الملخص:
سنتطرق في هذا المقال إلى الحقل التطبيقي في الجغرافيا، وتحديدا المناهج المتعلقة بنظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، حيث سنعالج إشكالية نمذجة الإشعاع الشمسي والتصوير المتعدد الأطياف ضمن الصور الفضائية التي يوفرها القمر الصناعي السانتينيل 2أ، حيث تم اختيار جزء من غابة الأوكاليبتوس الجنوبية المنتمية لغابة المعمورة ضمن جماعة عين جوهرة – سيدي بوخلخال، وذلك خلال سنة 2015 وسنة 2024. أوضحت النتائج أن غابة الأوكاليبتوس ضمن مجال دراستنا عرفت بوادر التدهوا خلال تسع سنوات ما بين سنة 2015 وسنة 2024، وذلك لمجموعة من الأسباب ذات بعد طبيعي وأخرى لها علاقة يالتدخلات البشرية.
- مقدمة:
يعتبر موضوع التغيرات المناخية من الإشكاليات الراهنة التي أصبحت تحظى باهتمام علمي دولي. حيث معظم دول العالم معنية بالتطرفات المناخية الحادة، التي تتمظهر إما في الجفاف المناخي – على سبيل المثال في المجال المتوسطي – أو تتجلى في الفيضانات – الدول الاستوائية على سبيل المثال -، مما يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية مهمة. ويعد المجال الفلاحي وتدبير الغابوي من أكثر القطاعات تأثرا بهذه الظاهرة المتطرفة؛ خصوصا في السنوات الأخيرة. باعتبار أن جيومورفولوجيا كوكب الأرض يعيش فترة بيمطيرة جافة تتسم بقلة التساقطات وارتفاع درجة الحرارة.
وبالنسبة للمغرب؛ فهو ينتمي للمناخ المتوسطي المعتدل النزاع نحو الجفاف، وهذا يظهر من خلال استقراء المؤشرات المناخية؛ حيث يأتي على رأسها مؤشري كمية التساقطات ودرجة الحرارة، ومقارنتها بمعطيات السنوات الفارطة، الشيء الذي يظهر أن السنوات العشر الأخيرة عرف فيها المغرب توالي سنوات الجفاف، التي تأثر بها المردود الفلاحي وخصوصا تأثيرها على التشكيلات الغابوية المتوسطية بالتراب المغربي، دون إغفال الجانب البشري، المتمثل في القطع والرعي الجائرين. وهذا يظهر جليا عند مقارنة مساحة هذه التشكيلات خلال القرن الماضي مع مساحتها في الوقت الراهن.
ولدراسة هذا التراجع، سوف نعالج في هذا المقال إشكالية الإشعاع الشمسي والتصوير المتعدد الأطياف والقياسات ضمن صور القمر الصناعي السانتينيل 2أ باستخدام نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، وذلك من خلال المقارنة بين سنتي 2015 و2024.
- الوسائل والمناهج:
2 – 1 مجال الدراسة:
ينتمي مجال دراستنا جهويا على جهة الرباط – سلا – القنيطرة، وتحديدا ضمن إقليم الخميسات، حيث تبلغ مساحته 391.54 هكتار، وبالضبط ضمن جماعة عين جوهرة – سيدي بوخلخال، حيث سندرس الجزء الغابوي لصنف الأوكاليبتوس الجنوبي ضمن غابة المعمورة الذي ينتمي ضمنها للقطاع D[1]، حيث أن مجال دراستنا موجود جغرافيا بين خطي طول 7°1’30¨ و7°3’0¨ غرب خط غرينيتش، وبين خطي عرض 37°49’0¨ و37°51’0¨ شمال خط الاستواء.
الخريطة 1: توطين مجال الدراسة.
المصدر: عمل شخصي بالاعتماد على التقسيم الإداري للتراب الوطني المغربي لسنة 2015.
2 – 2 المعطيات:
لمعالجة إشكالية هذا المقال تم استخدام صور الأقمار الاصطناعية التي يوفرها القمر الصناعي السانتينيل 2 أ، التي تتميز بدقة مكانية تعادل 10 متر، حيث تم اعتمادها في فترتين زمنيتين مختلفتين، وتحديدا سنتي 2014 و2024 )الجدول 1(.
إن صور الأقمار الاصطناعية المعتمدة في معالجة إشكاليتنا تم التقاطها خلال فصل الصيف، وذلك لعدة اعتبارات، من بينها تجنب ظهور السحب في الصور، وتفادي رصد الأعشاب والحشائش التي قد تشوش على المعطيات ضمن مجال الدراسة.
