2.4 جدلية التنمية المستدامة وبنية الدولة وسياساتها العامة

علي الزميع

تطور مفهوم التنمية المستدامة والسياسات العامة

شهد العالم تطورات كبيرة على صعيد الأدبيات التنموية، إذ تحول مصطلح التنمية من مفهومه التقليدي الذي اهتم بالنمو الاقتصادي إلى رؤية أوسع وهي التنمية المستدامة، التي يندمج فيها الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لتحقيق التنمية البشرية. وتعود نشأة مصطلح “التنمية المستدامة” إلى منشور أصدره الاتحاد الدولي من أجل حماية البيئة سنة 1980، لكن تداول هذا المصطلح على نطاق واسع لم يحصل إلا بعد أن أُعِيد استخدامه في تقرير “مستقبلنا المشترك” الصادر عام 1987 عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والذي عرّف التنمية المستدامة بأنها “التنمية التي تستجيب لحاجيات الحاضر دون أن تُعرِّض للخطر قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.” ويركز هذا التعريف ضمنياً على فكرتين محوريتين هما: فكرة الحاجيات، وخصوصاً الحاجيات الأساسية للفئات الاجتماعية الأكثر فقراً التي تستحق أن تُولَى أهمية كبرى، وفكرة محدودية قدرة البيئة على الاستجابة للحاجيات الحالية والمستقبلية للبشرية، في ظل أنماط الإنتاج والاستهلاك السائدة والتقنيات المتوفرة.[1]

وفي تطور ملحوظ قامت الأمم المتحدة بتحديد أهداف التنمية المستدامة بسبعة عشر هدفاً جعل الغاية التنموية واضحة المعالم ولا تحتاج إلى اجتهاد أو تفسير، وترتبط هذه الأهداف بما سبق أن تم إحرازه من نجاحات في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية (2000-2015). هذا التطور أدى إلى إعادة النظر في مفهوم التنمية ليكون مفهوماً يندمج فيه الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فتحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب وجود بيئة مواتيه لتحقيقها وهذه البيئة تتضمن بعدا سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ويتطلب وجود أداء حكومي فعال.[2] يتضح ذلك في تأكيد الأمم المتحدة على أهمية النظام السياسي والحكم الرشيد في تحقيق التنمية المستدامة، حيث جاء في وثيقة السياسات العامة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت عنوان إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة: “يعتقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن بناء القدرة على الحكم شرط محوري للتنمية البشرية المستدامة … وأننا لنطمح في أن نصبح شريكاً محايداً للحكومات وللمجتمع المدني وللقطاع الخاص بحيث نخلق فرصاً للتفاعل من أجل إيجاد حلول تتركز على الناس في الأجل الطويل”.[3]

وعلى الرغم من ذلك التطور الكبير الذي لحق بالتنمية المستدامة، إلا أن الأدبيات العربية لا تزال تهمل وتتجاوز البعدين السياسي والاجتماعي كأركان أصيلة في التنمية المستدامة، حيث تتجه غالبية الأدبيات العربية إلى حصر التنمية المستدامة في بعدها الاقتصادي، وهو الأمر الذي يخالف طبيعة الاستدامة ذات الأبعاد المتعددة. فإن كان البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة يهدف إلى تحقيق “التنمية الاقتصادية التي تعمل على تلبية حاجات وطموحات الحاضر دون الإخلال بالقدرة على تلبية حاجات المستقبل”،[4] فإن البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة يسعى إلى تحقيق حاجات وطموحات المواطنين بتوفير الاستقرار الاجتماعي بين المواطنين ومنع تزايد الهويات الضيقة والفروقات الطبقية بينهم التي من شأنها تهديد السلم الاجتماعي، وذلك بضمان نمو مُدمِج عبر توزيع عادل للثروة وللموارد ومنظومة ضريبية عادلة، وإرساء نظام حماية اجتماعية يوفر الحق لجميع أفراد المجتمع بدون تمييز في الحصول على الخدمات الصحية وتأمينهم ضد أخطار الحياة. ولتحقيق الاستدامة ببعديها الاقتصادي والاجتماعي، من الضروري نجاح البعد السياسي للتنمية المستدامة ابتداءً، وتزعم هذه الدراسة أن البعد السياسي للتنمية المستدامة يمثل القاعدة والمناخ والمرجعية التي من الممكن أن تحقق عوامل نجاح الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية، لارتباط القرار والبعد السياسي بالقرار التشريعي والإداري المنوط بهما تحقيق التنمية المستدامة.

ولدراسة البعد السياسي للتنمية المستدامة، سيتم تناول أحد أبرز التجليات والأدوات التي تبرز الإرادة السياسية في مسيرة عملية التنمية ألا وهي عملية “صناعة السياسات العامة” وما يرتبط بها من استقلال وحياد للإدارة العامة كمؤشر لمدى توفر المناخ السياسي الملائم لتحقيق التنمية المستدامة بأوجهها المختلفة، وذلك بوضع سياسات عامة تحقق الاستدامة السياسية المحققة للسلام الاجتماعي وشفافية ومهنية للقرار الاقتصادي أولاً وذلك بتبني قيم حوكمة مؤسسات الحكم وبتمكين المواطنين من المشاركة السياسية حيث لا تقتصر رفاهية بلدٍ ما على الأوضاع الاقتصادية فيه وحسب، بل لها علاقة بوجود فرصٍ تتيح عيش حياةٍ حرة تتّسم بالكرامة والعدالة والمشاركة السياسية.

ونتيجة للنقص الشديد في الدراسات التي تبحث في البعد السياسي للتنمية المستدامة – والتي أكد عليها تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية الإنسانية العربية لعام 2019[5] – أصبحت الحاجة ماسة للتركيز على ملأ هذا الفراغ وإنضاج مضامينه، وانطلاقاً من ذلك ارتأت هذه الدراسة أن تتبني البحث في هذا المحور للتنمية المستدامة من خلال اختيار إحدى أهم أوجه إدارة الحكم “الإدارة العامة” ألا وهي السياسات العامة كأحد أبرز المفاهيم التي تبرز وترسخ الوجه السياسي في محاولات تحقيق التنمية المستدامة مع الإشارة إلى الأوجه والتقاطعات الاجتماعية والاقتصادية الملازمة لهذا الأمر، فالسياسات العامة هي تلك السياسات التي تصبو إلى تحقيق أكبر عائد مجتمعي وبأقل مقدار من التكلفة وفقاً لنظرية الاختيار الرشيد، وقد أكدت الأمم المتحدة في مؤتمرها الثالث لتمويل التنمية على الدور المحوري للسياسات العامة في تحقيق التنمية المستدامة وذلك بالإشارة إلى أن “الحلول المتاحة تكمن في طريق تعزيز السياسات العامة والأطر التنظيمية والتمويل على جميع المستويات … دعماً للتنمية المستدامة، ونعيد التأكيد على أهمية الحرية وحقوق الإنسان والسيادة الوطنية والحكم الرشيد وسيادة القانون والسلام والأمن ومكافحة الفساد والمؤسسات الديمقراطية الفعالة الخاضعة للمساءلة باعتبارها عناصر محورية لإتاحة حشد الموارد واستخدامها بطريقة فعالة ناجعة.”[6]

وتبرز أهمية التنمية المستدامة بجوانبها الثلاث “الاقتصادية والاجتماعية والسياسية” فيما ألتزم به قادة العالم من خلال اعتمادهم خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للعام 2030 بإجراء عالمي متسق وشامل لتحقيقها تساهم فيه الدولة بمؤسساتها المختلفة وبإشراك المواطنين والجماعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة دون إقصاء، وذلك في ظل التحديات التي تواجه المنطقة جراء تدهور العلاقة بين المواطنين والدولة في ظل هشاشة سياسية واجتماعية واقتصادية والتي تؤدي إلى حدوث خطوط صدع خطيرة في المفاهيم الحديثة للمواطنة.[7]

وبمراجعة لواقعنا العربي نجد أن غالبية الدول العربية والخليجية تفتقد لصناعة سياسات عامة ترسخ قيم الاستدامة، وهو ما يهدد تواصل نمط التنمية بصورته الحالية. وسياسياً تشير الدراسات الفنية ودراسات الأمم المتحدة المختلفة إلى أن إشكالية تطور السياسات العامة مرتبطة بشكل رئيسي ببنية الدولة والفكر السياسي والعقد الاجتماعي الدستوري الحاكم لها، فالعقد الاجتماعي الذي نشأ من التنازع والمساومة في تاريخنا يتسم بتجاهل إرادة الشعوب، ذلك أن بناء الدولة وتكوينها بعد حصول الدول العربية على استقلالها في خمسينيات وستينيات القرن العشرين ارتبط بقيام دول مستقلة بشعورٍ قوميٍ قوي لدى الطبقة السياسية الحاكمة، مبني على أن الدولة يجب أن تكون الراعي والمحرّك الرئيسي لمسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع إغفال كامل لأي مشاركة شعبية.

وتبرز أهمية وضع سياسات عامة تحقق التنمية المستدامة إلى ما تعانيه دول المنطقة بما فيها الخليجية من اللامساواة داخل مجتمعاتها، وعبر علاقات مشوهه بين الدولة والمجتمع، حيث أطلقت الممارسات التي تحدّد تكوين الدولة والعَقد الاجتماعي العنان لقوى الإقصاء، والتي تُرجمت في عدم قدرة الناس على ممارسة حقوقهم السياسية كمواطنين،[8] وتصف بعض التقارير الدولية المعنية بحقوق المواطنة إلى أن “العقد الاجتماعي في دولنا العربية لم يعد صالحاً لقطاعات كبيرة من الشعب … مما يوجب إعادة تعريف العقد الاجتماعي بناءً على التفاعل بين الدولة والمواطنين.”[9]

بناءً على ما سبق تسعى هذه الدراسة لإثارة النقاش حول تأثير تباين طبيعة أنظمة الحكم السياسي في دول مجلس التعاون على توفير بيئة ملائمة لنجاح صناعة السياسات العامة؟ ومدى أثر التزام الدولة بقيم ومبادئ الديمقراطية والمشاركة الشعبية من عدمها على فاعلية هذه السياسات؟ وذلك انطلاقاً من تعريف ووصف السياسات العامة بأنها تهدف في المقام الأول إلى حل المشاكل عن طريق التأثير على صانعي القرار وإقناع الجمهور المستهدف باتخاذ تلك السياسات، والعلاقة المتبادلة بين السياسات العامة والتنمية المستدامة وذلك في إطار دراسة لمرجعية “القرار – التنفيذ – التقييم” في صناعة السياسات من خلال إجراء دراسة مقارنة بين الكويت من جهة وباقي دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، والأمارات، وقطر، والبحرين، وعمان).

وتبرز أهمية إثارة هذا الأمر في ظل ندرة الدراسات التقييمية لمثل هذا الموضوع، وتزداد أهميتها في ظل ما تواجهه دول الخليج العربي من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخلياً وخارجياً، وأحد أبرز هذه التحديات ما تواجهه من واقع تنموي متراجع، لضعف تفعيل إرادة وثقافة السياسات العامة في المنطقة على المستوى الوطني، مما جعلها عملية تحديث أكثر منها تنمية شاملة، فهي مسيرة نمو وليست تنمية مستدامة.[10]

ولكي يتم الوصول إلى هذا الهدف لابد من مناقشة المواضيع التالية:

 

أولاً: تعريف القارئ بطبيعة السياسات العامة وتحديد أهدافها وخصائصها وأهميتها. ثانياً: استعراض سريع لنشأة الدولة الخليجية الحديثة في الدول الخمس السعودية والإمارات وقطر والبحرين وعمان، والمبنية على عقود اجتماعية وسياسية مشوهة يتقلص فيها دور الشعوب لصالح النخب الحاكمة، وآثارها على صنع السياسات العامة وإسقاطاتها على الواقع وما خلفته من تحديات أو اختلالات. وفي المقابل استعراض التجربة السياسية الكويتية والمراحل التي مرت بها عملية صناعة السياسات العامة في الكويت، وطبيعتها الخاصة كإفراز تجربة سياسية مختلفة عن جاراتها الخمس من دول مجلس التعاون بتبنيها نظام سياسي دستوري يطلق عليه “ديمقراطية ناقصة” أو “شبه ديمقراطية” (Semi-Democracy)[11] مبني على المشاركة الشعبية النسبية الفاقدة للكثير من الآليات السياسية المطلوبة مثال التعددية الحزبية وتداول السلطة كحالة استثنائية تجمع بين شيء من الديمقراطية وفي نفس الوقت شيء من سلطة الحكم الفردي مما خلق صناعة سياسات عامة اتسمت نتائجها بهذا المزيج من الإيجابية والسلبية كما سيتضح في الصفحات اللاحقة.

 

ثانياً: دراسة مقارنة لفلسفة وآليات تطبيق مبادئ ومقومات السياسات العامة “الاقتراح-التنفيذ-التقييم” بين الكويت وباقي دول مجلس التعاون. ومقارنة لنتائج وآثار هذه السياسات على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل تباين هذه الأنظمة سياسياً.

 

أولاً: السياسات العامة – تعريفها – أهدافها – خصائصها – أهميتها

تسعى هذه الورقة لإثارة النقاش حول مأزق صنع السياسات العامة في دول مجلس التعاون الخليجي وعلاقته بالتنمية المستدامة من خلال مقارنة التجربة السياسية الكويتية بالتجربة الخليجية. وسوف نعقد هذه المقارنة انطلاقاً من فرضية أن الأنظمة والمناخات الديمقراطية تعزز بشكل إيجابي صناعة السياسات العامة، وما يستتبعه ذلك من القول بأن الأنظمة غير الديمقراطية تعيق جهود الصياغة الصحيحة لتلك السياسات.

