فالمجتمعات والافراد على حد سواء لا ترى منافسا للغرب حتى تفكر بالاقتناع به وتنجذب اليه، لان المنافس الابرز هو الإسلام وهو ضعيف بكل المعايير التي يقوى بها الغرب، فلا تكنلوجيا لدى المسلمين ولا سياسة ولا اقتصاد ولا اي شيء مقابل ما يقدمه الغرب.
بل إن هذه النظرة انتقلت بشكل فظيع الى المسلمين، فأصبح اغلب المسلمين ينظر للغرب بأنه الملجأ نظرياً وتجسيدا، لأنهم يرون انفسهم في تراجع دائم الا ان ينتهجوا النهج الغربي فتشملهم الرحمة الغربية، ولا يتوقعون ان يأتي اليوم الذي يظهر الله فيه دينهم على الدين كله ولو كره المشركون، رغم انهم يقرأون ذلك في كتابهم الذي يؤمنون به.
يأتي هنا يوسف الصديق عليه السلام ليذكرنا بما مر على اهل مصر – التي كانت دولة متطورة علمياً واقتصاديا – من انقلاب من مجتمع وثني يعبد آمون الى مجتمع مؤمن يعبد الله الواحد الأحد، من دون ان يقلب تطوره الى جهل وتخلف او اقتصاده الى كساد.
ومن احدث هذا الانقلاب رجل جاء من وراء الإبل والماعز، جاء من البدو، ولكنه جاء متسلحا بسلاح الإيمان مستعدا لنشر تعاليم ربه ولا يدعها نظريات في رفوف المكتبات بل يطبقها على ارض الواقع، فأقام حكومة عادلة اخذت الحق من القوي الى الضعيف، وفي الوقت نفسه نشر الوحدانية ودين الإله الواحد الأحد بين الناس لأنهم اقتنعوا بأن الدين الذي جاء به ليس شعارات وانما قول وفعل، نظرية كاملة وتطبيق عادل.
فنتعلم من نبي الله يوسف عليه السلام ان التقدم التكنلوجي لا يعني ان نسلم انفسنا بأيدي رواده، وفي الوقت نفسه علينا ان نقدر هذا التطور ونستفيد منه لنشر تعاليم ديننا الحنيف وتطبيقه، لأننا لا نجد تعاليم افضل من تعاليم رب السموات والأرض.
وعلينا ان لا نفقد الثقة بأنفسنا، فربما لا نكون كيوسف عليه السلام ونحقق ما حققه، لكننا نستطيع ان نكون يوسف في مقدار ما مكننا الله منه، ولا بد ان نعي ان القيادة لا بد ان تخرج من هذه الأرض المتخلفة، كما خرج يوسف من قبل بشرط ان نتسلح بسلاحه.
ومن سيستفيد من تجربة يوسف عليه السلام 100? هو الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام، حيث سيخرج من أرض التخلف والبدوية كما خرج جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لينشر دين العدل في عموم الأرض.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M