الجدول 1: خصائص صور الأقمار الاصطناعية المعتمدة.
| الدقة المكانية | سنة الرصد | القمر الصناعي |
| متر 10 | 2014 | السانتينيل 2 أ |
| متر 10 | 2024 | السانتينيل 2 أ |
المصدر: خصائص صور الأقمار الاصطناعية المعتمدة في البحث.
- المنهجية:
3 – 1 المؤشرات الطيفية المعتمدة:
لمعالجة إشكالية الإشعاع الشمسي والتصوير المتعدد الأطياف والقياسات ضمن صور القمر الصناعي السانتينيل 2أ، تمت دراسة مجموعة من المؤشرات الطيفية التي مكنتنا من معرفة الخصائص المجالية للغابة وجودة غطائها النباتي، وكذا مدى تفاعلها مع الإشعاع الشمسي ضمن المجال المدروس.
3 – 1 – 1 مؤشر مساحة الورقة LAI:
يعبر مؤشر مساحة الورقة عن تمييز طبقات الغطاء النباتي كميا، كما يتم استخدامه لنمذجة بنية الغطاء الغابوي، ويعرف بأنه مساحة الورقة أحادية الجانب لكل وحدة مساحة أرضية للأشجار عريضة الأوراق، أو نصف إجمالي مساحة سطح الإبر لكل وحدة مساحة أرضية للغابات الصنوبرية[2]. ولحسابه تم الاعتماد على العلاقة التالية:
حيث أن:
LAI: مؤشر مساحة الورقة؛
NDVI: مؤشر الغطاء النباتي المتباين الطبيعي.
3 – 1 – 2 مؤشر الغطاء النباتي المتباين الطبيعي NDVI:
يستخدم مؤشر الغطاء النباتي الطبيعي NDVI لتقليل تأثيرات الإشعاع المتغير ويستخدم عادة للإشارة إلى كمية وقوة الغطاء النباتي والتمييز بين المناطق النباتية وغير النباتية[3]. يعبر عن هذا المؤشر بالعلاقة التالية:
3 – 1 – 3 الإشعاع المتاح للتركيب الضوئي PAR:
يشير مصطلح PAR إلى نطاق الطول الموجي لأشعة الشمس الساقطة (حوالي 400 إلى 700 نانومتر) التي يمكن للنباتات امتصاصها لعملية التمثيل الضوئي. إن معرفة التوزيع المكاني والزماني لـ PAR أمر ضروري لفهم الدورات البيوكيميائية للكربون والعناصر الغذائية والأكسجين[4]. لحساب هذا المؤشر تم استعمال العلاقة التالية:
حيث أن:
- t هي نسبة PAR الساقطة في الجزء العلوي من المظلة والتي تنتقل إلى نقطة معينة x داخل المظلة؛
- LAI(x) هي المساحة الكلية للورقة فوق النقطة x؛
- K معامل تم تحديده ب 0,48.
- النتائج:
4 – 1 نتائج مؤشر مساحة الورقة LAI:
بالإعتماد على المعطيات التي يقدمها لنا القمر الاصطناعي سنتينال 2أ، يمكننا قياس مساحة أوراق الأشجار الأوكاليبتوس المتواجدة بمجال الدراسة وهو جزء من غابة الأوكاليبتوس الجنوبية ضمن جماعة عين الجوهرة سيدي بوخلخال.
وتكمن أهمية هذه القياسات من فهم عملية التركيب الضوئي، وهي الطريقة التي تقوم بها النبات لإنتاج غذائها بالإعتماد على الضوء وثاني أكسيد الكربون والمياه، حيث كلما كانت أوراق الأشجار كبيرة تكون لها القدرة في إلتقاط الضوء بواسطة البلاستيدات الخضراء المتواجدة فيها، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من خلال الفتحات التي نجدها في الغالب بالجانب الأسفل من الأوراق، دون نسيان دور التبخر والنتح وعلاقته بمساحة أوراق الأشجار خاصة بالمجال المدروس الذي ينتمي للمناخ الشبه جاف.
تتميّز الأشجار بقدرتها على إنتاج غذائها والتكيّف مع الوسط الطبيعي الذي تنمو وتعيش فيه، وذلك من خلال آليات خاصة، مثل الحفاظ على أوراقها أو إسقاطها حسب حاجتها للمياه.
تؤدي أنواع أشجار الأوكاليبتوس دورا مهما في تحديد مساحة أوراق الأشجار، ففي الشمال والشمال الغربي، تنتشر أشجار (Eucalyptus canaldulenses)، التي يتراوح ارتفاعها بين 20 و30 مترا ومساحة أوراقها بين 10 و20 سنتيمتر.
