تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري في الفترة (2011-2021)

اعداد : بلال جمال عبد العزيز   –  إشراف: أ.د مي مجيب

 

مقدمة:

شهدت معظم الدول العربية منذ نهاية عام 2010 ومطلع عام2011أحداثًا متسارعة لم تشهدها منذ انتهاء الحركات الإستعمارية للدول الأجنبية لها,فشهد العالم العربي في هذا التوقيت العديد من الحركات الإحتجاجية وذلك بسبب تردي وسوء الأوضاع المعيشية وإنعدام العدالة والتخطيط لتوريث السلطة وغير ذلك الكثير من الأسباب,وإستطاعت هذة الإحتجاجات تغيير مجري الأحداث وفلسفة الحكم والسلطة في البلدان العربية.([1])

اتسمت هذة الحركات الإحتجاجية بالطابع المُفاجئ للشارع والنخب السياسية وكذلك النخب الحاكمة,وتركت هذة الإحتجاجات بصماتها في مختلف المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها,كما أدخلت إلي الوعي العربي العديد من القيم والشعارات الجديدة غير المألوفة,ومن أهم الشعارات التي أدخلتها هذة الإحتجاجات إلي الوعي العربي شعار”الشعب يريد”للتغلب علي النظام البطريركي الأبوي الذي ساعد الإستبداد في التحكم بمصير الأمة العربية بعيدًا عن الحرية والديمقراطية والتنمية.([2])

كانت الدولة الليبية من أبرز الدول العربية التي شهدت نطاقات واسعة من الإحتجاجات بهدف إسقاط نظام العقيد معمر القذافي الذي إستمر في الحكم أكثر من أربعة عقود متتالية والذي كانت الدولة الليبية في عهده تشهد إختلالات واسعة وضعفًا عامًا في المؤسسات المختلفة داخل الدولة وغياب تام لمعظم أركان ومبادئ الديمقراطية من أحزاب سياسية ودستور وإنتخابات حقيقية وغيرها,فضلًا عن إعتماده علي المنطق الزبائني في الحصول علي الولاءات,فدفعت هذة الأوضاع إلي إنتفاضة الشعب الليبي لإزاحة وتنحية العقيد معمر القذافي والسعي نحو إقامة نظام  قائم علي الأسس الديمقراطية السليمة.

لكن اتخذت الإحتجاجات الليبية منحي أخر وذلك نتيجة عجز الشعب الليبي بمفرده علي إسقاط نظام القذافي مما استدعي دخول فواعل أخري في هذه الإحتجاجات,وذلك كون نظام القذافي كان يتبع سياسة صارمة تجاه الشعب فحواها أن أمن واستقرار البلاد يتمثل في بقاء النظام وأن غياب أو إسقاط النظام سيخلق حالة من اللا أمن واللا إستقرار في ليبيا بصفة خاصة وفي المنطقة العربية بصفة عامة,وهذا الوضع خلق حالة من الفوضي داخل الدولة الليبية لاتزال تداعياتها وأثارها باقية حتي الوقت الراهن سواء علي المستوي الأمني الداخلي أو علي مستوي دول الجوار,كما شكلت تهديدًا واسع النطاق علي مستوي المجتمع الدولي.([3])

 

 

تعد الدولة الجزائرية في مقدمة دول الجوار الليبي التي تأثرت بحالة الفوضي المنتشرة في ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي,فأدي تدهور الوضع في ليبيا وانفتاح جبهة الصراع المسلح الداخلي إلي إنتشار السلاح الليبي علي الحدود الليبية بالقرب من الجزائر وهذا يمثل تهديدًا واضحًا للأمن الجزائري,بالإضافة إلي بروز الجماعات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا وما تمثله من تحدي واضح للأمن القومي الجزائري,فضلًا عن نشاط هذة الجماعات علي طول الحدود الليبية وبالقرب من الحدود الجزائرية الذي يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الجزائري أصبح لزامًا عليها التخطيط لمواجهته,فضلًا عن حالات الهجرة غير الشرعية للمواطنين الليبين التي تؤثر علي الأمن القومي الجزائري,وكانت كل هذة التهديدات والتحديات التي أحدثتها الأزمة الليبية بمثابة جرس إنذار للدولة الجزائرية للتصدي لهذة التحديات والتهديدات وإدخال عدة تغييرات علي العقيدة الأمنية  الجزائرية للتعامل مع تداعيات هذة الأزمة.

  • الإشكالية البحثية:

تحولت الدولة الليبية إلي بؤرة من بؤرعدم الإستقرار والتوتر الأمني تهدد أمن دول الإقليم الذي توجد بداخله وخاصة الدولة الجزائرية,وذلك عقب إندلاع الأزمة الليبية المُستمِرة منذ قيام ثورة 17فبراير2011م حتي وقتنا هذا وما نجم عنها من تهديدات وتداعيات خطيرة علي المستويات السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية وهذة التداعيات تمثل تهديدات مباشرة للأمن القومي للدولة الجزائرية كأحد دول الجوار الليبي,ومما سبق فإن التساؤل الرئيسي الذي تسعي الدراسة للإجابة عنه هو:

  • ما هي تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري في الفترة ما بين2011م حتي 2021م؟

وينبثق من هذا التساؤل عدة أسألة فرعية:

  • كيف نشأت وتطورت الأزمة في ليبيا؟
  • ما هي أهم الخلفيات والدوافع الداخلية لإندلاع الأزمة الليبية؟
  • ما هي أهم الخلفيات والدوافع الخارجية لإندلاع الأزمة الليبية؟
  • كيف أثرت الأزمة الليبية سياسيًا وأمنيًا علي الأمن القومي الجزائري؟
  • ما هي أهم التداعيات الإقتصادية والإجتماعية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري؟
  • كيف تعاملت الدولة الجزائرية مع التهديدات الناجمة عن الأزمة الليبية؟

للدراسة أهمية خاصة في المجال النظري العلمي والمجال العملي التطبيقي علي النحو التالي:

الأهمية العلمية النظرية:

تكمن الأهمية العلمية والنظرية لهذة الدراسة في الإسهام بإدراك طبيعة تأثيرعدم الإستقرار والتوتر في دولة ما علي الأوضاع الأمنية علي مستوي الدول المُجاوِرة لها,فضلًا عن فهم طرق الإستجابة من الدول المتأثِرة بالأزمة وحالة عدم الإستقرار في دول الجوار,وذلك من خلال اللجوء إلي نموذج دراسة الحالة والذي سيتم تطبيقه في هذة الدراسة علي مدي تأثر الدولة الجزائرية بالأزمة الليبية وطرق الإستجابة لها,كما تسهم هذة الدراسة في توضيح مستوي الترابط بين الأمن الداخلي للدولة وأمن الدول التي تقع في محيطها.

الأهمية العملية التطبيقية:

تكمن الأهمية العملية لهذة الدراسة في مساعدة صانعي القرار في الدولة الليبية للحد من إستمرار إشتعال فتيل الأزمة,وذلك من خلال تقديم رؤية لإعادة بناء الدولة الليبية بما يضمن الإستقرار الداخلي الذي ينعكس علي الإستقرار في الدول المحيطة وخاصةً الجزائر,فضلًا عن مساعدة صانعي القرار في الدولة الجزائرية علي التعامل والإستجابة الفعالة لتداعيات الأزمة الليبية,وزيادة الوعي بسبل معالجتها للحد من أثارها السلبية علي الأمن القومي الجزائري.

  • وهناك أسباب محددة دفعت الباحث لإختيار فترة ومكان الدراسة:

 

 

فتبدأ الدراسة في فبراير عام 2011 حيث كان هذا التوقيت الشرارة الأولي لإنطلاق الثورة الليبية التي نتج عنها أثار وتداعيات تهدد الأمن القومي لكثير من دول الجوار الليبي وخاصةً الجزائر,وتنتهي الدراسة في عام 2021 حيث أن في هذة الفترة زادت حدة التهديدات التي أفرزتها الأزمة الليبية علي الدولة الجزائرية خاصة مع تنامي حالة  العداء بين اللواء خليفة حفتر والسلطة الجزائرية,وتزامن مع ذلك محاولة جزائرية دبلوماسية لتسوية الأزمة الليبية.

كما وقع إختيار الباحث غلي دراسة الأزمة الليبيىة بالتحديد نظرًا لحدة تدهور الأوضاع السياسية في ليبيا,وتأثير الإضطرابات السياسية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية التي أفرزتها الأزمة الليبية علي دول الجوار,وتم إختيار دراسة وتحليل إنعكاسات هذة الأزمة علي الأمن القومي للدولة الجزائرية بالتحديد نظرًا لأنها تشترك مع ليبيا في حدود طويلة تصل إلي ما يقرب من ألف متر وذلك عرضها إلي كثير من التهديدات التي خلخلت أمنها القومي.

  • أهداف الدراسة:

تهدف هذة الدراسة إلي عدة أهداف رئيسية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

*التعرف علي خلفية الأزمة الليبية ونشأتها وتطوراتها المختلفة

 

 

*معرفة التداعيات التي خلفتها الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري

 

 

*تحليل الطرق المختلفة لإستجابة الدولة الجزائرية للأزمة الليبية والتعامل مع تداعياتها.

  • مراجعة الأدبيات السابقة:

في حقيقة الأمر,إن الإهتمام المتزايد بقضية التداعيات المختلفة للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري,وما تثيره من قضايا وإشكاليات,كان من بين الأسباب التي دفعت الكثير من الباحثين في علم السياسة,إلي تقديم أنواع مختلفة من الدراسات والأطروحات حول هذة القضية,وفيما يلي رصد لأهم المعالم والنتائج الرئيسة لهذة الدراسات,والتي يمكن تقسيمها إلي المحاور التالية:

المحور الأول:الدراسات التي تناولت مضمون الأزمة الليبية ودوافعها:

-1دراسة الباحثان صبري جبران الكرغلي,ويوسف محمد القماطي,بعنوان”ثورة 17فبراير:الدوافع الحقيقية للثورة والعوامل المساعدة لقيامها”([4]),وتدور الإشكالية البحثية لهذة الدراسة حول التعرف علي الأسباب الفعلية التي دفعت الموطنين الليبين للقيام بهذة الثورة,فضلًا عن ضرورة التعرف علي العوامل الأخري التي ساهمت أو كان لها دورًا أساسيًا في قيام هذة الثورة,وتطرق الباحثان لتحليل الدوافع الرئيسة التي دفعت المواطنين الليبين للقيام بالثورة,حيث إتضح أن الفساد الحكومي هو السبب الرئيسي في إندلاع الثورة,ويليه في الأهمية إنتهاكات حقوق الإنسان والضغوط الإقتصادية التي يعاني منها الشعب الليبي,كما تطرقت الدراسة إلي تحليل درجة نجاح ثورة 17فبراير,وإتضح أن الثورة نجحت نسبيًا,حيث تم تغيير نظام الحكم,وتحقيق التغيير,لكن لم يتم الحفاظ علي الأمن الداخلي ولم يتم القضاء علي الفتن الداخلية,وخلصت الدراسة إلي أنه كي يتم ضمان إستقرار الدولة الليبية بعد ثورة 17 فبراير لابد من معالجة الأهداف الرئيسية التي تسببت في إندلاعها,وفي حالة عدم وجود معالجة فعلية لهذة الأسباب ستستمر الدولة الليبية تعاني من عدم الإستقرار الداخلي.

 

 

-2دراسة مُعنونة ب”الأزمة الليبية:المفهوم والأبعاد”للدكتور مصطفي عبد الله أبو القاسم خشيم([5]),تهدف هذة الدراسة إلي البحث في مضمون الأزمة الليبية وتطوراتها وخصائصها المختلفة,حيث بدأت الثورة الليبية في مطلع عام 2011بدافع المطالبة بالحرية وعندما إستخدم العقيد القذافي القوة وقام بقمع المتظاهرين ظهر مطلب جديد للمتظاهرين وهو تغيير النظام السياسي القائم,ويمكننا أن نستنتج أن بداية الوضع في ليبيا عكَس وجود أزمة داخلية,فقمع العقيد القذافي للمتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالحرية والديمقراطية,جعل الثورة تتحول من كونها ثورة سلمية إلي ثورة دموية عنيفة,فمن أهم خصائص هذة الأزمة أنها تعكس سلسلة متصلة من الأحداث هي أقرب إلي الحرب منها إلي السلام,كما أنها عبارة عن أزمة وطنية داخلية مدعومة بقوي إقليمية وعالمية,ونتج عنها عدة أثار سلبية علي المستوي المحلي والإقليمي والعالمي,حيث زيادة حدة الإرهاب في الداخل,وإرتفاع وتيرة الهجرة إلي أروبا,فضلًا عن إرتفاع وتيرة الأزمات الوطنية كالأزمات الإقتصادية والمالية والإنسانية,وخلصت هذة الدراسة إلي أن هذة الأزمة لا تقتصر علي البعد السياسي فقط بل تمتد لتشمل أبعاد إقتصادية وأمنية وثقافية مثل أزمات السيولة والجهوية وخطاب الكراهية,كما أن هذة الأزمة أدت إلي خلق فراغًا سياسيًا داخليًا ساهم في إضعاف مؤسسات الدولة.

-3دراسة الباحث حسين يوسف القطروني المعنونة ب”الأزمة الليبية:التفكك البنيوي للسلطة وخيارات التسوية(2011-2021)”([6]),تسعي هذة الدراسة إلي تحليل الخلفية السياسية للأزمة السياسية الليبية,فضلًا عن التعرف علي خيارات التسوية للخروج من هذة الأزمة,فالخلفية السياسية للأزمة الليبية تتمثل في الإنقسام المؤسسي الداخلي,وتلاشي مؤسسات الدولة خاصة في ظل إنتشار الميليشيات المسلحة والصراع العنيف علي السلطة,ذلك بالإضافة إلي تضيق الخيارات بين الفرقاء السياسيين في ليبيا,أما فيما يخص خيارات تسوية الأزمة الليبية فتتمثل في وجود إتفاق سياسي وخيار تقاسم السلطة وهذا الإتفاق ينص علي الإلتزام بوقف إطلاق النار ومحاربة الإرهاب والتطرف في ليبيا فضلًا عن مكافحة الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية,أيضًا من ضمن خيارات التسوية هي المفاوضات الليبية حيث مرت بمرحلتين,الحوار غير المباشر بين الفرقاء السياسيين الليبيين برعاية الأمم المتحدة في عام 2014 لكن رفضت الجماعات المسلحة هذا الحوار,والحوار المباشر وفيه إقتنع الطرفان المتصارعان في ليبيا بضرورة اللقاء المباشر بينهما للتوصل لإتفاق سياسي ينهي الصراع القائم,وتم التوصل في نهاية هذا الحوار لإتفاق يتضمن حل سياسي لإنهاء الصراع بين الأطراف المتصارعة في ليبيا,وخلصت الدراسة إلي أن التركيبة البنيوية للسلطة السياسية في ليبيا في عهد القذافي كانت سلطة شمولية ذات طبيعة مركبة,إعتمدت دعائمها علي المكون الإجتماعي والإيديلوجي,لهذا فإن إنهيارها في 2011ترتب عليه إنهيار البنيان التابع لها بأكمله,وأن تدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة عن طريق تقاسم السلطة بين الفرقاء السياسيين زاد من تعميق الأزمة لا حلها.

-4دراسة فولفرام لاخر بعنوان”تصدعات الثورة الليبية:القوي الفاعلة والتكتلات والصراعات في ليبيا الجديدة”([7]),تسعي هذة الدراسة إلي تحليل القوي السياسية الجديدة التي تتواجد في ليبيا,حيث تتمثل هذة القوي في الجماعات المحلية والهيئات العشائرية التي خاضتا الصراع الثوري المسلح في ليبيا فضلًا عن بعض الكتائب الثورية,كما إزدادت قوة بعض الفئات التي كانت موجودة مسبقًا كتيارات الإسلاميين وذلك بفعل إستقطابها قوي جديدة ذات توجهات قومية,كما تطرق الباحث للتعرف علي التكتلات التي التي أصبحت مُهيمَنة علي الوضع السياسي في ليبيا بعد الثورة,حيث تتمثل هذة التكتلات في حزب تحالف القوي الوطنية وحزب العدالة والبناء وحزب الإخوان المسلمين,وهذة التكتلات أصبحت تتمتع بنفوذ كبير في المؤتمر الوطي العام في ليبيا بعد الثورة,ثم يشير الباحث إلي أهم التصدعات التي تنتاب الثورة الليبية وتتمثل في الصراعات بين القوي الإسلامية والنخب الإجتماعية المسيطرة علي الحياة الإقتصادية,وخلصت الدراسة إلي أن هذة التصدعات تهدد بتقسيم المدن والقبائل الليبية إلي منتصرين ومهزومين مما يزيد من الفرقة والإنشقاق السياسي الداخلي,كما أن هذة التصدعات قد تؤثر علي صياغة الدستور الليبي,فضلًا عن تأثيرها علي  عملية توزيع السلطة والنفوذ علي القوي الفاعلة علي المستويات المحلية.

5-دراسة مُعنونة ب”LIBYAN CRISIS AND ESCALATION OF CONFLICT AND INSECURITY IN AFRICA”“([8]),أعدها الباحث JIBRAN UBALE,تسعي هذة الدراسة إلي معرفة مضمون الأزمة الليبية وأحداثها المختلفة وتطوراتها,وتطرق الباحث لتحليل بنية النظام السياسي في عهد القذافي,حيث كان يتسم بإنتشار الفساد المؤسسي وإنتهاك حقوق الإنسان وهذا كان الدافع الأساسي لإندلاع الثورة ونشوب حرب أهلية داخل المجتمع المحلي الليبي وإزدياد وتيرة الأعمال العنيفة في الداخل الليبي,والذي زاد من التوترات السياسية آنذاك هو التعامل العنيف من قبل القذافي ضد المتظاهرين من خلال إستخدام المرتزقة لإخمادهم,وترتب علي هذة الثورة إنتشار الفوضي في البلاد وبروز تهديدات جديدة تضر الأمن الليبي والإفريقي حيث إنتشار الجماعات المسلحة وزيادة عدد الميليشيات المسلحة والعمليات الإرهابية في المنطقة وهذة التهديدات من شأنها الإضرار بالأمن القومي الليبي والتأثير علي بناء الدولة الليبية,وخلصت الدراسة إلا أن الأزمة الليبية تعد أخطر أزمة سياسية وإقتصادية تعرضت لها الدولة الليبية,فبعد إنهيار نظام القذافي هيمنت الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية علي مناطق واسعة من البلاد الأمر الذي أدي إلي مزيد من العنف,ذلك بالإضافة إلي توقف إنتاج النفط بشكل شبه كامل نتيجة الإضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد وكل هذة الأوضاع تهدد الأمن القومي الليبي.

هذا المحور أو الإتجاه قد تجاهل بعض الأسباب التي أدت إلي قيام الثورة والمتمثلة في عدم وجود مؤسسات سياسية حقيقية داخل الدولة الليبية,فالنظام السياسي في عهد العقيد القذافي كان يتسم بضعف التكوين المؤسسي,كما كان يتسم بالهلامية المؤسسية والتي كانت عليها ظاهرة المؤتمرات الشعبية بمستوياتها المختلفة,وهذا يعني أن القذافي كان يقوم بإستحداث كيانات تنظيمية تفتقر إلي أي مضمون حقيقي يطلق عليها إسم المؤتمرات الشعبية تدين بالولاء له,كما تجاهل هذا الإتجاه تحليل سبب رئيس في قيام الثورة وهو إنعدام العدالة وتسلط نظام القذافي وإنعدام وجود دستور,ولذلك ستسلط هذة الدراسة الضوء علي ضعف التكوين المؤسسي في ليبيا وإنعدام وجود دستور حقيقي وديمقراطية حقيقية في عهد القذافي بإعتبارها من أهم الأسباب التي أدت إلي إندلاع الثورة الليبية.

