التطرف وإعادة تشكيل نظرية الحكم في الشرق الأوسط: رؤية في تطورات المشهد السياسي والأمني

تفترض حركة المتغيرات الدولية إعادة تقييم أطراف التفاعل الخارجي وفقاً لما تفرضه المصالح من أولويات، ودرجة من الاستقرار يمكن من خلالها فهم إدارة التفاعلات الدولية وحماية المصالح الاستراتيجية من أي تداعيات قد تحدث بسبب تغيير حركة اللاعبين في فراغات القوة. إذ يشكل هذا التغيير من الناحية الاستراتيجية جوانب عدة يمكن أن تؤثر على طبيعة المسارات التي كانت تحكم الإدراك الاستراتيجي للأطراف أو القضايا ذات الصلة بالتفاعلات القائمة أو تداعياتها الجيوسياسية.

وبالاستناد إلى طبيعة التبدلات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2001، يمكن ملاحظة التمييز الذي أحدثته معادلة التفاعلات القائمة بين من يتصفون بالإرهاب ومن يتصفون بالتطرف، إلى الدرجة التي جعلت الأمم المتحدة تصدر استراتيجيات وبرامج عمل للتعامل مع كل واحدة من هذه الفئات وبدرجات متباينة من التعاون بين الدول، لغرض تقليل امتدادهم الاجتماعي داخل المجتمعات التي ينتمون اليها، ومنع وصولهم إلى مواقع سياسية أو حكومية. غير أن كثير من الدلائل شكلت مبررات غير منطقية لتعاملهم مع الحكم بوصفهم قيادات في مراحل انتقالية أو سياسية. بحسب طبيعة الظروف التي تتحكم بالتفاعلات أو تبدل المصالح وأولوياتها مما يجعل المتطرفين، في بعض الأحيان طرفاً في إدارة الأزمات أو الصراعات القائمة.

إلى جانب ذلك، يشكل تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط، من حيث التقييم الأمني، مجموعة من المعطيات المتداخلة. فالوضع الذي شهدته سوريا قد لا يتوافق مع الركائز التي تتبناها القوى الرئيسة في المنطقة، لا سيما الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية. إذ لا يزال تصنيف بعض القيادات التي تولّت مواقع حكومية في سوريا يُدرَج ضمن لوائح التطرف والإرهاب، كما أن هذه القيادات لا تزال على ارتباط بمراكزها القديمة، التي تُصنَّف في تقييمات بعض الدول ضمن الجماعات المتطرفة. ومن ثم، فإن الإشكاليات المرتبطة بهذا الموضوع تتعلق بمدى قدرة القيادات المتطرفة على إدارة الحكم بمعزل عن القيم التي شكّلت عقيدتهم السياسية. فهل يمكن أن يؤدي وصولهم إلى الحكم إلى إعادة تقييم المدركات السابقة والتعامل مع السلطة وفقاً لدوافع المصلحة؟ أم أن المصالح ستظل خاضعة لتأثير العقيدة السياسية؟

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M