بينما نجد في وسط مجال الدراسة أشجار (Eucalyptus GRANDIS) التي تتميز بإرتفاع كمتوسط بين 50 و70 متر ومساحة أوراق أشجارها بين 10 و30 سنتيمتر.
بينما النوع الأخير الذي نجده جنوب مجال الدراسة وهو (Eucalyptus CLONAL) الذي يعتبر نوع هجين سريع النمو مختلف من حيث الإرتفاع ومساحة أوراقه وأكثر قدرة على التكيف ومقاومة الأمراض لذلك يعرف بجودة خشبه )الخريطة 2(.
الخريطة 2: توزيع مؤشر مساحة الورقة ضمن مجال الدراسة.
المصدر: عمل شخصي بالاعتماد على تجليل صور القمر الصناعي السانتينيل 2أ لسنة 2015 وسنة 2024.
من خلال خريطة مؤشر LAI (مساحة أوراق الأشجار) لمجال الدراسة، نلاحظ من خلال التوزيع المكاني لسنة 2015 أن المناطق ذات اللون الأخضر الداكن تتواجد في الغالب في الجزء الشمالي والوسط، عكس الأطراف الجنوبية والشرقية التي تنتشر فيها الألوان الصفراء والحمراء، والتي تدل على أن مساحة أوراق الأشجار صغيرة. أما سنة 2024، نلاحظ انخفاض في مناطق ذات اللون الأخضر الداكن مقارنة بسنة 2015، وهي التي تدل على مساحة الأوراق الكبيرة، بينما ارتفعت المساحة التي تظهر باللونين الأصفر والأحمر، خاصة في الجزء الشمالي والأوسط، الذي كان يتميز سابقا بمساحة أوراق كبيرة.
عموما، نلاحظ انخفاض كبير في قيم مؤشر مساحة الأوراق (LAI) بين سنتي 2015 و2024، حيث تراجعت الكثافة الورقية لأشجار الأوكاليبتوس بشكل واضح. فقد بلغت أعلى قيمة في سنة 2024 (7.78)، وهي أقل من من أدنى قيمة في أعلى فئة خلال سنة 2015 (13.34). ولم تعد هناك فئات ذات قيم عالية كما كانت سابقا، مما يدل على تحول عام نحو انخفاض في الغطاء النباتي.
ونتيجة لذلك، تقلص المساحات ذات الكثافة العالية، والمناطق التي كانت تتميز بكثافة أوراق عالية في سنة 2015 (اللون الأخضر الداكن)، أصبحت في سنة 2024 تظهر كثافة أقل (الألوان الصفراء والحمراء). هذا يشير إلى فقدان جزء كبير من الغطاء الورقي الكثيف لأشجار الأوكاليبتوس. كما ارتفعت أو استقرت المناطق ذات الكثافة المنخفضة، وأصبحت تشكل نسبة أكبر من المساحة الإجمالية نتيجة تراجع الكثافة في مناطق أخرى.
4 – 2: نتائج مؤشر الغطاء النباتي المتباين الطبيعي NDVI:
تعتبر دراسة الغطاء النباتي وكثافته من خلال توزيعه من أهم العوامل لتحديد جودة الغطاء النباتي، إذ إن التوزيع غير المتوازن له في مجال ما قد يؤدي إلى ظهور التعرية في المجالات ذات التغطية المنعدمة. ولدراسة هذا التوزيع من حيث الكثافة، تم الاعتماد على أحد أهم المؤشرات لتتبع جودة الغطاء النباتي، وهو مؤشر NDVI، وذلك باستخدام برنامج ARCGIS (الخريطة 3).
الخريطة 3: توزيع مؤشر الغطاء النباتي المتباين الطبيعي ضمن مجال الدراسة.
المصدر: عمل شخصي بالاعتماد على تجليل صور القمر الصناعي السانتينيل 2أ لسنة 2015 وسنة 2024.
تعد دراسة التغطية النباتية لأشجار الأوكاليبتوس ذات أهمية قصوى، لما لهذه الأشجار من تأثيرات بيئية واقتصادية متعددة. فهي تلعب دورا حيويا في الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتنظيم دورات المياه، والحد من تدهور التربة. كما تعتبر مصدرا هاما للأخشاب والمنتجات الحرجية الأخرى، التي تساهم في الاقتصاد المحلي والوطني.