المحور الثاني:الدراسات التي تناولت الأمن القومي الجزائري وتهديداته:

1-دراسة الباحثة نعيمة موصر المُعنونة ب”الأمن القومي الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية:مقاربة لبناء عقيدة أمنية جزائرية”([9]),تسعي هذة الدراسة إلي الكشف عن التهديدات الداخلية والخارجية التي تواجه الأمن القومي الجزائري,ومحاولة تقديم أسس لبناء عقيدة أمنية جزائرية لتحقيق الأمن القومي الجزائري,وتطرقت الباحثة لدراسة وتحليل التهديدات الداخلية للأمن القومي الجزائري والتي تتمثل في تهديدات الإستقرار السياسي الداخلي,وتهديدات الأمن الإقتصادي,فضلًا عن تهديدات الأمن الإجتماعي,ثم إنتقلت لتحليل تهديدات الأمن القومي الجزائري في ضوء دوائره الإستراتيجية وتتمثل في تهديد الأمن القومي الجزائري في الدائرة المغاربية والمتوسطية ومنطقة الساحل الإفريقي,فضلًا عن تحليل إنعكاسات تلك التهديدات علي الأمن القومي الجزائري من الناحية السياسية والإقتصادية والإجتماعية,ثم إختتمت الباحثة هذة الدراسة بتقديم عدة إستراتيجيات لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية للأمن القومي الجزائري فضلًا عن تقديم أسس يتم من خلالها بناء عقيدة أمنية جزائرية,وخلصت الدراسة إلي أن العقيدة الأمنية الجزائرية شهدت تطورات عدة منذ الإستقلال أين كان التهديد خارجيًا ثم محليًا ثم إقليميًا ,وهذا جعل الجزائر تقع في مأزق صعب وهو تمزقها بين إنضمامها للمبادرات الأمنية وبين قدرتها علي الحفاظ علي مقاربة إستراتيجية أمنية مستقلة وهذا أمر صعب في ظل الإضطرابات التي تعصف بالمنطقة.

2- دراسة الباحث رياض بوزوب بعنوان”إستراتيجية الأمن القومي الجزائري:إدراك-تهديد-إستجابة”([10]),تسعي هذة الدراسة إلي معرفة العوامل المفسرة للمدركات الأمنية الجزائرية فضلًا عن التعرف علي كيفية تأثير هذة المدركات علي إستراتيجية الأمن القومي الجزائري,وتطرق الباحث لتحليل إستراتجية الأمن القومي الجزائري من منظور الهوية الثورية,حيث تطرق في هذا الصدد إلي تحليل العلاقة التفاعلية بين المرجعية الثورية وتشكيل الهوية الأمنية الجزائرية,ثم تطرق لتحليل مدركات التهديد الجزائرية تجاه الدولة المغربية بصفة خاصة,وكيف أثرت هويتها الثورية علي هذة المدركات,ثم قام الباحث بتحليل الإستراتيجية الأمنية الجزائرية من المنظور الأمني,وخلصت الدراسة إلي أن الدولة الجزائرية تدرك التهديدات الأمنية الجدية لكنها لا تدرك هويتها الأمنية الجديدة,لذا فتحتاج الدولة الجزائرية إلي أمننة خطابية تشرعن ممارسات تتجاوزمستلزمها الأخلاقي,فالتمسك بالمستلزم الأخلاقي قد يعيق تحقيق أمنها القومي,كما أن الدولة الجزائرية تقتنع فقط  بأن أمنها القومي يتمثل في خدمة هويتها الذاتية ولا تهتم بمصلحتها المرتبطة بخلق هوية جماعية إقليمية وهذا كله يؤثر علي الأمن القومي الجزائري.

3-دراسة مُعنونة ب”الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري”أعدها الباحث حسام حمزة([11]),تسعي هذة الدراسة إلي معرفة علاقة تأثر الأمن القومي الجزائري والمركب الأمني الجزائري بالتهديدات الجديدة والتقليدية,وتطرق الباحث لدراسة وتحليل التفاعلات الأمنية ضمن الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري وتأثيرها عليه وهي بالأساس الدائرتان المغاربية والأفريقية وتحديد موقع كل دائرة من الإهتمام الأمني والإستراتيجي الجزائري,ثم تطرق الباحث لتحليل علاقة التأثير والتـأثر بين الأمن القومي الجزائري والدائرة المتوسطية بمعناها الجيوسياسي,حيث أنه هناك روابط نشأت من مجموعة من العوامل الجيوسياسية والجيو أمنية تربط بين الأمن القومي الجزائري والدائرة المتوسطية,كما أنه يوجد هناك تهديدات دفعت الدولة الجزائرية للإهتمام بهذة الدائرة,وخلصت الدراسة إلي أن التهديدات المغاربية والإفريقية أثرت بشكل ملحوظ علي مدركات وسياستي الجزائر الأمنية والعسكرية علي الصعيدين القطري والإقليمي,أما فيما يخص الدائرة المتوسطية فنجد أن الدولة الجزائرية تحولت من شخصية المهدد إلي شخصية المعاون ثم الشريك الأمني لفواعل الشمال,كما أن الإستراتيجية الأمنية الجزائرية تأثرت بالمنهج الأمني التعاوني في سياق المسارات الأورومتوسطية.

4-دراسة الباحث عمار بالة بعنوان”التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري:مالي نموذجًا”([12]),وتهدف هذة الدراسة تحليل علاقة التهديدات القادمة من منطقة الساحل الأفريقي عامة ومالي خاصة بتهديد الأمن القومي الجزائري,وتطرق الباحث لدراسة وتحليل التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي  خاصة التهديدات الإنسانية وبصفة خاصة التهديدات القادمة من مالي حيث أزمة الطوارق والنزاع المسلح الذي قام في عام 2012 بين القوي الفاعلة في مالي,حيث شكلت هذة الأزمة أزمة الطوارق تهديدًا أمنيًا كبيرًا للأمن القومي الجزائري,كما تطرق الباحث للأليات التي تبنتها الدولة الجزائرية لإحتواء هذة الأزمة,وخلصت الدراسة إلي أن منطقة الساحل الأفريقي تعد بيئة خصبة ملائمة للتهديدات اللا تماثلية وهذا النوع من التهديدات يؤثر علي الأمن القومي الجزائري,حيث تعد تهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة السلاح من أهم التهديدات اللاتماثلية التي تواجهها الجزائر والمنطقة بأكملها,كما أن النزاع المسلح الذي إندلع في مالي بهدف إقامة دولة الطوارق في الشمال شكل تهديدًا قويًا للأمن القومي الجزائري,حيث يمكن أن تنتقل هذة الأفكار إلي الدولة الجزائرية فيترتب علي ذلك تهديد الإستقرار الداخلي وتهديد الأمن القومي الجزائري.

إهتم هذا المحور أو الإتجاه بالتركيز علي إيضاح شكل التهديدات سواء الداخلية أو الخارجية التي تهدد الأمن القومي الجزائري,لكنه تجاهل نسبيًا تحليل طرق تعامل الدولة الجزائرية مع هذة التهديدات وخاصة الطرق الدبلوماسية,كما تجاهل حالات تدخل الدولة الجزائرية لتسوية الأزمات التي تنشأ في دول الجوار والتي تمثل تهديدًا قويًا للأمن القومي الجزائري,ولذلك سنقوم بتسليط الضوء في هذة الدراسة علي طرق تدخل الدولة الجزائرية لتسوية الأزمة السياسية في الدولة الليبية كحالة دراسية.                                                           

المحور الثالث:الدراسات التي تناولت تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن القومي لدول الجوار بصفة عامة والأمن القومي الجزائري بصفة خاصة:                                              

1-دراسة للباحث علي محمد فرج النحلي بعنوان”الأزمة الليبية وتداعياتها علي دول الجوار(2011-2017)”([13]),تسعي هذة الدراسة إلي التعرف علي التأثيرات والتداعيات المختلفة للأزمة الليبية علي دول الجوار وخاصة مصر وتونس,فتطرق الباحث لتحليل الأسباب الأساسية لإندلاع الأزمة وخصائصها المختلفة حيث الضغوط الإقتصادية علي المواطنين الليبين وغياب العدالة في توزيع الموارد علي السكان,وتميزت هذة الثورة بسرعة التحول من المسار السلمي إلي المسار المسلح,وزادت عملية مقتل القذافي من تباطؤ عملية الإنتقال الديمقراطي في ليبيا,ثم قام الباحث بتحيل تأثيرات الأزمة الليبية علي كلًا من مصر وتونس,فإنخرطت تونس بصورة إجبارية في الحرب ضد العقيد معمر القذافي تحت ظل حكومة مؤقتة والتي فتحت الحدود أمام مئات الألاف من اللاجئين,مما أدي إلي حدوث أزمة لجوء سياسي في تونس,أما مصرفتواجه تهديدات كبيرة من قبل ما يحدث في ليبيا حيث ساهمت المساحات الصحراوية الشاسعة المشتركة بين الدولتين في إنتقال حالات الحرب والفوضي والجماعات الإرهابية المسلحة إلي الدولة المصرية وهذا أصبح يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي المصري,وخلصت هذة الدراسة إلي أنه هناك علاقة إرتباطية بين الداخل والإقليم حيث أن الإضطرابات التي توجد داخل ليبيا إنتقلت سريعًا إلي مصر وأثرت بشكل ملحوظ علي الدولة التونسية,كما أنه رغم إرتباط مصالح الدول الثلاث مصر وتونس وليبيا إلي أن التفاعلات الداخلية في ليبيا قد أحدثت حالة من الضبابية بين البلدان الثلاث.

2-دراسة الباحث محمد سليمان الزواوي بعنوان”التداعيات الإقليمية للأزمة الليبية”([14]),وتسعي هذة الدراسة إلي التعرف علي تأثيرات تفكك الدولة الليبية وإنتشار الميليشيات المسلحة بداخلها علي الأمن القومي لدول الجوار بصفة عامة,حيث تطرق الباحث لدراسة تأثير الأزمة الليبية علي الداخل الليبي وأمن دول الجوار حيث فقدان وإنهيار السلطة المركزية في ليبيا وما ترتب عليه من إنتشار الجماعات المسلحة الأمر الذي يهدد الأمن القومي الليبي والأمن القومي لدول الجوار وخاصة مصر حيث تخشي دول الجوار وخاصة مصر من تصدير السلاح اللليبي إلي داخلها,أيضًا تواجه دول الجوار تحديات أخري ناتجة عن الأزمة الليبية كالخوف من تصدير عسكرة الصراع السياسي اللليبي إلي هذة الدول حيث أصبحت ليبيا بيئة خصبة لنمو الميليشيات المسلحة  الإسلامية منها والقبليةِ خاصة أن هذة الميليشيات أصبحت تقوم بأدوار أمنية في ليبيا رغم أنها لا تعد جزء من الدولة,وخلصت الدراسة إلي أن الدولة الليبية بمثابة أزمة متراكبة الطبقات بتداعيات إقليميةقد تمتد إلي جميع دول جوارها سواء العربي أم جنوب الصحراء من خلال تهديدها للأمن الإقليمي والأمن القومي للدول المجاورة,كما تعد الدولة الليبية نموذجًا للأزمات الإقليمية التي ضربت بالمنطقة بعد العربيع العربي بأزمة قبلية,وأزمة حكم,بالإضافة إلي أزمة هوية ودولة,وإذا لم تتمكن الدولة الليبيبة من السيطرة علي الميليشيات بإختلاف إنتماءاتها وبناء الدولة وإستعادة الهوية الوطنية فإنها من المتوقع أن تصدر الأزمة لدول الجوار وهذا من شأنه تهديد الأمن الإقليمي بصفة عامة والأمن القومي لدول الجوار بصفة خاصة.                                                                                                        

3-دراسة الباحثة مباركة سليماني المعنونة ب”تداعيات الأزمة الليبية علي أمن الحدود الجزائرية”([15]),تهدف هذة الدراسة إلي الكشف عن طبيعة التأثيرات المختلفة للأزمة الليبية علي أمن الحدود الجزائرية,فضلًا عن الإستراتيجيات التي إتبعتها الدولة الجزائرية لتأمين حدودها في مواجهة تداعيات هذة الأزمة,حيث تطرقت الباحثة لتحليل التهديدات القادمة من ليبيا حيث الميليشيات المسلحة التي تتسرب من ليبيا إلي الحدود الجزائرية وما تحدثه من تخلخل للسلم الإجتماعي,فضلًا عن تنامي وإنتشار الجماعات والتنظيمات الإرهابية,بالإضافة إلي إنتشار معدل الجريمة المنظمة وتجارة السلاح والهجرة الغير شرعية,فكل هذة تهديدات ناتجة عن الأزمة الليبية تهدد الأمن القومي الجزائري,وإنتهجت الدولة الجزائرية إستراتيجية من خلالها يمكن إحتواء التهديدات الناتجة عن الأزمة الليبية وذلك من خلال تقديم  العديد من المبادرات السلمية لتسوية الأزمة الليبية دون التدخل العسكري,فضلًا عن نشر العديد من التعزيزات العسكرية علي طول الحدود مع الدولة الليبية,وخلصت الدراسة إلي أن الأزمة الليبية ساهمت في إفراز وضع أمني هش وإنكشافات أمنية علي الحدود وهذا من شأنه يهدد الأمن القومي الجزائري,كما أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية لإحتواء تداعيات الأزمة الليبية إلا أن هذة الجهود لم تكن كافية وعلي الجزائر تخصيص موارد مالية عسكرية إضافية لتطوير إستراتجيتها لتأمين حدودها في مواجهة التهديدات الناجمة عن الأزمة الليبية.

4-دراسة معنونة ب”الأزمة في ليبيا وأثرها علي الأمن القومي الجزائري” أعدها الباحث سحنين هيري([16]),وتسعي هذة الدراسة إلي معرفة تأثيرات الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري,فضلًا عن معرفة ردود الفعل الجزائرية تجاه الأزمة الليبية,وتطرق الباحث إلي دراسة وتحليل التأثيرات الأمنية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري حيث إنتشار الجماعات الإرهابية في ليبيا قد يؤدي إلي وقوع عمليات إرهابية في الجزائر ذلك بحكم التجاور الجغرافي بين البلدين,كما تطرق الباحث لتحليل التهديدات ذات الطابع الإجتماعي حيث زيادة وتيرة الهجرة غير الشرعية الأمر الذي من شأنه تهديد التماسك الإجتماعي داخل الدولة الجزائرية وتهديد هويتها,كما تطرق الباحث لتحليل المقاربات الجزائرية لحل الأزمة الليبية,حيث تطرق لدراسة دور الدبلوماسية الجزائرية في حل الأزمة الليبية حيث تتحاور الجزائر دبلوماسيًا مع كافة الأطراف المتصارعة في ليبيا بهدف الوصول لإتفاق يتضمن وقف النزاع الداخلي والخروج بمعادلة سياسية جديدة قائمة علي أساس أمني إستراتيجي لمنع تدفق الجماعات الإسلامية المتشددة إلي ليبيا,كما تقوم أيضًا علي إعادة بناء المؤسسات المختلفة في الدولة الليبية لتكون قادرة علي تأمين الحدود ومنع التدخلات الخارجية,وهذا من شأنه حماية الأمن القومي الجزائري,وتوصلت الدراسة إلي أن الأزمة الليبية شكلت تحديًا متعدد الأبعاد للأمن القومي الجزائري حيث الفراغ السياسي والأمني وما يحدثه من فقدان السيطرة علي الحدود الأمر الذي يؤدي إلي إنتشار وسيادة فوضي السلاح والميليشيات والجماعات المتطرفة وتمركزها علي الحدود بما يهدد الأمن القومي الجزائري,كما أن الأزمة الليبية دفعت الجزائر للتدخل سلميًا لحل الصراع القائم في ليبيا بدلًا من التدخل الخارجي الذي يقوم بدوره بتعميق الأزمة والذي يعد تهديدًا إضافيًا لأمنها القومي.

5-دراسة للباحثة علياء محمد عبد الجواد بعنوان”تأثير الأزمة الليبية علي الأمن القومي لدول شمال أفريقيا:الجزائر نموذجًا(2011-2020)”([17]),وتهدف هذة الدراسة إلي التعرف علي إنعكاسات الأزمة الليبية علي الأمن القومي لدول شمال أفريقيا بصفة عامة وعلي الجزائر بصفة خاصة,وتطرق الباحث لتحليل التهديدات الأمنية القادمة من ليبيا علي الأمن القومي الجزائري حيث يمثل تهديد صعود الجماعات المتشددة في ليبيا وما صاحبه من تخوف إنتقال المتطرفين وعملياتهم داخل الدولة الجزائرية  أخطر أنواع التهديدات التي تؤثر علي الأمن القومي الجزائري,ذلك فضلًا عن التدخل الأجنبي لحل الأزمة الليبية وما يصاحبه من خلق تهديدات للسلم الأهلي في الداخل الجزائري,حيث أن هذا الوجود قد يعرض الدولة الجزائرية لعمليات تجسس علي تحركات الجيش الوطني الجزائري,جميع هذة التهديدات دفعت الدولة الجزائرية إلي زيادة إنفاقها العسكري لتعزيز الإنفاق علي قوات حرس الحدود لتأمين حدودها مع الدولة الليبية,وبعد إندلاع الحرب الأهلية في ليبيا عام2014 بدأت الدولة الجزائرية تدعم تقديم مبادرات لتسوية الأزمة سلميًا وقامت الجزائر أيضًا بالتعاون مع دول عربية كالدولة المغربية لإستضافة جزء من الحوار في منطقة الصخيرات لمحاولة التوصل لإتفاق لوقف الصراع في ليبيا بما يضمن الحفاظ علي الأمن القومي الجزائري,وخلصت هذة الدراسة إلي أن الدولة الجزائرية إستطاعت الحد من التهديدات الأمنية الناجمة عن الأزمة الليبية من خلال تعزيز دور الرقابة من قبل الجيش الوطني الجزائري حيث ساهم ذلك في الحد من إمتداد تأثيرات الأزمة الليبية داخل الجزائر,كما أن الدور الجزائري لحل الأزمة الليبية سلميًا من خلال التسوية لم يكن كافيًا لإحداث التأثير المطلوب,الأمر الذي جعل التأثير الجزائري محدود خاصة في ظل إتباع الدولة الجزائرية للحياد بين الأطراف المتصارعة في ليبيا.

6-دراسة الباحثة يسري أوشريف المعنونة ب”تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن في الجزائر”([18]),تهدف هذة الدراسة إلي التعرف علي التأثيرات المختلفة للأزمة الليبة علي الأمن القومي الجزائري خاصة في ظل تصاعد وتفاقم هذة الأزمة,وتطرقت الباحثة لدراسة الإنعكاسات الصلبة للأزمة الليبية علي الأمن الجزائري المتمثلة في تهديد الحدود الجزائرية,حيث أن الجزائر تشترك في حدود شاسعة مع ليبيا وذلك يعرض حدودها للإختراق من عدة منافذ برية وهذا التهديد يصاحبه تهديد إقتصادي يهدد الدولة الجزائرية حيث يصاحب تهديد الحدود ضرورة إنفاق الجزائر لمبالغ مالية باهظة لتأمين حدودها ونشر تعزيزات عسكرية علي حدودها الأمر الذي يثقل علي الخزينة العامة للدولة الجزائرية,أيضًا من ضمن التهديدات ويعد أخطرها هو تمدد تنظيم الدولة الإسلامية وإنتشاره علي الحدود الجزائرية حيث من المعروف عن هذا التنظيم أنه يستهدف الدولة الجزائرية وهذا من شأنه تهديد الأمن القومي الجزائري,ذلك بالإضافة إلي أن الدولة الجزائرية إزاء هذة التهديدات تواجه تهديدًا خطيرًا ألا وهو إحتمالية التورط في التدخل العسكري في ليبيا لحل الأزمة ومحاولة الحد من التهديدات التي تواجهها من قبل هذة الدولة,أما فيما يخص الإنعكاسات اللينة للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائرفتتمثل في تأثر الدولة الجزائرية بما يحدث في ليبيا من موجة إصلاحات مبكرة فأصبح الشعب الجزائري يطالب بمثل هذة الإصلاحات,ذلك فضلًا عن التأثير علي مناخ الإنتخابات الرسمية في الجزائر التي تم عقدها في 2012 حيث أن هذة الإنتخابات أُجريت في ظل أوضاع إقتصادية وإجتماعية مؤثرة نتيجة التوترات في ليبيا وذلك أثر بشكل ملحوظ علي العملية الإنتخابية في الجزائر,كما تطرقت الباحثة للحديث عن المقاربات الجزائرية لإحتواء الأزمة الليبية سلميًا,وخلصت الدراسة إلي أن إستمرار تدهور الأوضاع في ليبيا قد يدفع الجزائر إلي التدخل العسكري لحل الأزمة للحفاظ علي أمنها القومي,كما أن الجزائر تشهد مستقبلًا أمنيًا مظلمًا نتيجة إشتعال كافة حدودها ورهان كافة الدول العربية علي دورها في حسم الأزمات المشتعلة بجوارها خاصة الأزمة الليبية وهذا يكلف الجزائر إستراتيجيًا وعسكريًا وإقتصاديًا.

رَكَز هذا المحور علي تحليل الإنعكاسات الأمنية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري بصورة أساسية فضلًا عن تحليل بعض الإنعكاسات الإجتماعية والسياسية,لكنه تجاهل تحليل الإنعكاسات الإقتصادية والثقافية,لذلك ستسلط هذة الدراسة الضوء علي بعض الإنعكاسات الإقتصادية والثقافية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري.                               

