أشد الناس ظلماً – درس من الآية 57 من سورة الكهف

بهاء النجار

تناولنا في مناسبة سابقة وتحديداً في قراءة للآية 104 من سورة النحل ان الله لا يهدي من لا يؤمن بآيات الله، وقد اشرنا في حينها الى ان مصاديق الآيات التي لا يؤمن بها عديدة، منها الآيات الكونية او الآفاقية، ومنها الآيات الانفسية بحسب تعبير الآية 53 من سورة فصلت حيث قالت: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ).
وقد يكون المراد منها الآيات القرآنية والاحكام النازلة في القرآن.
واليوم نريد ان نتطرق الى من ذكر بآيات الله فأعرض عنها، مع اخذ معنى الآيات هو ما تقدم من آيات آفاقية او أنفسية، او ربما يكون المعنى اوضح لو اعتبرنا المقصود بالآيات المعرض عنها هي الآيات القرآنية وما تشتمل من احكام وسنن وأخبار لأمم وأقوام.
بالتالي فإن الآية 57 من سورة الكهف ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ? إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى? قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ? وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى? فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) تخبرنا بأن أشد الناس ظلماً هو من أعرض عن آيات الله القرآنية واحكامه عند تذكيره بها، اي ان من لم يذكر بآيات الله لا يكون من اهل تلك الآية.
وبذلك عندما تكون الظروف مناسبة للمؤمنين لإقامة حكم من أحكام الشريعة ويذكرون بها وضرورة اقامة احكام الله التي انزلها في قرآنه ومن خلال سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيعرض بعضهم عن ذلك، فأولئك المعرضون هم اشد ظلماً وفقاً لهذه الآية.
ولا غرابة من هذه النتيجة، لأن القرآن صرح بكل وضوح في سورة المائدة أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون، والمعرضون عن آيات الله وأحكامه هم اشد ظلماً، فكيف بمن يعترض على اقامة أحكام الله في الأرض مع امكانية تطبيقها؟ نستجير بالله.
وقد أخبرنا الباري عز وجل من خلال هذه الآية انه سبحانه جعل أكنة وأغشية على قلوب اولئك لسوء توفيقهم فلا يستطيعون ان يفقهوا آيات الله عندما ذكروا بها لذلك اعرضوا، وفي آذانهم وقرا يصم سمعهم فلا يسمعون لأي تذكير فضلاً عن أن يكونوا مستمعين فيكون الإعراض نتيجة متوقعة، لذلك اذا دعوتهم الى الهدى بتذكيرهم بآيات الله لا يهتدوا بسبب الأكنة التي على قلوبهم والوقر الذي في آذانهم.
نسأل الله أن لا نكون من اهل تلك الآية وأن لا نعرض عن آيات الله وأحكامه اذا ذكرنا بها بل نكون من المقيمين المطبقين لأحكام الله سبحانه.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M