مفاتيح تفسيرية مبسطة للقرآن الكريم الحلقة الأولى

يحل علينا شهر رمضان شهر القرآن ، ويعتاد المسلمون على ختم القرآن الكريم في هذا الشهر مرة على الأقل وتقام المحافل القرآنية في المساجد في عدة دول في العالم ، ولكن مما اعتاد عليه المسلمون في التعامل مع القرآن الكريم هو قراءة القرآن ومحاولة إتقان مخارج الحروف وأحكام التلاوة ، وهذا المقدار شيء جيد ولكن هناك مستويات أعلى لا ينبغي للإنسان المؤمن الواعي الطالب للكمال أن يتركها ، فلا بد للمؤمنين أن أن يستثمروا هذه الأوقات الشريفة ذات الألطاف الخاصة في هذا الشهر الكريم حتى يرتقوا في سلّم التكامل وفق الحديث المروي ( إقرأ وارقى ) .
لذا رأينا وضع بعض المفاتيح التفسيرية للقرآن الكريم تناسب المستويات البسيطة حتى يستفيد منها قارئ القرآن أثناء قرائته فيرقى ، باعتبار أن الأعم الأغلب من المسلمين هم من غير المتخصصين في العلوم الدينية وبالتالي لا يملكون القدرة على تفسير القرآن ، وليس من الطبيعي أن يختص الجميع بالتفسير الدقيق لأن الحياة تتطلب عدة اختصاصات ، ولكن هناك مستوى بسيط يمكن للجميع أن يستفيد منه .
وسنبدأ من توسيع فهم بعض المصطلحات الواردة في القرآن حتى يتم الأخذ بها أثناء القراءة ، ومن هذه المصطلحات :

– الظلم : فقد ورد هذا المصطلح كثيراً في القرآن وبيّن عاقبة الظالمين أو صفاتهم ، ولكن أغلب الناس لهم تصور ضيق حول الظلم ، حيث يعتقد البعض أن الظلم هو ظلم السلاطين ورؤساء الدول لشعوبها فقط ، وهذا الظلم وإن كان من أبرز أنواع الظلم إلا أنه ليس الوحيد ، ففي الحديث المروي والذي سأنقله وكل الأحاديث بالمعنى لا بالنص ( الظلم ثلاث : ظلم لا يُغفر وهو الشرك بالله ، وظلم لا يُترك وهو ظلم الناس لبعضها ، وظلم يغفر وهو ظلم الإنسان لنفسه ) ، وعليه عندما ترد آية حول الظلم والظالمين علينا أن نستحضر تلك الأصناف الثلاثة إلا أن يكون ضمن الآية قرينة تحدد نوع الظلم المذكور في تلك الآية الشريفة .
فالايات المختصة بالظلم قد تعني الشرك وقد تعني ظلم العباد لبعضهم البعض وقد تعني ظلم الإنسان لنفسه ، والصنف الأول مستبعد لدى قراء القرآن ولكن الظلم الثاني والثالث واردين وبشكل كبير ، فقد يتصور الإنسان أنه ليس بظالم للناس ولكن بكل تأكيد هو ظالم لنفسه بسبب ذنوبه التي لم يستغفر منها ، لذا عليه المسارعة الى الاستغفار والتوبة لأنه قد يكون مشمول بتلك الآيات ، كما إن عليه أن لا يفكر أصلاً بأن العباد مأمونون من ظلمه ، لأن الظلم باب واسع : فالغيبة ظلم والكذب ظلم والغش ظلم والخيانة ظلم و وووووو .

– الشرك : قد يستبعد قرّاء القرآن أن يكونوا من المشركين ، لأنهم لو كانوا مشركون لما قرأوا القرآن الكريم ، أما عندما نوسع فهمنا لهذا المصطلح سنجد الأمر مختلفاً ، فالشرك بالله لا يشمل قرّاء القرآن ولكن الرياء – باعتباره الشرك الأصغر – قد يصيب الكثيرين من القرّاء سواء أثناء القراءة أو في أعمال أخرى ، وهذا لا يعني أن الشرك نوعان فقط (الشرك بالله والرياء) فهناك أنواع أخرى من الشرك مثلاً عبادة الهوى تعتبر شرك بالله ، وهذا لا يعني أنه بحكم الشرك بالله ولكن القرآن يتعامل معه كشرك ، وعليه فإن مفردة (الشرك) أو مشتقاتها يمكن أن يُشمل بها الكثيرون بل يمكن القول أن الجميع مشركون بهذا المقدار إلا من عصم الله .
وكما أن الهوى يمكن أن يُعبد فهناك أمور أخرى يمكن أن تُعبد إذا اعتبرنا العبادة هي الطاعة ، فهناك من يعبد المنصب ومنهم من يعبد المال وآخر يعبد فناناً أو رياضياً ، فكل أولئك مشركون إذا فضّلوا طاعة غير الله من المنصب والمال والهوى وغيرها على طاعة الله ، وهم مشمولون بأي آية تتحدث عن الشرك إلا أن تكون هناك قرينة تحدد نوع هذا الشرك .

– الكفر : وهذا من المصطلحات التي لا يتوقع أحد من قرّاء القرآن أن يكون مشمولاً بها ، لأن الكافر هو الذي لا يؤمن بوجود الله ، وقارئ القرآن يؤمن بالله بل ومتقدم خطوات كبيرة في الإيمان ، أما إذا عرفنا أنواع الكفر فنرى الكثيرين من الناس كفاراً ولكن ليس بمعنى الألحاد ونكران وجود الله ، فالبعض كفار بأنعم الله فهؤلاء يمكن أن يشملوا بآيات الكفر التي لا تشتمل على قرينة تثبت اختصاصها بنوع معين من أنواع الكفر .

نلتقيكم في حلقة أخرى من مفاتيح تفسيرية مبسطة للقرآن الكريم

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M