إن فهم التغيرات في التغطية النباتية لأشجار الأوكاليبتوس يساعد في تقييم صحة النظم البيئية، وتحديد المناطق المعرضة للخطر، وتطوير استراتيجيات فعالة للإدارة المستدامة لهذه الموارد القيمة. ويعد استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، مثل بيانات سنتينل 2أ، حيث يوفر إمكانية رصد هذه التغيرات على نطاق واسع وبشكل دوري، مما يساهم في توفير معلومات دقيقة لاتخاذ القرارات المناسبة في مجالات الحفاظ على البيئة.
تعرض الخريطتان المرفقتان مؤشر التغطية النباتية لأشجار الأوكاليبتوس في المنطقة المدروسة لسنتي 2015 و2024، بالاعتماد على بيانات سنتينل 2. تظهر خريطة سنة 2015 توزيعا للتغطية النباتية يتراوح بين قيم منخفضة (اللون الأحمر الداكن، 0.04 – 0.14) وقيم عالية نسبيا (اللون الأخضر الداكن، 0.24 – 0.36)، مع تمركز المناطق ذات التغطية الأعلى في الأجزاء الشمالية والوسطى من المنطقة. في المقابل، تكشف خريطة سنة 2024 عن انخفاض ملحوظ في قيم مؤشر التغطية النباتية، حيث تتراوح القيم بين 0.07 و0.39، مع ملاحظة زيادة في المساحات ذات التغطية المنخفضة جدا (اللون الأحمر الداكن، 0.07 – 0.15) وتراجع في المساحات ذات التغطية الأعلى (اللون الأخضر الداكن، 0.27 – 0.39). يشير هذا التحول المكاني والقيمي إلى تغيرات في كثافة وصحة الغطاء النباتي للأوكاليبتوس خلال الفترة الممتدة بين السنتين.
بمقارنة خريطتي التغطية النباتية لسنتي 2015 و2024، يتضح وجود تدهور عام في مستوى التغطية النباتية لأشجار الأوكاليبتوس في المنطقة المدروسة. فالمساحات التي كانت تتميز بتغطية نباتية جيدة نسبيا في سنة 2015 (الممثلة باللون الأخضر) قد تقلصت بشكل واضح في عام 2024، وحلت محلها مساحات ذات تغطية نباتية ضعيفة أو متوسطة (الممثلة باللونين الأصفر والبرتقالي). علاوة على ذلك، لوحظ ظهور مناطق جديدة ذات تغطية نباتية منخفضة جدا (اللون الأحمر الداكن) في سنة 2024، والتي لم تكن بنفس الانتشار في سنة 2015. يشير هذا الانخفاض العام في مؤشر التغطية النباتية إلى احتمال وجود عوامل مؤثرة سلبا على صحة ونمو أشجار الأوكاليبتوس في المنطقة، مما يستدعي دراسة الأسباب المحتملة لهذا التدهور، مثل التغيرات المناخية، أو الأمراض والآفات، أو الأنشطة البشرية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على هذا الغطاء النباتي الهام.
4 – 3: نتائج مؤشر الإشعاع المتاح للتركيب الضوئي PAR:
تعد دراسة الإشعاع الضوئي المنعكس والذي يتلقاه الغطاء النباتي، وخاصة أشجار الأوكاليبتوس، أداة قيمة لفهم حالتها الفيزيولوجية وصحتها العامة. فالإشعاع الضوئي في الأطياف المختلفة (مثل الأحمر والأشعة تحت الحمراء القريبة) يتفاعل بشكل مختلف مع مكونات الورقة مثل الكلوروفيل والمياه والبنية الداخلية. تحليل هذه التفاعلات يمكن أن يوفر معلومات حيوية حول نشاط التمثيل الضوئي، والإجهاد المائي، ووجود الآفات أو الأمراض، ومستوى التبخر والنتح. وبالتالي، فإن تتبع التغيرات في الإشعاع الضوئي المنعكس بمرور الوقت يساعد في تقييم استجابة الغطاء النباتي للظروف البيئية المختلفة وتحديد المناطق التي قد تحتاج إلى تدخل. استخدام بيانات الاستشعار عن بعد لرصد الإشعاع الضوئي يوفر تغطية مكانية واسعة وإمكانية المراقبة الدورية، مما يجعله أداة أساسية في إدارة الغابات والموارد الطبيعية )الخريطة 4(.
الخريطة 4: توزيع مؤشر الإشعاع المتاح للتركيب الضوئي ضمن مجال الدراسة.
المصدر: عمل شخصي بالاعتماد على تجليل صور القمر الصناعي السانتينيل 2أ لسنة 2015 وسنة 2024.
