إسرائيل و”حرب لبنان الثالثة”

أصيب عشرات عناصر”حزب الله” الثلثاء بانفجار أجهزة اتصال يحملونها بالضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان. وقال مصدر بـ”الحزب” أن هذا “خرق اسرائيلي”. هل يؤدي هذا التصعيد الى حرب بين “الحزب” وإسرائيل؟

منذ اندلاع الصراع في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، دأبت إسرائيل على التهديد بتنفيذ عملية عسكرية في لبنان للقضاء على التهديد الذي يمثله “حزب الله”. وتنبع هذه التهديدات جزئيا من مخاوف واقعية، فعلى الرغم من أن “حزب الله” موجود على الحدود منذ عقود، فإن الهجوم عبر الحدود الذي نفذته “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول أضفى شعورا متزايدا بجدية هذا التهديد. ويشعر السكان الإسرائيليون الذين أخلوا نحو 40 تجمعا سكنيا حدوديا على طول الحدود اللبنانية بالخوف من عدم تمكنهم من العودة إلى ديارهم، حيث يسيطر عليهم هاجس تكرار “حزب الله” لما قامت به “حماس” في ذلك اليوم، ولكن هذه المرة في شمال إسرائيل.

 

 أ ف ب أ ف ب

لاجئون سوريون يستعدون لمغادرة بلدة الوزاني في جنوب لبنان بعد إنذار إسرائيلي بإخلاء المنطقة في 15 سبتمبر 

ومع ذلك، فإن هذه التهديدات المتكررة من إسرائيل لم تتحول إلى أفعال حتى الآن، ما يجعل من الصعب التفريق بين التصعيد السياسي الخطابي وما قد يشكل بالفعل تمهيدا لصراع مدمر للطرفين، اللبناني والإسرائيلي.

مرة أخرى، حذر المسؤولون الإسرائيليون من قرب إطلاق عملية واسعة النطاق ضد “حزب الله” المتمركز في لبنان. وفي أثناء إشرافه على تمرين تدريبي شامل يهدف إلى إعداد القوات لحرب محتملة في لبنان، صرح وزير الدفاع يوآف غالانت بأن “مركز الثقل” للجيش الإسرائيلي “يتجه نحو الشمال” مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يقترب من إتمام “مهامه في الجنوب” في إشارة إلى الحرب في غزة. وأوضح أن الجيش الإسرائيلي، رغم الشك في دخوله غزة في بداية الصراع، قد نفذ ذلك في المراحل المبكرة من الحرب، مدعيا أن الأمر ذاته سيحدث في لبنان.

وبعد أيام، أفادت إحدى وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حذر، خلال اجتماع مع مسؤولين أمنيين، من اقتراب “مواجهة واسعة النطاق” مع “حزب الله”. غير أن مصدرا مقربا من نتنياهو قام بتعديل هذه التصريحات، موضحا أنه لم يجر تحديد موعد دقيق، وأن مثل هذه المواجهة قد تندلع في الأسابيع أو الأشهر المقبلة.

وتشير تقارير إلى أن نتنياهو بات مستعدا الآن لإضافة هدف جديد إلى الحرب، يتمثل في إعادة السكان إلى المناطق الحدودية الشمالية مع لبنان. وقد كان غياب هذا الهدف الرسمي موضع انتقاد طويل الأمد في إسرائيل. فقد دعا غادي آيزنكوت، الشريك السياسي السابق لنتنياهو، مجلس الوزراء الإسرائيلي علنا إلى تبني إعادة النازحين المهجرين من الحدود مع لبنان كهدف رسمي للحرب. ويُذكر أن آيزنكوت، الذي شغل منصب رئيس القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي عقب حرب لبنان الثانية، قد ركز لوقت طويل على تهديد “حزب الله”.

كما دعا عضو مجلس الحرب السابق بيني غانتس، قبل استقالته في يونيو/حزيران، نتنياهو إلى وضع خطة واضحة لإعادة السكان إلى المناطق الشمالية وتحييد خطر “حزب الله”، ويرجع ذلك جزئيا إلى رفض نتنياهو اتخاذ هذه الخطوة. كما طالب وزير الدفاع يوآف غالانت رسميا بإضافة هذا الهدف إلى أجندة الحرب.

 

من الواضح أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة محتملة مع “حزب الله”، بل في الواقع، كان يستعد لها منذ سنوات

 

 

بعبارة أخرى، تواصلت الضغوط السياسية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي بدا حتى الآن مترددا في اتخاذ خطوات حاسمة، رغم خطابه المستمر وزعمه بعد الضربة الاستباقية الإسرائيلية الكبرى في أغسطس/آب، أن “القصة لم تنتهِ بعد”.

ومن الواضح أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة محتملة مع “حزب الله”، بل في الواقع، كان يستعد لها منذ سنوات. فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، تدربت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على حرب لبنان الثالثة، بما في ذلك بناء قرية لبنانية وهمية تحتوي على أنفاق، لتدريب الوحدات القتالية بشكل منتظم على خوض المعارك في لبنان.

وبالكثير من الجوانب، تبدو إسرائيل أكثر استعدادا لمواجهة “حزب الله” مقارنة بتحضيراتها لإطلاق عملياتها في غزة، حيث قضت سنوات في التدريب والتجهيز لمثل هذه المواجهة، بينما اضطرت إلى وضع خطط حربها المدمرة في غزة خلال بضعة أسابيع فقط.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M