منهاجية الدراسة:

اللجوء إلي إستخدام المناهج في الدراسات البحثية يعتبر مطلبًا أساسيًا وذلك من أجل الوصول إلي محاولة حقيقية لتقديم تفسير مقبول لموضوع الدراسة ومما سبق فسيتم الإعتماد علي “منهج تحليل النظم لديفيد أستون” لتحليل التفاعلات في البيئة السياسية في ليبيا وإنعكاس الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري,ويقوم منهج تحليل النظم علي عدة إفتراضات أساسية أهمها:([19])

-النظام السياسي كوحدة أساسية للتحليل ويضم وحدات أو أنظمة فرعية,ويشهد عملية تحويل بمعني التفاعلات والأنشطة التي تتحول من خلالها المدخلات والمؤثرات في بنية النظام إلي مخرجات وقرارات وسياسات.

-مدخلات ومخرجات النظام,والذي تقع ضمن بيئة يفصلها عنها وعن النظم الأخري حدود,وإن كان هذا لا يمنع أو يحول دون قيام علاقات تأثير متبادل بين النظام السياسي والنظم الأخري, أو بينه وبين البيئة المحيطة.

-التغذية الراجعة كعملية تربط المكونات الثلاثة:المدخلات والمخرجات والبيئة وتقوم بعملية الإبقاء علي النظام وحفظ وجوده وإستمراريته في مواجهة التغيير.

كما حدد ديفيد أستون عدة خصائص وسمات للنظام السياسي أهمها:([20])

-خصائص مرتبطة بتحديد النظام السياسي ومكوناته والعلاقة بينها,في شكل وحدات وحدود ومدخلات ومخرجات,وتمايز وتكامل داخل النظام

-النظم السياسية ذات طبيعة تكيفية,فالنظم يجب أن تمتلك القدرة علي الإستجابة للتوترات والإضطرابات والظروف المحيطة بها,والمؤثرات البيئية,وقد تقع النظم السياسية تحت تأثير ضغوط متغيرات جوهرية.

-تصم النظم عناصر تمثلها التصرفات والأفعال السياسية,ويقوم بهذة التصرفات أعضاء النظام السياسي,وكل هذة السمات تقود إلي المخرجات السياسية والتي تشير إلي القرارات أو تصرفات السلطات والسياسات التي تقوم بإتخاذها.

وسيتم تطبق هذا المنهج علي فصول الدراسة,ففي الفصل الأول تمثل مدخلات النظام السياسي حالات القمع الذي كان يقوم بها نظام القذافي والتدهور الإقتصادي الذي كانت تعاني منه البلاد,فهذة المدخلات دخلت تفاعلت مع النظام السياسي الليبي وكان المخرج الأساسي هو  الثورة الليبية 17 فبراير 2011 وإنهيار النظام السياسي الليبي بقيادة القذافي ,وفيما يخص الفصل الثاني فتتمثل المدخلات الأساسية للنظام السياسي الجزائري في الإنعكاسات الأمنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية للأزمة الليبية,فعلي سبيل المثال إختراق الحدود وما صاحب ذلك من فوضي إنتشار السلاح الليبي علي الحدود الجزائرية الليبية وتمدد نشاط الجماعات الإرهابية ووصولها للحدود الجزائرية الليبية,فهذة المدخلات نجد أنها تفاعلت مع النظام السياسي الجزائري فببدأ النظام يستشعر الخطر مُتأثرًا بالبيئة الداخلية(في الجزائر) والخارجية (السياق العام في المنطقة المحيطة بالدولة الليبية), وبناء علي ذلك بدأ في إتخاذ إجراءات عدة لمواجهة هذة التهديدات وكانت هذة الإجراءات متمثلة في الإستجابة الدبلوماسية الجزائرية للأزمة الليبية من خلال تنفيذ عدة مبادرات للتوفيق بين الفرقاء الليبين كمحاولة سلمية لتسوية الأزمة الليبية,وهذا يمثل المخرج الأساسي الناتج عن تفاعل إنعكاسات الأزمة الليبية مع النظام السياسي الجزائري,ويتضح لنا هذا في الفصل الثالث من الدراسة.

  • خطة الدراسة:

تم تقسيم هذة الدراسة إلي ثلاثة فصول رئيسة,يتناول الفصل الأول طبيعة الأزمة الليبية وذلك من خلال ثلاثة مباحث رئيسية,فتم تخصيص المبحث الأول للإطار النظري العام للدراسة,أما المبحث الثاني تم تخصيه للحديث عن نشأة وتطور الأزمة الليبية,أما المبحث الثالث فتم تخصيصه لمناقشة الأسباب والدوافع المختلفة للأزمة الليبية.أما الفصل الثاني فيكمن في توضيح إنعكاسات الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري,وذلك من خلال مبحثين رئيسيين,الأول يكمن في توضيح الإنعكاسات الأمنية والسياسية,أما الثاني يتضمن الإنعكاسات الإجتماعية والإقتصادية,ويعكف الفصل الثالث علي مناقشة الإستجابة الجزائرية للأزمة الليبية من خلال مبحثين رئيسيين,الأول يتناول طبيعة العقيدة الأمنية الجزائرية ومرتكزاتها,أما الثاني يناقش المبادرات الجزائرية لتسوية الأزمة الليبية,وإستنادًا علي ما سبق فإن التصور المقترح لهذة الدراسة كما يلي:

الفصل الأول:طبيعة الأزمة الليبية

المبحث الأول:الإطار النظري للدراسة

المبحث الثاني:نشأة وتطور الأزمة الليبية

المبحث الثالث:دوافع وخلفيات وأبعاد الأزمة الليبية

الفصل الثاني:إنعكاسات الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري

المبحث الأول:الإنعكاسات الأمنية والسياسية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري

المبحث الثاني:الإنعكاسات الإقتصادية والإجتماعية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري.

الفصل الثالث:إستجابة الدولة الجزائرية للأزمة الليبية:

المبحث الأول:طبيعة العقيدة الأمنية الجزائرية(إستراتيجيتها ومرتكزاتها)

المبحث الثاني:الدبلوماسية الجزائرية في تسوية الأزمة الليبية(المقاربات والمبادرات)

الفصل الأول : طبيعة الأزمة الليبية

  • المبحث الأول:الإطار النظري العام للدراسة
  • المبحث الثاني:نشأة وتطور الأزمة الليبية
  • المبحث الثالث:دوافع وخلفيات ونتائج الأزمة الليبية

مقدمة:

تعد الثورة الليبية التي إندلعت في فبراير 2011إحدي ثورات فترة الربيع العربي,حيث أن معظم هذة الثورات تشابهت في أسباب نشوبها والتي كان أساس معظمها هو المعاناة الإقتصادية لشعوب هذة الدول وفساد أنظمتها,إلا أن الثورة الليبية جاءت علي شكل مختلف في العديد من الجوانب,حيث إتسمت الثورة بالتناقض بين حجم ما تملكه الدولة من موارد نفطية علي سبيل المثال والمعاناة الإقتصادية للمواطنين,كما أن الثورة الليبية تميزت بسرعة التحول من المسار السلمي للمسار المسلح,حيث شهدت الدولة الليبية العديد من الصراعات الداخلية التي تحولت لحروب أهلية دموية بين المواطنين تستوجب تدخل قوي دولية لمنعها حفاظًا علي أرواح المدنيين.وفي هذا الفصل سنستعرض نشأة وتطور الأزمة الليبية وأسبابها المختلفة.

المبحث الأول:الإطار النظري للدراسة:

إقترابات دراسة الأمن القومي:

أولًا:المقاربة البنائية:

بدأت المقاربة البنائية في الظهور في حقبة ما بعد الحرب الباردة  وظهور تأثير كبير للمعايير والثقافات والهويات والقيم في حركة العلاقات الدولية,فتتبني المقاربة البنائية فرضياتها علي أساس البعد القيمي,ففوضي النظام الدولي ووجود التهديدات الأمنية هي بمثابة معطيات تصورية,فالأمن عبارة عن بنيان إجتماعي يشتمل علي مجموعة من التفاعلات القيمية وتداخل الهويات مع الثقافات والتي توجه سلوك الدول نحو مصالحها.([21])

يعد إلكسندر وانت أول من وضع إفتراضات لمقترب البنائية,ومن أهم هذة الإفتراضات أن عملية الأمن هي عملية بنيان يتشكل في بادئ الأمر في الخطاب السياسي واللغة عن طريق بناء التهديدات داخل الأفكار ثم تأخذ هذة التهديدات شكل التعميم الأنطولوجي,وتصبح واقعًا تتعامل معه الدولة علي أنه واقع مادي,كما أنه من أهم ما جاء به الإقتراب البنائي هو التأكيد علي أمن الدولة كغاية مثلي تهدف لها السياسات الأمنية,فالأمن القومي لم يصبح محل خلاف,لكنه توسع وإمتد ليشمل جوانب أخري كخلق ثقافة إجتماعية تضع مواطني الدولة الواحدة في تضامن شبه دائم,فالإقتراب البنائي ينظر للأمن من مختلف التهديدات التي يمكنها التأثير علي البناء الإجتماعي والسياسي للدولة.([22])كما يرتكز الأمن القومي وفقًا للإقتراب البنائي علي مفهوم الفوضي,حيث أن الفوضي تعد من أهم الأفكار التي تحاول الدولة ترسيخها في خطاباتها وتفاعلاتها اللغوية حتي تكتسب التأثير والقوة.([23])

ثانيًا:المقاربة البنيوية (الإتجاه التوسيعي للأمن):

مدرسة كوبنهاجن:

مع نهاية الحرب الباردة إنتشرت نقاشات نظرية عدة تتمحور حول ضرورة توسيع الأجندة الأمنية مفاهيميًا,وكانت مدرسة كوبنهاجن من أكبر المتجاوبين مع هذا الطرح,حيث عمدت إلي توسيع مفهوم الأمن مستمدة أصولها التنظيرية في العلاقات الدولية من كتاب المنظر باري بوزان بعنوان”الناس,والدول,والخوف,إشكالية الأمن القومي في العلاقات الدولية”,فحاولت هذة المدرسة مراجعة مفهوم الأمن بعيدًا عن التصورات النيوواقعية التي تتمحور حول القوة العسكرية,وتضمين أبعاد جديدة للأمن.([24])

فساهمت تحليلات باري بوزان في توسيع مجال البحث في الدراسات الأمنية إلي قطاعات جديدة سكانية أو هوياتية أو بيئية وغيرها,وذلك من خلال إدخال موضوعات مرجعية جديدة أو وحدات تحليل جديدة بخلاف الدولة,مثل المجتمع أو الأمة أو الجماعة أو حتي الفرد.([25])تفترض مدرسة كوبنهاجن أنه بفعل العديد من الظواهر المستحدثة كالعولمة وتدفقات الهجرة وخاصة الهجرة الغير شرعية يصبح المجتمع أكثر تهديدًا,كما تصبح الهويات داخل الدول مُهدَدة فيكون خوف الدولة المرتبط بإنعدام الأمن ناتج عن التهديد بضياع القيم الثقافية للمجتمع,ومما سبق فالأمن الإجتماعي يكون مرادف للبقاء الهوياتي أي أن كل ما يهدد بقاء الأمة والعرقيات المختلفة داخل الدولة والجماعات الدينية يعتبر قضية أمن قومي.([26])

ويري باري بوزان أن اللاأمن يعكس عمل التهديدات والإنكشافات بصورة مشتركة علي إعتبار أنهما مفهومان مرتبطان بمفهوم الأمن القومي,وذلك يعني أنه يمكن لسياسة الأمن القومي أما أن تتجه نحو الداخل لتقلل من إنكشافات الدولة ذاتها,إما أن تتجه نحو الخارج لتقوم بتقليص التهديد الخارجي من خلال مواجهة مصادره.([27])

تؤكد هذة المدرسة أو الإتجاه التوسيعي للأمن أن ما يهدد أمن وسلامة الدول في الوقت الحالي لا يمكن مواجهته بالوسيلة العسكرية,حيث تم تبني نظرة شمولية للأمن,فقامت هذة المدرسة بمراجعة مفهوم الأمن بعيدًا عن الإفتراضات الواقعية التي تتمحور حول الجوانب العسكرية في مواجهة التهديدات الأمنية المختلفة,فقدم باري بوزان رائد مدرسة كوبنهاجن “5” أبعاد جديدة للأمن وهي:([28])

-أولًا:البُعد العسكري:وهذا البُعد يخص الجوانب العسكرية(التهديد العسكري بالإعتداء والتصدي لهذا النوع من الإعتداء يكون من خلال إستخدام الوسيلة العسكرية أيضًا).

-ثانيًا:البُعد السياسي:ويشير هذا البُعد إلي الاستقرار السياسي والتنظيمي للدولة,أي الهيكل التنظيمي للدولة من مؤسسات وغيرها.

-ثالثًا:البُعد الإقتصادي:وهذا البُعد يتعلق بالمجال الإقتصادي من موارد تتمتع بها الدولة ويجب الحفاظ عليها وعدم إهدارها.

رابعًا:البُعد الإجتماعي:يتعلق بقدرة المجتمعات علي المحافظة علي خصوصياتها في الهوية والثقافة واللغة والعادات والتقاليد.

خامسًا:البُعد البيئي:ويشير هذا البُعد إلي ضرورة المحافظة علي المحيط الحيوي للدول الذي تتوقف عليه كل الأنشطة الحيوية.

ففي حقيقة الأمر الأمن لا يقتصر علي التحرر فقط من التهديدات والتحديات العسكرية التي تمس سيادة الدولة وسلطتها ووحدتها الإقليمية,بل يمتد ليشمل الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي أيضًا,بإعتبار أن الأمن متعلق بدرجة كبيرة بالإستقرار الداخلي بقدر إرتباطه بالعدوان الخارجي.([29])

ونلاحظ في هذا الصدد أن الأزمة الليبية وما أفرزته من تهديدات سياسية وأمنية وإقتصادية وإجتماعية علي المنطقة المغاربية بصفة عامة وعلي الدولة الجزائرية بصفة خاصة تتطلب تبني المفهوم التوسيعي للأمن الذي أشارت إليه مدرسة كوبنهاجن,فالأزمة الليبية لم تفرز تهديدات علي المستوي العسكري والأمني فقط,بل إمتدت التهديدات التي أفرزتها لتشمل التهديدات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وغيرها,كما أن الدولة الجزائرية لم تتعامل مع هذة التهديدات من خلال تبني الإسلوب العسكري,بل تبنت الإسلوب الدبلوماسي لحل الأزمة من خلال محاولات التوفيق بين الفرقاء الليبين لمحاولة الحد من تفاقم الأزمة الليبية.

المبحث الثاني:نشأة وتطور الأزمة الليبية:

  • نشأة الأزمة الليبية(نشأة الحراك الليبي 2011):

كان العقيد القذافي قد أعلن في نهايات عام 2010عن رفع القيود الإدارية المفروضة علي التونسيين الراغبين في السفر والعمل بليبيا,كما أمر بمعاملتهم كمواطنين ليبيين,ونجد أن هذا الإعلان كان بمثابة محاولة منه لمنع تفاقم الوضع في تونس وتدهوره الأمر الذي قد يرتب ثورة شعبية تطيح بالنظام الحاكم في تونس وإمكانية أن تنتقل الثورة إلي ليبيا للإطاحة بنظام العقيد القذافي([30]),وعلي الرغم من نجاح الثورة التونسية إلا أن العقيد معمر القذافي أعلن في أوائل عام 2011عن دعمه للرئيس المخلوع(زين العابدين بن علي),وذلك بين مدي خوف العقيد القذافي من أن يكون مصيره كمصير زين العابدين وإنتقال الحراك إلي ليبيا([31]),كما قام القذافي بالتشكيك في وطنية الثوار التونسيين خوفًا من إمتداد الحراك إلي ليبيا,وذلك لأن ليبيا لا تنفصل عن الواقع التونسي والمصري,حيث أن موجة التحول الديمقراطي التي شهدتها مصر وتونس والتي دفعت إلي إسقاط نظام زين العابدين في تونس وحسني مبارك في مصر كان لها الأثر في التعجيل من إنتقال موجة التحول الديمقراطي إلي ليبيا,وبدأ المواطنون الليبيون في الخروج إلي الشارع في شكل إحتجاجات للمطالبة بإسقاط نظام العقيد القذافي ولإحداث التغيير المنشود والتحول نحو الديمقراطية في بلادهم.([32])

  • تطور الأزمة الليبية(تطور حراك 2011من كونه حراك سلمي إلي مسلح)

يمكننا القول أن الحراك الشعبي في ليبيا بدأ منذ إعتقال الناطق الرسمي بإسم رابطة شهداء سجن (أبو سليم)والذي يدعي(المحامي فتحي تربل)في 15 فبراير 2011 من قبل المدير العام للإستخبارات العسكرية عبد الله السنوسي والذي يُعد من الدائرة المقربة للرئيس القذافي,وهذا الحدث أدي إلي تكوين أول حشد للشعب الليبي أمام مركز شرطة نتج عنه وقوع عدة إعتداءات علي المتظاهرين,وأذاعت العديد من القنوات الفضائية هذا الحدث مما أثار شدة غضب الرأي العام,فخرج الليبيون في 17 فبراير 2011في شوارع مدينة (بنغازي)والتي تعد معقل المعارضة الليبية تاريخيًا,وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين,ثم إنتقل هذا الإحتجاج إلي سائر أنحاء الشرق الليبي وبعض أجزاء الغرب كطرابلس ومصراتة,وبعدها أصدر العقيد معمر القذافي خطاب يعلن فيه نيته عن معاقبة المتظاهرين في هذة الإحتجاجات بأقسي عقوبة من خلال كتائبه الأمنية عبر إستعمال القوة المفرطة ضدهم,لكن هذا الخطاب لم يضعف إرادة الثوار من مواصلة إحتجاجهم بل زادهم إصرارًا علي مواصلة التظاهر والإحتجاج بل وأدي إلي تعميق درجة الغضب لدي غالبية أفراد الشعب.([33])

بدأ الشباب بعد ذلك في تكوين فرق عسكرية لتتحول فيما بعد الإحتجاجات من الطابع السلمي إلي الطابع المسلح ,ونجح الثوار والمعارضة في فرض سيطرتهم علي الشرق الليبي,وبعد ذلك أعلنوا فيه قيام الجمهورية الليبية بقيادة المجلس الوطني الإنتقالي,وحاولت الحكومة الليبية إقامة مؤتمر شعبي عام لإجراء حوار وطني للنظر في الدستور,بالإضافة إلي إقرارها مجموعة من القوانين كقانون الصحافة والمجتمع المدني,وذلك لإمتصاص غضب وسخط الشعب الليبي,إلا أن  محاولاتها باءت بالفشل,فبدأ  الشعب الليبي يطالب برحيل القذافي عن السلطة الليبية وإسقاط نظامه,وواجه القذافي هذا المطلب بالرفض التام والوعيد للمعارضين والمتظاهرين بالعقوبات,وبعدها بدأت صفوف القيادات العليا في الجيش الليبي تنشق لتنضم إلي المعارضة الليبية,ثم أصبحت الدولة الليبية تعاني من المشهد التي قد عانت منه معظم البلدان العربية التي عصفت بها موجة الربيع العربي,وهو مشهد الحرب الأهلية الدامية.([34])

  • أزمة مايو-يونيو 2014 وتطوراتها:

في هذة الفترة كانت تعيش الدولة الليبية في ظل حرب أهلية مريرة تكمن جذورها الأساسية في توازن الضعف بين الفصائل السياسية والجماعات المسلحة,ففي حقيقة الأمر كان الصراع في ليبيا في هذا الوقت صراعًا داخليًا خالصًا,وهذا الصراع يعكس حالة من الإنقسام الشديد بين طرفين متحاربين تمثلهما سلطتان متنافستان,هما حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج المُعترف بها دوليًا والتي تستند إلي دعم ميليشيات المدن الغربية وميليشيات إسلامية في العاصمة طرابلس وجماعة الإخوان المسلمين فضلًا عن بعض القبائل الجنوبية,ذلك في مقابل سلطة الجنرال خليفة حفتر في شرق ليبيا,والذي تسيطر قواته التي تطلق علي نفسها إسم”الجيش الوطني الليبي”علي المناطق الشرقية وبعض المناطق الجنوبية في البلاد وتحظي بدعم البرلمان القائم في مدينة طبرق,كما يحظي حفتر بدعم واسع من قبل قطاعات واسعة من الجيش الليبي والقبائل الشرقية بالإضافة إلي جماعات مسلحة في غرب وجنوب ليبيا.([35])