وتتمحور المناقشة حول تعريف السياسة العامة بأنها سياسات تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة”،[12] وحل المشاكل والاختلالات العامة عن طريق التأثير على صانعي القرار وإقناع الجمهور المستهدف باتخاذ تلك السياسات.”[13]

وبالإجمال يمكن إبراز أهمية السياسة العامة من خلال تعريفها بأنها توجه واضح ونهج ثابت يهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، والذي ينبغي أن يغطى كافة القطاعات كإصلاح منظومة التعليم وإصلاح سوق العمل وتطوير الرعاية الصحية وإصلاح الخلل السكاني وحل القضية الإسكانية وحل أزمات النقل والمواصلات ومواجهة الأخطار البيئية والأمنية وغيرها.[14]

وتجدر الإشارة إلى أن تحقيق التكامل اللازم بين السياسات العامة الرشيدة والفعالة يستدعي التحول عن وضع سياسات قطاعية منفصلة، ويقتضي العمل بالاستناد إلى الترابط الأفقي بين القطاعات والصلات العمودية للعمل بين مختلف مستويات الحكومة. ومن المهم اتباع جهد شامل وتشاركي في حل المشاكل وصنع القرارات وتخصيص الموارد، وهو أمر ينعكس على كيفية عمل الإدارات العامة والموظفين العموميين. وتؤدي السلطات المحلية دوراً حاسماً في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، لذا ينبغي للبلدان أن تعزز الجهود الرامية إلى تشجيع التكامل السياسي بين مستويات الحكومة ووضع أطر وطنية أكثر متانة تتيح تقاسم المسؤوليات والموارد في إطار السعي لتحقيق الأهداف المشتركة.[15]

وعليه من المفروض أن تهدف وتسعى السياسة العامة إلى ضمان تحقيق مصالح المواطنين بما يتناسب مع حاجاتهم ويحافظ على حقوقهم، لذلك فإن من خصائص السياسة العامة الرشيدة أنها لا تقتصر على فئة معينة من الأفراد بل تشمل كافة فئات المجتمع،[16] والمسؤول الرئيسي عن وضع وتطوير السياسة العامة الأجهزة الحكومية – وبخاصة السلطة التنفيذية – من خلال مسؤولياتها علماً بأن السلطات التشريعية والقضائية إضافة إلى بعض القوى غير الحكومية – المجتمع المدني – تسهم وتؤثر في رسم وتطوير بعض السياسات العامة بصور مختلفة وتشاركية.[17] لذا فإن أي نقاش حول هذا الموضوع يجب أن يتم ابتداءً بتناول تطور الحياة والسلطة السياسية وتفاعلها مع مبادئ صناعة السياسات العامة التي تمثل جوهر ومحور مسيرة الدولة والمجتمع، وذلك بتحليل طبيعة هذه السلطة ومصدر شرعيتها، على أمل أن فهمها سيمكن من التفاعل بشكل أكثر كفاءة في تطوير صنع السياسات العامة من حيث ارتباطها بأهداف وآلية عمل السلطة السياسية فيها، والتحولات المختلفة التي تلحق بها في إطار دراسة مرجعية لصناعة السياسات العامة، من حيث “من يتخذ القرار ومن ينفذه ومن يقيمه”. وعليه وفي هذا الإطار سيتم إجراء دراسة مقارنة بين طبيعة النظام السياسي في الكويت من جهة، وباقي أنظمة دول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى (السعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين، وعمان).

ثانياً: نشأة الدولة الحديثة خليجياً

تشهد دول مجلس التعاون متغيرات متتالية كبرى حيث أنها لا تزال تعيش حقبة تجربة تأسيس الدولة الحديثة، حيث تشهد عملية تحول وتغير للمجتمع والدولة نتيجة إدارة عامة تبنت العمل على وضع أطر وواجهات حديثة تعتمد على استخدام وتوزيع للثروة يهدف إلى إضفاء شكل متقدم للدولة بما يتناسب مع قوتها الاقتصادية المفاجئة وتأسيس واقع سياسي إقليمي ودولي ينأى بها عن واقعها السياسي المتأخر والمطالب الشعبية الداخلية بالإصلاح، عبر الإصرار على إبقاء مضامين وقيم سياسية أبوية متمثلة في التفرد بالسلطة والقرار، ومعتمدة على فلسفة نظام ريعي مستمدة قوته من الفوائض المالية النفطية.[18]

وعليه قامت حقبة التأسيس  بتبني مجموعة من الخطط والبرامج التي تنظم الشأن العام للدولة فيما يطلق عليه السياسات العامة، واتسمت هذه العمليات من التحديث الاجتماعي والسياسي بترحيب وقبول شعبي في حينه لاتسامها بالكثير من التوازن النسبي كالعدالة في توزيع الثروة وإفساح مجال لا بأس به من الحريات والمشاركة الشورية مع بعض شرائح المجتمع من نخب اجتماعية ومالية وثقافية. ولكن مع نمو هذه المجتمعات وتعقد تجاربها التنموية بدأت هذه الدول تعتمد سياسات عامة تتسم بالعديد من مظاهر السطحية والارتجالية، حيث فقدت في كثير من أوجهها أي فلسفة أو مرجعية ذات مصداقية شعبية أو فنية، مما أوصلها إلى حالة من المراوحة أو الجمود في إدارة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وعلى الرغم من مرور ما يقارب أكثر من نصف قرن على نشأتها واستقلالها كنتيجة لرفضها وإهمالها تقنين المتطلبات والسياسات والمبادئ التي تعطى مصداقية وطنية وفاعلية فنية لإنجاح نماذجها التنموية وإضفاء الشرعية والقبول والتوافق المجتمعي والسياسي عليها، مع وجوب عدم إلغاء أو تجاهل نجاح بعض السياسات العامة التي ساهمت في وضع لبنات الدولة الحديثة في هذه الدول.

أدت هذه الظاهرة من الجمود إلى نمو حالة من الفصام بين كثير من مكونات المجتمع الخليجي وأنظمتهم السياسية،[19] نتيجة لاختلالات هيكلية وخطيرة اجتماعياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً.[20] والتي يرجعها بعض الباحثين إلى تبني دول الخليج لنموذج الدولة الريعية سياسياً واقتصادياً بمرجعية قبلية ووراثية تفردية والذي كان له أثر في هيمنة فلسفة طغيان إرادة الأنظمة السياسية على شعوبها برفضها تبني فلسفة العقد الاجتماعي الدستوري المبني على أن مصدر الشرعية السياسية والقانونية للسلطة هو الشعب، وذلك في ظل غلبة مشروع الحكم القائم على تجيير مقومات وموارد الدولة لصالح هيمنة وبقاء النظام السياسي في هذه الدول على حساب مشروع الدولة ومواطنيها،[21] من خلال سياسات عامة منبثقة من ما يمكن تصوره من عقد اجتماعي وسياسي مصطنع ومؤقت يقود الأنظمة والمنطقة إلى الفشل الاقتصادي والسياسي ثم الانهيار كدول.[22]

الكويت من الدستور إلى أين؟

وبمطالعة مسيرة التجربة السياسية في الكويت، نجد أنها كانت تاريخياً وأسوةً بباقي دول الخليج تعتمد ذات المنهج والفلسفة في مسيرتها السياسية وعملية التحديث دون أي أسس تشاركية في الحكم، إلا أنه عقب إقرار دستور الكويت وبدء الحياة الديمقراطية في أوائل الستينات أخذت الحياة السياسية منحىً متميزاً ومخالفاً لباقي دول الخليج، وارتبط بذلك توسع وتطور مفهوم صناعة السياسات العامة وآليات التعاطي معها على عموم المجتمع والدولة ومؤسساتها وبالأخص السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والقوى المدنية.

حيث استطاع التفاعل السياسي الوطني فيها أن يحقق بعد مسيرة طويلة من القرن الفائت صيغة سياسية قريبة من الدول الحديثة، أساسها دستور تعاقدي تكون فيه مصدر الشرعية للأمة،[23] وعمادها فصل واستقلال السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. ويتميز النظام السياسي في الكويت باستمرار تعايش النظام الوراثي جنباً إلى جنب مع سلطة شعبية جديدة مغايرة تمتلك الكثير من خصائص النظم الديمقراطية،[24] وذلك على الرغم من وجوب الإقرار بعدم تطوُّرِ وإنضاجِ التجربةِ الديمقراطية الكويتية لأسباب ومعوقات عديدة شكلت عاملاً في مراوحتها وقادت إلى حلقة مفرغة من الصراعات، مما أثر على صناعة السياسات العامة بشكل رئيسي حتى تشوه جزء كبير منها وأصبح أسيراً لهذه الصراعات في حالة  مراوحة بين الإيجابية والسلبية، ومرتبط بفضاء ديمقراطي مذبذب يتسع أحياناً ويضيق أحياناً أخرى طبقاً لإرادة السلطة الحاكمة أو قوة الحركات الوطنية. ولذلك تصنِّف أدبيات متخصصة في التحول الديمقراطي النظامَ السياسي الكويتي ضمن فئة النظم المسماة بـ”شبه الديمقراطية” أو “الديمقراطية الناقصة.”[25]

نخلص مما سبق أن الكويت تواجه ذات الاختلالات الهيكلية التي تواجه باقي دول مجلس التعاون الخليجي،[26] إلا أن هذه الاختلالات تتفاوت بأشكال ونسب مختلفة بين الكويت وباقي دول مجلس التعاون، حيث تبقى الكويت الأكثر استقراراً وإيجابية بينها في رسم السياسات لاعتمادها نظام دستوري أكثر حداثة وتقدماً. ويتضح أن مسيرة صنع السياسات العامة في الكويت على الرغم من إيجابياتها دخلت في الآونة الأخيرة في منحى جدلي كبير مرتبط تطوره بوجوب إحداث إصلاح سياسي ودستوري حقيقي وجاد من خلال استكمال التجربة الديمقراطية،[27] إذ يعتبر الكثير أن الظواهر السلبية كعدم الاستقرار في الحكومات وترهل وفساد الجهاز البيروقراطي وغيرها هي أحد إرهاصات الصراع حول استكمال التجربة الصحية التي بدأت في دستور 1962 ولم تستكمل إلى الآن وهو ما سيتم تناوله بالتفصيل لاحقاً.

ثالثاً: دراسة مقارنة لتطبيق مبادئ ومقومات السياسات العامة في الكويت مقارنة مع باقي دول مجلس التعاون

رغم التقاء عموم دول مجلس التعاون الخليجي في الكثير من السمات المشتركة في سياساتها العامة إلا أن هناك تباين واضح للحالة الكويتية التي تمتلك تجربة سياسية قريبة من الديمقراطية يتوافر فيها الكثير من المبادئ الإيجابية الداعمة سياسياً وفنياً لصناعة وتطبيق مبادئ ومقومات السياسات العامة. وعليه سيتم استعراض مقارن بين أوجه التباين بين الكويت ودول المجلس في تبني المبادئ العلمية في العلوم السياسية والإدارة العامة لمقومات السياسات العامة الناجحة في مراحلها المختلفة ابتداء من اقتراحها ثم شرعية اعتمادها وتنفيذها ثم مراقبة تنفيذها وتقييمها مع ملاحظة النسبية في هذه المقارنة.

 

جدول: 2.4.1 مقارنة أوجه التباين بين الكويت ودول المجلس

 

مبادئ السياسات العامة الكويت دول مجلس التعاون
” السعودية – الإمارات- قطر- البحرين- عمان”
اقتراح السياسات العامة (تحديد المشكلة والهدف من السياسة المقترحة) يضطلع باقتراح وصنع السياسات العامة السلطة التنفيذية، بمساهمة من مجلس الأمة والمؤسسات المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدني. يتفرد شخص أو مجموعة واحدة باقتراح وصنع السياسات العامة دون مشاركه مما يؤدى إلى تعثر غالبية محاولات صنع السياسات العامة.
اعتماد السياسات العامة وإضفاء المشروعية يتم اعتماد السياسات العامة وفقاً للآليات المعتمدة والمتوافقة مع الدستور من خلال اعتماد أعضاء مجلس الأمة مما يمنحها الكثير من الشرعية سياسية. لا تعتمد مشروعية اعتماد السياسات العامة على شرعية قانونية أو شعبية بل تنبثق من النظام السياسي فاقتراح السياسات العامة واعتمادها ومنحها الشرعية بيد جهة واحدة “السلطة السياسة” الحاكمة.
تنفيذ السياسات العامة

 

 

تواجه عملية التنفيذ العديد من التحديات والتعثر لعدم الجدية في استقلال وحياد  جهاز الإدارة العامة الحكومي بصورة كاملة عن السلطة السياسية مما يؤدي إلى تشويه وتعثر التنفيذ. تواجه إشكاليات متعددة في التنفيذ في ظل التبعية المطلقة والكاملة لجهاز الإدارة العامة واعتباره جزء من النظام السياسي مما يؤدى إلى شخصنة وتفرد تنفيذ السياسات العامة من قبل النظام السياسي.
تقييم السياسات العامة ومراقبة تنفيذها يراقب تنفيذ وتقييم السياسات العامة عدد من الجهات التي تعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالها، والرقابة المتبادلة فيما بينها، حيث يراقب مجلس الأمة أداء السلطة التنفيذية، كما تراقب السلطة القضائية مشروعية القرارات الصادرة من السلطتين التنفيذية والتشريعية. يضاف إلى ذلك دور الجهات الحكومية الرقابية المستقلة، ودور قوى المجتمع المدني والاتحادات المهنية والرأي العام على الرغم من ذلك تواجه الرقابة العديد من التحديات في ظل عدم اكتمال التجربة الديمقراطية الكويتية نتيجة لتنازع السلطات بين التنفيذية والتشريعية وضعف مبدأي التوازن بينها والتداول السلمي لها وعدم تشريع وجود أحزاب سياسية بشكل رسمي. تكاد تنعدم الرقابة الشعبية على السياسات العامة في ظل عدم وجود فصل بين السلطات العامة وانعدام استقلال وحياد الإدارة العامة حيث تتركز السلطات الثلاثة في يد السلطة الحاكمة بالإضافة إلى انعدام الشفافية فصانع السياسات العامة ومنفذها ومقيمها ومراقبها هو واحد “السلطة السياسية” يضاف إلى ذلك ندرة المؤسسات الرقابية المستقلة وغياب أي دور حقيقي للرقابة الشعبية. وعلى الرغم من إحداث هيئات تضطلع بإجراء تقييمات السياسات العامة إلا أن تلك الهيئات تبقى ضعيفة وتابعة للنظام السياسي. وتعاني هذه الدول من ضعف كبير في دور منظمات المجتمع المدني والحركات والتيارات المختلفة خاصة فيما يتعلق بالرقابة على السياسات العامة لضيق سقف الحريات العامة.

