تداعيات أزمة لبنان السياسية على مشاريع الطاقة في شرق المتوسط

محمد قواص

 

لا تقتصر تداعيات العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، إثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر 2022، على الوضع السياسي الداخلي اللبناني فحسب، فمن شأن تلك التداعيات أن تؤثر سلباً في مستقبل ما يعول عليه البلد من وراء إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، لاسيما فيما يخص البدء في تفعيل عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، بل إن استمرار الفراغ الدستوري في لبنان قد يتسبب في عرقلة سلاسة الإنتاج والتصدير لموارد الطاقة في منطقة شرق المتوسط برمتها.

تتناول هذه الورقة تداعيات الأزمة السياسية في اللبنانية على عمليات إنتاج الطاقة في منطقة شرق المتوسط، ومصالح الدول المعنية بذلك.

اتفاق ترسيم الحدود البحرية

نجحت الولايات المتحدة، عبر وسيطها الأخير مبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة آموس هوكستاين، في ترتيب اتفاق بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين تم التوقيع عليه في 27 اكتوبر 2022، يُتيح للبلدين الشروع في تفعيل أنشطتهما في الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، وصولاً إلى إنتاج موارد الطاقة، في الحقول الواقعة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما.

وفقاً لنص الاتفاق بقي حقل غاز كاريش الذي يحتوي على ما يتراوح ما بين 40 و100 مليار متر مكعب من احتياطات الغاز المؤكدة والمحتملة داخل السيادة الإسرائيلية. وبالمقابل يحتفظ لبنان بحق السيادة الكامل على حقل قانا، الذي لا يوجد معطيات دقيقة حول ما يختزنه من احتياطات، ووفقاً لتوقعات متفائلة فإن التقديرات تتحدث عن احتمال وجود 450 مليار متر مكعب داخل هذا الحقل. وعلى الرغم من أن الاتفاق يعترف بالحقوق اللبنانية الكاملة في حقل قانا، الذي يقع في “البلوك 9” التابع للبنان، إلا أن جزءاً صغيراً يقع جنوب هذا الحقل يدخل في نطاق “البلوك 72” داخل الحدود البحرية الإسرائيلية.

ووفقاً للصفقة، ستوقع إسرائيل ومشغّل “البلوك 9″، أي شركة توتال إنيرجي الفرنسية اتفاقية مالية منفصلة تحدد الدخل الذي سيحصل عليه الجانب الإسرائيلي من تشغيل هذه المنطقة والإنتاج هناك، بحيث لا يساهم لبنان الرسمي بأي شراكة مباشرة مع إسرائيل في هذا الحقل.

وفي عام 2018 منحت الحكومة اللبنانية تراخيص التنقيب والإنتاج في “البلوك 9″، الذي يضم حقل قانا​، و”البلوك 4” في أقصى الشمال لكونسورتيوم دولي يتكون من شركة توتال إنيرجي الفرنسية بنسبة 40 بالمئة، وشركة إيني الإيطالية بنسبة 40 بالمئة، وشركة نوفاتيك الروسية بنسبة 20 بالمئة. غير أن النتائج الأولية “للبلوك 4” لم تكن واعدة.

وفي المقابل، منح الجانب الإسرائيلي حق التشغيل في حقل غاز كاريش لشركة إنيرجين اليونانية الأصل. كانت الشركة تأسست عام 2007، وتنشط في مشاريع للتنقيب عن النفط والغاز في إسرائيل ومصر وإيطاليا واليونان وإنجلترا. وكان وصول السفينة العائمة التابعة للشركة إلى حقل كاريش قد أثار الجدل في يونيو 2022، وصعّد التوتر بين لبنان وإسرائيل بما في ذلك تهديد حزب الله بقصف أعمال الإنتاج في الحقل إذا لم يضمن الاتفاق الحقوق اللبنانية. غير أن حزب الله قدم لاحقاً ضمانات لدعم اتفاق ترسيم الحدود البحرية.

