اغتيال السنوار… من يخلفه؟ هل تنتهي حرب غزة؟

عند ذيوع الخبر الإسرائيلي عن مقتل زعيم “حماس” يحيي السنوار، كان السؤال السائد في شوارع غزة، وجلهم من النازحين شمالا وجنوبا: “يعني الحرب بدها تنتهي؟”.

وجاء الرد على تساؤل الغزيين سريعا على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي قال في تعليقه على إعلان الجيش الإسرائيلي مقتل السنوار: “قتلنا السنوار ولكن الحرب لن تنتهي حتى تحرير الأسرى”، داعيا عناصر المقاومة الفلسطينية إلى تسليم أنفسهم وتسليم السلاح والأسرى بحوزتهم.

وبعد قرابة 70 يوما على تعيينه رئيسا للمكتب السياسي لحركة “حماس”، والبحث عنه لأكثر من 376 يوما في محاولة اغتياله أو اعتقاله، أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الخميس، عن قتله السنوار الرجل الذي اتهمته إسرائيل بتخطيط وتنفيذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، خلال عملية اشتباك مع قوة من المشاة في الجيش الذي يتوغل وينفذ عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة منذ بداية مايو/أيار الماضي.

وأشارت عدة تقارير على وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ مقتل السنوار جاء مصادفة، وذلك بعد رصد قوة مشاة 3 من المقاومين متحصنين داخل مبنى في حي تل السلطان شمال غربي مدينة رفح، والذي يتعرض للقصف المدفعي والجوي ويعتبر ساحة اشتباك بين المقاومة والجيش في الأشهر الأخيرة، حيث اشتبك الجيش مع المقاومين حتى اعتقد أنه قضى عليهم.

وبحسب الفيديوهات التي نشرها جيش الاحتلال، أرسلت القوة طائرة دون طيار يتم التحكم فيها عن بُعد قبل الدخول إلى البناية السكنية التي تعود لأحد المواطنين بمدينة رفح، ويظهر السنوار وهو لا يزال على قيد الحياة وحاول إلقاء عصاه على الطائرة قبل أن يتلقى رصاصة في رأسه بحسب الصور التي نشرها الجيش بعد اقتحامه للمكان وسحب جثمانه وإرساله إلى إسرائيل.

وبعد إجراء الفحوصات في معهد الطب الشرعي في إسرائيل، تم التأكد من جثمانه وأعلن الجيش عن ذلك.

ولم تصدر حركة “حماس” أي رد حول الرواية الإسرائيلية الرسمية، بينما أكد مصدر قيادي من حركة “حماس” لـ”المجلة”- رفض الكشف عن اسمه وهو موجود في الخارج- أنه لا معلومات مؤكدة لديهم حول ما أورده الجيش الإسرائيلي، موضحا أنّ الحركة تحاول إجراء التواصل مع الدائرة المقربة منه للتأكد من ذلك.

 

عند ذيوع الخبر الإسرائيلي عن مقتل زعيم “حماس” يحيي السنوار، كان السؤال السائد في شوارع غزة، وجلهم من النازحين شمالا وجنوبا: “يعني الحرب بدها تنتهي؟”.

 

 

وشغل السنوار منصب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، بداية أغسطس/آب الماضي، وذلك بعد ستة أيام من اغتيال رئيسها السابق إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان يشغل قبلها منصب رئيس الحركة في قطاع غزة. وفوجئت إسرائيل والعالم بتعيين السنوار رئيسا للمكتب السياسي حينها في الوقت الذي كانت تقول فيه إسرائيل إنها تعمل للقضاء على حركة “حماس” في غزة كواحد من أهداف الحرب التي فرضتها على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.

وعبّرت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية في أكثر من تصريح سابق، عن أن السنوار بمثابة العقبة أمام أي اتفاق قد يفضي إلى الوصول لحل سياسي ينهي حالة الحرب الإسرائيلية الحالية، متهمة إياه بعرقلة المفاوضات من خلال فرضه الشروط التي تراها إسرائيل غير مقبولة، مطالبة بإطلاق سراح أسراها لدى “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” والمُقدر عددهم بأكثر من 100 أسير.

وكانت إسرائيل قد نشرت عشرات التقارير التي تحدثت فيها عن محاولاتها لتحديد مكان وجود السنوار متهمة إياه بالاختباء في شبكة الأنفاق التي بنتها الحركة على مدار السنوات الماضية وتحت عمق الأرض، ونشر الجيش مقطع فيديو قال إنه ليحيى السنوار برفقة عائلته في أحد الأنفاق تحت الأرض في شهر فبراير/شباط الماضي.

خليفة السنوار

ربما من المبكر الحديث حول خليفة السنوار بالنسبة لقيادة المكتب السياسي لحركة “حماس”، والتي تحاول الوصول إلى جواب جازم بالنسبة لها حول الإعلان الإسرائيلي عن مقتله، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تُحجم “حماس” عن تسمية خليفته في ضوء سلسلة الاغتيالات لقيادات الحركة و”حزب الله”؟

يُعتقد أن أبرز المرشحين للمنصب في رئاسة المكتب السياسي، كبار قادة “حماس” والذين يوجد غالبيتهم حاليا في دولة قطر، ومن بينهم رئيس الحركة في الخارج خالد مشعل، ونائب رئيس الحركة في غزة خليل الحية، وهما أبرز المرشحين في الحركة، إلى جانب رئيس مجلس الشورى في حركة “حماس” محمد إسماعيل درويش الذي تردد اسمه لرئاسة الحركة بشكل مؤقت عقب اغتيال إسماعيل هنية، وقبل الإعلان عن تعيين السنوار.