يتضح من مقارنة مبادئ ومقومات السياسات العامة في الكويت مع باقي دول مجلس التعاون أن واقع السياسات العامة الكويتي مغاير لواقع باقي دول مجلس التعاون، وذلك نتيجة لاختلاف طبيعة النظام الحاكم وتباين الشرعية والمرجعية السياسية الكبيرة بينهم، وانطلاقاً من هذه المقدمات والمقارنة نصل إلى نتيجة هامة تبرز في ظاهرتين، الظاهرة الأولى تتمثل في ضعف إمكانية تفعيل فلسفة صناعة السياسات العامة من غير مناخات الحرية والديمقراطية وقيمها وأنظمتها التي تدعم نجاحها، مما يؤكد فرضية أن نسبة نجاح السياسات العامة مرتبطة طردياً بنسبة التطور السياسي نحو الديمقراطية،[28] والظاهرة الثانية هي أن معظم نتائج السياسات العامة المطبقة في أجواء وسلطات الرأي الواحد وفقدان الحريات تتصف بالضعف وبالسلبية.

ويدلل أصحاب هذه الفرضية باستعراض نتائج وآثار تجربة شبه الديمقراطية الكويتية أمام الحالة الخليجية الممانعة للديمقراطية كنموذج يطرحه الداعين إلى التحديث السياسي خليجياً، منطلقين من أن الإصلاح السياسي كان له أثر إيجابي حيث جعل المشرع الدستوري الكويتي صناعة السياسات العامة جزءاً من الهيكلية الفكرية والتنظيمية لنظام الحكم في الكويت انطلاقاً من أنها تمثل نظرياً وفلسفياً جزءاً ومكوناً رئيسياً من فكر وممارسة النظرية الديمقراطية التي بني عليها الدستور، سواء كآلية سياسية أو إفراز للدور الشعبي في أي نظام سياسي ديمقراطي.[29] وعليه بذل المشرع عناية خاصة بوجوب الالتزام بالسياسات العامة واشتراطاتها في كافة مراحلها بداية من اقتراحها وتنفيذها وتقييمها بحيث يشارك في ذلك السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، إضافة إلى قوى المجتمع المدني وذلك وفقاً للآلية التالية:

تضطلع السلطة التنفيذية بوضع وتنفيذ السياسات العامة،[30] وتلتزم الحكومة أن تعلن سياساتها العامة التي ستتبناها في افتتاح كل فصل تشريعي جديد أمام مجلس الأمة لتكون الأمة ممثلة في نوابها كمعتمد ورقيب على تنفيذ هذه الخطة،[31] حيث ترتبط السياسات العامة في الكويت ببرنامج الحكومة والميزانية العامة والحساب الختامي وخطط التنمية التي تضعها وتعلنها الحكومة على المديين القصير والطويل وتكون ملتزمة بتنفيذها.[32]

تعد السلطة التشريعية في الكويت “مجلس الأمة” دستورياً اهم المؤسسات الرسمية التي تضطلع أساساً باعتماد وإقرار ومراقبة السياسات العامة للحكومة بتشريع اللوائح والأنظمة والقوانين ووضع القواعد العامة التي تقنن وتنظم السياسات العامة بأشكالها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها في الدولة،[33] حيث نظم الدستور سبل وضع وإقرار والمحاسبة والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ومدى التزامها بالسياسات العامة للدولة وفقاً لعدد من الآليات السياسية البرلمانية والقانونية كالأسئلة والاستجوابات وطرح الثقة.[34]

تضطلع السلطة القضائية في الكويت ممثلة في المحكمة الدستورية بمهمة صياغة وتفسير النصوص القانونية ومدى مطابقة الأنظمة واللوائح والقوانين المنفذة للسياسات العامة مع دستور الدولة النافذ كما أن للقضاء دور مهم في رسم السياسات العامة في الكويت حيث كان للقضاء الكويتي دور كبير في صنع السياسات المختلفة من خلال مراقبة سيادة القانون والعدالة في تطبيقه والحفاظ على الحريات العامة ومواجهة الانحراف في هذه السياسات.[35]

تشارك قوى المجتمع المدني وجماعات الضغط التي يتم اختيار مجالس إدارتها بالانتخاب الحر بحظ وافر في التأثير على صانعي السياسات العامة ومنفذيها ومراقبيها، فنتيجة لمناخات الحرية السياسية النسبية فإن عملية رسم وتنفيذ السياسات العامة لا تنحصر فقط في مشاركة الجهات والقـوى الرسمية بل هناك جهات فاعلة أخرى مشاركة تصنف على أنها غير حكومية كالمجاميع المالية والتجارية الممثلة في غرفة التجارة والصناعة وباقي المنظمات الممثلة عموم القطاعات الصناعية والعقارية وغيرها ونقابات العمال والاتحادات المهنية والجمعيات الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والدينية والتيارات الليبرالية والدينية بمختلف توجهاتها المذهبية والطائفية والفكرية والقبائل والإثنيات والمؤسسات الإعلامية غير الرسمية أضافة إلى الرأي العام وتوجهاته.[36]

وبالمقابل ففي معظم الدول الخليجية تفتقد صناعة السياسات أي فلسفة وآليات سياسية وقانونية مقننة تنظم تطبيقها إذ تتركز جميع السلطات في يد السلطة السياسية في ظل فقدان مشاركة لأى سلطة شعبية أو استقلالية قضائية حقيقية، وتفتقد قوى المجتمع المدني فيها إلى أي معطيات حقيقية للوجود والاستقلالية، إضافة إلى إنشائها قوى مدنية وناعمة زائفة تعمل لصالح سياسات هذه الحكومات وبالأخص أجهزة الإعلام المختلفة في هذه الدول والتي ما هي إلا أذرع لها، وعليه ينفرد النظام السياسي بهيمنة مطلقة على رسم السياسات من الاقتراح والتنفيذ والتقييم، بل وأكثر من ذلك فأنها تعاقب وتجرم من يجرؤ على الاعتراض على هذه السياسات، لأنه في أنظمة وهيكلية الرأي الواحد لن تقترح أو تستهدف السلطة إلا السياسات التي تمثل الأولوية فيها مصالحها الذاتية، في ظل افتقادها لنظام عملية التوازنات السياسية وفلسفة التحقق والتوازن (Check & Balance) المتبادلة القائمة على الفصل والاستقلال بين السلطات والمشاركة الشعبية وبدلاً منها اعتمدت على سياسات المحاصصة الرافضة لنظام الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المعتمدة على قيم المواطنة مما يخلق مناخ سلبي معرقل لنجاح السياسات العامة،[37] وبناءً على هذا التباين بين التجربتين في بنية تركيبها فإن دراسة نتائج تلك السياسات وإسقاطاتها على الأرض يمكن أن يؤشر ويساعد على فهم أصلح المناخات السياسية المنشودة.

انطلاقا مما سبق وقبل عرض نتائج السياسات العامة على المسيرة السياسية في الكويت، فلا بد من استعراض أهم مظاهر الأزمة السياسية التي يعاني منها النظام السياسي الكويتي والمتجسد في تنازع السلطات وضعف مبدأي التوازن بينهم وغياب التداول السلمي للسلطة أو تقاسمها بالإضافة إلى احتدام التعارض والصراع بين عقلية الأبوية وانفرادها بالسلطة من جهة وبين مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة. ويرجع كثير من المحلِّلِينَ هذه الحالةَ من المراوحة السياسية إلى التأخر في استكمال الكثير من القيم الديمقراطية وبالأخص عدم حسم قضيَّتَينِ شَكَّلَتَا هاجساً في عملية التطور السياسي، وهما قضية المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني في الدستور، وعدم وجود قانون لتنظيم إشهار الأحزاب السياسية، والذي أدَّى إلى سيادة حالةٍ من عدم التوازن والاستقرار السياسي، وعدم تطور وإنضاجِ التجربة الديموقراطية في الكويت أدت إلى اختلالات عديدة.

فأما القضية الأولى، فإن النظام الدستوري الكويتي يدمج بين النظامين الرئاسي والبرلماني ويندرج النظام الرئاسي تحت النُّظُمِ السياسيَّةِ التي تأخذ بمبدأ الفصل شبه الكامل بين السلطات وتكون السلطة التنفيذية في هذا النظام هي صاحبة الكِفَّةِ الراجحةِ أمام رقابة السلطة التشريعية والقضائية. أما النظام البرلماني فهو نظامُ حكمٍ يُشكَّلُ فيه مجلسُ الوزراءِ منَ كتلة الأغلبية في البرلمان ويكون مسؤولاً أمام هذه الهيئة حيث أن السلطتَينِ التنفيذيَّةَ والتشريعيَّةَ تتشابكان في هذا النظام  فيكون رئيس الحكومة بطبيعة الحال الرئيسَ التنفيذيَّ وكبير البرلمانيين على حد سواء. وفي جواب أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح في تصريح صحفي لخَّصَ هذه الإشكاليَّةَ الدستوريَّةَ قال: “خطأ البرلمان في أداء وظيفتِهِ يعود إلى الدستور الكويتيِّ لأن هذا الدستور يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي ولذلك فلا هو رئاسيٌّ صِرفٌ ولا برلمانيٌّ بالمطلق وإنما هو يجمع بينهما معاً، وهذا الوضع يؤدِّي إلى تداخُلِ السلطاتِ التشريعيَّةِ والتنفيذيَّةِ وهذا ينتهي إلى تنازع بين السلطتينِ لأن كل منهما تَسعَى إلى تقليصِ صلاحيَّاتِ الأخرى.[38]

أما القضية الثانية فتتمثَّلُ في عدمِ تطوُّرِ وإنضاجِ التجربةِ الديمقراطية في الكويت لعدم تنظيم قانون الأحزاب وتأصيل الحريات السياسية، على ما جرى به العمل في التجارب الديمقراطية الحديثة، إذ ما زال الواقع السياسي الكويتي المعاصر أسيرَ حالةِ التوازُناتِ والتنازُلاتِ المتبادَلَةِ التي حدثت بين النظام السياسي وبين أعضاء المجلس التأسيسي في عام 1962 أثناء وضع الدستور، إذ كانت نقاشات المجلس تتم تحت ضغط الاستعجال لوضع الدستور الكويتي والدخول لمناخات الديمقراطية بشكل موازي مع عملية الاستقلال وبناء الدولة الحديثة وخصوصاً في قضايا الصلاحيات والسلطات والحريات، مما أوجد حالات من الفراغِ التشريعيِّ أحياناً وحالة من التعارض في الصلاحيات والسلطات أحياناً أخرى، وهذا ما ألقَى بظِلالِهِ السلبيَّةِ على التجربة السياسية الكويتية المعاصرة وتحديداً البرلمانية منها إلى اليوم.[39]

وعلى الرغم من غياب قانون تنظيم الأحزاب السياسيَّة في الكويت، إلّا أنَّ الكويت تتميَّز واقعياً بوجود تيَّاراتٍ سياسيَّةٍ تعترف بها الحكومة من الناحية العمليَّة والسياسيَّة وخاصة من خلال إشراكها في تشكيلات مجلس الوزراء، من دون وجود الأطر الرسميَّة المستَنِدَةِ إلى القانون فكانت هذه الأحزاب والقوى خاضعة في مسيرتها لمؤثرات وموازين ومصالح غير مقدرة أو منضبطة أو مدروسة بموضوعية وشفافية بفِكرٍ ولوائحَ وبرامجَ معلنةٍ وخاضعةٍ للرقابةِ والتقويمِ الرسميِّ والشعبيِّ،[40] وذلك على الرغم من أن الدستور ومن خلال إعادة قراءة المذكرة التفسيرية أقرَّ – من حيث المبدأ وبشكل صريح – الآليَّةَ الحزبيَّةَ كإحدى السياسات الرئيسية لتحقيق الديمقراطية.[41] وجعلت المذكرة أمرَ تنظيمِ الأحزاب خاضعاً لصدور قانون يقرِّرُهُ مجلس الأمة، ولمثل هذه الأسباب تتعالَى الأصوات مراراً وتكراراً مُنادِيَةً باستكمال مسيرة الديمقراطية بإقرار الأحزاب وخصوصاً بعد مرور أكثر من نصف قرن من الحياة والممارسة الديمقراطية بما يتنافَى مع فكر وطموح ومقاصد الآباءِ المؤسِّسِينَ لهذا الدستور.