وأصبحت الدولة الليبية بعد ذلك منقسمة بين معسكرين متحاربين هما”عملية الكرامة”الذي يقودها الجنرال خليفة حفتر,وهي عبارة عن تحالف يتكون من قبائل المنطقة الشرقية وأنصار الفيدرالية والوحدات العسكرية الساخطة,في مقابل “عملية فجر ليبيا”وهي عبارة عن تحالف من القوي الإسلامية المتحالفة مع جماعات مسلحة من مصراتة,وكل معسكر يدعي شرعيته وأنه يملك الحق في الحكم,كما أن كل معسكر له داعميه الإقليميين,فكانت مصر والإمارات تدعم معسكر الكرامة,بينما كانت تدعم قطر والسودان وتركيا معسكر فجر ليبيا.([36])

وتكمن جذور هذة الأزمة في بداية الهجمات المسلحة علي مدينة بني غازي في منتصف أبريل وأوائل مايو 2014لكن هذة الهجمات لم تقوم بإحداث أي إختراق سياسي وعسكري بسبب محدودية الكيانات المسلحة التي تنتمي إلي عملية الكرامة,بالإضافة إلي قلة التأييد الشعبي للدور السياسي للعسكريين,وفي منتصف مايو 2014وقعت ثلاثة إشتباكات بين تشكيل مسلح أطلق عليه”الجيش الوطني”,وبين كتائب تابعة لهيئة الأركان ككتائب 17فبراير وواف الله الساحاتي ودرع ليبيا,وأنصار الشريعة,وتُعد هذة الإشتباكات هي الأكثر تأثيرًا في مستقبل الفترة الإنتقالية في ليبيا,فهذة الإشتباكات دارت في النطاق العمراني لمدينة بنغازي الليبية وإستهدفت مجموعات الجيش الوطني لإحكام السيطرة علي قاعدة”بنينة الجوية” وتفكيك معسكرات كتيبة 17فبراير عن طريق الغارات الجوية,لكن لم تستطع قوات الجيش الوطني تحسين أوضاعها في مدينة بنغازي,فالإضطرابات العسكرية التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس في هذا الوقت تُعد إنعكاسًا واضحًا للخلافات حول توجهات المؤتمر الوطني العام والسيطرة علي العاصمة أو المراكز الحيوية بها ومستوي المشاركة في الحكومة.([37])

وبعد ذلك إتجهت غالبية المجالس العسكرية في المدن الليبية إلي إستعراض قوتها المسلحة,وهذا يشير إلي إستعداد مختلف الأطياف للمضي في الحلول العسكرية,ولكن مع إختلاف ما بين من يرونه حلًا أساسيًا وبين من يرونه الحل الأخير,فإتجه الجيش الليبي الحر إلي إعتبار الحسم المسلح خيارًا وحيدًا,لكن الميليشيات المسلحة سواء تحت مظلة الدولة الليبية أو خارجها تري أهمية وضرورة منح الوسائل السلمية فرصة لتسوية الأزمة وتهدئتها.([38])

ونجد أن الخيارات والتحركات العسكرية تسببت في تعدد المواجهات والصراعات العسكرين بين  حكومة الوفاق الوطني المدعومة بجماعات إسلامية وقبلية مسلحة,وقوات الجيش الوطني الليبي الحر بقيادة الجنرال خليفة حفتر وسعي كل منهما إلي حسم الصراع عسكريًا,وقد بدأت عجلة العمليات العسكرية تتصارع منذ إبريل 2019حيث أعلن الجنرال خليفة حفتر بدء عملياته العسكرية لتحرير مدينة طرابلس,وزحف الجيش الوطني الليبي لإنهاء سيطرة حكومة الوفاق الوطني علي طرابلس,وحقق حفتر حتي نهاية عام 2019عدة إنتصارات متتالية وإقترب بشكل ملحوظ من العاصمة طرابلس بعدما سيطر علي معظم المناطق المهمة إستراتيجيًا غرب ليبيا,لكن جاء التدخل التركي في ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني ليشكل حجر عثرة أمام حفتر للسيطرة علي طرابلس.([39])

المبحث الثالث:دوافع ونتائج الأزمة الليبية:

أولًا:دوافع الأزمة الليبية:

  • الدوافع الداخلية للأزمة الليبية:

في حقيقة الأمر تتعدد الدوافع والأسباب الداخلية المؤدية لإندلاع الأزمة الليبية وأهمها:

أولًا:الدوافع  السياسية:

يعد الحكم المطلق للعقيد القذافي والذي دام ما يقرب من 42عام منذ تنفيذه لإنقلاب علي الملك إدريس الأول السنوسي في عام 1969 هو الشرارة الأولي لإندلاع الإحتجاجات الليبية منذ بداية عام 2011,فساهم الحكم المطلق للعقيد القذافي في إيجاد بيئة مناسبة للقمع,فلم يكن هناك تواجد لأي حزب سياسي سواء في السلطة أو المعارضة([40]),وإتبع القذافي نظام اللجان الشعبية بحجة إعطاء الحكم للشعب([41]),كما أنه إستند طوال فترة حكمه علي نظام حكم مبني بالأساس علي القواعد القبلية وإنشاء مؤسسات غامضة تدعي الثورية من خلال إتباعه نظام مكنه وحده أن يكون صاحب السلطة من دون أن يتوجب عليه تأدية أي واجبات([42]),فكان حكمه حكمًا ديكتاتوريًا خالصًا كما كان مُميزًا بكل مؤشرات فساد الحياة السياسية وتدميرها من شن حملات إعتقال وزيادة وتيرة الإختفاءات القسرية والتعذيب وحملات الإعدام والمحاكمات الصورية أمام المحاكم السياسية بحق الرموز السياسية والشعبية,ذلك بالإضافة إلي إنتهاك حق الشعب في حرية التعبير عن رأيه قاصدًا بذلك قمع أي منافسة ممكنة قد تولد حالة من الإحتقان الشعبي ضده,كما فرض منهجًا مغلقًا علي الشعب الليبي في الحياة والفكر يتمثل في”الكتاب الأخضر”وتقلباته المتناقضة في السياسة والعلاقات مع الأخرين.([43])

كما كان يتميز نظام العقيد القذافي بالقمع الأمني من خلال اللجان الثورية الذي قام بتشكيلها والذي إمتدت لخارج ليبيا لتقوم بقمع كل من يخالف نظام العقيد القذافي,وهذا أدي إلي وصف نظام العقيد القذافي بأنه نظامًا قمعيًا خالصًا في الداخل ونظام إرهابي في الخارج,وذلك يرجع إلي التجهيل السياسي والقيم القبلية العصبية التي تربي عليها العقيد القذافي في ظل نظرته للدولة بوصفها نظام أمني مخابراتي  دورها الأساسي العمل من أجل تمكين شخص الحاكم ومساعدته في تحقيق هيمنته وسطوته علي البلاد.([44])

كل هذة العوامل جعلت الدولة الليبية واحدة من أكثر الدول المقيدة سياسيًا في العالم نتيجة النظام الديكتاتوري الصارم الذي إتبعه العقيد القذافي,وزاد ذلك من حدة الإحتقان الشعبي ودفع كل هذا الشعب الليبي إلي الخروج في تظاهرات وإحتجاجات واسعة منذ بداية فبراير 2011للإطاحة بنظام العقيد القذافي وبناء نظام جديد قائم علي قيم الديمقراطية والعدالة الإجتماعية.

ثانيًا:الدوافع الإقتصادية والإجتماعية:

وفقًا لتقارير الأمم المتحدة فالدولة الليبية لها إنجازات كبيرة في مجالات التنويع الإقتصادي,حيث تم نشر تقرير لصندوق النقد الدولي في عام 2007 أشاد بالسلطات الليبية لإنجازاتها في مجال التنويع الإقتصادي والسلعي,وأشار هذا التقرير إلي النمو الملحوظ في إنتاج النفظ بقيمة (4,7%(في عام 2006وعلي الرغم من  ذلك شهد عام 2007 والأعوام  التالية عليه زيادة ملحوظة في معدلات التضخم السنوي,فبدأ يعتقد الشعب الليبي أنه منذ إستيلاء العقيد معمر القذافي علي السلطة منذ عام 1969والدولة الليبية تعاني من ضياع فرص عديدة كانت قد تساهم في نهضة الشعب الليبي وتقدمه,فكان العقيد القذافي يعتمد علي نظام الحكم الشخصي والذي يعتمد بشكل أساسي علي توزيع كمية كبيرة من ثروات الدولة الليبية علي عائلته والمقربين منه وأتباعه,وهذا أدي إلي حرمان عدد كبير من المواطنين الليبين من الحصول علي عوائد الثروة في بلادهم,بل وعمد القذافي علي إستخدام هذة الثروات في شراء أنصار يدينون بالولاء له,وقمع المعارضة.([45])

فبالتالي لَعِب التفاوت الكبير في توزيع الثروات الذي كرسه نظام العقيد معمر القذافي دورًا هامًا في إزدياد غضب الشعب الليبي,فعلي الرغم من الثراء النسبي التي تتمتع به الدولة الليبية نتيجة الفوائض المالية والنفطية,فهناك حالات كبيرة من التفاوت في توزيع الثروات وذلك نتيجة استئثار الدائرة المقربة من العقيد القذافي بهذة الموارد المالية والنفطية.كما لَعِب الفساد دورًا هامًا في تحفيز الشعب الليبي علي الإحتجاج علي نظام العقيد القذافي,حيث أن الإنفتاح علي الغرب وتدفق الإستثمارات الأجنبية للمشاركة في مشروعات البنية التحتية زاد من تفاقم وضع الفساد في الدولة الليبية,حيث تزامن مع هذا الإنفتاح حديث واسع عن إمكانية بيع الممتلكات العامة للقطاع الخاص وهذا ما أثار قلق ومخاوف كثيرة للطبقات العمالية والطبقات الإجتماعية الدنيا والمتوسطة بفعل تسارع وتيرة الإنفتاح وإنتشار الغلاء,وعلي الرغم من محاولات النظام في ملاحقة هذا الغلاء من خلال زيادة الأجور والرواتب فإنه لم ينجح في ذلك بفضل إنتشار الفساد.([46])

كما لَعَب عامل التغير الديموجرافي دورًا أساسيًا في تصعيد الإحتجاجات السياسية ضد نظام العقيد القذافي,حيث كانت الدولة الليبية تشهد زيادة ملحوظة في شريحة الشباب الذي لم يكن مستعدًا لقبول التناقضات بين الشعارات والسياسات التي نشأ عليها والتي تؤكد علي قيم التشاركية والعدالة الإجتماعية وملكية الشعب وبين واقع يناقض ذلك تمامًا في ظل سياسات الإنفتاح والخصخصة التي هددت قطاعات كبيرة من هؤلاء الشباب.فكل هذة العوامل ساهمت في دفع عدد كبير من الليبيين للخروج في حركات إحتجاجية وصلت إلي حد الصدام مع نظام العقيد القذافي وأنصاره في بداية فبراير 2011.([47])

  • الدوافع الخارجية للأزمة الليبية:

من أهم الأسباب والدوافع الخارجية للحراك الليبي في عام 2011هو إختزال العقيد القذافي السياسة الخارجية للدولة الليبية في شخصه وتوجهاته وأيدلوجياته,إلي الحد الذي أضعف فيه الأطر المؤسسية في عملية صنع السياسة الخارجية,كما إنه إنتهج سياسة تتميز بالتصادم والعداء مع بعض الدول التي تخالف توجهاته,ووصلت هذة الصدامات إلي حد الإشتباكات العسكرية مع هذة الدول,كالإشتباك العسكري مع مصر في السبعينات ومحاربة تشاد وتنزانيا([48]),كما يعد أيضًا من أهم الأسباب التي أدت إلي إندلاع الحراك الليبي في 2011هو دعم نظام العقيد القذافي للإرهاب دوليًا وذلك من خلال دعمه للمنظمات العسكرية المتطرفة والمصنفة ضمن قائمة أخطر منظمات إرهابية دولية مثل الألوية الحمراء في إيطاليا والجيش الجمهوري في إيرلندا,وهذا أدي إلي تصنيف الدولة الليبية كدولة إرهابية في النظام الدولي الأمر الذي كلف الدولة الليبية كثيرًا فقطعت الكثير من الدول علاقاتها الدبلوماسية بالدولة الليبية.([49])

كما كانت رغبة العقيد القذافي بإعلان الإنسحاب الليبي من الإرتباط بالدولار واليورو والتخلي عن النظام المصرفي العالمي وسلطة الإحتياطي الفيدرالي للذهب الأمريكي من ضمن أسباب إندلاع حراك 2011 حيث أصبح ذلك يشكل تهديدًا واضحًا للإقتصاد العالمي المبني علي النظام المصرفي الحالي وذلك جعل القوي الرأسمالية تقوم بتدبير العديد من المؤامرات للإطاحة بنظام العقيد القذافي,ثم بدأت موجة التدخلات الغربية  ضد نظام العقيد القذافي للإطاحة بنظامه نهائيًا ولتصفية الحسابات معه علي مدي (42)عام قضاها بالحكم مُتبَعًا سياسات عدائية ضد سياسات الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي أدي لإدراج الدولة الليبية كأحد الدول الراعية للإرهاب وذلك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1979,ويتضح هنا أن نظام العقيد القذافي حمل في ثناياه بذور إنهياره منذ إتباعه سياسة العداء الصارم ضد سياسات الدول الغربية ولاسيما الأمريكية.([50])

ثانيًا:نتائج الأزمة الليبية علي الداخل الليبي:                                                          

في حقيقة الأمر منذ سقوط نظام العقيد القذافي في ليبيا وأصبح الوضع الأمني في الداخل الليبي يعاني من التدهور,فأصبح هناك درجة كبيرة من الإنفلات الأمني وإنتشار السلاح وتعدد الكتائب المسلحة التي تعمل وفقًا لأجندات متباينة,كل ذلك في ظل عدم وجود توافق سياسي يساعد في مواجهة موجة العنف والتطرف العنيفة التي شهدتها البلاد,ومن أكثر النتائج والتداعيات السلبية التي خلفتها الأزمة الليبية علي الداخل الليبي والتي أثرت بعد ذلك علي أمن الدول المجاورة ما يلي([51])

أولًا:إنتشار السلاح والمتاجرة به:حيث يشكل إنتشار السلاح العامل الأساسي في حالة الإنفلات الأمني التي تشهده الدولة الليبية,ويشكل هذا التحدي عقبة كبري في وجه الجهاز القضائي وإجراءات العدالة ونشر الأمن كما أنه يقلل من هيبة الدولة الليبية سواء في الداخل أو حتي في الخارج,كما أنه يؤثر تأثيرًا ملحوظًا علي دول الجوار الليبي وخاصة الدولة الجزائرية التي يربطها حدود طويلة مع ليبيا,فأدي ذلك إلي تشكيل تحديًا كبيرًا للدول المجاورة للدولة الليبية خاصة الجزائر خوفًا من إنتقال السلاح إليها.خاصة أنه سبق لمتشددين إسلاميين الإستيلاء علي مجمع”أن أمناس”في الجزائر للغاز الطبيعي.([52])

ثانيًا:تمدد تنظيم الدولة الإسلامية”داعش“:ففي سياق الفوضي الطاحنة التي تسببت فيها الأزمة الليبية كان من الطبيعي ظهور جماعات متشددة ومتطرفة تتمتع بالتسليح الكامل من الظهور علي الساحة السياسية ومن أهم هذة الجماعات والتنظيمات هو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”,ذلك بالإضافة إلي أن الفوضي التي أعقبت سقوط نظام العقيد القذافي ساهمت في نمو وظهور جماعات جهادية  أخري متشددة مرتبطة بالسلفية الجهادية,فمثل هذة المناخات تخلق جاذبية لنموذج الدولة الإسلامية وقابلية إستنساخه وتطبيقه في العديد من المجتمعات والدول المجاورة,أو حتي إمكانية تمدده ووصوله للدول المجاورة,وهذا الأمر الذي يشكل تحديًا كبيرًا للدول المجاورة للدولة الليبية وخاصة الجزائر.

خاتمة:

كانت لحظة إندلاع الثورة الليبية في 17 فبراير 2011 بمثابة لحظة التفجير للحرب الأهلية الأولي بداخلها والتي إنتهت بمقتل الرئيس السابق معمر القذافي,وخلال هذة الحرب وفي الفترة التي أعقبتها مباشرة,بدت ملامح الوضع الجديد في ليبيا والذي صاحبها وإستمر معها طوال العشر سنوات اللاحقة للحرب,حيث إنهارت مؤسسات الدولة وإنهارت سلطة الدولة المركزية المُوحدة, وصاحب ذلك حالة من الإنفلات الأمني التي صاحبها فوضي إنتشار السلاح ونشوب صراع علي الحكم من قبل مراكز حكم متعددة,ومنذ عام 2014دخلت الدولة الليبية في مسار جديد مع إعلان اللواء خليفة حفتر إنطلاق عملية الكرامة لمواجهة التنظيمات المسلحة المعروفة بإسم”فجر ليبيا”,وجاءت عملية حفتر مدعومة بدول عربية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة,بينما كانت عملية فجر ليبيا مدعومة من دول أخري مثل قطر وتركيا والسودان,ثم تصاعد الصراع في ليببا وبدأ يأخذ طابع المواجهة الأهلية بين طرفين,أحدهما في الشرق والأخر في الغرب,وذلك ضمن سياق ومناخ إقليمي جديد.

الفصل الثاني : إنعكاسات الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري

  • المبحث الأول:الإنعكاسات السياسية والأمنية
  • المبحث الثاني:الإنعكاسات الإقتصادية والإجتماعية

مقدمة:

في حقيقة الأمر تعددت التأثيرات التي خلقتها الأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري,وذلك بسبب كون ليبيا تمثل إمتدادًا وعمقًا جغرافيًا للدولة الجزائرية,حيث يتشارك البلدين الحدود الممتدة نحو ما يقرب من ألف كيلو متر,ذلك بالإضافة إلي كون الجزائر قد عرفت تجربة إضطراب وعدم إستقلال خلال الفترة(1990-2002),حيث أصبحت مُعرضة لوقوع إنقسامات مجتمعية تشبه الإنقسامات المجتمعية التي أصبحت تتواجد بكثرة في الحالة الليبية,ونلاحظ أن هذة التهديدات جاءت ما بين المستوي الأمني المباشر,والمستوي السياسي,فضلًا عن المستوي الإجتماعي والإقتصادي,وذلك بالتزامن مع حالة الفوضي وإنهيار مؤسسات الدولة في ليبيا وإنتشار السلاح الليبي علي الحدود الليبية الجزائرية,بالإضافة إلي فقدان القدرة علي ضبط هذة الحدود,وتزايد عدد الفاعلين والمتدخلين خارجيًا,فكل هذة التأثيرات أصبحت تؤثر بشكل ملحوظ علي إستتباب الأمن والإستقرار في الدولة الجزائرية وأصبحت هذة التهديدات بمثابة جرس إنذار للدولة الجزائرية للنهوض والمشاركة في وقف هذة التأثيرات أو محاولة الحد منها من خلال تنفيذها لعدة مبادرات  تمثل حلولًا للأزمة الليبية للحد من تأثيرات تفاقم الأزمة علي أمنها القومي.