وكانت شركة نوفوتيك الروسية قد أبلغت الحكومة اللبنانية عن عزمها التخلي عن أنشطتها في المياه اللبنانية، والتخلي عن حصتها داخل الكونسورتيوم والبالغة 20 بالمئة. وأعادت الشركة الأسباب إلى العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الحرب الاوكرانية. وقامت الحكومة اللبنانية بالاستحواذ على حصة الشركة الروسية، على أن تنتقل هذه الحصة وفق توزيع جديد إلى الكونسرتيوم بالشراكة مع الشركتين الفرنسية والإيطالية.

صفقة الحدود البحرية والطاقة في شرق المتوسط

يأتي توقيت إبرام الاتفاق اللبناني-الإسرائيلي متأثراً ومتّسقاً مع التغير الذي طرأ على سوق الطاقة في العالم منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير 2022.  ولا ريب في أن الضغوط الدولية دفعت إلى تسريع التوصل إلى الصفقة بما يتناسب مع التطورات المتعلقة باكتشاف حقول النفط والغاز التي شهدتها منطقة شرق المتوسط منذ سنوات، وبسبب حرب الطاقة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ أشهر بسبب الاضطرابات التي شهدتها خطوط التزوّد بالطاقة الروسية، سواء بسبب قرار من موسكو أو بسبب قرار الأوروبيين بالتخفيف من اعتمادهم على صادرات الطاقة الروسية.

وتلتحق الصفقة اللبنانية-الإسرائيلية بسلسلة تفاهمات واتفاقات أنجزتها الدول المطلة على البحر المتوسط لتسهيل لتعزيز الاستغلال المنسق لموارد المنطقة من الطاقة وفق الأمثلة الآتية:

  • توقيع لبنان على اتفاق لتوريد الغاز مع سوريا ومصر يتم بموجبة تصدير 650 مليون متر مكعب من الغاز المصري من خلال سوريا للتخفيف من أزمة الطاقة في البلاد.
  • الإعلان عن مفاوضات بين شركة الغاز المصرية “ايجاس” وصندوق الاستثمار الفلسطيني لتطوير حقل الغا ز البحري في غزة.
  • تنشيط قبرص وإسرائيل المفاوضات للاتفاق على كيفية العمل داخل حقل غاز أفروديت-ياشاي الذي يمتد عبر الحدود بين البلدين، والذي يحوي نحو 125 مليار متر مكعب من الاحتياطات المحتملة. وتم الإعلان عن اتفاق استثمار مشترك بين شركة نيومد إنيرجي الإسرائيلية (30 بالمئة) وشركة شل البريطانية-الهولندية (35 بالمئة) وشركة شيفرون الأمريكية (35 بالمئة) للبدء بأعمال التنقيب في في هذا الحقل.
  • إعلان شركة “كابريكورن إنيرجي” البريطانية عن اندماج مع شركة نيومد الإسرائيلية من أجل تعزيز خط الغاز الرابط بين إسرائيل ومصر. وتعمل الشركة البريطانية بنسبة 50 بالمئة في تشغيل أحد أكبر حقول الغاز البرية في الصحراء الغربية في مصر.
  • في إطار منتدى غاز شرق المتوسط، ثم توقيع مذكرة تفاهم تشمل مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي لتصدير الغاز إلى دول الاتحاد من خلال البنية التحتية للغاز المسال في مصر.
  • توقيع تركيا وليبيا مذكرة تفاهم مثيرة للجدل، حتى داخل ليبيا نفسها، في مجال الهيدروكربونات، تنص على التعاون الشامل في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي وإنتاجهما ونقلهما في المستقبل.
  • إكمال صندوق الثروة التابع لشركة مبادلة للاستثمار الإماراتية شراء حصته في حقل غاز تمار الإسرائيلي بدعم مالي كبير من مجموعة من البنوك الدولية.
  • إبداء شركة قطر للطاقة بالتشغيل المشترك لحقول الغاز في شرق البحر المتوسط الواقعة في كل من المياه الإقليمية لمصر (مجمع شمال مراقيا البحري) ولبنان (البلوك 4 و9).