إضافة إلى هذه القضايا الهيكلية الجدلية في التجربة السياسية الدستورية والقانونية، فقد تحكمت عوامل أخرى في المسيرة السياسية المعاصرة حيث بدأ التجاذب لدى السلطة السياسية الرسمية بتوجُّهِهَا الواضحِ نحوَ تعزيزِ برنامجِها ومشروعِها السياسيِّ نحو تأكيدِ سلطتِها ونفوذِها لتحويل مشروع الدولة إلى مشروع حكم أُسوةَ بالفلسفة التي يدار بها الحكم في عموم المنطقة،[42] إضافةً إلى حالة من الهلامية في فكر معظم القوى السياسية سواًء الدينية أو الوطنية منها في تأصيل القيم الديمقراطية في برامجها.[43]

ويتجلى سياسياَ أنه رغم هذه النواقص في التجربة الديمقراطية الكويتية، إلا أنها حققت نتائج إيجابية في رسم السياسات العامة أبرزها يتمثل في تحقيق وتأصيل الإجماع الشعبي الوطني على شرعية النظام السياسي ممثلاً بشقيه الشعبي كبرلمان وحكم أسرة آل الصباح الذي كان مصدرة الشعب في إطار دستوري متكامل تم تأصيله في دستور 1962، ثم تم تأكيده في بيان مؤتمر جدة أثناء الغزو العراقي، مما كان له الأثر البالغ على مستوى الاستقرار والتماسك السياسي الداخلي في الكويت. وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة حراك المعارضة السياسية في الكويت، إلا أن الصراع السياسي في الكويت يتميز بأن له قاعدة وسقف متفق عليه تؤمن كل القوى بوجوب احترامه وتدين وترفض الخروج عليه، مما أوجد أرضية وأطر متفق عليها تحمي هذا الحراك وتنأى بالدولة عن التفتت، فخرجت بنموذج سياسي منطقي ومقبول لاستمرارية سلطة سياسية أبوية تاريخية متمثلة في الأسرة الحاكمة في إطار دولة دستورية حديثة. وعلى الرغم مما يراه البعض من أن الدستور الكويتي لا يزال في مرحلة المراوحة السياسية وعدم اكتمال التطبيق الكامل للمبادئ الدستورية الديمقراطية إلا أن مبادئه الرئيسية حققت إنجاز كبير يتمثل في خلق مناخات تحترم فيها التعددية السياسية والآخر أياً كانت هويته الفكرية أو السياسية أو المذهبية أو الطبقية في ظل قواعد دستورية أدت إلى تقليص فكر وتيارات التطرف والعنف والسرية والأممية والفكر والحركات العابرة للأوطان وإلغاء الآخر لدى الكثير من القوى السياسية القومية واليسارية والإسلامية السنية والشيعية، مثل الحركات اليسارية المعتمدة في إيدولوجيتها السياسية في حقبة الستينيات والسبعينيات على “العنف الثوري” وتبني الخط النضالي المسلح وتبني بعضها الأممية السياسية والفكرية باعتماد الماركسية العلمية،[44] كما تبنت حركة القوميين العرب في الخليج والجزيرة العربية الكفاح المسلح لتحرير المنطقة وإسقاط ما أسمته الأنظمة العشائرية واعتبار الخليج إقليماً واحداً،[45] ولاحقاً ومن خلال التفاعل والحراك السياسي الانتخابي الديمقراطي وفي أجواء حريات الرأي تحولت هذه التيارات اليسارية والقومية إلى حالة من الفكر والممارسة السلمية والمدنية. وكان لهذا النهج الديمقراطي وسياساته أثرة الإيجابي في إعلان جماعة الإخوان المسلمين في الكويت خروجها وانفصالها عن الجماعة الأم،[46] وذلك في أوائل التسعينيات ومحاولة البحث عن أطر فكرية وتنظيمية جديدة بعيدة عن فلسفة الفكر الجهادي التغييري وأممية إقامه الخلافة إلى فكر يحاول الاقتراب من قيم المواطنة الدستورية المدنية الحديثة وبذات المنوال. نجد أن التيارات السياسية الشيعية بدأت تشهد تقلصاً، كفكر وتنظيمات لنظرية ولاية الفقيه العابرة للأوطان لصالح فكر يقترب تدريجياً من الفكر الوطني من خلال عملية تحول ديني وفقهي باتجاه بلورة فكر سياسي ديني جديد.[47] يظهر مما سبق أن توفير البيئة الديمقراطية يؤدى إلى سياسات عامة تدعم الحريات والعدالة والمشاركة في القرار مما يساهم في دعم تحولات إيجابية في مسيرة وأيدولوجيات الحركات الشعبية، فكلما زادت الديمقراطية انخفضت معدلات العنف والرفض وزادت روح وواقع السلم الاجتماعي في فكر وممارسة هذه التيارات.

في المقابل نجد مسيرة الأنظمة الخليجية الأخرى تتسم بالكثير من مظاهر التأزيم السياسي الداخلي، حيث قامت سياسياً على قيم وأطر بعيدة عن مفاهيم الدولة الحديثة مما أفقدها للكثير من السياسات العامة التي تنظم الحراك السياسي. وعليه بدأ في العقد الأخير يتنامى داخلها قضية الصراع السياسي بين السلطة والتيارات الوطنية حول مبدأ مصدر شرعية الحكم وطبيعة العقد الاجتماعي الذي يحسمها مبدأ “التغلب والقوة”، مما يدعم للأسف سياسات العنف المتبادل بوصفها الطريق الوحيد للتغيير، مما أدى إلى تنامي فكر وحراك سياسي جماهيري رافض وعنيف في أكثر من بلد وبصور مختلفة ومن كثير من القوي السياسية وتحت برامج فكرية مختلفة، مما قد يؤدي إلى تصدع في كياناتها السياسية وتهديد لسلمها المجتمعي، حيث تبنت توجهاً نحو التفرد باحتكار صناعة السياسات لتثبيت حكمها وتقليص مجالات المشاركة الشعبية في إدارة السياسات العامة أو حتى مراعاة لرغبات مواطنيها حول أهداف هذه السياسات،[48] التي أصبحت سياسياً متعارضة بشكل فج مع التطلع إلى العدالة والحريات، مما خلق مناخاً أفرز ألغاءً لمؤسسات وفاعلين رئيسيين في عملية صنع السياسات مثال لسلطة شعبية متولدة من انتخابات حقيقية ولسلطة قضائية مستقلة بما تمثلانه من شرعية ورقابة أضافةً إلى جهاز خدمة وإدارة عامة مستقل ومحايد واستبعاد مؤسسات المجتمع المدني نتيجة لتقلص فضاءات الحرية.

انطلاقاً مما سبق، كانت العلاقة السياسية بين الدولة والمواطنين في الخليج تقوم على سياسات ضمان الدولة لحالة من الرفاة تتمثل في توفير الوظائف والخدمات الاجتماعية لا كحقوق مواطنة، بل بهدف كسب الولاء كهبات يقوم مقابلها المواطنين بالصمت عن إطلاق يد النظام في الشأن العام،[49] فالعلاقة بين السلطة والمجتمع هي في جوهرها علاقة لراعي بالرعية وليست علاقة مواطنين متساوين يضاف إلى ذلك نظرة الأنظمة السياسية للمجتمع والأرض في كثير من الحالات نظرة إرث وملكية خاصة للمال العام وللأراضي،[50] وترفض المشاركة الشعبية إلا بطريقة جزئية أو شكلية وقد تتوافر فيها بعض المؤسسات ولكن دون الفاعلية المطلوبة، فليس هناك دور حقيقي للشعوب في رسم مقدراتها فأصبحت المؤسسات الممثلة لها الراسمة للسياسات العامة مجرد ديكور باسم الشورى أو برلمانات هزيلة مبنية على دستور لا يمثل قيم الديمقراطية وفي ذات السياق يلغي تلقائياً وجود دور للسلطة القضائية الذي لا يتحقق إلا باستقلالها عن النظام السياسي.[51]

وبناء على ذلك يعتبر الكثيرين أن كل دول مجلس التعاون مع ملاحظة النسبية الإيجابية سياسياً لميز النظام الكويتي عن الباقي هي مثال حي لدولة المحاصصة الرافضة والمناقضة لنظام الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المعتمدة على قيم المواطنة،[52] حيث تفتقر السياسات العامة في دولة المحاصصة إلى العديد من المبادئ الأساسية كعدم الإقرار بالديمقراطية التعاقدية مبدءاً أساسيًّا للتعامل بين أجهزة الدولة والمواطن وبين المواطنين بعضهم البعض، بالإضافة إلى إهمال قضايا الحقوق والحريات، ولا تُلزم دولةُ المحاصَصَةِ بمبادئِ الفصل بين السلطات بما يضمن استقلاليَّةَ كلِّ سلطةٍ واستقلالَ الإدارة العامة والأمن والإعلام والخدمات وحيادها، كما لا تعترف بحقِّ الأفراد في التعبير عن آرائهم بالطرق الديمقراطية والقانونية، ولا تحترم حرية التنظيم السياسي والنقابي وحقَّ تشكيل وعمل منظمات المجتمع المدني.[53]

وحتى في السياسات العامة الخارجية تظهر إيجابية وتميز مناخ النظام الديمقراطي في الكويت عن الأنظمة الأخرى في تحقيق سياسات عامة أكثر وطنية وتنموية، مثال تحفظها على قضية الارتهان للأجنبي شعبياً ومما يفسر مواقف الكويت الرسمية المستقلة إلى حد كبير والمتوازنة والحذرة في سياساتها الخارجية الإقليمية والدولية، محاولةً البقاء على الحياد من الخلافات القطريةالخليجية أضافةً إلى مواقفها شبه المحايدة من الحرب في اليمن والصراع الإيراني الإقليمي ورفضها الواضح للتطبيع مع إسرائيل، وذلك على الرغم من الظرف الاستثنائي الضاغط التي تعرضت له أثناء الغزو العراقي ورغم ما نتج عنه من اتفاقيات أمنيه مشتركة مع القوى العظمى، إلا أنها لا تزال تحاول المحافظة على شيء من التوزان في علاقاتها الخارجية اتجاه الهيمنة الأجنبية. وعليه تبقي الكويت أقل دول المجلس تأثراً بالاستقطاب والابتزاز الخارجي نتيجة للدور الشعبي الضاغط والمتوازن ووجود مشاركة شعبية في رسم ومتابعة السياسات العامة للعلاقات الخارجية للدولة من خلال مجلس الأمة والرأي العام اللذين يمثلان حصانة ووقاية نسبية للنظام السياسي من الابتزاز الخارجي، كون السلطة التنفيذية لا تملك التفرد بالقرار. حيث أن الاتفاقيات والتحالفات تحتاج إلى إقرار شعبي برلماني مما يعطى مبرراً للسلطة التنفيذية للمناورة ورفض الكثير من الضغوط الخارجية انطلاقاً من أن هناك قيد دستوري على إرادتها ممثل في السلطة التشريعية. وقد تم استخدام هذا المبرر في أكثر من موقف إقليمي ودولي، مثال عدم الانضمام للاتفاقية الأمنية الخليجية لرفض مجلس الأمة لها لما تحويه من بنود تتعارض مع السياسات العامة للحريات، إضافةً إلى تحفظها ومساومتها على الكثير من المشاريع والاتفاقيات كصفقات شراء الأسلحة من الدول الكبرى أو تبني المحاور في المحافل الدولية وغيرها مع ملاحظة نسبية هذه الإيجابية حسب معطيات وتوازنات القوة داخلياً وخارجياً. إذ أنه يتم خرقها في كثير من الأحيان انطلاقاً من أطروحات وجود اتفاقيات دولية عامة أو من ما يعتبره البعض من قضايا الأمن الوطني.

