تقديم : –
ارتبط موضوع أطروحتنا للدكتوراه في الجغرافيا بحقل الجغرافيا الحضرية البيئة والتنمية، تحت عنوان “ تدبير النفايات الصلبة بمدينة القصر الكبير”. ولهذا الموضوع أهمية كبرى حيث يتوفر، هذا المجال الحضري، على مؤهلات كبيرة ذات صيت وطني ودولي، أبرزها القيمة التراثية كحاضرة ضاربة في التاريخ، والموقع الجغرافي الاستراتيجي كمعبر رئيسي نحو أوربا وبين شمال ووسط المغرب، فضلا عن المؤهلات الفلاحية الضخمة، حيث يتوسط مدارا سقويا وطنيا (اللوكوس). هذه الأهمية الكبرى للمدينة ومحيطها لم تشفع لها، فبيئتها الحضرية عانت ولا تزال من اختلالات ولاتوازنات تدبيرية، خاصة من حيث واقع التطهير الصلب كخدمة عمومية.
في هذا السياق يعيش المجال القصري واقعا متقلبا من حيث انتشار النفايات بين أحيائه وبافتقاره إلى مطرح خاص مراقب. فلا زال يلتجئ إلى مكب عشوائي للنفيات بمجال جماعة قروية مجاورة (صنادلة). وشهد انتقالا من تدبير جماعي مباشر إلى تدبير مفوض لشركة، تعنى بالجمع والكنس والتنظيف واستغلال المطرح. ورغم الانتقادات المتوالية للساكنة، فإن المسؤولين يثمنون المجهودات المبذولة صحبة الشركة المفوضة، وينتقدون سلوكيات الساكنة في التعامل مع مخلفاتها.
إننا نهدف من خلال هذه الدراسة إلى الكشف عن حقيقة تدبير قطاع التطهير الصلب بمدينة القصر الكبير، من زاوية الساكنة كمتدخل رئيسي في عملية التطهير، باعتماد مقاربة تتفاعل فيها مختلف عناصر المجال وتركز على الدينامية التي تدمج عنصر الزمان للانطلاق من الماضي لفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل. واعتمدنا، إلى جانب الإحصائيات الرسمية، استمارة دقيقة شملت 388 أسرة عالجت الجوانب الاجتماعية والسوسيواقتصادية والسكن والبيئة وظروف عيش الساكنة واستمارة خاصة بتطور وتنوع النفايات.
إن نهجنا في دراسة المجال الحضري مكننا من تجاوز النمط القطاعي التقليدي المعتمد في الأبحاث الخاصة، لكونه يعتمد الرؤيا الشمولية والتركيبية لعنصر النفايات في المنظومات المجالية. وقد ساعد العمل ببرنامج ARC GIS على إضفاء طابع التجديد الخرائطي باستعمال أدواته لخدمة الخريطة النسقية للمجال الحضري القصري.