تتناول الايتان 74 و 75 من سورة الاسراء موضوعا في غاية الأهمية، الا وهو (انحراف العلماء)، فالمتعارف عادة تناول مكانة العلماء ومنزلتهم، اما انحراف العلماء – او انحراف ما يسمى بالعلماء – فنادرا ما يتم التطرق اليه، وقد يرجع ذلك الى التقديس الخارج عن الاسس المنطقية الذي ولد الصنمية عند اغلب المؤمنين.
ولا شك أن كثيراً من الخطابات القرآنية للنبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم تكون بطريقة (اياك اعني واسمعي يا جارة) اي المخاطب هو رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن المقصود هو عموم المسلمين او المعني بموضوع الآية، لذلك فإن هاتين الآيتين تقصد العلماء والقيادات الدينية وحتى السياسية باعتبار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمثل العلماء وكان قائداً دينياً وسياسياً، ولم تعني الايتان – والله العالم كما يبدو من سياق الآيتين – عامة الناس من غير هذه الطبقات.
فعندما يركن العلماء والقيادات الدينية والسياسية الى جهات منحرفة حذر الله من الركون اليها، كالركون الى الظالمين (ولا تركنوا الذين ظلموا فتمسكم النار)، فهذا الركون سيوجب عليهم عذابا مضاعفا في الدنيا وعذابا مضاعفا في الاخرة، كون انحراف العلماء والقيادات الدينية والسياسية ليس انحرافا شخصياً او فرديا وانما سيؤثر على المنظومة الاجتماعية فضلاً عن التأثير سلباً على الدين وابعاده الفكرية.
ومضاعفة العذاب هذه في الدارين لبيان خطورة هذه المواقع لمن يريد ان يقترب منها، وكذلك تنبيه واعلام الأمة بأن خطر انحراف العلماء والقيادات الدينية والسياسية خطر كبير، وعلى الامة ان تجهد نفسها في اختيار هذه الاصناف الثلاثة والا فان ادنى اخفاق في الاختيار – حتى مع القصور – يكلف الأمة ثمناً ويورطها في أزمات قد يصعب الخروج منها.