بالمقابل تتعرض باقي دول مجلس التعاون للارتهان وللاستقطاب والابتزاز الخارجي الأجنبي ذو الإيدولوجيات المصلحية المتغيرة بشكل بشع نتيجة ارتهان القرار الداخلي للقرار الخارجي كونه محتكر بيد نخب سياسية محدودة يسهل اختراقهم والتأثير عليهم لأنهم بحاجة للخارج لتثبيت شرعيتهم السياسية الداخلية،[54] وذلك في ظل تبني هذه الأنظمة لسياسات أمنية وعسكرية زائفة وهشة قائمة على معاهدات حماية وصداقة مع قوى أجنبية ذات نفوذ عالمي ووجود عسكري ومصالح استراتيجية في المنطقة وذلك من أجل حمايتها من أي معارضة أو من دول مجاورة أو من بعضها البعض.[55] حتى أصبحت هذه الدول تتنافس في احتضان بل وتمويل القواعد العسكرية الأجنبية وعمليات شراء السلاح المستنزف لميزانياتها، مما جعلها في وضع هش في ظل فقدانها لإرادتها المستقلة مما يجعلها في حالة من القابلية للارتهان للخارج مقابل تحقيق الشرعية والأمن لها، رغم أنها حماية زائفة وانتهازية ومهينة حيث تجلى زيفها في فشل هذه التحالفات العسكرية في تحقيق أمن الأنظمة والمنطقة. مثال ما شهدته المنطقة من أحداث متصاعدة في الآونة الأخيرة نتيجة تصاعد التوترات السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي وبخاصة – المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – وإيران كتداعيات الصراع العسكري بين التحالف العربي الخليجي مع الجماعة الحوثية في اليمن، وما لحقه من استهداف للأراضي السعودية من جانب الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، وما لحق به من تفجيرات داخل الأراضي السعودية أبرزها حادث تفجير محطة تكرير النفط الخاصة بأرامكو، وحادث استهداف السفن التجارية في المياه الإقليمية الإماراتية، وما لحق به من تصعيد عسكري وسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ألقى بظلالة بشكل مباشر على الخليج والعراق بداعي دفع دول مجلس التعاون إلى طلب الحماية الأمريكية أضافةً إلى طبيعة العلاقات الأمريكية والأوروبية اتجاه إيران وتقاطعها الخليجي تاريخياً والتي أثبتت أنها كانت مواقف وتحالفات سياسية وأمنية لا يمكن الركون إليها لتحقيق حماية لدول المنطقة، بل كان العكس هو الصحيح حيث استخدمت لابتزاز دول المنطقة وجعلها تحت الوصاية الأجنبية سياسياً وابتزازها اقتصادياً، مما أظهر خطورة الركون لمثل هذه التحالفات الخارجية بدلاً من معالجة الخلل الأمني بتنسيق خليجي بالدرجة الأولى، حيث أنه يتم استخدامها حالياً كأسلوب استنزاف لثروات واستقلال دول المجلس والتدخل في شؤونها حتى أصبح خصومها يشبهونها بدول الموز الفاشلة.[56] ويزيد من هذه المخاوف ويؤكدها ما تشهده المنطقة العربية من تكريس التدخل والنفوذ الأجنبي واستغلالها في بعض الدول لتأجيج الصراعات كما حدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والخلاف الخليجي-القطري لدعم سيناريوهات ومشاريع خادمة لمصالحها وأجنداتها الخاصة، محاولة الاستغناء عن أي دور لشعوبها في مشاريع الأمن والحماية.

ومن أبرز الأمثلة حول السياسات العامة الخارجية المحمية بإرادة شعبية وطنية ما يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية، فنجد أن الكويت لا تزال الدولة الخليجية شبه الوحيدة الممتنعة عن التطبيع استجابة للإرادة الشعبية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني في كل مراحله ومشاريعه منذ كامب ديفيد 1978 وحتى صفقة القرن 2019،[57] كونها أقل الدول الخليجية ارتهاناً للقوى الأجنبية. تجلى ذلك مؤخراً في موافقة مجلس الأمة الكويتي بإجماع أعضائه على بيان يدعو إلى مقاطعة ورشة البحرين بشأن القضية الفلسطينية في حزيران/ يونيو2019 مما مثل موقف رسمي شعبي ومثل قراراً ملزماً للسلطة السياسية بعدم الاستجابة للضغوط الخارجية للمشاركة.[58] وبالمقابل ترتبط مواقف باقي دول مجلس التعاون من التطبيع وفقاً للضغوط الخارجية عليها، وتتغير هذه المواقف نتيجة لسياسات فردية للأنظمة وارتباطه بمصالح واحتياجات النظام للحماية الأجنبية دون اكتراث بالإرادة الشعبية، حيث مرت باقي دول المجلس بالعديد من المراحل في تطبيعها الرسمي مع الكيان الصهيوني بصور متعددة توجت في الآونة الأخيرة بورشة عمل صفقة القرن المثيرة للغضب العربي والخليجي الشعبي،[59] إضافة إلى دعوة إسرائيل إلى المشاركة في تحالف الدول الحامية للممرات المائية الدولية في الخليج العربي، وما لحقة من تزايد تقارب بعض الدول الخليجية من إسرائيل بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لسلطنة عمان، وكذلك بدعوة قطر للفرق الإسرائيلية للمشاركة في البطولات الرياضية على أرضها وهو ما سبق أن قامت به الإمارات في وقت سابق.

ولتحليل هذه التغيرات أشارت دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب في تموز/ يوليو 2018 أن التطورات التي شهدتها المنطقة خلال العقد الأخير غيرت أولويات الدول العربية “المعتدلة”[60] ونظرتها إلى إسرائيل حيث باتت تنظر إليها كشريك لمواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة والمتمثلة في صعود النفوذ الإيراني والجماعات الإسلامية المسلحة،[61] وأن هذه التحديات أدت لتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لصالح الاعتراف بوجود مصالح استراتيجية مشتركة مع تل أبيب، وقد تجسدت هذه الحقيقة للأسف في التداعيات الأخيرة لصفقة القرن التي تم الإعلان عن أبعادها السياسية في لقاء الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن في يناير 2020.

وأما اقتصادياً، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي خلل اقتصادي في ظل تبنيها سياسات عامة مبنية على اقتصاد ريعي يعتمد على موارد النفط، بالمزامنة مع غياب الاستثمار والتوزيع العادل والكفء لهذه العوائد مع استحواذ الطبقات النخبوية من ذوي العلاقات الوطيدة بالسلطة على معظم هذه العوائد.[62] وبالمقابل ففي الكويت جاءت نتائج السياسات العامة سلبية على المستوي الاقتصادي حيث تعاني أسوة بباقي دول مجلس التعاون اختلالات في السياسات الاقتصادية والتي ترتكز على البنية الاقتصادية الريعية ذات المورد الأحادي في ظل اعتماد مفهوم وفلسفة الدولة الريعية، حيث أن النموذج الكويتي الديمقراطي التشاركي الناقص تم استخدامه بصورة سلبية – للأسف – مما أدى إلى تزايد العبث في البرامج التنموية حيث طُوِّعت السياسات الاقتصادية ذات الطبيعة الريعية لشراء التحالفات وتحقيق الإرضاء الجماهيري المؤقت وزاد من انحراف هذه السياسات الاقتصادية استخدام القوى السياسية الشعبية البرلمانية خاصة لذات المنهج الحكومي الشعبوي المحقق لرغبات الجماهير الآنية بهدف الكسب السياسي وشراء الأصوات الانتخابية،[63] وذلك بإقرار القوانين الشعبوية الجماهيرية ذات العائد المادي المؤقت للمواطنين،[64] وهذا يستدعي من الفاعلين في التجربة السياسية الكويتية وقواها الوطنية بالمبادرة بتبني مفهوم معاكس والانطلاق في حراك لإعادة رسم سياسات اقتصادية عامة تخلق مجتمع منتج يحقق تنمية مستدامة.[65]

وعلى الرغم من هذا التشابه السلبي، إلا أن السياسات الاقتصادية العامة في الكويت تتميز عن باقي دول المجلس بخضوعها لنقاشات حرة في البرلمان والمجتمع من خلال سلطة مجلس الأمة في نقاش وإقرار الميزانية العامة للدولة والحساب الختامي، وذلك بدعم من مناخ الحريات النسبية من خلال الحوارات والدراسات النقدية في المجتمع والتي تخفف من وطأة الآثار السلبية لبعض السياسات الريعية نتيجة إعاقتها من جانب السلطة التشريعية وقوى المجتمع المدني. يضاف إلى ذلك سيادة القانون واستقلال القضاء حيث نجد أن الكثير من قضايا انحراف السياسات الاقتصادية والفساد المثارة في السنوات الأخيرة تم التعامل معها عن طريق القضاء، بغض النظر عن النسبية والانتهازية السياسية في استخدام هذا المنهج الإيجابي. إنه أمر يندر حدوثه في باقي دول المجلس حيث يتم التعامل مع تلك القضايا في الغالب بقرارات سياسية وإدارية عليا محصنة عن المساءلة أو حتى النقاش،[66] وذلك في ظل انعدام أي مشاركة أو إمكانية للاطلاع على تفاصيل السياسات والخطط الاقتصادية والتي يتم إقرارها وتنفيذها دون أي حوار وطني أو مهني انطلاقاً، من أن السلطة السياسية أعلم بمصالح شعوبها والتي تغير المسيرة الاقتصادية وفقاً لقرارات فردية للسلطة السياسية.[67]

اجتماعياً ورغم مشاركة الكويت لزميلاتها في دول مجلس التعاون في الاختلال السلبي في التركيبة السكانية حيث تشهد حالة تراجع في هذه التركيبة بانخفاض نسبة المواطنين إلا أنه تظهر إيجابية المناخ الديمقراطي النسبي في الكويت في نتائج ناجحة للسياسات العامة الداعمة للوحدة الوطنية بشكل متدرج منذ الدستور إلى الآن مقارنةً بباقي دول الخليج، من خلال إشراكها في العملية الديمقراطية ومناخاتها لعموم فئات المجتمع في سلطة القرار كالقبائل والمذاهب والأقليات الإثنية والمرأة، وكسر الاحتكار النخبوي الاجتماعي والاقتصادي من خلال توسيع المشاركة السياسية بشكل متساو في العملية السياسية الانتخابية، مما دعم مسيرة المواطنة وقلص بشكل كبير من حالة التهميش التي تعيشها كثير من هذه الكيانات في باقي دول الخليج. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن عدم استكمال التجربة الديمقراطية الكويتية أدى إلى بناء قوى سياسية قائمة على روابط ضيقة مما كان له أثر في بقاء وتعميق اختلالات اجتماعية وبروز الهويات الفرعية والمحاصصة الفئوية والمناطقية والقبلية والطائفية على حساب الهوية الوطنية الكبرى، وما يتبع هذا من نزاعات طائفيَّة ومذهبيَّة ونمو مظاهر التطرف والغلو الديني ومفاهيم العصبيَّة القبليَّة والأثنيَّة والطبقيَّة نتيجةً للصراع والتنافس الانتخابي السياسي الديمقراطي غير المبني على فلسفة وآلية الأحزاب الحديثة التي تدعم بناء الهوية الوطنية العامة القائمة على سياسات وبرامج وطنية لعموم فئات المجتمع والمحركة لحياة سياسية فاعلة.[68] وتجدر الإشارة إلى أن ديمقراطية الكويت ورغم نقصها إلا أنها كانت عامل رئيسي في دعم تطوير وتفعيل مساهمة المجتمع المدني بصورة إيجابية في بناء الدولة من خلال مشاركته في صناعة السياسات العامة بصور مختلفة بإرادته الحرة، حيث يتميز بأنه متطور ومتغير في هويته ومضامينه وتركيبته وفقاً لاحتياجات المجتمع، محاولاً تجنب أي تدخل أو قرار سياسي رسمي. وعليه يشكل المجتمع المدني بمؤسساته الحرة والمستقلة أحد عناصر القوة في المجتمع الكويتي المبني على السياسات وقيم المواطنة القائمة حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحقوقه المدنية والذي له دور كبير في السياسات الداخلية والخارجية من خلال أدواره الملموسة في المجالات المختلفة كالفنون والحركة الثقافية والأدبية الفنية والأكاديمية والرياضية والخيرية الإنسانية.

على الرغم من هذه المسيرة الحافلة بنسبة كبيرة من الإيجابيات في رسم سياساتها العامة مقارنةً بشقيقاتها الخليجية، تظل الكويت وكما ذكر سابقاً تمر بحالة من التذبذب في بعض السياسات والظواهر كقضايا الحريات العامة التي تراجعت في العقدين الأخيرين، ويرجع ذلك إلى تأثير القوى الدينية والقبلية والشعبية المحافظة المسيطرة على الأغلبية البرلمانية وتحالفاتها الوقتية مع السلطة برلمانياً إضافة إلى سيطرتها على الكثير من قوى المجتمع المدني وجماعات الضغط التي استخدمت الديمقراطية لترسيخ قيم غير ديمقراطية. وعليه فإن راسمي السياسات العامة سواء في السلطة التنفيذية والنظام السياسي أم القوى السياسية والبرلمانية يضطرون إلى المواءمة أو الموازنة بين مصالح وحقوق هذه القوى والجماعات خصوصاً إذا كانت متعارضة، وقد يستخدمون التوازن للخروج بحلول توفيقية من خلال سياسات عامة مقبولة للجميع،[69] وهو ما يظهر أن المشاركة الشعبية تستطيع بإرادتها الحرة أن تشكل تجربتها سلباً أو إيجاباً وتراجع وتعيد تشكيلها وتطويرها بما يحقق إرادتها وتطلعاتها تحت مظلة الديمقراطية في طريق تأصيل واستكمال التجربة. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الظواهر كانت متواجدة تاريخياً وقبل التجربة الديمقراطية مما يبرز أهمية التأكيد على ضرورة أن تعمل تلك القوى غير الحكومية على تطوير بدائل للسياسات العامة السلبية وأن لا يقتصر دورها على مجرد النقد،[70] ويحد من أثر هذه القوى المدنية ما يمكن وصفة بمحاولة شراء السلطة السياسية لولائها، حيث تبذل جهودها من أجل إضعافها سياسياً وجماهيرياً عن طريق تمريرها للقوانين الشعبوية أو استرضاء قياداتها بمناصب أو مصالح جزئية على المستوى المؤسسي أو الشخصي.[71]

