المصلحون والصراعات الإصلاحية في العالم الاسلامي في العصر الحديث

تقديم :

لقد جاء الإسلام ليؤكد أصالة الكرامة الإنسانية، وليرسّخ في الإنسان إحساسه بكرامته، وليقوي تمسكه بها، وصونه لها، وذوده عنها، لأنها جوهر إنسانيته، ولبُّ بشريته، وأسُّ ذاتيته. فلقد راعت المبادئ الإسلامية في الإنسان أنه أكرم الخلق أجمعين، وأنه يحمل الأمانة العظمى، وأنه مستخلف عن الله سبحانه وتعالى في الأرض، ليعمرها، وليقيم الموازين بالقسط، وليعبد الله وحده لا يشرك به أحدًا، فكان الإسلام باعثًا للكرامة الإنسانية، وحافظًا لها، بما جاء به من مبادئ سامية تصون للإنسان حرمته، وترعى كرامته، وتنزله المنزلة التي أنزله الله إياها مكرمًا مكفول الحقوق جميعًا.

في العصر الحديث، يعيش مجتمعنا الإسلامي اليوم في واقع مؤلم لا يحسد عليه، ونطلق عليه العالم الإسلامي لمجرد انتمائيته للإسلام، ولكن النظرة البديهية البسيطة لواقع أكثر بلدان هذا العالم يعطينا واقع التمزق السياسي والتفرق المذهبي، والتشاحن والتدابر، والتنازع والتقاتل، ومن ثم التخلف العلمي، والضعف الاقتصادي، والانقسام حسب الرغبات والأغراض الاستعمارية، التي مزقت العالم الإسلامي، لتضع على كل جزء من الأرض الإسلامية قطعة منه بتسمية خاصة. ولذلك نظر العالم غير المسلم إلينا من خلال هذه الصورة المشوهة لحقيقة الإسلام وجوهره، فاعتقد العالم أن الإسلام هو السبب في هذا التخلف والقهر، والضياع والفقر، {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (سورة الممتحنة، الآية). هنا ظهرت الحركات الاصلاحية، ونعرض هنا للمهدية في السودان، وكذلك الاِصلَاحِ والتَجدِيِّد في فِكر محمد إقبَال ونَقدهِ للحَضَارةِ الغَربِيِّةِ، وقابلية الاستعمار في فكر مالك بن نبي بين النقد والتأييد.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M