شَحَّة المياه في العراق: حسابات غير منطقية وضغوطات مركبة

د. علي فارس حميد – عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين
المقدمة
ما تزال الموضوعات التي تتصل بالبحث عن الندرة تمثِّل المتغيَّر الأكثر تأثيراً في توجهات الدول، فهي تمثِّل ذلك الهاجس الذي قد يجعلها تفقد أحد مرتكزات البقاء من الناحية الإستراتيجية أو التي تجعلها فاقدة لفاعلية الفعل الصادر منها إزاء البيئة المحيطة بها، إذ تدفع ندرة الموارد الدولة إلى الاستجابة للمتغيرات، وحركة المصالح من دون إمكانية التفكير بأفضلية الخيارات الأخرى وما تشتمل عليه من فرص أو مكاسب.
يُعدُّ موضوع شَحَّة المياه من الناحية الشكلية أحد المتغيرات المؤثرة في العلاقات العراقية – التركية، بل يعتقد معظم الباحثين أنَّ السلوك الذي يؤديه العراق بصورة كبيرة مرتهن بالسياسة المائية التركية خصوصاً في القضايا التي ترتبط بالحاجة أو نقص الكميات الواردة إلى العراق من المياه، إذ عادةً ما يضطر صانع القرار في العراق إلى اللجوء إلى الخيارات التي تقلِّل من فرص احتكاك المصالح التركية في العراق؛ لكي لا تتأثَّر السياسات المائية بحركة المتغيِّرات، وفي الحقيقة فإنَّ السياسات المائية التي تتبعها تركيا تجاه العراق بحاجة إلى إعادة فلسفة ورؤية سياسية من قبل العراق تناسب حجم التبدُّل في هذه السياسات.
تكاد تكون التساؤلات التي يمكن أن تحلَّ محلها في إشكالية رئيسة قائمة على التعامل مع شَحَّة المياه وندرتها تكاد تكون مبينة في: لماذا أضعف العراق من خياراته في التعامل مع شَحَّة المياه؟ ولماذا تجاهل العراق الخيارات البديلة التي يمكن أن يعتمدها لتقوية موقفه التفاوضي مع تركيا في موضوع المياه؟ وإلتصاقاً بهذه التساؤلات فإنَّ إدارة ملف المياه من الناحية الفنية والسياسية كان له أثر مهم في تعزيز شَحَّة المياه في العراق وتَكُّون الأزمات بين الحين والآخر؛ لاعتبارات تتصل بسوء الإدراك، وضعف تشخيص حركة المتغيرات، وتداعيتها في البيئة الإقليمية الحاضنة لمسألة المياه.
إنَّ الفرضية التي يفترضها البحث هي أنَّ قضية المياه في الأداء السياسي العراقي يجب ألَّا تبقى مرتبطة بسمة الحق بقدر ارتباطها بالسياسة والحنكة ومراقبة التبدُّل في أولويات المصالح، وتكييف الاحتياجات الداخلية بما يتناسب مع طبيعة التبدلات التي ترتبط بالسياسة المائية التركية.
واستناداً إلى إشكاليات البحث وفرضيته يسهم تحليل الرؤى التركية ودورها في توليد ما يعرف بالأزمة المائية وطبيعة الرؤية العراقية وما ترتب عليها من تداعيات في تحديد مسبِّبات شَحَّة المياه أو ندرتها فيما بعد فضلاً عن أنَّه يسهم في إيجاد تصوُّرات قابلة للتنفيذ يمكن أن تساعد الخبراء في إدارة ملف المياه.
الرؤية التركية في موضوع المياه
تشكِّل الرؤية التركية في موضوع المياه وما يحكمها من تأثيرات في العلاقات السياسية مع العراق تأثيرات كبيرة على مسار العلاقات الثنائية، وما يحتويها من محاضر اتفاق وتعاون مشترك، فمع كَثْرَة الاتفاقيات التي تُعْقَد بين العراق وتركيا في موضوع المياه وتقاسم الموارد المائية إلا أنَّ تركيا لا تعتمد على الاتفاقيات والبروتكولات المبرمة بين البلدين، مع وجود فِقْرَاتٍ قانونيةٍ توضِّح إمكانية الحسم عبر التحكيم بأنَّها آلية لفضِّ الخلافات التي يمكن أن تحدث بين الطرفين وتسويتها، إذ تسهم طبيعة الالتزامات وتبدُّل المصالح إسهاماً كبيراً في اعتماد التفاوض والمساومة التي تعزِّز من تسوية الأمور مؤقتاً ونسبياً ووَفْقاً لما تفرضه حركة المتغيرات في البيئة الإقليمية ومسار الأولويات في المصالح.

لقراءة المزيد اضغط هنا

 

.

رابط المصدر:

https://www.bayancenter.org/2023/06/9892/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M