وشغل خالد مشعل، رئاسة المكتب السياسي لحركة “حماس” ورئاسة الحركة في الخارج منذ عام 1996 وحتى عام 2017، حينما حل مكانه إسماعيل هنية في المنصبين، ليُعاد انتخابه عام 2021 لرئاسة الحركة في الخارج حتى الآن، وكان قد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة ونجا منها على يد جهاز “الموساد” الإسرائيلي عام 1997 في الأردن.

ولم يكن مشعل على وفاق كبير مع قيادة الحركة في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة الماضية، كما تعرض لانتقادات كبيرة مؤخرا بعد تصريحات في مقابلات حديثة بمناسبة الذكرى الأولى لعملية 7 أكتوبر، والتي وصف فيها خسائر حماس بـ”التكتيكية”، بينما وصف خسائر إسرائيل بـ”الاستراتيجية”، حيث تعرض لانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي من سكان غزة الواقعين تحت النزوح والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بحقهم على مدار أكثر من عام.

أما عن خليل الحية، والذي يرأس منصب نائب يحيى السنوار، فهو أحد أبرز قادة الحركة الذين يديرون مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الرهائن بالنيابة عن حركة “حماس”، وبطلب شخصي من السنوار بعد تعيينه، ويعتبر الحية من أبرز قادة الحركة الذين يتميزون بعلاقات جيدة مع إيران.

 

لم يكن مشعل على وفاق كبير مع قيادة الحركة في غزة خلال السنوات الأخيرة الماضية، كما تعرض لانتقادات كبيرة مؤخرا بعد تصريحات بمناسبة الذكرى الأولى لعملية 7 أكتوبر

 

 

وكان الحية قد غادر قطاع غزة قبل فترة قصيرة من عملية السابع من أكتوبر 2023، والتي نفذها عناصر “كتائب القسام” باقتحام الحدود الشرقية والشمالية للقطاع مع إسرائيل وأسروا عشرات الجنود والضباط والمستوطنين واقتادوهم إلى داخل غزة. وبحسب مصادر في “حماس”، كان الحية ضمن المجلس العسكري المحدود الذي شكله السنوار قبل عامين للتخطيط لعملية اقتحام الحدود واعتقال إسرائيليين.

ويقيم الحية منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية في قطر بعدما كان يقيم في غزة، حيث تنحدر أصوله من حي الشجاعية شرق المدينة، ويعتبر الشخصية الأوفر حظا في خلافة السنوار لرئاسة المكتب السياسي للحركة، خاصة بسبب وجوده في الخارج وتصلب رأيه المتوافق مع موقف السنوار من عملية التفاوض وصفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل وعلاقاته الجيدة مع إيران.

أما محمد إسماعيل درويش- وهو رئيس مجلس الشورى لحركة “حماس”، المجلس الذي يتعين عليه اختيار أحد أعضاء المكتب السياسي لرئاسته- فهو المرشح الثالث. وهو الشخصية الأقل حظا في شغل المنصب، وكانت الحركة قد أعلنت عن اسمه الذي بقي مجهولا لسنوات، بعد اغتيال هنية قبل أقل من ثلاثة أشهر ماضية، حينما تردد اسمه لرئاسة المكتب السياسي بشكل مؤقت وقبل الإعلان عن اختيار السنوار.

وكشفت “حماس” عن صورة درويش رئيس مجلس شوراها لأول مرة خلال اجتماع له مع الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة، حيث كان في استقباله في قطر بعد أسبوعين من تعيين السنوار في منصبه.

وحول شغل منصب رئيس الحركة في قطاع غزة، تعتقد بعض المصادر أنّ اثنين من قيادات “كتائب القسام” ربما هما المرشحان الأبرز للمنصب، الأول هو محمد السنوار شقيق يحيى الأصغر ويعتبر ذراعه اليمنى داخل الجناح العسكري للحركة، وهو أحد أقرب المقربين لشقيقه ومن القلائل الذين كانوا يعرفون أماكن وجوده. والثاني هو قائد لواء غزة في “كتائب القسام” عز الدين الحداد، وهو من أبرز قادة القسام المطلوبين لإسرائيل، ومن القلائل الذين نجوا من الاغتيال من بين القيادة العليا لهيئة الأركان العامة لـ”كتائب القسام”، وذلك بعد الإعلان عن اغتيال إسرائيل لمحمد الضيف رئيس هيئة الأركان العليا للقسام ونائبه مروان عيسى في غارات منفصلة خلال الأشهر الماضية.

أخيرا، يبقى كل ذلك تكهنات بالنسبة لقيادة حركة “حماس” في المكتب السياسي ومجلس الشورى في الخارج، والتي ما زالت تعمل على محاولات التواصل مع مقربين من السنوار للتأكد من خبر مقتله.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M