المبحث الأول:الإنعكاسات الأمنية والسياسية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري:

تمتد الحدود الجزائرية مع الحدود الليبية علي طول ما يقرب من ألف كيلو متر,وهي حدود صحراوية سهلية مفتوحة,ما يجعل البلدين مفتوحين جغرافيًا علي بعضهما البعض,هذا بالإضافة إلي تداخل كلًا من البلدين مع دولة مالي في الجنوب والتي شهدت تصاعدًا ملحوظًا في نشاط الجماعات المتشددة والإرهابية وشهدت أيضًا صراعًا أهليًا بداية من عام 2012,وهذا يعني أن هناك سهولة كبيرة في إنتقال الأفراد والجماعات المتشددة الإرهابية التي تحمل السلاح بسهولة بين البلدان الثلاثة,في حالة عدم توافر مستوي عالي من الرقابة والحماية والضبط للحدود.([53])

فبالعودة إلي تاريخ العلاقات بين البلدين ليبيا والجزائر نلاحظ أن البلدين يمتلكان تاريخًا متداخلًا,وكان الثابت فيه تأثر الجزائر بالعمق الشرقي للدولة الليبية ,وذلك بداية من الدور البارز الذي أدته ليبيا في تقديم الدعم والإعانة والمساعدة للجزائريين إبان الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي,وذلك من خلال تنسيق عمليات نقل السلاح إلي الثوار الجزائرييين,حتي أحداث العشرية السوداء وتوتر العلاقات بين البلدين بسبب تقديم النظام الليبي للدعم للجماعات الإسلامية في الجزائر,كل ذلك  يؤكد مدي شدة التأثيرات الأمنية التي تقع علي الأمن القومي الجزائري بسبب تفاقم الأزمة الليبية وعدم وجود إستقرار حقيقي في الدولة الليبية([54]),فتبرز التهديدات الأمنية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري في عدة نقاط يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

أولًا:الإنكشاف علي الحدود الشرقية للجزائر:فتتحمل الدولة الجزائرية عبئًا أمنيًا ضخمًا نتيجة طول حدودها البرية مع الدولة الليبية وذلك قد يعرض الدولة الجزائرية إلي إحتمالات كثيرة لإختراق حدودها مع ليبيا وفي مناطق أخري في منطقة الساحل الإفريقي خاصة علي حدود دولة مالي وذلك في ظل غياب التغطية الأمنية والعسكرية من الجانب الليبي الذي أصبح مصدرًا للتهديد بدلًا من أنه كان في السابق مصدرً للمساهمة في تأمين الحدود,وذلك ما فرض علي الدولة الجزائرية أعباء إضافية في ظل عجز باقي دول الجوار وخاصة تونس عن المساعدة في تأمين الحدود.([55])

ثانيًا:تجارة السلاح وتهريبه:فشهدت الدولة الليبية بعد إنهيار نظام القذافي الذي خلق حالة من الإنفلات الأمني حالة من فوضي تهريب السلاح بسبب نهب مخازن السلاح الليبي من قبل الميليشيات الليبية المسلحة وهو الأمر الذي أصبح يهدد أمن المنطقة بأكملها وخاصة الأمن القومي للدولة الجزائرية. والتي تشهد من فترة لأخري محاولات عدة لإدخال الإسلحة إلي أراضيها عن طريق الحدود الليبية,فقد تمكن الجيش الجزائري علي سبيل المثال من إحباط العديد من المحاولات التي تستهدف نقل وتهريب السلاح إلي الأراضي الجزائرية , فوجود ما يقرب من 100 فصيل وميليشيًا مسلحًا في ليبيا لا يحتكمون إلي سلطة مركزية يجعل الدولة الجزائرية وأمنها القومي في موضع تهديد أمني وعدم إستقرار. ([56])

ثالثًا:تزايد نشاط وتهديدات الجماعات الإرهابية في ليبيا:وتتمثل هذة التهديدات خاصة في تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام”داعش” وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي,حيث أصبحت الدولة الليبية بمثابة عامل جذب للمقاتلين الأجانب من مختلف الجنسيات العربية والإسلامية والأفريقية المختلفة,كما هو الحال في كافة الدول التي شهدت توترات وإضطرابات وصراعات داخلية,وقد قُدِر عدد المقاتلين الأجانب حسب تقرير أعده معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني بحوالي من (2700-3500)مقاتل أجنبي في الفترة ما بين (2011-2017)سواء كانوا منضمين إلي جماعات إرهابية أو الذين حاولوا الإنضمام ,ففي حقيقة الأمر يعتبر ملف المقاتلين الأجانب بالنسبة للدولة الجزائرية بمثابة تهديدًا أمنيًا وسياسيًا خطيرًا يهدد أمنها القومي وإستقرارها الوطني,خاصة بعد تراجع وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية”داعش”في سوريا والعراق,حيث أصبحت وجهة المقاتلين سواء العودة إلي بلدانهم أو التوجه إلي ليبيا التي تقع ضمن دول الجوار الجزائري,وذلك بالتزامن مع إعادة تنشيط تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة,كما تشكل تحالفًا قويًا بين التنظيمين داعش وتنظيم القاعدة,وأصبح التحالف بين التنظيمات الإرهابية بمثابة فرصة للمقاتلين لإعادة بعث نشاطهم الإرهابي بين المنظمات الإرهابية وأحيانًا بين الميليشيات العسكرية التي أصبحت متواجدة بقوة ولها مناطقها الخاصة([57])

أدي تزايد نشاط الجماعات الإرهابية في ليبيا بالإضافة إلي تزايد نشاط الجماعات ذاتها في مالي إلي تخوف الدولة الجزائرية من إضطراب أمنها القومي خوفًا من إنتقال السلاح إلي أراضيها,حيث كانت ليبيا تشهد إنتشارًا ملحوظًا للسلاح وحالة عارمة من الفوضي الداخلية,كما كانت تشهد حالة من الفراغ السياسي منذ عام 2011,فكما سبق القول تشكل لدي صانعي القرار في الجزائر تخوف كبير من إنتقال وتهريب السلاح إلي أراضيها بما يمثل تهديدًا كبيرًا لأمنها القومي,ذلك بالإضافة إلي تخوف الجانب الجزائري من عودة ودخول الإرهاب إليها مجددًا كما كان الوضع خلال سنوات العشرية السوداء في عقد التسعينيات,خاصةً في ظل قرب عدد كبير من المصالح الإستراتيجية الجزائرية مثل حقول النفظ والغاز والشركات العالمية العاملة هناك من الحدود الليبية.وقد تحققت هذة المخاوف بالفعل ففي عام 2013شن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هجومًا علي منشأة”عين أميناس”للغاز في الجزائر,وقام المهاجمون بإحتجاز رهائن أجانب وجزائرين معًا في المنشأة قبل أن تتصدي لهم قوات من الجيش الجزائري.([58])

رابعًا:زيادة حدة الصراع الليبي وتطوره:أدي تزايد حدة الصراع اللليبي وتطوره وما صاحبه من تدخلات خارجية إقليمية ودولية وعالمية من قبل العديد من الدول إلي خلق تهديد للسلم الأهلي في الداخل الجزائري,ويأتي في مقدمة ذلك تأثيرات التدخلات علي المستوي الإقليمي متمثلة بشكل أساسي في التدخلات القطرية والإماراتية.فإتخذت التدخلات الدولية في ليبيا والتي إنطلقت منذ إنطلاق عمليات حلف الناتو في ليبيا في التاسع عشر من مارس 2011شكل االتدخلات العسكرية وهذا يرتب تداعيات أمنية خطيرة علي الجانب الجزائري,فوجود قوي دولية وإقليمية علي الحدود الجزائرية يعرض الدولة الجزائرية إلي محاولات من التجسس علي تحركات المؤسسات الأمنية والعسكرية الجزائرية كالجيش الجزائري علي سبيل المثال وبرامج تسلحه,كما أن تتابع التدخلات الخارجية العسكرية من قبل قوي دولية متعددة كفرنسا وروسيا وتركيا وما يصاحب هذة التدخلات من إرسال مقاتلين غير نظاميين مثل “قوات فاغنر الروسية” و”المقاتلين السوريين”الذين نقلتهم تركيا لدعم القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية ,بالإضافة إلي أن ما صاحب هذة التدخلات من إرسال خبراء عسكريين من تركيا علي سبيل المثال لقوات حكومة الوفاق فضلًا عن تمركز وتأسيس وتطوير قواعد عسكرية من قبل دول عدة مثل الإمارات وتركيا وفرنسا إلي تحول الدولة الليبية إلي ساحة تتصارع فيها القوي الدولية,وذلك يعني تزايد التهديد الأمني للدولة الجزائرية لأن الدولة الليبية تمثل عمقًا حيويًا وإستراتيجيًا للدولة الجزائرية وترتبط بمصالحها وأمنها القومي بشكل مباشر.([59])

خامسًا:مخاطر الهجرة غير الشرعية ومشكلة اللاجئين والنازحين الفارين من ليبيا:ففي حقيقة الأمر منذ بداية الأزمة الليبية وإنتشار الفوضي وعدم إستتباب الأمن والإستقرار في ليبيا ويتوافد اللاجئون والنازحون من ليبيا إلي دول الجوار فرارًا من تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية,فمنذ بداية الأزمة الليبية وتزايدت أعداد النازحون واللاجئون الليبيون في الجزائر زيادة ملحوظة بالرغم من غلق الحدود البرية الجزائرية,فقد أحصي الهلال الأحمر الجزائري وجود أكثر من خمسين ألف لاجئ ليبي أغلبهم وصل إلي الأراضي الجزائرية من خلال المعابر الحدودية ويستقرون في المدن الشرقية الجنوبية كمدينة ورقلة وأدسوف,وعملت الدولة والسلطات الجزائرية علي خلق مناخ يتسم بالإستقرار لهؤلاء اللاجئين,حيث تم إنشاء مراكز إيواء للعائلات الليبية,ويتم دعم هذة العائلات بشكل منتظم,كما قدمت الحكومة الجزائرية مساعدات كثيرة للمدن الليبية في غات وغدامس وأوباري,وحسب تقارير المفوضية السامية لشؤن اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن الجزائر أصبحت مرشحة للتحول إلي الوجهة الأولي للنازحين واللاجئين الليبيين مع وجود إحتمالات لتنامي أعداد اللاجئين والنازحين الليبين في الجزائر إلي ما يقرب من 3.5 مليون لاجئ ونازح ليبي,فمن المُلاحظ في هذا الصدد أن الدولة الجزائرية لا تستقبل فقط لاجئين من ليبيا بل تستقبل كل الفارين من النزاعات المسلحة في ليبيا,فمن الممكن أن يكون هؤلاء الفارين ينتمون لجماعات إرهابية أو يحملون السلاح مما يشكل خطورة علي الأمن القومي الجزائري.([60])

المبحث الثاني:التداعيات الإقتصادية والإجتماعية للأزمة الليبية علي الأمن القومي الجزائري:

في حقيقة الأمر لم تقتصر التهديدات التي تسببها الأزمة الليبية للأمن القومي الجزائري علي المستويين الأمني والسياسي فقط,بل تمتد إلي المستويين الإقتصادي والإجتماعي أيضًا,فنظرًا لطول الحدود الجزائرية مع ليبيا والتي تصل إلي ما يقرب من ألف كيلو متر فإن ذلك يتطلب من الدولة الجزائرية أن تزيد من قدراتها المالية والمادية والبشرية لتأمين حدودها,وقد ألقت الأزمة الليبية بظلالها علي الموازنة العسكرية للدولة الجزائرية,فقد تم الإعلان عن خطة لتطوير القوات البرية وإقتناء تجهيزات متطورة لمراقبة الحدود وتأسيسها علي هذا السياق,فبالتالي تم رفع ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية وأجهزة الأمن ووزارة الداخلية إلي 15 مليار دولار وذلك في عام 2012أي بمعدل زيادة 6 مليار دولار عن الموازنة السنوية التي قررها قانون المالية الجزائري لعام 2012,كما قامت الدولة الجزائرية في عام 2014 بالتزامن مع الحرب الأهلية التي إندلعت في الجوار الليبي لما تشكله من تهديد علي أمنها القومي بزيادة ميزانيتها إلي ما يقرب من 12 مليار دولار بما يعادل 7%من الدخل الوطني,وهذا يفسر بشكل واضح أن إستمرار التهديدات الناجمة عن الأزمة الليبية وإستمرار وجود أزمة في حد ذاتها في الجوار الليبي وعدم إحتوائها سيؤدي إلي إستنزاف للميزانية الجزائرية المخصصة للدفاع وهو ما يؤدي بصورة مباشرة إلي نقص في مقدرات الميزانية في القطاعات الأخري كالتعليم والتنمية والصحة علي سبيل المثال,وفي هذا الصدد يمكننا التدليل بمثال وهو التداعيات الإقتصادية  السلبية التي عادت علي الجانب الجزائري بسبب إستمرار تفاقم الأزمة الليبية,فإن أزمة الرهائن في تغنتورين التي تسببت فيها الأزمة الليبية وإنتشار الفوضي في ليبيا أثر بشكل ملحوظ علي الجانب الإقتصادي للدولة الجزائرية,فبعد هذا الهجوم قامت 500 شركة فرنسية بالجزائر تعمل في مجال إستخراج النفظ بمغادرة الحدود الجزائرية ,حيث بدأت شركة”جي سي سي”اليابانية وشركة”بيتروفاك”الإنجليزية بترحيل عمالها من الجزائر كإجراءات أمنية ووقائية  إلي غاية تهدئة الوضع في الجزائر وخوفًا من التهديدات الإرهابية الناجمة عن الأزمة الليبية والتي إنعكست علي الدولة الجزائرية,فقد تسبب هذا الهجوم علي منطقة تغنتورين وإحتجاز الرهائن في  تحمل الجزائر ما يقرب من 44 مليون دولار لإعادة تأمين المواقع النفطية وتزويدها بأحدث وسائل المراقبة والرصد وهذا كان مطلب من مطالب الشركات الأجنبية للعودة إلي العمل في الجزائر مرة أخري وذلك خوفًا من عمليات القتل والإختطاف علي الحدود الليبية الجزائرية([61])

كما أن مستوي الفوضي العارمة التي تشهدها الدولة الليبية نتيجة عجز السلطة المركزية عن تحقيق الأمن وزيادة الإنكشاف عبر الحدود, الأمر الذي قد يؤدي إلي تأثيرات إقتصادية سلبية علي الجانب الجزائري حيث أصبحت الجزائر في ظل الأزمة الليبية والتهديدات الناجمة عنها تعاني من عدم توازن في التنمية والنمو فضلًا عن تعطيل حركة النمو والتنمية,وإرتفاع نسب التضخم والركود بالإضافة إلي تراجع الإستثمارات الأجنبية والتأثير علي قطاع النفط خاصة بعد عملية الهجوم علي منشأة تغنتورين النفطية وما أعقبها من أثار سلبية جسيمة علي الإقتصاد الجزائري,فمن المُلاحظ أن المصادر النفطية أصبحت الأن تحت سيطرة الجماعات الإرهابية في ليبيا والتي أصبحت تتاجر بها بطرق غير شرعية وهو الأمر الذي يقوم بدوره بتعميق الأزمة النفطية في الجزائر ويؤثر علي القطاع الإقتصادي بصورة مباشرة في الجزائر([62])

كما أن ما أفرزته الأزمة الليبية من سيطرة الإسلاميين علي إقليم الأزواد الذي أعقبه التدخل الفرنسي في مالي كلف الدولة الجزائرية أكثر من ملياري دولار كدعم لوجيستي فقط للجيش يشمل النفقات كالنقل والطعام وإنشاء مراكز مراقبة جديدة علي الحدود,ونجد أن ذلك أثر تأثيرًا ملحوظًا علي الميزانية المالية للجزائر ففي الوقت التي تزيد فيه الجزائر من معالجة المشكلات الإقتصادية والإجتماعية في الداخل الجزائري وتحقيق قفزة نوعية في مجال التنمية أصبحت تفكر في كيفية إستغلال ميزانيتها لحماية الأمن القومي الجزائري ومواجهة التهديدات الناجمة عن الحرب في ليبيا,وذلك لأنه لا وجود لتنمية في ظل غياب الأمن فالأمن والتنمية عمليتان مترابطتان.([63])

كما أن المستويات المرتفعة من الهجرة للنازحين واللاجئين الفارين من ويلات الحروب الأهلية في ليبيا واللاإستقرار في وطنهم الليبي تسببت في التأثير بشكل ملحوظ علي القطاع الإقتصادي في الجزائر,فحسب تقارير المفوضية السامية لشؤن اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومؤسسة”راند” للأبحاث الأممية والإستراتيجية الأمريكية المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأمريكية”البنتاغون”فالدولة الجزائرية في عامي”2015-2016″تُعتبر أكثر الدول في منطقة الساحل الأفريقي التي شهدت تدفقًا كبيرًا في معدلات الهجرة بداخلها,وهذا الأمر أثر بشكل ملحوظ علي الجانب الإقتصادي في الجزائر فيما يخص الفرص الإقتصادية والنهوض بالتنمية.([64])

كما نلاحظ أيضًا في هذا الصدد أن إستمرار تفاقم الأزمة الليبية قد أدي إلي زيادة التهديدات الإجتماعية علي الجانب الجزائري,فقد شهدت الجزائر عدة إحتجاجات مماثلة لما حدث في ليبيا,الأمر الذي أصبح يهدد الأمن الجزائري والإستقرار الإجتماعي والمجتمعي في الدولة الجزائرية,فزادت الإحتجاجات في الجزائر منذ إندلاع الأزمة الليبية خاصة في المناطق الجنوبية في ولايات الجنوب الجزائري مثل ورقلة وغرداية وساهمت هذة الإحتجاجات في تهديد السلم بالإضافة إلي زعزعة الإستقرار والأمن القومي الجزائري,خاصة أن هذة الإحتجاجات إمتدت إلي الولايات الشمالية في الجزائر,والجدير بالذكر أن معظم هذة الإحتجاجات كانت بهدف تحسين الأوضاع الإجتماعية للمواطنين الجزائريين.([65])

تتمثل أيضًا التهديدات الإجتماعية التي أثرت علي الأمن القومي الجزائري نتيجة للأزمة الليبية في إمكانية إمتداد مكونات إجتماعية قبلية بين البلدين كما هو الحال في حالة”قبائل الطوارق”,فقد برزت بشكل واضح في أعقاب الأزمة الليبية خطورة حركة تحرير الأزواد في شمال مالي,والتي تُعد حركة إنفصالية عمادها من قبائل الطوارق,وهو ما يعني بالنسبة للجزائر إمكانية بروز مطالبات بالتوسع الإنفصالي للطوارق إلي الداخل الجزائري بإعتبارها مناطق إمتداد للطوارق,كما أن بروز خطر تفكيك الدولة الليبية وتقسيمها وفقًا لسيناريوهات متعددة كمشروع”الفدرلة”عبر تقسيم الدولة إلي ثلاثة أقاليم”برقة,وطرابلس,وفزان”زاد من إذكاء النزاعات العرقية ومخططات التقسيم والحركات الإنفصالية في عموم منطقة المغرب العربي وبصفة خاصة الجزائر,فتستشعر الجزائر التهديد في الحراك الإنفصالي في منطقة القبائل شمال شرق الجزائر والتي تضم 6ولايات “تيزي وزو,وبومرداس,ووالبويرة,وويجابة,وسطيف,وبرج عريرج,وكانت المطالب الإنفصالية في منطقة القبائل قد تجددت مرة أخري في الحراك التي شهدته الجزائر في عام 2019فهذه الحركات الإنفصالية تعد إنعكاس إجتماعي أساسي للإضطرابات الموجودة في الجوار الليبي.([66])

خاتمة:

من خلال إستعراض هذا الفصل نجد أن الأزمة الليبية كانت ومازالت أزمة متراكبة الطبقات بتداعيات إقليمية  تمتد إلي جميع دول الجوار بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة,فأفرزت هذة الأزمة تداعيات خطيرة علي الأمن القومي الجزائري سواء علي المستوي الأمني والسياسي,أو حتي علي المستوي الإقتصادي والإجتماعي,فساهمت في إنتشار تجارة السلاح علي الحدود الليبية الجزائرية فضلًا عن تمدد التنظيمات الإسلامية والعمليات الإرهابية التي تقوم بها ويتضح ذلك من خلال الهجوم الإرهابي علي منشأة تغنتورين النفطية,ذلك بالإضافة إلي أن الأزمة الليبية تسببت في إرهاق النظام الإقتصادي الجزائري بسبب تخصيص نفقات مالية كبيرة للجيش الجزائري لتزويده بمعدات وأدوات للمراقبة لتأمين الحدود الجزائرية الليبية,كما أن الأزمة تسببت في ظهور العديد من الإحتجاجات في الجزائر علي غرار الإحتجاجات في ليبيا وهذا ما يفسر تأثر الأمن القومي الجزائري بالأزمة الليبية من الناحية الإجتماعية,لذا فإن إستمرار إخفاق الدولة الليبية في إنشاء حكومة مركزية قوية وجيش وطني,ولملمة شتات البلاد,وإعادة بناء مؤسسات الدولة سيؤدي إلي تصدير المشكلات بصورة أكبر إلي دول الجوارالليبي والدولة الجزائرية بصفة خاصة.

الفصل الثالث : الإستجابة الجزائرية للأزمة الليبية

  • المبحث الأول:العقيدة الأمنية الجزائرية(المبادئ والمرتكزات)
  • المبحث الثاني:دور دبلوماسية الجزائر في تسوية الأزمة الليبية(المبادرات)

مقدمة:

في حقيقة الأمر تسعي الجزائر حثيثًا للبحث عن إيجاد حلول للأزمة الليبية خوفًا من تفاقم الوضع في ليبيا بما ينذر بتهديد أمنها القومي بسبب التداعيات الخطيرة الناجمة عن عدم الإستقرار في ليبيا,حيث تبنت الجزائر إستراتيجية تقوم بشكل أساسي علي تكثيف المبادرات الإقليمية والدولية,بالإضافة إلي دعم الحوار الداخلي في ليبيا بين الفرقاء الليبيين,فضلًا عن تحريك الملف الليبي نحو الحل السياسي لا العسكري,كما تقوم إستراتيجيتها أيضًا علي إستخدام الدبلوماسية والعمل الإنساني في تسوية الأزمة الليبية,كما تحاول الجزائر أيضًا أن تقوم بدور المُوازن الإقليمي من خلال إتباع سياسة الحياد والإيجابية,فلا تنحاز إلي أي طرف  من أطراف الصراع في ليبيا سواء”حكومة الوفاق الليبية”أو الجيش الوطني الليبي الحر”لكنها تقف علي الحياد من خلال دبلوماسيتها الحذرة التي رأت أن أنسب الحلول هو تحقيق توافق من خلال الحوار بين الأطراف المتصارعة.