ويمثّل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل دينامية إضافية أخرى لإدارة موارد الطاقة في شرق المتوسط، وتطال مباشرة البلدان المنخرطة في سوق الطاقة في المنطقة، كما يأتي:

  • لبنان: تُعد الصفقة مهمة بالنظر إلى ما تتيحه من تفعيل لعمليات التنقيب في حقل غاز قانا، كما أن الاتفاق يمكّن لبنان من الدخول في شراكات مع شركات دولية، ما من شأنه توفير ثقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة وللمساعدات والقروض من المؤسسات الدولية لإنقاذ الاقتصاد اللبناني. والاتفاق سيمنح البلد موقعاً مؤثراً في سوق الطاقة في كل منطقة شرق المتوسط، ويمكّن الاتفاق البلد من قطف ثمار مسار طويل لاستغلال موارده من الطاقة، فضلاً عن تبريد التوتر بسبب ذلك بين حزب الله وإسرائيل.
  • إسرائيل: تُتيح صفقة الحدود البحرية الحصول على موارد جديدة لتلبية الطلب المحلي على الغاز، والذي ارتفع بنسبة 145 بالمئة في السنوات العشر الأخيرة، والتحكم بحقول غاز جديدة بهدف تصدير الغاز إلى الاتحاد الاوروبي سواء عبر البنى التحتية المصرية للغاز المسال أو عبر خطوط الأنابيب التركية مستقبلاً. ووفقاً لبيانات يونيو 2022، فإن إسرائيل، التي تمتلك ما يقرب من 900 مليار متر مكعب (أو 600 مليار متر مكعب وفقاً لتقديرات شركة بريتيش بتروليوم) من احتياطيات الغاز، يبلغ إنتاجها السنوي من الغاز نحو 10 مليارات متر مكعب، وتقوم بتصدير ما يقرب من 5 مليارات متر مكعب من الغاز إلى دول الجوار مثل مصر والأردن.
  • الولايات المتحدة: للصفقة أهمية خاصة لواشنطن من حيث نجاح دبلوماسيتها في أن تكون حصرية في حلّ نزاع مزمن بين إسرائيل وجارتها، ما يعزز نفوذها في الشرق الأوسط في وقت يروج فيه الحديث عن تراجع مكانة المنطقة على سلم الأولويات الأمريكية. ومن شأن الصفقة أيضاً أن توفر الإنتاج الآمن لموارد الغاز الجديدة في شرق المتوسط ​​من أجل ضمان أمن الطاقة للاتحاد الأوروبي وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي. ومن ناحية أخرى فإن من مصلحة الإدارة الأمريكية أن تفتح فرصاً جديدة محتملة لشركة شيفرون للطاقة، وهي المشغل والشريك في حقول الغاز الإسرائيلية، ليفياثان (احتياطي 600 مليار متر مكعب) وتمار (احتياطي 300 مليار متر مكعب)، وأفروديت في جنوب قبرص (125 مليار متر مكعب احتياطي).
  • فرنسا: الصفقة تعزز تلاقي مقاربة باريس في تعزيز التحالفات الإقليمية وضمان أمن إمدادات الطاقة في الاتحاد الأوروبي مع مراعاة مصالح شركة توتال إنيرجي الفرنسية العملاقة للطاقة. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أكد لنظيره اللبناني ميشال عون إثر إبرام الصفقة، على التزامات توتال بالتنقيب عن النفط والغاز في لبنان.
  • تركيا: ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يساهم في توسيع جبهة التعاون في مجال الطاقة. وإن القرار الاستراتيجي الذي ستتخذه إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن طريق تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا في المستقبل، يمكن أن يصب في مصلحة تركيا عندما يكون حجم الصادرات 25 مليار متر مكعب بدلاً من الحجم السنوي الحالي البالغ 10 مليارات متر مكعب. فالحد الأقصى للتصدير السنوي لمصر وإسرائيل، بعد تلبية الطلبات المحلية المتزايدة في هذه المرحلة وتشغيل مرافق تسييل الغاز الطبيعي المصرية يكامل طاقتها، يمكن أن يلبي 2 بالمئة فقط من إجمالي الطلب في أوروبا، و6 بالمئة من الحجم الذي تستورده الدول الأوروبية من روسيا. كما أن زيادة صادرات إسرائيل من الغاز إلى أوروبا من 10 مليارات متر مكعب إلى 25 مليار متر مكعب لا تتطلب تطوير حقول غاز جديدة فحسب، بل تعتمد أيضاً على الخيارات التي سيتم بوجبها تصدير الغاز. ففي حالة زيادة حجم الغاز المراد تصديره، قد لا تكون قدرة محطتي تسييل الغاز الطبيعي في مصر، اللتين لا تتجاوز طاقتهما السنوية الإجمالية 17 مليار متر مكعب، كافية. وقد تفرض مثل هذه الوقائع الموضوعية خيار تصدير غاز شرق المتوسط ​​إلى الاتحاد الأوروبي من خلال خط أنابيب يمر عبر تركيا. كما أن فعالية التقارب التركي مع إسرائيل ومصر ستكون حاسمة في هذه العملية.
    • تمثل موارد الطاقة من الغاز والنفط في شرق المتوسط أهمية كبيرة بالنسبة لسوق الطاقة في العالم، لكنها تمثّل ضرورة طارئة بسبب حرب الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا.