في المقابل نجد أن الحالة الخليجية الأخرى تواجه العديد من النتائج والاختلالات الاجتماعية، أبرزها تشوه للتركيبة السكانية حيث يُشكل الوافدون نسبةً عاليةً من السكان وأصبح المواطنين في أفضل الحالات لا يمثلوا أكثر من الثلث من نسبة السكان في معظم دول المجلس،[72] نتيجة الاعتماد على العمالة الأجنبية والتي أصبحت عنصراً من عناصر قوة واستقلالية السلطة عن المجتمع، إذ أن هذه العمالة التي لا تتمتع بأي حقوق سياسية قد ساهمت في إضعاف المجتمع المحلي سياسياً أمام نظام حكمه وذلك عبر إزاحته من مواقع الإنتاج التي يمكن من خلالها أن يتم تحقيق حراك وتوازن سياسي سلمي، حيث تنعدم فاعلية وسائل المعارضة المدنية كالعصيان المدني والإضرابات والتي يتم تهميشها بالاستعانة بالعمالة الأجنبية وأضعف الدور التاريخي الوطني للعمل النقابي العمالي والمهني الخليجي.[73] كما ارتبط بذلك خلل ثقافي واجتماعي موازي أدى إلى التأثير بصورة سلبية على الهوية الخليجية العربية التي تأثرت بالعديد من الاختلالات الداخلية الأخرى مثال التخلي عن فلسفة وإرادة الإنتاج بالإضافة إلى ظهور تمزق اجتماعي إثني وطائفي في غالبية دول المجلس كنتيجة اعتماد السلطة لسياسات محاصصة أدت إلى تنامي السياسات التي تعزز الطائفية والقبلية والطبقية في توزيع الثروة والعدالة الاجتماعية وغيرها بين مكونات المجتمع المختلفة وقلصت السياسات الداعمة للوحدة الوطنية، كل ذلك نتيجة لهذه السياسات القاصرة والمزيفة في ادعائها أنها تسعي وقادرة على تحقيق الرفاه الاقتصادي خارج مشروع التنمية المستدامة واشتراطاتها.[74] نخلص مما سبق أنه في ظل هذه المسيرة من الاختلالات فإن الدولة الخليجية تظهر قوية جداً أمام شعبها وكما وصفها د. محمد غباش بالقول بأن الدولة الخليجية “سلطة أكثر من مطلقة ومجتمع أقل من عاجز”، إذ أن الدول الخليجية تتمتع بهيكلية اقتصادية وأمنية وتركيبة سكانية تغنيها عن الاعتماد على مواطنيها مؤقتاً حيث لا تثقلهم بالضرائب ولا تعتمد عليهم في الدفاع عن الوطن كما لا تعتمد عليهم كقوة عاملة في الإنتاج الوطني وعليه تعتقد أنه لا حاجة لنيل الشرعية من شعوبها ومن ثم تحرير سلطتها من قابلية المحاسبة، من خلال تحييد المجتمع باستبعاده عن المشاركة الشعبية وإلغاء دوره كمصدر سيادي وشرعي لبناء السياسات.

حيث اتسم النموذج السائد للتنمية خليجياً من الخمسينيات فصاعداً بالمشاركة السياسية المحدودة والحريات المدنية والسياسية المقيّدة، في مقابل توفير منافع مادية مثل الخدمات والإعانات والتوظيف. واستند النموذج إلى دولٍ مركزيةٍ قوية تشرف على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية وتحرّكها، فيما تنفّذ سياساتٍ واسعة النطاق لإعادة التوزيع والإنصاف.[75]

بعد هذا الاستعراض لمسيرة تطور الحياة السياسية لعموم دول مجلس التعاون وإسقاطات طبيعة أنظمتها السياسية على مناخات بناء السياسات العامة يظهر تاريخياً أنه كان هناك ملامح إيجابية لمسيرة السياسات العامة في هذه الدول لو كانت عملية التحديث استمرت في التطور بتبني نموذج سياسي يفسح لشعوبها فرصة المشاركة في إدارة كياناتها من خلال سياسات عامة تشاركية شعبية، والتي كان من شأنها أن تؤدي إلى نتائج متقدمة لهذه السياسات اعتماداً على الإمكانيات الاقتصادية في المنطقة وموقعها الاستراتيجي أضافة إلى قابلية خلق مصدر لشرعية سياسية توافقية لأنظمتها من قبل شعوبها والتي بدأت تتبلور في حقبة عملية نشأة الدول الخليجية في السبعينات والثمانينات. حيث مثلت هذه الحقبة بداية بلورة شيء من الشرعية نتيجة للتراضي والتوافق الشعبي مع زعامات سياسية تقليدية (النخب السياسية المؤسسة لدول مجلس التعاون) التي قادت مسيرة نشأة وتطور هذه الدول من بعد الاستقلال، إذ اتصفت هذه القيادات بالأبوية السياسية القادرة على استيعاب الآخر ولو بآليات تقليدية من خلال ترك مساحة للحريات وتغليب فلسفة الالتقاء في منتصف الطريق الذي حقق الكثير من التراضي وشيء من التوافق الاجتماعي وعدم العبث بشكل ارتجالي بالهوية الوطنية القومية والدينية والثقافية باعتبارهم القضية الفلسطينية قضية وطنية مقدسة وعدم معالجة الهوية الدينية وتطرفها أو اعتدالها من منطلق سياسي مصلحي ضيق، وعدم أسقاط أي معطيات فكرية أو ثقافية وبغض النظر عن جودتها من عدمه بقرار سياسي على المجتمع إضافة إلى ممارستهم شيء من العدالة في توزيع الثروة من خلال الاهتمام بتطور الخدمات العامة، مما خلق حالة من الولاء والرضا المتبادل الذي مثل ملامح إيجابية كان من الممكن أن يبني ويستخلص منها مبادئ لتشكيل وتطوير مفاهيم متقدمة للشرعية السياسية وهذا ما أنتج الكثير من السياسات العامة الإيجابية في تلك الحقبة التأسيسية والتي استشعر معظم المواطنين بل حتى الكثير من الوافدين بأنهم شركاء في هذه السياسات لأنها كانت تلبي الكثير من طموحاتهم.

إلا انه للأسف لم تستمر هذه الروح والفلسفة في الحقب التالية حيث أصبح يتم إسقاط وفرض القرارات من أعلى دون مشاركة شعبية أو حتى مراعاة أو فهم للمزاج الشعبي مما أدى إلى إعاقة عملية تطور صنع السياسات العامة في الدولة الخليجية وما استتبع ذلك من جدل حول الكثير من القضايا ودخلت هذه الدول في حالة من الافتراق السياسي الداخلي وبدأت ملامح مواجهة سلبية تتضمن الكثير من الصدامات بين القطاعات الشعبية وهذه الإدارات وخاصة عندما وصلت عملية التحديث إلى وجوب تبني خيارات هيكلية على مستوى المجتمع والدولة، مما قاد إلى تزايد الصراع على السلطة ومصدر شرعيتها والثروة وإدارتها وعدالة توزيعها في مناخ إقليمي ودولي معقد، وصاحب كل ذلك الطبيعة الهشة لتكوين الدولة اجتماعياً وسياسياً إذ أن هذه الدول كانت تمثل حالة من الانتقال من إمارات أو دويلات القبيلة والعشيرة إلى المجتمع والدولة الحديثة، فلم تكن تملك ما يطلق عليه العمق الاجتماعي المتماسك أو إدارة الدولة العميقة، مما جعل أنظمتها السياسية الرسمية وقواها السياسية الوطنية تعاني من النقص في مواجهة عمليات التحول الداخلي والتحديات الخارجية، وجاء الربيع العربي فأحدث الصدمة الكبرى وأصبح كأنه يمثل طلاقاً بائناً بين هذه الأنظمة وشعوبها من خلال استقراء توجهات صناعة السياسات العامة.

أدى كل ذلك إلى بروز المطالبة لعقود اجتماعية جديدة بين الأنظمة وشعوبها،[76] مما أوجد حالة متسارعة من المطالبات باستكمال مفاهيم الدولة الحديثة وبالأخص المشاركة الشعبية الكاملة من قبل الكثير من القوى الشعبية دون طرح مشروع وطني متكامل وواضح، حيث أن الكثير من هذه القوى تحمل برامج وقيم مناقضة لمفاهيم الحداثة السياسية  كرفض الكثير من قيم الديمقراطية وإلغاء الآخر متبنيين برامج وطنية عامة هلامية، وحتى النخب من المثقفين عاشوا حالة من الضياع والخوف من وصول بعض القوى المحافظة وخصوصاً من تيارات الإسلام السياسي السني والشيعي مما خلق حالة من الضبابية والتوتر لدى الأنظمة والإدارات السياسية الخليجية وأصابها الرعب خوفاً على سلطاتها، فدخلت في حالة من التشنج تجاه عموم من يطالبون بالتطوير والتغيير في ظل هذه الأوضاع، مع ملاحظة أن الحالة الكويتية لم تكن بعيدة عن هذه الصورة إلا أنها كانت تملك سياسات عامة وقنوات قانونية منعت أو قلصت الكثير من حالات الصدام السياسي أو الاجتماعي بينما كان لانعدام مثل هذه السياسات في باقي الدول أثراً سلبياً كبيراً تمثل في شروخ سياسية وأمنية عنيفة وفرز مجتمعي طائفي وطبقي عميق، كل هذه التداعيات في الحقبة الثانية للإدارة السياسية العامة الجديدة في دول مجلس التعاون كان لها أثر كبير في تراجع صناعة السياسات العامة.

وكان لأحد اهم إفرازات هذه الحالة من المراوحة أن جاء الخلاف الخليجي-القطري “ليزيد الطين بلة” حيث دخلت هذه الدول الخليجية معركة أشبه بمعركة ملوك الطوائف بالأندلس مستخدمة سلاحين من أخطر الأسلحة في النزاع بينهما، الأول كان تجييش الشعوب في هذه المعركة ضد بعضها البعض والثاني الدخول في حالة أشبه بالقفز للمجهول في سياساتها الخارجية، فإقليميا تم الاعتماد على مبدأ “من لم يكن معي فهو ضدي” بما يهدد بتقسيم وإنهاء فكرة مجلس التعاون الخليجي، أما دولياً فلقد تسابق جميع أطراف الخلاف إلى تقديم الكثير من التنازلات والارتهان للأجنبي. وفي ظل هذا التمزق الداخلي والخارجي ومحاولة بعض القوى السياسية الخليجية والعربية من تيارات وطنية أو مَصلحية من الاستفادة من هذه الحالة بما تعتقده فرصة لحماية نفسها والانتقام من خصومها.

وعلى ذات المنوال دخلت القوى الإقليمية والدولية بانتهازية سياسية بشعة كالولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا لتشكيل محاور سياسية واقتصادية تعمل على تفتيت بقايا الروابط بين شعوب ودول المنطقة، مما أدخل دول مجلس التعاون في فوضى عدمية نحو مناخات تسلطية لا يطرح أو يناقش فيها أو حتى يهمس فيها الرأي الصريح حول هذا الخلاف من قبل جميع الأطراف، وذلك في ظل غياب دور القوى الوطنية الشعبية التي من المفترض أن تضطلع بدورها في إعادة اللحمة للمجتمع الخليجي ووقف هذه العملية الانتحارية الجماعية من خلال رفع مبادئ صادقة وشفافة مبنية على أن جميع أطراف هذا الصراع يتحملون مسؤولية هذا الخلاف، وعليه يستدعي الوضع الراهن أن تتحرك القوى الوطنية الشعبية في عموم الدول الست بتشكيل جبهة وكتلة وطنية وتاريخية متجردة من برامجها ومصالحها الضيقة ومتبنية لمشروع تاريخي وطني خليجي يدعو إلى وقف هذا النزيف والعودة إلى مسارات الالتقاء على استكمال على مشروع سياسي وطني يعيد مسيرة التحديث السياسي نحو المشروع التشاركي الوحدوي الخليجي ويجب أن يتوافق عليه الجميع بغض النظر عن نبل أو سوء نياتهم انطلاقاً من تبني المعطيات السياسية والفنية الداعمة لإنجاح مناخات السياسات العامة القائمة على منهج ما يطلق عليه مأسسة لوبي دعم مسيرة التنمية المستدامة والسياسات العامة مما يدعمها بالشرعية والمصداقية وإثرائها بالخبرة المتنوعة وتحسين تطبيق السياسات من خلال إدماج المشاركين الجدد من سياسيين شعبيين والقطاع الخاص والأكاديميين والرأي العام بمختلف توجهاته وذلك استناداً إلى مبادئ السياسات العامة التي يجب أن تمثل “دليل لاتخاذ القرارات وتحقيق النتائج”،[77] مما يعني تلقائياً تغيير للعديد من السلطات والصلاحيات السياسية والإدارية العليا وتوزيعها في إطار دستوري وعدم حصرها كما هو جاري الآن في السلطة السياسية والشركات الاستشارية مع بعض المتنفذين والنخب المحيطة بأصحاب القرار السياسي، مما يؤدي تلقائياً إلى إلغاء واستبعاد للشفافية والخبرة غير الرسمية وللتوازن الناتج من المشاركة الشعبية في الاقتراح والمراقبة والنقد،[78] وهو ما يتحقق بالتأكيد في المناخ الديمقراطي المقنن لها من خلال النصوص الدستورية والآليات السياسية التي تؤصل وجود هذه المأسسة مما يشير إلى وجوب التلازم بين أجواء الديمقراطية والحريات لنجاح صناعة السياسات العامة.

