تأثير الموازنة العامة الثلاثية على استدامة الدّين العام الداخلي في العراق

يتسم الاقتصاد العراقي بالريعية العالية، والمتمثلة بالاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية في تمويل الموازنة العامة، وبما يزيد على 88% من إجمالي الإيرادات العامة، وبمعدلات إنتاج وتصدير تضعه بين الدول الأعلى في هذا المجال. إلا أن هذه الموارد لم تحدّ من عجوزات الموازنة العامة التي ارتبطت بالأزمات المالية والعسكرية التي مرّ بها العراق، لا سيما في ظل عدم تنويع مصادر الدخل، إذ تم اللجوء إلى الدين العام الداخلي بشكل متكرر في أغلب السنوات المالية. وإن زيادة الدين العام الداخلي وتراكمه يقود إلى عجوزات ارتدادية تصاعدية شبيهة بالمتوالية العددية، مما يولد ضغوطاً على الموازنات القادمة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف القدرة على سداد أصل الدين العام والفوائد المترتبة عليه، أي انخفاض مستوى استدامة الدين. ولا شك أن إفراط الحكومات العراقية في الإنفاق العام، ولا سيما الجاري منه بعد عام 2003، دون اعتماد مبدأ الاستدامة المالية في الموازنة العامة، أدى إلى نمو الدين العام الداخلي نتيجة لسد الاحتياجات التمويلية لعجز الموازنة العامة. ومن هنا، يُعدّ تحليل استدامة الدين العام الداخلي بمثابة إنذار مبكر لتفادي الأزمات، وهو ما يضع حدوداً آمنة تستطيع الدولة من خلالها أن تستمر في تمويل نفقاتها العامة دون أن تلجأ إلى التوقف عن خدمة ديونها السابقة أو إصدار ديون جديدة لتمويل ديونها السابقة.

إن المشكلة التي تحاول الورقة استكشافها هي أن ارتفاع الدين العام الداخلي وتراكمه يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة العامة، ويولّد ضغوطاً على الموازنات القادمة، الأمر الذي يُعبّر عن سوء إدارة الدين العام، والذي يخلق الديون المقيتة (Odious Debts)، وهو ما يؤدي إلى ضعف القدرة على سداد أصل الدين العام والفوائد المترتبة عليه، أي انخفاض مستوى استدامة الدين، مما يدفع إلى عجوزات هيكلية في تغطية فوائد ومستحقات الدين، خلافاً للمصلحة الشعبية. وهذا يقود إلى وضع الافتراض الآتي: هناك تأثير للموازنة العامة الثلاثية وأسعار النفط على ارتفاع الدين العام الداخلي، وهو ما ينعكس سلباً على استدامة الدين العام الداخلي.

 

المصدر

 

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M