تأثيرات أزمة لبنان السياسية والتدخل الخارجي

الواضح من خلال مراقبة تطور مشهد الطاقة في منطقة شرق المتوسط، أن الدول المعنية، سواء الدول المشاطئة للبحر المتوسط أو الدول المنخرطة في عمليات التنقيب، مدركة لضرورات تفعيل شبكات إنتاج مشتركة كشرط وقاعدة لرفع مستوى الإنتاجية والكفاءة، والاستفادة من وفورات الغاز والنفط داخل مياه المنطقة. ووفق هذه المسلّمة فإن “الاستثناء” اللبناني يشكّل شذوذاً عن القاعدة وقد يكون معطّلاً لها في المستقبل.

ويعرقل الاستعصاء السياسي اللبناني سلاسة اتخاذ القرارات المرتبطة بعمليات التنقيب والإنتاج والتعامل مع شركات الطاقة الدولية، وبالتالي تأخير وإرباك إمكانات تدفق الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع. فغياب حكومة بصلاحيات كاملة في لبنان، وتعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يصدّع كل العملية السياسية وامتداداتها القانونية والدستورية.

تحتاج القرارات الكبرى إلى اجتماع الحكومة اللبنانية، ذلك أنه وفق الدستور اللبناني المعدّل والمنبثق عن اتفاق الطائف لعام 1989، فإن جل السلطات تنتقل إلى الحكومة مجتمعة بعد أن كان جلُّها مناط بالرئاسة قبل ذلك. لكن اجتماع الحكومة بات متعذراً وحساساً بعد أن تحوّلت الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو 2022، وتعذّر تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات. يُضاف إلى ذلك وجود فراغ في موقع رئاسة الجمهورية لم يعد يسمح بانتاج حكومة جديدة.

ويعود جانب من أزمة انتخاب رئيس للجمهورية إلى تشظي البرلمان اللبناني (مجلس النواب) بعد الانتخابات الأخيرة، وعدم قدرة أي فريق سياسي على فرض أو حتى ترجيح مرشح من خلال اقتراع النواب. ووفق المشهد البرلماني لا يملك التحالف الذي يقوده حزب الله فرض انتخاب رئيس معين بالطريقة التي جرى فيها انتخاب ميشال عون عام 2016.

ويعتبر مرشح حزب الله “الطبيعي” الذي لم يعلن رسمياً هو الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية الموالي للنظام السوري. وبالمقابل فإن جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر وصهر الرئيس السابق ميشال عون، هو أيضاً مرشّح غير رسمي، الأمر الذي يمثّل حرجاً للحزب بسبب الحلف الذي يجمع الحزب والتيار ضمن إطار ما يسمى “تفاهم مار مخايل” لعام 2006. والظاهر أن ميل الحزب إلى دعم حليفه فرنجية على حساب حليفه باسيل تسبب بأزمة في علاقات حزب الله والتيار الوطني الحر.

أما القوى المناهضة للحزب فتصوت داخل البرلمان في جلسات الانتخاب التي بدأت في 29 سبتمبر 2022 لصالح النائب ميشال معوض، لكن هذا التصويت مازال ضعيفاً وقد تطيح حظوظه أي صفقة يتم الاتفاق عليها تنضم إليها كتل تصوت لمعوض، منها الكتلة النيابية التي تعود زعامتها إلى وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.