من خلال خريطة لمؤشر الإشعاع الضوئي المنعكس من أشجار الأوكاليبتوس في المنطقة المدروسة لعامي 2015 و2024، استنادًا إلى بيانات سنتينل-2، تُظهر خريطة عام 2015 قيمًا عالية جدًا للإشعاع الضوئي، ممثلة باللون الأحمر الداكن والأصفر الفاتح، حيث تتراوح القيم بين 111.95 و775.76، وتغطي معظم أنحاء المنطقة، مع وجود بعض التباين المكاني الطفيف. في المقابل، تكشف خريطة عام 2024 عن انخفاض كبير وجذري في قيم الإشعاع الضوئي المنعكس، إذ أصبحت معظم المنطقة تظهر بقيم منخفضة (ممثلة باللون الأحمر الداكن والبرتقالي، وتتراوح القيم بين 2.75 و13.97). يشير هذا التحول الدراماتيكي في قيم الإشعاع الضوئي إلى تغيرات كبيرة في خصائص انعكاس الضوء من الغطاء النباتي للأوكاليبتوس خلال الفترة الزمنية بين السنتين.
بمقارنة خريطتي الإشعاع الضوئي لسنتي 2015 و2024، يتبين وجود انخفاض هائل في قيم الإشعاع الضوئي المنعكس من أشجار الأوكاليبتوس في المنطقة المدروسة. القيم العالية التي كانت سائدة في سنة 2015 قد اختفت تقريبا في سنة 2024، وحلت محلها قيم منخفضة بشكل كبير. يشير هذا الانخفاض الشديد إلى تغيرات جوهرية في تفاعل الضوء مع أوراق الأشجار، مما قد يعكس تدهورا في محتوى الكلوروفيل، أو تغيرات في بنية الأوراق، أو حتى انخفاضا في الكتلة الحيوية الكلية. هذا التباين الكبير بين السنتين يستدعي إجراء تحقيق معمق لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا التغير الكبير في الخصائص الطيفية للغطاء النباتي للأوكاليبتوس.
- المناقشة:
يتبين من خلال المؤشرات التي تم دراستها، ومقارنتها بين سنتي 2015 و2024 من خلال الصور الفضائية للقمر الصناعي السانتينيل 2أ، أن غابة الأوكاليبتوس ضمن مجال دراسنتا تعاني من مجموعة من الإشكاليات التي أدت إلى تدهورها، وتتداخل هذه الإشكاليات وتتنوع بين العوامل الطبيعية والبشرية التي ساهمت وأثرت في تدهور هذا المجال الغابوي ضمن مجال دراستنا.
5 – 1 العوامل الطبيعية المؤدية إلى تدهور مجال الأوكاليبتوس ضمن مجال الدراسة:
- المناخ: يتمثل العامل المناخي في توالي فترات الجفاف التي تدوم عدة أشهر، ما يؤدي إلى وفاة البراعم وتفاقم عدم التوازن البيئي. كما أن النباتات تصبح أقل مناعة وذات حساسية لبعض الحشرات والفطريات، دون إغفال ظاهرة الاحتباس الحراري منذ سبعينيات القرن الماضي، بسبب ارتفاع المتوسطات الحرارية الكونية.
- التعرية: تساهم التعرية المائية والريحية في تدهور التربة الرملية، لأنها غير متماسكة مع وجود ضعف في تثبيت التكوينات الترابية.
- الطفيليات والحشرات: تمثل الطفيليات والحشرات أكثر من 80% من الأنواع الحيوانية ضمن مجال الدراسة، حيث أنها تؤثر على مختلف عناصر الشجرة )الخشب، الأوراق، الثمار(.
5 – 2 العوامل البشرية المؤدية إلى تدهور مجال الأوكاليبتوس ضمن مجال الدراسة:
- الرعي الجائر: خاصة في المناطق التي تعرف تركزا كبيرا للساكنة التي تمارس نشاط تربية المواشي. عد رؤوس المواشي التي تتردد على غابة المعمورة حوالي 200000 ألف رأس من الغنم، و50000 ألف رأس من الأبقار. كما تساهم هذه المواشي في منع إمكانية التخليف الطبيعي بفعل اندكاك التربة والقضاء على البذور التي نجحت في إخراج براعمها.
- القطع غير القانوني للأشجار: توفر غابة المعمورة 30% من مجموع الطاقة الوطنية، كما أنها تعاني من ظاهرة القطع غير القانوني للأشجار من أجل التدفئة والطهي وصنع الفحم، الشيء الذي يتسبب في تطور ظاهرة التصحر وما يرافقها من نقل للرمال بسبب الرياح والمياه، سواء بشكل عمودي أوفوق المنحدرات.