المبحث الأول:طبيعة العقيدة الأمنية الجزائرية:

تعريف العقيدة الأمنية:

في حقيقة الأمر تُعرف العقيدة الأمنية للدولة بأنها عبارة عن تصورًا أمنيًا يحدد المنهجية التي تقارب بها الدولة أمنها,كما تحدد كذلك أنسب السبل لتحقيق هذا الأمن وعليه فتكون عادةً مرجعية هذة العقيدة عبارة عن حزمة من الأطروحات النظرية التي تتبناها الدول وصناع القرار داخل هذة الدول,كما يمكن أن تأخذ هذة العقيدة صبغة أيدلوجية في حالة وصولها إلي حد النظام الفكري المتجانس والمتناسق والمتناغم الذي يقوم بتوفير تفسيرات معينة للواقع ويترتب علي ذلك تبني القوي النافذة في المجال الأمني لهذة التفسيرات والرؤي.([67]),كما تُعرف أيضًا العقيدة الأمنية للدولة علي أنها”مجموعة المبادئ والقواعد والنظم العقائدية المنظمة والمترابطة والتي تقوم بدورفعال في توجيه سلوك الدولة الأمني وقرارتها علي المستوي المحلي والخارجي والتي تحدد إدراك قاداتها لبيئتهم الأمنية وكيفية إستخدام القوة الوطنية بكافة أشكالها العسكرية والسياسية والإقتصادية,لتطبيق مبادئ العقيدة وأهدافها ومرتكزاتها علي أرض الواقع.ففي حقيقة الأمر تساعد العقيدة الأمنية صناع القرار علي التفاعل مع المتغيرات المحيطة بالبيئة الأمنية التي تحيط بالدولة,فتساعد صناع القرار علي تعريف المصالح الحيوية لدولتهم فضلًا عن تحديد الأولويات في البيئة الأمنية المحيطة بدولتهم,ذلك بالإضافة إلي دورها الفعال في مساعدة الدولة علي التفاعل مع التهديديات والتحديات الجسيمة التي تواجه أمنها القومي وذلك علي المدي القريب والمتوسط والبعيد.([68])

مرتكزات العقيدة الأمنية للجزائر:

في حقيقة الأمر العديد من الباحثين يجدوا أن العقيدة الأمنية يقتصر توافرها فقط علي الدول الكبيرة والمتقدمة,والتي تملك تصورات مستقبلية بعيدة الأمد لمستقبل سياستها الأمنية,وذلك علي عكس الدول الصغيرة ودول العالم الثالث والتي تفتقد إلي وجود تصور شامل وناضج أو حتي وجود إستراتيجية مخطط لها بعناية وكفاءة لمستقبل سياستها الأمنية,فالعديد من الباحثين يروا أن الدولة الجزائرية بما أنها إحدي دول العالم الثالث فما زالت تفتقر إلي عقيدة أمنية واضحة المعالم,وأن ما تقوم به مجرد ردود أفعال لمواجهة التهديدات والتحديات التي تواجهها,ولكن علي الرغم من ذلك فنجد أنه أصبح هناك تصورًا جديدًا للأمن الوطني الجزائري خاصة في فترة ما بعد الإستقلال,فيمكننا القول في هذا  الصدد أن العقيدة الأمنية للجزائر بإعتبارها إحدي دول العالم الثالث تختلف بعض الشئ عن العقيدة الأمنية للدول الكبري,فالعقيدة الأمنية للجزائر هي عبارة عن تصور وإدراك الدولة الجزائرية لأمنها الوطني القومي,لكنها ليست عقيدة تتبني إستراتيجية متعددة الأبعاد تسعي لتشكيل وبناء سياسة أمنية كما تكون العقيدة الأمنية للدول الكبري([69]).وتتعدد المرتكزات التي ترتكز عليها العقيدة الأمنية للدولة الجزائرية ويمكن إبراز هذة المرتكزات فيما يلي:([70])

أولًا:المرتكز التاريخي:ويتجسد ذلك من خلال الإرث التاريخي للجزائر في نضالها ضد الإمبراطوريات والدول التي قامت بإستعمارها عبر فترات زمنية مختلفة ومتعاقبة,فكل أنواع الإستعمار التي تعرضت له الدولة الجزائرية قُوبِل بالمواجهة من الجانب الجزائري,وبالتالي كان إرث المقاومة عامل أساسي ومؤثر في بناء العقيدة الأمنية الجزائرية ورسم معالمها وإلتزاماتها علي المستويين الداخلي والخارجي.

ثانيًا:المرتكز الجيوبوليتيكي:حيث ساهم الموقع الجيوبوليتيكي للدولة الجزائرية في تشكيل عقيدتها الأمنية,ففي حقيقة الأمر الموقع الجغرافي للدولة الجزائرية يجعلها دائمًا نقطة تقاطع إستراتيجي علي المستوي العربي والمغاربي والأفريقي والمتوسطي,فهذة الأبعاد الجغرافية ساهمت بشكل ملحوظ في تحديد المعالم الأساسية للعقيدة الأمنية الجزائرية,وذلك عن طريق الدور المحوري الذي لعبته الجزائر في دعم حركات التحرر في المنطقة العربية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

ثالثًا:المرتكز الإيديولوجي:في حقيقة الأمر شكلت مبادئ الإشتراكية المناهضة للإستعمار والإمبريالة مصدرًا أساسيًا في بناء العقيدة الأمنية الجزائرية في فترة ما بعد الإستقلال,حيث أكدت كافة المواثيق الوطنية الجزائرية مثل دستور عام 1963 ودستور عام 1976 علي أن النظام الإشتراكي كنظام أيديلوجي هو أنسب أنواع الأنظمة لتحقيق الإستقلال التام للجزائر,وقد كان هذا النظام بمثابة مصدر أساسي في تشكيل العقيدة الأمنية للجزائر ورسم معالمها الأساسية,لكن نلاحظ أن هذا المرتكز تراجع بشكل ملحوظ بعد عام 1989 وظهور التعددية السياسية والتنوع الإقتصادي ومع بداية الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر في مطلع تسعينيات القرن العشرين والتحولات التي شهدها النظام الدولي من تفكك المعسكر الشرقي الإشتراكي وبداية بروز النظام أحادي القطبية جعل من مسألة تكيف العقيدة الأمنية الجزائرية مع هذة التغيرات أمر بالغ الأهمية حتي تستطيع التحرك وحماية الأمن الوطني في المقام الأول,وعليه فلم يعد المرتكز الإيديلوجي في بعده الإشتراكي يمثل أهمية في العقيدة الأمنية الجزائرية,بل أصبح العامل والمرتكز البراغماتي هو الذي يشكل أهمية بالغة في تشكيل العقيدة الأمنية الجزائرية وهو الأساس في توجيه الفعل الأمني والسياسي والجزائري.

مبادئ العقيدة الأمنية الجزائرية:

كما تتعدد المبادئ التي ترتكز عليها العقيدة الأمنية الجزائرية ومن أهمها:([71])

أولًا:مبدأ عدم التدخل:فيُعد هذا المبدأ من المبادئ الرئيسية التي قامت علي أساسها العقيدة الأمنية الجزائرية,فهذا المبدأ نلاحظ أنه يستند إلي العوامل التاريخية والثقافية والإجتماعية التي صهرت المجتمع الجزائري وبالتالي صناع القرار أيضًا فيه,فنلاحظ أنه منذ إستقلال الدولة الجزائرية وتنادي بعدم التدخل في الشؤن الداخلية للدول الأخري في كافة المجالات الأمنية والسياسية والإقتصادية وغيرها,وفي مقابل ذلك ترفض رفضًا قاطعًا كافة محاولات التدخل من قبل أطراف خارجية في شؤنها الداخلية وشؤن الدول المجاورة لها في محيطها الجغرافي,ونلاحظ أن هذا المبدأ ساهم في إنقاذ الدولة الجزائرية من التورط في كثير من المشكلات السياسية والعسكرية والتهديدات والأخطار الأمنية علي فترات زمنية طويلة,علي الرغم من محاولات عديدة من بعض الأطراف الخارجية الإقليمية والدولية في توريط الجزائر في التدخل في الكثير من النزاعات والصراعات الإقليمية,كمحاولة المغرب الأقصي توريط الجزائر في قضية الصحراء الغربية,ومحاولة فرنسا توريط الجزائر في النزاعات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي,وكذلك محاولات فرنسية وأمريكية في توريط الجزائر في التدخل في ليبيا بسبب الأزمة الليبية.

لكن نلاحظ أن هذا المبدأ ساهم في التأثير السلبي علي الأمن القومي الجزائري,فنأت الجزائر بنفسها بعيدًا عن القضايا والمشكلات الإقليمية التي لها إنعكاسات مباشرة وغير مباشرة علي الأمن القومي الجزائري في مختلف أبعاده وذلك جعل الأمن القومي الجزائري مُعرضًا للتهديد,فعدم تدخل الدولة الجزائرية بصورة عقلانية وإستراتجية في الأزمة الليبية منذ إندلاع الإضطرابات السياسية والأمنية كان له عواقب سلبية علي الأمن الوطني الجزائري,ولعل أبرز مثال علي ذلك هو الإعتداء الإرهابي علي منطقة تغنتورين النفطية جنوب الجزائر في عام 2013,فكان لابد من تدخل الجزائر منذ بداية الأزمة الليبية لمنع حدوث مثل هذة التهديدات,والإضطرابات الأمنية والسياسية وذلك بحكم الثقل والوزن الجيوسياسي لها في المنطقة وكذلك إمكانياتها المادية والدبلوماسية التي تجعلها مؤهلة للقيام بأدوار إقليمية لتحقيق السلم والأمن في المنطقة المغاربية.

ثانيًا:مبدأ عدم مشاركة القوات المسلحة في عمليات عسكرية خارج الحدود الجزائرية:ويشير هذا المبدأ إلي عدم مشاركة الدولة الجزائرية والجيش الجزائري في أي عمليات قتالية خارج حدود الجزائر,فتدخل الدولة الجزائرية عسكريًا في دولة أخري قد يخلق لها أعداء وهو ما يتناقض مع  مبدأ حسن الجوار الإيجابي الذي تعتمده الدولة الجزائرية في سياستها الخارجية,لكن نلاحظ أن هذا المبدأ لم يعد عمليًا في الوقت الراهن في ظل تنامي التهديدات التي تتعرض لها الدولة الجزائرية بسبب الأزمات الموجودة في الدول المجاورة والتي تؤثر سلبيًا علي الأمن الجزائري,فالدولة الجزائرية بحكم إمكاناتها وخبراتها في مكافحة التهديدات الخارجية كالإرهاب هي المؤهلة لمحاربة مثل هذة التهديدات,كما أن عدم تدخلها في هذة الأزمات خاصة الأزمة الليبية أدي إلي تدخل قوي خارجية كالتدخل التركي في ليبيا وذلك بسبب عدم تدخل الجزائر وتخليها عن دورها الإقليمي.

ثالثًا:مبدأ رفض التواجد الأجنبي وإقامة القواعد العسكرية علي أراضيها وأراضي الدول المجاورة:فترفض الجزائر إقامة أي قواعد عسكرية أجنبية علي أراضيها أو أراضي الدول التي تقع في محيطها الجغرافي,وذلك أحدث نوعًا من التوازن في المغرب العربي خاصة مع دولة المغرب,وتسعي الجزائر من خلال ذلك إلي بناء تصورات أمنية مستقلة تجاه العديد من القضايا الإقليمية,فالدولة الجزائرية بحكم عقيدتها الأمنية ترفض إقامة أي قواعد عسكرية أجنبية علي أراضيها تحت أي ذريعة وكذلك في دول الجوار الإقليمي,وتنادي بضرورة تحمل دول الإقليم حماية أمنها بنفسها بعيدًا عن تدخل الفواعل الخارجية خاصة من الدول الكبري,وهذا المبدأ نجد أنه يتقاطع مع مبدأ الحل السلمي للنزاعات  وعدم اللجوء إلي إستخدام القوة المسلحة,وهو ما تنادي به الدولة الجزائرية في حل الأزمة الليبية,ولكن واجهت الجزائر تحديات عديدة لعقيدتها الأمنية المبنية علي عدم التدخل في الشؤن الداخلية للدول وعدم مشاركة الجيش الجزائري في عمليات قتالية خارج حدوده,فشكل تدخل حلف الناتو في الأزمة الليبية بالإضافة إلي تدخل القوي الكبري كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ,بالإضافة إلي تدخل بعض الدول العربية كمصر وقطر والإمارات تحديًا كبيرًا للعقيدة الأمنية الجزائرية

أالمبحث الثاني:الدور الجزائري في تسوية الأزمة الليبية:

الموقف الجزائري من الأزمة الليبية:

في حقيقة الأمر كان الموقف الجزائري من الأزمة الليبية إستمرارًا لتجسيد مبدأ عدم التدخل في شؤن دول الجوار التي تشكلت علي أساسه العقيدة الأمنية الجزائرية,بما يؤثر بالسلب في وضعها الداخلي وأنه لا توجد أسباب تدفع الجزائر للوقوف بجانب القذافي أو تدعمه في حربه بل موقف الجزائر كان يتمثل في محاولة خلق مناخ من التوازن بين عدم معارضة الثورة الليبية وعدم تأييدها في الوقت ذاته,حتي لو إضطر الأمر في بعض الأحيان لإتخاذ قرارات ومواقف يمكن حسبانها علي أنها ميل لأحد الأطراف المتنازعة,بما في ذلك إيواء عائلة القذافي بعد هروبها من طرابلس أو إستقبال الشيخ علي الصلابي في الجزائر في إطار مبادرة شخصية تحت عنوان السعي نحو العدالة الإنتقالية,وهنا نجد أن الموقف الجزائري من الأزمة الليبية في البداية كان يتسم بالحياد وعدم التدخل,لكن مع زيادة حدة الأزمة الليبية وتطوراتها بدأت الدولة الجزائرية في إتخاذ عدة إجراءات أمنية ودفاعية لمحاولة تسوية الأزمة الليبية للحد من تهديداتها علي الأمن الجزائري,ومن هذة الإجراءات تأمين وضبط الحدود,ورفع حجم الميزانية العسكرية,والإنفاق والتسليح,ذلك بالإضافة إلي وضع أليات لمكافحة الهجرة غير الشرعية والمتاجرة بالسلاح والمخدرات من خلال تأمين حدودها.([72])

وكذلك إتخذت الجزائر عدة إجراءات دبلوماسية لتسوية الأزمة الليبية,فقد قامت الجزائر بتفعيل دبلوماسيتها الحذرة لتسوية الأزمة الليبية,حيث تعد الدبلوماسية الحذرة أهم مضامين المقاربة الجزائرية لحل الأزمة الليبية,وقامت الدولة الجزائرية بتنفيذ إستراتيجة لحل الأزمة الليبية وقامت هذة الإستراتيجية علي دعم الإستقرار الوطني في ليبيا,والإبقاء علي مسافة واحدة من كل الأطراف,والتأكيد علي البعد الداخلي لحل الأزمة الليبية علي إعتبار أن الأزمة الليبية لا يمكن تسويتها إلا من خلال الليبيين ذاتهم,وإستبعاد أي تدخل أجنبي في ليبيا لأنه لا يقوم بحل الأزمة بل يزيدها تعقيدًا,ذلك بالإضافة إلي دعم دور الأمم المتحدة في دعم الحوار الليبي –الليبي وتشكيل حكومة وحدة وطنية,فضلًا عن محاولة جمع الأطراف الليبية المتصارعة حول حوار وطني شامل بهدف وقف الإقتتال الداخلي,وتوسيع المشاورات السياسية بين الأطراف المتنازعة في الداخل الليبي.([73])ومما سبق يتضح لنا بوضوح الموقف الجزائري تجاه الأزمة الليبية الرافض لأي تدخل أجنبي لحل الأزمة والمحايد تجاه الأطراف المتصارعة في الداخل الليبي.

جهود الدبلوماسية الجزائرية في تسوية الأزمة الليبية:

في حقيقة الأمر لقد صرحت الجزائر منذ بداية الأزمة الليبية وبطريقة رسمية أن القضية الليبية قضية داخلية خالصة وتهم بالدرجة الأولي الشعب الليبي,وذلك نظرًا لشدة الحساسية التي تشكلها الحرب الليبية علي الأمن القومي الجزائري,إذ كان موقف الدبلوماسية الجزائرية واضحًا وهو عدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي والنظر للحل السياسي بإعتباره أنسب الحلول لمعالجة الأزمة إحترامًا للسلامة الترابية الليبية وسيادتها ووحدة شعبها,وبدأت الجزائر في تقديم دعمها الدبلوماسي والإنضمام إلي المجهودات المبذولة من قبل المجتمع الدولي التي تهدف في مجملها إلي وقف العنف علي الأراضي الليبية بما يضمن إستعادة الإستقرار في الدولة الليبية بصفة عامة وفي المنطقة العربية بصفة خاصة([74]),كما دعت الجزائر إلي ضرورة إقامة حوار وطني مفتوح وبدون شروط يسمح للشعب الليبي بالبحث عن الحلول التي تتماشي مع تطلعاته وطموحه,فأثناء إجتماع اللجنة التابعة للإتحاد الإفريقي المنعقدة في أثيوبيا يوم 25 مارس 2011قدمت الجزائر مشروع لتسوية الأزمة الليبية تمثلت أهم مضامينه في:([75])

-تجديد الدعوة لوقف إطلاق النار علي الأراضي الليبية والحد من الأعمال العسكرية في ليبيا

-الدعوة إلي إنشاء ألية للتأكد من وقف إطلاق النار

-إعطاء أولوية عاجلة للمساعدة الإنسانية للشعب الليبي ومساعدة اللاجئين

-إنشاء فريق عمل من الإتحاد الإفريقي يتولي مقترحات السبل والوسائل الكفيلة بإيقاف حركة الأسلحة بما يضمن تحقيق الإستقرار في المنطقة.