ويمكن تأكيد هذه الفرضية بتحليل أحد التعريفات العلمية لمفهوم السياسات العامة – سابق الإشارة إليها – ومدى نجاحه على أرض الواقع والذي ينص على أن السياسات العامة هي “سياسات تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وحل المشاكل والاختلالات العامة عن طريق التأثير على صانعي القرار وإقناع الجمهور المستهدف باتخاذ تلك السياسات”، وذلك عن طريق قياس مدى تحقيق هذه السياسات لأهدافها من تحقيق تنمية مستدامة وحل المشكلات والاختلالات العامة، ويبرز مدى نجاح هذا التحليل بصورة أكبر في الأنظمة الديمقراطية التي يتزايد بها الدور الشعبي والمجتمعي الفعال المؤثر على مسيرة إدارة هذه الصناعة، ونستخلص من ذات التعريفات أن صناعة السياسات العامة تستهدف أيضاً التأثير على صناع القرار بتبنيها الأهداف العامة وهذا يكون واضحاً وجلياً في النظام الديمقراطي المبني على الاستقلال والفصل بين السلطات ومناخات الحرية الداعمة للمجتمع المدني، مما يجعل إمكانية التأثير كبيرة قياساً على الأنظمة الأخرى غير الديمقراطية ذات القرار الواحد المحصن حتى من النقاش، وبالانتقال للمفردة الثالثة في تعريف هذه الصناعة سوف نجدها تنص على إقناع الجمهور المستهدف بهذه السياسات ونجد هنا أن نسبة الرضا الجماهيري على الأرض أكثر في المناخات السياسية الديمقراطية والمؤشر الذي يمكن أن يركن إليه في هذا الأمر أنه في الأنظمة التشاركية ومن خلال الممارسة الانتخابية وحريات الرأي العام يمكن أن تظهر حالة الرضا من عدمه من خلال نتائج الصندوق الانتخابي وتوجهات الرأي العام.

وعليه فإن الإيمان بأن إقرار وتنفيذ سياسات عامة ناجحة يرتبط بصورة وثيقة بالمناخ الديمقراطي السائد لا يعني سواء في حالة الكويت ودول مجلس التعاون أو غيرها أن الديمقراطية هي حالة من المثالية المطلقة، وكما يقال فإن الديمقراطية لا تزال “أقل أنظمة الحكم سُــوءاً” وأكثرها توفيراً لسياسات عامة ناجحة، لذا فأمام دول مجلس التعاون فرصة لصناعة نماذج ديمقراطية كما هو الحال في التجربة الكويتية الديمقراطية التي بنت صورة لتجربة مشاركة شعبية توائم ظروفها الداخلية مع الاحتياج الملح لتطويرها، حيث يمكن وصف الديمقراطية الكويتية بواقعها الحالي بأنها “ديمقراطية مؤقتة أو انتقالية” – أو يأمل بأن توصف بهذا الوصف – وهي مرحلة مرت بها عموم المجتمعات والدول ذات التجارب الديمقراطية، حيث لم تنتقل بشكل مباشر من الحكم الفردي إلى الحكم الديمقراطي التشاركي، بل مرت بفترة انتقالية كانت فيه ما يطلق عليه شبه ديمقراطية (Semi-Democracy)  وهو الوصف الذي تطلقه التقارير والأبحاث الأكاديمية الدولية على الديمقراطية الكويتية.[79]

وعلى الرغم مما يراه البعض أن الديمقراطية الكويتية بتوازناتها قد تعيق وتأخر سياسات التنمية بسبب ما يصفونه من التأثيرات السلبية للبيروقراطية المترهلة الملازمة للمسيرة الديمقراطية الناقصة، وذلك على عكس بعض الدول غير الديمقراطية خليجياً أو غيرها والتي يتم فيها اتخاذ القرارات بصورة سريعة وبقرار فردي ودون مشاركة مجتمعية مما قد يوحي بأنها لا تعاني من إشكالية البيروقراطية، وعلى الرغم من هذه الفرضية إلا أن الحقيقة أن التضحية ببعض من النمو الجزئي الشكلي مقابل العمل على نجاح التجربة الديمقراطية التي سوف تدعم رسم سياسات عامة ناجحة وفعالة في تحقيق تنمية مستدامة غير مشوهه أضافة إلى أنها سوف تحافظ على القيم الإنسانية الرئيسية الأساسية للمواطن وللمجتمع الكويتي كالحرية والعدالة، فتنمية طويلة الأجل دون التضحية بالقيم الديمقراطية تكون أكثر ثباتاً واستقراراً وبالمقابل فإن التضحية بقيم الديمقراطية القائمة على الحرية والعدالة والمشاركة من شأنه أن ينذر بهلاك المجتمعات فالمستهدف الأساسي من خطط التنمية هو المواطن ولا يمكن التضحية بحرياته وحقوقه مقابل الادعاء بأولوية تنمية زائفة ومؤقتة للدولة،[80] إضافة إلى أنه على المدى الطويل يتضح أن الدول التي لم تقترن فيها “خطط التنمية بالديمقراطية” كانت في حقيقها خطط نمو ذات أهداف قصيرة الأجل ولم يستفد منها إلا فئة أو طائفة نخبوية دون باقي المواطنين.

ختاماً فمن الجلي أن هناك صراع يتحكم في طبيعة ونجاح رسم السياسات العامة في دول مجلس التعاون يتمحور حول الإصلاح السياسي بين أطراف عديدة وبأجندات مختلفة وبقليل من المواءمة يمكن إيجاد رؤية المشترك بينهم لتبني مشروع وطني لكن قبل ذلك لابد للرسمي أن يقر بوجوب الإصلاح السياسي وبجدولة مواعيده وإعلان آلياته،[81] ولابد للشعبي المدني أن يرفض أي رشوات سياسية ريعية أو شعبوية من السلطات السياسة أو من القوي السياسية الشعبية للتنازل أو السكوت الجماهيري المؤقت عن حقوقه السياسية، إذ أن عموم دول مجلس التعاون تقف اليوم على مفترق الطرق وتحتاج إعادة النظر بشكل جدي وعميق في أسلوبها في وضع وتنفيذ وتقييم سياساتها المختلفة، انطلاقاً من إصلاح سياسي هيكلي. فإضافة إلى الإصلاحات المؤسسية تحتاج دول المجلس إلى نقاشات مجتمعية مفتوحة حول السياسات العامة تهدف إلى تحسين ثقافة الحوار والمشاركة والمسؤولية،[82] وأن تتمسك القوي الوطنية ببرنامج إصلاح دستوري وسياسي حديث مبني على عقد اجتماعي أساسه قيم حقوقية وحريات متقدمة متماسكه في طرح برنامجها بالعمل المدني السلمي الكامل وبعيداً عن الأطر السياسية والاجتماعية الضيقة قومياً ودينياً. لذا فمن الضروري المصارحة الكاملة بين الأنظمة السياسية الخليجية وشعوبها للخروج بعلاقة توافقية في صنع وتنفيذ ورقابة السياسات العامة في ظل التحديات المحيطة بها ومنعاً من الانزلاق إلى مناخات تمزق الوحدة والسلم المجتمعي الخليجي.

لقراءة الجزء التالي من الاصدار

لقراءة النسخة الكاملة من الاصدار (pdf)

لتصفح محتويات الإصدار إلكترونيا

 

 

[1] التنمية المستدامة، موسوعة الجزيرة، < https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2015/11/30/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%A9 >.

[2] محمد على حمود، دور السياسات العامة الرشيدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (العراق: جامعة كركوك، كلية القانون والعلوم السياسية، 2019)، ص1.

[3]  إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة (وثيقة للسياسات العامة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يناير 1997)، ص2.

[4]  اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، مستقبلنا المشترك (الكويت: عالم المعرفة، أكتوبر 1989).

[5]  عادل عبد اللطيف، باولا باغلياني، إلين هسو، تقرير التنمية الإنسانية العربية ورقة بحثية، حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة في البلدان العربية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي-المكتب الإقليمي للدول العربية، يوليو 2019)، ص2.

[6] المؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية “خطة عمل أديس أبابا”، (أثيوبيا: الأمم المتحدة، 2015)، ص3.

[7] حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة في البلدان العربية، مصدر سابق، ص2.

[8] المصدر السابق، ص14-15.

[9] المصدر السابق، ص20.

وللمزيد راجع: عمر الشهابي وخليل بوهزاع، الخليج بين الثابت والمتحول 2019: المواطنة في تيارات الخليج ( الكويت وبيروت: مركز الخليج لسياسات التنمية ومركز دراسات الوحدة العربية، 2019).

[10] للمزيد راجع: د.علي خليفة الكواري، تنمية للضياع!: ام ضياع لفرص التنمية؟ (بيروت: مركز دراسات الوحدة، 1996).

[11] Jane Kinninmont, Kuwait’s Parliament: An Experiment in Semi-democracy )Chatham House, Middle East and North Africa Programme, August 2012(, MENAP BP 2012/03.

[12]محمد علي حمود، دور السياسات العامة الرشيدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مصدر سابق، ص11.

[13] دانيال توانا وندى زهدي، دليل إعداد أوراق السياسات العامة، مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (واشنطن: POMED، مارس 2014) ص2.

[14] محمد علي حمود، دور السياسات العامة الرشيدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مصدر سابق، ص11.

[15] نفس المصدر.

[16]حسن الجلبي، المؤسسات العامة في لبنان (بيروت: منشورات عويدات، 1967)، ص41.

إسلام فؤاد معوض، الموظف العام وممارسة الحقوق والحريات العامة (الإسكندرية: منشأة المعارف، 2017)، ص199.

[17] المرجع السابق، ص 14-15.

[18] للمزيد راجع: التقارير والإصدارات السنوية لمنتدى التنمية الخليجي لمدة سبعة وثلاثين عام، والمنشورة على الموقع الإلكتروني للمنتدى: < http://www.df.ae >.

[19] المصدر السابق.

[20] أنظر: حمد الرّيس، مقدّمة حول أوجه الخلل المزمنة وسبل علاجها: في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية (الكويت: مركز الخليج لدراسات التّنمية، أبريل 2012)، < https://gulfpolicies.org/2019-05-18-07-30-16/2019-05-18-10-20-33/1586-2019-07-02-11-47-03 >.

[21] جاسم خالد السعدون، التنمية بين الخيال والواقع (الكويت: مؤتمر التنمية بين الخيال والواقع، 2012)، < https://gulfpolicies.org/2019-05-18-07-26-26/94-2019-06-27-09-51-26/1327-2019-07-01-05-16-37 >.

[22] للمزيد: علي الزميع، النموذج المأمول في متطلبات وسياسات خطط التنمية لدول مجلس التعاون، لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016).

[23] ينبغي التأكيد على أن الدستور الكويتي 1962 لم يكن مجرد منحة وهبها الحاكم إلى رعاياه، وإنما كان تلبية لاستحقاق تاريخي، فالإرث التاريخي في الكويت يؤكد على أن حكام الكويت لم يغتصبوا السلطة في بداية نشأة لدولة، وإنما تولاها الشيخ صباح الأول بالاختيار ووفقا لتقاليد من الحكم المشترك بين آل صباح والكويتيون، هذا الأمر أكده الشيخ عبد الله السالم نفسه في حديث صحفي بمناسبة إصدار الدستور بقولة: “أحب أن أؤكد أن الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت فقد كان الحكم دائماً في هذا البلد شورى بين أهله” .

حديث للشيخ عبد الله السالم للصحافي اللبناني سليم اللوزي في مجلة الحوادث اللبنانية، أوردته د. ميمونة الخليفة الصباح، الكويت في ظل الحماية البريطانية (الكويت: د.ن، 1988) ص 495.

[24] محمد عبيد غباش، الدولة الخليجية سلطة أكثر من مطلقة مجتمع أقل من عاجز (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، مايو 2005)، مجلة المستقبل العربي، مجلد 28، العدد 315، ص53-71.

[25] للمزيد: جين، كينينمونت، برلمان الكويت: تجربة في شبه الديمقراطية (لندن: تشاتام هاوس،2012).

أحمد الديين، الحاجة إلى الإصلاح في الكويت (الدوحة: منتدى التنمية، اللقاء السنوي الثالث والثلاثون، السياسات العامة والحاجة للإصلاح في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، 2012) ص2.

جاسم خالد السعدون، التنمية بين الخيال والواقع، المرجع السابق.

[26] شفيق الغبرا، مستقبل مطالب الإصلاح في الكويت (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، فبراير2016)، مجلة المستقبل العربي، العدد 444 ص123.

[27] مجلس الأمة والشعبوية (الكويت: شركة الشال للاستشارات، يوليو2017)، المجلد 27، الإصدار رقم 27  ص1.

[28] دانيال توانا وندى زهدي، دليل إعداد أوراق السياسات العامة (واشنطن: مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، مارس2014) ص2.

[29]  للمزيد راجع: عثمان عبد الملك الصالح، النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت دراسة تحليلية نقدية للنظام في إطاره التاريخي وفي إطاره النظري، وفي واقعه العملي ووسائل إصلاحه، (الكويت: مؤسسة دار الكتب، الطبعة الثانية، 2003)، الجزء الأول: “النظام في إطاره التاريخي وفي إطاره النظري،” ص 697 وما بعدها.

[30] “استجواب العضو عبد الكريم الكندري لرئيس مجلس الوزراء،” مجلس الأمة-مكتب الرئيس، 30 أبريل 2019، متاح للاطلاع على نظام المعلومات البرلمانية، إدارة التوثيق والمعلومات، مجلس الامة الكويتي < http://search.kna.kw/web/Default.aspx >.

[31] جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، ترجمة عامر الكبيسي (عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، 1998)، ص58.

[32] أوكل الدستور لرئيس مجلس الوزراء مهمة “القيام برسم وتنفيذ والرقابة – الداخلية – على تنفيذ الوزراء لمهامهم بما يتوافق مع السياسة العامة للحكومة”، وحددت المادة 123 من الدستور الدور الذي يمارسه مجلس الوزراء بأنه “يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية”.

استجواب العضو عبد الكريم الكندري لرئيس مجلس الوزراء، مرجع سابق.

[33] وصال نجيب العزاوي، السياسات العامة: حقل معرفي جديد (بغداد: مركز الدراسات الدولية بجامعة بغداد، 2001)، ص46.

[34]  تنص المادة 100 من الدستور على أن “لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم.”