وعادة ما تتدخل العواصم الخارجية لإنتاج صفقة تقود إلى انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان أو دعم رئيس تتفق بشأنه الطبقة السياسية اللبنانية. غير أن الانقسام الدولي الحالي بسبب الحرب في أوكرانيا وانشغال الولايات المتحدة تحديداً بأولويات أخرى تمنع توافقاً خارجياً سهلاً بهذا الشأن، خصوصاً أن سوابق الضغوط الخارجية كانت تجري بالتوافق مع قوى إقليمية نافذة في الشأن اللبناني، وهو أمر غير متوافر حالياً بسبب الخلاف الإيراني-السعودي، وهما طرفان يمتلكان تأثيراً داخل لبنان.

غير أن الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الذي تمّ بوساطة ورعاية أجنبية، ساهمت بها كل من الولايات المتحدة وفرنسا، وأهمية هذه الصفقة الدولية فيما يخص مستقبل إنتاج الطاقة في لبنان وإسرائيل كما لدى بقية دول شرق البحر المتوسط، أعاد تفعيل الجهود الفرنسية، بموافقة الولايات المتحدة، لتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وتأمل فرنسا في ترتيب صفقة رئاسية تحظى بموافقة القوى الفاعلة داخل لبنان وخارجه. وفي العجز محلياً عن الاتفاق على مرشح سياسي تتجه الأنظار إلى مخارج تطرح بديلاً قد يكون مقبولاً من قبل الداخل والخارج، من خلال انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية. والأمر ليس سابقة منذ اتفاق الطائف، فقد سبق انتخاب إميل لحود (1998) وميشال سليمان (2008)، وكانا قائدين للجيش.

ويحظى العماد جوزيف عون بعلاقات ممتازة مع الولايات المتحدة التي استقبلته عدة مرات ضمن الدعم الذي تقدمه واشنطن للجيش اللبناني، وسبق أن أشادت به على رأس المؤسسة العسكرية اللبنانية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد استقبل عون في قصر الإليزيه في باريس في 26 مايو 2021 في أول سابقة لقائد جيش لبناني، وزار جوزيف عون قطر في 10 ديسمبر 2022 لأسباب رسمية تتعلق بدعم الجيش، لكن توقيت الزيارة أوحى بدور قطري في هذا الملف قد يكون مسوِّقاً لقائد الجيش عشية زيارة ماكرون للدوحة، خصوصاً أن شركة قطر للطاقة مهتمة بالحصول على حصص شركة نوفاتيك الروسية في عمليات التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية، بعد انسحابها من الكونسورتيوم مع الشركتين الفرنسية والإيطالية. ويحظى عون بقبول مبدئي من قبل معظم القوى السياسية اللبنانية (عدا باسيل) في حال تعذّر الاتفاق على شخصية سياسية، ويشمل هذا القبول حزب الله الذي تؤكد أوساطه أن لا “فيتو” ضد شخصه على الرغم من انتقاد نصر الله مراراً علاقات واشنطن بالجيش اللبناني.

استنتاجات

  • تمثّل الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان عاملاً مقلقاً لسوق الطاقة في شرق المتوسط، لاسيما أن مستقبل إنتاج وتصدير الطاقة نحو الأسواق العالمية يتطلب اتساقاً وانضماماً إلى خطوط التوزيع والتصدير.
  • تتولى فرنسا بدعم من الولايات المتحدة التواصل مع كافة الفرقاء الداخليين والعواصم الخارجية المعنية بالشأن اللبناني من أجل الاتفاق على صيغة تتيح انتخاب رئيس للبلاد ومن ثم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات.
  • تجاوز الفراغ الدستوري في لبنان سيسمح بإطلاق عملية التنقيب عن موارد الطاقة في الحقول اللبنانية، كما سيُتيح سلامة الوصل مع البيئتين العربية والدولية والمتوسطية، ما يسهّل تطبيع انخراط البلد في ورشة الطاقة المتوسطية، ويحفّز سلاسة عمل السوق المتوسطية الشاملة للطاقة، وقد يؤدي إلى انضمام لبنان إلى منظمة غاز شرق المتوسط.

 

.

رابط المصدر:

https://www.epc.ae/ar/details/brief/tadaeiat-azmat-lubnan-alsiyasiat-ealaa-masharie-altaaqat-fi-sharq-almutawasit

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M