هل أسدلت وساطة بيلاروسيا الستار على أزمة تمرد فاجنر؟

أحمد عليبة

 

أدي اتفاق لم يتم الإعلان عن تفاصيله بوساطة قادها رئيس بيلاروسيا إلكسندر لوكاشينكو بين موسكو وقائد مجموعة فاجنر يفنجي بروجين إلى إنهاء أزمة التمرد التي بدأها الأخير الذي عادت قواته إلى مركز التمرد في روستوف بعد أن قطعت نصف المسافة تقريبا بينها وبين العاصمة موسكو، وفي خطوة تالية تم الإعلان عن مغادرة “فاجنر ” روستوف، في خطوة تؤكد على إتمام الاتفاق الذي لم تتضح تفاصيله بشكل نهائي، وفي بيان نقلاً عن الكرملين شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيلاروسيا على التوصل للاتفاق، وفي المقابل أكد “بروجوجين” على أنه قبل الاتفاق حقناً للدماء ليؤكدا على اسدال الستار على الأزمة، وعلى التوازي بدأت سلطات موسكو والأقاليم التي شهدت الأزمة ترفع القيود التي فرضت على مدار اليوم في دلالة على انفراج الأزمة .

تراجع الطرفين

انعكس مسار كافة السيناريوهات التي كانت متوقعه وتميل إلي تصعيد الأزمة التي انفجرت خلال يوم السبت ٢٤ يونيو الجاري على إثر تراجع الرئيس “بوتين” عن كل ما ورد في خطابه الصباحي والذي بدا فيه حاسماً تجاه محاسبة المتورطين في التمرد، وانحاز فيه إلي الجيش ووصم “فاغنر” بالخيانة والطعن في الظهر، بالقدر ذاته تراجع “بروجوجين” عن إشارته التي ألمح فيها إلي حاجة روسيا لرئيس جديد، ما فتح الباب لتأويلات حول تحول التمرد إلي محاولة انقلاب، كما أكد أنه يدعم العمليات العسكرية في روسيا متراجعاً عن تصريحاته السابقة مباشرة بأن “الناتو” لم يكن يشكل تهديد لروسيا، وأن “بوتين” تم تضليله وخداعه.

دور بيلاروسيا

كان أول اتصال أجراه الروسي بعد بث خطابه الصباحي المتلفز هو الاتصال مع لوكاشينكو، ويبدو أن الأخير ظل على اتصال مع “بروجوجين” الذي أشار إلى أن هناك محاولات للاتفاق كانت متواصلة طيلة الوقت، في مؤشر على أن قائد فاجنر كان يتحرك بحرية بينما كان يضغط بالمزيد من التحركات باتجاه العاصمة إلى أن تم التوصل إلى الاتفاق. ربما يكون “بروجوجين” قد أسر إلى لوكاشينكو بما لم يصرح به على الهواء في بثه المباشر على حسابه على تليجرام من آن لأخر، وربما أقنع لوكاشينكو الرئيس بوتين بأن مغامرة فاجنر قد تقود إلى كوارث ستدفع موسكو ثمنها، لاسيما سيناريو اندلاع الحرب الأهلية.

احتمالات الاتفاق

لم يتم الإفصاح عن طبيعة الاتفاق، وربما لن يتم الإفصاح عنه بشكل كامل أو نهائي، وبالفعل أعلن الكرملين أن مقاتلو فاغنر غير المشاركين في الانقلاب سيتم توقيع عقود لهم مع وزارة الدفاع، وكما أعلن الكرملين أيضاً عن اسقاط الاتهامات بالخيانة، وأن بروجوجين سيتوجه إلي بيلاروسيا من دون توضيح هل يعني ذلك أن قائد فاجنر تنازل عن قيادة فاجنر  كأحد التنازلات التي شملها الاتفاق، كما يشير مراقبون في موسكو وفق تقارير إعلامية إلى أن قائد فاجنر ضمن على الأقل عدم المحاسبة على ماجري، وربما سيتم تنفيذ بعض مطالبه المتعلقة بفتح تحقيق حول توجيه اتهامات لقادة في الجيش بقصف قواته في باخموت التي سيطرت عليها في أوكرانيا.

تداعيات غير منظورة

أشار الكرملين إلى أن الأزمة انتهت بلا خسائر، إلا أن هذا السياق قد يعكس الانفراجة في الأزمة، لكنه لا ينفي أن صورة روسيا اهتزت في ظل مشهد الانزلاق إلى معارك داخلية، وأن صورة القيادة الروسية تأثرت حتى وإن كان البعض من المراقبين الروس يبررون تراجع بوتين بأنه جنب نفسه والبلاد كارثة كانت تداعياتها ستشكل انتكاسة للاتحاد الروسي وللعمليات العسكرية الروسية في موسكو.

السيناريو التاليعلى الأرجح ستسعى موسكو إلى القفز إلى الامام لتغير مشهد تمرد فاغنر بالعودة إلى مشهد الحرب في أوكرانيا، ومحاولة صنع انتصار هناك، ومع ذلك من غير المعروف هل انتهت الأزمة بالفعل، أم أن تداعياتها لم تنتهي بعد، وما إذا كان الرئيس بوتين سيعيد هيكلة القيادة العسكرية أم سيتجاوز كل ما جري، وفي المقابل فإن وضع فاجنر دخل بالفعل على مسار التسوية.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/34868/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M