ثم توالت بعد ذلك مبادرات الوساطة الجزائرية لحل الأزمة الليبية وتتمثل فيما يلي:

أولًا:الإجتماع الذي تم عقده في10-11 مارس 2015 بالعاصمة الجزائرية:

كان هذا الإجتماع تحت رعاية الأمم المتحدة,حيث حضر هذا الإجتماع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا,بالإضافة إلي ممثلة الإتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤن الخارجية والسياسة الأمنية,فكان الهدف الرئيسي من هذا الإجتماع هولم شمل الأطراف الليبية المتنازعة كمحاولة للتوفيق بينهم,فشارك في هذا الإجتماع شخصيات سياسية وقادة أحزاب ليبية رفيعة الشأن لمناقشة مسار المصالحة الوطنية في ليبيا بهدف إنهاء إطلاق النار,فشارك في الإجتماع رئيس حزب العدالة والبناء الليبي”محمد صوان”,فضلًا عن رئيس حزب الوطن الليبي”عبد الحكيم بلحاج”,ورئيس حزب التغيير”جمعة القماطي”,بالإضافة إلي نائب رئيس المؤتمر الليبي العام سابقًا”جمعة عتيقة”وغيرهم من القادة السياسيين الليبيين,وقد أوضح أنذاك “عبد المالك سلال”الوزير الأول علي هامش إجتماع الحوار الليبي في الجزائر بأن 20 ممثلًا للحركات الليبية يتواجدون في الجزائر وقيام الجزائر بدور الوسيط قد يساعدهم في إقامة حوار للتفاهم فيما بينهم وذلك إنطلاقًا من مبدأ أن الجزائر لا تتدخل في شؤن الدول بل تدافع عن وحدة الوطن الإفريقي,ونتج عن هذا الإجتماع إصدار”إعلان الجزائر”الذي أكد علي التعهد بحماية وحدة ليبيا الوطنية وسيادتها وإستقلالها ورفض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في الداخل الليبي,ذلك بالإضافة إلي التعهد بمكافحة الإرهاب داخل وخارج ليبيا وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع الأطراف الليبية,كما نتج عن هذا الإجتماع أيضًا صياغة بيان ختامي مشترك تضمن مجموعة من المبادئ الأساسية منها التأكيد علي ضرورة التعهد بحماية ووحدة ليبيا الوطنية,والإلتزام بالإعلان الدستوري المتضمن لمبادئ ثورة 17 قبراير القائمة علي أسس العدالة وحقوق الإنسان,ذلك بالإضافة إلي التأكيد علي إحترام العملية السياسية والتداول السلمي للسلطة في ليبيا,فضلًا عن التأكيد علي كافة المشاركين بضرورة إلتزامهم بإعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة وبناء شرطة وأجهزة أمنية قوية في ليبيا.([76])

ثانيًا:الإجتماع الذي تم عقده 14أبريل 2015 في العاصمة الجزائرية:

يمثل هذا الإجتماع إستكمالًا للحوار الذي تمت مباشرته في مارس 2015 بين قادة الأحزاب السياسية الليبية والمناضلين الليبيين تحت إشراف الأمم المتحدة,ويكتسي هذا الإجتماع أهمية كبيرة لتسوية الأزمة الليبية وهذا بسبب دور الجزائر وموقفها الإيجابي للم شمل الفرقاء الليبيين بالإضافة إلي المسار الجيد التي تقوم عليه المفاوضات التي تبعث التفاؤل بشأن التوصل لتسوية حقيقية للأزمة الليبية,حيث تزامن إنعقاد هذا الإجتماع مع إزدياد حدة الأزمة الليبية حول سباق الريادة الذي تتنازع فيه حكومة ليبية وبرلمان ليبي علي السلطة,وتم إختتام هذا الإجتماع بحزمة من المفاوضات الإيجابية تحث علي تواصل الحوار بين الأشقاء الليبيين للحد من الأزمة بإتجاه إتفاق وإجماع وطني حول تشكيل حكومة وحدة وطنية حول الترتيبات الأمنية التي تسمح للدولة الليبية بالمضي قدمًا نحو دستور وإنتخابات بما يضمن تحقيق السلم والأمن في ليبيا.([77])

ثالثًا:القمة الجزائرية لوزراء الخارجية في 2017:

حيث عقدت الجزائر بالتنسيق مع تونس ومصر قمة لوزراء الخارجية من البلدان الثلاثة وإحتضنت العاصمة التونسية هذة القمة لبحث وجود حلول للأزمة الليبية,ونجد أن وزارة الخارجية الجزائرية في هذة القمة أرست جسور تواصل مع مختلف الفرقاء السياسيين الليبين,مثل المجلس الرئاسي في طرابلس وحكومة طبرق في أقصي الشرق,وقبائل مصراتة والذنتان والعقيد خليفة حفتر كمحاولة لإيجاد حوار وطني شامل يحقق الوحدة الوطنية في ليبيا,وفي إطار التنسيق الجزائري التونسي توصلت البلدان في السادس من شهر مارس 2017 إلي إتفاق للتعاون الشامل الأمني بشأن ليبيا وتعزيز التشاور بينهما فيما يتعلق بتسوية الأزمة الليبية. ([78])

رابعًا:إجتماع دول جوار ليبيا في الجزائر2021:

حيث عقدت الجزائر إجتماع بمشاركة ليبيا ومصر والسودان وتشاد والكونغو والنيجر في الجزائر في أغسطس 2021وحضر هذا الإجتماع المبعوث الأممي  والأمين العام لجامعة الدول العربية بالإضافة إلي مفوض الإتحاد الإفريقي للسلم والأمن,وذلك لبحث الأزمة الليبية ومحاولة تسويتها,وركز هذا الإجتماع علي محاولة التوصل إلي رؤية مشتركة للمرحلة المقبلة في ليبيا,وساهم هذا الإجتماع في إعادة ليبيا إلي دائرة الإهتمام الدولي,كما ساهم في إعادة ضبط بوصلة الأطراف الليبية حتي لا تنحرف عن موعد الإنتخابات في 24 ديسمبر 2021.([79])

خاتمة:

نلاحظ من خلال إستعراض هذا الفصل أن الدولة الجزائرية كانت حريصة في تعاملها مع الأزمة الليبية علي الإلتزام بمبادئ عقيدتها الأمنية وخاصة مبدأ عدم مشاركة الجيش الجزائري في أي عمليات عسكرية خارج الحدود الجزائرية,ويتضح لنا ذلك من خلال إصرار الجزائر علي اللجوء إلي الحل السياسي وإستخدام الدبلوماسية بدلًا من الحل العسكري,فكانت من الممكن أن تتخلي عن هذا المبدأ وأن تقوم بإرسال قوة عسكرية للإقامة علي الأراضي الليبية لمنع التهديدات الناجمة عن الحرب في ليبيا ولمواجهة التدخل الخارجي الذي يعد عاملًا أساسيًا في فشل الوصول لتسوية حقيقية للأزمة الليبية,لكنها رأت أن الدبلوماسية هي الطريقة المُثلي في حل الأزمة,فقامت بعقد إجتماعات عدة حتي تتمكن من لم شمل الفرقاء الليبين وتحقيق التوافق فيما بينهم,فنلاحظ أن الدبلوماسية الجزائرية في حل الأزمة الليبية تقدم رسالة فحواها أن القوة وحدها لا يمكن أن تكون حلًا للمشكلات الأمنية,فالجزائر منذ بداية الأزمة الليبية وتسعي لإستخدام الطرق السلمية في تسوية الأزمة,فأكدت أن الحل الوحيد للأزمة الليبية يكمن في تشكيل حكومة وفاق وطني بمساعدة دول الجوار.

الخاتمة :

من خلال إستعراضنا للدراسة والتعمق في قضية الأزمة الليبية وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري,نجد أن الأزمة التي شهدتها الدولة الليبية نتيجة إنهيار نظام العقيد معمر القذافي وما ترتب علي ذلك من تدهور الأمن والإستقرار بالبلاد هي بمثابة أزمة متراكبة أفرزت تهديدات متعددة الأبعاد,وذلك بالنسبة لدول الجوار الليبي بصفة عامة والدولة الجزائرية بصفة خاصة,فبالتالي نلاحظ أن الأزمة الليبية شكلت تحديًا خطيرًا للدولة الجزائرية ودائرة صنع القرار بداخلها أيضًا من حيث إختبار مدي سرعة وفعالية السلطات الجزائرية وخاصة السلطات الدبلوماسية في التحرك والمناورة والتنسيق لمواجهة الإنعكاسات والتداعيات الخطيرة التي تعبر عن حالة الإنفلات الأمني الشديد في الدولة الليبية المجاورة.

فوجدت الجزائر نفسها أمام حدود ليبية مخلخلة تعاني من إفتقاد كل أنواع السيطرة خاصة المنطقة الحدودية وما يواجهها من تهديدات أمنية خطيرة,ونتج عن ذلك غياب وجود مؤسسات قوية في الدولة الليبية,وساهم ذلك في زيادة إنتشار فوضي تجارة السلاح وزيادة تمدد الجماعات الإرهابية المتطرفة بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية”داعش”الذي إتخذ من الدولة الليبية مركزًا أساسيًا لممارسة نشاطه الإجرامي والإرهابي, حيث إرتكب جرائم عدة في دول الجوار الليبي وخاصة الجزائر,ذلك بالإضافة إلي تمدد حالة اللاأمن واللااستقرار لتصل إلي الحدود الجنوبية الجزائرية,حيث إعتبرت الجماعات الإرهابية المتطرفة أن هذة الحدود بمثابة منفذ مثالي للتزود بالأسلحة المهربة يساعدها  في زيادة تسليح نفسها وتوسيع نفوذها.

كما وجدت الجزائر نفسها أمام تهديدات ذات طبيعة مركبة ومثال ذلك الهجوم الإرهابي علي منشأة تغنتورين الجزائرية النفطية التي قام به جماعات إرهابية متطرفة تتمركز علي الحدود الليبية الجزائرية نتيجة حالة الإنفلات الأمني وإفتقاد السيطرة علي الحدود الليبية,فنجد أن هذا التهديد يحمل في ثناياه تهديد المستويين الأمني والإقتصادي معًا,فيُعتبر تهديدًا أمنيًا بسبب تمدد الجماعات الإرهابية الموجودة في الجوار الليبي ووصولها إلي الأراضي الجزائرية وما يترتب علي ذلك من تهديد الأمن القومي الجزائري,كما أن هذا التهديد يُعتبر تهديدًا إقتصاديًا لأن هذا الهجوم تم تنفيذه للإستيلاء علي مصنع بترولي غازي في الجزائر يعد من أهم أعمدة الإقتصاد الجزائري,كما وجدت الدولة الجزائرية نفسها أمام تحدي ظهر أثره في الحراك التي شهدته البلاد في عام 2019,وهو تحدي المطالبات بالحركات الإنفصالية عن الدولة الجزائرية علي غرار المطالبات الإنفصالية التي حدثت في الدولة الليبية.

نجد أن كل هذة التهديدات الناجمة عن الأزمة الليبية كان لها تأثيرًا كبيرًا علي الأمن القومي الجزائري,وهذا أدي إلي سعي الدولة الجزائرية لمحاولة إيجاد حلول لهذة الأزمة للحد من إنعكاستها الخطيرة علي الأمن القومي الجزائري,لذا رأت الدولة الجزائرية ضرورة التدخل السلمي لحل النزاع القائم في ليبيا من خلال  تبنيها للنهج الدبلوماسي في تسوية الأزمة,فإنتهجت الدولة الجزائرية الحل السياسي بدلًا من الحل العسكري في تسوية الأزمة,حيث إنتهجت الحوار السياسي بين الفرقاء الليبين وساعد ذلك في تحقيق مقدارًا من التقارب بينهم.

من هنا نجد أن الأمن أصبح مركب إقليمي كما أوضح”باري بوزان”,لذلك نلاحظ أن التصور الجزائري للأمن يتشكل من مستويين رئيسيين للأمن,علي المستوي الداخلي وعلي المستوي الإقليمي,لذلك كانت الجزائر حريصة كل الحرص علي المساعدة في تحقيق الأمن في دول الجوار الإقليمي خاصة في ليبيا لأن ذلك سينعكس بالإيجاب علي أمنها القومي,من هنا نجد أن الدولة الجزائرية بحاجة إلي تبني مقاربة شاملة للأمن كفيلة بتحقيق الأمن الوطني الجزائري بمختلف أبعاده,وذلك يتحقق من خلال ضرورة إعادة النظر في محتوي العقيدة الأمنية الجزائرية بما يتواءم مع طبيعة التهديدات التي تتعرض لها الجزائر,فنلاحظ أن الدولة الجزائرية مازالت تتبني نفس مبادئ عقيدتها الأمنية منذ الإستقلال علي الرغم من التحول في طبيعة التهديدات والتحديات التي تواجهها بعد 2011 خاصة الناجمة عن الأزمة الليبية.

كما يتحقق ذلك أيضًا من خلال ضرورة تبني الدولة الجزائرية لمقاربة الأمن التعاوني أو”مركب الأمن الإقليمي”علي حد تعبير”باري بوزان”,وذلك لأن طبيعة التهديدات والتحديات التي تواجهها الدولة الجزائرية في الوقت الحالي عابرة للحدود,فأصبحت الجزائر تتعرض لتهديدات أكثر حدة خاصة منذ 2011من جماعات إرهابية ومثال ذلك “هجوم تغنتورين”,كما يجب علي الدولة الجزائرية تكثيف أدواتها الدبلوماسية فيما يتعلق بالصراعات في دول الجوار الإقليمي خاصة ليبيا,فالإرث التاريخي والمكانة التي تحتلها الجزائر علي المستويين الإقليمي والدولي يؤهلها لأن تكون وسيطًا مقبولًا لدي أطراف الصراع في دول الجوار,لكن علي الرغم من نجاح الدبلوماسية الجزائرية في حل بعض الأزمات في الوطن العربي كالأزمة في مالي,إلا أنها لم تنجح في تسوية الأزمة الليبية بسبب تعدد الأطراف,لذلك علي الدولة الجزائرية أن تتحمل مسؤلية أكثر علي الدفع السياسي نحو الحل السلمي للأزمة الليبية.

أولًا:المراجع باللغة العربية:

الكتب:

  • عبد النور بن عنتر,“البعد المتوسطي للأمن الجزائري”,(ط.غ.م,المكتبة العصرية للطباعة والنشر والتوزيع,الجزائر,2005)
  • أ.د/عبد الغفار رشاد القصبي,“مناهج البحث في علم السياسة:الكتاب الأول التحليل السياسي ومناهج البحث”,(الطبعة الأولي,مكتبة الأداب للنشر والتوزيع,القاهرة,مصر,2004)
  • عبد القادر عبد العالي,وقوي بوحنية,”جيوبولتيكا القارة الإفريقية:جدل السياسة,الجغرافيا,الأمن”,(الطبعة الأولي,دار الحامد للنشر والتوزيع,الأردن,2020)
  • فيجي براشاد,ترجمة منذر محمود محمد,وعبدالله الفتاح عمورة,”الشتاء الليبي“,(ط.غ.م,دار فرقد للطباعة والنشر,دمشق,سوريا,2014)
  • محمد بوبوش,”الأمن في منطقة الساحل والصحراء“(الطبعة الأولي,دار الخليج للنشر والتوزيع,عمان,الأردن,2016)
  • ندي الشقيفي,“الربيع العربي:الأفق الأسود“,(ط.غ.م,دار المنهل للنشر والتوزيع,بيروت,لبنان,2015)

الدوريات العلمية:

  • إسراء جياد,”محددات التفاعل والتأثير بين الثورات العربية:دراسة في الأسباب والنتائج”مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية,العدد(43),(2013)
  • أميرة برحايل بودودة,”التحول الديمقراطي في ليبيا وتداعياته علي دول الجوار الإقليمي:المركب الأمني الإقليمي كمقاربة تفسيرية”,مجلة دراسات وأبجاث,المجلدالثامن,العدد22,(2016)
  • أمال بلحميتي,وسارة بوحادة,”الدبلوماسية الجزائرية تجاه القضايا الإقليمية”,مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل,المجلد الأول,العدد الرابع,(2018).
  • د/أمنة محمد علي,”تحديات التحول الديمقراطي وبناء الدولة في ليبيا“,مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية,العدد(17),(2013)
  • بطرس بطرس غالي,”الأمن وحفظ السلام في إفريقيا“,مجلة السياسة الدولية,القاهرة,(1995)
  • جمال تراكة,ونسيمة عموري,”التهديدات السياسية والعسكرية للأزمة الليبية وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري”,مجلة مقون الصادرة عن كلية العلوم الإجتماعية والإنسانية بجامعة الدكتور مولاي الطاهر سعيدة بالجزائر,المجلد الثامن,العدد الرابع,(2017)
  • حسين يوسف القطروني,”الأزمة الليبية:التفكك البنيوي للسلطة وخيارات التسوية(2011-2021)”,مجلة متابعات أفريقية الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية,العدد الثاني عشر,(2021).
  • د/خالد بركة,“تداعيات الحراك العربي علي الأمن بالمنطقة المتوسطية”,مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل,المجلد الأول,العدد الرابع,(2018).
  • د/خالد حنفي علي,“الإشتباك المنخفض:التحولات الإنتقالية في السياسة الخارجية الليبية”,مجلة السياسة الدولية,المجلد(48),العدد(193),(2013)
  • خيري عمر,“ليبيا:أزمة مايو-يونيو2014 ومستقبل الديمقراطية”,مجلة رؤية تركية,(2014)
  • سحنين هيري,”الأزمة في ليبيا وأثرها علي الأمن القومي الجزائري”,مجلة الدراسات الحقوقية,مخبر الدراسات القانونية المقارنة,المجلد الثامن,العددالأول ,(2021).
  • سليم بوسكين,”العقيدة الأمنية الجزائرية وإشكالية التكيف مع التهديدات الجديدة”,مجلة العلوم القانونية والسياسية,المجلد العاشر,العدد الثاني,(2019)
  • صبري جبران الكرغلي,ويوسف محمد القماطي,“ثورة17فبراير:الدوافع الحقيقية للثورة والعوامل المساعدة لقيامها“,مجلة جامعة بنغازي العلمية,(2011).
  • صالح زياني,”تسميم الربيع الليبي:تأثير التجارة غير الشرعية للسلاح علي تأزيم الوضع وإعاقة الحل السياسي في ليبيا“,المجلة الجزائرية للأمن والتنمية,العدد الثامن,(2016).
  • صالح زياني,“تحولات العقيدة الأمنية الجزائرية في ظل تنامي تهديدات العولمة“,مجلة المفكر,العدد الخامس,(2010)
  • صورية زواشي,”الأزمة الليبية والقوي الدولية”,المجلة العربية للعلوم السياسية,الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية,العددان 49-50,(2016)
  • عامر العزاوي,”الثورة الليبية:الأسباب والتحديات والتداعيات بعد عام 2011,مجلة المستنصرية,العدد(50),(2015)
  • عبد العظيم بن صغير,وراوية نبينة,“تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن الجزائري”,مجلة المفكر,المجلد الرابع عشر,العدد الثاني,(2019).
  • عبد الرفيق كشوط,”الأمن والتحول في المرجعيات والقيم:من المنظور الواقعي إلي الأمننة”,مجلة العلوم الإنسانية,العدد الثالث,(2015)
  • فولفرام لاخر,ترجمة عدنان عباس علي,”تصدعات الثورة الليبية:القوي الفاعلة والتكتلات والصراعات في ليبيا الجديدة“,مجلة دراسات عالمية الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية,العدد(120),(2014).
  • محمد سليمان الزواوي,”التداعيات الإقليمية للأزمة الليبية“,مجلة رؤية تركية,العدد الحادي عشر(2014).
  • محمد عز العرب,”التغيرات في الشرق الأوسط“,مجلة السياسة الدولية,مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية,المجلد(47),العدد(187),(2012)
  • مباركة سليماني,:”تداعيات الأزمة الليبية علي أمن الحدود الجزائرية”,مجلة الإقتصاد والقانون,العدد الثاني,(2018).
  • محمد زريق,“التقلبات الجيوسياسية في المنطقة العربية ومنطقة الساحل وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري”,مجلة الأداب والعلوم الإجتماعية,المجلد السابع عشر,العدد الثاني,(2020).
  • د/مصطفي عبد الله أبو القاسم خشيم,”الأزمة الليبية:المفهوم والأبعاد“,مجلة متابعات أفريقية الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية,العدد الثاني عشر,(2021).
  • د/محمد عبد الحفيظ الشيخ,”إنعكاس عملية المصالحة الوطنية علي النازحين داخليًا في ليبيا:تاوغوراء نموذجًا“,مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل,المجلد الأول,العدد الرابع,(2018).
  • ميادة علي حيدر,وحيدر عبد الله,“أثر الصراع الخليجي في الأزمة الليبية بعد العام 2011,المجلة السياسية الدولية,الجامعة المستنصرية,العدد(42),(2019)
  • محمد غربي,وإبراهيم قلواز,“تداعيات تصاعد الأزمة الليبية علي الأمن الإقليمي والأمن الجزائري”,المجلة الجزائرية للأمن والتنمية,العدد السابع,(2014).
  • د/مبروك كاهي,”التنمية السياسية ومفهوم الأزمة داخل النظام السياسي”,مجلة الدراسات القانونية,المجلد الرابع,العدد الأول,ت.ن.غ.م

الإطروحات العلمية:

