بين الروايات والقرآن الكريم2؛هل(رمضان)هو الله؟

بقلم:
د.رعدهادي جبارة
الأمين العام
للمجمع القرآني الدولي

🔗خصوصيةالمفردة القرآنية27
*﷽*
﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ..﴾
[ البقرة: 185]
■□■تحدثنا في الحلقة الماضية من البحث المعنون ( بين الروايات والقران الكريم1) عن بعض الروايات المثيرة للجدل والتساؤلات ، وفي هذه الحلقة نضيء على بعض الروايات التي اعتبر ناشروها ان [رمضان] اسم من اسماء الله، واعتبروا ان من يقول او يكتب ^رمضان^ دون ان يسبقها بكلمة (شهر) فكأنما ارتكب معصية تستلزم الصيام و الكفارة و الاستغفار.
■□ والحقيقة ان (رمضان) من الناحية اللغوية اسم لشهر من الشهور العربية القمرية المتعارف عليها منذ ما قبل الاسلام، شأنه شأن (رجب وشعبان وشوال و..) وهو الان صار اسم علَم يطلقه الناس على اطفالهم عند الولادة كما يسمونهم (جمعة) و (خميس) مثل ما يسمون ابنائهم الذكور (رجب) و(شعبان) و(رمضان)أيضا ولم يرد النهي عن الله في القرآن او عن النبي (في النواهي الـ400) عن التسمية بهذا الاسم، فهو اسم جماد لشهر من الشهور ،غير عاقل، وقد اطلق على الانسان قبل وبعد الاسلام.و لو كان هذا الاسم يعني لفظ الجلالة ^الله^ لرأينا الناس يسمون ابنائهم (عبد الرمضان)! كما يسمونهم عبد الرحمن وعبد المنان وعبد الله. و لو كان اسماَ لله لَورد النهي عن النبي الأكرم ص للمسلمين عن تسمية المواليد برمضان لأن ذلك يعني ان الشخص قد سمى طفله (الله) وهذا لا يجوز شرعاً البتة.
■□ثم إن اسماء الشهور القمرية اطلقت وثُبتت عند العرب قبل البعثة وقبل نزول القران ،وعندما نطلق الاسم على شيء ما فإنه يثبت لهذا الشيء الذي أُطلق عليه، ما لم يرد نهيٌ صريح في القرآن عن ذلك .
■□فعندما نهى القرآن المسلمين عن القول (راعنا) وأمرهم بان يقولوا (انظرنا) أدركوا بان هذا شيء مهم ولا ينبغي تجاهله او عصيانه، فامتنعوا عن (راعنا).
■□وعندما نهى الله عن ان نقول للشهداء (اموات)-وهم أموات بالفعل- امتثل المسلمون لذلك النهي القرآني واطلقوا على من يقتل في سبيل الله صفة (شهيد) وليس [ميت او قتيل].
■□ولو شاء الله لقال لنا في كتابه [لا تقولوا رمضان فانه اسم من اسمائي] او لقال النبي للمسلمين (لايسمِّ احدكم طفله “رمضان” فإن رمضان هو الله!!).
■□ولكن الله سبحانه لم يفعل (ولو شاء الله لاعنتكم) بل (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة: 185 . ولو شاء الله ان لا نسمي ابنائنا ^رمضان^ لأخبرنا بآية في القران او لنهانا النبي ونهى اصحابه عن تسمية ابنائهم (رمضان) ورجب وشعبان (فمن بدله من بعد ما سمعه فانما إثمه على الذين يبدّلونه)【البقرة 181] .

🔗يتبع

🔗خصوصيةالمفردة القرآنية28
متابعة للمقال السابق نقول:
المرة الوحيدة التي وردت مفردة رمضان في كتاب الله هي قوله تعالى :
*﷽*
[شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ]
ورمضان هنا مجرد ظرف زماني وإسم شهر من الشهور لم تكن له قبل نزول القرآن قداسة او قدسية او خصوصية معينة بل لم يكن من الاشهر الحرُم حتى!
■□وعندما ننظر الى مفردة (فيه) الواردة في الاية الكريمة نجد الضمير المتصل (هـ) يعود الى (رمضان) ولو كان رمضان هو (الله) لصار منطوق ومفهوم الاية هكذا : “شهر رمضان [الله] الذي أُنزل فيه [في الله] القرآن “. فهل يصح ذلك؟ قطعا لا.
■□إن القرآن وبعد ان يتطرق الى شهر رمضان ويقرر أن من يرى هلاله فعليه ان يصومه، يذكر صراحة( ۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [البقرة:189]
■□اي ان الاشهر المتعارفة رمضان و شوال وذي الحجة و.. هي مواقيت اي ظرف زمان ووحدة قياس الزمن لمعرفة مواعيد الصيام والحج والعيد و أمثالها من العبادات لا أكثر ولا أقل وليست لها مداليل أكثر من ذلك.
■□وها نحن نرى اليوم ملايين الناس تسمي ابنائها بـ(رمضان) وليس (شهررمضان)! ولم ينهاهم اي من فقهاء المسلمين [سنة وشيعة وماتريدية واباضية وزيدية ودرزية] بل حتى غير المسلمين من المسيحيين واليهود،لم ينهوا الناس عن ذلك. ولو كان اسم رمضان يعني (الله) لكان هؤلاء الرمضانات كل واحد منهم يعني (الله).!! اتذكر ان احد زعماء الافغان كان اسمه (عبد الرسول سياف) و منافسه برهان الدين رباني ،وعندما اندلع القتال بين انصارهما في كابل ذهبا الى مكة للتفاوض ووقف القتال، فكانت وسائل الاعلام الرسمية المحلية تسمي سياف: (عبد رب الرسول) وتمتنع عن القول “عبد الرسول!” بحجة ان الناس هم عبيد الله وعباده و ليسوا عبيداً لمحمد.
■□لكن احداً من الفقهاء المسلمين في كل المذاهب الاسلامية ولا حتى في الانظمة الحأكمة في البلدان الإسلامية ال55 لم يعترض على اسم (رمضان) ولم يأمر المواطنين بإلحاق كلمة (عبد) ب(رمضان) ليكون اسمه عبد الرمضان اي عبد الله، و الرواية المنقولةبالنهي عن القول (لاتقولوا هذا رمضان وجاء رمضان..) و(ان رمضان اسم من اسماء الله!!)؛ لو عرضناها على المحك وعلى القرآن لأدركنا انها محل نقاش وليس مما اتفقت عليه كلمه الأمة و فقهائها، ولم تكن محل إجماع الرواة من المسلمين، ولا اجتمعت عليها كلمة المراجع و الفقهاء في القرون الأخيرة وليست محل اتفاق بين مفكري عصرنا من الشيعة والسنة ولا عند الزيدية والماتريدية والاشعرية والاباضية.