استجواب العضو عبد الكريم الكندري لرئيس مجلس الوزراء، مرجع سابق.

[35] وصال نجيب العزاوي، مرجع سابق، ص115.

[36] إبراهيم درويش، النظام السياسي: دراسة فلسفية تحليلية (القاهرة: دار النهضة العربية، 1968)، ص201.

ووصال نجيب العزاوي، المرجع السابق، ص62.

[37] تحسين المنذري، “الدولة المدنية الديمقراطية بديل دولة المحاصصة” موقع نسماء، 31 ديسمبر 2011،  < http://www.nasmaa.com/ArticleShow.aspx?ID=130 >.

سامي عباس، “الدولة المدنية: المفهوم المبادئ التطبيق،” شبكة البصرة، 14 يوليو 2014، < www.albasrah.net/ar_articles_2014/0714/sami_140714.htm >.

[38] “تصريحات أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لصحيفة فرانكفورتز الألمانية،” وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، 26 أبريل 2010.

[39] محاضر اجتماعات لجنة الدستور، المجلس التأسيسي في الفترة من: 17 مارس 1962 إلى 27 أكتوبر 1962، فهرسة مكتب الكويت الوطنية (الكويت: الأمانة العامة لمجلس الأمة الكويتي، 2013).

[40] طارق المطيري، ارحل..رواية شخصية ل17 سنة من الحراك الكويتي (بيروت: جسور للترجمة والنشر، 2016)، ص 186.

[41] راجع المذكرة الإيضاحية للدستور الكويتي “تقرر المادة (43) من الدستور الكويتي “حرية تكوين الجمعيات والنقابات” دون النص على “الهيئات” التي تشمل في مدلولها العام  بصفة خاصة الأحزاب السياسية وذلك حتى لا يتضمن النص الدستوري الإلزام بإباحة إنشاء هذه الأحزاب كما أن عدم إيراد هذا الإلزام في صلب المادة ليس معناه تقريرَ حظرٍ دستوريٍّ يقيِّدُ المستقبلَ لأَجَلٍ غيرِ مُسمًّى  ويمنع المشرع من السماح بتكوين أحزاب إذا رأى محلا لذلك  وعليه فالنص الدستوري المذكور لا يُلزِمُ بحريَّة الأحزاب  ولا يحظرها  وإنما يفوض الأمرَ للمشرِّعِ العادي دون أن يأمره في هذا الشأن أو ينهاه.”

[42] جاسم السعدون، “حكم القانون – والحكم بالقانون،” جريدة الأن الإلكترونية، 14 أغسطس 2016، < https://www.alaan.cc/article/257620/ >.

 [43]للمزيد راجع: د. علي الزميع، الحركات الإسلامية السنية والشيعية في الكويت (جماعة الإخوان المسلمين -الحركة السلفية- مجاميع حزب الدعوة – التيار الشيرازي) – تطورها الفكري والتاريخي – المسارات الصعبة – الجزء الثاني 1981-2019م، تحت الطباعة، (بيروت: دار نهوض للدراسات والنشر، 2019).

[44]  نجيب الوقيان وصباح الشمري، أشهر الجرائم السياسية في الكويت (بدون ناشر، الطبعة الثانية 1997)، ص9.

[45] محمد جمال باروت، حركة القوميين العرب (النشأة – التطور- المصائر) (مايو2007)، ص51.

[46] الصفحة الشخصية للكاتب أحمد منصور ، “اختراق التنظيم الدولي للإخوان المسلمين،” موقع فيس بوك، 22 مارس 2015، < https://ar-ar.facebook.com/ahmedmansouraja >.

[47] حساب قناة اليوم، “لقاء مع حامد الياقوت، نائب رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي، ببرنامج “ساعة ونص” مع “علي السند” بعنوان “الإخوان في الكويت،” فيديو، موقع يوتيوب، 26 سبتمبر 2013، < https://youtu.be/7OqvAVvzsM4 >.

توفيق السيف، “الأحزاب المرتبطة بالولي الفقيه،” الجزيرة نت، 26 ابريل 2006، < https://www.aljazeera.net/home/print/787157c4-0c60-402b-b997-1784ea612f0c/6136be45-b917-4ec1-8c81-d38dbb62e8af >.

[48] محمد عبيد غباش، المرجع السابق.

للمزيد راجع:

تقرير التنمية الإنسانية العربية ورقة بحثية، حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة في البلدان العربية، مرجع السابق.

إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة (وثيقة للسياسات العامة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يناير 1997)، ص2.

[49]  محمد عبيد غباش، الدولة الخليجية سلطة أكثر من مطلقة مجتمع أقل من عاجز (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، مايو 2005)، مجلة المستقبل العربي، مجلد 28، العدد 315، ص53-71.

[50] على الكواري، “توصيف العلاقة بين السلطة والمجتمع وسبل تصحيحها،” موقع الدكتور علي الكواري الإلكتروني، < http://dr-alkuwari.net/sites/akak/files/relation-_athorety_and_sositey_1.pdf >.

[51] نبيل علي دريس، الديمقراطية التشاركية مقاربات في المشاركة السياسية (مركز الكتاب الأكاديمي، 2017)، ص 113.

[52] تحسين المنذري، “الدولة المدنية الديمقراطية بديل دولة المحاصصة،” موقع نسماء الإلكترني، < http://www.nasmaa.com/ArticleShow.aspx?ID=130 >.

سامي عباس، الدولة المدنية: المفهوم المبادئ التطبيق (شبكة البصرة، 14 يوليو 2014)، < www.albasrah.net/ar_articles_2014/0714/sami_140714.htm >.

[53] سامي عباس، الدولة المدنية: المفهوم المبادئ التطبيق، المرجع السابق.

للمزيد راجع:

تقرير التنمية الإنسانية العربية ورقة بحثية، حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة في البلدان العربية، المرجع السابق.

وثيقة للسياسات العامة إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 1997).

[54] علي الكواري، المرجع السابق.

[55] حمد الرّيس، المرجع السابق.

[56] جمهورية الموز (بالإنجليزية: Banana Republic) هو مصطلح ساخر يطلق للانتقاص من أو ازدراء دولة غير مستقرة سياسياً، وليس لها ثقل سياسي واقتصادي بين دول العالم، يعتمد اقتصادها على عدد قليل من المنتجات كزراعة الموز مثلاً، ومحكومة بمجموعة صغيرة ثرية وفاسدة. صاغ المصطلح في بادئ الأمر الكاتب الأمريكي أوليفر هنري للإشارة إلى الحكومات الدكتاتورية التي تسمح ببناء مستعمرات زراعية شاسعة على أراضيها مقابل المردود المالي. أما الاستخدام الحديث للمصطلح فجرى ليوصف به أي نظام غير مستقر أو دكتاتوري، وبالأخص عندما تكون الانتخابات فيه مزورة أو فاسدة، ويكون قائدها خادماً لمصالح خارجية.

و”الجبير للبرلمان الأوروبي: توقفوا عن انتقادنا فلسنا جمهورية الموز،” صحيفة (المواطن) الإلكترونية، 21 يناير 2020، < https://www.almowaten.net/?p=2612836 >.

[57] “التطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي إلى أين؟” مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 24 يناير 2019، < https://bit.ly/2S0eeRW >.

[58] “مجلس الأمة الكويتي: ندعو الحكومة لمقاطعة «ورشة البحرين» المزمع عقدها بمشاركة صهيونية،” وكالة الأنباء الكويتية “كونا”، 24 يونيو2019، < https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2803258# >.

[59] براءة درزي، التطبيع العربي مع “إسرائيل”: الطريق إلى تصفية القضية الفلسطينية وتشريع الاحتلال (مؤسسة القدس الدولية، 2017)، < http://www.alquds-online.org/items/981 >.

[60] يقصد بالدول العربية المعتدلة دول مجلس التعاون الخليجي.

[61] موشيه يعلون وليهيا فريدمان، تقييم استراتيجي، إسرائيل والمعسكر السني البراغماتي: فرصة تاريخية، المجلد 21، العدد 2، يوليو2018، ص 9.

[62] تجدر الإشارة إلى أن عدم العدالة في هذا التوزيع متقارب في جميع الدول الخليجية فوفقًا للمقاييس الدولية المعتمدة على معامل جيني GINI فإن نسبة عدم المساواة في توزيع الدخل في الدول الخليجية في عام 2018 تتراوح بين 78.8% و61.5% وهي نسب مرتفعة للغاية، هذه المؤشرات السلبية تسير في ذات نهج باقي الدول العربية التي يستحوذ أغنى 10% من سكانها على 61% من الدخل القومي، في حين أن الـ 10% الأغنى في أوروبا لا يتجاوز نصيبهم 37%، وفي الصين 41%.

“الكويت الثالث خليجياً بعدم المساواة في توزيع الدخل،” جريدة الأنباء، < https://alanba.com.kw/866132 >.

“البنك الدولي:10% فقط يمتلكون 61% من الدخل القومي العربي،” الأسواق العربية، < http://ara.tv/nqedp >.

[63] جاسم خالد السعدون، التنمية بين الخيال والواقع، مرجع سابق.

د. علي الزميع، النموذج المأمول في متطلبات وسياسات خطط التنمية لدول مجلس التعاون، مرجع سابق.

[64] عمر الشهابي وخليل بوهزاع، الخليج بين الثابت والمتحول 2019: المواطنة في تيارات الخليج (الكويت: مركز الخليج لسياسات التنمية، 2019)، ص127.

الحسن عاشي، “تقييم السياسات يُعتبر حلقة مفقودة في العالم العربي،” مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 11 مارس 2014، < https://carnegie-mec.org/2014/03/11/ar-pub-54909 >.

[65] أحمد الديين، مرجع سابق.

[66] أحمد الديين، مرجع سابق.

[67] للاطلاع على أمثلة لهذه المشاريع العملاقة، راجع: “كيف تهيمن ماكينزي على صناعة القرار داخل السعودية،” موقع ايوان 24، 13 مايو 2016.

[68] د. علي الزميع، الحركات الإسلامية السنية والشيعية في الكويت، مرجع سابق، ص11.

[69] جيمس أندرسون، المرجع السابق، ص63.

خيري عبد القوي، دراسة السياسة العامة (الكويت: منشورات ذات السلاسل، 1989)، ص116.

[70] دانيال توانا وندى زهدي، دليل إعداد أوراق السياسات العامة، مرجع سابق، ص2.

[71] د. عباس جواد و د. ارزوقي عباس عبد، “صياغة السياسات العامة- إطار منهجي،” مجلة أهل البيت، العدد الأول، ص150.

صادق الأسود، الراي العام ظاهره اجتماعية، وقوة سياسية (بغداد: دار الحرية للطباعة والنشر، 1993)، ص79.

[72] وفقًا لإحصائيات تعداد السكان لعام 2018 يشكل المواطنين 62% من إجمالي عدد السكان في المملكة العربية السعودية، و30% من إجمالي عدد السكان في الكويت، و47% من إجمالي عدد السكان في البحرين، و21% من إجمالي عدد السكان في قطر، و17% من إجمالي عدد السكان في الإمارات العربية المتحدة، و55% من إجمالي عدد السكان في عمان، أي أن إجمالي عدد المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي 49% من إجمالي عدد السكان.

المصدر: الجهات الحكومية في البحرين وعمان والسعودية وقطر والكويت: مركز أبحاث الخليج، الإمارات: المختبر الإعلامي.

مشار إليه في: “«الخليج»: نمو الوافدين 4.8% والمواطنين 2.9%،” جريدة القبس، 29 يناير 2020، < https://qabas.news/57469 >.

[73] محمد عبيد غباش، المرجع السابق.

رياض الخوري، إعادة النظر في نظرية الدولة الريعية (ماساتشوستس: مركز كارينغي للشرق الأوسط، 09 سبتمبر 2008)، < http://carnegieendowment.org/sada/?fa=21957&lang=ar >.

[74] عمر هشام الشهابي، تصدير الثروة واغتراب الإنسان- تاريخ الخلل الإنتاجي في دول الخليج العربية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، سبتمبر 2018)، ص6.

[75] تقرير التنمية الإنسانية العربية ورقة بحثية، حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة في البلدان العربية، مرجع سابق، ص6.

[76] حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة في البلدان العربية، مرجع سابق، ص2.

[77] هادي فتح الله، “تحدّيات صنع السياسات العامة في السعودية،” صدى – مركز كارنيغي للشرق الأوسط – مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 22 مايو 2019، < https://carnegieendowment.org/sada/79189 >.

[78] المرجع السابق.

[79] Jane Kinninmont, Kuwait’s Parliament: An Experiment in Semi-democracy, previous resource.

Selvik, Kjetil, Elite Rivalry in a Semi-Democracy: The Kuwaiti Press Scene (Middle Eastern Studies, 2011), 47: 3, 477 — 496.

[80] للمزيد راجع: د. علي خليفة أل كواري، تنمية للضياع!: ام ضياع لفرص التنمية؟ (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية, 1996)، “محصلة التغييرات المصاحبة للنفط في بلدان مجلس التعاون.”

[81] عبد المحسن هلال، الحاجة للإصلاح في المملكة العربية السعودية، (الدوحة: منتدى التنمية، اللقاء السنوي الثالث والثلاثون بعنوان السياسات العامة والحاجة للإصلاح في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، 1-2 مارس 2012)، ص17.

[82] الحسن عاشي، المرجع السابق

رابط المصدر:

https://gulfpolicies.org/2019-05-18-07-30-16/2019-05-18-10-13-53/202020/2412-2-4

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M