  • إسلام نزيه سعيد أبو عون,”تداعيات الحراك العربي في ظل مفهوم الثورة وأثره علي التنمية السياسية في الوطن العربي”,رسالة ماجستير,كلية الدراسات العليا,جامعة النجاح الوطنية,(2017)
  • إبتسام لكواعظ,ونور الهدي كعوان,”دور الدبلوماسية الجزائرية في حل النزاعات الدولية”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد الصديق بن يحي-جيجل,(2015-2016)
  • أحمد دلاوي,”الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء وأثره علي الجزائر”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الدكتور مولاي الطاهر-سعيدة,الجزائر,(2015-2016).
  • حسام حمزة,”الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الحاج لخضر باتنة,الجزائر,(2010/2011).
  • حنان نجاعي,”الأزمة الليبية بين المقاربة المغاربية والأجندة الخليجية المصرية“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الجيلالي بونعامة,الجزائر,(2017-2018)
  • رياض بوزوب,”إستراتيجية الأمن القومي الجزائري:إدراك-تهديد-إستجابة”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الحاج لخضر باتنة,الجزائر,(2018/2019).
  • رقية دهينة,“تأثير الهجوم الإرهابي في منطقة تغنتورين علي الأمن القومي الجزائري“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة بسكرة,الجزائر,(2014-2015).
  • سهيلة بن موسي,“تأثير المتغيرات الخارجية علي إعادة بناء الدولة في ليبيا“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد بوضياف بالمسيلة,الجزائر,(2016-2017).
  • سليم بوسكين,”تحولات البيئة الإقليمية وإنعكاساتها علي الأمن الوطني الجزائري”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة بسكرة,الجزائر,(2014-2015)
  • سعاد خالدي,“دور العلاقات العامة في إدارة الأزمات في العالم العربي:أزمة الربيع العربي نموذجًا”,رسالة دكتوراة,كلية العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية,جامعة وهران,الجزائر,(2016-2017)
  • سهام مقراني,”السياسة الخارجية الجزائرية تجاه النزاع في ليبيا”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي_الجزائر,(2015-2016).
  • عمار بالة,“التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري:مالي نموذجًا”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة باتنة,الجزائر,(2017/2018).
  • عمار غياط,”البعد الأمن الجزائري في الساحل الأفريقي“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد الصديق بن يحي,جيجيل,الجزائر,(2018/2019)
  • علي محمد فرج النحلي,الأزمة الليبية وتداعياتها علي دول الجوار(2011-2017)”,رسالة ماجستير,كلية الأداب والعلوم,جامعة الشرق الأوسط,الأردن,(2018).
  • علياء محمد عبد الجواد المنصوري,”تأثير الأزمة الليبية علي الأمن القومي لدول شمال أفريقيا:الجزائر نموذجًا(2011-2020)”,رسالة ماجستير,كلية الأداب والعلوم ,جامعة الشرق الأوسط,الأردن ,(2021).
  • عزيز نوري,”الواقع الأمني في منطقة المتوسط:دراسة الرؤي المتضاربة بين ضفتي المتوسط من منظور بنائي“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الحاج لخضر,باتنة,الجزائر,(2011/2012)
  • فايزة حنافي,وأم هاني حبشي,”تأثيرات الأزمة الليبية علي منطقة الساحل الإفريقي(الجزائر نموذجًا)“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة زيان عاشور الجلفة,الجزائر,(2016-2017)
  • فيروز مزياني,“تحولات البيئة الإقليمية وأثرها علي الإستراتيجية الأمنية الجزائرية”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة باتنة,الجزائر,(2020-2021).
  • فريال منايفي,”الترتيبات الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية في الساحل الإفريقي وإنعكاساتها علي الأمن الجزائري“,رسالة ماجستير,كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية,جامعة بسكرة,الجزائر,(2011)
  • كمال روابحي,”التهديدات الأمنية الجديدة في المتوسط وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد بوضياف بالمسيلة,الجزائر,(2017-2018).
  • لبيب بقاص,“السياسة الخارجية الجزائرية تجاه القضية الليبية(2011-2017)”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الشهيد حمة لخضر,الوادي,الجزائر,(2016-2017)
  • لبنة شقيري,“إنتشار الأسلحة الحقيقية ودورها في تأجيج النزاعات في منطقة الساحل الأفريقي:ليبيا نموذجًا”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد الصديق بن يحي,جيجل,الجزائر,(2014-2015)
  • محرز مشيش,وسمير كعوان,“إنعكاسات أزمة إنتشار السلاح الليبي علي الأمن في المتوسط”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة مولود معمري,الجزائر,(2016-2017)
  • نبيل بويبة,”المقاربة الجزائرية تجاه التحديات الأمنية في منطقة الصحراء الكبري“,رسالة ماجسيتر,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الجزائر,(2011)
  • نعيمة موصر,”الأمن القومي الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية:مقاربة لبناء عقيدة أمنية جزائرية”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة مولود معمري,تيزي وزو,الجزائر,(2018/2019).
  • نوال نقاري,”موقف السياسة الخارجية الجزائرية من الأزمة الليبية(2011-2015)”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد بوضياف بالمسيلة,الجزائر,(2015-2016).
  • يسري أوشريف,“تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن في الجزائر”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد خيضر-بسكرة,الجزائر,(2015/2016).

الدراسات البحثية المنشورة:

  • أحلام صارة مقدم,ومصطفي بن حوي,“الأزمة الليبية وتداعياتها علي أمن الجزائر”,المركز الديمقراطي للدراسات السياسية والإستراتيجية,(2018),متاح علي الرابط: https://democraticac.de/?p=54294
  • عادل جاريش,”تأثير الظاهرة الإرهابية في ليبيا علي الأمن الوطني الجزائري”,المركز الديمقراطي العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية,مجلةة العلوم السياسية والقانونية,العدد الثالث,(2017),متاح علي الرابط: https://democraticac.de/?p=46831
  • أ.د/عادل نوفل,وأخرون,”الأزمة الليبية إلي أين؟”,مركز دراسات الشرق الأوسط,الأردن,العدد الثالث عشر,(2017).
  • محمود علاء الدين حواش,وأخرون,”أثر التدخل العسكري في ليبيا علي الأمن القومي المصري في الفترة ما بين2014-2020)”,المركز الديمقراطي العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية,2021,متاح علي الرابط: https://democraticac.de/?p=78741
  • د/محمد عاشور مهدي,“قراءة في أسباب الصراع المسلح في ليبيا ومساراته المحتملة”,مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية,ت.ن.غ.م.متاح علي الرابط: https://www.sis.gov.eg/Newvr/34/9.htm
  • نداء السيد حسن محمد,“أثر الأزمة الليبية علي الأمن القومي المصري منذ 2011والمركز العربي للبحوث والدراسات,2021,متاح علي الرابط: http://www.acrseg.org/41863

ثانيًا:المراجع باللغة الإنجليزية:

A:Books:

1-Barry Buzan,”The Evolution of International Security studies” ,Cambridge University Press ,New Yourk,U.S.A

2-Cynthia Weber, “International Relation Theory On Critical Introduction“,(3th Edition ,London and New York ,Roulteldge,2010)

3-Keen Booth and Stive Smith ,”International Relation Theory Today“,Penslvania University press,Penslvania,U.S.A,1995)

B:Periodicals:

1-Crystal Ennis, and Maalike Warnaar,“Informal Power as a tool of authoritarian Regimes: the case of Libya”,Iwema Journal,(2015)

2- JIBRAN UBALE ,”Libyan crisis and escalation of conflict and insecurity in Africa” ,international journal of Humanities and social science, VOL(18),NO(4),(2021)

C:Research Papers:

1- Chrestopher M.Blanchard, “Libya: background and US relations“, Congressional Research service,Washington,2010

2-Frederic Wehrey,”Ending Libya, s civil war: Reconciling Politics, Rebuilding Security” ,Carnegie centerfor international peace,(2014),

3-Yacine Boudhane,”Algeria,s role in solving the Libya crisis”, The Washington institute for near East policy,(2014).

 

[1])سعاد خالدي,“دور العلاقات العامة في إدارة الأزمات في العالم العربي:أزمة الربيع العربي نموذجًا”,رسالة دكتوراة,كلية العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية,جامعة وهران,الجزائر,(2016-2017),ص1

([2] إسلام نزيه سعيد أبو عون,”تداعيات الحراك العربي في ظل مفهوم الثورة وأثره علي التنمية السياسية في الوطن العربي”,رسالة ماجستير,كلية الدراسات العليا,جامعة النجاح الوطنية,(2017),ص3

[3])أميرة برحايل بودودة,”التحول الديمقراطي في ليبيا وتداعياته علي دول الجوار الإقليمي:المركب الأمني الإقليمي كمقاربة تفسيرية”,مجلة دراسات وأبجاث,المجلدالثامن,العدد22,(2016),ص92

[4])صبري جبران الكرغلي,ويوسف محمد القماطي,“ثورة17فبراير:الدوافع الحقيقية للثورة والعوامل المساعدة لقيامها“,مجلة جامعة بنغازي العلمية,(2011).

[5])د/مصطفي عبد الله أبو القاسم خشيم,”الأزمة الليبية:المفهوم والأبعاد“,مجلة متابعات أفريقية الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية,العدد الثاني عشر,(2021).

[6])حسين يوسف القطروني,”الأزمة الليبية:التفكك البنيوي للسلطة وخيارات التسوية(2011-2021)”,مجلة متابعات أفريقية الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية,العدد الثاني عشر,(2021).

[7])فولفرام لاخر,ترجمة عدنان عباس علي,”تصدعات الثورة الليبية:القوي الفاعلة والتكتلات والصراعات في ليبيا الجديدة“,مجلة دراسات عالمية الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية,العدد(120),(2014).

[8])JIBRAN UBALE ,”Libyan crisis and escalation of conflict and insecurity in Africa” ,international journal of Humanities and social science, VOL(18),NO(4),(2021)

[9])نعيمة موصر,”الأمن القومي الجزائري بين المتغيرات الداخلية والخارجية:مقاربة لبناء عقيدة أمنية جزائرية”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة مولود معمري,تيزي وزو,الجزائر,(2018/2019).

[10])رياض بوزوب,”إستراتيجية الأمن القومي الجزائري:إدراك-تهديد-إستجابة”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الحاج لخضر باتنة,الجزائر,(2018/2019).

[11])حسام حمزة,”الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الحاج لخضر باتنة,الجزائر,(2010/2011).

[12])عمار بالة,“التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري:مالي نموذجًا”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة باتنة,الجزائر,(2017/2018).

[13])علي محمد فرج النحلي,الأزمة الليبية وتداعياتها علي دول الجوار(2011-2017)”,رسالة ماجستير,كلية الأداب والعلوم,جامعة الشرق الأوسط,الأردن,(2018).

[14])محمد سليمان الزواوي,”التداعيات الإقليمية للأزمة الليبية“,مجلة رؤية تركية,العدد الحادي عشر,(2014).

[15])مباركة سليماني,:”تداعيات الأزمة الليبية علي أمن الحدود الجزائرية”,مجلة الإقتصاد والقانون,العدد الثاني,(2018).

[16])سحنين هيري,”الأزمة في ليبيا وأثرها علي الأمن القومي الجزائري”,مجلة الدراسات الحقوقية,مخبر الدراسات القانونية المقارنة,المجلد الثامن,العددالأول ,(2021).

[17])علياء محمد عبد الجواد المنصوي,”تأثير الأزمة الليبةي علي الأمن القومي لدول شمال أفريقيا:الجزائر نموذجًا(2011-2020)”,رسالة ماجستير,كلية الأداب والعلوم ,جامعة الشرق الأوسط,الأردن ,(2021).

[18])يسري أوشريف,“تداعيات الأزمة الليبية علي الأمن في الجزائر”,رسالة دكتوراة,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد خيضر-بسكرة,الجزائر,(2015/2016).

[19])أ.د/عبد الغفار رشاد القصبي,“مناهج البحث في علم السياسة,الكتاب الأول(التحليل السياسي ومناهج البحث)“,(الطبعة الأولي,مكتبة الأداب للنشر والتوزيع,القاهرة,مصر,2004),ص153

[20])أ.د/عبد الغفار رشاد القصبي,المرجع السابق,ص ص156-157

[21])عمار غياط,”البعد الأمن الجزائري في الساحل الأفريقي“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد الصديق بن يحي,جيجيل,الجزائر,(2018/2019),ص17

[22])عزيز نوري,”الواقع الأمني في منطقة المتوسط:دراسة الرؤي المتضاربة بين ضفتي المتوسط من منظور بنائي“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الحاج لخضر,باتنة,الجزائر,(2011/2012),ص56

[23])Cynthia Weber, “International Relation Theory On Critical Introduction“,(3th Edition ,London and New York ,Roulteldge,2010),p15

[24]) Keen Booth and Stive Smith ,”International Relation Theory Today“,Penslvania University press,Penslvania,U.S.A,1995),P177

[25])عبد الرفيق كشوط,”الأمن والتحول في المرجعيات والقيم:من المنظور الواقعي إلي الأمننة”,مجلة العلوم الإنسانية,العدد الثالث,(2015),ص28

[26])Barry Buzan,”The Evolution of International Security studies” ,Cambridge University Press ,New Yourk,U.S.A,p212

[27])عبد النور بن عنتر,“البعد المتوسطي للأمن الجزائري”,(ط.غ.م,المكتبة العصرية للطباعة والنشر والتوزيع,الجزائر,2005),ص ص17-18

[28])كمال روابحي,”التهديدات الأمنية الجديدة في المتوسط وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد بوضياف بالمسيلة,الجزائر,(2017-2018),ص ص23-24

[29])بطرس بطرس غالي,”الأمن وحفظ السلام في إفريقيا“,مجلة السياسة الدولية,القاهرة,(1995),ص81

[30])عزمي بشارة,”الثورة التونسية المجيدة“,المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات,بيروت,(2012),ص ص252-253

[31])فيجي براشاد,ترجمة منذر محمود محمد,وعبدالله الفتاح عمورة,”الشتاء الليبي“,(ط.غ.م,دار فرقد للطباعة والنشر,دمشق,سوريا,2014),ص143

[32])محمد عز العرب,”التغيرات في الشرق الأوسط“,مجلة السياسة الدولية,مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية,المجلد(47),العدد(187),(2012),ص191

[33])ميادة علي حيدر,وحيدر عبد الله,“أثر الصراع الخليجي في الأزمة الليبية بعد العام 2011,المجلة السياسية الدولية,الجامعة المستنصرية,العدد(42),(2019),ص919

[34])ميادة علي حيدر,وحيدر عبد الله,المرجع السابق,ص ص919-920

[35])“الحرب في ليبيا:ما هي الأطراف الخارجية التي تتدخل فيها وما دوافعها؟“,BBC,2020,متاح علي الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-53588475

[36])Frederic Wehrey,”Ending Libya, s civil war: Reconciling Politics, Rebuilding Security” ,Carnegie centerfor international peace,(2014), https://carnegieendowment.org/2014/09/24/ending-libya-s-civil-war-reconciling-politics-rebuilding-security-pub-56741

[37])خيري عمر,“ليبيا:أزمة مايو-يونيو2014 ومستقبل الديمقراطية”,مجلة رؤية تركية,(2014),ص ص8-10

[38])خيري عمر,المرجع السابق,ص ص8-10

[39])محمود علاء الدين حواش,وأخرون,”أثر التدخل العسكري في ليبيا علي الأمن القومي المصري في الفترة ما بين2014-2020)”,المركز الديمقراطي العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية,2021,متاح علي الرابط: https://democraticac.de/?p=78741

[40])إسراء جياد,”محددات التفاعل والتأثير بين الثورات العربية:دراسة في الأسباب والنتائج”مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية,العدد(43),(2013),ص ص36-37

[41])عامر العزاوي,”الثورة الليبية:الأسباب والتحديات والتداعيات بعد عام 2011,مجلة المستنصرية,العدد(50),(2015),ص96

[42])Chrestopher M.Blanchard, “Libya: background and US relations“, Congressional Research service,Washington,2010,pp6-9

[43])ندي الشقيفي,“الربيع العربي:الأفق الأسود“,(ط.غ.م,دار المنهل للنشر والتوزيع,بيروت,لبنان,2015),ص186

[44])د/أمنة محمد علي,”تحديات التحول الديمقراطي وبناء الدولة في ليبيا“,مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية,العدد(17),(2013),ص242

[45])د/محمد عاشور مهدي,“قراءة في أسباب الصراع المسلح في ليبيا ومساراته المحتملة”,مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية,ت.ن.غ.م.متاح علي الرابط: https://www.sis.gov.eg/Newvr/34/9.htm

[46])د/محمد عاشور مهدي,المرجع السابق

[47])د/محمد عاشور مهدي,مرجع سبق ذكره

[48])د/خالد حنفي علي,“الإشتباك المنخفض:التحولات الإنتقالية في السياسة الخارجية الليبية”,مجلة السياسة الدولية,المجلد(48),العدد(193),(2013),ص 85

[49])ندي الشقيقي الماريني,مرجع سبق ذكره,ص ص191-192

[50])Crystal Ennis, and Maalike Warnaar,“Informal Power as a tool of authoritarian Regimes: the case of Libya”,Iwema Journal,(2015),pp100-122

[51])محرز مشيش,وسمير كعوان,“إنعكاسات أزمة إنتشار السلاح الليبي علي الأمن في المتوسط”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة مولود معمري,الجزائر,(2016-2017),ص ص34-36

[52])نداء السيد حسن محمد,“أثر الأزمة الليبية علي الأمن القومي المصري منذ 2011والمركز العربي للبحوث والدراسات,2021,متاح علي الرابط: http://www.acrseg.org/41863

[53])علياء محمد عبد الجواد المنصوري,”تأثير الأزمة الليبية علي الأمن القومي لدول شمال أفريقيا:الجزائر نموذجًا(2011-2020)”,رسالة ماجستير,كلية الأداب والعلوم,جامعة الشرق الأوسط,الأردن,(2021),ص102

[54])علياء محمد عبد الجواد المنصوري,المرجع السابق,ص102

[55])نبيل بويبة,”المقاربة الجزائرية تجاه التحديات الأمنية في منطقة الصحراء الكبري“,رسالة ماجسيتر,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الجزائر,(2011),ص84

[56])سليم بوسكين,”تحولات البيئة الإقليمية وإنعكاساتها علي الأمن الوطني الجزائري”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة بسكرة,الجزائر,(2014-2015).

[57])مصطفي بن حوي,وأحلام صارة,”الأزمة الليبية وتداعياتها علي أمن الجزائر”,مجلة إتجاهات سياسية,العدد الرابع,(2018),ص176

[58])محمد بوبوش,”الأمن في منطقة الساحل والصحراء“(الطبعة الأولي,دار الخليج للنشر والتوزيع,عمان,الأردن,2016),ص208

[59])علياء محمد عبد الجواد المنصوري,مرحع سابق,ص ص103-105

[60])جمال تراكة,ونسيمة عموري,”التهديدات السياسية والعسكرية للأزمة الليبية وتداعياتها علي الأمن القومي الجزائري”,مجلة مقون الصادرة عن كلية العلوم الإجتماعية والإنسانية بجامعة الدكتور مولاي الطاهر سعيدة بالجزائر,المجلد الثامن,العدد الرابع,(2017),ص623

[61])فايزة حنافي,وأم هاني حبشي,مرجع سبق ذكره,ص ص149-151

[62])جمال تراكة,ونسيمة عموري,مرجع سبق ذكره,ص624

[63])عبد القادر عبد العالي,وقوي بوحنية,”جيوبولتيكا القارة الإفريقية:جدل السياسة,الجغرافيا,الأمن”,(الطبعة الأولي,دار الحامد للنشر والتوزيع,الأردن,2020),ص ص323-324

[64])سحنين هيري,مرجع سبق ذكره,ص481

[65])يسري أوشريف,مرجع سبق ذكره,ص228

[66])علياء محمد عبد الجواد المنصوري,مرجع سبق ذكره,ص107

[67])عبد النور بن عنتر,“البعد المتوسطي للأمن الجزائري“,(ط.غ.م,المكتبة العصرية للطباعة والنشر والتوزيع,الجزائر,2005),ص41

[68])حسام حمزة,مرجع سبق ذكره,ص54

[69])فريال منايفي,”الترتيبات الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية في الساحل الإفريقي وإنعكاساتها علي الأمن الجزائري“,رسالة ماجستير,كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية,جامعة بسكرة,الجزائر,(2011),ص144

[70])صالح زياني,“تحولات العقيدة الأمنية الجزائرية في ظل تنامي تهديدات العولمة“,مجلة المفكر,العدد الخامس,(2010),ص ص 291-292

[71])سليم بوسكين,”العقيدة الأمنية الجزائرية وإشكالية التكيف مع التهديدات الجديدة”,مجلة العلوم القانونية والسياسية,المجلد العاشر,العدد الثاني,(2019),ص ص 1341-1345

[72])حنان نجاعي,”الأزمة الليبية بين المقاربة المغاربية والأجندة الخليجية المصرية“,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الجيلالي بونعامة,الجزائر,(2017-2018),ص51

[73])صورية زواشي,”الأزمة الليبية والقوي الدولية”,المجلة العربية للعلوم السياسية,الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية,العددان 49-50,(2016),ص ص154-155

[74])لبنة شقيري,“إنتشار الأسلحة الحقيقية ودورها في تأجيج النزاعات في منطقة الساحل الأفريقي:ليبيا نموذجًا”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد الصديق بن يحي,جيجل,الجزائر,(2014-2015),ص6

[75])نبيل بويبة,مرجع سبق ذكره,ص ص172-173

[76])إبتسام لكواعظ,ونور الهدي كعوان,”دور الدبلوماسية الجزائرية في حل النزاعات الدولية”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة محمد الصديق بن يحي-جيجل,(2015-2016),ص95

[77])إبتسام لكواعظ,ونور الهدي كعوان,المرجع السابق,ص96

[78])لبيب بقاص,“السياسة الخارجية الجزائرية تجاه القضية الليبية(2011-2017)”,رسالة ماجستير,كلية الحقوق والعلوم السياسية,جامعة الشهيد حمة لخضر,الوادي,الجزائر,(2016-2017),ص ص 62-66

[79])هل يتوصل إجتماع دول جوار ليبيا إلي تصور واضح لمستقبلها؟”,BBC News عربي,سبتمبر 2021,متاح علي الرابط: https://www.bbc.com/arabic/inthepress-58411485

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=83454

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M