■□فلفظ الجلالة هو اسم [الله)فقط و بالذات، و الاسماء الحسنى معروفة و محددة.فالأسماء الحسنى تطرقت لها عدة آيات قرآنية ولم يذكر لفظ [رمضان] كأحد الأسماء الحسنى .
■□ولقد ذكرت أسماء الله الحسنى في القرآن في أربع آيات هي:
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ( الأعراف، 180)
﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ ( الإسراء، 110)
﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ ( طه: 8)
﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ( الحشر: 24).
وتوزعت الأسماء الحسنى على سور قرآنية عديدة.
■□وقال العلماء إن أسماء الله الحسنى توقيفية، إذ لا يجوز لنا أن نسمي الله سبحانه إلا ما سمى به نفسه، في القرٱن الكريم أو في الأحاديث النبوية الصحيحة. [انظر:ويكبيديا]
■□جاء في الحديث: «إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما» فقال ابن حزم: إنه لو جاز أن يكون له اسم زائد على العدد المذكور للزم أن يكون له مائة اسم، فيبطل قوله: «مائة إلا واحدا». وقال: وصح أن أسماءه لا تزيد على تسعة وتسعين، لقوله: «مائة! إلا واحدا» فنفى الزيادة وأبطلها[كتاب المحلى، ابن حزم، ص31 نسخة محفوظة 22 ديسمبر 2010 على موقع واي باك مشين.]. وليس من بينها (رمضان).
■□وقد اجتهد بعضُ العلماء في استخراج تسعة وتسعين اسماً من الكتاب والسُّنَّة، منهم: الحافظ ابن حجر الذي جمع هذا العددَ في كتاب “فتح الباري” (11/215)، و في التلخيص الحبير (4/172)، ومنهم صاحب “القواعد المثلَى” (ص: 15، 16) و عبد المحسن العباد البدر،في قطف الجني الداني،ص-85.

والشيخ المباركفوري اختار جواز قول [رمضان] مطلقا دون إضافة لفظة “شهر” بلا كراهة، فقال: “وفيه دليل لما ذهب إليه الجمهور من أنه يجوز أن يقال [رمضان] بدون إضافة لفظ “الشهر” إليه[الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري: كتاب الصيام والاعتكاف/ص57].
■□وهكذا الأمر عند علماء الشيعة: ففي “مفاتيح الجنان” للشيخ عباس القمي وردت أسماء الله جل جلاله في [دعاء المجير وهو دعاء رفيع الشأن مروي عن النبي ، نزل به جبرئيل ع على النبي ص وهو يصلّي في مقام ابراهيم ع] ولم يرد في الدعاء (سبحانك يا “رمضان!” تعاليت يا فلان أجرنا من النار يا مجير).
■□وكذلك في[دعاء الجوشن الكبيرالمروي عَن السجاد، عَن أبيه، عَن جدّه، عَن النبيّ ص] المذكور في كتابَي “البلد الأمين” و”المصباح” للكفعمي ، ؛ ذكرت فيه كل الأسماء الحسنى بالتفصيل وهو 100 فصل كل فصل فيه 10 أسماء ولكن لم يذكر اسم [رمضان] من بينها مطلقا.فلماذا نقحمه ضمن أسماء الله بلا دليل؟!
■□■الخلاصة:
سمّي: “رمضان”بذلك لأنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة، فوافق رمضان أيام رمض الحر، وكان اسمه ناتقا ،ويجمع على رمضانات وأرمضاء. أنظر: معجم مقاييس اللغة ٢/ ٤٤٠، والنهاية في غريب الحديث ٢/ ٢٦٤، ولسان العرب ٤/ ٣٤.
ولو كان ^رمضان^ هو (الله) لما جاز أن يجمع او يسمّى به رجل، أبداً!! وهم الآن بالملايين.
■□عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله الصادق ع: إن الله أجلُّ وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله، قال ع: صدقت.
أصول الكافي/الكليني/ ج١ص١٨٨.
🔗يتبع لاحقا

&&&&&✏️&&&&&

 

وردنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M