الدين والدولة.. إشكالية التعارض وأفق التكامل

يقدم الكتاب قراءة مهمة ورصينة لإشكالية العلاقة بين الدين والدولة في السياق العربي والإسلامي، وهو يتجاوز النظرة السطحية التي تضع الدين في مواجهة الدولة، أو ترى في الدين عائقًا أمام الحداثة والديمقراطية. فالنقد الموجه إلى الدولة العربية الحديثة بوصفها معزولة عن المجتمع، معتمدة على القمع بدل التنمية والعدالة، واقع لا يمكن إنكاره في كثير من الدول، ويُبرز ضرورة عقد اجتماعي جديد يرتكز على الديمقراطية وحقوق الإنسان.

إن إعادة تعريف مفهوم قوة الدولة بما يتجاوز القوة العسكرية أو الاقتصادية، نحو قوة مبنية على الديمقراطية والمشاركة، هو فهم متقدم يتناسب مع متطلبات العصر، ويضع أسسًا لتحقيق استقرار وتنمية حقيقية. ومن ثم، يمثل طرح الدكتور محمد محفوظ محاولة جادة لفهم واقع الأمة والتحديات التي تواجهها، ويقترح حلولًا واقعية متماسكة تستند إلى قيم دينية إنسانية وقواعد مدنية حديثة. وهذا النوع من الطرح يفتح آفاقًا واسعة للنقاش والتفكير العميقين حول مستقبل الدولة والمجتمع في العالم العربي والإسلامي.

يقول الدكتور محمد محفوظ: “إنّ الوعي الذاتي بالظروف الموضوعية وقوانين حركتها، هو شرط الاستفادة منها، وتوظيفها بما يخدم أهداف الوطن والأمة. وبهذه العناصر والقيم، يكون المجتمع، بكل شرائحه وفئاته مسؤولًا عن تطوير ذاته، وتجديد رؤيته لنفسه ولدوره التاريخي.

ومن المؤكد أن تطوير هذا التوجه في المحيط الاجتماعي، سوف يؤدي إلى إحداث شكلٍ أو أشكال من المشاركة الشعبية في الحياة العامة. والمجتمع الذي يفتقد الوعي والإرادة، فإنه ينزوي عن راهنه، ويعيش الهامشية، ولا يتحكم في مصيره ومستقبله.

لذلك، فإن بداية تطور الحقل المدني -الأهلي في الفضاء العربي والإسلامي، تكمن في عودة الوعي بضرورة هذا الحقل في البناء والعمران، وامتلاك إرادة مستديمة لتحويل هذا الوعي إلى فعل مجتمعي متواصل، يتجه إلى تطوير وترقية وتنمية الحقل المدني- الأهلي في الأمة. وفي المجال نفسه، يمارس هذا الحقل دور إنتاج وسائل التطوير في المجتمع. وبهذا، يكون الحقل الأهلي في الأمة هو حجر الأساس ونقطة البداية في مشروع العمران الحضاري الجديد.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M